المسألة الرابعة والمائة
ما السبب في قلق من تأبَّط سَوْأَة، واحتضن ريبة، واسْتَسَرَّ فاحشة؟ حتى قيل، من أجل ما يبدو على وجهه وشمائله: كاد المريب يقول خذوني، وما هذا العارض؟ ومن أين مَثَاره؟ وبأي شيء زواله؟
الجواب
قال أبو علي مسكويه، رحمه الله:
هذه المسألة إنما تعترض الحيرة فيها لمن لا يعترف بالنفس، وأن حركات البدن الاختيارية كلها إنما تكون بها ومنها، فأما من عَلِم أن النفس هي المدبِّرة لبدن الحي ولا سيما الإنسان المختار الذي مدبِّره النفس المميِّزة العاقلة فلا أعرف لحيرته وجهًا، وذاك أن النفس إذا عرفت شيئًا واستعملت ضد ما يليق بتلك المعرفة لَحِقَها من الاضطراب ما يلحق الطبيعة إذا كانت حركتها يمنة، فحُرِّكت يسرة بقوة دون قوتها أو مساوية لها؛ فإن الاضطراب يظهر هناك مثل ما يظهر ها هنا.