أرسطوطاليس والمتنبي
قال الإمام أبو علي محمد بن الحسن بن المظفر الكاتب اللغوي المعروف بالحاتمي: لما رأيت أبا الطيب أحمد بن الحسين بن الحسن الشاعر اللغوي المعروف بالمتنبي، قد أتى في شعره على أغراض فلسفية ومعانٍ منطقية؛ أردتُ الموافقة بين ما توارد به في شعره مع أرسطو في حِكَمه؛ لأنه إن كان ذلك عن فحص ونظر، فقد أغرق في درس العلوم، وإن يكن ذلك منه على سبيل الاتفاق، فقد زاد على الفلاسفة في ذلك. وهو في الحالين على غاية الفضل، وقد أوردت من جمله ما يستدل بها على فضله.
أرسطو: إذا كانت الشهوة فوق القدرة، كان هلاك النفس دون بلوغها.
المتنبي:
أرسطو: رم نقل الطباع من ذوي الأطماع شديد الامتناع.
المتنبي:
أرسطو: نفوس الحيوان أغراض لحوادث الزمان.
المتنبي:
أرسطو: إذا تجردت اللطائف من الشكوك، اكتسبت الصورة رونقًا.
المتنبي:
أرسطو: الألفاظ المنطقية مضرة بذوي الجهل لِنَبْوِ إحساسهم عن دركها.
المتنبي:
أرسطو: تعاقب أيام الزمان مفسدة لأحوال الحيوان.
المتنبي:
أرسطو: الزمان يُنشئ ويلاشي، ففناء كل قوم سبب لكون قوم آخرين.
المتنبي:
أرسطو: يسيرٌ من ضياء الحس خير من كثير من درس الحكمة.
المتنبي:
أرسطو: من علم أن الكون والفساد يتعاقبان الأشياء، لم يحزن لورود الفجائع؛ لعلمه أنه من كونها، وهان ذلك عليه؛ لعجز الكل عن دفع ذلك.
المتنبي:
أرسطو: النفوس المتجوهرة تأبى مقارنة الذلة، وترى فناءها في ذلك حياتها، والنفس الدنيئة بالضد من ذلك.
المتنبي:
أرسطو: ترك حركات الفلك تحيل الكائنات على جهاتها.
المتنبي:
أرسطو: باعتدال الأمزجة وتساوي الإحساس يفرق بين الأشياء وأضدادها.
المتنبي:
أرسطو: من لم يردك لنفسه فهو النائي عنك وإن تباعدت أنت عنه.
المتنبي:
أرسطو: من علم أن الفناء مستولٍ على كونه، هانت عليه المصائب.
المتنبي:
أرسطو: العيان شاهد لنفسه، والأخبار يدخل عليها الزيادة والنقصان، فأولى ما أخذ ما دل على نفسه بالنظر.
المتنبي:
أرسطو: قد يفسد العضو لصلاح الأعضاء كالكي والفصد اللذين هما يفسدان الأعضاء.
المتنبي:
أرسطو: مباينة المتكلف المطبوع كمباينة الحق الباطل.
المتنبي:
أرسطو: الرجاء تمنٍّ، والشك توقف، وهما الأمل.
المتنبي:
أرسطو: علل الأفهام أشد من علل الأجسام.
المتنبي:
أرسطو: من تخلى عن الظلم بظاهر أمره وغفت جوارحه وكان مساكنًا بحواسه، فهو ظالم.
المتنبي:
أرسطو: من يجعل الفكر في موضع البديهة فقد أضر بخاطره، وكذلك من جعل البديهة موضع الفكر.
المتنبي:
أرسطو: مباعدة الجواهر أبعد من التنائي بمباعدة الأجسام.
المتنبي:
أرسطو: إذا لم تنصرف عن النفس شهواتها ومرادها، فحياتها موت، ووجودها عدم.
المتنبي:
أرسطو: الفرق بين الحلم والعجز أن الحلم لا يكون إلا عن قدرة، والعجز لا يكون إلا عن ضعف، فليس للعاجز أن يتسمى باسم الحليم وهو عاجز.
المتنبي:
أرسطو: النفس الذليلة لا تجد ألم الهوان، والنفس الكريمة ترى الأشياء بطبعها.
المتنبي:
أرسطو: الجاهل لا يحلو عنده طعم العلم، بل يجد له ثقلًا كما يثقل على المريض الأدوية النافعة، ويحلو له في فمه غير طعمها.
المتنبي:
أرسطو: ليس جمال ظاهر الإنسان مما يستدل به على حسن فعله وفضله.
المتنبي:
أرسطو: أقرب القرب مودات القلوب وإن تباعدت الأجسام، وأبعد البعد تنافر القلوب وإن تقربت الأجسام.
المتنبي:
أرسطو: إذا كان البناء على غير قواعد، كان الفساد أقرب إليه من الصلاح.
المتنبي:
أرسطو: لا يجد لذة الحياة من لا يجد لشهوته دراكًا، ولا لأمر دراكه تصرفًا.
المتنبي:
أرسطو: من نظر بعين العقل ورأى عواقب الأمور قبل مواردها، لم يجزع لحلولها.
المتنبي:
أرسطو: لحوق البغية صعب، وأعجز العجز من لم يعن عزمه في طلب الغاية.
المتنبي:
أرسطو: لا برح الفضل بترك الذم ثم التناهي في المدح.
المتنبي:
أرسطو: من قصر عن أخذ لذَّاته عَدِمها وعدم صحة جسمه.
المتنبي:
أرسطو: من لم يرفع قدره عن قدر الجاهل، رفع الجاهل قدره عليه.
المتنبي:
أرسطو: من أفنى مدته في جمع المال خوف العدم (الفقر)، فقد أسلم نفسه إلى العدم.
المتنبي:
أرسطو: الذي لا يعلم بعلته لا يصل إلى بُرْئه.
المتنبي:
أرسطو: حلول الفناء في عظيم الأمور كحلوله في صغيرها.
المتنبي:
أرسطو: قبيح بذي الجودة أن يفارقه الجود؛ لأنهما إذا اعتدلا كانا كشيء واحد ويحق بهما اسمان.
المتنبي:
أرسطو: العاقل لا يساكن شهوة الطبع لعلمه بزوالها، والجاهل يظن أنها باقية وهو باقٍ، فذاك يشقى بعقله، وهذا ينعم بجهله.
المتنبي:
أرسطو: بالصبر على مضض الرئاسة تنال شرف النفاسة.
المتنبي:
أرسطو: إن الحكيم تُريه الحكمة أن فوق علمه علمًا فهو يتواضع لتلك الزيادة، والجاهل يظن أنه قد تناهى فيسقط بجهله وتمقته النفوس.
المتنبي:
أرسطو وقد رأى غلامًا حسن الوجه، فاستنطقه، فلم يجد عنده علمًا، فقال: نعم البيت لو كان فيه ساكن.
المتنبي:
أرسطو: إذا تجوهرت النفس الفلسفية، لحقت بالعالم العلوي، فلا تسكن إلى الهمم الترابية.
المتنبي:
أرسطو: الكلال والملال يتعاقبان الأجسام لضعف الجسم، لا لضعف آلة الحس.
المتنبي:
أرسطو: الدنيا تطعم أولادها وتأكل مولودها.
المتنبي:
أرسطو: إذا كانت الأشياء فاعلة بالطبع لم تحمد على فعلها؛ لأن الشمس لا تُحمد على حرارتها ولا على ضوئها.
المتنبي:
أرسطو: الجبن ذلة كامنة في نفس الجبان، فإذا خلا بنفسه أظهر الشجاعة.
المتنبي:
أرسطو: الغلبة بطبع الحياة، والمسالمة بطبع الموت، والنفس لا تحب أن تموت، فلذلك تحب أخذ الأشياء بالغلبة.
المتنبي:
أرسطو: الإنسان شبح روحاني ذو عقل غريزي، لا ما تراه العيون من ظاهر الصورة.
المتنبي:
أرسطو: الظلم من طبع النفس، إنما يصدها عن ذلك خلتان: خلة دينية، وخلة دنيوية سياسية خوف الانتقام.
المتنبي:
أرسطو: ثلاثة إن لم تظلمهم ظلموك: ولدك وعبدك وزوجتك، فسبب صلاحهم التعدي عليهم.
المتنبي:
أرسطو: كل ما له أول تدعو الضرورة إلى أن يكون له آخر.
المتنبي:
أرسطو: النفوس المجوهرة تشرك الشهوات البهيمية طبعًا لا خوفًا.
المتنبي:
أرسطو: من أثرى من العدم افتقر من الكرم.
المتنبي:
أرسطو: إذا لم تتجرد الأفعال كان الإحسان إساءة.
المتنبي:
أرسطو: ليس تغير مثل تغير الأفعال التي ترد غير مطبوعة، فإنها أشد انتقالًا من الريح الهبوب.
المتنبي:
أرسطو: أتعب الناس من قصرت مقدرته واتسعت مروءته.
المتنبي:
أرسطو: أعظم الناس محنة من قل ماله وعظم مجده، ولا مال لمن كثر ماله وقل مجده.
المتنبي:
أرسطو: من لم يقدر على الفضائل، فلتكن فضائله ترك الرذائل.
المتنبي:
أرسطو: تخليد الذكر في الكتب عمر لا يبلى، وهو كل يوم جديد.
المتنبي:
أرسطو: أعجز العجز من قدر على أن يزيل العجز عن نفسه فلم يفعل.
المتنبي:
أرسطو: اصطبار العقلاء ضد تمني الجهلاء، فالحاجة التي فيها نكر العاقل عليها يحسده الجاهل.
المتنبي:
أرسطو: لا غنى لمن ملكه الطمع فاستولت عليه الأماني.
المتنبي:
أرسطو: النفس الشريفة ترى الموت بقاء لدرك النفس في أماكن البقاء، فهذه حال يعجز الخلق عن دركها.
المتنبي:
أرسطو: من كان غذاؤه الأماني، مات دون بلوغ مراده.
المتنبي:
أرسطو: إذا كان سقم النفس بالجهل، كان الموت شفاءها.
المتنبي:
أرسطو: كره ما لا بد من كونه عجز في صحة العقل.
المتنبي:
أرسطو: إننا نواسي الأرواح من كرور الأيام، فما بالنا نعاف رجوعها إلى أماكنها؟
المتنبي:
أرسطو: اللطائف سماوية، والكثائف أرضية، وكل عنصر هو عائد إلى عنصره الأول.
المتنبي:
أرسطو: الزيادة في الحد نقص في المحدود.
المتنبي:
أرسطو: بإنفاذ سهم الحزم تدرك صحة العزم.
المتنبي:
أرسطو: أواخر حركات الفلك كأوائلها، وإنشاء العالم كتلاشيه في الحقيقة لا في الحس.
المتنبي:
أرسطو: أعظم ما على النفوس إعظام ذوي الدناءة.
المتنبي:
أرسطو: عدم الغنى من النفس أشد من عدم الغنى من اليد والملك.
المتنبي:
أرسطو: الحيوان كله معتل، وليس من السياسة شكوى بعض إلى بعض.
المتنبي:
أرسطو: النظر في عواقب الأشياء يزيد في حقائقها، والعشق عمى الحس عن درك الروية.
المتنبي:
أرسطو: آخر إفراط التوقي أول موارد الحزن.
المتنبي: