الفصل السادس
سكوت ليلينفِلد:١ وصايا ليلينفِلد العشر
كثيرٌ من مُعَلِّمِي مداخل السيكولوجيا لا يُلقون بالًا بموضوعات العلوم الزائفة،
باعتبار
أن مثل هذه الموضوعات غير ذات صلة بعلم السيكولوجيا، أو ذات صلة هامشية على أعلى تقدير،
وكثيرٌ من الكتب الدراسية في علم النفس تكاد تخلو من هذه الموضوعات، باعتبار أن لديها
ما
يكفي من الموضوعات العلمية الأصيلة، كما أن بعض المعلمين قد يخشون أن الالتفات إلى الدعاوى
المشكوك فيها سوف ينتهي إلى بث الرسالة غير المقصودة إلى الطلبة بأن هذه الدعاوى قابلة
للتصديق علميًّا.
غير أن البروفسور ليلينفِلد لا يرى هذا الرأي، ويذهب إلى ضرورة تنبيه طلاب علم النفس
إلى
خصائص العلم الزائف؛ وذلك لأكثر من سبب: فالفهم القويم لِبِناءٍ ما، كما نَوَّهَ بِحَقٍّ
جورج كيلي،
٢ يقتضي فهم قطبَيه معًا، فنحن مثلًا لا نَعِي مفهوم «البرد» ما لم نكن قد خبرنا
الحر، ومن ثم قد لا يستوعب الطلابُ مفهوم التفكير العلمي استيعابًا كاملًا ما لم يتكون
لديهم فهمٌ للاعتقادات العلمية الزائفة، أي التي تبدو علمية للوهلة الأولى بينما هي غير
ذلك.
كما أن تناول هذه الموضوعات يتيح فرصةً لغرس مهارات الفكر النقدي، من مثل التمييز
بين
«الارتباط» correlation و«العِلِّيَّة» causation، وإدراك الحاجة إلى «المجموعات الضابطة» control groups من خلال تقويم المفاهيم الخاطئة للطلاب في مجال
السيكولوجيا الشعبية.
الحق أن علم النفس عند الكثير من طلاب السيكولوجيا المبتدئين يكاد يكون مرادفًا
للسيكولوجيا الشعبية، والسيكولوجيا الشعبية تعج بالخرافات والأساطير الحديثة مثل: أن
معظم
الناس لا تستخدم إلا عشرة بالمئة من أدمغتهم، وأن التعبير عن الغضب أفضل في العادة من
كَظمِه، وأن الأضداد تتجاذب في العلاقات البين-شخصية، وأن الاعتبار العالي للذات ضروري
للصحة النفسية، وأن مرضى الفُصام لديهم أكثر من شخصية … إلخ.
وفي دراسة لمورير وكيبورتس (١٩٩٤م) تَبَيَّنَ أن تدريس فصل «العلم والعلم الزائف»
لطلاب
المرحلة الجامعية أدى إلى انخفاضٍ دالٍّ إحصائيًّا في تبني الاعتقادات الخرافية مقارنةً
بغيرهم من الطلاب الذين لم يدرسوا هذا الفصل،
٣ وفي دراسةٍ أخرى لوِسب ومونتجمري (١٩٩٨م) تَبَيَّنَ أن دراسة فصلٍ عن الفحص
النقدي للدعاوى الخارقة قد أدت إلى تحسنٍ دالٍّ إحصائيًّا في تقييم أخطاء الاستدلال في
المقالات العلمية، والتعرف على الأخطاء المنطقية فيها وتقديم تفسيرات بديلة لنتائج البحث.
٤
وفيما يلي عشرة إلماعات تعليمية — في صيغة وصايا — خَلَصَ إليها بروفسور ليلينفلد
من خلال
خبرته في تدريس فصل التمييز بين العلم والعلم الزائف لطلاب علم النفس الجامعيين.
٥
(١) الوصية الأولى: حَدِّد الملامحَ التي تميز العلم من العلم الزائف
يجب أن يدرك الطلابُ أن الفروق بين العلم والعلم الزائف، رغم أنها ليست مطلقة ولا
قاطعة، ليست عشوائية ولا ذاتية، فقد حدد فلاسفةُ العلم — مثل ماريو بَنج
Mario Bunge (١٩٨٤م) — مجموعةً من الملامح أو
«العلامات التحذيرية» التي تميز معظم المباحث العلمية الزائفة، منها ما يلي:
-
الميل إلى استدعاء الفرضيات الغرضية
الاحتيالية ad hoc hypotheses التي هي أشبه بثغراتِ هروبٍ مقصودٍ بها أن تكون وسيلةً
لِتَحصين الدعاوى من التكذيب.
-
غياب التصحيح الذاتي وحضور الركود الفكري.
-
التوكيد على التأييد لا التفنيد.
-
الميل إلى إلقاء عبء البرهان على عاتق المتشككين في الدعوى لا على
المدَّعِي.
-
الاعتماد الزائد على النوادر الفردية anecdotes
والشهادة الشخصية testimonial لإثبات الدعاوى.
-
الروغان من التمحيص الذي تقدمه مراجعةُ
النظراء peer review.
-
غياب الترابطية، أي عدم القدرة على البناء على المعرفة العلمية القائمة.
-
استخدام رطانة طَنَّانة لكي تُضفِي واجهةً خارجيةً خادعةً من الجلال العلمي.
-
الدعوى.
ومن الجدير بالذكر أن لا واحدة من هذه العلامات كافية بذاتها لكي تَسِمَ مبحثًا ما
بأنه علمٌ زائف، إلا أن وجود المزيد من هذه العلامات التحذيرية يجب أن يثير المزيدَ من
الشك.
٦
(٢) الوصية الثانية: فَرِّقْ بين الارتيابية والكلبية
من مخاطر تدريس الطلاب التمييز بين العلم والعلم الزائف أننا يمكن أن نصنع منهم،
دون
قصد، طلابًا يرفضون تلقائيًّا أيةَ دعوى تبدو غير مقبولة، تتضمن الارتيابية
skepticism — وهي التوجه الذهني القويم للعالِم —
موقفَين يبدوان متناقضَين: الانفتاح على الدعاوى، مقرونًا برغبةٍ في تعريض هذه الدعاوي
للتمحيص الحاد، يقول جيمس أوبرج
James Oberg مهندس
الفضاء: إن علينا أن نُبقِي عقولَنا مفتوحةً ولكن ليس لِدرجةٍ تجعل أدمغتَنا تسقط منها.
٧
وفي المقابل فإن الكلبية Cynicism تتضمن انغلاقًا
ذهنيًّا. أذكر أن أحد الشُّكَّاك البارزين كان يُؤَنِّبُني على تشجيعي للباحثين على أن
يبقوا منفتحي العقل تجاهَ فعالية صنف جديد من العلاج النفسي كان أساسُه المنطقيُّ يبدو
له بعيد الاحتمال، غير أننا إذا أغلقنا احتمالية أن تكون اعتقاداتنا المسبقة خاطئة
فإننا إذَّاكَ نسلك سلوكًا غيرَ علمي. تستلزم الارتيابيةُ استعدادًا لِتَقَبُّل دعاوى
جديدة، أما الكلبية فلا.
(٣) الوصية الثالثة: فَرِّقْ بين الشك المنهجي والشك الفلسفي (المذهبي)
عندما نشجع الطلابَ على التفكير النقدي فلا بد أن نفرق بين شكلَين من الارتيابية:
عندما نشرح للطلاب أن المعرفة العلمية اختبارية
tentative في صميمها ومفتوحة للمراجعة، فإن بعضهم قد يستنتج — خطأً —
أن المعرفة الحقيقية غير ممكنة. هذه الوجهة من الرأي — التي راجت في أوساطٍ بعد-حداثية
معينة — تغفل التمييز بين دعاوى المعرفة الأكثر يقينًا من تلك الأقل يقينًا، فرغم أن
اليقين المطلق ربما يكون غايةً لا تُدرَك في العلم فإن بعض الدعاوى العلمية — مثل نظرية
دارون في الانتخاب الطبيعي — قد تم تعزيزُها بدرجةٍ قصوى، في حين أن نظريات أخرى — مثل
نظرية خرائط البروج التنجيمية — قد تم دحضُها على نحوٍ مُقنِع، وتبقى نظرياتٌ أخرى —
مثل نظرية التنافر المعرفي
cognitive dissonance —
خلافيةً من الوجهة العلمية؛ ومن ثم فإن هناك متَّصَلًا من الثقة في الدعاوى العلمية،
فبعضُها قد اكتسبَ وضعًا وقائعيًّا تقريبًا، في حين نالت الأخرى تكذيبًا مدَوِّيًا. إن
الشك المنهجي — الذي لا يقدم أجوبةً تامةَ اليقين على الأسئلة العلمية ويَعُد هذه
الأجوبةَ قابلةً للإطاحة بها في ظل أدلةٍ جديدة — لا يتضمن أن المعرفة غير ممكنة، بل
يتضمن فحسب أن المعرفة مبدئية
provisional غير نهائية،
ولا هي تتضمن أن لا فرق بين الإجابات المستخلصة من الفحص العلمي المنضبط والإجابات
الأخرى كتلك المستمَدة من الحدس.
٨
(٤) الوصية الرابعة: فَرِّقْ بين دعاوى العلم الزائف والدعاوى التي هي زائفة
فحسب
جميع العلماء — حتى أنبغهم — يرتكبون أخطاء، كان إسحق نيوتن — على سبيل المثال —
يعبث
بفرضياتٍ خيميائيةٍ غريبةٍ خلال شطرٍ كبير من سيرته العلمية المتميزة فيما خلا ذلك،
وعلى الطلاب أن يدركوا أن الفرق المفتاحي بين العلم والعلم الزائف لا يكمن في محتواهما
(ما إذا كانت دعاويهما صحيحةً وقائعيًّا أم خاطئة) بل في مقاربتهما للدليل evidence. العلم الحق يبحث عن المعلومات المناقِضة،
وبافتراض أن هذا الدليل قابل للتكرار وعالي القيمة فإنه في النهاية يدمج هذه المعلومات
في مدونته المعرفية. أما العلم الزائف فيميل إلى تجنب المعلومات المضادة (أو يعيد
تأويلها بحيث تتسق مع دعاويه إن استطاع)، وهو بذلك لا يقدر على تبني التصحيح الذاتي
الضروري للتقدم العلمي، مثال ذلك أن التنجيم لم يتغير كثيرًا عما كان عليه منذ ٢٥٠٠ سنة
برغم الأدلة السلبية الهائلة التي جابَهَته.
(٥) الوصية الخامسة: فَرِّقْ بين العلم والعلماء
إن العلماءَ بشرٌ وعُرضةٌ للوقوع في التحيز والتصلب الدوجماطيقي في اعتقاداتهم، شأنهم
شأن غيرهم من الناس، غير أن العالِم الحق لا يدَّخر وسعًا لكي يدرك تحيزاته ويضادها
بواسطة الاحتياطات المنهجية ضد الزلل (مثل: المجموعات الضابطة ذات العَمَى المزدوج)
التي يفرضها عليه المنهجُ العلمي. على الطلاب أن يفهموا أن المنهج العلمي هو عُدَّة
المهارات التي نَمَّاها العلماء لكي يمنعوا أنفسَهم من تأييد تحيزاتهم الخاصة. العالِم
بشرٌ خَطَّاء، ولكن المنظومة العلمية تُبَصِّره بتحيزاته وتتخذ تدابيرَ تُحَصِّن العملَ
العلمي ضد الزلل.
(٦) الوصية السادسة: فَسِّر الأسسَ المعرفية للاعتقادات العلمية الزائفة
يجب أن يَعِي الطلابُ أننا جميعًا عُرضةٌ للأوهام المعرفية، وأن هذه الأوهام قد تكون
قاهرةً لا تُقاوَم. كلُّنا أو معظمُنا — على سبيل المثال — قد يقع ضحيةَ الذكريات
الزائفة. إن العملياتِ السيكولوجيةَ التي تُفضِي إلى الاعتقادات الخاطئة شاملةٌ
مستشرية، بل إن بعضها في الأصل تكيفيٌّ ومُسعِف. «المختصرات الذهنية»
heuristics٩ مثلًا — التي قد تُنتِج اعتقاداتٍ زائفة — هي بالأساس مُعِينةٌ لنا على
إضفاء معنًى على عالمِنا المعقد والمربِك؛ وعليه فإن معظم الاعتقادات العلمية الزائفة
مقدودةٌ من نفس القماشة التي قُدَّت منها الاعتقاداتُ الدقيقة. من شأن هذا الفهم أن
يُهَدِّئَ مِن رَوْعِ الطالب الذي يعتنق اعتقاداتٍ علميةً زائفةً حين يُواجَه بأدلةٍ
تدحض اعتقاداته.
(٧) الوصية السابعة: تَذَكَّرْ أن الاعتقادات العلمية الزائفة تؤدِّي وظائفَ دافعيةً
مهمة
كثيرٌ من الدعاوى الخارقة — مثل تلك المتعلقة بالإدراك وراء الحِسي (الحاسة السادسة)
ESP وخبرات الخروج من الجسم والتنجيم — تخاطب حاجةَ
المعتقِدين إلى الأمل والدهشة، وحاجتَهم أيضًا إلى الإحساس بالإمساك بزمام وقائع الحياة
والموت التي لا زمام لها في الأغلب. معظم المؤمنين بالخوارق يبحثون عن أجوبةٍ على
أسئلةٍ وجوديةٍ عميقة من مثل: «هل ثمة روح؟» و«هل هناك حياةٌ بعد الموت؟» لذا تَوَقَّع
من الطلاب حين تواجههم بأدلة علمية تتحدى اعتقاداتِهم الخارقة أن يتخذوا موقفًا
دفاعيًّا، والدفاعية بدورِها قد تولِّد نفورًا من النظر في الأدلة المضادة.
من أجل هذا يتعين على المعلم أن يكون رفيقًا بطلابه حين يتناول اعتقاداتهم بالتفنيد؛
فالسخرية من هذه الاعتقادات قد تؤدي إلى رد فعلٍ يدعم أفكارَهم النمطية عن مدرسي العِلم
كأشخاصٍ منغلقي الذهن غيرِ سُمَحاء. ومن التقنيات المفيدة للمعلم في هذا الصدد أن
يُنَمِّي صلةَ وئامٍ وألفة بينه وبين طلابِه ثم يتحدى اعتقاداتِهم بروحِ المَرَح الطيب
القلب (مثلًا: «أَوَد أن أسأل كل من يعتقد في التحريك
النفسي psychokinesis أن يتفضل ويرفع يدي.») على ألا يُدرَكَ هذا المرحُ من جانبهم
على أنه ازدراءٌ أو استعلاء.
(٨) الوصية الثامنة: أخبِرْ راغبَ الدهشة أن العلمَ مُدهِش
قل له إذا كنتَ أيها الطالب تبحث عن الدهشة والغرابة فإن العلمَ الصحيحَ طافحٌ بهما!
إذا كنتَ شغوفًا بدعاوى العلوم الزائفة لأنها تهزك وتثير دهشتَكَ فاعلَمْ أن كثيرًا من
كشوف العلم الحقيقي لا تقل فتنةً وسِحرًا عن دعاوى العلوم الزائفة؛ فهي مدهِشةٌ لافِتةٌ
ولكن حقيقية في الوقت نفسِه: الأحلامُ الشديدة الوضوح، الخيال الصُوَري eidetic imagery، الإدراك تحت العَتَبِي subliminal perception (كمقابلٍ للإقناع
تحت العتَبِي)، الأعمال الخارقة للذاكرة البشرية، الاستخدامات الإكلينيكية القويمة
للتنويم (كمقابلٍ للاستخدام الدجلي للتنويم في استعادة الذكريات). وقد نَوَّهَ بعضُ
العلماء بأن كشف الزيف يؤكد حقيقةً ما بالضرورة؛ وعليه فمِن الأهمية بمكانٍ ألا نكتفي
بتبيانِ المعلومات الزائفة للطلاب، بل أن نُوَجِّهَهم أيضًا إلى المعلومات الصحيحة،
مثال ذلك: إن علينا حين نفسر للطلاب لماذا تُعَد «الإيقاعات الحيوية» biorhythms دَجَلًا لا أساسَ له أن نقدم معها دعاوى تتعلق
بالإيقاعات اليومية circadian rhythms التي — رغم
الخلط الكثير بينها وبين الإيقاعات الحيوية — يدعمها بحثٌ علميٌّ دقيق.
(٩) الوصية التاسعة: كُنْ مُتَّسِقًا في معاييرِكَ الفكرية
تَجَنَّب ازدواجَ المعايير والكيل بمكيالَين: أحدهما حين تُقَيِّم الدعاوى التي تبدو
مقبولةً لديك، والآخر حين تُقَيِّم ما يبدو لك غيرَ مقبول. أَعرِفُ معلمًا هو مناصرٌ
صريحٌ لحركة تأسيس قوائم بالعلاجات المدعومة إمبيريقيًّا (أي التي ثبتت فاعليتُها في
دراساتٍ منضبطة)، في هذا المجال هو حريصٌ في الاعتماد على التراث البحثي لدعم أطروحاته
الخاصة بأي العلاجات النفسية هو الفعال وأيها غير ذلك، ولكنه برغم ذلك رافضٌ للأدلة
البحثية على فاعلية العلاج الكهربي ECT للاكتئاب، حتى
إذا كانت هذه الأدلة مستقاة من دراسات منضبطة لا تقل دقةً وصرامةً عن العلاجات النفسية
التي يؤيدها، وحين واجهتُه بذلك وبَيَّنتُ له عدمَ اتساقِه أنكر بشدةٍ أنه متمسكٌ
بمعايير مزدوجة، وقد اتَّضَحَ لي في النهاية أنه كان يستبعد الدليلَ على فاعلية العلاج
الكهربي؛ لمجرد أن هذا العلاج كان يبدو له غيرَ معقول على الإطلاق. ربما كان يتساءلُ:
كيف بالله يمكن لإحداث نوبةٍ شبه صَرَعِية — بتسديد الكهرباء إلى الدماغ — أن يزيل
الاكتئاب؟! غير أن المعقولية الظاهرية مقياسٌ غيرُ معصوم من الخطأ على الإطلاق، ومن ثم
فإن علينا أن نظل منفتحين على الدليل الذي يتحدى تصوراتنا المسبقة الحدسية، وأن نشجع
الطلابَ أيضًا أن يفعلوا ذلك.
(١٠) الوصية العاشرة: فَرِّقْ بين العلم الزائف والميتافيزيقا
فَرِّقْ بين الدعاوى العلمية الزائفة وبين الدعاوى الدينية الميتافيزيقية الخالصة،
فالدعاوى الميتافيزيقية بخلاف الدعاوى العلمية الزائفة، لا يمكن أن تُختبَر
إمبيريقيًّا، ومن ثم فهي تقع خارج حدود العلم، وهي في مجال الدين تشمل قضايا تتصل بوجود
الله ووجود الروح والحياة الأخرى، وهي قضايا لا يمكن دحضُها بأي مدونةٍ من الأدلة
العلمية التي يمكن تصورها.
على أن بعض الدعاوى شبه الدينية (من مثل «كَفَن
تورين» Shroud of Turin، والتماثيل الباكية للأم العذراء … إلخ) هي حقًّا دعاوى قابلة
للاختبار وخاضعة للتحليل النقدي، شأنها شأن غيرها من المعتقدات الطبيعية المشكوك
فيها.
وحين يدمج المعلمون الاعتقادات العلمية الزائفة مع الاعتقادات الدينية التي هي
ميتافيزيقية في الصميم فهُم يخسرون مرتَين:
(١١) مُجمَل
الالتزام بالوصايا العشر قد يتيح لِمُعَلمي السيكولوجيا أن يساعدوا طلابَهم في تحقيق
الهدف الحاسم/التفرقة بين العلم والعلم الزائف. إن إدخال فصل العلم الزائف في فصول علم
النفس يمكن أن يكون ذا عائدٍ سَخِيٍّ لكل من المعلمين والطلاب، على أن يقاربوا ذلك
بحذرٍ وحساسيةٍ وفهمٍ واضح للفروق بين الارتيابية والكلبية، بين الشك المنهجي والشك
الفلسفي (المذهبي)، بين المنهج العلمي والعلماء الذين يستخدمونه، بين العلم الزائف
والميتافيزيقا.
وفي عالمٍ تَضُخ فيه الوسائطُ الإعلامية (وصناعة العَون الذاتي، والإنترنت) علمًا
سيكولوجيًّا زائفًا بمعدلاتٍ متسارعةٍ دومًا، فإن مهارات التفكير النقدي المطلوبة
لتمييز العلم من العلم الزائف يجب أن نَعُدَّها إجباريةً على جميع طلاب علم
النفس.