مقدمة
الحمد الله الذي جعل في كل أمة أفرادًا يمتازون عن سواهم بالفضائل والعقول، ويجتازون مجاهل اللهو بسير عقولهم السليمة، فيصبحون أئمة يُقتَدى بقولهم المقبول.
أما بعد، فإن للأمثال مزية لا تُضاهى، ورتبة لا تتناهى؛ إذ هي مطمح أعين الشعراء والخطباء، ومورد الفصحاء والبلغاء، بل هي أرق من الشعر، وأرفع قدرًا من الخطابة. بدررها يتحلَّى جيد الكلام، وبفوائدها يتجلَّى الالتباس والإبهام، حتى قال بعض الأدباء إن الأمثال هي حُلَى المعنى التي تخيرتها الحكماء من العرب والعجم والإفرنج، ودارت على كل لسان في كل زمان.
فلذا اخترت أن يكون موضوع كتابي هذا الأمثال، فجاء — بحمد الله — كتابًا عديم المثال؛ إذ كل من طالع هذا الكتاب الذي جمع أقوال فلاسفة الشرق والغرب لا بد وأن يرى من فوائده الغزار ما يغنيه عن كبير الأسفار؛ وذلك لأني وضعت كل أمثولة وقائلها، وجعلته مميزًا عن بقية كل كتب الأمثال من نوعه بفصول رتبتها على ما هو عليه الآن. ولا غرو فإني مكثت أجمع فيه الزمن الطويل، ونسخته زيادة عن عشر مرات، وأخيرًا ابتلاني الله بمرض كاد يقضي عليَّ وعلى أتعابي الكثيرة، لولا مهارة وعناية حضرة ابن العم الدكتور عبد الله أفندي البستاني، فأشكره وأحفظ له جميلًا وافرًا، وأحمد الله أولًا وآخرًا.
يوسف توما البستاني