فكرة مثيرة يطرحها «أحمد»
قال «إلهام»: ليس أمامنا ما نفعله الآن، فلماذا لا نقوم بجولة حرة في المدينة؟!
نظر الشياطين إلى بعضهم، فلم يكُن اقتراح «إلهام» وجيهًا. ابتسمت، ثم أضافت: لا بأس … هناك التمثال الأزرق الذي سيقدمه «خالد» ﻟ «ألفريد».
قال «باسم»: إذا كان يُباع في «أمريكا»، فما هي قيمته إذَن؟ إنَّ القيمة الحقيقية أن يأتي من الشرق.
ابتسمت «إلهام»، وقالت: إنَّ تمثال «جان فال» من «أمريكا» أيضًا، ففي «سان فرانسيسكو» توجد بها محلات خاصة لبيع مثل هذه التماثيل.
سكتت لحظة، ثم قالت: لا تظن أنَّ المواطن الأمريكي يعرف أمريكا جيدًا. تمامًا، كما أننا لا نعرف بلادنا جيدًا؛ فالسياح دائمًا أكثر معرفة.
قال «خالد» بهدوء: هذا صحيح. إذَن، عليك بالتصرُّف في الحصول على التمثال.
ابتسمت «إلهام»، وقامت فورًا إلى التليفون، ثم تحدَّثت إلى عميل رقم «صفر» هناك، وشرحت له المطلوب بالضبط. وعندما وضعت السماعة، نظرت إلى «خالد»، وقالت: غدًا سوف يكون التمثال تحت يدك، وتستطيع أن تحدِّد موعدًا مع «ألفريد».
قال «بو عمير»: هذا إذا عاد من «البرازيل»!
ظهرت الدهشة على وجه «خالد»، وهو يقول: ماذا تعني؟
ضحك «بو عمير»، وهو يجيب: لا شيء، إنَّها مجرد مداعبة!
إلا أنَّ «أحمد»، قال: قد تصبح المداعبة حقيقية؛ ففي عالم العصابات، تصبح الحياة شيئًا رخيصًا، فقد يذهب «ألفريد» إلى هناك ولا يعود فعلًا!
سيطر الصمت على الشياطين، لكن «إلهام» قطعته مداعبة: نحتاج إلى بعض التسلية، إنَّ بقاءنا في حالة انتظار يجعلنا في حالة ملل!
ثم ابتسمت قائلة: ما رأيكم؟ هل نستطيع أن ننزل إلى كافتيريا الفندق لنشرب الشاي؟
كان «أحمد» مستغرقًا في تفكير ما؛ فقد كانت هناك فكرة، بدأت تلحُّ عليه، لكنَّه لم يصرح بها للشياطين. فقد كانت الفكرة لم تكتمل بعد. في نفس الوقت، كان من الضروري أن ينال موافقة رقم «صفر» عليها. فلأول مرة يفكِّر «أحمد» بهذه الطريقة، وإذا تمَّ ما فكَّر فيه، فسوف تكون أول مرة يتصرف فيها الشياطين بهذا الأسلوب، لاحظ «بو عمير» استغراق «أحمد» في التفكير، فقال ضاحكًا: هل ذهبت إلى البرازيل؟
لم ينتبه «أحمد» لسؤال «بو عمير». في نفس اللحظة، لفت السؤال نظر الشياطين، فنظروا إليه، لكنَّه لم ينتبه إليهم أيضًا، وابتسم «باسم»، وهو يشير بيده إلى «أحمد»، وقال: هيه … أين أنت؟
انتبه «أحمد»، فابتسم وهو يقول: إنني أفكِّر في شيء ما!
سأل «خالد»: السفر إلى البرازيل؟!
قال «أحمد»، وهو يبدو شاردًا: أفكِّر في الاتصال برقم «صفر»!
ظهرت الدهشة على وجوه الشياطين. تساءل «بو عمير»: لماذا؟ إننا لم نصل إلى طريق مسدود بعد، ثم إننا لم ننتهِ من المغامرة.
نظر لهم. لكن نظرته استمرَّت بعض الوقت. فقالت «إلهام»: إنَّ ما تفكِّر فيه غريب وخطير!
ابتسم «أحمد»، وقال: هذا صحيح!
ثمَّ لم يكمل كلامه، انتظر لحظة، فضحك «باسم» قائلًا: إنَّ «أحمد» يتبع أسلوب الزعيم في تقديم النبأ.
ابتسم «أحمد» مرة أخرى، وهو يقول: هذا صحيح أيضًا، فأنا أريد أن أثيركم؛ لأنَّ خيالكم يجب أن يعمل معي وبسرعة.
ضحكت «إلهام»، وقالت: نحن لا نحتاج إلى إثارة جديدة؛ فالإثارة موجودة.
تنهَّد «أحمد» بشدة، ثم قال: إذَن، استمعوا إليَّ جيدًا، وأرجو ألا يقاطعني أحد حتى أنتهي من طرح فكرتي كاملة؛ فهي فكرة جديرة بالتنفيذ.
كانت هذه الكلمات كافية لأنْ ينتبه الشياطين تمامًا، في نفس اللحظة، دقَّ جرس التليفون. رفع «خالد» السماعة بسرعة، فجاء صوت يقول: السيد «جيتري» موجودًا.
ظهرت الدهشة على وجه «خالد»، في نفس الوقت الذي كان الشياطين يتابعونه، قال: مَن يريده؟!
كان يريد أن يُعطي لنفسه فرصة في سماع صاحب الصوت. وبسرعة، أدرك، فهتف بشكل تمثيلي: العزيز «ألفريد»، أهلًا بك، لم أكُن أتوقَّع سماع صوتك بهذه السرعة!
جاء صوت «ألفريد» يقول: ألم نتفق على أننا سوف نكون أصدقاء؟!
ضحك «خالد»، فقد شعر بسعادة غامرة، فها هو الصوت الذي يريد صاحبه.
نظر للشياطين؛ فوجدهم ينظرون إليه باهتمام شديد. قال: بالتأكيد، إنني في انتظار أنْ ألقاك.
قال «ألفريد»: وأنا أيضًا. ما رأيك في أن نتناول العشاء معًا غدًا؟!
ردَّ «خالد»: إنَّك أشد كرمًا منِّي، كنت أتمنَّى أن أكون صاحب الدعوة الأولى!
قال «ألفريد» ضاحكًا: لا تنسَ أنَّ لي عندك دعوة لزيارة بلادكم!
ضحك «خالد» ضحكة عالية، وأجاب: يا صديقي «ألفريد»، إنَّك تأسرني بكرمك الفياض، فقبولك دعوتي كرم منك.
ضحك «ألفريد» بقوة، وهو يقول: أنا سعيد بكلماتك، وإلى اللقاء في الغد!
ردَّ «خالد»: إلى اللقاء!
ثم وضع سماعة التليفون، ونظر إلى الشياطين. كانوا مستغرقين في التفكير. ابتسم قائلًا: ماذا هناك؟ لقد وقع الصيد بنفسه، وجاء إلى المصيدة بقدمَيه.
همست «إلهام»: وقد لا يقع!
كان «أحمد» شاردًا تمامًا. فقال «بو عمير»: ما رأيك في هذه المفاجأة؟!
نظر له «أحمد» لحظة، ثم قال بهدوء: إنَّها فعلًا مفاجأة جيدة، وسوف تصبح مثيرة جدًّا، عندما أشرح لكم فكرتي!
نظروا له جميعًا. فأخذ يوضِّح فكرته بترتيب دقيق. وكأنَّه أعدَّ خطة كاملة، فقد ذكر كل التفاصيل الدقيقة المطلوب تنفيذها. وعندما انتهى منها، لم يعلق أحد منهم، كانوا مستغرقين في التفكير؛ فالفكرة لا يمكن مناقشتها بسرعة، ظلَّ ينقل عينَيه بينهم، ثم تساءل: ماذا هناك؟
قال «خالد»: إنَّها فكرة غريبة فعلًا!
سأل «أحمد»: هل هي قابلة للتنفيذ؟!
أجاب «بو عمير»: طبعًا. فقط هي تحتاج فعلًا لموافقة الزعيم!
قال «أحمد»: إنني أخشى أن تضيع فرصة اللقاء الذي سيتم بين «خالد» و«ألفريد». في نفس الوقت، لا يجب أن نكون مطمئنين إليه، فعندما نتعامل مع أحد أفراد عصابة «سادة العالم»، فهذا يعني أن تفكِّر ألف مرة!
لم ينطِق أحد من الشياطين، كانت كلمات «أحمد» قد فتحت أمامهم ألف باب للتفكير. لكن «أحمد» قطع تفكيرهم بقوله: إننا يجب أن نستغل هذه الفرصة لأقصى حد، وكما شرحت لكم، يمكن أن يكون هذا اللقاء هو نهاية المغامرة، ونكون قد حقَّقناها بأسلوب جديد، ودون الدخول في صراع مع العصابة.
صمت لحظة، ثم قال: فلنأخذ الأصوات على الفكرة، قبل أن أعرضها على رقم «صفر»، مَن يبدأ؟
رفع «خالد» يده، ثم قال: أوافق!
ثم جاءت بقية الأصوات بالموافقة، فقال «أحمد»: إذَن، يجب أن أرسل إلى رقم «صفر» لنعرف رأيه.
أحضر «خالد» جهاز الإرسال، وبدأ «أحمد» يُملي الرسالة الشفرية الطويلة: «من ش ١٣ إلى ص» … ثم أخذ يشرح للزعيم فكرته كاملة؛ ولأنَّ الرسالة كانت طويلة، فقد استغرقت أكثر من نصف ساعة، وعندما انتهى منها، قال في نهايتها: الشياطين في الانتظار!
ظلَّوا حول الجهاز، في انتظار أن يأتيهم رد رقم «صفر». مرَّت دقائق، ثم جاءت رسالة الزعيم تقول: الرسالة تحت الدراسة، سوف أرد عليكم اليوم في الساعة الثامنة مساءً.
نظر الشياطين إلى بعضهم، فابتسمت «إلهام» قائلة: إنَّها فعلًا تحتاج إلى دراسة؛ فهي فكرة مثيرة للغاية.
قال «بو عمير»: أخشى أن تكون بداية صراع مباشر بيننا وبين العصابة.
ردَّ «أحمد»: إنَّ الصراع قائم فعلًا، أمَّا كونه مباشرة، فحتى نعرف للعصابة أننا نستطيع أن نتعامل بنفس أسلوبهم.
فجأةً، وقفت «إلهام» ضاحكة، وهي تقول: إنني في حاجة إلى فنجان شاي، وراحة عقلية، حتى الثامنة مساءً.
ووقف الشياطين جميعًا، وأخذوا طريقهم إلى كافتيريا الفندق، في انتظار الساعة الثامنة، ورد رقم «صفر».