ما ذكره رواة الأخبار عن سيرة أمير المؤمنين الحاكم بأمر الله
«لم يعُد للألقاب التي يمنحها الإمام لوزرائه وولاته قيمة يستندون إليها. كان القتل ماثلًا في نهاية الطريق، لا تحُول بينهم وبين بشاعة النهاية خِلعٌ ولا ألقاب ولا عباراتُ ثناء. لم يكن يبخل بالألقاب الضخمة وذات الرنين على الوسطاء، ثم ما يلبث أن يقتلهم، أو يأمر بقتلهم. تحوَّل العنف إلى جزءٍ من طبيعته.»
يوجِز لنا هذا الكتاب بأسلوبٍ سردي مميز سيرةَ حياة الخليفة الفاطمي السادس «الحاكم بأمر الله» كما جاءت في أخبار مُعاصِريه وتابعيه من الرواة، وأتى كاتبنا بهذه الأخبار بكل ما تحويه من مساوئ ومزايا. واستهلَّ الرواة أخبارهم بتولِّي الحاكم الخلافةَ وهو في سنٍّ صغيرة خلفًا لأبيه «العزيز بالله الفاطمي»، وكيف الْتفَّ حوله الطامحون لاستغلال هذا الأمر لصالحهم، وسعَوا جاهدين لأنْ يضعوا حُكم البلاد في قبضة يدهم؛ فعمَّ الخراب في البلاد وماجت الفتن، فقرَّر الحاكم النهوض لاسترداد مُلكه واستعادة هيبته، ولكنه لجأ إلى عزل كل مَن خالفه من رجال الدولة والعامة وقَتْله، ولم يفرِّق بين الغوغاء والوجهاء؛ أملًا في أن يعمَّ الاستقرار جميع أحوال مصر. وظلَّ على هذا المنوال لآخِر رمق في حياته، فهل حقًّا كان حاكمًا مظلومًا أم طاغيًّا؟ هذا ما سنعرفه في ثنايا هذه الأخبار.