حال الفتوة
هذا هو الدور الثاني للحياة الإنسانية، والمساحة الأولى لانتشار القوى العقلية، أو التل الأول في طريق الأجل، ومسلك العمل، فيصعد الإنسان عليه، وينظر العالم بعينيه، فيراه مشهدًا بديع الجمال، ومرسحًا تلعب به الآمال، وترقص فيه الملذات والأماني، وتحوم حولهُ البشاير والتهاني، فتشملهُ شمول هذا الظهور، وتلعب برأسه حمية هذه الأمور، فيبات سكران بالأفراح، ومأخوذًا برنين تلك الأقداح، فيبسمُ مدى الأوقات، ولا يعلمُ ما الآفات، إذ يظلُّ ملتفًّا بكساءِ الآمال، ومحتفًّا بأوهام الأعمال، فلا ينظر إلا إلى ذاته، ولا يحفل إلا بصفاته، هايمًا في ملاهي دنياه، ومتهافتًا على حداثة قواه. وهكذا فيهبط في وادي هذا العالم الملم، ويخبط في ذلك البحر الخضم، ولا يزال بين هبوب وانكباب، إلى أن ينشلهُ الصواب، ويدركهُ الشباب.