نجيب مِتري
يرثي الشاعر صديقه المرحوم نجيب متري صاحب مكتبة المعارف، وقد توفي سنة ١٩٢٨م.
قُمْ وَانْثُرِ الزهْرَ عَلَى لَحْدهِ
وَابْكِ مَضَاءَ الْعَزْم مِنْ بَعْدِهِ١
هذَا «نَجِيبُ» قَدْ ثَوَى مُفْرَدًا
كَأنَّهُ الصمْصَامُ في غِمْده٢
مَقْصَدُهُ ضَاقَ بِه جِسْمُهُ
وَنَفْسُهُ أَكْبَرُ مِنْ قَصْدِهِ٣
كانَ عِصَامِيًّا بَعِيدَ الْمَدَى
لا يَبْلُغُ الطرْفُ مَدَى حَدِّهِ٤
يعْمَلُ كالنحْلِة لا يَنْثَني
وَكَمْ جنَيْنَا الْحُلْوَ مِنْ شَهْدِهِ٥
ملَّ نَهَارُ الْقَيْظِ مِنْ كدَهِّ
ِوَضَجَّ نَجْمُ الصُبْحِ مِنْ شُهْدِهِ
رَأْيٌ يُريكَ اللَّيْلَ شمْسَ الضُحى
وَهِمَّةٌ كَالنجْم فِي بُعْدِهِ
وَطُهْرُ نَفْسٍ إنْ تُرِدْ وَصْفَهْ
فَانْظُرْ إلى الطَلِّ عَلَى وَرْدِهِ٦
كانَ أبًا بَرًّا يَعافُ الكَرَى
لَوْ مَرَّتِ الريحُ عَلَى وُلْدِهِ٧
عَلَّمَهُمْ كَيْفَ يُحِبُّونَهُ
وَكَيْفَ يَبْكُونَ عَلَى فَقْدِهِ
لا بَرَحَتْ ذِكْرَاهُ مِلءَ النهَى
ولا خَلَا مَغْنَاهُ مِنْ مَجْدِه٨
هوامش
(١) اللحد: الشق في جانب القبر، والمراد القبر نفسه. المضاء: النفاذ
والحدة. العزم: الإرادة القوية.
(٢) ثَوى: أقام. الصمصام: السيف الصارم القاطع الذي لا ينثني.
(٣) المقصد والقصد مصدر قصدت الشيء وله وإليه أي: طلبته
بعينه.
(٤) عصاميًّا: معتمدًا على نفسه عظيمًا بأعماله. المدى: الغاية.
الطرف: العين. حد الشيء: منتهاه.
(٥) لا ينثني: لا ينصرف عن غايته.
(٦) الطل: الندى يكون في الصباح فوق أوراق الزهر والشجر.
(٧) الكرى: النعاس.
(٨) النهى: جمع نهية وهي العقل. المغنى: المنزل.