واحد … بواحد!
عندما دقَّت الساعة الثامنة. كان الشياطين في غرفة «أحمد»، في انتظار رد رقم «صفر» … ولم تمضِ نصف دقيقة، حتى كان جهاز الإرسال يستقبل رسالة الزعيم، كان الشياطين في حالة صمت تام، وفي حالة استغراق في التفكير؛ فموافقة رقم «صفر» تعني أن تبدأ حالة صراع حاد مع العصابة. وإذا لم يوافق، فإنَّ المغامرة سوف تحتاج لبعض الوقت. كان «أحمد» يتابع حروف الرسالة الشفرية بتركيز شديد، ثم فجأةً، ظهرت ابتسامة هادئة على وجهه. جعلت الشياطين يتحقَّقون من رد الزعيم، فهذا يعني أنَّ الزعيم قد وافق على الخطة. انتهت الرسالة، فرفع «أحمد» وجهه، ونظر إليهم. وفي عينَيه معنى الانتصار، قال متسائلًا: ما رأيكم؟ أظن أنَّكم عرفتم الرد قبل أن تنتهي الرسالة.
ردَّ «بو عمير»: نعم، ولكن …
لم يكمل جملته، حتى ظهرت الدهشة على وجه الشياطين. وقال «باسم»: ولكن ماذا؟ ردَّ «بو عمير»: أرجو أن تفكِّروا في الأمر بهدوء. نفرض أنَّ العصابة رفضت. ما هو موقفنا؟! ردَّ «أحمد» بسرعة: لقد فكَّرت في ذلك قبل أن أطرح فكرتي، إنَّ العصابة لن ترفض لأننا نستطيع أن نحصل على الكثير من «ألفريد»، فالمؤكد أنَّه يعرف الكثير، وهي لن تضحِّي بأحد أعضائها ببساطة.
هزَّ «بو عمير» رأسه، وقال: علينا أن ننتظر، لقد كنت فقط أقلِّب الأمر في رأسي.
قال «أحمد» مبتسمًا: لا بأس، وهذه عادة الشياطين، وهذا أسلوبهم، أن يفكِّروا في أي موقف من كلِّ نواحيه.
ثم نظر إلى «خالد»، وقال: إنَّ السيد «جيتري» هو الأمل في تحقيق المغامرة الآن!
ابتسم «خالد»، وقال: بل السيد «بوذا» الأزرق، سوف يكون هو الأمل!
ضحكت «إلهام»، وهي تمزح: إنَّ السيد «بوذا» سوف يصل غدًا، قبل ذهابكم إلى العشاء الهام.
لم يكُن أمام الشياطين ما يفعلونه الآن. اقترح «باسم» مباراة في الشطرنج بين فريقَين … وتكون «إلهام» هي الحكم. وسوف يكون «باسم» و«خالد» معًا، و«أحمد» و«بو عمير» معًا. وجاءت رقعة الشطرنج، وجلس كل فريق أمام الآخَر. أمَّا «إلهام» فقد جلست تراقب المباراة. عندما دقَّت الساعة الحادية عشرة، كان «خالد» يقفز في الهواء صارخًا: لقد انتهت المباراة. كسب فريق «خالد» و«باسم» المباراة … وقالت «إلهام»: لقد كانت مباراة صعبة.
ابتسم «أحمد»، وهو يقول: إذَن، فسوف تنامان سعيدَين بالنصر!
علَّق «باسم»: لن أشعر بالنصر إلا عندما أقابل السيد «ألفريد»!
وانصرف الشياطين، كلٌّ إلى غرفته، في انتظار الغد. كان اليوم يبدو طويلًا. فقد كان على «خالد» أن يظلَّ في غرفته في انتظار مكالمة «ألفريد». أمَّا «إلهام» و«بو عمير» فقد ذهبا إلى المطار، لاستقبال تمثال «بوذا» الأزرق، القادم من «سان فرانسيسكو». كان الاثنان قد غيَّرا شكلهما بالماكياج، حتى لا ينكشف أمرهما، فقد خشيا أن يظهر «ألفريد» في المطار فجأة وتظهر مشكلة جديدة. وعندما تسلَّما التمثال من عميل رقم «صفر»، عادا مسرعَين إلى حيث ينتظر «خالد» في غرفته، ومعه «باسم» و«أحمد». كان التمثال يرقد في صندوق جميل الصنع. فتحه «خالد» بعناية، حتى لا يُصاب بشيء. وظهر تمثال «بوذا» الأزرق، كان فعلًا تمثالًا مثيرًا.
ابتسم «خالد»، وقال: لم يبقَ سوى المكالمة التليفونية.
ولم يكَد ينتهي من جملته، حتى رنَّ جرس التليفون، نظروا لبعضهم في دهشة، وأسرع «خالد» يرفع السماعة. فجاء صوت «جان فال» ضاحكًا: هذه مفاجأة، أليس كذلك؟
ردَّ «خالد»، محاولًا أن يكون سعيدًا: بالتأكيد!
قال «جان فال»: لقد طلب مني «ألفريد» أن أصحبك إليه في التاسعة مساءً، فهل أنت مستعد؟
نظر «خالد» إلى الشياطين، وهو يردِّد: بالتأكيد، سوف أكون في انتظارك!
وانتهت المكالمة، شعر «خالد» بالحيرة، بينما كان الشياطين ينتظرون ما سيقوله. وعندما أخبرهم، امتلأت وجوههم بالصدمة، إنَّ هذه عقدة جديدة. قال «أحمد»: هذه ليست مشكلة على أيَّة حال، فلا توجد مشكلة ليس لها حل.
استغرق الشياطين في التفكير، فإذا كان «جان فال» سوف يصحب «خالد» فهذا يعني أنَّهم لن يستطيعوا تنفيذ خطتهم. قطع «أحمد» الصمت، قائلًا: لا بأس، فليذهب «خالد» وسوف يكون لنا تصرُّف آخَر!
شرح لهم «أحمد» خطته الجديدة، التي سوف تجعل «خالد» في مأمن من أي تصرف. وكانت الخطة جيدة فعلًا، حتى إنَّ «بو عمير» هتف: إنَّها خطة مثيرة وجديدة!
في السادسة، بدأ «أحمد» يضع ماكياجًا مثل ماكياج «خالد»، حتى إنَّه أصبح من الصعب التمييز بينهما، وقال «أحمد»: هيا بنا الآن، سوف أخرج أنا و«بو عمير» و«خالد». أمَّا «باسم» فعليه أن يظل في صالة الفندق لمراقبة أي طارئ، و«إلهام» سوف تبقى في غرفتها كنقطة اتصال.
خرج الثلاثة بسرعة، واستقلوا السيارة إلى حيث يسكن «ألفريد». وعندما وصلوا هناك، تحدَّث «خالد» في جهاز الاتصال، وهو يقلِّد صوت «جان فال». وردَّ «ألفريد» وهو يُبدي دهشته؛ لأنَّ الموعد لا يزال مبكِّرًا. فقال «خالد»: إنَّه جاء لأمر خاص، وعندما فتح باب العمارة. دخل «أحمد» و«بو عمير»، وانصرف «خالد» بعد أن ترك السيارة قريبًا من العمارة. صعد الاثنان إلى الطابق الذي يسكنه «ألفريد»، ثم اقترب «أحمد» من الباب، ودقَّ الجرس. لحظة، ثم انفتح الباب، وظهر فيه «ألفريد» مبتسمًا. لكن «أحمد» عاجله بضربة قوية، دفعته إلى الخلف، فظهر «بو عمير» وأسرع هو الآخَر بالدخول، ثم أغلق الباب. كان «ألفريد» قد استجمع نفسه، ووقف مشدوهًا، نظر إليهما لحظة، ثم ركَّز إليهما لحظة، ثم ركَّز عينَيه على «أحمد»، وهو يتساءل: ماذا حدث يا عزيزي «جيتري»؟ ابتسم «أحمد» وهو يُخبره أنَّه ليس «جيتري». وفجأةً، كان «بو عمير» قد قفز فوقه، وأمسك به في قوة. وأسرع «أحمد» بوضع بعض المواد في أنفه، فغاب عن الوعي. كان ضوء النهار لا يزال في الوجود؛ فاقترح «بو عمير» أن ينتظر حتى يهبط الليل، وهناك ساعة واحدة، لذلك لا يزال هناك وقت على موعد «خالد» و«جان». انقضت الساعة ثقيلة بطيئة، وأخذ الظلام ينتشر في هدوء، حملاه واتجها إلى المصعد، ثم هبط بسرعة. كان من حُسن الحظ، أنَّ أحدًا من سكَّان العمارة لم يظهر. اتجها به بسرعة إلى حيث السيارة، وألقياه بداخلها، ثم انطلقا بها. كان «أحمد» يعرف المكان السري لعميل رقم «صفر» في «نيويورك»، فاتجه بالسيارة إلى هناك، ثم حملا «ألفريد» إلى داخل المكان. وعندما اطمأنَّا بالًا إلى كل شيء. أجرى «بو عمير» اتصالًا سريعًا ﺑ «إلهام»، وأخبرها بكل شيء. بعد دقائق، اقترح «أحمد» أن يعملا على إفاقته، حتى يُكملا الخطة. ولم تمُرَّ ربع ساعة، حتى كان «ألفريد» قد أفاق تمامًا. نظر إلى «أحمد»، وقال: إنني لا أفهم شيئًا.
شرح له «أحمد» الموقف تمامًا، وطلب منه أن يُجري اتصالًا سريعًا بالعصابة لتسليم عميل رقم «صفر» … وإلا فإنَّه سيختفي من الوجود. كان «ألفريد» ينظر إلى «أحمد» و«بو عمير» مشدوهًا، وكان يبدو وكأنَّه فقدَ القُدرة على الفهم. قال «أحمد» في جد: نفِّذ ما طلبته الآن، وإلا!
رفع «ألفريد» سماعة التليفون، وأدار القرص برقم سري. وعندما جاء الصوت على الطرف الآخر، انتظر «أحمد» لحظة. قال «ألفريد»: رقم ٧٠ يتحدث.
وعندما جاء صوت الطرف الآخَر. خطف «أحمد» السماعة، وتحدث، وقال: ينبغي أن تسمعني جيدًا، إنَّ رقم «٧٠» تحت أيدينا الآن، أنتم أخذتم رجلًا من رجالنا، ونحن معنا رجلًا من رجالكم، ما رأيكم في المقايضة؟!
مرَّت لحظة، قبل أن يقول الطرف الآخَر: مَن الذي يتحدث؟!
أجاب «أحمد» بأنَّه يعرف جيدًا، ثم أضاف: في السادسة صباحًا، سوف أراقب الشارع «٢٠» في المنطقة الخامسة، إذا وجدنا رجلنا، فسوف أرسل لكم رجلكم، وإذا مرَّت خمس دقائق فقط ولم يظهر رجلنا، فسوف نعرف كيف نحصل عليه، أمَّا رجلكم، فإنَّه سيكون قد اعترف بكل ما عنده.
ثم أغلق «أحمد» السماعة. ابتسم «بو عمير»، وهو يقول: إنَّ هذا تصرُّف رائع!
أرسل «أحمد» رسالة شفرية للشياطين، ليعرفوا كل شيء، وطلب أن يتصرف «خالد» بشكل عادي في لقاء «جان فال». أوثق «بو عمير» يدَي «ألفريد» وقدمَيه، ثم تناوبا الحراسة، حتى دقَّت الساعة الرابعة صباحًا. تحدَّث «أحمد» إلى «بو عمير» بلغة الشياطين. وأخبره أنَّه سوف ينصرف لمراقبة المكان المحدَّد، فإذا ظهر عميل رقم «صفر» سوف يرسل إليه إشارة سرية لإطلاق سراح «ألفريد»، وإذا لم يظهر، فسوف يعود إليه. ثم ترك المكان.
في شارع «٢٠»، كان «أحمد» يختفي خلف شجرة عتيقة، وهو ينظر إلى ساعة يده، عندما دقَّت الساعة الخامسة تمامًا، ظهرت سيارة سوداء، ثم توقَّفت، فُتح بابها. وظهر عميل رقم «صفر». انتظر «أحمد» لحظة، حتى ابتعد العميل قليلًا، ثم أرسل رسالة إلى «بو عمير». ولم تمضِ دقائق، حتى ظهر «ألفريد» هو الآخَر. كان العميل و«ألفريد» يقفان في منتصف الشارع. فكَّر «أحمد»: هل يمكن أن يُطلقا الرصاص عليهما معًا الآن؟ لكن فجأة، دوت صفارات عربة. فقد فكَّر «خالد» في هذا الاحتمال. اقتربت السيارة السوداء من «ألفريد»، ثم التقطته واختفت. في نفس اللحظة، كان الشياطين قد ظهروا في سياراتهم، التي كانت تطلق صفارات مميزة. توقفت عند العميل. فظهر «أحمد» بسرعة، وهو يُخفي ابتسامة، فقد استنتج أنَّ «خالد» سوف يفكر بهذه الطريقة. عندما ركبوا السيارة، أرسل «أحمد» رسالة سريعة إلى رقم «صفر»، الذي ردَّ يهنئه بالخطة، ونجاح المغامرة، ويطلب الحضور، ومعهم العميل.
وعندما كانوا يجلسون في الطائرة، عائدين إلى المقر السري، كانوا يضحكون … بينما «خالد» يحكي لهم تفاصيل لقائه ﺑ «جان فال»، وذهابهم إلى «ألفريد»، ثم عودتهما إلى منزل «جان فال»، الذي أخذ التمثال ليوصله إلى «ألفريد». واستغرق الشياطين في الضحك من جديد.