حال الحيوان
ولما استكملت الحياة إتقانه، وأحسنت القيام إحسانه، تحركت على الأرض فكانت حيوان، وانتقلت بالإرادة إلى كل عِيصٍ ومكان، فربض الوحشُ في الأحجار، وسكن الطيرُ في الأوكار، ونام السمك في الأبحار والأنهار، وهكذا سار البعض على الأربع وساح، والبعض خفق بالجناح على الرياح، والبعض في الماءِ سباح. ولما على مايدة الحياة أمكن التقاءُ الشديد بالضعيف، والثقيل بالخفيف، والكبير بالصغير، والطويل بالقصير، أنشأ الكل قتالًا وخصامًا، فكان كلٌّ لسواه طعامًا، وهاك أنيابًا تمزِّق تمزيقًا، ومخالبًا تشقق تشقيقًا، وأظفارًا تنشب نشبًا، وأطرافًا تضرب ضربًا، فعراك عظيم لا يخمد شراره، ونزال أليم لا يفتر أواره، والموت يفتك فتك الشجيع، وهو خاتمة الجميع.