المسألة الخامسة والسبعون والمائة
إذا كان الإنسان على مذهبٍ من المذاهب ثم ينتقل عنه لخطأ يتبيَّنه، فما تُنْكِر أن ينتقل عن المذهب الثاني مثل انتقاله عن الأول، ويستمر ذلك به في جميع المذاهب حتى لا يصح له مذهبٌ ولا يضِحَ له حقٌّ؟
الجواب
قال أبو علي مسكويه، رحمه الله:
لو كانت الإقناعات ومراتبها متساوية في جميع الآراء لما أنكرتُ ما ذكرتَه.
ولكني وجدت مراتب الأدلة والإقناعات فيها متفاوتةً: فمنها ما يُسمَّى يقينًا، ومنها ما يُسمَّى دليلًا وقياسًا إقناعيًّا بحسب مقدمات ذلك القياس، ومنها ما يُسمَّى ظنًّا وتخيُّلًا وما أشبه ذلك، فأنكرتُ أن تستوي الأحوال في الآراء مع تفاوُت القياسات الموضوعة فيها، فمن ذلك أن القياس إذا كان برهانيًّا، وهو أن تكون مقدماته مأخوذةٌ من أمور ضروريةٍ وكان تركيبها صحيحًا، حدثت منه نتيجةٌ يقينيةٌ لا يعترضها شك ولا يجوز أن ينتقل عنه ولا يسُوغ فيه خطأٌ، وكذلك […]
•••
التي امتد لى بها فأثر الحرارة في المبدأ يكون ضعيفًا لكثرة المادة ومقاومتها، فإذا قويت الحرارة بالتدريج وانتهت إلى غاية أمرها كان زمان الشباب، وكأنه صعود وحالٌ نشأ حتى ينتهي، ثم يقف وقفة، كما يَعْرِض في جميع الحركات الطبيعية، ثم ينحط وهو زمان التكهُّل، فلا يزال إلى نقصان حتى يفنى فناءً طبيعيًّا كما وصفنا وهو زمان الشيخوخة والهرم، وقد كان في زمان «جالينوس» من ظن ما ظننته حتى حكاه عنه، وذكر أنه بُلِيَ بمرض طويل أضحك منه من كان حَفِظَ عليه مذهبه.
هذا آخر ما سألت في «الهوامل».
وقد سلكتُ في الجواب عن جميعها المسلك الذي اخترته واقترحته من الاختصار والإيماء إلى النُّكَت والإحالة — فيما يحتاج إلى شرح — إلى مظانه من الكُتب.
نفعك الله بها وعلَّمك ما فيه خير الدارين بمنِّه ولطفه.
الحمد لله رب العالمين وصلواته على رسوله محمد وآله أجمعين.