ضنَّ الشعر بالمديح (عام ١٩٤٥م)
قد قرأنا الحياةَ سَطْرًا فسطرًا
وشهِدْنا صروفَها ألوانَا١
ورأينا المِقْدامَ يسمو إلى العزْ
زِ ولا يرتضي النجومَ مكانا٢
ولمحنا بجانبيه أُناسًا
قُتِلوا ذِلَّةً وماتوا هوانا
إنَّما المَنْصِبُ الكريمُ بمن فيـ
ـه، وليس القَنَاةُ إلَّا سِنانا٣
قد حَبسْنا المديحَ عن كلِّ مُسْتا
مٍ، وأَجْدِرْ بشعرنا أنْ يُصانا٤
لا تزينُ العقودُ جيدًا إذا لم
يَكُ، بالحسن قبلَها مُزدانا
رُبَّ دُرٍّ لاقَى من الصدرِ دُرًّا
وجُمانٍ في النَّحْرِ لاقى جُمَانَا!٥
لو مدحنا من لا يَحِقُّ له المد
حُ لوَى الشعرُ رأسه فهجانا
الرسولُ الكريمُ أنطق حَسّا
نًا، ولولاه لم يكُن حَسّانا٦
وابنُ حَمْدانَ لقَّنَ المتنبِّي
غُرَرَ المدحِ في بني حَمْدانا٧
يصدُق الشعرُ حينما يصدُق النا
سُ فيشدو بمدحِهم نَشْوانا٨
وإذا عزّتِ المكارمُ ولّى
مُطرِقَ الرأسِ واجمًا خَزْيانا
ومضَى يشتكي الزمانَ ويبكي
دارساتِ الطُّلولِ والأُظعانا٩
فإذا شئتَ أن أكونَ زُهَيْرًا
فأَعِنِّي وهاتِ لي ابنَ سِنانا١٠
هوامش
(١) صروفها: أحداثها.
(٢) يسمو: يعلو ويرتفع.
(٣) القناة: الرماح. سنانا: سنان الرمح.
(٤) حبسنا المديح: منعنا الثناء. مستام: الذليل المهان.
(٥) در: لؤلوي ثمين. جمان: حبة من الفضة.
(٦) حسان: حسان بن ثابت شاعر الرسول، عليه الصلاة والسلام.
(٧) ابن حمدان: سيف الدولة الحمداني. المتنبي: أبو الطيب أحمد
المتنبي الشاعر العربي العظيم. غرر: جمع غرة، أوائل.
(٨) نشوانًا: فرحًا.
(٩) دراسات الطلول: بقايا الأطلال. الأظعانا: المسافرات.
(١٠) زهيرًا: هو زهير بن أبي سلمى الشاعر الجاهلي العظيم مدح هرم بن
سنان لكرمه وفضله ومروءته.