وَصِيَّة
عرض على الشاعر بعض أصدقائه قطعة نثرية باللغة الفرنسية يوصي فيها كاتبها ابنته بالتحلي بكريم الصفات، ثم طلب إليه أن يقول شعرًا على مثالها، فنظم هذه القصيدة في سنة ١٩١٨م.
يَا بْنَتِي إنْ أردْتِ آيةَ حُسْنٍ
وجَمالًا يَزِينُ جِسْمًا وعَقْلا١
فانْبِذِي عادةَ التَّبرجِ نَبْذًا
فجمالُ النُّفوسِ أسْمَى وأعْلَى
يَصْنَع الصَّانِعُون وَرْدًا ولَكِنْ
وَرْدَةُ الرَّوض لا تُضَارَعُ شَكْلا
صِبْغَةُ اللِه صِبْغَةٌ تَبْهَر النَّفـ
ـسَ، تعالى الإلَهُ عَزَّ وجَلَّا
ثمَّ كُوني كالشَّمس تسْطَع للِنَّا
سِ سَواءٌ: مَنْ عَزَّ مِنْهُم وَذلّا
فامْنَحِي المُثْرِيَاتِ لِينًا ولُطْفًا
وامْنَحِي البائساتِ بِرًّا وفَضْلًا
زِينَةُ الوَجْه أَن تَرَى العَيْنُ فيه
شَرَفًا يَسْحَرُ العُيُونَ ونُبْلًا
واجعَلِي شِيمةَ الحَيَاء خِمارًا
فَهْوَ بالْغَادة الكَريمةِ أَوْلَى٢
ليس لِلْبِنْت في السَّعادة حَظٌّ
إن تَنَاءَى الحياءُ عَنْها ووَلَّى
والْبسِي مِنْ عَفَاف نَفْسِكِ ثوْبًا
كلُّ ثَوْبٍ سِوَاه يَفْنَى ويَبْلَى
وإذا ما رأَيتِ بُؤْسًا فَجُودِي
بدُموع الإحْسان يَهْطِلْن هَطْلا٣
فدُمُوع الإحسان أنْضَر في الْخدِّ
وأَبَهى من اللآلِي وأغْلَى
وانظُرِي في الضَّمير — إن شِئْتِ مرآ
ةً — ففيه تبدُو النفوسُ وتُجْلَى
ذاكِ نُصْحِي إلى فتَاتِي وسُؤْلي
وابْنَتي لا ترُدّ للأَب سُؤْلا
هوامش
(١) الآية: العلامة.
(٢) الشيمة: السجية والطبع. الخمار: ما تغطي به المرأة رأسها
ووجهها.
(٣) يهطل: ينصب انصبابًا في تتابع وكثرة.