العلاج المعرفي والاضطرابات الانفعالية
«لقد افترض «فرويد» أن السلوك الشاذَّ له جذورُه في اللاشعور (اللاوعي)، وأن ما يبدو عبثًا ولا معقولًا على مستوى الشعور (الوعي) لا يعدو أن يكون مَظهرًا لدوافع لا شعورية باطنة. ولكننا نرى أن وجود التحريفات وخداع الذات لا يتطلَّب فرضية اللاشعور كما تَصوَّره فرويد؛ فبإمكاننا أن نفهم اللامعقولية كعجزٍ عن تنظيم الواقع وتفسيره.»
يقدِّم منهج العلاج المعرفي مدخلًا جديدًا في فهم الاضطرابات الانفعالية يقوم على أساس اعتبار الوعي مصدرَ الاضطراب، وليس اللاوعي أو اللاشعور كما تزعم النظرياتُ النفسية الكلاسيكية، التي تجعل الإنسان رهينَ تفاعلاتٍ كيميائية أو نزوات عمياء أو انعكاسات آلية. يُرجع العلاج المعرفي المشكلات النفسية بالأساس إلى تحريف الفرد للواقع ولَيِّ الحقائق بناءً على مقدِّمات مغلوطة، وافتراضات خاطئة، وأوهام ترسَّبت من تعلُّم خاطئ أثناء مراحل نموِّه المعرفي؛ ومن ثَم على المريض إدراك أن اضطرابه لا يعدو أن يكون ضربًا من ضروب سوء الفهم، وعلى المعالِج أن يساعده على كشف مغالَطاته الفكرية وتعلُّم طرائق بديلة أكثر واقعيةً لصياغة خبراته.