العناصر الثلاثة: التحفظات والاعتلالات المصاحبة والتعويض
بعد أن وصلنا إلى هذه النقطة، قد يتساءل القارئ لماذا زُعم أن عسر القراءة خرافة! تكمن المشكلة في أنه لا يمكن حصر عسر القراءة في فئة واحدة؛ فهو يمتد على طول نطاقٍ أو طيف. حتى وإن كان من الصعب أن نلتزم الدقة بشأن معايير تعريف عسر القراءة (تمامًا كما سيكون من الصعب وضع قواعد محددة وثابتة لتشخيص السمنة)، ثمة أسس نظرية وأخلاقية قوية لاستخدام تسمية «عسر القراءة» للإشارة إلى الأشخاص الذين يعانون من صعوبات القراءة الشديدة والمستمرة. علاوة على ذلك، يوجد الكثير من الأدلة التجريبية التي تبرر تسمية عسر القراءة بهذا الاسم.
كوردة تنبت بين الأشواك، انبثاق تعريف عملي لعسر القراءة
في عام ٢٠٠٩، نشر السير جيم روز مراجعة بعنوان «تحديد الأطفال والشباب الذين يعانون من عسر القراءة وغيرها من صعوبات تعلم القراءة والكتابة، والتدريس لهم». اعتمدت هذه المراجعة المستقلة لحكومة المملكة المتحدة على أفضل الأدلة والممارسات المحيطة بطبيعة عسر القراءة وعلاجه، وأخذت في الاعتبار عدة مئات من الطلبات والاقتراحات المقدَّمة من أولياء الأمور والمدرسين وأصحاب المصالح الآخرين. بعد التعامل مع مشكلة التعريف، اقترحت مجموعة المراجعة تعريفًا عمليًّا من خمس نقاط ليكون إطارًا مفاهيميًّا يجمع بين تدريس القراءة والكتابة لجميع الأطفال الذين يتلقون تدخلات للتغلب على عسر القراءة. وقد استرعى التعريف الاهتمام، وحظي بالإشادات على المستوى الدولي، وسنستخدمه هنا من أجل تلخيص الموضوعات المهمة التي تناولناها خلال هذا الكتاب.
«يؤثر عسر القراءة بشكلٍ أساسي في المهارات التي تتضمنها قراءة الكلمات وتهجئتها بسلاسة.»
- خفيف: يمكن تعويضه عند توفير الترتيبات اللازمة.
- متوسط: يتطلب فترات من التدخل والترتيبات المكثفة.
- شديد: يؤثر عادة في العديد من المهارات الأكاديمية حتى في ظل التدخل، وهو ما ينجم عنه صعوبات في الأداء، لا سيما خلال سنوات المدرسة
هذه المستويات مفيدة في تحديد مَن يحتاج إلى دعم متخصص، ومن سيكون قادرًا على التكيف بشكلٍ ملائم في المدرسة أو في مكان العمل عند توفير الترتيبات المناسبة.
«تتمثل السمات المميِّزة لعُسر القراءة في إيجاد صعوبات في الأنشطة التي تقيس مهارات الوعي الصوتي والذاكرة اللفظية وسرعة المعالجة اللفظية.»
يصف الجانب الثاني من تعريف روز الجوانب الرئيسية للسمات السلوكية لعسر القراءة، ويقدم نظرة ثاقبة لأسبابه المحتملة. بعبارة أخرى، العجز الصوتي في عسر القراءة عبارة عن صعوبات في التعرف على الأصوات في الكلمات المنطوقة واستيعابها (الوعي الصوتي)، وهو ما يعيق اكتساب مهارات القراءة (والتهجئة) مباشرة. لقد رأينا أن هذا العجز الصوتي ظاهرة عامة، ويُعد الوعي بالكلام المنطوق في اللغات المختلفة (حتى في اللغة الصينية) مؤشرًا على الفروق الفردية في تطور القراءة. ويترتب على ذلك أن العجز الصوتي سيعرقل عملية تعلم القراءة.
قصور الذاكرة اللفظية قصيرة المدى هو أيضًا من السمات المعروفة لعسر القراءة. تتطلب الذاكرة اللفظية مدخلات لغوية ومخرجات كلامية (كلامًا منطوقًا) وتعتمد على نفس الآليات المستخدمة في عملية تحويل النص المكتوب إلى كلام منطوق. منذ بضع سنوات مضت، قدمت أنا وتشارلز هولم وصفًا لطفلٍ يعاني من عسر القراءة الشديد، يُدعى «جيه إم»، وكان ذكيًّا للغاية، ويتمتع بحصيلة مفردات ممتازة، ولكنه لم يكن يستطيع القراءة أو تكرار الكلمات الزائفة، وكانت تهجئته سيئة للغاية، وذاكرته اللفظية لا تسع إلا عنصرين فقط. وقد قال لي وهو شاب: «القراءة ليست مشكلة، لكنني أجد صعوبة بالغة في تذكُّر المهام المطلوبة مني في العمل.» وأخيرًا، توجد مجموعة كبيرة من الأدلة التي توضح أن صعوبة المعالجة اللفظية، والذي يمكن اكتشافه باستخدام مهام التسمية السريعة، تُعد أيضًا من الصعوبات العامة التي تواجه المصابين بعسر القراءة.
«يمكن أن يؤثر عسر القراءة في أشخاص لهم قدرات عقلية مختلفة؛ لذا من الأفضل التفكير فيه باعتباره مرضًا له طيف أو نطاق، ولا يندرج تحت فئة محددة، وليس له حدود واضحة.»
في الدوائر البحثية، غالبًا ما يُشار إلى حالة عسر القراءة على أنها الانخفاض عن متوسط مستوى القراءة مقارنة بالسن بمقدار انحراف معياري واحد على الأقل. يمكن القول إن هذا الحد متساهل لأنه يتضمن ١٦ في المائة من السكان، بعض الدراسات البحثية استخدمت انحرافات معيارية مقدارها ١٫٥ دون المتوسط، أي إن سبعة في المائة فقط من السكان يقل أداؤهم عن المتوسط. في المقابل، تضع بعض السلطات التعليمية الحد الفاصل عند نسبة الخمسة في المائة (خمسة في المائة فقط من الأطفال يقل أداؤهم عن المتوسط) قبل أن يحصل الأطفال على دعمٍ من المختصين. نظرًا إلى أن ضعف القراءة يؤثر بالسلب في الإنجاز وجودة الحياة، فإن هذا يُعد أمرًا قاسيًا: فباستخدام هذا الحد الفاصل، سيُستبعَد العديد من الأطفال الذين يحتاجون إلى مساعدة.
ثمة تعقيد آخر. توجد عناصر أخرى مهمة تحدد موضع الأشخاص على مقياس القراءة، أحد هذه العناصر هي اللغة المنطوقة، وهي تُعد أساس القراءة. أشار تجميعنا للأدلة حول العلاقة بين عسر القراءة واعتلال اللغة النمائي إلى أن كليهما توجد بينهما عوامل خطر مشتركة تؤدي إلى ضعف القراءة. وقد أكدت نتائج مشروع ويلكوم للغة والقراءة لاحقًا أن الأمر كذلك. تُعد الجوانب الصوتية للغة مثل الوعي الصوتي أساس عملية تعلم القراءة. ومع ذلك، فإن المهارات اللغوية الشفهية الأوسع، وفي ذلك المفردات والقواعد، تعد أسسًا مهمة للفهم القرائي.
«يمكن ملاحظة الصعوبات المتزامنة في جوانب اللغة والتنسيق الحركي والعمليات الحسابية العقلية والتركيز والتنظيم الشخصي، لكنها ليست علامات على عسر القراءة في حد ذاتها.»
الاعتلال المصاحب مصطلح طبي يُستخدَم عندما يحدث مرض أو أكثر بالتزامن مع مرض أساسي. استعان الباحثون في مجال عسر القراءة بالمصطلح للإشارة إلى أن حقيقة أن أمراض النمو العصبية تحدث بالتزامن غالبًا، إلى درجة أنه يقال في الكثير من الأحيان إن «الاعتلال المشترك هو القاعدة». ثمة نمطان مختلفان من الاعتلال المشترك يثيران اهتمامنا هنا. أولًا: عندما يكون أحد الاعتلالين ممهِّدًا للآخر، ويسبقه في الزمن. ومن الأمثلة على ذلك، عندما يصبح طفل مصاب باعتلال اللغة النمائي مصابًا بعسر القراءة (علاقة سببية)، وثانيًا: عندما يحدث مرضان منفصلان بالتزامن في آنٍ واحد. على سبيل المثال، الطفل نفسه قد يُصاب بمرضين منفصلين، مثل عسر القراءة وخلل التناسق (التآزر) النمائي (علاقة ترابطية).
ومثلما أن عسر القراءة له جوانب متعددة، فكذلك هو الحال مع أمراض النمو العصبية: تشير مراجعة روز إلى الصعوبات اللغوية وصعوبات التناسق الحركي بدلًا من استخدام المصطلحين التصنيفيين: «اعتلال اللغة النمائي» و«خلل التآزر النمائي». وتستخدم أيضًا المصطلحين: العمليات الحسابية العقلية والتركيز والتنظيم الشخصي بدلًا من عسر الحساب واضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه. النقطة المهمة هي أنه على الرغم من أن أيًّا من هذه الصعوبات ليست أساسية في تعريف عسر القراءة أو تشخيصه، فإن وجود واحدة أو أكثر من شأنه أن يُصعِّب فهم كيفية تأثير عسر القراءة في الفرد.
يمكن رؤية الأمر من منظور مختلف أيضًا، وهو أن هناك عوامل مشتركة تزيد من خطورة الإصابة باضطرابات النمو العصبي؛ فضعف المهارات الصوتية أحد العوامل التي تزيد من خطورة الإصابة بضعف القراءة — ويُلاحظ هذا في الأطفال المعرضين لخطر الإصابة بعسر القراءة بسبب تاريخهم العائلي، وكذلك في الأطفال الذين يعانون من صعوبات لغوية في مرحلة ما قبل المدرسة — كما يُعد ضعف الذاكرة اللفظية من العوامل المؤدية إلى ضعف التحصيل الرياضي المشترك بين عسر الحساب وعسر القراءة. بعض الأطفال المصابين بعسر القراءة يعانون من ضعف المهارات الصوتية وضعف الذاكرة اللفظية؛ فليس من الغريب أن يعاني نحو ٤٥ في المائة من الأطفال المصابين بعسر القراءة من ضعف المهارات اللغوية، ونحو ٤٥ في المائة من ضعف الحساب.
«يمكن الحصول على مؤشر جيد حول شدة الصعوبات المتعلقة بعسر القراءة واستمرارها من خلال دراسة الكيفية التي يستجيب بها الفرد للتدخل القائم على أسسٍ متينة، أو استجاب بها في الماضي.»
ينطلق التدخل القائم على أسس نظرية متينة من نموذج سببي للعجز. يرجع السبب الأساسي لعسر القراءة إلى عجز صوتي؛ ولهذا من الضروري اختيار أسلوب تدخل يعزز المهارات الصوتية التي ترتبط ارتباطًا مباشرًا بفك الرموز. لكننا نعلم من التجارب المضبوطة أن التدريبات المتعلقة بمهارات الوعي الصوتي غير كافية. فالتدخلات الأكثر نجاحًا تتضمن أيضًا عناصر تهدف إلى تطوير طلاقة القراءة، ومنها على سبيل المثال، تدخل هاتشر لتحسين مهارات القراءة في المملكة المتحدة، والمناهج متعددة العناصر لمورين لوفيت وزملائها في كندا. من الأمور الحاسمة بالنسبة إلى جميع هذه الأساليب الفعالة مراقبة التقدم الذي يحرزه كل طفل على حِدة باستخدام نهج الاستجابة للتدخل. تؤدي الأمراض المصاحبة إلى تعقيد الموقف، ونحن لم نفهم بعدُ أفضل السبل للتعامل مع هذه الأمراض عند الأطفال الذين يعانون من عسر القراءة. هناك الكثير من الأبحاث الجارية، لكن حتى الآن لا توجد حلول واضحة.
عِدة مخاطر وعِدة مسارات
في ورقة بحثية بارزة صدرت عام ٢٠٠٦، ذكَّرنا بروس بنينجتون بأن أسباب اضطرابات مثل عسر القراءة معقدة، وتعتمد على تفاعل عوامل وراثية وبيئية متعددة. وفقًا لمنظوره المؤيد لوجود عدة عوامل مؤثرة، فإنَّ عوامل الخطر وعوامل الحماية تؤثر في تطور الوظائف المعرفية، وهو ما يؤدي بدوره إلى ظهور الأعراض السلوكية التي تحدد الاضطرابات. والأهم من ذلك أنه ذكر أنه لا يوجد عجز واحد يكفي لتفسير تطور الاضطراب. في معظم هذا الكتاب، تناولنا العجز الصوتي باعتباره العجز الأساسي الوحيد لهذا المرض. غير أن تناولنا للعوامل البيئية والأمراض المصاحبة والموارد التعويضية (ويتضمن ذلك التدخل) تؤكد وجود تحفظات مهمة على ذلك. وليست مناقشة هذه العوامل والأمراض والموارد التعويضية محور التركيز في هذه المقدمة القصيرة جدًّا، لكن هناك بالتأكيد عدة طرق يمكن أن يصبح من خلالها الفرد مصابًا بعسر القراءة، كما أن هناك العديد من العوامل المختلفة التي تؤثر في التحصيل الدراسي للأشخاص المصابين بعسر القراءة وجوانب حياتهم.
هل يتناسب هذا الرأي مع ما هو معروف عن الأسس البيولوجية لعُسر القراءة؟ نحن نعلم أن العديد من الجينات ذات التأثير المحدود ترتبط بعسر القراءة كما أن العديد من هذه الجينات ترتبط باضطرابات مرتبطة بعسر القراءة مثل اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه. حتى في داخل العائلة «المصابة بعسر القراءة» يمكن أن تختلف مجموعة الجينات التي تساهم في حدوث الاضطراب نفسه بين الأفراد، فقد يرث بعض أفراد الأسرة من الجينات المرتبطة بعُسر القراءة عددًا أكبر مما يرثه غيرهم. وبالمثل، توزَّع الجينات المرتبطة بالسمات المتزامنة بين أفراد العائلة.
هل توجد مؤشرات حيوية لخطر الإصابة بعسر القراءة؟
ثمة عنصر آخر يتعين علينا تناوله، وهو يرتبط بالدماغ نفسه. ثمة ادعاء شائع يفيد بأن مناطق اللغة، في النصف الأيسر من الدماغ، المسئولة عن القراءة تُظهر اختلافات تركيبية ووظيفية في حالة عسر القراءة. في عام ٢٠٠٢، أفاد الباحثون في ولاية تكساس بحدوث تغييرات في هذه المناطق عينها بعد ٨٠ ساعة من التدخل المكثف لدى ثمانية طلاب مصابين بعسر القراءة. قبل التدخل، أظهر الأطفال «نمط نشاط الدماغ» النموذجي المرتبط بعسر القراءة والمتمثل في انخفاض النشاط في المناطق الخلفية، التي تقع في النصف الأيسر من الدماغ مع زيادة النشاط في مناطق مماثلة في النصف الأيمن من الدماغ. بنهاية برنامج التدخل، ازداد النشاط في المناطق الواقعة في النصف الأيسر من الدماغ، وقد ارتبطت الزيادة بتطور مهارات القراءة. على الرغم من أن هذه البيانات تتماشى مع الفرضية السببية المتمثلة في وجود عجز في النصف الأيسر من الدماغ في حالة عسر القراءة، فإنها ليست قاطعة بأي حالٍ من الأحوال لأسبابٍ ليس أهونها أن حجم العينة كان صغيرًا. من سوء الحظ أن معرفتنا بأنظمة التعويض في الدماغ غير كافية، وما زلنا في حاجة إلى معرفة المزيد عن الاختلافات الفردية في تركيب الدماغ ووظيفته في حالة عسر القراءة قبل التدخل لتحسين مهارات القراءة. فعلاقات الارتباط المماثلة لما ذُكر في الأبحاث والدراسات المتعلقة بعسر القراءة لا تسمح لنا بتحليل الأسباب والنتائج بالتفصيل، ولا يزال أمامنا طريق طويل من فهم الارتباط بين اختلافات الدماغ في عينة تمثيلية من الأطفال وبين العوامل المعرفية الراسخة التي ترتبط سببيًّا بعسر القراءة. التفسير البديل للنتائج الحالية هو أن الاختلافات في التعلم، سواء في السنوات الأولى أو بعد تدريس القراءة، تشكِّل الدماغ نفسه.
وأخيرًا: ماذا عن المصطلح الآن؟
قبل بضع سنوات، اجتمع فريق دولي من الخبراء في المملكة المتحدة للنظر مرة أخرى في الأدلة البحثية التي تحيط «بعسر القراءة» ومناقشة الاصطلاح. وكانت نتيجة الاجتماع تأكيد التعريف العملي الذي اقترحه جيم روز عام ٢٠٠٩، لا سيما تأكيد أهمية رصد مدى الاستجابة للتدخل. يبدو أنه من المناسب أن نعيد تأكيد التوصية التعليمية التي قدمتها مراجعة روز بهدف توجيه السياسات والممارسات العملية: «يتعين على جميع المدارس الحصول على مساعدة متخصصة عند تدريس الطلاب المصابين بعسر القراءة.»
دعونا ننهي الكتاب بالعودة إلى أبطالنا الذين اصطحبناهم خلال رحلتنا، ومعرفة ما إذا كان مصطلح «عسر القراءة» مناسبًا لهم أم لا. يواجه بوبي صعوبات في تعلم القراءة، وتتطور لديه مشكلات سلوكية. بالنسبة إليه، يُعد مصطلح «عسر القراءة» هو مفتاح الحصول على الدعم المستمر الذي يحتاج إليه، وسوف يساعده والآخرين على فهم أن إحباطه هو سبب انفعالاته السلوكية، وأن تهريجه وسوء سلوكه ما هما إلا وسيلة لحفظ ماء الوجه. على المدى الطويل، لا بد أن يكون أهلًا للحصول على الترتيبات المناسبة لدعم تقدمه في العلوم والرياضيات، إذا كان يريد ممارسة مهنة في واحد من هذه المجالات. أما بالنسبة إلى ميشا، فإن اكتشاف الأسباب الكامنة وراء الصعوبات التي تواجهها في القراءة والتهجئة البطيئة وإدراك المعلمين أنها ليست كسولة من شأنه أن يبعث ميشا على الارتياح. وقد سرَّها معرفة أن عسر القراءة لديها خفيف، كما أنها لا تجد غضاضة في التصريح بأنها لا تحب الرياضيات في العلن. والميزة الإضافية أنها أصبحت الآن أقل قلقًا، وزاد دافعها إلى النجاح. بالنسبة إلى هذين الطفلين، سيصبح عسر القراءة جزءًا من هويتهما وخطوة مهمة في تعزيز قدرتهما على الصمود في عالم يقدِّر القراءة والكتابة. واجه هاري تحدياتٍ أكاديمية طوال حياته، لكنه تمكَّن من تحقيق النجاح. وهو يعتقد أنه لولا القوة التي استمدها عند اكتشاف أنه يعاني من عسر القراءة، والدعم الذي تلقَّاه نتيجة ذلك؛ لما تمكن من تحقيق النجاح. وهو الآن يسعى للحصول على الدعم لمواجهة الصعوبات الأخرى التي يواجهها، ويتضمن ذلك مشكلات انتباهه. يجب ألا يخفق الأشخاص الذين يعانون من عسر القراءة في نظامنا التعليمي، وينبغي ألا يضطر الآباء إلى المكافحة كي ينال أطفالهم احتياجاتهم. فثمة أدلة علمية قوية على وجود عسر القراءة، وتكشف الأبحاث عن الطرق التي يختلف بها الأفراد الذين يعانون من عسر القراءة بعضهم عن بعض، كما تساعد على توفير تدخلات فعالة. ولما كانت تسمية عسر القراءة طريقة مهمة للحصول على الإجماع العلمي، وضمان حصول الأطفال والبالغين الذين يعانون من عسر القراءة على الدعم الذي يحتاجون إليه، فلا بد إذن من وجود مصطلح يشير إليها.