المسألة السادسة والعشرون: مسألة طبيعية
لِمَ كان القصير أخبث والطويل أهوج؟
الجواب
قال أبو على مسكويه، رحمه الله:
هذا أيضًا طرفان لموضع الفضيلة، وذلك أن الاعتدال من الطول والقِصَر هو المحمود، ولكن الطول بالتفاوت في الخلق أقرب إلى الذم، وذلك لبُعد الأعضاء الرئيسية بعضها من بعض، لا سيما العضوان اللذان هما أظهر الأعضاء رئاسةً، أعني القلب والدماغ؛ فإن هذين يجب أن يكون بينهما مسافةٌ معتدلةٌ؛ لتتمكن الحرارة التي في القلب من تعديل برودة الدماغ وحفظ اعتداله وبقاء الروح النفساني الذي يتهذب في بطون الدماغ، وتتمكن أيضًا برودة الدماغ من تعديل حرارة القلب وحفظ اعتداله عليه.
وهذا الاعتدال إذا بعُد أحد العضوين من الآخر تفاوت واضطرب نظامه، وفسد التركيب، وفسدت الأفعال الصادرة عن الإنسان ونقصت فضائله.
وليس يعرض في قُرْب التفاوت ما يعرض في بُعْد أحدهما من الآخر.