تليفون الساعة التاسعة
كان الشياطين قد خرجوا في مغامرة «مهرجان الضحك»، بعد أن وصلت تقارير إلى المقر السري، تفيد بأنَّ عصابة «سادة العالم»، سوف تقوم بسرقة، تعتبر سرقة العصر، لأنَّها سوف تقوم بسرقة مجموعة من اللوحات العالمية، يوم إقامة مزاد في قاعة «كريستي» ﺑ «نيويورك» … وكانت التقارير تقول أنَّ العصابة سوف تستخدم سلاحًا جديدًا في عملية السرقة، هو «غاز الضحك»، فطبيعة هذا الغاز أنَّه يجعل الإنسان يغرق في الضحك، ولا يكون ملتفتًا إلى أي شيء يدور حوله … لكن الشياطين كانوا قد تدرَّبوا على كيفية التعامل مع هذا النوع من الغاز، حيث وصل إلى المقر السري خبير جديد متخصص في هذا النوع من الأسلحة. في نفس الوقت، حمل الشياطين معهم جهازًا دقيقًا يمنع غاز الضحك من التأثير عليهم.
وبينما هم في «نيويورك»، وصلتهم رسالة من رقم «صفر» يخبرهم أنَّ عصابة «سادة العالم» قد اكتشفت وجودهم بعد أن استطاعت أن تخطف أحد العملاء. في نفس الوقت، أخبرهم رقم «صفر» أنَّ عليهم أن يتموا مغامرتهم؛ فهناك مجموعة تصل أمريكا، لتقوم بمهمة البحث عن العميل المخطوف. لكن مجموعة مغامرة «مهرجان الضحك» كانت قد استطاعت أن تعقد صداقة مع أحد العاملين في جوازات مطار «نيويورك» ويُدعى «جان فال» بعد أن أقنعه «خالد» بأنَّه مواطن من «سنغافورة» ويُدعى «جيتري»، وكان «خالد» قد لاحظ أنَّ موظفًا آخَر قد عرف اسمه من «جان فال» ويُدعى «ألفريد» يعمل مع العصابة، عندما نظر إلى الشياطين طويلًا، ساعة وصولهم إلى المطار. لهذا كان لا بد أن ينضم «خالد» و«أحمد» إلى المجموعة الجديدة، التي وصلت «نيويورك»، للبحث عن عميل رقم «صفر» المخطوف.
أنهى الشياطين مغامرة «مهرجان الضحك»، وقبضوا على أفراد عصابة «سادة العالم» في قاعة «كريستي»، وعندما تسلمهم البوليس في مدينة «نيويورك» المزدحمة، كانت مجموعة الشياطين الثانية، والتي تضم «بو عمير» و«باسم» و«إلهام» قد وصلت. كانت المجموعة الأولى قد ركبت سيارتها وانطلقت من قاعة «كريستي» عندما دقَّ جرس التليفون في السيارة. رفع «أحمد» السماعة، فجاء صوت «إلهام» يقول: «وصلت الصقور» …
ثم انتهت المكالمة. ابتسم «أحمد» وهو يضع السماعة، ويقول: لقد وصلت المجموعة!
انتظر لحظة، ثم قال: يجب أن أترككم أنا و«خالد»، حتى نبدأ مغامرتنا الجديدة!
سأل «خالد»: هل عرفت مكان المجموعة؟
ردَّ «أحمد»: لا أظن أنَّهم بهذه السذاجة، حتى يكشفوا مكان تواجدهم، من الضرورة أن يأتي ذلك بشكل سري.
انتظر لحظة، ثم أضاف: ينبغي أن نتصل بأحد عملاء «صفر»، فلا بد أنَّهم يعرفون المزيد من التفاصيل.
أخرج من جيبه جهاز الإرسال الصغير، ثم قال: سوف أرسل رسالة شفرية للعملاء في أمريكا في: «واشنطن» و«لوس أنجيلوس» و«سان فرانسيسكو» و«هيوستن» و«سانت لويس» و«بوسطن» و«فيلادلفيا».
ثم أخذ يبحث عن موجة خاصة، يمكن أن يرسل عليها الرسالة، دون أن تستطيع العصابة التقاطها؛ فالعصابة تستطيع التقاط الرسائل المتبادلة على الموجات العادية، لكنها لا تستطيع عندما تكون الموجة مختلفة. انتظر لحظة، ثم أخذ يرسل الرسالة، كانت الرسالة تقول: «٢ – ٤٦ – ٨» وقفة «٢ – ٤٦ – ٣٦ – ٤٨ – ٥٦ – ٢» وقفة «٤٠ – ٥٨» وقفة «٢ – ٤٨ – ٢٠ – ٥٨ – ٤٤ – ٢» وقفة «٤٠ – ٤٨» وقفة «٢ – ٤٨ – ٢٠ – ٥٨ – ٤٤ – ٢» وقفة «٤٨ – ٢» وقفة «٥٢ – ٥٨» وقفة «٢ – ١٤ – ٤ – ٢ – ٢٠» وقفة «٢ – ٤٦ – ٤٨ – ٤٠ – ٤٢ – ٥٤ – ١٦» وقفة «٥٢ – ٤٦» وقفة «٤٦ – ١٦ – ٥٨ – ٤٤ – ٤٨» وقفة «٢ – ١٤ – ٤ – ٢ – ٢٠» وقفة «١٠ – ١٦ – ٥٢» انتهى.
بعد قليل، جاءه الرد … كان أيضًا رسالة شفرية، تقول: إنَّ اللقاء في النقطة «و» في «فيلادلفيا» … في الساعة الثامنة مساءً. نظر «أحمد» في ساعة السيارة، وكانت تشير إلى الثانية ظهرًا. قال: هل نستطيع أن نصل في الموعد؟
ردَّ «عثمان»: ينبغي الذهاب فورًا إلى المطار.
قال «خالد»: هل أترك «جان فال» و«ألفريد» هنا، وهما مفتاح المغامرة الجديدة؟
توقف «قيس» على جانب الطريق، ثم تنهَّد قائلًا: هذه مشكلة، فهم لا يعرفون ما وصل إليه «خالد» هنا.
صمت الجميع، كان كلٌّ منهم يبحث عن حلٍّ للمشكلة. فكَّر «أحمد»: هل يذهب هو إلى الموعد … ويعود في نفس الليلة؟ … وهل سيجد طيارة تسافر ليلًا بين «نيويورك» و«فيلادلفيا»؟ ترى هل يجعل الاتصالات بينه وبينهم عن طريق الرسائل؟ فجأةً قال «مصباح»: أظن أنَّه يجب أن نسافر فورًا … واترك «خالد» هنا يمارس نشاطه.
قال «خالد»: لا بد أنَّهم يخشون شيئًا، وإلا ما حددوا الموعد هناك.
ثم أضاف بسرعة: سوف أنضم إلى المجموعة الثانية، ونظل في انتظارك، حتى تعود الليلة.
قال «أحمد»: أخشى ألا يكون هناك طيران الليلة!
قال «قيس»: لا بأس، فلتعد غدًا، ولا أظن أنَّ كل شيء سينتهي الليلة، فإذا كانت الأمور تحتاج أن تنتقل المجموعة إلى «فيلادلفيا» فأرسل إليهم.
انتظر «أحمد» قليلًا، ثم قال: أظن أنَّ هذا هو الحل الوحيد!
ثم نظر إلى «قيس»، وأضاف: هيَّا بنا إلى المطار!
قال «خالد» بسرعة: بل يجب أن تستقل تاكسيًا إلى هناك، فلا يجب أن نظهر معًا. في نفس الوقت، سوف أغادر السيارة، واتصل بمجموعة الشياطين.
فتح «أحمد» باب السيارة، وهو يقول: إذَن … إلى اللقاء.
ثم غادرها فورًا. ظلَّ الشياطين يراقبونه، حتى ظهر تاكسي … أشار إليه فتوقف … ثم اختفى داخله، وانطلق التاكسي في اتجاه المطار. فكَّر «خالد» قليلًا، ثم قال: يجب أن أتصل بالمجموعة، سوف أرسل نداءً على الموجة الخاصة.
وبسرعة، أخرج جهاز الإرسال، ودقَّ عدة دقات يعرفها الشياطين، ثم انتظر. لم تمر دقيقة حتى سجل الجهاز رسالة سريعة، تقول: إنَّ اللقاء في النقطة «ل»، ضغط زرًّا في تابلوه السيارة، فتحدَّدت نقطة، قال بعدها: إنَّهم لا يبعدون عنَّا كثيرًا.
ثم حدَّد ﻟ «قيس» مكان النقطة «ل». انطلق «قيس» بسرعة إليها. ولم تمر دقائق، حتى توقفت السيارة.
وقال «خالد»: سوف أنزل هنا، إننا نبعد عن النقطة بعدة أمتار.
ثم غادر السيارة بسرعة، فانطلق «قيس» مبتعدًا … أخذ «خالد» طريقه إلى النقطة المحددة.
كان يفكِّر: ينبغي أن أتصل الليلة بالصديق «جان فال»، فليس هناك وقت نضيعه، ومَن يدري؟! قد يختفي «ألفريد» ونفقد بداية الخيط!
ظلَّ في اتجاهه إلى النقطة «ل». انحرف يمينًا، ثم سار عدة خطوات، فظهرت حارة ضيقة جهة الشمال، انحرف إليها. ورأى بيتًا قديمًا من دور واحد، تحوطه حديقة صغيرة. قال في نفسه: هل يمكن أن يكون هذا البيت هو النقطة «ل»؟ وكيف عثر الشياطين على هذا البيت، الذي يصلح لأن يكون مقرًّا سريًّا. ابتسم بينه وبين نفسه. فجأةً، فُتحت نافذة، وجاء صوت «إلهام»، تقول: إنَّك لم تفقد الطريق.
نظر في اتجاه الصوت، كانت «إلهام» تقف في النافذة، مبتسمة، كانت تظهر من بين أغصان الأشجار التي تحوط البيت. نظر حوله بسرعة، ثم دخل من باب الحديقة، وما إنْ خطا عدة خطوات. حتى كان «بو عمير» يقف في باب البيت.
قال مُرحبًا: أوحشتني!
ثم تعانقا، ودخلا. عندما أغلق «بو عمير» الباب، كان «باسم» و«إلهام» يقفان أمامه.
قال «باسم» مبتسمًا: إنَّ الشياطين لا يفقدون طريقهم أبدًا.
حياه، بينما كانت «إلهام» تقول: عرفنا أنَّك غيرت جنسيتك.
ضحك «خالد»، وقال: نعم … من «سنغافورة».
قال «إلهام»: جنسية لا بأس بها.
قال «خالد»: إنَّهم في الغرب يعشقون الشرق، وعندما سمع العزيز «جان فال» أنني من «سنغافورة» رحَّب بصداقته لي فورًا.
جلس الشياطين الأربعة. وأخبرهم «خالد» بسفر «أحمد» إلى «فيلادلفيا». ثم بدأ يحكي لهم ما حدث عند نزولهم مطار «نيويورك». وكيف أنَّه لاحظ أنَّ موظف الجوازات ينظر إليهم باهتمام. ثم كيف استخدم التليفون. بعدها ظهرت حكاية اختفاء العميل. لكن الظروف ساقت له «جان فال»، وكيف تعرف به في الطريق إلى المطار. وعن طريقه عرف اسم الموظف «ألفريد». وحسب ترتيبات الشياطين، فقد أصبح «ألفريد» هو الشخصية الهامة في العملية كلها. فقد ظهر أنَّه عميل لعصابة «سادة العالم».
قال «باسم»: إذَن عليك أن تتعرف به.
قال «خالد»: الليلة سوف اتصل ﺑ «جان فال»، ثم أرى ما سوف يكون.
ثم أضاف: ما هي خطتكم؟
قال «بو عمير»: إنَّ خطتنا تتوقف عليك، فأنت الذي سوف تحدِّد لنا خطواتنا، بجوار رحلة «أحمد» السريعة إلى «فيلادلفيا».
مرَّت لحظات، قبل أن يقول «خالد»: إنني أحتاج لبعض الراحة الآن، حتى يحين موعد «جان فال».
ابتسمت «إلهام»، وقالت: لا بد أنَّك في حاجة إلى طعام الشياطين.
ظهرت الفرحة على وجه «خالد»، وقال: أعرف أنَّ هذه مسألة لا تفوتك، فهيَّا قدِّمي لي بعض الطعام.
قال «باسم»: بل هيَّا نتناول الغداء.
عندما انتهى الغداء. أسرع «خالد» إلى السرير، وألقى نفسه عليه، وهو يقول ﻟ «إلهام»: أرجو ألا تفوت الساعة التاسعة قبل أن أتصل ﺑ «جان فال».
ابتسمت «إلهام»، وهي تقول: إنني أعرف.
عندما دقَّت الساعة الثامنة، كان «خالد» يفتح عينَيه، وهو يقول لنفسه: لقد نمتُ جيدًا.
وعندما دقَّت الساعة التاسعة، كان يدير قرص التليفون، ويطلب «جان فال»، الذي جاء صوته سريعًا، يقول: أهلًا بصديقي «جيتري»، أتمنَّى أن أراك الليلة!
ردَّ «خالد»: أنا أيضًا أتمنَّى أن أراك يا عزيزي «جان»!
واتفقا على الموعد، ووضع السماعة. فقالت «إلهام» مبتسمة: الآن بدأت المغامرة.