أنتوني براتكانيس:١ كيف تبيع علمًا زائفًا؟٢
لماذا يعتقد الناسُ أن طعامًا نباتيًّا صِرفًا لم يمسسْهُ طبخٌ هو شيءٌ طبيعي وبالتالي مُغَذٍّ؟
هناك بالطبع أجوبةٌ مختلفةٌ عن هذه الأسئلة، بِوُسع سَحَرة السيرك أن يكرروا الأعمالَ العلمية الزائفة، ويبينوا لنا من ثم كيف يمكن لِخِفة اليد وتشتيت الانتباه أن تُضَلِّل. وبوسع علماء الاجتماع أن يُطْلِعونا على الظروف الاجتماعية التي تَزيد انتشارَ الاعتقادات العلمية الزائفة، ويمكن للعلماء الطبيعيين أن يَصِفوا خواص الأشياء لِيُبَيِّنوا لنا أن ما قد يبدو خارقًا للطبيعة هو في حقيقة الأمر طبيعي. وقد حدد لنا علماءُ النفس المعرفيون تحيزاتٍ ذهنيةً شائعةً كثيرًا ما تحملنا على أن نُسِيءَ تأويلَ الواقعِ الاجتماعي ونخلص إلى استنتاجاتٍ في صالح الظواهر الخارقة للطبيعة. تتناول كلُّ طائفةٍ من هؤلاء سؤالَ العلم الزائف من زاويتِها، وتسهم بكشف جزء من اللغز في سبيل كشف السر وفك الغموض وحل الأحجية.
من جانبي سوف أصف إجابات عالِم نفسٍ اجتماعي على سؤال العلم الزائف، وعلم النفس الاجتماعي هو دراسةُ الأثر الاجتماعي: كيف تؤثر الكائنات الإنسانية ومؤسساتها بعضها في بعض. لقد اضطلع علماءُ الاجتماع النفسي في العقود السبعة الأخيرة بتطوير نظرياتٍ عن التأثير الاجتماعي، وباختبار فاعلية شتى تكتيكات الإقناع، وأُطروحتي هي أن كثيرًا من تكتيكات الإقناع التي اكتشفَها علماءُ النفس الاجتماعيون تُستعمَل كل يوم، ربما عن غير وعيٍ تام من جانب مُرَوِّجِي العلم الزائف.
ولكي نرى كيف يمكن استخدام هذه التكتيكات لِبيع الهُراء، دَعنا نتظاهر لحظةً بأننا نَوَد أن يكون لدينا علمُنا الزائفُ الخاص، وفيما يلي تسعةُ تكتيكات دعائية تُفضِي بالضرورة إلى النجاح:
(١) اخلُقْ وَهمًا/سرابًا
يمكن لهذه الأشباح أن تُستخدَم كأدواتِ دعايةٍ فعالة، فإذا كنتُ لا أمتلك شبحًا مرغوبًا فأنا أشعر بالحرمان وبشيءٍ من النقص والدونية، وبوسع العالِم الزائف أن ينتهز هذه الفرصة فيزعم أنه يقدم سبيلًا لِنَيل هذا الهدف. وفي اندفاعتنا لتدعيم اعتبار الذات فنحن نعلِّق الحكمَ الأصوب ونقبل للتو ما يقدمه العلمُ الزائف.
(٢) انصبْ فَخَّ تبرير
ولكي نرى كيف يتأسس الالتزام بعلمٍ زائف فلننظر إلى حالةٍ عجيبة: انتحار جماعي بتوجيهٍ من قائد الطائفة جيم جونس. هذا هو السؤال الجوهري في الدجلنة: «لماذا تقتل نفسَك وتقتل أولادَك بأمرٍ مِن غيرِك؟» من خارج الجماعة يبدو الأمرُ غريبًا، ولكن من داخلها يبدو طبيعيًّا، لقد كان جونس في البداية يحث أتباعَه على عمل التزاماتٍ سهلة (عَطِية للكنيسة، حضور خدمة الأربعاء الليلية …) ثم رَفَع مستوى الالتزام: أعشارٌ أكثر، وقتٌ أكثر في الخدمة، قَسَم ولاء، اعتراف علني بالذنوب، عقاب علني، الترحال إلى جويانا، ثم الانتحار. كانت كل خطوةٍ حقًّا صغيرة. الناس خارج الجماعة رأت النِتاجَ النهائي العجيب، أما الأعضاء بالداخل فقد خَبَرُوا لولبًا متزايدًا دومًا من الالتزام المتصاعد.
والآن وقد ضَمِنَّا التزامَ المستهدَف بالهدف السَّرابي فإننا بحاجةٍ إلى بعض الدعم الاجتماعي للاعتقادات العلمية الزائفة المستجدة، والتكتيكاتُ التاليةُ مصمَّمَةٌ لِدَعم هذه الاعتقادات.
(٣) تصنيعُ مصداقيةِ المصدر ونزاهتِه
- الأول: أننا كثيرًا ما نعالج الرسائل الإقناعية في شبه غيابٍ ذهني: إما لأننا ليس لدينا دافعٌ للتفكير، أو ليس لدينا وقت، أو ليس لدينا القدراتُ اللازمة لِفهمِ المسائل. في مثل هذه الحالات فإن وجود مصدرٍ مصدَّق يمكن أن يحمل المرءَ على الاستدلال السريع بأن الرسالة جديرة بالتصديق ويجب تقبلها.
- والثاني: أن مصداقية المصدر يمكن أن تُسكِتَ الشكوك، فَمَن ذا الذي يعطيك الحق — بعد كل شيء —
بأن تشك في جورو أو متنبئ أو في صورة الأم مريم أو في
باحث مخلص في القدرات الخفية للحياة؟ وسأوضح هذه النقطة بمثال: افترِضْ
أنني قلتُ لك: إن العبارة التالية هي تنبؤ بظهور القنبلة الذرية
والطائرة المقاتِلة:
وسوف يظنون أنهم قد شاهدوا الشمسَ بالليل،عندما سيرون الخنزيرَ نصف-الإنسان.ضوضاء، أغنية، معركة دائرة تُرَى في السماء،وسيَسمَع المرءُ البهائمَ العجماءَ تتكلم.
والجرنفالونات من الأدوات الدعائية القوية؛ لأنها سهلة التكوين، وما إن تتأسس حتى تخلق واقعًا اجتماعيًّا وتشكل كياناتٍ اجتماعية، وسرعان ما تخلق جماعاتٍ خارجيةً «شريرة» تُوَجَّه إليها الانتقادات وتُقمَع وتُدان. هكذا يكون العضو الجديد في العلم الزائف أو «العصر الجديد» قد انسلَكَ في جرنفالون، ولكي يحتفظ بكيانٍ اجتماعي مرغوب فيه فإن عليه أن يطيع إملاءات الجماعة وقائدها، والمعلومة الآن تعتمد على الجماعة: (ففي جلسة تحضير الأرواح مثلًا — وهي بمثابة جرنفالون مرتجَل — يصبح المرءُ معتمدًا على الجماعة — التي يقودها وسيط — في تأويل أي مُنبِّه: فإذا سَمِعَ خبطةً مفاجئة في ظلام الجلسة، والتي يمكن أن تكون خبطةَ ركبةٍ بالطاولة، وتعتقد الجماعةُ أنها لفلانٍ الميت الذي تُستحضَر روحُه، فإن عليه أن يعتقد ما تراه الجماعة، وليس من اللائق للوافد الجديد أن يَهُز القارب.)
-
طقوس ورموز: مثل عصا مستنبئ الآبار، رموز سرية، طرائق خاصة في إعداد الطعام …إلخ، مثل هذه الأشياء لا تخلق كيانًا فحسب بل تقدم بنودًا للبيع والربح.
-
رطانة واعتقادات لا يفهمها ويقبلها إلا أعضاء الجماعة: مثل «الإنجرام يمنع الثيتان»، «أنت على قرنٍ مع صعود المشترِي»، هذه الرطانة وسيلةٌ فعالة للتحكم الاجتماعي إذ يمكن استخدامُها لإضفاء إطارٍ لتأويل الأحداث.
-
أهداف مشتركة: (مثل: إنهاء كل الحروب، بيع الإيمان ومتعلقاته من المنتجات، تحقيق إمكانات المرء الإنسانية)، مثل هذه الأهداف تُعَرِّف الجماعة، وتدفع الفِعلَ أيضًا إذ يصبو المؤمنون للوصول إليها.
-
مشاعر مشتركة: (مثل الإثارة التي تُحدِثها نبوءةٌ قد يبدو أنها حق، أو التبرير الجمعي لاعتقاداتٍ غريبة وتسويغها للآخرين)، تساعد المشاعر المشتركة في خلق الإحساس ﺑ «النحن».
-
المعلومات المتخصصة: (مثل: أن حكومة الولايات المتحدة تتآمر لإخفاء ظاهرة الأطباق الطائرة)، وهي تساعد المرءَ على الإحساس بالتميز، وبأنه عليم ببواطن الأمور.
-
الأعداء: (مثل: الطب البديل يُعادي الجمعية الطبية الأمريكية AMA وإدارة الأغذية والعقاقير FDA، وشركات الشرائط تحت الشعورية تزدري علماء السيكولوجيا الأكاديميين، والروحانيون يشجبون راندي والمحقِّقين الآخرين.) إن الأعداء على أعلى درجةٍ من الأهمية؛ لأنك كعالِمٍ زائفٍ سوف تحتاج إلى كباش فداءٍ تُحَمِّلُها مشكلاتِك وإخفاقاتِك.
(٦) شَيِّدْ إغراءاتٍ زاهية
إن واقعةً ناصعةً واحدةً كفيلةٌ بأن تتسلط على الذاكرة، بحيث يصعب نسيانُها ويصعب رفضُها، ومهما حشدْتَ من حججٍ منطقيةٍ تدحض الدعوى العلمية الزائفة فإن بوسعِ واقعةٍ لافتةٍ واحدةٍ أن تقفزَ إلى الذهن وتَجبَهَك بالرد الفوري: «نعم، ولكن ماذا عن ذلك المنزل المسكون في نيويورك؟»
وبالمناسبة، فإن من أنجع الطرق لدحض هذا النصوع المضَلِّل أن تذكر مثالًا مضادًّا ناصعًا بنفس الدرجة: فَلِكَي يدحض راندي قصصَ الجراحين الروحيين بالفلبين، فإنه يروي حكايةً مثيرةً على حد سواء لِجراحٍ روحي كان يُخفِي براحةِ اليد أحشاءَ دجاجةٍ ثم يتظاهر بأنه يزيلها من مريضٍ ابتلاه المرضُ (والفقرُ أيضًا، بعد دفع الأجر الباهظ للعملية).
(٧) استخدِم الإقناع المسبَق pre-persuation
- أولًا: تأسيس طبيعة الموضوع: فدُعاةُ الطب البديل — مثلًا — لكي يتجنبوا
غضبَ إدارة الأغذية والعقاقير FDA
يحددون المسألة على أنها «حرية صحية» (يجب أن يكون لك الحق في البديل
الصحي الذي تختاره) كمفهومٍ مضاد لمفهوم «حماية المستهلِك» أو جودة
الخدمة، فإذا ما عَرَّفَ داعيةُ الطب البديل المسألةَ على أنها حرية
فسوف يفوز، «فمَن ذا الذي يعارض الحرية؟» ومثالٌ آخر لهذه التقنية هو
أن تخلق مشكلةً أو مرضًا، مثل انخفاض السكر التفاعلي أو حساسية
الخميرة، والذي تَصادَفَ عندئذ أنه «قابل للشفاء» بواسطة أَيِّما دجلٍ
عليك أن تبيعه.
ثمة طريقةٌ أخرى لِتحديد الموضوع، وذلك من خلال التمييز أو التفرقة، فشركات الأشرطة تحت الشعورية تستخدم تمييز المنتَج لكي تَرُد على أي دراسات سلبية حول الأشرطة تحت الشعورية: «إن لِشرائطِنا تقنيةً خاصةً تجعلها فائقةً على الشرائط الأخرى التي قد استُخدِمَت في الدراسات والتي فَشِلَت في إثبات القيمة العلاجية للشرائط تحت الشعورية.» وهكذا تُستخدَم النتائجُ الصفرية لكي تجعل شريطًا تحتَ شعوري مُعَيَّنًا يبدو فائقًا، وقد اتخذت الشبكة الروحانية مقاربةً مماثلة: «واللهِ لقد سَئمنا من أولئك الروحانيين الزائفين، إن روحانيينا معتمَدون.» هكذا يقول الإعلان.
- ثانيًا: ضَعْ توقعات، إن التوقعات يمكن أن تجعلنا نُؤَوِّل المعلومات الملتبِسة بطريقةٍ تدعم فرضيةً أصلية، مثال ذلك أن الاعتقاد في مثلث برمودا قد يحملنا على أن نؤَوِّل تحطمَ طائرةٍ على ساحل نيويورك سيتي كدليلٍ على التأثيرات المشئومة للمثلث. وقد أجرينا حديثًا دراسةً بَيَّنَت كيف يمكن لِتَوَقُّعٍ ما أن يجعل الناسَ تظن أن الشرائط تحت الشعورية تعمل بينما هي في الحقيقة لا تعمل: لقد أسسنا التوقعات في دراستِنا بأن أسأنا عَنونَةَ نصفِ الشرائط، وكانت النتيجةُ أن حوالي نصف المشاركين اعتقدوا أنهم تحسنوا (رغم أنهم لم يتحسنوا) بِناءً على كيف عُنوِنَ الشريط (وليس على محتواه الفعلي)، لقد أدى بهم العنوانُ إلى أن يُؤَوِّلوا سلوكَهم بما يدعم التوقعات، أو إلى ما أسميناه الأثر «البلاسيبي الوهمي».
- والطريقة الثالثة للإقناع المسبق: هي أن تحدد معايير القرار، مثال ذلك أن مناصري الروحانيات وضعوا تعليماتٍ بما يجب أن يُعَد دليلًا مقبولًا على القدرات الخارقة، مثل استخدام الخبرات الشخصية كمعطيات (بيانات)، وإلقاء عبء البرهان على الناقد وليس على المدَّعِي، وفوق كل شيء أن يبقى جيمس راندي وأمثالُه خارجَ غرفة الاختبار. اقبلْ هذه المعايير ولَسوف تخلص إلى أن الروحانيات حقيقة.
(٨) أَكثِر من استخدام المختصرات الذهنية والأفكار الشائعة
- (أ) مختصَرة الندرة scarcity heuristic أو إذا كان نادرًا إذن فهو قيِّم. تكلفك شبكة الأصدقاء الروحانيين ٣٫٩٥ دولارات في الدقيقة فلا بد إذن أن تكون قَيِّمة، في حين أن أستاذ جامعة كاليفورنيا مُعَدَّلُه ٢٧ سِنتًا في الدقيقة، فهو بذلك أقل قيمة.
- (ب) مختصرة الإجماع أو «الزَّفَّة» consensus or bandwagon heuristic أو: إذا كان كل شخص موافقًا على ذلك إذن فهو حق. تَعرِض الشرائط تحت الشعورية والإعلانات التليفونية الروحانية والطب الدجلي شهادات شخصية testimonials لأشخاصٍ قد وَجَدوا ما كانوا يبحثون عنه.
- (جـ)
مختصرة طول الرسالة، أو: إذا كانت الرسالة طويلة فهي إذن قوية، كثيرًا ما تُدرِج كراساتُ الشرائط تحت الشعورية قوائمَ بمئات الأبحاث تحت الشعورية دعمًا لدعاويها، إلا أن أغلب هذه الدراسات لا تتناول فعالية الشرائط تحت الشعورية، وهي من ثم غير ذات صلة، والملاحِظُ غيرُ المحنك سيكون جديرًا بأن ينبهر بثقل الأدلة.
- (د) مختصرة التمثيل representative heuristic، أو: إذا كان شيءٌ ما يشبه شيئًا آخر (في جانبٍ بارزٍ ما) فهُما إذن متماثلان في الفعل، مثال ذلك أنه في ضروب الطب الشعبي كثيرًا ما يكون العلاج مشابهًا للسبب الظاهر للمرض؛ فالهميوباثي مثلًا قائمٌ على فكرة أن كميات صغيرة من المواد التي يمكن أن تسبب أعراضَ مرضٍ ما سوف تَشفِي هذا المرض، ويزعم مذهب التوقيعات الصيني Chinese Doctrine of Signatures أن التشابه في الشكل والهيئة يحدد القيمةَ العلاجية؛ لذا فإن قرون الخرتيت وقرون الوَعل وجذور الجنسنج تبدو قضيبية ويُفترَض أنها تُحسِّن الحيوية.
- (هـ) مختصرة الطبيعي the natural heuristic، أو: ما هو طبيعي فهو حسن، وما هو من صنع البشر فهو سيئ، إن ما يدعم الطب البديل هو لفظة «طبيعي» natural، والقدرات الروحية تُصَوَّر على أنها قدرات طبيعية ولكن فُقِدَت، الطعام العضوي طبيعي، إن نبات الهدار (الطفيلي) mistletoe طبيعي أيضًا ولكني لا أوصي بأن يعتاد أحدٌ أكل هذا الصنف.
- (و) رائجة الألوهة بداخلنا the goddess-within commonplace أو: البشر لديهم جانب روحي يهمله العلم المادي الحديث. هذه الفكرة الشائعة تنجم من الفكرة القروسطية عن الروح، التي قام بتحديثها مِزمَر Mesmer كمغناطيسية حيوية، ثم تحولت على يد التحليل النفسي إلى فكرة اللاشعور الخفي المتسلط. يلعب العلم الزائف على هذا الوتر فيقدم وسائل لِطَرْق اللاشعور، مثل الشرائط تحت الشعورية، أو لإثبات وجود هذه القوة الخفية من خلال «الحاسة السادسة» والظواهر الباراسيكولوجية، أو لمخاطبة بقايا هذه الروحية الخفية من خلال الاتصال بالموتَى عبر الوسيط وتحضير الأرواح.
- (ز)
رائجة «العلم»: للعلوم الزائفة فكرتان شائعتان متضادتان عن العلم تَستخدِم كلًّا منهما حسب السياق ومقتضَى الحاجة: فالعلماء الزائفون تارةً يقولون «العلم شيءٌ جيد ونحن علميون»، وطورًا يقولون إذا أَعيَتهم الحِيَل: «العلم محدود والعلماء لا يعرفون كل شيء»!
(٩) هاجِم الخصوم (التعريض الشخصي واغتيال الشخصية)
وأخيرًا أنت تَوَد أن تُحَصِّن علمَك الزائفَ من الأذى والهجوم الخارجي، ولما كان الهجومُ خيرَ وسيلة للدفاع فأنا أقدم لك نصيحة شيشرون: «إذا لم تكن لديك حجةٌ جيدة فهاجِم المدَّعِي.»
- أولًا: التعريض الشخصي يُغَيِّر أجندةَ المناقشة، ففي اصطدامي مع دعاة الشرائط تحت الشعورية لم يَعُد النقاشُ حول ما إذا كانت هذه الشرائط تَستحِق نقودَك أم لا، وإنما تحوَّل النقاش إلى ما إذا كنتُ أنا على خُلُقٍ أم لا، وهل أنا باحثٌ كفْء، بل هل أنا أجريتُ بحثًا حقًّا.
- ثانيًا: حين تَغمِز قناةَ شخصٍ ما فإن هذا الغمز يثير الشك في المغموز؛ فإذا كان المستمعُ لا يعرف شيئًا عن هذا المغموز فسوف يتضخم الشك فيه ويترك أثرًا عظيمًا.
- ثالثًا: يمكن أن يكون للغمز تأثيرٌ مُفَتِّر لِهِمَّةِ المغموز. يُبَرِّد حرارةَ نقدِه أو يَصرِفه عن المعركة كليًّا؛ ذلك أن المغموز سوف يفكر: «هل أضحي بسمعتي ومكانتي وأنغمس أكثر من ذلك في هذه المعركة القذرة؟ هل هذه المعركةُ تستحق الخَوض؟!» وإن الدعوى القضائية العابثة لَطريقةٌ فعالةٌ جدًّا لِتضخيم هذا التأثير المفتِّر.