المسألة الثالثة والسبعون والمائة
وسألتَ — أيَّدك الله — عن آلام الأطفال ومن لا عقل له من الحيوان وعن وجه الحكمة فيه.
الجواب
قال أبو علي مسكويه، رحمه الله:
أما هذه المسألة فإنها تتوجه إلى من أثبت جميع الأفعال التي ليست للناس منسوبةً إلى الله تعالى ولم يعترف بأفعال الطبيعة ولا بأفعال الأشياء التي هي وسائط بيننا وبين الله تعالى؛ فإن المتكلمين كالمجمعين على أن الحرارة والإحراق وسائر أفعال الطبائع — وما ننسبه نحن إلى الوسائط التي فوَّض الله إليها تدبير عالمنا من الأفلاك والكواكب — كلها أفعال الله تعالى بلا واسطةٍ يتولاها بذاته.
وفي مناقضة هؤلاء القوم طولٌ؛ فإن أحببتَ أن أُفْرِدَ له مقالةً أو كتابًا فعلتُ.
فأما من زعم أن النار إذا جاوزت النِّفْط ألهبته، وإذا جاورت الماء أسخنته، وكذلك كل عنصر وركنٍ، وكل شعاعٍ وأثرٍ ممتدٍّ من العلو إلى أسفل؛ فإنه يؤثر في جميع ما يقابله آثارًا مختلفةً: إما لاختلاف الفواعل، وإما لاختلاف القوابل؛ فإن هذه المسألة غير لازمةٍ له.
وإنما ينبغي أن يُسْأل من وجهٍ آخر لمْ تَسأل عنه؛ فلذلك لم أتكلَّف جوابه.
وقد ظهر من مقدار ما أومأت إليه جواب مسألتك إن شاء الله.