أولًا: تشكل الوعي التاريخي

التصوف كتاريخ هو تاريخ الوعي الصوفي. ليس المقصود بالتصوف كتاريخ تاريخ التصوف، بل وصف الوعي الصوفي الذي يبدو من خلال تاريخ التصوف.١ ويتم ذلك عن طريق رصد الأعمال الصوفية تاريخيًّا، مرتبة ترتيبًا زمانيًّا حتى يظهر من خلالها مسار الوعي الصوفي. وهو البديل عن الأبواب والفصول الأولى المعتادة في كتب الفكر عن الظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي ظهر فيها. وقد تكررت هذه العادة بحيث أصبحت مجرد مادة تاريخية لا صلة لها بالفكر موضوع البحث، مجرد استيفاء لشروط البحث العلمي. فالنص مُكتفٍ بذاته، تاريخًا وبنية، واقعًا وفكرًا. النص يحمل التاريخ في ثناياه، بعباراته الدالة على العصر مثل «زماننا»، «عصرنا». التاريخ داخل النص وليس خارجه. والنص عاكس للتاريخ وليس منفصلًا عنه. النص ذات وموضوع، من المؤلف ومن عصره. النص حامل للتاريخ لأن المؤلف في التاريخ. فلا إبداع إلا في زمان ومكان. ولا تأليف إلا في عصر. وهذا هو الذي يبرر استعمال لفظ «الوعي» بدلًا من التصوف في «الوعي التاريخي» و«الوعي التاريخي الموضوعي» و«الوعي الموضوعي» و«الوعي النظري» و«الوعي العملي». أما «الوعي العلمي» فيعني حصيلة تطور الوعي الصوفي في وضع التصوف كعلم داخل نسق العلوم، علوم الذوق في مقابل علوم النظر، علم الكشف في مقابل علوم الاستدلال.
هناك أعمال صوفية سابقة على تجلي الوعي التاريخي. وتعتبر من عناصره أو مكوناته التي بلغ تراكمها حدًّا يسمح بظهور الوعي التاريخي وتسمى أيضًا ما قبل الوعي التاريخي أي أعمال الصوفية الأوائل التي ساهمت في ظهور الوعي التاريخي. وقد ظهرت هذه الأعمال في القرون الثلاثة الهجرية الأولى. ومن الصوفية الذين ساهموا في بلورة الوعي التاريخي من القرن الثاني حتى القرن الرابع ولم يتركوا أعمالًا رابعة العدوية (١٨٥ﻫ). ومن أبرزهم وأقلهم إنتاجًا الحسن البصري (١١٠ﻫ)، جعفر الصادق (١٤٨ﻫ). ونموذجها في التصوف الخلقي وغزارة الإنتاج المحاسبي (٢٤٣ﻫ).٢ ولم يترك الجنيد (٢٧٧ﻫ) إلا أعمالًا صغيرة متناثرة، وأبو سعيد الخراز (٢٨٦ﻫ) في كتاب الصدق أو الطريق السالم (الطريق إلى الله). ثم يأتي الترمذي (٢٧٠ﻫ) بغزارة مؤلفاته مثل المحاسبي.٣ ثم يأتي الصقلي المالكي (٣٨٠ﻫ) في «الأنوار في علم الأسرار ومقامات الأبرار».

وقد ساهم فيه الفقهاء أيضًا مثل أحمد بن حنبل (٢٤٠ﻫ) في «كتاب الزهد»، وابن أبي الدنيا (٢٨١ﻫ) في «كتاب الشكر» و«الصمت وحفظ اللسان»، وأبي عاصم (٢٨٢ﻫ) في «كتاب الزهد».

(١) الوعي التاريخي الغيبي (التنبؤ بالمستقبل وتفسير الأحلام)

هو أول مكون للوعي الصوفي بكتابات خيالية منتحلة أو غيبية أو باطنية. أصحابها من أوائل الصوفية. ولهم عدة كتب أهمها:

(أ) كتاب «الجفر الجامع والنور اللامع» لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب٤

وهو من المنتحلات المنسوبة إلى علي بن أبي طالب لا يتفق مع وصاياه ومواعظه في كتاب «الحجة البالغة» المنسوب إليه أيضًا. وعلم الجفر هو علم قراءة المستقبل، ورؤية الطالع عن طريق الحروف.٥ ويمكن الاستدلال على الحاضر بالماضي، وعلى المستقبل بالحاضر، والتبشير بوقوع الحوادث.٦ فهو على جريان الحوادث في التاريخ. ويمكن معرفة مساره من التقابل بينها وبين عالم الحروف والأفلاك. وهو أحد أشكال الوعي التاريخي. ومؤسسه علي وبنوه تقديرًا لعلي مما يدل على ارتباط تشكل الوعي التاريخي وعلم الجفر والحدثان بالشيعة من علي حتى جعفر الصادق. والبعض يرجعه إلى الوافد اليوناني أفلاطون. وعلي هو مؤسس علم الكلام في جدله مع الخصوم، وعلم أصول الفقه في قدرته على التشريع واستنباط الأحكام، وعلوم الحكمة التي فيها فلسفة التاريخ وقراءة المستقبل وعلم الحروف وعلم الطوالع وعلم النجوم. وهو أيضًا موضوع التصوف النظري.
والجفر جلد البعير المرقوم بالحروف المكنوز فيها حوادث المتقدمين والمتأخرين. وقد يعني مفتاح الروح والقلم والحكمة. وقد يعني في علم الحروف القضاء والقدر، وعند الصوفية مفتاح أسرار الغيب، وعند أهل الملاحم سر حوادث الدهور.٧ ويعتمد الكتاب على مقتطفات تدل عليها العلامة «ا.ﻫ».٨ وهو في الحقيقة منتحل على «علي» بالرغم مما يوحي به من حادثة وقعت بين علي بن موسى والمأمون والعهد الذي أعطاه له.٩ وهو أقرب إلى التأليف المتأخر عندما تحول التصوف إلى علم البروج عند البوني (٦٢٢ﻫ) في «منبع أصول الحكمة» و«شمس المعارف».١٠
وهو مقسم إلى خمس «جواهر» وخاتمة. واللفظ نفسه «جوهرة» إشراقي. الأولى تصف الكتاب على نحو سحري: عدد أبوابه وفصوله وصفحاته وسطوره وأبياته وحروفه وجداوله الهندسية ورسومه التوضيحية الأبجدية والقدرة على قراءتها والاستنباط منها. وهو ترتيب وضعه آدم.١١ والجوهرة الثانية كيفية تعليم الرسوم. والثالثة طريقة استخراج أي سؤال منها في أي وقت وفي أي مكان. والرابعة الطريق الثاني وهي المداخل المختلفة للكتاب، المدخل الكبير ومدخل النقط ومدخل الحروف (الأهطمي والأبجدي). والخامسة التنبؤ بوقوع الحوادث وأحوال الإنسان في الماضي والحاضر والمستقبل عن طريق الحروف «الملفوظية» و«االمكتوبية» و«السردرية». وينتهي الوصف بآية قرآنية واحدة لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ. وفي الخاتمة جدول الحروف الأبجدية والهجائية وتقسيمها إلى أيام ومنازل في خمسة جداول مع البروج والكواكب والأعداد والأيام. وآخر فقرة عن كشف الغطاء عن هذا العلم السري حتى لا يعرفه أهل الكفر. ولمزيد من إخفائه حرمه أهله.١٢
والسؤال هو: كيف يمكن الانتقال من المجرد إلى العِياني، من الحروف والأعداد والرسوم إلى الوقائع والحوادث والأحوال؟ أين إرادة الله أو إرادة الإنسان بصرف النظر عن التوحيد أو التميز بينهما؟ أين اللاحتمية في الطبيعة إذا كان كل شيء مقررًا سلفًا ويمكن للإنسان معرفته وليس تغييره؟ والإيمان بالقضاء والقدر إحدى عقائد الكلام والتصوف والحكمة والثقافة الشعبية. والعلم نفسه «علم الجفر والحدثان» له رصيده في تاريخ الأديان في كل الملل.١٣
والدليل على انتحالها في عصر متأخر ثم نسبها إلى علي أنها من نفس نوع الرسالة الثانية المجهولة المؤلف، تنتسب إلى الحكمة اليمنية.١٤ وقد كتبت بعد القرن التاسع الهجري لأنها تشير إلى فائدة عن الشيخ زروق الذي توفي عام ٨٩٩ﻫ. وموضوعها علوم النجوم والطوالع والبروج والطبائع مجموعة من أقوال هرمس الحكيم. فهي إلى الوافد أقرب. كما أن الرسالة المنسوبة إلى علي مجموعة من أقوال أفلاطون جمعًا بين الوافد والموروث لجمع الحكمتَين، أمل الفلاسفة مثل ناصر خسرو. ومادتها نفس الرسالة الأولى مع مزيد من التفصيل والتقسيم إلى فصول، فيما يتعلق بالسنة العربية في دخولها بأول الأسبوع أو دخول السنين بالأيام، وكسوف الشمس وخسوف القمر في الأشهر الرومية. وتدخل الأنواء أو بتعبير القدماء الآثار العلوية مثل ظهور البرق والرعد والمطر في نيسان. ومن البروج يمكن استنباط الحوادث، ومن دلائل الأسبوع في السادس من طوبة يمكن معرفة الحوادث في العالم في مستقبل الزمان. ويساعد هذا العلم على معرفة الأيام المنحوسة في السنة وساعات الليل والنهار وما يصلح فيها وما يضر، ومعرفة الكواكب السبعة وما لها من المعاد والساعات السعيدة منها والنحسة، ومعرفة الأيام وخدامها والمدبرون أمرها.١٥ ويساعد أيضًا على معرفة ما يعتري الأطفال من الأسقام والأعلال، وعلامات الحياة والممات، وسعة الرزق والبيع والشراء، وكيفية استحضار المندل والتوافق بين الزوجين، ورؤية الأهلة. ويُرسم خاتم يوضع في وسطه قطرة حبر أو زيت!١٦
وقد وقع الانتحال في التصوف كما وقع في الفلسفة والكلام وأقله في أصول الفقه. ويتميز الانتحال بالخرافات والأوهام والخزعبلات مثل كتاب «الجفر الجامع والنور اللامع» المنسوب إلى علي بن أبي طالب.١٧ وعلي هو باب العلم. تنتسب إليه الأخلاق والكلام والفقه والتصوف، كما نسب إليه «نهج البلاغة». وعلم الجفر هو العلم بالقوانين التي يستنبط منها المجهول من الحوادث الكونية الموضوعة في الحروف. وهو أقرب إلى التعرف على قوانين التاريخ «علم الجفر والحدثان». تفهم منه أحوال الإنسان، الماضي والحاضر والمستقبل وكيفية وقوع الحوادث.١٨ والجفر لغويًّا هو جلد البعير ويُقرأ بكسر الجيم وهي قراءة جعفر الصادق. وبه مفتاح العلوم. ويعني اصطلاحًا القضاء والقدر. وعند الصوفية مفتاح أسرار الغيب، وعند أصحاب الملاحم سر حوادث الدهور.
ويجمع بين الموروث والوافد، الموروث من علي بن أبي طالب وجعفر الصادق، والوافد من أفلاطون. يجمع بين الحروف من الموروث والأعداد من الوافد.١٩ ينتقل من المجرد إلى العياني، ومن الحرف إلى الشيء، في حرية مطلقة دون تدخل الإرادة الإلهية أو الإرادة الإنسانية.٢٠ تقسم الحروف الأبجدية والهجائية إلى الأيام والمنازل؛ أي إلى قسمة زمان الأفلاك. وهو علم سري لا يجوز البَوح به لمن ليس أهله.
ومن نفس النوع «رسالة من الشعرة اليمانية»، إحالة إلى شعرة الرسول وموطنه.٢١ وهي رسالة في علوم النجوم والطوالع والبروج والطبائع.٢٢ والغرض التأثير في الأحداث بالوسائل السحرية تعبيرًا عن العجز عن الفعل. ويختلط بالطب الشعبي في البيئة الزراعية مع الاستعانة بالكواكب.
ومن نفس النوع «رسالة لطيفة في معرفة الحوادث في مستقبل الزمان» تدخل فيها الأحجبة للشيخ زروق. وكلها فوائد عملية لجلب الخير ودفع الشر. «فالحذر ثم الحذر من التعاطي شيئًا من الأمور». وهي مجموعة من أقوال هرمس الحكيم يختلط فيها الوافد الأسطوري بالموروث الخرافي.٢٣ فالخير والشر لم يعد في قدرة الإنسان ولا مرهونًا بإرادة الله بل بأيام الأسبوع ولياليها. ولم يعد الإنسان قادرًا على التأثير في الحوادث والسيطرة عليها أو التنبؤ بها في المستقبل إلا من خلال الأحجبة التي يكتبها المشايخ والاستعانة بالأفلاك والطوالع والبروج. وهو ما ترسَّب في الثقافة الشعبية.٢٤ وقد تدخل فيها الإسرائيليات نظرًا لظهور بعض شخصيات صوتية عبرية صلصائيل، وسمسمائيل، وعنيائيل، وكسفائيل. وتذكر بعض الآيات القرآنية لكتابة الحجاب للتأييد مع بعض الدعوات.٢٥

والسؤال هو: هل العجز عن الفعل في الدنيا دافع إلى الهروب منها إلى عالم آخر هو عالم السحر والخرافة؟ هل البعد عن الأرض قرب من السماء؟ هل العجز عن التأثير في الأحداث يستدعي التأثير عليها بالحروف والأعداد والبروج والطوالع؟

(ب) مؤلفات ابن سيرين (١١٠ﻫ)

(١) «منتخب الكلام في تفسير الأحلام»، (تفسير الأحلام الكبير)٢٦

وكما تشكل الوعي التاريخي خارج الزمان في الأعداد والحروف والبروج والطوالع فإنه تشكل أيضًا في الأحلام؛ أي القدرة على معرفة المستقبل بقراءة الرؤيا وتفسيرها. وهو ما فعله التابعي محمد بن سيرين في «تفسير الأحلام الكبير» ثم لخصه في «تعبير الرؤيا». فالتلخيص سابق على الشرح تاريخيًّا.

والحقيقة أن الكتاب منسوب إلى ابن سيرين. كتب في فترة متأخرة بعد الشافعي (٢٠٤ﻫ) لأنه يشير إليه، وابن سيرين توفي في ١١٠ﻫ. جمعه أبو سعيد، ووضع مادته في صيغة سؤال وجواب.٢٧ ولا يعقل أن يشير ابن سيرين إلى نفسه. وتروى عنه حكايات لا يرويها هو عن نفسه.٢٨
والمقدمة نظرية خالصة تفرق بين الرؤيا والحلم. الأولى من الله، والثانية من الشيطان. وكلاهما من الواقع وحمل همومه والانشغال بها. وهو موضوع موجود في كل الثقافات.٢٩ وهي حكايات أقرب إلى «ألف ليلة وليلة» وما بها من عجائب، ويرتبط بالطب النبوي وبعلم النجوم. ولا يُحال إلى الوافد ويبدو أنه تم تأليفه قبل ترجمة كتاب تعبير الرؤيا لأرطيمدروس. ومع ذلك يُشار إلى الإسكندر.٣٠
يتكون من تسع وخمسين بابًا بعد مقدمة نظرية. ويمكن تجميعها في عشرة مجموعات. الأولى تأويل رؤيا الإنسان بين يدي ربه ورؤيا الأنبياء والمرسلين، والرسول والملائكة والصحابة والتابعين، وهي الرؤيا الدينية. والثانية رؤيا التأويل. تأويل القرآن والإسلام والسلام والمصافحة والطهارة والأذان والصلاة والمسجد والزكاة والصوم والحج والجهاد وهي تأويل شعائر الدين، والذهاب من الظاهر إلى الباطن. والثالثة تضم الأخرويات رؤيا الموت والقيامة والحساب وجهنم والجنة والجن والشياطين وكل ما يتعلق بالحياة بعد الموت. والرابعة رؤيا الإنسان، الشيخ والشاب والعجوز والأطفال والنساء، والإنسان وأعضاؤه، وما يخرج من الإنسان، والأمراض والأطعمة والأشربة، والملابس والفرش والأثاث، والنوم والبلايا والنكاح والسفر وأنواع المعاملات، والمنازعات والمخاصمات. والخامسة رؤيا الحيوان والخيل والدواب والوحش والسباع والطيور الوحشية والهوام وأدوات الصيد ودلالاتها الإنسانية. والسادسة رؤيا السلاطين والملوك، والحرب والصناع والركاب والفرسان وكل ما يتعلق بمظاهر الدولة، وهو موضوع السياسة. والسابعة رؤيا الأرض والسماء والبحر والذهب والفضة والنار والأشجار والحبوب والزرع وهي الرؤيا الطبيعية. والثامنة رؤيا القلم والدواة والمداد والنقش، وهي رؤيا العلماء. والتاسعة رؤيا الأضداد كالصعود والهبوط والبخل والإنفاق والحركة والسكون، وأشياء لا يُشاكل بعضها بعضًا وهي رؤيا الحركة. والعاشرة حكايات عن رؤى بعض الصالحين، وهنا يرتبط الموضوع بالصوفية وبذكر أعلام الصوفية.٣١ والكرامة جزء من التأويل إذا كان الحلم من معجزات وخوارق للعادات. ويظل يغلب على الموضوعات الدين والجنس والسياسة، وهي المحرمات أو المقدسات الثلاثة في الذهن الشعبي.
والرسول هو مؤسس علم الرؤيا بتأويل رؤيا أبي بكر وتأويل جبريل رؤياه.٣٢ ويُستعمل القرآن كأحجبة وتعاويذ.٣٣ تكثر في البداية وتقل في النهاية. ويعتمد على القرآن والحديث والشعر.٣٤ وهل يمكن الاستشهاد بالآيات والأحاديث على تفسير الأحلام؟ التجربة الشعرية مصداق للتجربة القرآنية والنبوية. ويذكر السند مع المتن نظرًا لأن العصر سابق على تدوين الحديث، وقريب عهد بعلم الرجال. ويُرى النبي في المنام كعادة المتصوفة.٣٥
ويقوم التأويل على المطابقة والمشابهة. كل ما يُرى في الحلم له شيء مطابق في الواقع سيحدث في المستقبل. والمشابهة رمزية مثل الحديد للبأس والقوة، والشجرة أو الخنجر لعضو الذكر، والتفاحة لعضو الأنثى … إلخ. ولا يعبر عن مكبوت نفسي كما هو الحال في التحليل النفسي الغربي الحديث. ويذكر امرؤ القيس.٣٦
وتكشف معظمها عن الأحوال السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية للبيئة العربية. وكثير منها يشير إلى أحداث سياسية كالسلاطين والخوارج. ومنها أحداث مأساوية مثل مقتل الحسين، ومذابح الحجاج ومظاهر القهر السياسي. ويحال إلى اللغة الفارسية مما يدل على المكون الفارسي في تفسير الأحلام.٣٧
ويعتمد على أقوال بعض الصوفية مما يدل على بداية التراكم التاريخي.٣٨ كما يتناول بعض تعريفات التصوف مثل التوكل وقصر الأمل.٣٩ كما يعتمد على الإسرائيليات وقصص الأنبياء، سليمان ومريم.٤٠ وهناك إحالات مستمرة إلى اليهود والنصارى وأهل الذمة.٤١ وتقتبس بعض الآيات من الكتب المقدسة.

(٢) كتاب تعبير الرؤيا٤٢

وهو اختصار لتفسير الأحلام الكبير. ولا يُعرف ما الدافع إلى الاختصار وكيف تم ومن الذي قام به. فقد انخفض عدد الأبواب من تسعة وخمسين إلى خمسة وعشرين؛ أي أقل من النصف. قلت فيه الأدلة النقلية والأمثلة وتفصيلات الموضوعات.

وكما لم يكتب ابن سيرين «تفسير الأحلام الكبير»، لم يكتب ملخصه «تعبير الرؤيا»؛ لأنه يشير إلى نفسه كموضوع، ويذكر صوفية عاشوا بعده مثل سعيد بن المسيب وجعفر الصادق والشافعي وأبو حنيفة. كما يشير إلى بعض الطرق الصوفية المتأخرة مثل القادرية. ويشير إلى بعض الأمراء مثل المنصور، وعبد الملك بن مروان، ومروان بن عبد الملك. ويظهر أعلام الصوفية مما يدل على تشكل الوعي التاريخي.٤٣
ويعتمد على القرآن والحديث والشعر.٤٤ ويتحول القرآن إلى أحجبة وتعاويذ. وهي نفس الموضوعات العشر في «تفسير الأحلام الكبير»: الطبيعيات مثل الملائكة والأنبياء السابقين والجنة والنار والموت. والموضوعات الطبيعية مثل السماء والشمس والقمر والنجوم والرعد والبرق والأمطار والمياه والبحار، والجبال والأبنية والأشجار والثمار والحبوب. والموضوعات الإنسانية مثل الشراب والنساء والنكاح واللباس والجواهر والحلي والأواني والحرف والصناعات والملاهي. وتبرز موضوعات الحيوان كالإبل والبقر والغنم والماعز والخيل والفيل والسبع، مع موضوعات الهوام والحيات والعقارب وحيوان الماء والسمك والطيور. ثم يظهر تأويل بعض سور القرآن التي تتحول إلى أدعية وأحجبة لقضاء الحاجات.٤٥ وكل ذلك يتم في إطار نسبية المعرفة «الله أعلم».
ويمكن اعتبار كتاب «تعبير الرؤيا» أول كتاب في التأويل ولكن تأويل الأحلام، وقد يحتار مصنفو النصوص أين يصنفونه وفي أي علم؟ في علم النفس وهو جزء من علوم الحكمة أم علوم التصوف في الرؤيا أو في الكلام في النبوة أو في علوم التفسير؟ والحقيقة أنه أدخل في التصوف باب التأويل في الفلسفة الإلهية في المرحلة الثالثة بالرغم من امتداد جذوره في المرحلة الثانية، المرحلة النفسية، في تأويل الشطحات. وهي مجموعة من الروايات المنقولة وليست الموضوعات المدروسة. وقد تدخل فيها الإسرائيليات. يعتمد على الموروث وحده، القرآن والحديث.٤٦ ويضاف الشعر إلى القرآن.٤٧ تغلب عليه السطحية والمباشرة في الرمزية، ولكنه أصيل خاصة في هذا العصر المبكر.٤٨ وتنقسم الرؤيا طبقًا لعدة مجالات.٤٩

(٢) الوعي التاريخي التفسيري

ويعني مساهمة اللغة في تشكل الوعي التاريخي عن طريق علم التفسير. فالتفسير التقليدي هو معرفة بالواقع التاريخي، وعلم بأخبار السابقين. وقد بدأ التفسير الصوفي مبكرًا مثل «تفسير جعفر الصادق وتفسير القرآن العظيم» للتستري (٢٩٣ﻫ).

(أ) «تفسير جعفر الصادق» (١٤٨ﻫ)٥٠

شارك التفسير مثل الفقه في تشكيل الوعي التاريخي الصوفي. وهو ليس تفسيرًا طوليًّا، سورة سورة، وآية آية، من الفاتحة حتى الناس بل هو تفسير عرضي. وهو التفسير الموضوعي الذي تعطي فيه الأولوية للبنية على التاريخ، وللموضوع الكلي في كل الآيات على تناوله الجزئي المقتطع في عديد من الآيات. تقطع السور إلى آيات، والآيات إلى ألفاظ، والألفاظ إلى حروف، ثم من الحرف إلى النبي، ومن اللغة إلى الله. فاللغة إشارة إلى مشار إليه. بل إن سورة الفاتحة التي تفسر كلية تقطع آياتها إلى ألف بل وإلى حروف كما يفعل الصوفية المتأخرون خاصة ابن عربي.٥١ والآيات منتقاة مما يسمح بالتأويل الباطني مثل القصص إبراهيم وموسى ويوسف. وهي ليست مرتبة ترتيبًا تاريخيًّا بل هي منتقاة طبقًا للموضوع والقرآن نفسه ليس مرتبًا ترتيبًا تاريخيًّا.
هو تفسير إشاري رمزي تأويلي. يترك الظاهر إلى الباطن، وينتقل من التنزيل إلى التأويل، ومن الخارج إلى الداخل، ومن النظر إلى الذوق، ومن الشيء إلى الوجدان، ومن أعمال الجوارح إلى أعمال القلوب، ومن الكون إلى الإنسان. الغاية عملية وليست نظرية، وهي طهارة القلب. يستعمل لغة النور. وتظهر موضوعات التصوف مثل المقامات والأحوال، وبداية الانعراج كرد فعل على السقوط، والصعود إلى أعلى كرد فعل على الانحدار إلى أسفل. وتبدأ القبة السماوية في الظهور، الوجود الواحد، غطاء كل شيء، وحدة كل شيء في كل شيء، في تفسير الصفات الإلهية. وهو منقول عن «حقائق التفسير» للسلمي الذي يشهد له بأنه أول من عبر عن خطابه بلسان أهل الحقيقة مع أبى العباس بن عطاء.٥٢ يقوم التفسير على نظرية في المطابقة؛ أي إيجاد الموضوع الذي تشير إليه الآية. وهو موضوع شعوري، وتجربة حياتية؛ أي تاريخ ذاتي. كان الصوفية من أوائل الذين وضعوا قواعد التفسير الباطني عند جعفر الصادق (١٤٨ﻫ)، والتستري (٣١٩ﻫ) في «تفسير القرآن العظيم»، والقشيري (٤٦٥ﻫ) في «لطائف الإشارات» قبل كبار المفسرين المؤرخين كالطبري وابن كثير. فكانوا من أوائل الذين أحالوا النص القرآني ليس إلى حوادث التاريخ بل إلى التجارب الشعورية والمواقف الإنسانية.
ومع ذلك، هو تفسير بالمأثور، تفسير القرآن بالقرآن، والقرآن بالحديث.٥٣ وفي الحديث يقترن السند بالمتن، فجمعه وتدوينه لم يكن قد بدأ بعد. ويغيب الشعر. فقد ورثه القرآن واستولى على الوجدان العربي قبل أن يعود الشعر من جديد ليعبر عن الوجدان العربي في القرون المتأخرة، ويصبح أداة لتدوين العلوم التي وقعت في الصورية والتجريد.
والمقدمة النظرية تضع بذور منهج للتفسير الباطني؛ إذ يقوم الكتاب على أربعة أشياء: العبارة، والإشارة، واللطائف، والحقائق؛ لذلك سمى القشيري تفسيره فيما بعد «لطائف الإشارات». العبارة للعوام، والإشارة للخواص، واللطائف للأولياء والحقائق للأنبياء.٥٤
كما تظهر القسمة والعدد والإحصاء طبقًا للمستويات. فالشهادة تقوم على أربعة أركان: اتباع الأمر، واجتناب النهي، والقناعة، والرضا.٥٥ وقد تحول الرابع فيما بعد إلى مقام. والنداء أي الإيمان له أربع خصال: نداء، وكتابة، إشارة، وشهادة. ويستحيل على الإنسان بالنسبة لله ثلاثة أشياء: التجلي، والوصلة، والمعرفة. وقد تتكاثر المستويات وتتراتب إلى اثني عشر مقامًا لتفسير فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا، وهي مقامات المعرفة.٥٦ وقد تتراتب في سبعة فقط تفسيرًا لآية وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي، سبع كرامات.٥٧ وقد تتعدد الأنواع بالعشرات بحيث تفقد القسمة غايتها وهو الحصر مثل قسمة النور إلى سبعة وثلاثين نوعًا.٥٨ يتكرر بعضها مثل الجلال. ثم يُعاد جمعها في أربع فقط في السماء.٥٩ وأربع في الأرض.٦٠ والحرمات أربع.٦١ والمؤمنون ثلاثة.٦٢ وتحيل حروف الكلمات إلى الألوهية وتجلياتها. فلفظ «الصمد» خمسة أحرف. الألف الأحدية، واللام الألوهية، لا ينطقان باللسان لخفائهما. والصاد الصدق، والميم الملك، والدال الدوام.

(ب) تفسير الحلاج (٣٠٩ﻫ)٦٣

وهو تفسير منتقى من بعض السور وبعض الآيات منها للتحول من الخارج إلى الداخل، ومن الظاهر إلى الباطن.٦٤ ويعتمد على القرآن وحده دون الحديث أو الشعر. والحلاج شاعر وصاحب ديوان. ويظهر تأويل الحروف والانتقال من الحروف إلى الوجود. فالاسم هو أمر الكينونة. والنتيجة هي الكشف والعلم اللدُنِّي ومعرفة التوحيد.

وتظهر موضوعات التصوف من خلال التفسير، الأخلاق أو المقامات والأحوال أو التوحيد أو علامات الطريق. فالتصوف ظاهر وباطن، عبادة وطاعة، جوارح وقلوب. ومن الفضائل التقوى والصدق والإخلاص. ومن الرذائل الظلم والمكر والتلبيس وزينة الدنيا. وتظهر بعض المقامات مثل المحبة وهو معنى الطريق المستقيم في الفاتحة والتوكل والصبر والتوبة والشكر والرضا بالقضاء والقدر. كما تظهر بعض الأحوال مثل الخوف. والطريق ذكر ضد الغفلة والغور في النفوس ونزول البلاء والامتحان والفقر. والله هو الحق، والشهادة عليه منذ عهد أَلَسْتُ، شهادة الخلق كله على التوحيد، شهادة الفطرة وحمل الأمانة.

ويخصص الحلاج جزءًا من أعماله لموضوع التفسير داخل أعماله الصغرى دون أبواب أو فصول مع انتقاء لبعض الآيات المتناثرة. هو أقرب إلى التفسير الجزئي وليس الموضوعي.٦٥ ويدخل في موضوع التأويل لأنه ليس مثل «تفسير القرآن العظيم» للتستري الأدخل في علوم التفسير.

ففي تفسير الفاتحة الصراط هو المحبة. والهداية علم التوحيد. والنور والظلام العلم والجهل. فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ التوبة محو البشرية بإثبات الإلهية وفناء النفوس عما دون الله رجوعًا إلى أصل العدم حتى يبقى الحق وحده. فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا أي التحول عن القصد. لَا إِلَهَ تقتضي إزالة العلة عن الربوبية وتنزيه الحق عن الدرك وإتيان الملك وانتزاعه ممن يشاء أي الاصطفاء.

ولا يقدم الحلاج في «التفسير» تفسيرًا كاملًا مثل «تفسير القرآن العظيم» للتستري ولا أجزاء أو سورًا مختارة، بل بعض آيات منتقاة تسمح بالتأويل الباطني.٦٦ بل إن سورة الفاتحة يختار منها بعض الآيات دون غيرها.٦٧ وتُعطى الآية مرة واحدة. ثم تفصل جزءًا جزءًا وأحيانًا كلمة كلمة لاكتشاف معانيها الباطنية. ويختلف التأويل من حيث الكم بين لفظ وعبارة وفقرة وعدة فقرات. فالمهم هو تحول الخارج إلى الداخل، والنص إلى تجربة، واللغة إلى روح. وقد تضم أكثر من آية لمعنى باطني واحد خاصة في قصص الأنبياء لاستكمال القصة.
ولا يستعمل الحديث لتدعيم تفسير القرآن أو يكون موضوعًا خاصًّا للتفسير إلا مرة واحدة.٦٨ ومنهج التأويل ليس اللغة أو السياق أو أسباب النزول بل التجربة الصوفية. ولا يوجد نسق يجمع هذه الآيات المنتقاة أو منهج عام. ويمكن تجميعها طبقًا لمنهج في التأويل أو طبقًا لمجموعات التأويل. والموضوعات أفضل حتى يتكشف المنهج حتى لو بدت متناثرة مثلًا، التكليف نوعان، تكليف عن وسائط، وتكليف بحقائق. الأول تبدو معارفه عمن دونه ولا يرقى إلا بعد التخلي عنها، وذلك مثل إظهار البيت والكعبة. والثاني تبدو معارفه منه وتعود إليه. الأول فصل، والثاني وصل.٦٩ الصلاة في الشريعة والرسول إمامها. أما الله فليس له مقام ولا شهود في نار، ولا استهلاك في حيرة، ولا ذهول في عظمة تخل بآداب الشريعة. ولا أوقف الموحدين.٧٠ والحق هي العبادات دليلًا على الطاعات والشهادة عليه وحده.٧١ فالعبادة ظاهر والطاعة باطن، والشهادة باطن الباطن. والحق لا يستحسن حسنًا، ولا يستقبح قبحًا. وهذه أشعرية من جديد تنكر الحسن والقبح العقليَّين. فالحق هو معلُّ الأنام ولا يعقل كما هو الحال عند الأشاعرة في إنكار التعليل. العبودية كلها شريعة، والربوبية كلها حقيقة.٧٢ والتصوف هو تحرر الإنسان من عبودية الشريعة إلى ربوبية الحقيقة. والإسلام إما طوعًا بمشاهدة الربوبية والاطلاع على الذات وإما كرهًا من الهيبة.٧٣ والتكليف للمؤمنين دون الكافرين. للمؤمنين استعباد بخصائص العبودية حتى يأتيهم اليقين وهو استحقاق بالجهد.٧٤ وطاعة الرسول بها صلاح الكل. وهي المواظبة على الأوامر والفرائض. يعمل الأنبياء في الفرائض، والمؤمنون في الفضائل، والصديقون في ترك النواهي، والعارفون نسيان كل شيء غير الله.٧٥ والخبيث هو الناظر إلى الخبائث بعين الطهارة.٧٦ فإدراك الشيء بضدِّه. والقرآن الكريم به محكم ومتشابه. المحكم الأمر والنهي. وتفصيله في فُصِّلَتْ في الوعد والوعيد. والله «حكيم» فيما نزل و«خبير» بمن يقوم بأمره أو يعرض عنه.٧٧
والاستنباط من القرآن على قدر تقوى الإنسان في الظاهر والباطن وفي تمام المعرفة. وهو أعظم مقامات الإيمان.٧٨ فهو ليس عملًا عقليًّا منطقيًّا استدلاليًّا بل هو عمل أخلاقي إيماني باطني. وأمر الإنسان بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. والخاطر من الكتاب طاعة الله ثم من السلف الصالحين.٧٩ فأولوا الأمر ليسوا هم الحكام بل السلف.

(ﺟ) تفسير القرآن العظيم للتستري (٣١٩ﻫ)٨٠

وبالرغم من أن التفسير الصوفي يدخل في علم التفسير، أحد العلوم النقلية الخمسة، القرآن والحديث والتفسير والسيرة والفقه، إلا أنه ساهم في بلورة الوعي التاريخي عن طريق العثور على المقابل للنص في التجربة الشعورية في العالم. وهو تفسير طولي من الفاتحة إلى الناس. تتجزأ فيه الموضوعات حتى لو تكررت. ولا تفسر كل آية داخل كل سورة وإن توالت السور كلها بل تنتقي بعض الآيات الأكثر دلالة على الجانب الأخلاقي الشعوري. ويبرز الموضوع في عناوين السور. فلا يقال سورة البقرة بل السورة التي تذكر فيها البقرة. فالبقرة ليست اسمًا بل موضوع. وهي تفسيرات قصيرة قصر الآيات دون استفاضة. ولا توجد أبواب أو فصول بل هي مادة مجمعة طبقًا لطريقة السؤال والجواب.

وهو تفسير القرآن بالقرآن أولًا، والقرآن بالحديث ثانيًا، والقرآن بالشعر ثالثًا. القرآن بالقرآن بالآلاف، والقرآن بالحديث بالعشرات، والقرآن بالشعر هو الأقل.٨١ والأحاديث متون بلا أسانيد. كما يتم الاعتماد على بعض الأمثال العامية عند العرب.٨٢

وتظهر الإسرائيليات بوضوح عشرات المرات في حوارات الأنبياء السابقين وأحاديثهم وأقوالهم.

ويظهر الوعي التاريخي في الإحالة إلى الصوفية السابقين. فقد أتى تراكمهم إلى إحداث وعي تاريخي بالتصوف.٨٣ كما يعتمد على ابن عباس حبر الأمة. وتظهر بعض المقامات والأحوال مثل الصبر والرضا والتوكل.٨٤ وتظهر القسمة العقلية عدة مرات، مما يؤذن ببداية التحليل النظري.٨٥ ويبدأ التفسير بمقدمة نظرية مثل تفسير جعفر الصادق بعنوان صفات طلاب فهم القرآن.٨٦ التفسير موقف ذاتي. بقدر ما يعي المفسر ذاته يعي موضوعه. وهو معنى أن القرآن نزل على سبعة أحرف. وهذه المراتب ليست في الحرف بل في الشعور، ليست في الموضوع بل في الذات. وطبقًا لعمق الذات يتم فهم الحرف.

ومع ذلك، للنص خمسة أنواع: المحكم والمتشابه والحلال والحرام والأمثال. العمل بالمحكم، والإيمان بالمتشابه وإحلال الحلال وتحريم الحرام وعقل الأمثال. وهي مبادئ لغوية من علم أصول الفقه مع بعض الأحكام الشرعية. وشرط فهم القرآن العمل به. فالعمل أساس النظر. والفعل شرط الفهم. فعلم التفسير مثل علوم التصوف علوم عملية.

(٣) الوعي التاريخي الأخلاقي

والوعي الفقهي هو أحد مكونات الوعي التاريخي الصوفي. فالفقه بتعبير المغاربة «علم النوازل». ولا فرق بين مقامات الزهد والشكر والصمت في التصوف وبين كتب الزهد والشكر والصمت في الحديث. هو الحديث الصوفي أو تصوف الحديث النبوي. فالصراع المتأخر بين علماء الحديث والصوفية صراع مفتعل، ربما على السلطة الدينية والسياسية. فعلماء الحديث هم أهل السنة والجماعة في العقيدة والشريعة، الفرقة الناجية في الدين، وفرقة الحكم في السياسة. خرج التصوف من علم الحديث ثم عاد إليه.

وكبار صوفية المرحلة الخلقية تركوا أعمالًا مدونة قليلة مثل الحسن البصري (ت١١٠ﻫ)، والمحاسبي (ت٢٤٣ﻫ)، والحكيم الترمذي (ت٢٣٠ﻫ)، وأبو سعيد الخراز (ت٢٧٧ﻫ)، وسهل التستري (ت٣١٩ﻫ). وواضح أن المرحلة الخلقية تمتد حتى قبيل نهاية القرن الثالث حيث تبدأ المرحلة النفسية عند البسطامي (٢٦١ﻫ)، والحلاج (٣٠٩ﻫ).

لم تترك رابعة العدوية (١٨٥ﻫ) أعمالًا صوفية بل تناقلت الروايات أقوالها وأخبارها في كتب المؤرخين والطبقات.٨٧ والخلط بين رابعة الشامية ورابعة البصرية أو التمييز بينهما قضية استشراقية خالصة. ما يهم أقوالها ودلالتها على التصوف كتاريخ وطريق.٨٨ وتتكرر بعض الأقوال طبقًا لتعدد المصادر. وهناك أخبار وروايات كثيرة عنها وعن كراماتها، ولكنها ليست أقوالًا. ويخشى من تدخل الخيال الشعبي في صياغتها. فالرواية بطبيعتها تتضخَّم وتتمدد. ورواية عنها تروى حلمًا مملوءًا بالكرامات، مرفوعة إلى روضة خضراء ذات قصور، وطائر أخضر وجارية تطارده، ويُفتح باب يشع منه شعاع ينير كل شيء، ويرفع باب، ويظهر بستان، وصفاء وجوههم كاللؤلؤ، وكذلك رواية كرامات الميلاد.٨٩ وبعض أقوالها مروية في صيغة سؤال وجواب. ولقاءاتها مع الحسن البصري مشكوكة فيها نظرًا لأن الحسن توفي ١١٠ﻫ، ورابعة ١٨٥ﻫ. فبينهما أكثر من جيل. وقد صاغ الخيال الشعري كل ذلك.
وبعض أقوالها مروية في المنام مثل «رؤيا يوحنا».٩٠ وتنتحل بعض الأقوال مدعمة بالآيات القرآنية أو الحديث النبوي ليس كاستشهاد بل كجزء من الخطاب. فالدليل تجريبي حسي وليس نقليًّا نصيًّا، وينطبق ذلك أيضًا على روايات الكرامة دون الأقوال.٩١
وتعتمد الأخلاق على الحجج النقلية، الآيات والأحاديث، أكثر من التحليل النظري أو التأسيس في التجربة الحسية.٩٢ التأليف هو تجميع آيات وأحاديث حول موضوعات معينة. كان العهد قريبًا من الرسالة. ولا يهم صحة الأحاديث وضعفها من حيث السند، بل ما يهم هو دلالتها من حيث المتن. وتختلط بالأقوال المأثورة. وتكثر الأحاديث القدسية الإشراقية. وفي معظمها ضعيفة، ولكن دلالتها الصوفية واضحة، وهي طويلة للغاية عكس الأحاديث الصحيحة العملية. وتتجه الآيات والأحاديث نحو العمل المباشر. فهي نداء للعمل، ودعوة للتحقق كما هو الحال في الحركة الوهابية. ويتم تجميع أقوال الصحابة أيضًا. ويتم الاستشهاد بأقوال الأنبياء السابقين مثل عيسى٩٣ كما يستشهد بالشعر العربي.٩٤

(أ) في عمل اليوم والليلة (فرائض الإسلام) للحسن البصري (١١٠ﻫ)٩٥

ويستعمل نفس أسلوب الرواية في علم الحديث دون أي عرض نظري أو تحليل نفسي، مجرد تجميع أحاديث وآيات وقليل من الشعر.٩٦ والحديث القدسي مفعم بالإشراقيات. ويستمد معلوماته عن الأنبياء السابقين من الإسرائيليات والكتب المقدسة وأقوال الأنبياء منها.٩٧ كما يعتمد على أقوال الصحابة.
والأهم هو وضع أربع وخمسين فريضة.٩٨ تجمع بين الفقه والتصوف، بين أعمال الجوارح وأعمال القلوب، بين العبادات والمعاملات.٩٩ تظهر المقامات مثل التوكل والرضا والشكر والصبر والتوبة، والأحوال مثل الخوف. كما تظهر بعض الفضائل مثل القناعة والإخلاص والصدق، وتجنب الرذائل مثل: الهوى، العلو، الفرح، سوء الظن، السخرية، القنوط، الشرك. كما تظهر بعض متطلبات الطريق مثل الذكر والإيمان والعبرة والتفكر. ويظهر وضع الإنسان في العالم، مع الآخرين، وبين الأشياء ومع الله.١٠٠

(ب) «كتاب الزهد» لأحمد بن حنبل (٢٤٠ﻫ)١٠١

وهو نموذج التأليف المشترك بين الحديث والتصوف. فالزهد أحد المقامات. وهو أحد موضوعات الحديث. ويسبق الاستشهاد بالحديث الاستشهاد بالقرآن وبالشعر.١٠٢ ويذكر السند مع المتن مع حضور طاغٍ للسند. وتشمل الأحاديث الأقوال والحكايات. وتتوالى في زخات متعاقبة. وتستعمل بعض الأحاديث الآيات. وإثبات زهد الرسول بأقواله ليس دليلًا، وتتكرر بعض الأحاديث في صياغات مختلفة مثل الأحاديث المروية عن أويس القرني، ١٠٣ ويرى الرسول في منامات بعض الزهاد لمدى القرابة بينهم. ويستكمل الحديث بالشعر.
وتظهر الإسرائيليات بطبيعة الحال كمصدر لزهد الأنبياء وأخبارهم بالرغم من حديث القرآن والحديث عنهم دون تفصيل في الروايات. وربما زادت معارف الرسول عن الأنبياء السابقين من رحلاته إلى الشام ومن المرويات في الثقافة العربية قبل الإسلام. وتزيد عليه مشافهته لهم ليلة الإسراء والمعراج. والمعجزات مقرونة بزهد الأنبياء. وفي الأحاديث القدسية يتكلم الرسول باسم الله ويصلي ويسلم مع الله على نفسه.١٠٤
ويتجلى الوعي التاريخي في ذكر أسماء الزهاد ابتداء من الرسول ثم الصحابة ثم التابعين. دون ترتيب أبجدي أو زماني. وهي بداية كتب الطبقات مرتبة أبجديًّا أو زمانيًّا. والأنبياء كلهم قبل الرسول زهاد.١٠٥ وتذكر امرأة واحدة زاهدة هي عائشة دون رابعة. ويتكرر لفظ «زاهد» أمام معظم الأسماء فالمطلوب هو الزهد وليس الزاهد. وعند نصفهم تقريبًا لفظ «أخبار» الذي يدل على بروز الوعي التاريخي الإخباري. والأقل استعمال ألفاظ «حديث»، «فضل»، «بلاء»، «مواعظ»، «حكمة». وقد تستعمل أكثر من كلمة لنبي أو زاهد واحد مثل مواعظ عيسى وحكمة عيسى وزهد عيسى، وزهد داود وحديث داود، وأخبار موسى وزهد موسى. وأكبرهم من حيث الكم زهد محمد بن سيرين ثم الحسن وعبد الله بن عمر، ثم الرسول وعيسى ثم عائشة ثم عمر ثم عمر بن عبد العزيز. وقد يسبق مثل هؤلاء الزهاد بعض الأنبياء مثل موسى وداود ونوح وإبراهيم وآدم وأيوب ولقمان. ومن المشاهير أويس القرني. ويغيب الحسن البصري إمام الزاهدين مما يدل على بداية تشكل الوعي التاريخي دون وعي تاريخي.

(ﺟ) رسائل المحاسبي (٢٤٣ﻫ)

يتشكل الوعي التاريخي من ظهور التصوف الخلقي عند المحاسبي والترمذي والخراز والتستري، وهو ما يعادل المرحلة الخلقية في التصوف كتاريخ والتصوف الخلقي في التصوف كطريق. والمحاسبي في التصوف الأخلاقي يعادل الشافعي في علم أصول الفقه فيما يتعلق بالتدوين. ويقوم المنهج على انتقاء النصوص الأخلاقية التي تدعو إلى ترك العالم، وليس النصوص السياسية التي تختارها الفرق الكلامية في صراعها السياسي.

(١) المسائل في الزهد١٠٦

تحول الزهد إلى موضوع في التصوف الخلقي مثل الشكر. ويتناوله الصوفية بأسلوب الفقه، السؤال والجواب. هل الزهد فرض أم نفل كما أجاب ابن رشد فيما بعد سؤالًا عن حكم النظر هل هو فرض أم مندوب أم مكروه أم محرم أو مباح طبقًا لأحكام التكليف الخمسة؟ ويعتمد على القرآن والحديث والشعر.١٠٧ ويقرن بالأدلة النقلية بعض التحليل العقلي في البداية. ويتفرع من الزهد موضوعات التصوف الأخرى مثل الصمت والفكرة كعلامات الطريق، والغنى والشكر والفقر من الفضائل والمقامات، ودفع الوسواس، والكبر والحسد والغش من الرذائل، والرياء والوسوسة. والرياضات والمجاهدات مثل مكابدة الهوى، وأفضل العبادات، وتجسيد الشر في الشيطان بل ومسائل الأوراد والأوقات في حلقات الذكر وآداب الشيخ والمريد. تتخلق موضوعات التصوف وتتفرع من الزهد.١٠٨ وكل ذلك في إطار من التخويف والتحذير والتنبيه.١٠٩
والفتن والشكر والفقر تأليف بطريقة السائل، السؤال والجواب بطريقة «قلت … قال». وهو على درجة عالية من التنظير العقلي والتحليل النفسي دون الاعتماد على الحجج النقلية من القرآن أو الحديث بل الاعتماد فقط على أقوال الحكماء.١١٠ تخلق مقام الزهد في «المسائل في الزهد» للمحاسبي، كما تخلق مقام التوبة في «التوبة» لأبي الحسن البصري.١١١ وقد ارتبط بمسائل أخرى مما يدل على أن تخلق المقام ما زال عسير المخاض.١١٢ والتأليف رواية، إجابة على سؤال يتكرر بأسلوب «قلت … قال» مثل أسئلة الفقه والفتوى. فقد سئل المحاسبي عن الزهد، فرض أم «نفل»، كما سئل ابن رشد فيما بعد عن حكم النظر هل هو واجب بالشروع أو مندوب أو مكروه أو مباح أو حرام هي أحكام الشرع الخمسة في «فصل المقال». وواضح تخلق مقام الزهد من الفقه والأحكام الشرعية. ولا يعتمد على الحجج النقلية بل على التحليل العقلي الخالص. ولا يضار الاستشهاد بأقوال عيسى نظرًا لوحدة الأديان.١١٣

(٢) «فهم الصلاة»١١٤

والرسالة مؤشر على التحول من الفقه إلى التصوف، ومن أعمال الجوارح إلى أعمال القلوب، ومن الظاهر إلى الباطن. تعتمد على القرآن والحديث دون الشعر.١١٥ ويظهر التراكم التاريخي بذكر بعض أعلام الصوفية مثل إبراهيم النخعي وإبراهيم بن أدهم وأبي سعيد الخدري.١١٦ ومن حفاظ الحديث حماد وعطاء. ويقوم على فهم الصلاة على إيقاع خماسي تدريجي، من الوضوء إلى المشي إلى الصلاة إلى الدخول في الصلاة إلى الفراغ من الصلاة إلى الوصايا الختامية. وأكبرها الدخول في الصلاة.١١٧

(٣) «المسائل في أعمال القلوب والجوارح»١١٨

هو انتقال من المرحلة الخلقية وأعمال الجوارح، إلى المرحلة النفسية أعمال القلوب.١١٩ يعتمد على كثير من الحجج النقلية والأحاديث أكثر من الآيات.١٢٠ والشعر أقلها. ويتبع أيضًا أسلوب السؤال والجواب بالرغم من كبر العمل. ويتضمن خمسة عشر موضوعًا.١٢١ معظمها في أعمال القلوب وأقلها في أعمال الجوارح. وهي موضوعات متفرقة لا روابط بينها إلا العنوان. ويُروى على لسان حكيم نصٌّ أقرب إلى حديث الرسول عن البر بالأم ثلاث مرات ثم بالأب في المرة الرابعة، ثم الأدنى فالأدنى، الأخت والأخ، ومن يعول المرء. وكذلك حديث الإنفاق على النفس أولًا ثم على الأهل. وهذا هو معنى الأثرة وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ، وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا، وإيثار الآخر على النفس عمل مجاني دون مقابل. لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا. و«كل ما وقى به الإنسان عرضه فهو صدقة»، و«ما وقى الرجل به عرضه فهو صدقة».
وهي نموذج للتحول من الفقه إلى الأخلاق، ومن أعمال الجوارح إلى أعمال القلوب. وهو اسم على مسمى، المحاسبي في محاسبة النفس يعتمد على الحديث ثم القرآن ثم الشعر.١٢٢ ويقل الاعتماد على السند لصالح المتن. ويظهر القليل من الإسرائيليات وأقوال الأنبياء السابقين مثل لقمان.١٢٣ ويقل التحليل العقلي لصالح الدليل النقلي. ويبدأ الوعي التاريخي بالتصوف في الازدهار. يتقدمه الحسن البصري ثم ابن المبارك، ثم إبراهيم النخعي، والفزاري، ومالك بن دينار وسعيد بن المسيب.١٢٤ والأسلوب سؤال وجواب كما هو الحال في المفتي والمستفتي في علم أصول الفقه. ويستشهد أحيانًا بالحكماء الذين يشاركون الصوفية في الرؤية الباطنية. ويتضح ذلك في التأويل.١٢٥

تتحول الحسبة من الخارج إلى الداخل، ومن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى إدخال السرور على النفس، ومن العمل في العلن إلى العمل في الخفاء. ولما كان الصوفي إمامًا يلزم قلبه الحذر. وإذا كان الوعي الصوفي عند البصري يقوم على التخويف في «التوهم» فإنه يقوم عند المحاسبي على إزالة الخوف. والنوافل لتكفير الذنوب وشكر المنعم وتجريد القلوب، والجزع من فقدان الطاعات ومن الغفلة، والقرب من الله. ومن أعمال القلوب اعتقاد الإيمان ومجانبة الكفر، واعتقاد السنة ومجانبة البدعة، واعتقاد الطاعة ومجانبة المعصية، واعتقاد التواضع ونفي الكبر، واعتقاد الجنة ونفي العجب. ولا تتناهى أفعال القلوب وأضدادها مثل المحبة والكراهية والخوف والأمن، والحذر والثقة، والغرة والسلامة … إلخ. والصمت أفضل من الكلام كما هو الحال عند ابن أبي الدنيا. والجدال في أسباب الدنيا من تبعات الكلام. والتفويض تسليم لله. ومعرفة النفس طريق إليه والحذر من الغفلة والنسيان. ولا يحل النظر إلا إلى الحلال. وهو النظر المقصود. والوفاء بالنذور تمسك بالعهد.

وقد يكون الحوار هو الشكل الأدبي في التأليف، السؤال والجواب، سؤال المريد وجواب الشيخ كما هو الحال في «التوبة». ويستمر الحوار للاستيضاح والإيضاح. وهو نوع من الاستدلال وترتيب المقدمات على النتائج.١٢٦ ومسائل «الكبر والحسد والغش» أيضًا سؤال وجواب. تعتمد على التحليل النفسي وحده دون الاستعانة بأية حجج نقلية باستثناء واحدة، بيت واحد من الشعر.١٢٧ ويعتمد «الرياء والوسوسة» على التحليل النفسي للتجارب الحية دون الاعتماد على الحجج النقلية من الكتاب أو السنة أو أقوال الصحابة باستثناء أقوال بعض الحكماء. وهو أيضًا سؤال وجواب يعتمد على التنظير العقلي الخالص باستثناء آية واحدة.١٢٨ ومسائل «دفع الوسواس» سؤال وجواب. تعتمد على التحليل النفسي الصِّرف دون الاستعانة بالأدلة النقلية باستثناء آية قرآنية واحدة.١٢٩ ومسألة أفضل العبادة «سؤال وجواب. ما زالت تعتمد على الأدلة النقلية، أربعة أحاديث».١٣٠ و«مكابدة الهوى» تنظير مباشر وتحليل نفسي دون الاعتماد على أي من الأدلة النقلية، قرآنًا أو حديثًا باستثناء حديث واحد وبعض أقوال الصوفية والحكماء التي حللت هذه الانفعالات النفسية من قبل ووضعت لها صياغات عقلية.١٣١
وتقوم الأخلاق الصوفية على التخويف، التخويف من الآخرة، وتوهم الوقوف بين يدي الله عز وجل والارتعاد أمامه. وهذا هو مضمون كتاب «التوهم».١٣٢ يعتمد على الحجج النقلية قدر التحليل للتجارب الحية.١٣٣ والأسلوب خطابي. يتوجه إلى المخاطب لدعوته لمعايشة التجربة، وهي تجربة وهمية تستبق الأحداث، وهي تجربة الموت والبعث والوقوف أمام الله عز وجل للحساب والعقاب. لا تنقسم إلى أبواب وفصول بل هو نداء حاد متواصل لتوهم الموت بدلًا من عشق الحياة. ويتكرر أمر «توهم» عشرات المرات للتذكير بالموت.١٣٤ والموت ليس تجربة تُستدعى من المستقبل إلى الحاضر. هي التجربة الوحيدة التي لا تُنتظر.١٣٥
الرعاية لحقوق الله والقيام بها «موضوع السؤال عن أمر عظيم»، موضوع حديث موسى.١٣٦ كما أنه حديث نبوي يظهر فيه لفظ الرعاية.١٣٧ ولفهمه يتحول النص إلى القلب إلى تجربة روحية بدلًا من الجدل الكلامي وفقه السلطان دون الوقوع في الرهبانية. ولفظ الرعاية أيضًا لفظ قرآني إشارة إلى الرهبانية فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا.
ويغلب عليها تحليل أهواء النفس قبل أن تظهر المقامات والأحوال باعتبارها فضائل النفس. فالرياء والكبر والغرَّة والحسد ومعرفة سوء أحوال النفس ودعائها إلى هواها انفعالات سلبية. كما يظهر التصوف كطريق في «تأديب المريد» ويتضح التراكم الفلسفي بذكر الصوفية السابقين. لذلك يروي عن الصوفية. وأول العلم حسن الاستماع ثم الفهم ثم الحفظ ثم العمل ثم النشر.١٣٨ ويستعين بعلم التفسير لشرح بعض الآيات مما يدل على اعتماد التصوف على غيره من علوم الكلام والفلسفة وأصول الفقه من العلوم العقلية النقلية والفقه والتفسير من العلوم النقلية. المقدمة فلسفية دينية تبدأ بشرح البسملة وتعتمد على آراء الحكماء دون تعيينهم مما يدل على أن التصوف أصبح هو المصب للحكمة الخالدة.١٣٩ كما يعتمد على بعض الحكايات المروية عن الأولياء. فالتصوف ليس تحليلات نظرية أو نفسية بل حوادث واقعية وسلوك يومي، فردي وجماعي. ولا يهم السند في الحديث بل المتن مشجب لتعليق تحليلات الصوفية عليه. لذلك نادرًا ما تُسند الأحاديث.

(٤) «المكاسب»١٤٠

والمقصود التفويض. وهو الذي تحول بعد ذلك إلى التوكل والرضا وعدم الأخذ بالأسباب، وما يتبقى من إيمان بالقضاء وتسليم بالقدر. وفرض التوكل يجمع الخواص والعوام في حبس الرزق وإطلاقه. والحركة في الكسب لطلب الرزق به محمود ومذموم. والأفضل ترك الحركة في الكسب كلية والحرص على الورع. وتتفق عليه مذاهب السلف. فالتصوف بهذا المعنى نزعة سلفية. ومن التقشف في المطاعم والملابس واتقاء الشبهات، وعدم التعاون على الإثم والعدوان، يمتد الورع إلى جوائز السلطان. ويتبعه الجوع دون سؤال وتحري. ويعتمد على القرآن قدر الاعتماد على الحديث دون الشعر.١٤١ ويغيب السند لصالح المتن. ويزداد التحليل النظري. ويظهر التراكم التاريخي على استحياء في الإحالة إلى شقيق البلخي.

(٥) «الرعاية لحقوق الله»١٤٢

«والرعاية لحقوق الله» وكما يدل العنوان يتضمن واجبات الإنسان. والسؤال هو أين حقوق الإنسان والواجبات العقلية، كالصلاح والأصلح والتعويض عن الآلام كما قرر المعتزلة؟ عدم التوازن هذا بين حضور حقوق الله وغياب حقوق الإنسان هو أحد أسباب ضياع حقوق الإنسان في هذا الزمن. والكتاب مؤلف بطريقة السؤال والجواب وهي أقرب إلى رواية الحديث الشفاهي المدون. تبدأ بفعل و«حدثني». ويعتمد على الحُجج النقلية قدر الاعتماد على التنظير العقلي والتحليل النفسي وتعتمد على علم التفسير لشرح الآيات. ولا يعتمد على الوافد باستثناء بعض الحكماء.١٤٣ وهو أكبر مؤلفات المحاسبي من حيث الكم بعدها أعمال القلوب والجوارح، كتاب المسترشدين، الوصايا، المكاسب، العقل، آداب النفوس، بدء من أناب إلى الله، المعرفة، القصد والرجوع. وهو أقرب النصوص التكوينية في التصوف الخلقي والمقامات والأحوال قبل «قوت القلوب» لأبي طالب المكي و«كشف المحجوب» لعلي الهجويري و«الرسالة القشيرية» لعبد الكريم القشيري والتي صبت كلها في «إحياء علوم الدين» للغزالي.
ويشمل بعد المقدمة سبعة موضوعات: الرياء، الإخوان ومعرفة النفس، التنبيه، العجب، الكِبر، الغرَّة، الحسد، تأديب المريد. وأكبرها الرياء، ثم المقدمة، ثم الغرَّة، ثم الكبر، ثم العجب، ثم الحسد، ثم الإخوان ومعرفة النفس، ثم التنبيه.١٤٤ لذلك أتى طويلًا مسهبًا بلا تركيز. وينقسم كل موضوع إلى عدة أبواب صغيرة.
وهو ربما أضخم كتاب في التصوف قبل «الإحياء». يعتمد على القرآن ثم الحديث. ويخلو من الشعر.١٤٥ ولا يظهر أعلام الصوفية إلا نادرًا مثل وهب بن منبه.١٤٦ ولا فرق بين الصوفية والحكماء.١٤٧
ويضم الكتاب بعد المقدمة سبعة كتب عن الرياء، والإخوان، ومعرفه النفس، والتنبيه، والعجب، والكبر، والغرة، والحسد، ثم تأديب المريد. أكبرها الرياء وأصغرها التنبيه.١٤٨ ومعظمها عن الرذائل. والمقدمة تحديد معنى رعاية حقوق الله وهي أقرب إلى واجبات الإنسان.١٤٩ وتتناول موضوعات الفضائل مثل التقوى والورع والحذر، وبعض الأحوال مثل الخوف، وبعض خوالج النفس كالهم والتذكر والمعرفة، وبعض المقامات مثل التوكل، وبعض مسائل الفقه مثل أداء الفرائض والنوافل، وبعض أمور المعاد مثل كراهة الموت.
والرياء أسوأ الآفات. وهو ازدواجية القول والسلوك، وعدم صفاء النية، والفصل بين النية والعمل. والدافع إليه الحرص على ما في أيدي الناس، والخوف من فقده. رمزه إبليس أي الادعاء والفصل بين الظاهر والباطن.١٥٠ وقد يكون العجب بالدين أو بإضافة العمل إلى النفس أو بالرأي الخاطئ أو بأعمال الطاعة أو بالدنيا والنفس وكثرة المال والبنين.١٥١ ويرتبط به الكبر والكبرياء. وقد يكون الكبر أيضًا بالدنيا والعلم والعمل والبدعة ونقيضه الصدق والتواضع.١٥٢ والغرة أصل الغرور. وقد تكون بالله، وبالفقه وبالعلم وبحفظ الكلام وبالجدل وبالعبادة وبالورع وبالغزو وبالحج وبالإخلاص وبطول الستر.١٥٣ وقد تكون من عوام المسلمين وعصاهم ومن أهل النسك والتقوى والفقه. أما الحسد فقد يكون على الرياسة وحب المنزلة وظاهر الدنيا والعجب. ويشمل الحقد والعداوة.١٥٤ لذلك يجب التنبيه على سوء أفعال النفس واتباعها هواها.١٥٥ وهو ما يستلزم صحبة الإخوان والابتعاد عن الشبهة ومعرفة النفس والتوبة.١٥٦ لذلك لزم تأديب المريد ورعاية سيرته وتحذيره من الفتنة وهدايته.١٥٧

(٦) «الوصايا (النصائح الدينية والنفحات القدسية)»١٥٨

وهي رسالة في التصوف العملي. تخاطب القارئ بنداء «إخواني»، وأقرب إلى العقل العملي منها إلى العقل النظري.١٥٩ وسبب التأليف هو بيان الفرقة الناجية وهم الصوفية الذين يدعون إلى صفاء القلب وإسقاط الهوى، والتخلي عن آفات النفس، وتطبيق الفرائض والسنة.١٦٠ والناس على أصناف في حب الله وفي العمل بالبر. وتعتمد على الحديث تقريبًا أربعة أضعاف اعتمادها على القرآن. ويغيب الشعر.١٦١ والمتن دون السند حرصًا على الأمر والنصيحة والوصية وليس سندها. وتبدأ رواية الحديث بلفظ بل وآية القرآن أيضًا. «بلغنا أن الله جَل ثناؤه قال».١٦٢ كما تعتمد على الإسرائيليات.١٦٣ وتضم واحدًا وأربعين بابًا تتنوع موضوعاتها بين الفضائل مثل التقوى والقناعة والتواضع كرد فعل على فساد الدين والدنيا، وإحراز ما يمكن من الخير، وطلب الحلال. كما تدعو إلى تجنُّب الرذائل مثل البخل والوقوف أمام مكائد الشيطان والعجب والكبر بالأعمال. وتحث على طريق العزلة والسرور بمصائب الدنيا والوقوف أي الصمود. كما تدعو إلى أعمال القلوب وتفقد السرائر والقلوب، والتقرب بطاعات القلوب، والسر في أعمال البر نظرًا لأخطار المدح، وطهارة النفس الأمَّارة بالسوء، وخشوع القلب مع الأبدان، ورعاية القلوب والجوارح، وقرن النية بالعمل النافع، وتصحيح أعمال الجوارح، والذكر باللسان والقلب، وضرورة الإنابة من الآثام، والتدبر عند قراءة القرآن، والابتعاد عن الشبهات، وشكر الله.

(د) الحكيم الترمذي

وتستمر المرحلة الخلقية عند الترمذي (ت٢٧٠ﻫ) وإن بدأ الاعتماد على تحليل التجارب النفسية والطبيعية بعد ترجمة علوم الطب في القرن الثاني الهجري. لذلك سمي الحكيم «الترمذي» وقد جمع من علوم القرآن والحديث والسيرة والكلام واللغة وعلم النفس والأخلاق والطب والتصوف والتاريخ والعلوم.١٦٤ والطب العضوي مقدمة للطب النفسي بعد تجاوز الطب النبوي.١٦٥
وفي المرحلة الأخلاقية يتم الاعتماد على الحجج النقلية، وعلى الآيات القرآنية أكثر من الأحاديث النبوية.١٦٦ وتكثر الأحاديث القدسية لأنها تتناول موضوعات عينية لإثارة الخيال.١٦٧ كما يعتمد على حكايات الصوفية وعلم الرواة أشبه بعلم الحديث المعاصر للمرحلة الخلقية.١٦٨ ويعتمد على أقوال الأنبياء السابقين داود وسليمان وموسى وعيسى ويوسف المستمدة من الإسرائيليات.١٦٩ لذلك يكثر ذكر أسماء الأنبياء. كما يعتمد على ضرب الأمثال الطبيعية والكونية والاجتماعية والاقتصادية.١٧٠ والتحليل العقلي ليس مرفوضًا كما هو الحال في التصوف الطرقي في المرحلة الرابعة. وتتوالى مصطلحات المرحلة الخلقية في الظهور عند الترمذي مثل «الرياضة»، «أدب النفس».
وغالبية الصوفية من أواسط آسيا مثل الترمذي حيث الديانات الشرقية، الهندوسية والبوذية خاصة. ومع ذلك ظهر أيضًا صوفية بغداد كالحلاج والبصرة مثل الحسن البصري. فالمنطقة الجغرافية أحد المصادر الثقافية للتصوف. كان البسطامي مجوسيًّا ثم أسلم ولكنها ليست العامل الوحيد. لذلك تذكر بعض العبارات بالفارسية عند البسطامي والترمذي. بل إن هناك مؤلفات كاملة بالفارسية لفريد الدين العطار وجلال الدين الرومي والهجويري. وتظهر بعض العبارات الفارسية في أدب النفس للترمذي.١٧١
ويعتمد الصوفية على ضرب الأمثال في التعبير. فالمثل أكثر قدرة على التعبير من العبارة.١٧٢ وتتعدد مجالات التشبيه من البدن إلى الكون إلى التاريخ كما هو الحال في رسائل إخوان الصفا. وهي مدونة من نفس العصر. قيادة النفس للبدن مثل قيادة الفارس للحصان.

(١) «كتاب الرياضة»١٧٣

وتعني الرياضة أيضًا تهذيب النفس والتخلي عن آفاتها. تجمع بين الطب وعلم النفس، بين علاج البدن وإصلاح الروح. فكلاهما أجزاء للإنسان ويحتاج إلى الفحص جزءًا جزءًا. فالشهوة بين البدن وهوى النفس. يعتمد على القرآن ثم الحديث دون الشعر.١٧٤ ويستعمل أسلوب القول «فإن قال قائل».١٧٥ ولا يُذكر أحد من الصوفية أو المحدثين الكبار.١٧٦ تقوم على استنباط الأخلاق من النص دون تحليلٍ كافٍ للتجارب النفسية. ولا يقسم إلى أبواب أو فصول، بل يتناول عدة موضوعات متنوعة. سلطان الشهوة يعادله سلطان المعرفة. وموضوع الفرح من المذموم ومن المحمود. والأفضل اتقاؤه. ومن الأهواء الكبر في النفس. وابن آدم مطبوع على سبع: الغفلة والشك والشرك والرغبة والرهبة والشهوة والغضب. والجوارح سبع: اللسان والسمع والبصر واليدان والرجلان والبطن والفرج. ومستقرها البطن. والقلب أميرها بما يُشرق عليها من أنوار تصقله. الجوارح أمانة، وتهذيبها بالصوم. ويقوم الصوفية بالمجاهدة، ومنع النفس من الحلال، وحث الأكياس في أحوال النفس، ودرع المؤمن حتى يتجلى الله. وقد ارتبط الصوفية بالعهد منذ أَلَسْتُ، وحملوا نور التوحيد.
وفي «كتاب الرياضة» لا توجد أبواب أو فصول بل يوجد خطاب إرشادي وعظي متصل أقرب إلى الخطاب الشفاهي قبل التدوين. وكذلك كتاب «أدب النفس» مع التذكير بالموضوع والإحالة إليه.١٧٧ كما يحيل إلى أجزاء الكتاب في البداية أو النهاية لاستكمال الموضوع.١٧٨ ويقوي ذلك أساليب البيان والبديع من سجع وطباق وباقي الأساليب الأدبية.١٧٩ كما يستعمل أسلوب السؤال والجواب فإن «قال قائل … قال» فالحوار أسلوب تربوي منذ سقراط وأفلاطون.١٨٠
ويحيل الترمذي إلى باقي أعماله مما يدل على وحدة الموقف.١٨١ ويحدث التراكم التاريخي ليس فقط في أسماء الرواة كما هو الحال في علم الحديث بل استرجاعًا للصوفية الأوائل الذين لم يتركوا مصنفات مدونة وإن تناقل الرواة أقوالهم.١٨٢

كان الصوفية من المعارضين الأوائل حتى في المرحلة الخلقية. فقد اتهم الترمذي بالكفر بسبب «ختم الولاية» أو «ختم الأنبياء» و«علل الشريعة». فللأولياء خاتم كما أن للأنبياء خاتمًا. والولاية أفضل من النبوة بدليل قول النبي «يغبطهم النبيون والشهداء». وهناك عناصر تشابه بين المرحلة الخلقية والديانات الشرقية مثل البوذية في السيطرة على الأهواء والانفعالات من أجل التحرر منها والسيطرة على شهوات النفس في التصوف.

(٢) «أدب النفس»١٨٣

وهو من نفس النوع. ويعتمد على القرآن أكثر من الحديث دون الشعر.١٨٤ ومن أعلام المحدثين والصوفية بعد الرسول ابن عباس وحارثة ثم ابن المبارك ثم الحسن البصري ومالك بن دينار وأويس القرني. ومن الفقهاء أنس بن مالك. ومن الأنبياء عيسى ثم آدم ثم داود ويوسف. ومن الرواة يذكر العشرات. ومن الملائكة جبريل.١٨٥ وهو أيضًا بلا أبواب أو فصول بل يضم عدة موضوعات أخلاقية مثل رياضة النفس وأثرها في قبول أحكام الله، ومجاهدة النفس ورياضتها، وعدم الغفلة عنها، ومنع اللذة والشهوة عنها، وتحرير القلب من رقها، والتخلص من الهوى والشهوات، وصفاء القلب وطهارته أو صقله متى يحل الإيمان واليقين فيه. وتظهر بعض المقامات مثل الصبر والرضا وبعض الأحوال مثل الفرح والحزن على الأنبياء والمتقين. ويظهر بعض القصص الرمزي مثل البازي والدابة، وذكر أفعال الخضر التي يدل باطنها على غير ظاهرها.

(ﻫ) رسائل ابن أبي الدنيا (٢٨١ﻫ)

(١) «كتاب الشكر»

وهو أيضًا في موضوع للحديث النبوي وأحد مقامات الصوفية في آنٍ واحد. كله أحاديث، وأقله قرآن وشعر.١٨٦ وبلا أبواب أو فصول بالرغم من قسمته إلى جزأين بلا أي دلالة أو معيار للقسمة. الجزء الأول للرسول والصحابة، والثاني للعلماء الفقهاء والصوفية مما يدل على بداية تخلق الوعي التاريخي بالطبقات دون ترتيب زماني أو أبجدي. أكثر من نصف الأحاديث أقوال مباشرة، والباقي روايات وحكايات. يذكر السند مع المتن. ويذكر القرآن داخل الحديث.١٨٧ ويعتمد على الإسرائيليات في أقوال الأنبياء السابقين خاصة نوح وداود وموسى.١٨٨ ومن الصوفية والزهاد والمحدثين والعلماء يذكر أولًا الرسول ثم الحسن البصري ثم ابن أبي الدنيا ثم أبو حاتم الرازي، ثم سفيان الثوري ثم ابن عيينة ثم عائشة ثم وهب بن منبه. ومنهم إبراهيم بن أدهم وأبو سليمان الداراني وعمران بن حصين، وعمرو بن دينار، والفضيل بن عياض، ومن الفقهاء أنس بن مالك ومن الأنبياء داود ثم موسى ونوح.١٨٩ ومن المجموعات يتقدم الأنصار.١٩٠ ومن البلدان الكوفة والمدينة ثم مكة ثم باقي البلدان.١٩١

(٢) «الصمت وحفظ اللسان»١٩٢

والصمت إحدى الفضائل الصوفية المذكورة في «الرسالة القشيرية». والمؤلف مؤرخ وصاحب مغازي وسير. ومع ذلك اكتفى بدور المحدث، جمع الأحاديث وأقوال الصحابة والتابعين حول فضيلة الصمت وحفظ اللسان. وتتكرر بعض الأحاديث وتتعدد الروايات لأهمية السند من أجل صحة الحديث. وللأحاديث الأولوية على الآيات كما أن للآيات الأولوية على الشعر.١٩٣ والأحاديث مجرد رصد دون موضوعات في أبواب أو فصول. كما يُذكر العديد من الإسرائيليات كمصدر لفضيلة الصمت عند الأنبياء.١٩٤ ويبدو أن الدافع هو رد فعل على جدال المتكلمين. ولا يذكر إلا الوافد الشرقي، الهند، مرة واحدة.١٩٥
وتذكر في المقدمة الإجازة بالرواية دون أي مقدمة نظرية أخرى. وأسماء الأعلام من الصوفية يتقدمها أبو هريرة والحسن البصري ثم أنس بن مالك ثم إبراهيم التميمي ثم الأحنف بن قيس، أبو الدرداء، مالك بن دينار، إبراهيم النخعي ثم ابن سيرين، وهب بن منبه، أبو سعيد الخدري ثم سلمان الفارسي، فضيل بن عياض ثم إبراهيم بن أدهم وأويس القرني. ومن الفقهاء أحمد بن حنبل. ومن الصحابة يتقدم أبو هريرة ثم عبد الله بن مسعود ثم عمر ثم ابن عباس ومجاهد ثم عبد الله بن عمر ثم علي ثم أبو بكر، ثم معاوية! ومن زوجات الرسول تتقدم عائشة. ومن المحدثين يتقدم ابن أبي الدنيا ثم الترمذي. ومن التابعين يتقدم عمر بن عبد العزيز. ومن الأنبياء يتقدم عيسى ثم لقمان ثم موسى ثم داود ثم إسماعيل وذو القرنين إذا كان نبيًّا.١٩٦ والكوفة هي المدينة الأولى لظهور الصوفية ثم البصرة في العراق، ثم خراسان في الشام ثم الحجاز.١٩٧

(٣) «محاسبة النفس والازدراء عليها»١٩٨

قد يظهر عند مؤلف واحد أكثر من شكل من أشكال الوعي التاريخي مثل ابن أبي الدنيا. فبالرغم من أنه لديه الوعي التاريخي بالحديث إلا أن لديه أيضًا الوعي بالأخلاق الفردية مثل «محاسبة النفس». فهو لا يعتمد على الحديث بل على أقوال الصحابة والتابعين لأجيال أربعة. ومن قلة الاعتماد على الحديث أضافه المحقق في تخريج أقوال الصحابة والتابعين وإرجاعها إلى الحديث.١٩٩ ولا يعتمد على القرآن قدر اعتماده على الشعر.٢٠٠ ويظل الأسلوب هو الرواية، والسند مع المتن. ومن الصوفية يذكر مالك بن دينار.٢٠١ ولا توجد مقدمة نظرية ولا خاتمة ولا أي تحليل نفسي. توجد فقط الإجازة بالحديث في البداية والنهاية.٢٠٢ كما يبدأ الموضوع في الظهور من خلال الأقوال. ويوضع في أبواب خمسة: ذم النفس، معاقبة النفس، جهاد النفس ومنعها من شهواتها، الحذر على النفس من مخالفة سوء المنقلب والمقت، إجهاد النفس في الأعمال طلبًا للراحة يوم الميعاد.

(و) «كتاب الزهد» لابن أبي عاصم (٢٨٢ﻫ)٢٠٣

ويكشف عن التقاء علم الحديث والتصوف في مقام الزهد، ونشأة علم التصوف من علم الحديث. ويخلو من الأبواب والفصول. يذكر فقط لفظ «باب» ست مرات دون عناوين، منهما مرتان فقط عنوان الباب هي حديث الرسول.٢٠٤ وتُذكر أحاديث النبي في الموضوع تباعًا، السند مع المتن. وتتكرر بعض الأحاديث.٢٠٥ وتشمل الأحاديث الأقوال والحكايات.٢٠٦ ولا يظهر القرآن أو الشعر. بل تضم أقوال بعض الصحابة دون الزهاد والعباد والنسَّاك الأوائل. وتظهر الإسرائيليات في أقوال الأنبياء السابقين في الزهد.٢٠٧ ويخلو الكتاب من أي مقدمة أو خاتمة نظرية تبين الهدف من الكتاب أو سبب تأليفه. كما يخلو من أي أدلة عقلية أو عرض نظري. ويعرف الزهد سلبًا بمعنى ترك الدنيا.

(ز) «الأنوار في علم الأسرار ومقامات الأبرار» لأبي القاسم الصقلي المالكي (٣٨٠ﻫ)٢٠٨

وبالرغم من أن العنوان في المعرفة الكشفية إلا أنه أقرب إلى الأخلاق النفسية والمقامات والأحوال. وبالرغم من اعتماده على بعض الآيات والأحاديث إلا أنه يقوم على مستوًى عالٍ من التنظير اعتمادًا على القسمة العقلية.٢٠٩ وأحيانًا تتوالى الآيات بالرغم من قلتها.٢١٠ ولا يُذكر أحد من الصوفية الأوائل على الإطلاق، ولا أحد من الرواة. ولا يذكر إلا الحكماء مرة واحدة.٢١١ وكل فقرة خطاب أمري مباشر يتوجه إلى القارئ لنبدأ التربية الخلقية وتهذيب النفس ومحاسبتها كما فعل المحاسبي والترمذي من قبل. وهي أقوال للمؤلف مثل أقوال التستري مجموعة في سبعة أجزاء بلا عناوين. يتقدم كل منها فعل القول لمجرد القسمة. ويمكن استنباط موضوعاتها كالآتي: مفاتيح الرشد ومزيد الهداية، مراتب العلماء وأهل المعرفة، منن الله على الأمة، حكمة الله، فروض الله على المؤمنين، آداب أهل المحبة مع الله، والعلم والعلماء. أكبرها الخامس، فروض الله على المؤمنين وأصغرها السابع، العلم والعلماء.٢١٢ تقع بين مصطلحات الصوفية والتجارب الأخلاقية والنفسية.
وتقوم المقدمة على قسمة عقلية. الغاية العمل بالتحقيق. وعليه أربعة علامات: الأمر والنهي والترغيب والترهيب. وله أربعة أصول، لكل منها درجة ومقام. وأهلها الراسخون في العلم والطالبون لها والمريدون للمعرفة، حزب الله، جنة الله. هذه الأصول الأربعة هي: معرفة الله، معرفة دين الله، معرفة عدد الله، معرفة الدنيا. وتدور الأقوال كلها التي تبلغ المئات حول هذه الأصول الأربعة.٢١٣ وتتوالى القسمة العقلية عشرات المرات.٢١٤ ويبدأ بها الجزء الأول. وتضم مجموعة من المقامات مثل التوبة والصبر والشكر والمحبة والرضا والتوكل ومجموعة أقل من الأحوال، الخوف والرجاء، ومجموعة ثالثة من الفضائل مثل الإيمان والعمل والعلم والنصيحة. ونقيضها ما يبعد عن الهداية والرشاد: إسلام بلا صدق، عمل بلا إخلاص، علم بلا اتباع، عقل بلا فهم، معرفة بلا بصيرة. وتتوالى القسمة للرضا والتوكل والمعروف بين أيدي الناس، ومعرفة عقل الفاضل والأحمق، والسخف والطيع، والمحبة، والإرادة والحذر والحقيقة والمقامات … إلخ. كما تنقسم مراتب الناس، أهل الصدق وأهل والإرادة والعلماء والإخوان، والحكماء، وأصحاب اليمين … إلخ.٢١٥

وتردد الأقوال التي تقارب الألف حول موضوعات التصوف الأخلاقية الفضائل والرذائل، والتصوف النفسي مثل المقامات والأحوال، والتصوف النظري في نظرية المعرفة، والتصوف العملي في أحوال الطريق. فمتن التصوف الأخلاقي الفضائل كالفقر والورع والتعفف، الحلم والاتباع، الإنصاف، الصمت، العدل، الحياء، البكاء، الصدق، التقوى، الكرم والسخاء، الطهارة. ومن الرذائل الإفراط والأذى والإسراف والغضب، الهوى والحمق، سوء الظن، البدعة، الحسد، العجب، الكبر، البخل والشح، الرياء، الشهرة، الخرق، ومن التصوف النفسي، المقامات كالرضا والتوبة والمحبة والصبر، والزهد، والتوكل، والأحوال الخوف والرجاء، الأنس، الفناء والبقاء. ومن التصوف النظري، العلم، العقل، الوسوسة، اليقين، الغفلة، التوحيد، الكشف، الحكمة، ومن التصوف العملي، إنكار الدنيا، الرياضة والمجاهدة، العمل والأدب، البلاء، الامتحان، الذكر، المريد، الوحشة، المحاسبة، العامة والخاصة، الولاية، الحذر من النساء، الإرادة.

وأهم دلالة له هو نقد أحوال العصر وفساد الصوفية والعلماء. يكرر عدة مرات:٢١٦ معرفة العصر معرفة للنفس، معرفة النفس معرفة للعصر. فالإنسان ابن عصره، والصوفي ابن وقته.٢١٧ وشر زمان عندما يكون فيه التقي من العامة ذليلًا والفاجر من الخاصة عزيزًا.٢١٨ يتسم علماء أهل هذا الزمان بالجهل بالدين وادعاء المعرفة. وادعاء الزهد والتقوى باللباس والتدليس، وإيذاء الناس.٢١٩ وهم قدوة سيئة تؤدي إلى الهلاك في الدنيا والآخرة. هم علم بلا بصيرة، وخبر بلا فراسة، مع فسق المريدين أو صحتهم، وفساد السلاطين والعلماء بالرشوة، والتكالب على الدنيا، المال والسلطة، الثروة والرئاسة، وترك العمل بالحكم من الكتاب والسنة، والاعتماد على الأهواء والمصالح الشخصية.٢٢٠
ومن مظاهر فساد العصر ثلاثة في الدين: ترك الفرض، وموالاة العدو، وفقدان الثقة بالله. وثلاثة في الدنيا: أكل الحرام وغياب النصيحة وضياع الإنصاف. وثلاثة لدى الفقراء: عدم الصبر وعدم الرضا وعدم ترك الذم والمدح. وثلاثة لدى الأغنياء: عدم الشكر وبذل الفضل وترك النصح. وثلاثة في الأصل: إهمال الدين ومصلحة الدنيا والافتخار.٢٢١ وثلاثة في الإخوان: غياب سلامة الصدر والبذل عند الحاجة ونصرة الحق عند الغيبة.٢٢٢ الزمان زمان بلاء وفتنة وامتحان واختبار سواء لمن عارضه أو لمن رضيَ به.٢٢٣ والطريق هو محاسبة النفس وإصلاح الدين والكف عن الأذى.٢٢٤
لقد ضيع العوام والعلماء والعارفون والمريدون وأهل الإيمان وجميع الناس كل شيء، كلٌّ في مستواه.٢٢٥ ضيَّع العامة سبعة أشياء: الأمر والنهي، والترغيب والترهيب والآداب والقصص والأمثال. وضيَّع العلماء معاني ستة أشياء في الصلاة: الفرض والسنة والحدود والأحكام والترتيب والفهم. وضيَّع العارفون معاني خمسة أشياء في الإيمان: عقله وفهمه وعلمه وعمله ويقينه. وضيَّع المريدون معاني أربعة أشياء بالنسبة للحق: أدائه وأخذه وابتغائه وتمييزه. وضيَّع أهل الإيمان معاني ثلاثة أشياء: أحكام أصول الدين، واتباع الترغيب والترهيب وموافقة الحق في الرضا والغضب. وضيَّع الناس معنيين: النصيحة في الموالاة والإنصاف في العداوة. وضيَّعوا معنًى واحدًا هو إدخال المسرَّة بالموافقة للحق على قلوب المؤمنين.
وتلك من علامات آخر الزمان.٢٢٦ والسؤال هو: ما هي ظروف هذا العصر الحديث الشبيه بذلك العصر القديم؟ وهل هي ظروف مشابهة تقتضي نفس رد الفعل أم ظروف مغايرة تقتضي رد فعل جديدًا؟
ويحضر البعد السياسي في مقاومة السلطان الجائر.٢٢٧ فأشد بلاء في الأرض على العامة والخاصة سلطان جائر، وعالم فاجر وعابد جاهل ومصاحبة العلماء للسلطان فساد لهم. وصلاح الدنيا بأربعة: إمام عادل، وقاضي يحكم بما أنزل الله، وعالم يفتي بالسنة، وناسك يُغاث به العباد.٢٢٨ والأمل الدولة الأبدية وهي الجنة السرمدية، والبقاء دون الفناء.٢٢٩

(٤) الوعي التاريخي المعرفي

وهو قمة الوعي التاريخي في أشكاله الأولى قبل أن يصبح وعيًا نظريًّا خالصًا في مرحلة التصوف الفلسفي. وقد بدأ ذلك في رسالة العقل و«كتاب العلم» و«رسالة في التصوف» عند المحاسبي (٢٤٣ﻫ)، واستمر في «بستان المعرفة» عند الحلاج (٣٠٩ﻫ)، و«رسالة الاعتبار» عند ابن مسرة (٣١٩ﻫ).

(أ) رسائل المحاسبي (٢٤٣ﻫ)

(١) «رسالة العقل»٢٣٠

ويدحض تحليل العقل الحكم الشائع بأن منهج الذوق مضاد لمنهج العقل. فالعقل قادر على الوصول للكشف. يتفق عليه الفلاسفة والمتكلمون والأصوليون والصوفية. وتعتمد الرسالة على القرآن اعتمادًا كليًّا أكثر من الحديث.٢٣١ وتكاد تخلو من الأشعار. وهي على قدر كبير من التنظير. وهو العقل الأخلاقي، والعقل العملي الذي اشتهر به كانط. وهو صادر من الله. فأول ما خلق الله خلق العقل. وهو أعز من خلق. هو دليل وحجة. والحجة حجتان: عيان ظاهر أو خبر قاهر. والعقل يشمل الحس والقلب، العيان والوجدان.

(٢) «كتاب العلم»٢٣٢

وهو وعي تاريخي نظري بالتصوف كعلم. وهو على قدرٍ عالٍ من التنظير بالرغم من الاعتماد نسبيًّا على القرآن والحديث.٢٣٣ ولا يذكر من الصوفية الأوائل إلا سفيان بن عيينة ووهب بن منبه.٢٣٤ العلم على ثلاثة أنواع: علم الحلال والحرام وأحكام الدنيا، علم الظاهر وهو الفقه، وعلم أحكام الآخرة، علم الباطن، وعلم بالله وأحكام خلقه في الدارين. العلم الأول لأفعال الجوارح. والعلم الثاني لأفعال القلوب وفيها الفضائل والرذائل والمقامات والأحوال. والعلم الثالث لأهل الإيمان وحدهم.٢٣٥

(ب) أعمال الحلاج (٣٠٩ﻫ)

(١) «الروايات أو الأحاديث»٢٣٦

وهو كتاب أصيل يستبدل بالسند في الرواية والعنعنات الشهيرة مصادر قلبية للمعرفة المباشرة من الله «عن قلبي عن ربي أنه قال».٢٣٧ ولا يهم المتن بقدر ما يهم السند. لذلك يظهر «الله»، ضمن العنعنات.٢٣٨

(٢) «بستان المعرفة»٢٣٩

وهي رسالة صغيرة عن المعرفة تقوم على التنظير العقلي الخالص كما هو الحال في رسائل ابن مسرَّة عن الاعتبار والنظر. أسلوبها إلغازي، شديد التركيز. يكشف عن شدة الوجد وحالتي الفقد والوجد. المعرفة رؤية وشطح تقوم على الوحدة بين الذات والموضوع.٢٤٠

(ﺟ) «رسالة الاعتبار» لابن مسرَّة (٣١٩ﻫ)٢٤١

وتكشف عن الوعي الصوفي النظري وبداية الفلسفة الإلهية. والاعتبار هو النظر كما هو الحال عند ابن رشد. وقد سماه ابن الهيثم التجربة. لم يعد التصوف مجرد أخلاق عملية بل هو تأمل نظري على عكس الشطحات عند البسطامي والجنيد والشبلي والحلاج. وتعتمد على الآيات وحدها دون الحديث أو الشعر.٢٤٢ ومع ذلك يغلب عليها التنظير العقلي. ولا يشار إلى أحد من أعلام الصوفية.
وبالرغم من أن المرحلة الفلسفية في القرنين السادس والسابع عند السهروردي (ت٥٨٧ﻫ)، وابن الفارض (ت٦٣٢ﻫ) وابن عربي (ت٦٣٨) وابن سبعين (ت٦٦٩) إلا أنها بدأت مبكرة عند ابن مسرَّة الأندلسي (ت٣١٩)، بالرغم من أن لقبه هو الشيخ العارف المحقق في أعماله الفلسفية الخالصة مثل «رسالة الاعتبار» وموضوعها الصلة بين الدين والفلسفة مثل «فصل المقال» لابن رشد، و«خواص الحروف» في التأويل. ويحيل إلى الفلاسفة. و«رسالة الاعتبار» جواب على سؤال تلميذ له «لا يجد المستدل بالاعتبار من أسفل العالم إلى الأعلى إلا مثل ما دلت عليه الأنبياء من أعلى إلى أسفل» فالوحي هو العقل. والتنزيل هو التأويل. والإجابة «اتفق البرهان وتصادق النبأ الموصوف بالأثر المفهوم لزم العقل ضرورة الإقرار» وهو ما سماه ابن تيمية «موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول» أو «درء تعارض العقل والنقل»، وتعتمد على الآيات القرآنية بالرغم من اعتمادها على التحليل النظري الخالص.٢٤٣ ولا يعتمد على الحديث. فالقرآن أصل والحديث فرع، وكما تكثر من الآيات توغل في المسائل الفلسفية النظرية الخالصة المتعلقة بالطبيعيات. والاعتبار هو النظر عند ابن رشد، والتجربة عند ابن الهيثم، والتبصرة عند الصوفية وهو الاعتبار بمخلوقات الله عز وجل، جمعًا بين الاستدلال والتجربة، بين العقل والآية مع التحذير والترهيب والتذكير والتمجيد لأسمائه وصفاته. ثم يتحول الخطاب الفلسفي إلى حروف الأسماء.٢٤٤

(د) «بستان العارفين» لأبي الليث السمرقندي (٣٧٣ﻫ)٢٤٥

ويوحي العنوان بأنه في المعرفة الكشفية، وهو في الحقيقة في الفقه والآداب الشرعية، لقب المؤلف الإمام، لا يعتمد إلا على فقيه واحد هو أبو الليث، لقبه الزاهد، يبدأ به كل باب من الأبواب المائة وتسع وخمسين. ويتكرر قوله أكثر من مرة داخل بعض الأبواب. ومعظم الآداب أقرب إلى العادات منها إلى الفقه خاصة في آداب الطعام والشراب واللباس، والحمام والزيارة والحديث والمداواة. وتتوالى الأحاديث أحيانًا في دفعات.٢٤٦ وهي أقوال أكثر منها روايات أفعال. تغلب الأحاديث على الآيات، ويقل الشعر.٢٤٧ وتغيب الأحاديث القدسية نظرًا للطابع السلوكي للفقه دونما حاجة إلى اللجوء إلى الإيحاءات الخيالية والإخراج المسرحي. وتذكر المتون دون أسانيدها. وأكثر الأسماء المذكورة محدثون ورواة. ولا يذكر من الصوفية إلا الحسن البصري وذو النون. ويذكر الحكماء بالمعنى العام دون إشارة إلى وافد أو موروث. ويذكر من الوافد الشرقي برزجمهر.٢٤٨ ويقل التحليل العقلي إلى الحد الأدنى لدرجة الغياب أمام طغيان الأحاديث وكأن الكتاب في الحديث أو الفقه. ولا يظهر الجانب الصوفي. وسبب التأليف جمع فنون العلم الفردي للعامة والخاصة مستمدًّا من عدة كتب سابقة اعتمادًا على الأدلة النقلية وترك غوامض الكلام.٢٤٩  لذلك تناثرت الموضوعات وتكررت مما يستدعي إعادة تجميع وتصنيفها في عدة أبواب أصغر.٢٥٠

(٥) الوعي التاريخي الأدبي

ويظهر الوعي التاريخي الأدبي من جميع أقوال الصوفية المتناثرة في الروايات الشفاهية أو عبر التدوين المبكر أو المتأخر مثل أقوال التستري. وغالبًا ما تكون الأقوال شطحات مثل شطحات الجنيد والبسطامي. والأقوال هي وحدة التحليل الأخيرة في علوم الحكمة وعلوم التصوف.٢٥١ يجمع المحدثون أقوال الصوفية القدماء كما يجمع الرواة الحديث. وهي تدل على الوعي التاريخي عند المحدِّثين. فوحدة التحليل هي العمل الصوفي وليس ما يُجمع من أقوال شفاهية أو مدونة من غيره.٢٥٢ فجمع أقوال صوفية لم يكتبوا من أحد المحدثين لا يدل على الوعي التاريخي عند القدماء الذي لا يبدأ إلا بالتدوين.

(أ) الشطحات٢٥٣

ومن علامات التحول من المرحلة الخلقية إلى المرحلة النفسية الشطحات. والشطحة عبارة تعني بظاهرها غير ما توحي بباطنها. ظاهرها مخالف للفقه، وباطنها متفق مع التجربة الروحية. وهي أيضًا من علامات التحول من المرحلة النفسية إلى المرحلة الفلسفية نظرًا لما تتضمنه من معاني وتصورات مركزة وحادة حول الله والإنسان والعالم قبل أن تتحول إلى خطاب فلسفي برهاني عند السهروردي وابن عربي وابن سبعين. والشطح كلام يبدو ظاهره شنيعًا ولكن باطنه صحيحًا مستقيمًا.٢٥٤ هي عبارة مستغرَبة في التعبير من وجد فياض هاج بشدة وغلبه هياجه. يعني لغويًّا الحركة في مقابل الكلام الذي يتفق ظاهره مع باطنه الساكن.٢٥٥ والحركة ليست في الكلام بل في النفس والذهن والعقل والروح والقلب والفؤاد. الحركة في الداخل وليست في الخارج. وهو معنى عبارة النفري الشهيرة «إذا اتسعت الرؤية ضاقت العبارة». ولا تأتي الشناعة من الشطح ولا من الصوفي بل من أهل الظاهر وأعداء الصوفية والأولياء، غيرة منهم، وحسدًا لهم، وتقربًا إلى السلطان، ودفاعًا عن مناصبهم المزورة كما وصف الكندي «رجال الدين» الذين يعادون الفلسفة. وأقل ما يوجد لأهل الكمال الشطح لأنه تمكن من المعنى. يقع في البداية من أجل الوصول إلى الكمال في النهاية فتكون بدايته نهايات الإرادات. وتعني بداية الغايات والكمال والنهايات.٢٥٦ ومعظم الشطحات أقوال ملغزة تشد الانتباه وتصدم العامة والفقهاء. والبعض منها حكايات طويلة يصعب سماعها وحفظها وأداؤها طبقًا لشروط الرواية. هي أقرب إلى الحكايات الرمزية.٢٥٧ الشطحات القصيرة تهتم بالتجربة المباشرة والشطحات الطويلة تعتمد على الاستدلال.٢٥٨
هي عبارات تدل على التوحد بالله أي إثبات الذات.٢٥٩ وتعني رمزًا التوحيد بين الذات الإنسانية والذات الإلهية، بين قيس وليلى.٢٦٠ ويشعر الصوفي أنه هو الله الجدير بالعبادة.٢٦١ ويتوحد مع الله.٢٦٢
والشطحات نوعان. شطحات أقوال وشطحات أفعال. شطحات الأقوال هي الأقوال التي يدل ظاهرها على غير باطنها. ظاهرها كفر صراح، وباطنها إيمان عميق بالتوحيد بين الخالق والمخلوق. وشطحات الأفعال هي كرامات الأولياء، الأفعال الخارقة للعادة والتي تبدو كالمعجزات. وقد تعبر الشطحة عن التسليم بالأمر الواقع مثل ضرب اللصوص على أبواب السلاطين.٢٦٣
وللشطحات أشكالها الأدبية مثل أقوال الأنبياء وأمثالهم ورموزهم تتميز بالتركيز الشديد، وبالتكرار عودًا على بَدء، وبالقلب والمبادلة. وهو موضوع دراسة مستقلة.٢٦٤ ونظرًا لبنية الشطحة اللغوية يمكن التنبؤ بالشطرة الثانية منها. وتكرار الشطحات يدل على أنها بنية نفسية تتكرر وليس فقط تكرر الروايات وتعدد المصادر. ولا يدل وجود بعض الأقوال بالفارسية أن الشطحات خاصة والتصوف عامة ذو أصول فارسية. كما لا يدل الأصل المجوسي للبسطامي على أن التصوف عامة والشطحات خاصة فارسية الأصل.٢٦٥

ولا يحتاج الشطح إلى إثبات من حكاية موسى والخضر؛ إذ تثبت الحكاية فقط الفرق بين الظاهر والباطن في الأفعال وليس الشطح في الأقوال. كما لا يحتاج إلى أدلة من الكتاب والسنة على وجوده إلا على سبيل الحجاج ضد الخصوم، ورد الحجة بالحجة مما يوقع في ضرب الكتاب بعضه بالبعض. ولا يحتاج كذلك إلى الاعتماد على أقوال الصحابة والتابعين والآثار المنقولة عنهم لأن الخصوم يختارون وينتقون آثارًا أخرى مضادة. وفي التاريخ رصيد كامل لكل الاتجاهات مثل الكتاب والسنة. والكل إلى رسول منتسب.

(١) شطحات أبي يزيد (٢٦١ﻫ)

والشطحات المروية عن البسطامي كثيرة.٢٦٦ وكلها روايات شفاهية دون التحقق من صدقها كما هو الحال في علم الحديث. وقد يكون تكرار بعضها عند أكثر من راوٍ نوعًا من التواتر. وقد تم تأليفها بناءً على سؤال لمعرفة مناقب الشيخ.٢٦٧ ولها سند ومتن مثل الحديث. وقد يتدخل الخيال في الروايات نظرًا لأنها لم تخضع لمناهج النقد التاريخي خاصة إذا كانت حكاية خيالية أو رواية أسطورية.٢٦٨ ليست كل الأقوال شطحات بل منها ما هي أقوال خلقية شبيهة بالمرحلة الخلقية عند المحاسبي والترمذي والخراز.

ويمكن رد ذلك إلى حديث الرسول عندما كان يقول قبل الصلاة «وقفت بين يدي الجبار». وأقوال الشعراء تشهد على ذلك. و«التوحيد بين ذات الله وذات الإنسان» هو معنى الحديث القدسي الشهير «ما زال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه. فإن أحببته كنت عينه التي يبصر بها وسمعه الذي يسمع به، ولسانه الذي ينطق به، ويده التي يبطش بها.» وتدل هذه الشطحة على مدى القرب بين الإنسان والله، وإعجاب الله بالإنسان، ورغبة الخلق في رؤية الإنسان وليس الله، وموافقة الرب على ذلك، ورفع الإنسان إلى أعلى حتى يراه الخلق. ويرفض الإنسان أن يكون موضوعًا للرؤية إلا إذا زينه الله بوحدانيته، وألبسه أنانيته، ورفعه إلى أحديته. فإذا رآه الخلق كأنهم رأوا الله. ومن ثم يرى الخلق الله ولا يرون الإنسان. الله يريد الإنسان، والإنسان يريد الله موضوعًا للرؤية. كلٌّ يؤثر الآخر على نفسه.

وإذا توحد الإنسان مع الله فإنه يشعر أنه قد تخفف من ثقل الجسم، واستبدل بجسمه الأحدية، استبدل الكم بالكيف، والبدن بالروح. فأصبح طائرًا جناحاه من الديمومية، وهي صفة الأحدية. وظل الطائر يطير عشر سنين في هواء قدره مائة ألف مرة من هواء الدنيا؛ أي في الفضاء الفسيح حيث لا جاذبية تمنع من الطير بسرعة أسرع من الصوت وربما أسرع من الضوء إلى أن وصل الطير ميدان الأزلية، أي الخلود، فرأى شجرة الأحدية وهي غاية المطاف.٢٦٩ وليس المقصود بتحديد المسافة الكم بل تصور عظمة الكيف. ويعني الطيران ليس الانتقال الجسدي بل الانتقال الروحي من فرح اللقاء. وهي تجربة إنسانية في حالة التوتر القصوى يشعر الإنسان بخفة البدن، وتنعكس الجاذبية إلى الأرض إلى الجاذبية إلى السماء، مثل تجربة الإسراء والمعراج. وفي القرآن آية تصور الطير في العنق صورة للمسئولية.٢٧٠
وتتكرر صورة الطير والرحلة وملذتها في الميادين مثل ميدان الليسية لأنها بلا كم. وما زال طول الرحلة يتحدد بالسنة الضوئية حتى الخلاء المطلق وهو الضياع في الفضاء اللانهائي وهو التوحيد حتى يغيب الإنسان عن نفسه ويفنى.٢٧١ فصورة الطير مألوفة في الكتابات الصوفية؛ في الشطحات أو في الرسائل. فقد كتب كلٌّ من ابن سينا والغزالي رسالة في الطير. ولا يوجد تأويل واحد في الشطحات كما هو الحال في النصوص النثرية أو الشعرية المركزة. والصورة قرآنية.٢٧٢
وتختلف الشطحات طولًا وقصرًا، حكاية أو عبارة. وتدل العبارة القصيرة على شدة الوجد. وتستعمل الشطحة أحيانًا اسمًا من أسماء الله، وتنسبه إلى الله مثل «سبوح» و«سبحان».٢٧٣ وبعد التوحيد بين الاثنين تصبح الأسماء واحدة. وهي لا تنتسب إلى ما قال فرعون أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى لأن فرعون لم يتوحد بالله بالتجربة الصوفية ولكن بدعاء القوة. تخرج هذه الشطحة من شدة الفناء عن الذات والبقاء بالله. وإذا ضرب الصوفي خيمته عند العرش فذلك لدلالة قربه من صاحب العرش. والعرش نفسه صورة لله. والخيمة بجواره صورة للإنسان ما زال بها البعد دون القرب الذي يتجلى في الجلوس على العرش مع الله، ليس في تجاور بل في تماهي كامل. وهو غير ما قاله اليهود عن عزير ابن الله أو أنهم أبناء الله وأحباؤه لأن الأبوة والنبوة اثنينية. ولم تكن هناك محبة متبادلة بين الله واليهود.

(٢) شطحات الحلاج (٣٠٩ﻫ)

ومن أصحاب الشطحات الحسين بن منصور الحلاج الذي يبلغ من الشهرة في تاريخ التصوف عند الصوفية ودارسي التصوف مبلغًا لا يعادله إلا ابن عربي، مؤلفاته متناثرة. جُمعت أخيرًا في أعماله الكاملة.٢٧٤ بالإضافة إلى الروايات عنه وأشهرها «أخبار الحلاج».٢٧٥ والشطحة ضيق العبارة واشتداد الوجد، وليس فقط ضيق العبارة واتساع الرؤية كما عرفها النفري. مثال ذلك بصق الحلاج على النار حتى تصير ريحانًا على أهلها، وقدرته على التكلم بمثل هذا القرآن.٢٧٦
الشطحة نظرية أو عملية، قولية أو فعلية، تفسير الآية القرآنية أو الحديث النبوي عن طريق التجربة النفسية. ففي لحظة الصلب يقرأ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ، كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ، وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ. وفي وقت إنزاله من الجذع لضرب عنقه قرأ يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ.٢٧٧ وقبل الصلب أنشد بأن نديمه لا يظلم. يدعوه للشراب كضيف. وإذا دارت الرءوس دعا النطع والسيف.٢٧٨ وفي الشطحات القولية ينادي على من لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ، وآيات أخرى عن التوحيد الشامل أو الحروف مثل حم * عسق وتعبر التجربة النفسية بالشطحة وبالشعر كما تعبر بالآية٢٧٩ لقد أباح الله للناس قتل الحلاج. فالقتل أو حقن الدماء يعني خارج الصلاة والصوم وقراءة القرآن. وهو مصير الصوفي. فليقتله الناس ليؤجروا ويستريح. فليس للمسلمين هم إلا قتله.٢٨٠ قتل النفس هو ما أراده الحلاج وهو من الواجبات. لذلك إذا تعصب الناس يؤجرون.٢٨١ ومن تعصب لله يؤجر على ذلك.٢٨٢ ويستغيث الحلاج بأهل الإسلام لأنه لا يترك إلى نفسه فيأنس بها أو تؤخذ منه فيستريح منها. وهو دلال لا يطيقه.٢٨٣ وفي رسالة وداع إلى صاحبه يكتب الحلاج من الغريب المفرد إلى الشفيق المجد، يناجيه، ويثبت همته، ويكشف بالمباشرة، ويلطف بالمجاورة، ويتلذذ بالقرب، ويتزين بالأنس. يتشقى ويترقى ويتحقق وينصرف. ويتفكر ويخاطب ويراقب ويتجلى. «وتتحقق بعد أن تمزق. وتمزق بعد أن تزندق».٢٨٤ وبعد قطع يدي الحلاج ورجليه إيذاء له في الله والله يتودد لمن يؤذيه.٢٨٥
والبعض يشهد على الحلاج بالكفر، والبعض الآخر بالولاية. والشهادة بالكفر أفضل. والتعصب للدين أفضل من حسن الظن.٢٨٦ ومن ثم لا يناظر الحلاج خصومه. ويعترف لهم مسبقًا بأنهم على حق وهو على باطل.٢٨٧ والشهود زور. شهادة الحاضر زور، وشهادة الغائب حق.٢٨٨ والحلاج شهيد يقتل لأنه يقول ربي الله. وهو على مذهب ربه حنيفي عن أمة محمد. تأول عليه الخصوم. اعتقاده الإسلام، ومذهبه السنة، ويتبع الصحابة.٢٨٩
والوجد هو الأساس النفسي للشطحات. هو شدة الانفعال وراء غرابة العبارة. هو مشاهدة الحق في كل وقت. والمشاهدة على الدوام توجب الحرقة لأن الصوفي يذوب بالمشاهدة ويحترق. الوجد لهيب ينشأ في الأسراح شوقًا. فتضرب الجوارح هربًا وحزنًا من ذلك الوارد ويتعثر اللسان. الوجد وقتيٌّ زائل في حين أن المعرفة دائمة. هو قوة تذيب الأرض والجبال. تحرق النار وتهدم الجنة يوم القيامة. في الوجد تستنطق الألسنة ولكن تحت النطق ما يورد إلى التهلكة. وأنفس متعبة مستهلكة لا تقوى على السيطرة على الألسنة والأقوال. فتنطق بالشطحات. وصيحة تدل على الجهل به. ومن أحب حقيقة فإنه لا يحده، ولو طارت شرارة منه تحرق مالكًا وناره.٢٩٠ الوجد بلاء قد يؤدي بصاحبه إلى الشهادة. هو مصيدة وهوَّة تحتاج إلى غوث. ومهما قُطع صاحب الوجد بالبلاء إربًا إربًا فإنه يتلذذ بذلك ويزداد حبًّا. ويستغيث بالناس من الله الذي خطف ذاته ولم يردها إليه. وهو لا يُطيق حضرته، ويخشى الهجران، فيكون محرومًا منه، غائبًا عن نفسه. وما أقسى الغياب بعد الحضور، والهجر بعد الوصل. يطلب الواجد أن يقتله الناس حتى يؤجروا ويستريح وكأن ليس لدى المسلمين ما يشغلهم إلا قتله. وقتل هذه النفس التي شطحت من الواجب على الخلق تعصبًا للدين فيؤجرون عليه. وقد سبق لإبراهيم أن حرق بالنار. والواجد على أعتابه بالصلب والقتل.٢٩١
ويظهر عند الحلاج التراكم الصوفي بالإحالة إلى الجنيد. فليس للجنيد إلا الشيخوخة. ومنزلة الرجال تُعطى ولا تتعاطى. أما داود الظاهري فكان فقيهًا ينكر التصوف. ومحمد بن الخفيف تعصب لله وسيؤجر على ذلك. وقال الجنيد إنه كذب وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ. وأبو يزيد البسطامي مسكين أيضًا مع بدء النطق. فقد نطق الحق على لسانه. شهد المحجوب، وانطوى العارف. فلم يسمع ما نطق به لأنه من الحق سمع. ومن سمع الحق بالحق لا يظهر منه الإنكار ولا التعجب ولا الاستنكار.٢٩٢

(٣) شطحات الشبلي (٣٣٤ﻫ)

وللشبلي أيضًا شطحاته.٢٩٣ فالصوفي نظرًا لدرجته في الوصول يشعر أنه زعيم للناس وقائد للركب، وأنه مع الناس حيثما كانوا مثل الله، وأنهم تحت رعايته مثل الله. الصوفي قطب أو بدل. يدور الكون حوله. وهو بديل عن الله. وفي نفس الوقت يشعر الصوفي بالذل. فهو المتناهي في الكبر، المتناهي في الصغر في آن واحد. هو العالم الأكبر والعالم الأصغر بتعبير إخوان الصفا. وفي الحديث مضمون هذه الشطحات عندما يقترب الرسول من الله ويكون زعيمًا للبشر جميعًا وليس فقط لأمته.٢٩٤ وفي نفس الوقت جعل الرسول نفسه أقل من الأنبياء. ما هو إلا ابن امرأة كانت تأكل القديد.٢٩٥ وتبين شطحة أخرى قدرة الصوفي المطلقة على نيل الأقصى فكيف يطلب الأدنى؟٢٩٦ ويتفاوت الصوفية فيما بينهم في درجة الوصول وفي العلو. فلو كان أبو يزيد مع الشبلي لأسلم على يد أحد صبيانه. فأبو يزيد هو المريد والشبلي هو الشيخ.٢٩٧
وبعض الشطحات تصوير فني خالص مثل أمر الله تعالى الأرض أن تبتلع الشبلي إن كان ما زال فيه فضل لذكر جبريل وميكائيل. وتقال نفس الشطحة بطريقة أخرى دون تصوير فني بأمر الله الأرض بالابتلاع.٢٩٨ والشطحة لها رصيدها في الحديث.٢٩٩ وتكثر صور جبريل في الخيال الشعبي. له سبعمائة لغة، وسبعمائة جناح. منها جناحان إذا نشر واحد غطى المشرق، وإذا نشر الآخر غطى المغرب. ملك تغيب الدنيا بين جناحيه ويسد الأفق. وكيف كان يهبط في منزل الوحي عند خديجة أو عائشة؟ كيف يتحول الكبير جدًّا الذي بحجم الكون كله إلى أن يهبط في غرفة؟
وقد تعني الشطحة العالم في الإنسان وليس الإنسان في العالم، والمكان في الزمان، وليس الزمان في المكان. فالاتجاهات الأربعة كلها شعرة من خنصر الصوفي المتحد بالله.٣٠٠ وليس عند الصوفي فقط اللحظة الحاضرة بل الزمان كله الماضي والمستقبل. وقته ليس له طرفان. هو كل الوقت. وهو محق. فلم يعد فيه بقية لغيره. وإن كان فمصيرها النار. ولو اعتقد أن النار تحرق منه شعرة لكان مشركًا لأنه جعل شيئًا غير الله سببًا. وعذاب الصوفي إذا قطع الله معه وليس إذا قذف به في النار. ولله عباد لو أنهم بصقوا على جهنم لأطفَئوها.٣٠١ وللشطحة رصيد في القرآن والسنة والشعر.٣٠٢
ولما كانت الشطحات في الأفعال وليست فقط في الأقوال، وبالتالي تتحد مع الكرامات.٣٠٣ فكان يحرق ثيابه الثمينة في النار، وطعامه في النار، ويفرق أمواله على الناس إلا عياله وهو ما يخالف الشريعة في البداية بالأقربين. وتغذي الإسرائيليات هذه الحكايات البطولية عن الأنبياء. والحديث رصيد لها.٣٠٤

(٤) شطحات باقي الصوفية

ليس أصحاب الشطحات فقط هم كبار الصوفية كالبسطامي والحلاج ولكن أيضًا لغيرهم كأبي الحسين النوري وأبي حمزة الصوفي.٣٠٥ فالنوري يعشق الله، والله يعشقه.٣٠٦ وله أصل في الكتاب. والمؤذن قد يذكر الله وهو غافل ويأخذ أجرًا على ذلك. ولولاه ما ذكر الله. وكل شيء يسبح بحمد الله دون أن يفقه الإنسان تسبيحه، حتى نبح الكلاب. والقرآن رصيد في ذلك. وإذا كان الخليفة في بيت الله، فالصوفي مع الله في كل ساعة. ولذلك أيضًا رصيد في الكتاب. ويرفض الصوفي أن يأخذ ثمن بيع عقار حتى لا ينخدع بعيدًا عن الله. وكان أبو حمزة الصوفي إذا سمع صوتًا لهبوب الرياح أو خرير الماء وصياح الطيور كان يصيح «لبيك» لأن الله حال في كل شيء. والأمن إذا كان السبع على اليمين، والمسورة (المسندة) على اليسار لا يبالي الصوفي على أيهما يتكئ.٣٠٧ وذكر عن الواسطي أيضًا بعض الشطحات.٣٠٨ والذكر افتراء إذا قرن بالاستحقاق. فالله لا يجب عليه شيء. وقد يكون الذكر باللسان وليس بالقلب. فالنفاق نوع من الكذب.٣٠٩ وقد يكون الذكر لله مع شيء آخر وهو مشرك. وفي الكتاب وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ.٣١٠ والصبر في البلوى فضيلة وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللهِ. يدعو إلى الدعاء. والذنب للتذلل أفضل من الطاعة للتدلل وأعلى درجة التوحيد هو التفريد، عدم ملاحظة الحبيب أو الخليل دون ملاحظة الحق.٣١١ ولذلك رصيد في الحديث.٣١٢ وملاحظة النفس وإعطاؤها الأولوية التي ترتبط بالحديث.٣١٣
وقد رُمي جماعة من المشايخ أصحاب الشطحات بالكفر.٣١٤ وهم نوعان: الأول لم يفهموا معاني الكلام ودون جهد عقلي أو تأويل ديني. والثاني علموا مقاصدهم ومعانيهم، ولكنه لم يصبر معهم وأثر الدنيا مطلب الرياسة فعاداهم دفاعًا عن النفس.٣١٥ وممن كانوا موضع اتهام ذو النون المصري. وطلب من الله أخذ متهميه إن كانوا كاذبين. أما إن كانوا صادقين فإنه لا يدعو على خلق الله أبدًا. ومنهم سمنون ولقبه «المحب»، وأبو سعيد الخراز.٣١٦ كما طلب سهل بن عبد الله أن تكون التوبة فريضة على العبد مع كل نفس. فكفرته العامة. وهي مبالغة لبيان أهمية أداء الفروض.٣١٧ وقد اتهم عامر بن قيس لقوله إنه خير من إبراهيم وإنه يحرم ما أحل الله. وهو نوع من الثقة بالنفس، وبيان أن الحلال والحرام ظاهر، وأن الباطن هو القرب والبعد. ولذلك رصيد في الحديث.٣١٨ والمطلوب الصبر على البلاء لأن «الصبر مفتاح الفرج».٣١٩ ويذكر الطوسي نماذج من شطحات الصوفية اعتمادًا على تفسير الجنيد بالإضافة إلى تفسيره للتخفيف من وقعها، وبيان صحة معانيها اعتمادًا على القرآن والحديث والشعر العربي والتجربة الإنسانية.٣٢٠

(ب) أعمال الحلاج (٣٠٩ﻫ)

نصوص الولاية٣٢١

ومع أن العنوان يتعلق بالولاية، أي بالوعي التاريخي المغترب، إلا أن مضمونه في المصطلحات وألفاظ الصوفية.٣٢٢ وفي رسائله يذكر أيضًا بعض ألفاظ الصوفية ومصطلحاتهم.٣٢٣ وكذلك يذكر بعضها في متفرقات من كلامه.٣٢٤ ويعتمد على الآيات والأحاديث دون الأشعار.٣٢٥ ويظهر لفظ التصوف نفسه مما يدل على بداية تحوله إلى علم، الفرح الصوفي والدلال الصوفي. ومن أعلام الصوفية الجنيد، والبسطامي. وتشمل الألفاظ الاسم والحقيقة من أجل الانتقال من اللغة إلى الوجود، الحروف، العبارة، النقطة، الكلمة، الإشارة. وتظهر بعض ألفاظ الفضائل مثل الحياء، وبعض ألفاظ المقامات أو ما يشابهها مثل التفويض، والتوكل، الزهد، الشكر، العبودية، المحبة والعشق والشوق، ومن الأحوال: الأنس، الجمع، الخوف، الفناء، البقاء، الوجد، ومن مصطلحات الطريق: البلاء، الذكر، السماع، المجاهدة، المريد، المراقبة، المناجيات، النفس، الوقت، الهمة، العرف والمزاج، التحقق، الطاعة، العبادة.٣٢٦ ومن مصطلحات المعرفة: التجلي، الحجاب، الخاطر، الشطح، طريق الحقيقة، الظاهر والباطن، العارف والصوفي، العلم، الفراسة، المعرفة، الحكمة الإلهية، ومن مصطلحات الكلام: التنزيه والتوحيد، الجبر والاختيار، الحق والخلق، الكفر والإيمان، الوحدة والكثرة، القدم والحدوث، الاتصال، وحدة الأديان، الذات والصفات، البداية والنهاية، الدواعي، العمل، الإنسان والعالم، الرحمة الإلهية.

(ﺟ) «خواص الحروف وحقائقها وأصولها» لابن مسرَّة (٣١٩ﻫ)٣٢٧

ومن العناصر المكونة للوعي التاريخي الحروف والكلمات والشطحات؛ أي الوعي باللغة. فاللغة حامل للتاريخ من خلال الروايات الشفاهية والتدوين. والتركيز على أوائل السور يضع الرسالة في علم التفسير.٣٢٨ ويعتمد على الآيات أكثر من الأحاديث.٣٢٩ ومن الأعلام يذكر التستري.٣٣٠ ويرفض الوافد. فالفلاسفة هم قدماء الأمم الضالة. وهم غير الحكماء وهم فلاسفة المسلمين.٣٣١ والرسالة لصغرها ليس لها أبواب أو فصول. إنما تشمل عدة موضوعات مثل: الحروف على الجملة، مبدأ كل حرف منها. الألف دليل على الوحدانية.٣٣٢ وتتألف الحروف ويصبح لها معنًى باطن، وهي الحروف في أوائل السور وترتيبها.٣٣٣
كما يعتمد «خواص الحروف» على الحجج النقلية وليس فقط على التحليل النظري.٣٣٤ ويبدأ التراكم الفلسفي في الظهور خاصة الفلسفة من قدماء الأمم الضالة، والفلاسفة.٣٣٥ كما يظهر التراكم الصوفي خاصة التستري.٣٣٦ تعتمد على جمع المعلومات دون الإشارة إلى مصادرها أو أصحابها. ويتكرر الكثير منها طبقًا لتعدد النقل.

الله واحد. ويمكن تفصيله في ثلاث قضايا من جهة الخلق: علم الربوبية بدلالتها وشواهدها ويقينها، وعلم النبوة ببرهانها وآياتها وقبولها، وعلم المحنة بشرائعها ووعدها ووعيدها. أي الله، والنبوة، والمعاد وهي عقائد المتكلمين الفعلية والسمعية، الإلهية والنبوية.

وتنقسم هذه العلوم الثلاثة إلى مائة فصل؛ أي مائة درجة طبقًا لعدد أسماء الله الحسنى. وهي في نفس الوقت درجات الارتقاء إلى الجنة وإحصاؤها. هو علم النبي طبقًا لمعاني لفظ إحصاء في القرآن وكنوع من التفسير الموضوعي. وهو رأي نصي لا برهان عقلي عليه.

وللأسماء مراتب في نفسها ودرجات في ذواتها، انفصال واتصال، وعموم وخصوص في شرفها في المخلوقات. أعمها البسملة؛ أول مراتب العلم. ترتبط إذن خواص الحروف بعلم التفسير. وفي البسملة الله أول اسم مضمر. ومن الألوهية تُعرف باقي الأسماء. من الرحمن تخرج صفاته. ومن الرحيم تظهر رتبها. والحمدلة بيان لمجمل تحتوي اثني عشر اسمًا. وعلم الذات والصفات ليس علمًا مخفيًّا بل هو علم خاص بين الإنسان وربه. إنما القضية في معاني الحروف في أوائل السور مثل: الم، المص، كهيعص. اختلف العلماء في تأويلها طبقًا لتعدد الأفهام بين الخاصة والعامة لأن الوحي أتي لكل الناس. يعرضها ابن مسرَّة ناقلًا علم الآخرين احترامًا لسنة القدماء.٣٣٧
والحروف بوجه عام في أوائل السور أصل الأشياء، مصدر علم الله، خرج منها الأنبياء، وهو رأي التستري، ثمانية وعشرون حرفًا، نصفها ظاهرة، ونصفها باطنة. الباطنة مذكورة في أوائل السور. سرها لدى الرسول. من عرفها عرف معنى النبوة. وقد تكون على عدد منازل القمر، أيضًا نصفها ظاهر ونصفها باطن.٣٣٨
لها أسرار غامضة وحكمة عالية تظهر بعد أربعة عشر يومًا وتكتمل بعد أربعة عشر يومًا أخرى على عدد منازل القمر في حالة استفادة النفس بنور العقل وحصوله على العلم. النفس الناطقة كالقمر، والعقل كالشمس. وتستمد النفس الناطقة العلم من العقل كما يستمد القمر نوره من الشمس. ويعبر الإنسان بثمانية وعشرين حرفًا. فالعالم الصغير جزء من العالم الكبير كما هو الحال عند إخوان الصفا. ومع اعتبار القمر مع الشمس تظهر النفخة في الصور وبعث الأنفس كما خلقت أول مرة.٣٣٩
وترتيبها النون آخر آيات الكتاب.٣٤٠ ثم القاف النفس الطبيعية المنبعثة من النفس الكبرى الفلكية نحو الأرض.٣٤١ ثم تأتي المملكة الروحانية. «نون» للنوارنيين يتنزلون بالذكر والذهن، العقل الكلي، النفس الكبرى، ومنه خرج الملائكة والجن والأنس. نزلت على أربعة أنبياء، إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد، إبراهيم فوق، وعيسى وسط، ومحمد أعلى.
و«كهيعص» آخر رتبة، وهي خمسة مقامات الأدنى «الر» منبع الحركة وفوقها الصاد، الأعظم المحيط بالكل، وفوقها اللام، اللوح الأول والمثال المجرد، وفوقها الميم المشيئة الكبرى، وفوقها الألف إرادة الله.٣٤٢
وأول الحروف ولآخرها الألف، محيطة ومفصلة لغيرها مثل الله. هي أساس الأشياء، مثال التكوين، ومخرج العدل والقضاء الأول. وهي كالواحد من العدد. هي أول دليل على التوحيد متصلة باللام. وكلاهما أول الأسماء الحسنى. والواحد لا يضرب في نفسه لأن حصيلته واحد. الواحد هو المفرد وليس المثنى أو الجمع.٣٤٣
وتأتي بعد الألف خمسة حروف أخرى: الهاء والهمزة والألف والواو والياء. ولها ظاهر وباطن. تكشف أسرار الحكمة، وأحكام الصنعة، الهاء إشارة إلى الذات، خارجة من الصدر. تليها الهمزة إشارة إلى الأزلية. فلا شيء أقرب إلى الذات من الإرادة دون أن تكون حالة فيها. فإذا نطقت بالهمزة، وأخذت مخرج العدل وهو الوسط خرجت الألف مثال التكوين.٣٤٤

واللام تشبه الألف في شكلها. وتكون معها أداة التعريف. هي لوح الله وعلمه، والميم مشيئته، ملكان وملكوته. هي المكان لكل شيء وصيرورته. فيها ظهرت صور الأشياء واكتملت. والراء تفصيل الحركات، القوة الحسية وراء الحركة، وتفصيل ما في الغيب. هي جوهر الزمان. وهي رحمة لأنها من الصفات المحيطة.

والكاف والنون كُنْ، الأمر الذي ظهرت به جميع الأشياء. والهاء الهباء أي الحروف التي منها تألفت الأشياء، واقعة تحت الكن والباء. وهي جبريل أو الروح أو العين أو العلم. والطاء الطين الذي خُلق منه آدم. والفطرة في طور سيناء، عندما أظهر الله أمره على موسى والنبيين. والسين في سورة يس، كناية عن إسرافيل. والماء الحق الذي خُلقت به السموات والأرض، والقاف قدر الله وقلمه الذي به كتب الأشياء. وتكررت هذه الحروف الباطنة الأربعة عشر في أوائل السور.٣٤٥
و«الم» هو الاسم الأعظم، تشير الألف إلى ذات الله. واللام الغيب الأول المكنون. والميم الاسم الثابت إشارة إلى الملائكة أعظم الخلق.٣٤٦ وتعني «المص» أن اسم الله الأعظم له أربع صفات. يشير كل حرف إلى صفة. الألف الله وهي دليل عليه وحجاب له. الألف الأنا، واللام الله، والميم الملك، والص النعمة والخلق والصنع.٣٤٧
وفي «الر» الألف إشارة إلى الله، واللام إحالة إلى ذاته، كناية عن الرحمة، مثال خلق الخلق. والراء لتفصيل ما في اللوح بالقوة ثم تحويله إلى فعل بقوة الراء. وهي جوهر الزمان. الألف واللام آيات الكتاب المحكمة، والراء للتفعيل. وبالحركة تفردت الأشياء وإلا كانت كلًّا واحدًا. وقد يكون معنى «الر» الله الرحمن.٣٤٨
و«كهيعص» خمسة حروف تأتي بعد «الر» و«المر»، وتعني الكاف «كن»، علة الكون. والإرادة والتدبر والعلم تسبق الكلام. وكل شيء في الغيب مكتوب. والهاء هباء. وكلا الحرفين نُطق بهما قبل الخلق. ومنهما تألفت الأمور الباطنية وهي قوى مفردة نفسية؛ لذلك صارت للقوة الناطقة في مرتبة أعلى من الحروف.٣٤٩
وربما يكون معنى «كهيعص» كلام يوجبه عالم صادق. والحروف صفات لازمة للكلام. والكلام النافع هو الهادي الذي ينطق به من علم، ويتحرى به الصدق. والكذب أضداد هذه الحروف.٣٥٠
و«طه» كناية عن الطور، وربما عن «طوى»، وربما «الطين»، فالدلالة هنا هو صوت الحرف.٣٥١ وتعني «طسم» و«طس» طور سيناء تعظيمًا له لأنه موضع كلام الله. فالطاء الطور، السين سيناء، والميم موسى، وقد يكون معناه الطاء الطين، والسين السموات، وقد يكون الطواسين وطه حروفًا أربعة إشارة إلى أربعة أبناء، إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد.٣٥٢
وفي «حم» تعني الحاء الحق، ومنه خلقت السموات والأرض سبعًا. والميم الملك. وهو إسقاط من الأرض على السماء وتشبيه الإلهيات بالإنسانيات.٣٥٣
«القاف» القدر، حرف من حروف القلم كما قال التستري، والقلم من ثلاثة حروف. القاف المقدرة، واللام العدل، والميم المشيئة.٣٥٤ ولماذا لا تكون القاف القوة، والميم المقاومة في لفظ المقاومة؟
هل هناك نماذج من الحضارات المجاورة لعلم الحروف؟ في الإسرائيليات وعند اليونان، وفي الديانات الشرقية؟ فشعوب الشرق جمعت بين التجريد، منطق الهند وحسابها، وبين اللغة والنص والكتب المقدسة، البوذية والكونفوشيوسية وكتاب الموتى وقوانين حمورابي.٣٥٥

(د) أقوال التستري (٣١٩ﻫ)٣٥٦

ويمثل التستري أيضًا المرحلة الأخلاقية وهي في طريقها إلى المرحلة النفسية. لم يترك أعمالًا ذات أبواب وفصول، ولكنه ترك «كلامًا» مقسمًا إلى خمسة أجزاء ليس لها عناوين. تتضمن جمعًا من المقامات والأحوال والموضوعات الصوفية الأخرى. وقبل بعضها لفظ «باب» بمعنى موضوع وليس قسمًا من عمل له بناؤه الداخلي.٣٥٧ وتتكرر بعض الموضوعات مثل النهي، والشكر، والتوبة. البعض منها لفظ واحد، وهو الأغلب، والبعض الآخر لفظان متشابهان وليسا متضادين لعدم استقرار المصطلحات بعد وهو الأقل مثل: المداراة والمهادنة، الشكر والطاعة. والبعض الآخر متضاد مثل الأمر والنهي. وهي أقوال لا أحوال، عبارات وليست حكايات، خالية من شطحات المرحلة النفسية. ولا يوجد نسق خاص ينظم الموضوعات أو ترابط بينها. فظلت متناثرة. وكثير منها موجه نحو القارئ في صيغة المخاطب، الهدف منها عملي وليس نظريًّا، السلوك وليس المعرفة.

ويمكن تصنيف الموضوعات إلى سلب وإيجاب، السلب الرذائل، والإيجاب الفضائل، والإيجاب أكثر من السلب. السلب هي انفعالات النفس وأهواؤها مثل: الوسوسة، المداراة والمهادنة، الشبه والمكروه، الطمع، الرياء، النهي، العجب … إلخ. والإيجاب مثل: المحاسبة، الطمأنينة، الحلال، الصمت، الشكر، التوبة، الطهارة، الشفقة، قصر الأمل، الرضا، الإيمان بالقدر، الخشوع، الخشية، اليقين، التجلي، الحول والقوة، الشكر، الطاعة، الصبر، التقوى … إلخ. والتصوف الخلقي هنا يعني التحول من السلب إلى الإيجاب، ومن الرذائل إلى الفضائل.

وتتداخل الموضوعات فيما بينها وتتشعب. ويضم موضوع واحد مثل الشكر عدة موضوعات أخرى مثل العلم.٣٥٨ وفي آخر الجزء الثاني «الشرح والبيان لما أشكل من كلام سهل» وهي مقتطفات من أقوال سهل (١٨٧ قولًا)، شرح عبد الرحمن.٣٥٩
وكعادة المؤلفات الصوفية في المرحلة الخلقية يعتمد كلام التستري على عدد كبير من الشواهد النقلية، والآيات أكثر من الأحاديث.٣٦٠ والأقوال مجرد تجميع بلا سند. وليست إجابة على سؤال أحد المريدين كما هو الحال في معظم المؤلفات الصوفية في المرحلة الخلقية تقليدًا للفتاوى الفقهية. وأول الكلام مقطوع.٣٦١ وأحيانًا قليلة يكون القول إجابة على سؤال.٣٦٢ والأسلوب سهل يخلو من التعقيدات اللفظية والإشارات والرموز. والخطاب أقرب إلى الوعظ والإرشاد والوصايا، وهو الخطاب الشائع في التصوف الأخلاقي. وبعضه في صيغة نصائح.
أما عمله الآخر «تفسير القرآن العظيم» فإنه يدخل في علوم التفسير مثل «لطائف الإشارات» للقشيري وتفسير ابن عربي.٣٦٣ وتتخلله بعض الألفاظ الفارسية مثل «دوست» أي صديق. ولا يعني ذلك بالضرورة الأثر الفارسي، بل استعمال الألفاظ الشائعة كما يحدث الآن من استعمال بعض الألفاظ الأجنبية في الحلقة العربية المعاصرة خاصة في الخطاب الشفاهي.٣٦٤ ويذكر التستري قول مضر القارئ، من أصحاب عبد الواحد بن يزيد، أنه إذا عرفت الشمائل والمجيئة والذهاب عُرف. فالمعرفة بالصفات والتجليات.٣٦٥ ويشير الصوفية إلى بعضهم البعض، تفسيرًا وتأويلًا أو قراءة وإكمالًا. فإذا دعا أويس القرني ألا يؤاخذ بكل كبد جائع وبدن عارٍ بفضل قوة يزيد التستري بفضل عقل وعلم وليس القوة.٣٦٦
وتدخل الإسرائيليات في الأقوال المروية عن الأنبياء والتي ليس لها أصل في الكتاب أو السنة، والوحي الذي أعطاه الله إلى عيسى وموسى وداود والذي تزخر به الأحاديث القدسية ورسائل إخوان الصفا.٣٦٧ وقد أنعم الله على بني إسرائيل طعام البرسيم ثم يصير شعيرًا ثم حشيشًا، يخرجون من المدن إلى القرى، ومن القرى إلى الجبال. والمؤمن منهم يصبر على ذلك ويُحرم من هذه النعم.٣٦٨ وتصريف الهمم في الله كما طلب الله لداود أن يراه في قلبه كهم، ويجعله ذخرًا لمعاده، ولا يوالي غيره حتى لا يغفله. ولم يرفع سليمان بن داود عينه من السماء تخشعًا، وكان يلبس الشعر. ومن ثم هو إمام الصوفية.٣٦٩ وسليمان أيضًا هو الذي أحب سبأ. وأبوه داود هو الذي قتل ضابط حرسه وزوج امرأته. كان سليمان يعيش في قصر، ملكًا للملوك. ولا يوجد شيء في قلب الصوفي طمعًا في نيل شيء في الدنيا أو أسفًا على فقده وإلا شارك اليهود والنصارى. فأهل الكتاب متجهون إلى الدنيا أكثر من اتجاههم إلى الآخرة.٣٧٠ ومن يجعل في قلبه هم الدراهم يكن مثل اليهودي.٣٧١ وتدخل الإسرائيليات في أساطير الخلق وفي حوار الله مع الأنبياء، داود وموسى.٣٧٢ ولا تشمل الإسرائيليات فقط المصادر من العهد القديم بل أيضًا من العهد الجديد مثل وحي الله لعيسى بأن ما زال لديه صحارى من المعارف لم يقطعها بعد.٣٧٣

(ﻫ) أعمال النفري (٣٥٤ﻫ)

والكتابات الصوفية أنواع أدبية مختلفة، أهمها: الشطحات، والمواقف، والمخاطبات، والإشارات، والنصوص، والفتوحات، والدواوين الشعرية، والطبقات … إلخ. ومعظمها أسماء مؤلفات. كل منها يعبر عن حالة نفسية. هناك علاقة بين الفكر واللغة. الفكر يفرض لغته طبقًا لعبارة النفري الشهيرة «إذا اتسعت الرؤية ضاقت العبارة». والعناوين يشوبها نوع من الجمال. توحي بأشياء إبداعية جديدة على عكس عناوين علم أصول الدين وعلوم الحكمة وعلم أصول الفقه. التصوف بهذا المعنى جزء من تاريخ الأدب العربي وألصق به من علم أصول الدين، وعلم أصول الفقه وعلوم الحكمة. هو جزء من الأدب الرومانسي العربي. وهو الذي يعبر عن أصالة الروح العربية وليس علوم الحكمة التي اعتمدت على العقل أسوة باليونان الذي أوقف الإبداع الروحي العربي الأصيل.٣٧٤ وهي أشكال أدبية جديدة لم توجد من قبل في باقي العلوم النقلية العقلية. لذلك هي أقرب إلى الشكل منها إلى المضمون، من الصياغة الأدبية منها إلى المضمون الفكري. لذلك لا تُحَلل الأقوال وتصنف في معاني أو موضوعات.
والنثر الرمزي في «المواقف» و«المخاطبات» و«الإشارات» و«الشطحات» وسط بين الشعر والشطح. النثر الرمزي هو النثر الإيقاعي الموسيقي المقفى كالشعر وإن لم يكن موزونًا طبقًا للبحور. وهو النثر الذي فضله القرآن كأسلوب في التعبير. ليس به تركيز الشطح ولا صور الشعر. هو أقرب إلى المواجيد، والانفعالات، والعواطف الروحية. وتظهر الصور الرمزية مثل البحر والسفينة والألواح والمخاطرة والفرق.٣٧٥ ووظيفة الرمز الإبحار والإقناع من أجل الفعل.٣٧٦ وأحيانًا يكون الأسلوب ركيكًا. وتسود العبارة الرتابة والتكرار في قضايا تقريرية وأحكام قطعية تخلو من البرهان.

(١) المواقف

«المواقف» و«المخاطبات» شكلان أدبيان، ارتبط أحدهما بالآخر. فماذا تعني «المواقف»؟ هل هي مواقف نفسية أي تجارب روحية وانفعالات ذاتية خالصة؟ هل هي مواقف أخلاقية اجتماعية وسياسية غير مباشرة، فلا توجد تجربة ذاتية إلا في مواقف موضوعية، خاصة أن التصوف كله موقف من الحياة ورد فعل على الانكباب على الدنيا والتكالب عليها؟ هل هو موقف وجودي يجمع بين الموقفين السابقين، تعبيرًا عن الوجود الإنساني، وتحولًا من المعرفة في الموقف النفسي إلى الوجود في الموقف الوجودي؟ هل هو موقف بمعنى «التوقف عن الحكم» وعدم إصدار حكم على الموضوعات المتعالية مثل «الله» أو الطبيعة مثل العالم؟

ومن هو صاحب الموقف؟ هل هو الإنسان، فالإنسان في موقف، والإنسان في العالم، أم أن الله هو الذي يضع الإنسان فيه؟ الغالب هو الله نظرًا لتكرار فعل «أوقفني»، في أول كل موقف، ليس الموقف كلمة بل أمر بلفظ مفرد أو مزدوج. وهو موقف طبيعي جغرافي كوني مثل البحر والنور والليل بحيث تصعب التفرقة بين الله والطبيعة.٣٧٧
وقد خصص النفري ضمن «المواقف» موقفًا لمعنى الوقفة.٣٧٨ وهو من أطول المواقف كمًّا. وتعني الوقفة المنظور الإلهي، الوقوف مع الله، الرؤية الإلهية مما يدل على أن صاحب الموقف هو الله. وهو ما يعادل «أحكام الوضع» في علم الأصول؛ أي الأفعال في الواقع من وجهة نظر الله.٣٧٩ وهو موقف علمي إدراكي.٣٨٠ وكل واقف عارف وليس كل عارف واقفًا نظرًا لتعدد مصادر المعرفة. ويموت جسم الواقف ولا يموت قلبه. ويقوم الصبر على كل شيء إلا على الوقفة التي تقوم عليه. الوقفة بلاء. تنتهي بالائتلاف أو الاختلاف. وهي لا تتعلق بسبب. ولا يتعلق بها سبب، لا علة ولا معلولًا. الواقف فرد والعارف مزدوج لأن الأول إلهام، والثاني تعلم. الوقفة تورث العلم والعمل، والمعرفة تورث العلم وحده. لا يرى الحقيقة إلا الواقف. والعالم يخبر عن العلم. والعالم يخبر عن المعرفة. والواقف يخبر عن الله. يخبر العالم عن الأمر والنهي، والعارف عن حق الله. والمواقف عن الله هي علم اليقين، حق اليقين عين اليقين. العلم حجاب، والمعرفة خطاب. الوقفة حضرة، والمعرفة منتهى ما يقال والوقفة وراء ما يقال. العارف ذو قلب، والواقف ذو رب. المعرفة نور الكون، والوقفة نار الكون. المعرفة تري الله وغيره، والوقفة تري الله وحده. الأخبار للعارف، ووجه الله للواقف.
وهناك موقف خاص باسم «معرفة المعارف.٣٨١ وهو الجهل المتيقن بالله. وتعادل الظاهر في مقابل الباطن، الرؤية القلب، والعقل للسر. تؤدي إلى العلم وتوجه نحو الكون، تقرب إلى الله بالدليل والحُجة. لها عينان: عين العلم وعين الحكم تتحول إلى بصر ومشاهدة. العلم وحده خالٍ من الحقيقة، في القول لا في القلب. لا تعرف العارف ولا تعلن العلوم.٣٨٢ ويؤكد «موقف الدلالة» على الجانب المعرفي. فالمعرفة بلاء الخلق. وهي مشوبة بالجهل كما أن الجهل مشوب بالمعرفة. وأدناها ما يبدو.٣٨٣
ويعني ما وراء الموقف فلسفة أو ميتافيزيقا الموقف. فالموقف ليس فقط موقفًا إنسانيًّا معرفيًّا وضعه الله فيه بل الكون موقف، كله أو أجزاؤه. والوسوسة موقف. وتشمل الخاطر والعلم والمعرفة وكل ما يختلج في الصدر، والجهل، والتراب والإنسان فوقه، ونفي السوى وإثبات الواحد.٣٨٤ وتسمى المواقف أيضًا «المراتب».٣٨٥
والموقف اختيار من اختيارات ثلاثة: صاحب الموقف أو الموقف أو هيئة الوقف.٣٨٦ صاحب الموقف هو الموقف وإرادته. والموقف إرادة الإنسان. وهيئة الموقف عبادة النفس. الوقفة وصف من أوصاف الوقار، والوقار من البهاء، والبهاء من الغنى، والغنى من الكبرياء، والكبرياء من الصمود، والصمود من العزة، والعزة من الوحدانية، والوحدانية من الذاتية. الوقفة خروج الهم من الحرف، ما ائتلف منه وما افترق. فالموقف مرتبط بالصفات والحروف والأسماء والكلمات. فالخروج من الحروف خروج من الأسماء، ثم من المسميات ثم مما يبدو، فيتم السمع، وتتم الإجابة. ولا تُجاز الأوصاف والأسماء لله، ولكن تجاز إلى الإنسان. ولا مجاز في الاثنين ولا حجاب.٣٨٧

الإقبال على الدنيا غضب، وعلى الآخرة حجاب، وعلى العلوم حبس، وعلى المعارف عبس، والسكون على العبث حبس، والسكون على الحبس حجاب، والسكون على الحجاب غضب. معارف كل شيء توجد به. وأسماؤه من معارفه. وإذا سقطت معارف الشيء سقط الوجد به. لكل شيء اسم، ولكل اسم أسماء. تتفرق الأسماء من الاسم، والاسم عن المعنى.

والمواقف تعبر عن المقامات والأحوال بالجملة دون تفصيل لها كما هو الحال عند باقي الصوفية. هي أقرب إلى المواجيد الخام، الانبثاقات الروحية.٣٨٨ وهو أسلوب شخصي، بضمير المتكلم المفرد مما يدل على أنها تجارب روحية ذاتية. تخلو من الحجج النقلية، الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وأقوال الصحابة والتابعين والمأثورات الشعبية التي تمتلئ بها رسائل «إخوان الصفا». وأحيانًا تظهر بعض الآيات في استعمال حر داخل الأسلوب وفي بنية الوصف.٣٨٩
كما تخلو المواقف والمخاطبات «من الإحالات إلى أسماء الأعلام»، صوفية أو علماء أو إلى أسماء أماكن ومناطق وبلدان. هي تجارب روحية خالصة تعبر عن أحوال نفسية. ولا يستشهد بأشعار كما هو الحال في بعض الكتابات الصوفية الأخرى، بل وفي كل العلوم العقلية النقلية أو النقلية أو حتى العقلية الخالصة. وتبدأ الفقرات بفعل «قال» ويُذكر قول غير مباشر لا يُسند إلى أحد. إنما هو تعبير عن تجربة ذاتية. وأحيانًا يكون القائل متخيلًا، ظواهر الطبيعة مثل «الأنوار» البحر أو طوائف أهل السموات والأرض كما هو الحال عند الحلاج في «الروايات والأحاديث»، وأحيانًا أرواح العارفين.٣٩٠ والغالب أن القائل هو «الله» دون ذكره.

وكل موقف له «عنوان». وهي ليست عناوين المقامات والأحوال المعروفة عند الصوفية السابقين. وليس لها نسق محدد. ولا يمكن تجميعها طبقًا لنسق مفترض طبقًا لمنطق التشابه والاختلاف بين الألفاظ. ولا يمكن تصنيفها بين الإيجاب والسلب.

ومع ذلك بها قدرة فائقة على التنظير. وعددها ثمانٍ وسبعون موقفًا. ونظرًا لصعوبة إعادة تصنيفها طبقًا للموضوع لتباعد الموضوعات إلا أنه يمكن ذلك عن طريق الشكل بين اللفظ المفرد واللفظ المركب بالإضافة أو الصفة أو العطف أو الظرف، والجملة المفيدة في صيغة المتكلم أو المخاطب أو الغائب.٣٩١ وتختلف المواقف من حيث الكم بين الطول والقصر.٣٩٢ وبعض الصيغ إخبارية تقريرية وبعضها أمرية إلزامية.٣٩٣ وبعضها تساؤلية.٣٩٤
ولا يلتزم الموضوع بعنوان الموقف بل يخرج عنه. العنوان هو مجرد الموضوع الغالب ولكن ليس الوحيد. وتأتي المقامات والأحوال من خلال المواقف ودون أن تكون عنوانًا لها وقد تكرر بعض العناوين مثل «الصفح والكرم» و«الصفح الجميل».٣٩٥
«في المواقف» تتحول اللغة إلى حروف وألفاظ وعبارات دالة بجرس اللغة وموسيقى النظم، أقل من الشطحات من الناحية النظرية ومن الشعر من الناحية الجمالية. العالم وجدان وعاطفة. المواقف مجرد تحليلات نفسية وأدبية فلا فرق في التصوف بين التجربة الصوفية والتجربة الشعرية أو التجربة الفنية. تجمع بين المناجاة والشطحات مثل الإشارات الإلهية لأبي حيان. يتصدرها فعل القول دون معرفة من القائل. وهي أقرب إلى الألفاظ ومصطلحات الصوفية دون تعريف للحدود بل لإثارة الأذهان. ونادرًا ما تكون من المقامات أو الأحوال، من الرذائل أو الفضائل، من الطريق ومتطلباته، من بدايته ونهايته مثل القرب، ولكنها أقرب إلى علم الكلام الأدبي العام.٣٩٦ وهي مواقف لله أكثر منها مواقف للإنسان. تدور حول الإنسان بين قطبين: الله والعالم. والثلاثة على التبادل.

(٢) المخطابات٣٩٧

وهي من نفس الشكل الأدبي في «المواقف». والمخاطبة أقصر من الموقف وأقل كمًّا، وأقرب إلى المناجاة، مناجاة الله أم مناجاة العالم. الله أيضًا هو الذي يخاطب وليس الإنسان، وكأنها مخاطبة الحاكم. والبعد والقرب من الله وليس من الناس. يخاطب الله الإنسان بلفظ يا «عبد» وليس يا «حر»، تضم سبعًا وخمسين مخاطبة بلا عنوان باستثناء المخاطبة الأخيرة «مخاطبة وبشارة وإيذان الوقت».٣٩٨ لا تعتمد على الأدلة النقلية أو العقلية بل هي مجرد انفعالات أدبية صوفية والتعبير عنها بإشارات رمزية.
هي نوع من المناجاة.٣٩٩ وهي أصغر من «المواقف» كمًّا.٤٠٠ من حيث العدد والمساحة. وهي بلا عناوين، مجرد أرقام متتالية تبلغ سبعًا وخمسين، باستثناء عنوانين.٤٠١ هي مخاطبات معرفية مثل «المواقف»، وتخلو أيضًا من الشواهد النقلية والشعرية وأسماء الأعلام. والله هو الذي يخاطِب والإنسان هو الذي يُخاطَب. وليتوجه الله بالخطاب إلى الإنسان بلفظ «يا عبد» التي تبدأ بها كل مخاطبة بل ويتكرر أكثر من مرة داخل المخاطبة وتكرر النداء «يا عبده» أكثر من ستمائة مرة.٤٠٢
وإذا كانت المواقف قد كانت بصيغة ضمير الفرد ومرة «يا عبد عبدي»، فإن المخاطبات بضمير المفرد المخاطب.٤٠٣ ويخاطب الله العبد لإعطائه الوصايا أو لإخباره عن ذاته. وفي المخاطبة الأخيرة يخاطب الله الطبيعة، الليل والنهار والشمس والأرض. والصبر هو صبر من الله خلقه مثل الناموس. ومن خلاله يتكشف. يوقظ النائم للتبشير بها.٤٠٤ والحضور الإلهي طاغٍ على الحضور الإنساني. فالله هو الذي يتكلم ويبين مآثره على الإنسان. الله هو المبادر وهو صاحب النعم. هو الوصي والإنسان هو الموصى عليه. ليس الهدف هو خلق «الإنسان الكامل» كما سيحدث فيما بعد عن ابن عربي والجيلي بل خلق الله الكامل.
ويصعب تصنيف المخاطبات في نسق من الموضوعات لأنه لا جامع بينها. وبالرغم من أن كل مخاطبة لها موضوع، بالرغم من غياب العنوان، إلا أنها لا تلتزم به. وتتداخل موضوعات أخرى كما هو الحال في «المواقف». وآخر مخاطبة في صياغة «المواقف»، «أوقفني وقال لي …».٤٠٥ وتتكرر الموضوعات من خلال المخاطبات. فالمخاطبة دفعة روحية تحتوي على أكثر من موضوع يتكرر في المخاطبات الأخرى. الماء واحد ولكن القطرات متقطعة. لذلك يحال إلى الموضوع بصرف النظر عن رقم المخاطبة. والنداءات قصيرة، مجرد أوامر بلا برهان. والمخاطبات أيضًا على وعي بالرمز.٤٠٦
و«المخاطبات» أكثر إغراقًا في الوجدانية من «المواقف»، وأكثر دلالة على التصوف النفسي، لذلك يصعب إيجاد تعريفات للمقامات والأحوال أو لباقي المصطلحات الصوفية، وما زالت ثقافة الموت هي الثقافة السائدة في «المخاطبات».٤٠٧ ولا يوجد ذكر للحقيقة المحمدية.

(٣) «النطق والصمت»٤٠٨

ويضم ستة كتابات صغيرة عن المحبة، وشذرات، وخواطر، ومناجيات، وأضابير.٤٠٩ تجمع بين النثر الفني والشعر. وكلاهما نظم. تتنوع الأشكال الأدبية وكأنها هي المقصود من التأليف. ويدل العنوان على تقابل بين النطق والصمت. فالنطق ليس صمتًا. والصمت ليس نطقًا. هو اشتباه وحيرة بين الصمت والنطق بالنسبة للعلوم الكشفية. موضوعاتها إشارات وصور مثل مخاطبة فتاة، الجواب دون سؤال، بيِّنة، تحية حبية.٤١٠ لا تعتمد الرسالة على أية أدلة نقلية، قرآن أو حديث أو شعر، ولا على أدلة عقلية برهانية. هي مجرد انفعالات ومواجيد. الغاية منها التعبير وليس الإيصال مثل «الإشارات الإلهية» لأبي حيان. أما «الشذرات» فتتراوح بين الشكل الأدبي مثل: فصل، مسألة، زيادة، قال، من كلامه، وبين الموضوع الصوفي، الرذائل مثل الحسد، والفضائل في التصوف الخلقي، والمقامات مثل الصبر والأحوال مثل الخوف والوجد في التصوف النفسي، والمعرفة والوجود واليقين والوحدانية في التصوف النظري، والبكاء والخلوة والصحبة، والسفر والطريق والعمود في التصوف العملي.٤١١ ومن الأدلة النقلية لا تظهر إلا آيتان في النهاية.٤١٢ وتتكرر البسملة أربع مرات. أما باب الخواطر وأحكامها فإنها من نوع معارف النفس مثل الخلجات والوساوس في أنواع المعارف الصوفية. وهي نوع من أيضًا من المواجيد الصوفية كما يدل عليها العنوان الفرعي «مقالة في القلب عالية الحكم».٤١٣ تخلو من أية أدلة نقلية أو شعرية أو عقلية. وتكشف عن درجة عالية من التنظير. و«المناجيات» مجرد مواجيد وابتهالات وتاريخ ذاتي.٤١٤ تبدأ كل مناجاة إما بلفظ «إلهي» أو بلفظ «اللهم».٤١٥ وتشير بعض المناجيات إلى زمانها ومكانها.٤١٦ وأشكالها الأدبية تتراوح بين الدعاء والمناجاة.٤١٧   ودعاءان يبدآن بالبسملة. ويتبعهما «الجزء الأول من مجموع الأضابير». يبدأ بالبسملة وبعنوان فرعي «صاحب كل شيء، والقائم على كل شيء».٤١٨ أما «الديوان» وهو أكبر الأقسام فإنه موضوع للدراسات الأدبية. تتكرر فيه لازمة واحدة «ولذكر الله أكبر».٤١٩ وعبارة واحدة أخرى «ترمية دفتر».٤٢٠

(و) «الإشارات الإلهية» للتوحيدي (٤٠٣ﻫ)٤٢١

وبالرغم من أنها تالية في الزمان لأول كتاب في الطبقات يعبر عن الوعي التاريخي الموضوعي وهو «اللمع» للطوسي (٣٧٨ﻫ) إلا أنه سابق على أول كتاب في الوعي التاريخي الخالص وهو «حلية الأولياء» لأبي نعيم الأصفهاني (٤٣٠ﻫ).٤٢٢ وهو من نفس نوع «المواقف والمخاطبات» و«النطق والصمت» للنفري، استعمال اللغة للتعبير عن المواجيد الصوفية في أشكال أدبية جديدة مثل «الإشارات». وهو ما يميز التصوف النفسي والشطحات كشكل أدبي آخر. وتجمع بين أشكال أدبية أخرى عديدة مثل المواعظ والوصايا والأدعية والمناجاة. وهو ما يدل عليه العنوان الأكبر «الإشارات الإلهية والأنفاس الروحانية».٤٢٣ وتعتمد أساسًا على الشعر أكثر من القرآن مع غياب الحديث بالرغم من أنه من جوامع الكلم.٤٢٤ والشعر من أبي حيان ومن غيره.٤٢٥ وتظهر لازمة مثل «يا ذا الجلال والإكرام».٤٢٦ كما تتكرر أشكال فعل القول.٤٢٧ والقائل مجهول أو على أقصى تقدير بعض العارفين. والعناوين الجانبية الغازية. فليس المقصود منها المضمون بل الإيماء والإشارة.٤٢٨ وكل مجموعة من الفقرات لها رقم من الأبجدية المزدوجة. ويتوجه الخطاب إلى السامع أو القارئ بحرف النداء مثل «أيها السامع» أو «أيها الصديق» أو بدونها مثل «أحبائي، الله، السيد، سيدي، حبيبي، جامع المال، الصاحب، السائل، المشوق، المستأنس، جمعًا أو مفردًا.٤٢٩ أما المناجاة فتبدأ بعدة كلمات مثل «يا هذا»، «اللهم»، «إلهنا».٤٣٠
وكما يتعرض الصوفية للفلسفة وعلومها كما كتب السهروردي «حكمة الإشراق» في المنطق كذلك يتعرض الفلاسفة للتصوف كما كتب التوحيدي «الإشارات الإلهية». وهي نوع أدبي يجمع بين «المواقف» و«المخاطبات». هي أقرب إلى «المناجاة»، إشارات يعطيها العبد إلى الرب يبثه همومه وشكواه مثل «اعترافات» أوغسطين.٤٣١ تشمل أدعية وابتهالات. وتتكرر على نفس النمط حتى يمل القارئ ولا يمل المؤلف. وتزداد في آخر الكتاب بالمُنادى «اللهم» مع زيادة الآيات القرآنية.٤٣٢ والعنوان الكامل «الإشارات الإلهية والأنفاس الروحانية»، «الإشارات الإلهية» المعاني والدلالات، و«الأنفاس الروحانية» التجارب الذاتية. ويبدو أن الجزء الأول هو الموجود فقط. في حين فُقد الجزء الثاني.٤٣٣ تخلو من القسمة إلى أبواب وفصول. هي قطع مرتبة طبقًا للأبجدية المزدوجة لكثرتها. ومع ذلك تتخللها أربعة عناوين غير متساوية من حيث الكم.٤٣٤ أصغرها الثاني وأكبرها الرابع. وبعض الفقرات المرقمة أشبه برسائل موجهة.٤٣٥ وهي أطول من «المواقف» و«المخاطبات»، وأكثر إفاضة واتصالًا وأقل ألغازًا وأكثر وضوحًا.
ويكثر الاستشهاد بالآيات القرآنية وبأبيات الشعر.٤٣٦ وتغيب الشواهد من الأحاديث النبوية، بل يتجاوز الشعر القرآن. فالشعر عبقرية العرب والقرآن رؤيتهم للعالم. والشعر المذكور أقل تأثرًا من الشعر الصوفي للحلاج أو ابن الفارض أو ابن عربي لأنه مجرد استشهاد على النثر. ولا يعبر عن مضمون فلسفي مستقل.٤٣٧ وغالبًا من تأليفه.٤٣٨ ويستعمل القرآن والحديث الحر أحيانًا كجزء من أساليب البلاغة «وضربنا لكم من الأمثال».٤٣٩ ولا يذكر من أسماء الأعلام والأماكن شيء، إلا من الحكيم.٤٤٠ ويذكر السيد المسيح ويقتبس من أقواله.٤٤١ فالتصوف هو الجامع بين الأديان والقاسم المشترك بينها. وهي رمز وإشارة وعبارة.٤٤٢ ويستعمل أيضًا آيات حرة من الإنجيل.٤٤٣ ومن الصوفية السابقين لا يذكر إلا أبو حنيفة الصوفي.٤٤٤
كما يذكر الحكماء مما يدل على أن التوحيدي ينتسب إليهم.٤٤٥ ونظرًا لأهمية النص كمادة أولى لخصه اللاحقون وشرحوه٤٤٦ ويبدو أن هناك اقتباسات في «الإشارات» تنتهي بالحرفين ا.ﻫ. اختصارًا لكلمة «انتهى».٤٤٧ وربما هي من الناسخ. وتنتهي كثير من الفقرات بلازمة نمطية هي «يا ذا الجلال والإكرام» ومرة واحدة يضاف إلى اللازمة «إنك رءوف بالعباد».٤٤٨

(١) الأسلوب والأسلوبية

وأسلوب الكتاب أقرب إلى موسيقى النثر وإيقاع الشعر والتشابه والتضاد. فرضته طيعة التجارب الذاتية دون أثر مباشر من الكتب المقدسة خاصة مزامير داود أو الأناجيل.٤٤٩ به كثير من المحسنات البديعية تصل إلى درجة التكلف فيصبح الأسلوب غاية في ذاته وليس أداة للتعبير والتأثير، وقد كانت الكتب المقدسة جزءًا من الأدب العربي بعد عصر الترجمة. والتوحيدي على وعي بأن كتابه في صناعة اللغة.٤٥٠ ويعجب الإنسان كيف يمتلك كاتب ناصية اللغة وصياغة العبارات إلى هذا الحد الأقصى في الاسترسال بالرغم من نفاد القلم وانعقاد اللسان وانقطاع الفيض.٤٥١ وتخلو «الإشارات» من التصورات والحدود كما هو الحال في كتب المؤرخين من نفس العصر: الطوسي، وأبو طالب المكي، والسلمي، وأبو نعيم الأصفهاني. كان التوحيدي على وعي بأسلوبه الإشاري الذي تحول بعد ذلك إلى منهج في التفسير في «لطائف الإشارات» للقشيري.٤٥٢
والأسلوب مملوء بالاستعارات والكنايات والتشبيهات والتمثيلات. وكلها أنواع أدبية مختلفة من اللغة الرمزية.٤٥٣ ولا يفهم الرمز إلا بأمر من الله أي بالكشف والإلهام. وهي متنوعة الأساليب بين الإشارة والكتابة والتسمية والمحاجاة بل والصدق والكذب.٤٥٤ ولا إشارة ولا عبارة إلا على وجه الاستعارة والإشارة، قبل أن تفنى العبارة وتزول الإشارة.٤٥٥ وفي نفس الوقت يطلب تجنب الأمثال لأنها مشغلة.٤٥٦ ويبلغ الإبداع النثري مداه في العبارة المسرحية اليونانية أو الشكسبيرية عندما يخاطب البطل الظواهر النفسية أو الطبيعية.٤٥٧
وتؤدي فنون الإشارة إلى غايات الحقيقة، بصنوف العبارة عن الأركان الوثيقة، دالة على الآيات الأنيقة.٤٥٨ والإشارة أخلص، والعبارة ألخص.٤٥٩ الإشارة مدفونة في العبارة، والإيحاء في الإيماء، والإيماء في الأنباء، والأنباء في الإغراء، والإغراء في الإسراء، والإسراء في الإبقاء، والإبقاء في الإبراء، والإبراء في الإشقاء، والإشقاء في الإغفاء، والإغفاء في الإلقاء.٤٦٠ وهي عشر مراحل حتى يمكن فهم الإشارة. وشرحها أصعب منها.٤٦١ والعبارة قد تخون منطقها في استخدامها على غير المعتقد، وسقوطها دون الغرض المعتمد.٤٦٢ الإشارة تعبر عن الحقيقة.٤٦٣ والعبارة عن الأركان الوثيقة، صاغتها الآيات الأنيقة، جامعة الآثار الرشيقة كلها.٤٦٤
والمعنى زينة اللفظ، والصدق حسن المعنى. والصدق في الأخلاق والمعرفة معًا.٤٦٥ وقد تصبح اللغة رطانة، بلا فحوى. لا تقبل ولا ترفض إلا بالتقوى أي بالقصد. طالت العبارة في وصف الدنيا والإشارة وردت في الخبر عن أصحاب البلوى. قد يصبح القول بلا شرح، والسمع بلا فتح. ولا يبقى إلا التنفس عند الاختناق، والغباء في حالة استغلاق الفهم، وتغيير الوجه من الحجاز إلى العراق، ليس من أصل أهل الأثر إلى أهل الرأي بل من أهل الخبر إلى أهل الذوق. لم يبقَ أيضًا إلا تغيير التصور للألوهية، من الكينونة إلى الصيرورة من كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ، كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ إلى كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ.٤٦٦
وتبدأ الفقرات بحرف النداء «يا» والمنادي. أكثرها شيوعًا «يا هذا» إشارة إما لله وإما للآخر غير المتعين.٤٦٧ ثم «اللهم» ثم «إلهنا». ثم يأتي منادون آخرون مثل «أيها السامع» وهي أكثر شيوعًا من «أحبائي»، «سيدي»، «بالله سيدي». ثم يتنوع المنادون بالعشرات.٤٦٨ وقد يأتي المنادى داخل الفقرات وإن كان الشائع في أولها. البعض منها المنادى موصوفًا.٤٦٩ والبعض الآخر دون وصف.٤٧٠ وقد يكون مفردًا أو جمعًا. وقد يكون الوصف بالإضافة أو بالصفة. وقد يطول وصف المنادى بأوصاف متتالية. والمحك هو الوصف الأول. وفيها روح رسائل إخوان الصفا بالرغم من مرور قرن من الزمان.
ونظرًا لأهمية الفعل «أفدي» فإنه يتكرر مع تكرر المفعول. فالصوفي يفدي الفنون والعيون والنفوس والألسن والقلوب والأقدام والأيادي والأرواح والنعم والعقول والأحاديث والخواطر.٤٧١ وبعد كل مرة يتكرر فيها الفعل يتلوه القسم «والله». وقد يتكرر المبتدأ ويتغير الخبر. يتكرر الشوق ويتغير المشوق إليه، المشتاقون إلى الله، والمحبون فيه، والعارفون له والأغنياء به.٤٧٢ ومما يدل على أن «الإشارات» أسلوب أكثر منها مضمونًا. وبتعبير المعاصرين «أسلوبية» أكثر منها «سيمانطيقية» استعمال أسلوب التضاد في الأحوال والإحراج لعدم التعامل بالمثل.٤٧٣
والتساؤل أسلوب قرآني؛ إذ تبدأ كثير من الآيات بلفظ «ويسألونك». والأسئلة تتعلق بحياة الناس ومشاكلهم: المحيض، الأنفال، الخمر، الأهلة، العفو … إلخ.٤٧٤
ويستعمل الله عدة وسائل أو «محايل» للإقناع وكلها إيهامات وإيحاءات.٤٧٥ والهوية الإلهية أن الله هو إشارة نفسية لا تنقسم ولكن بالتئام الإشارة العقلية. وكلاهما دليلان نفسيان ومسالك العقل نحو الغاية، وطرق الوهم نحو الأبعد. وأشكال اللفظ المزخرف نحو المطلب الأشرف، والإرادة المتلظية نحو الخبر المطلق، والمنية نحو الواحد الأحد. والإشارات الإلهية في عبارات إنسانية.٤٧٦ ولم يتعود الناس بعد على العبادات الإنسية؛ فهم في حاجة إلى إلف طويل وتعود الطباع.٤٧٧ ويمكن ذلك عن طريق الموقف الأخلاقي للمفسر، خلوص النية من الشوائب وتنقية الطوية من الأهواء. والخطورة أن تتوحد الإشارات وتختلف العبارات بسبب الروع.٤٧٨ والخطورة أيضًا من منافق عليم اللسان على ما نطقت به النبوة في وصف إنسان بعد إنسان. فالوحي رؤية إنسانية وقصد إنساني.٤٧٩ وإن لم يفهم ذلك في الماضي فإنه لا يفهمه في المستقبل.

(٢) التضاد والأضداد

ومن دوافع تكرار الأمثلة تصوير عدم الربط بين العلة والمعلول أو بين القصد والفعل، بين النية وتحقيقها.٤٨٠ وقد تكون الثنائيات لضرورة الربط بين بينهما، بين النداء والاستجابة، بين السؤال والجواب.٤٨١ الصياغة اللغوية عدم الربط والأمتية الربط. يذكر الإنسان الله فينساه. ويشير إليه فيبتعد عنه. ويعترف به فيحيره. ويتوجه إليه فيتبعه. ويتولى عنه فيدعوه. ويتوكل عليه فيوكله إلى نفسه. ويفكر فيه فيضله. وينتسب إليه فينفيه. ويطيعه فيبتليه. وينقبض عنه فيبسطه. وينبسط معه فيقبضه.٤٨٢ فالعجب عدم امتلاك السوانح وإدراك الغايات.٤٨٣ والطلب اتساق النتائج مع المقدمات، واتفاق المعلول مع العلة.٤٨٤
ويتم تكرار الصور عن طريق الأضداد.٤٨٥ ويتكرر نفس الأسلوب في النفي وفي الاستثناء. ونظرًا للرغبة في التكرار إلى الحد الأقصى تغرب الألفاظ، ويستعمل غير المتداول منها، وقد تكون الثنائيات متضادة يرد أحد طرفيها إلى الآخر. فالداء دواء، والعلة طبيب، والبلاء نعيم، والفناء حبيب. هو الأول والآخر، الغائب والحاضر، المفرق والجامع، الضار والنافع، المقرب والمبعد، الفائق والراتق.٤٨٦ وهو نفس التصور القرآني: الرافع الخافض، المعز المذل، القابض الباسط، المبدئ المعيد، المحيي المميت، المقدم المؤخر، الظاهر الباطن، المنتقم العفو.٤٨٧ والإنسان له أحوال في يقظته ومنامه، وحركته وسكونه، وغضبه ورضاه، وأخذه وعطائه، ووحدته ولقائه، وحرصه وعفافه، وقبضه وبسطه، وعلمه وجهله، وريائه وإخلاصه.٤٨٨ وتتوالى الأضداد كدليل على المأساة التي تشمل الضدين: الضيعة والتحفظ، الرقدة واليقظة، الفرق والجمع … إلخ.٤٨٩ وفي نفس الوقت يتم التحذير من الأضداد لأنها مفسدة بالرغم من استعمالها في الأسلوب.٤٩٠ ويتحول الضد إلى الضد، من اليأس إلى الرجاء، ومن الخوف إلى الأمن، ومن السهو إلى الذكر، ومن الرقدة إلى اليقظة، ومن الضعة إلى التشريف، ومن الظمأ إلى الري، ومن الانطفاء إلى الوقد، ومن الشرود إلى التآلف، ومن البعد إلى القرب، ومن الانقطاع إلى الوصل.٤٩١ وتحول الأضداد لا يحدث في حالات النفس فقط بل في حالات الطبيعة. فيصبح الخشن ناعمًا، والمعدوم موجودًا، والبعيد قريبًا، والنازل صاعدًا، والمختلف مؤتلفًا، والكثير واحدًا، الغائب مشاهدًا، والصادر واردًا.٤٩٢ ومن أزمة العصر تحول الضد إلى الضد، الدواء داء، والأسْو جراحًا، والعطاء سلبًا … إلخ. بحيث ينتهي التضاد، ويتحول طرف إلى آخر.٤٩٣ وتتحول ثنائيات الأحوال إلى ثنائيات الطبيعة. والطبيعة مصير تخضع لقانونها.٤٩٤ فالمسكن يخرب، والماء ينضب، والقاع يبور، والماء يغور، والحي يموت، والمطلوب يفوت، والباب يرتج، واللسان يتلجلج، والقول يتبهرج، والمرعى يسيب. وقد تكون الثنائيات تأكيدًا على مسار طبيعي، إسراع مذنب، وإقلاع مصر، واستبانة ضال، وتقوم زائغ، واعتدال رائغ، واهتداء تائه، ولين قاسي، وتذكر ناسي، وتواضع مستكبر، وانتباه نائم تحقيقًا للعدل في الكون والميزان في السلوك.٤٩٥ وقد تكون الثنائيات الربط الضروري بين الفاعل والفعل، والواهب والهبة، والمعطي والعطاء.٤٩٦ وقد تدل الثنائيات على أن المبادرة من الإنسان، والله قابلها بالضرورة.٤٩٧ إذا قرع الباب ولج، ومن طلب المكافأة أخذ، ومن ذاق استحلى، ومن اشتاق استخلى.٤٩٨

(٣) التجارب الذاتية (الشكوى، الغربة، التشاؤم، فساد العصر)

الابتهالات والدعوات والمناجاة كلها أشكال تعبر عن الأزمات النفسية التي تحاول أن تجد حلولًا سريعة لها في التعبيرات الأدبية المباشرة دون المرور بجذورها في الواقع وتحليلها كأزمات نفسية اجتماعية. وتظهر في لحظات الضعف وقلة الحيلة. وهي الأزمات التي منها نشأ التصوف. ومكانها في الأدب أو علم النفس أو علم الاجتماع. فالله مفرج الهموم، ومجيب الدعاء، ومطعم الجائع، ومحرر القاهر، وناصر المظلوم، ومعين المحتاج. والمثال يفرض وجوده، والتوتر يخلق موضوعه. الله هو مجموع الحاجات البشرية. يروي العاطش، ويقوي الضعيف، ويسوي المعوج، ويُئوي الضجر، ويداوي العليل، ويصفي الكدر، وينقي الدنس، ويُصلح الفاسد، ويعرِّف المنكر، ويعلِّم الجاهل، ويسهل المتعسر، ويغني الفقير.٤٩٩ وهو نفس تصور وصايا لقمان لابنه الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ. وأوصاف الله كلها ذات علاقة بالتجارب الإنسانية؛ مما يدل على أنها تعبير عن آمال وإحباطات البشر، أفراحهم وأحزانهم.٥٠٠ والله هو الذي يمحو البلاء، ويسدد الخطى، وينعش النكبى، ويقوي الضعيف، ويؤنس المستوحش، ويقرب البعيد، ويقبل التوبة.٥٠١
وتعتمد «الإشارات» على تجارب ذاتية. وهي أقرب إلى السيرة الذاتية في «المعية» الزمانية، وليس في التوالي الزماني.٥٠٢ وقد كتب الغزالي «المنقذ من الضلال» لنفس الغاية. وجوهر الشكوى والمرارة.٥٠٣ وربما كانت حياته كذلك؛ غريبًا لا يخالط إلا الغرباء والأدنياء والأردياء.٥٠٤ فهو الابن الضال يعود من جديد.
وإن نبَت بك أوطان نشأت بها، فارحل فكل بلاد الله أوطان، حرق كتبه وغسلها بالماء في آخر عمره كراهية لنفسه وللعالم.٥٠٥ فالعلم يراد به العمل وليس غاية في ذاته. لم يدرك قيمته أحد. وترصدها العيارون والشطار. وقد قام لذلك كثيرون غيره.٥٠٦
وتتمثل أزمة العصر في الغرور دون اعتبار بالماضي، وعدم التعلم من دروس التاريخ.٥٠٧ روح العصر العصيان وعدم الاعتبار، وعدم الاستجابة للنداء بالرغم من النذر. خدعت الشهوات الناس وملكتهم، وغرتهم الأماني فأهلكتهم. وسباهم الشيطان من أوطانهم فباعهم في أرض الأعداء بثمن بخس. فخسروا وربح. وبقوا في بلاد الغربة حيارى أذلاء. كما تتمثل أزمة العصر في أكل الحرام، وحمل الآثام، وسيادة السفلة.٥٠٨ عاد الإسلام فيه غريبًا.٥٠٩
والشكوى أولى التجارب الذاتية. قد تكون من القريب أو البعيد، من النفس وهي أعدى الأعداء في جنب الإنسان.٥١٠ وكثرة الشكوى تزيد البلاء.٥١١ ولها مظاهر عدة: الفؤاد هائم بكل واد. والخاطر حال من كل حاد وهاد. كل شيء مرد ومعاد. وكل شخص آخر مضاد ومعاد. ولا يملك الإنسان إلا الحسرة والدموع والزفرات. الكبد مشتعل محترق على المناظر والهيئات. واليقظة على ما يجري من رسوم وعادات. والأحلام عارية من أي تحقق، والنفس رهينة بالسيئات، مفتونة بالسوانح والخاطرات، مغبونة عن الحسنات والصالحات. الجهات منسدة، والوجوه مسودة. كل قول زور وبهتان. وكل إشارة بور وعدوان. وكل سكوت سهو ونسيان. القول مردود. والقائل محسود. والقاصد مطرود. والباذل مجهود. والسائل محدود. والزمن متنكر. والصديق متغير. والعدو متنمر. والجار متنفر. والعامل مستنفر.٥١٢ الشكوى إلى الواحد الصمد وليس إلى غيره شكوى أو من دون فرج.٥١٣
ويتبع الشكوى الاستعطاف. فالشيخ تحكمت فيه البلوى وأصبح بين الحياة والموت. يحتاج إلى نائحة تبكي عليه.٥١٤ يعتمد التوحيدي على تجاربه الذاتية، الإحباط واليأس، الشكوى والضجر.٥١٥ أعلى المحن الكون كله، وأدناها طلب المحال، والتعلل بالفاني، والانخداع بالعارض، والإعراض عن النفيس، وتوهم الكمال في النفس وهي ناقصة، والجرأة على الدعوى مع نقض البرهان، وتبعثر القول ونقص الفعل، وإطالة الهذيان بلا تحذير. والإنصات ضياع. وإن عجز السلطان عن تحقيق الشكوى والاستجابة لها توجه الشكوى إلى الله كما هو الحال في المثل الشعبي «الشكوى لغير الله مذلة».٥١٦ ويمكن تجاوز الشكوى رغبة في الخير، وتجنبًا للشر. ولماذا أشغل الوقت بوصف الزمان وصروفه ودوافعه؟ هناك ما هو أولى بالوقت وأجدى. ليست الشكوى من المروءة ولا من عزة النفس.٥١٧ فهل الأولى الإعداد للمعاد هروبًا من الدنيا أم الدخول في تحدياتها وتغيير الواقع حتى لا تستمر الأزمات؟
والتجربة الحياتية الثانية التي يعيشها صوفي مثل التوحيدي هي تجربة «الغربة» التي يخصص لها إحدى رسائله.٥١٨ وهي إجابة على سؤال عن الغريب ومحنته، والغربة وعجائبها. فقد نشأ التصوف من الغربة عن العالم، ويؤيد ذلك حديث «جاء الإسلام غريبًا، وسيعود غريبًا كما بدأ. فطوبى للغرباء»، بالرغم من رفض بعض الجماعات الإسلامية هذا التأويل، وجعل الإسلام أيضًا عائدًا ناهضًا منتشرًا كما تكشف عن ذلك الصحوة الإسلامية الراهنة. الغربة ظاهرة سلبية وليست إيجابية كما هو الحال في «الاغتراب» في الفلسفة الوجودية المعاصرة. فالغريب أينما حطت ركائبه ذليل. يد الغريب قصيرة، ولسانه ذليل.٥١٩ لا تسقط دموعه من الغربة والبعد في المكان بل لأنه غريب غريب مهما حاول الألفة مع الناس.٥٢٠ والاغتراب من الوطن المكاني إلى الوطن الزماني، ومن الوطن المادي إلى الوطن الروحي ليس اغترابًا بل عودًا إلى الموقف الأصيل.٥٢١ مع أن الغربة أي السقوط بين «الأنا» و«النحن» أصل الإبداع الفني والأدبي والفلسفي.
والوطن ما يسكن فيه الإنسان ويهنأ باله. وبه الأهل والبنون والأصدقاء والقدماء. ليس الوطن الطارد لأهله. العازل لهم فيحملون الهموم والأحزان. لذلك لا يهنئون بالعيد: عيد بأية حال عدت يا عيد؟ فكيف يكون الصبر في عيده محزونًا؟ العيد بلاء وشقاء. وهو فريد ووحيد.٥٢٢ ليست الغربة عن الوطن كمكان ولكن عن الناس. فالوطن هم الأهل مهما استوطن خارجه. ينطق حزنًا ويسكت حيرانًا. ويقترب خاضعًا ويظهر ذليلًا. وإن توارى عليلًا. وإن طلب يائسًا. وإن أمسك مبتليًا. وإن أصبح تحول لونه. وإن أسر انتهب سره. وإن قال هيابًا، وإن سكت خائبًا. أكله الخمول، ومصه الذبول، وحالفه النحول، ويتمنى الحديث مع الناس.٥٢٣ ليس الغريب من جفاه الحبيب بل من واصله وتغافل عنه الرقيب، هو غريب حتى ولو جلس معه الندماء، ونودي من قريب. هو من غربته غريب، ليس له نسيب، ولا من الحق نصيب.٥٢٤ الغريب من غربت شمس جماله. واغترب عن أحبائه وعذاله. وأغرب في أقواله وأفعاله. وغرب في إقباله وأدباره. الغريب من كان في محنة بعد محنة، وفتنة بعد فتنة. يحضر غائبًا، ويغيب حاضرًا. لا يعرفه الناس.٥٢٥ الغريب داخل الوطن. ولم يبرح مسقط رأسه.٥٢٦
الغريب يهجره الناس ويزجرونه إذا ذكر الحق. يكذبون مصادره ويعذبونه لطهارته ورفض رشاويهم. لا يزوره أحد. يطول سفره دون مقام ويستمر بلاؤه دون ذنب. ويشتد ضرره ويعظم عناؤه. لا يسمعون قوله. ولا يلتفون حوله. يحرقه الأسى والأسف. لا يوسع له أحد إذا قبل. وإذا غاب لا يُسأل عنه. وإذا سأل لا يعطى. وإن سكت لا يبدأ بالكلام. وإذا مرض لا يعوده أحد. وإن زار أحدًا رفض. وإذا استأذن لم يأذن له الحاجب. إذا نادى لا يجيبه أحد. وإذا هَادى لا يُحب. الغريب كله حرقة، وبعضه فرقة. ليله أسف، ونهاره لهف، غذاؤه حزن، وعشاؤه سجن، وآراؤه ظنون. الغريب من يضطهده الناس ويستوحشون منه. هو الصوفي الذي يلبس الخرقة. هو من يخبر عن أنباء الغيب. يذكر الله متوكلًا عليه.٥٢٧ الغريب هو من يعيش عالمًا آخر لا يعيشه الناس. وهو معنى الآخرة. وقد يغترب المرء من غير حاجة ولا فاقة بل قد يكون حكمًا عليه من الناس حتى ولو كان غنيًّا.٥٢٨
والتشاؤم تجربة حياتية ثالثة ومن أسباب عدم ثبات شيء: تولية ثم عزل، وجهاد دون نجاح، ونجاح دون جهاد.٥٢٩ لا دواء للعلة، ولا سبيل إلا اليأس والقنوط.٥٣٠ الفؤاد سقيم، والخاطر عقيم. والبلاء شامل، والعناء حاصل. والصديق عدو، والألفة نفور، واليقظة نوم.٥٣١ الضلوع مملوءة بالأسى والحزن. والأرواح ذائبة بالحسرة واليأس. السلم حرب، والروح كرب، والمستقيم معوج، والوقت كدر، والزمان غبر، والراجي قانط، والصاعد هابط.
ويترك ولاة الأمور، فلا أمل في التغير. ولم يبق إلا الثقة بالزمان. فربما يرحم الإنسان من يغبط. ويعجب بسوء الأثر وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ.٥٣٢ ومن ضمن مآسي الوجود الاحتراق من أجل إنارة الطريق للآخرين.٥٣٣
وتصور التجارب الذاتية أحداث العصر مثل التجارة بالدين.٥٣٤ وتخدير الفقراء بالوعود المستقبلية.٥٣٥ تحول الدين إلى رسوم وعمت الفحشاء، وفسد العلماء وفشا الجهل وظهر الغي وذكر اسم الله لغوا على الألسنة. فخوت القلوب من الفكر. وفقد الصدق.٥٣٦ وتتمثل التجارة بالدين في التجارة بالآخرة وارتهان الدين بالدنيا.٥٣٧ الوقت كدر، والأمر عكر، والحال قذر، والقول مكرر، والفعل منكر، والبناء مهتدم.٥٣٨ وليس الحل للجور إلى الله والهرب إليه بل تغيير الواقع ومقاومة عيوبه، والدخول في تحدياته.
ويظهر فساد العصر في سلوك الناس، شدة الطمع، سوء الرجاء، دون زهد أو محبة ولا خشوع ولا صدق ولا هداية ولا مشاهدة ولا استيقاظ ولا حسن معاملة. الظاهر أعبث من الباطن، والباطن أخبث من الظاهر. والإشارة أنكد من العبارة، والعبارة أفسد من الإشارة. والكل مستغيث من البعض، والبعض هارب من الكل. الليل يصبح من النهار، والنهار يبدأ من الليل. ثم ادعاء منازل الصادقين وضمائر النبيين، وأسرار الملائكة المقربين، والاعتراض على أفعال رب العالمين. أذل هذا الزمان نجم الحق، واجتث أصل الخير. وغار ماء الإيمان، وانمحى رسم الدين، وتناسى الناس العرف، والتقوا على المنكر. وأصبح التعبير تقصيرًا. شرف الله الأمة بالأمر والنهي فخافت. وعرض عليها النعيم فأبت.٥٣٩ والخطورة في ذلك عدم الرغبة في الإصلاح، والتسويف الذي يخالف العقل والشرع. وعاقبة ذلك الويل والثبور.٥٤٠
تجربة العصر أيضًا أنه زمن رديء. لا يوجد فيه ما يستحق العناء. فالعلم بلاء، والجهل عناء، والعمل رياء، والعقول داء، والسكوت هباء، والنظر عداء.٥٤١ هي تجربة التشاؤم التي شارك فيها المعري التوحيدي، وهما من نفس العصر. فإذا نظر الإنسان أصاب عينه القذى. ولم يجلب لنفسه سوى الأذى. لا يرحب به أحد. يُمضي أشرار الناس حكمهم على الأضعف. ويسيرون في الشر إلى أبعد حد بالرغم من قرب الخير. يقطعون مع من يصلهم. يعتبرون الحلم مهانة عند السخط. ويعلون على من تواضع معهم. يتراءون بالوعظ للهداية. ويشحذون السيوف للفتك بالناس. البعد عنهم سلام، والعزلة عنهم فضيلة. وصحبة الحيوان أفضل من صحبة الإنسان. فالإنسان أسوأ جنس خبثًا ومقتًا وأذى.٥٤٢ وغاية الدهر إبرام منتقض أو نقض إبرام دون عدل أو قانون.٥٤٣ ومع ذلك لا يعاند الدهر إلا من له خطر.٥٤٤
لا منجيات من العقل أو الشرع أو الوقوف على المقاصد من غير ريب أو شبهة. لم تعد بديهية أو فطرية أو مساعدة على الكمال.٥٤٥ والحل الجذري هو صفاء العمل بصحة العلم، وصدق الخبر بتحقق العيان، وفيض الحكمة بطول التجربة، وصدق الذكاء بسلامة الطبع، وجدوى العقل بصحة الفعل، وتحرر العبد بزوال الضرر، ويُملك الإنسان بفخر الإحسان، والتحلي بالخير بعد التعري عن الشر، ووجود القناعة بعدم الحرص، وحصول الكمال بفقد النقص، ومعرفة السعادة بشقاء النحس، والهداية إلى المعروف بمعرفة المنكر، ومعرفة الحق بالتبري عن الخلق، وانتهاء الحرمان من الوجدان. ولن تهدأ النفوس قبل أن تثأر من الزمان.٥٤٦ المعرفة بالتجربة حتى لو كانت يسيرة أو قصيرة وهي خبرة إنسانية مثل تجميع الهموم في آنٍ واحدٍ وأثر ذلك على شحذ الطاقة.٥٤٧
ولا يُفهم القرآن بمجرد قواعد النحو والمبادئ العامة للغة وعلوم القرآن، المكي والمدني، المحكم والمتشابه، الظاهر والمؤول، المجمل والمبين، الأمر والنهي، الخاص والعام، العربي والأعجمي في اللفظ … إلخ، بل بالموقف الأخلاقي للمفسر والصدق مع النفس.٥٤٨

(٦) الوعي التاريخي بالآخر

وهو الوعي بآداب الشيخ والمريد، الوعي الجماعي القائم على الوعي المتبادل كموضوع مستقل وليس كباب أو فصل أو كتاب.٥٤٩ فالآخر جزء من التاريخ لأنه فرد في جماعة. والتاريخ تاريخ فردي وجماعي. هذا الوعي بالآخر هو الذي سيتضخم في الوعي العملي بعد القرن السابع الهجري ونهاية الوعي النظري، عندما يتحول التصوف من علم إلى طريق، ومن نظر إلى عمل، ومن رؤية إلى طريقة.

(أ) رسائل المحاسبي (٢٤٣ﻫ)

(١) «رسالة في التصوف»٥٥٠

وفي «رسالة التصوف» يصل المحاسبي إلى ذروة التنظير العقلي والتحليل النفسي فلا يعتمد على أي دليل نقلي من قرآن أو حديث.٥٥١ والموضوع موجود في التنزيل إلا أنه يمكن التعرف عليه بتحليل التجارب النفسية.٥٥٢ وموضوعه المراقبة وهو الطريق إلى الاستعانة على النفس وإحراز الدين ونيل الحياء. وهو باب المعرفة٥٥٣ وتدل على وعي تاريخي نظري بالتصوف كموضوع أمري وليس كموضوع بحثي. وهي على درجة عالية من التنظير. لا تعتمد على أي دليل نقلي من قرآن أو حديث نبوي أو قدسي أو أي شاهد شعري. بل تعتمد فقط على تحليل التجارب النفسية. وهي رسالة صغيرة تقوم على القسمة.٥٥٤ خطابها أخلاقي أمري يصل إلى درجة السذاجة والتربية الوعظية لإصلاح النفس بعد أن صعب إصلاح العالم. البداية بالمعرفة، الجدل بين الله وإبليس، والعمل لله، والنفس أمارة بالسوء.٥٥٥ ويحذر من خداع النفس. كما يحذر من خصال عشر أقرب إلى الرذائل منها إلى الفضائل باستثناء العاشرة، وأقرب إلى النواهي منها إلى الأوامر.٥٥٦
وتتوالى القسمات لمراتب العباد بين محبوس ومخدوع ومضبوط، وللمخاوف بين العبد والبار والخائف من جهنم. وللناس في الأثرة بين مؤثر قوي ومؤثر محتاج. وفي الذكر باللسان أو باللسان والقلب، وفي الشكر بين طلب الزيادة والرضا وفي الفريضة مع هموم الدنيا أو الخوف أو فساد المحاسبة. وفي وزن البر بين معرفة الفضل أو القطيعة مع الدنيا. وفي عمل الليل والنهار بين غانم سالم للطاعة أو شاحب للمعاصي أو سالب للنوم.٥٥٧ وتنتهي الرسالة بآداب المريدين مثل «الرعاية لحقوق الله».٥٥٨
وتتمثل حقوق الغير في الالتزام بالتقوى. فالمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمؤمن من أمن الناس بوائقه. فالتقوى ليست فقط واجبًا ذاتيًّا بل تتعلق بحقوق الغير. هي أخلاق اجتماعية تتعلق بموضوع وليس فقط نية صالحة.٥٥٩ والانشغال بإصلاح النفس قبل إصلاح الآخر بداية العلاقة بين الأنا والآخر.٥٦٠ ورعاية حق الجار والمسكين والقريب، والرفق بما ملك اليمين. وبذل النصيحة لله وللمؤمنين والتشاور مع الذين يخشون الله يدل على أن الأبعاد الأربعة للمسترشد متداخلة، الذات والآخر، والعالم والله.٥٦١ ويجوز للإنسان أن يحب حب الناس له ليس على طاعة بعينها ولكن على أفعال غير محمودة عندهم، وفي المقابل يجوز إذا اطلع الناس على بعض ذنوب الفرد أن يغتم فالغم طبيعي في البشر، ومعظم النصائح سلبية أكثر منها إيجابية، بالنهي أكثر منها بالأمر.٥٦٢
الإخوان ومعرفة النفس.٥٦٣ وهي التجربة المشتركة بين الأنا والآخر وقد يبدأ الإنسان بالتوبة ويرجع عنها دون الحرص على التقوى، ومخالفة الهوى والشهوة.٥٦٤ ويرجع ذلك إلى ضعف الخوف وقلة الحذر. ويدخل مع الآخرين في علاقة مشتركة وهو يعلم أنه قد يخالفهم بشرط ألا يعصي الله. والأفضل أن تكون التجربة المشتركة مع الأخوة في الله.٥٦٥ ويسبق تطهير الذات الأهواء تمسكها بالفضائل لذلك أصبح أحد تعريفات التصوف التخلي عن الأوصاف الدنية وهي الانفعالات والأهواء، والتحلي بالأوصاف السنية وهي المقامات.٥٦٦

(٢) «رسالة المسترشدين»٥٦٧

وهي رسالة مبكرة في آداب الشيخ والمريد. وهو الموضوع الطاغي في المرحلة الرابعة للتصوف كتاريخ وهو التصوف العملي والتصوف كطريق وهو الوعي العملي وقبل تكوين الطرق الصوفية. ويتطرق فقط لطريق واحد وهو المسترشد أي المريد. ويعتمد على الحديث قبل القرآن دون الشعر.٥٦٨ ويظهر التراكم التاريخي في ذكر أربعة أعلام.٥٦٩ ويغلب على الفقرات كلها أسلوب الأمر والنهي مثل «اعلم»، «احذر»، «الزم» … إلخ، في أربعة وثلاثين فعل أمر.٥٧٠ والأمر وهو الأغلب، وثمانية أفعال نهي وهي الأقل.٥٧١ وتتنوع الأفعال الأمرية بين العلم والفحص من أفعال المعرفة، والمحاسبة والمراقبة والحذر والكتمان من أفعال القلب، والالتزام والعمل والوقوف والمراعاة والاستعمال والطلب والاستعانة والاستجلاب والأداء والتحصيل والتنازل، من أجل الفصل والرضا والتواضع والبذل والإيثار والعفو والرعاية والوقار والنصرة من مجموع الفضائل. وبعض الفقرات إخبارية للعلم وليست أمرية للعمل وهي الأقل. والأسلوب هو أسلوب القول «فإن قال قائل».٥٧٢ وتبدأ الفضائل والمقامات في الظهور مثل الصدق والصبر والقناعة والزهد والأنس والرضا والإخلاص واليقين والخوف والمحبة والمراقبة.٥٧٣

(٧) الوعي التاريخي الرأسي

ويعني الوعي التاريخي المنعرج، الصاعد إلى أعلى ابتداء من التوبة المقام الأول، هروبًا من العالم الذي تكالب عليه الناس، وترك الدنيا بمن فيها على من فيها. هو بداية التصوف كطريق إلى الله، والهروب إلى أعلى كما هو الحال في التصوف مثل الهروب إلى النص كما هو الحال في الفقه عند أحمد بن حنبل، كرد فعل على الانغماس في العالم عند الحكام وأصحاب السلطة وعند المتكلمين وجدل العقائد.

(أ) رسائل المحاسبي (٢٤٣ﻫ)

واضح حضور المحاسبي خلال مراحل تشكل الوعي التاريخي الأخلاقي، برسائل ست.٥٧٤ وهو حاضر ثانيًا في الوعي التاريخي المعرفي برسالتين.٥٧٥ وهو حاضر ثالثًا في الوعي التاريخي بالآخر برسالتين.٥٧٦ وهو حاضر رابعًا في الوعي التاريخي الرأسي برسالتين.٥٧٧ وهو حاضر أخيرًا في الوعي التاريخي المغترب (الأخروي) برسالتين كذلك.٥٧٨

(١) «التوبة بدأ من أناب إلى الله»٥٧٩

ويدل العنوان الثاني على بداية الاغتراب في الوعي التاريخي، الاتجاه إلى أعلى. والتوبة أول مقام في الطريق الصوفي، من العالم إلى النفس، ومن النفس إلى الله. ويقل الاعتماد على الأدلة النقلية. يحضر القرآن، ويغيب الحديث والشعر.٥٨٠ ويزيد التنظير العقلي. ويستعمل أسلوب السؤال والجواب، «قال … قلت …»، أسلوب الشيخ والمريد مثل أحكام السؤال والجواب في أصول الفقه، بين المفتي والمستفتي.٥٨١ فالكتاب إجابة على سؤال عن بدء الإنابة إلى الله؟ والجواب: بمعرفة الله وتهذيب النفس الأمارة بالسوء، والعزم على تأديبها بالوعظ والتركيز، وعزل النفس عن مواطن المعصية وإدمان معاتبتها وتخويفها بالرغم من رفضها مفارقة الشهوات، وعلاجها بالصوم والجوع والتذكير. وحنينها إلى بعض الشهوات دون بعض يسمح بوضع عقوبات مشروعة للنفس. بداية الهداية وصنع النفس بين الشدة والتخفيف في العقوبة، وتسليم النفس قيادتها إلى الله. وتجاوز خداع النفس إلى الحنين إلى الشرف بين الناس دون توهم فضلها عليهم، والاطمئنان على صدق اعتقاداتها واصطفائها. ودلائل الصدق في التوبة الجد في الطاعة والحزن والخوف وسقوط الكلفة والعلم بطريق التوبة، والرجاء والشكر والخوف، ومعرفة عزة مقام التائبين، ودلائل صدق الشاكرين.

(٢) «القصد والرجوع إلى الله»٥٨٢

وهو نفس موضوع «الإنابة» بداية من التوبة لسلوك الطريق الرأسي صعودًا إلى أعلى، من العالم إلى النفس ارتدادًا، ومن النفس إلى الله ارتفاعًا.٥٨٣ تعتمد على القرآن أكثر من الحديث لدرجة الضعف. ويكاد يختفي الشعر.٥٨٤ كما تعتمد على التحليل العقلي، وتحليل التجارب تأكيدًا على العقل العملي، واستعمال أسلوب «قال … قلت» ردًّا على سؤال.٥٨٥ وتضم الرسالة أربعًا وثلاثين مسألة متنوعة تعود كلها إلى الله. أولها التوبة والفترة ومحاسبة النفس ودفع الهوى عن الضمائر والقلوب ومخالفة العدو ودفع نزعاته.٥٨٦ ثم يأتي موضوع الزهد وما يفسده وأثره في الحياة، والزهد فيما لدى الناس وما يتبعه ورع، والابتعاد عن الدنيا، ثم الرذائل مثل الرياء والإعجاب والفرح بالعمل، ثم الفضائل مثل الصدق والإخلاص والحياء، ثم المقامات مثل الشكر والصبر والرضا والمحبة، ثم الأحوال مثل الحزن والخوف، ثم المعرفة على قلوب العارفين والاعتبار والحكمة. وشروط ذلك كله طهارة القلب وحديث النفس ومراقبتها وترك الريب والشبهة.

(ب) «كتاب الصدق» لأبي سعيد الخراز (٢٧٧ / ٢٧٩ﻫ)٥٨٧

وتتحول الأخلاق الصوفية تدريجيًّا إلى المقامات والأحوال، من أعمال الجوارح إلى أعمال القلوب، ومن الشريعة إلى الطريقة، ومن الخارج إلى الداخل مثل «الطريق إلى الله» أو كتاب «الصدق» لأبي سعيد الخراز (ت٢٩٩ﻫ).

ومنهج التأليف هو تجميع الآيات والأحاديث حول موضوع واحد وهو «الصدق» كما هو الحال في التفسير الموضوعي. والآيات أكثر من الأحاديث.٥٨٨ ثم تأتي الآثار، أقوال الصحابة والتابعين والزهاد والعباد والصوفية الأوائل. ويضم إليها بعض الخطب وبعض الحكايات التاريخية أو الرمزية.

والصدق هو الخيط الذي يربط باقي الفضائل التي تتحول فيما بعد إلى مقامات وأحوال مثل: الإخلاص، الصبر، الورع، الحلال، الزهد، الخوف، الحياء، المحبة، الرضا، التوكل، الأنس أو في موضوعات عامة مثل معرفة النفس، ومعرفة إبليس.

ونظرًا لأن التأليف لم ينتظم بعد في أبواب وفصول فإن تحديد معاني «الصدق» لم يأتِ في البداية بل بعد الصدق في الإخلاص والصبر. وفي الحديث، المتن أهم من السند. فلا تهم الرواية بقدر الموضوع. وهو ما اعتمد عليه الغزالي في «الإحياء» فيما بعد باستعمال الأحاديث الضعيفة السند ما دام المتن متفقًا مع هواه. ويكتفي بالقول «يروى أن» أو «يروى في الحديث». ولا حرج من استعمال المرويات عن الشياطين.٥٨٩ ولا حرج أيضًا من استعمال الإسرائيليات وما روي عن سليمان وداود وعيسى.٥٩٠ وقد تُرى حوارات من مظاهر للطبيعة مثل الريح.٥٩١ ويُروى عن جبريل حواراته مع الرسول.٥٩٢ وتكثر الأحاديث القدسية تساعد على نسج الخيال. وقد تكثر الشواهد النقلية بدافع البرهان بحجة السلطة خاصة في غياب الحجج العقلية. وتستعمل بعض الحكايات عن سلوك الصحابة والتابعين والزهاد والصوفية الأوائل.
والتأليف بناء على سؤال المؤلف أحد العلماء عن معنى الصدق أشبه بصيغ الفتاوى الشرعية والتي استمرت حتى ابن رشد في «فصل المقال». والإجابة على العموم والخصوص، في الأصول والفروع.٥٩٣ وهو سؤال تربوي وليس سؤالًا نظريًّا، للمريد وليس للشيخ. إذ لا بد أن يعرف المريد ثلاثة أشياء: الإخلاص والصدق والصبر. وهي متداخلة المعاني. فالإخلاص لا يتم إلا بالصدق والصبر عليه. والصبر لا يتم إلا بالصدق والإخلاص فيه. والصدق لا يتم إلا بالصبر والإخلاص فيه.٥٩٤ ويستمر أسلوب التساؤل والاعتراض أو الاستفسار.٥٩٥ وفي النهاية تتوجه الرسالة إلى المريد.٥٩٦
والصدق من الفضائل الخلقية عند الصوفية قبل أن يصبح عند البعض مقامًا. وهو بداية الطريق إلى الله. وهو عنوان مرادف، مثل مقام التوبة عند المحاسبي ومجموع الصوفية. والمؤلف هو الشيخ العارف لقب منه أم من الصوفية بعده.٥٩٧ ويعتمد على القرآن ثم الحديث دون الشعر.٥٩٨ الآيات كلها حول موضوع واحد مثل «الصدق». وهو بداية التفسير الموضوعي للقرآن. وتذكر المعاني المختلفة للآيات وتتداخل المصطلحات. وتتوالى الآيات في دفعات.٥٩٩ ويسقط السند لصالح المتن. وإذا ذكر فعلى وجه العموم مثل «وفي الخبر».٦٠٠ وتتكرر الأحاديث.٦٠١ ويصل الأمر إلى رواية أحاديث الرسول مع جبريل ومع الشيطان.٦٠٢ وتُروى بعض الإسرائيليات من أحاديث سليمان وموسى وعيسى وآيات من الكتب المقدسة السابقة.٦٠٣ ويستشهد بأقوال الصوفية مثل الفضيل بن عياض وسفيان الثوري، ويطلق عليهم لفظ الحكماء وببعض الصحابة مثل علي والحسن وبعض التابعين مثل ابن سيرين. وتستعمل بعض الحكايات عن بعض الخلفاء مثل عمر بن عبد العزيز أو بعض الحكايات الرمزية مثل الحوار مع إبليس. والأسلوب سؤال وجواب كما هو الحال في المفتي والمستفتي في أصول الفقه مع أفعال القول.٦٠٤ والخطاب موجه إلى القارئ «أما علمت أيها المريد؟»٦٠٥
وتنتهي الأقسام بلازمة «وبالله التوفيق».٦٠٦
والصدق هو الموضوع الأول الذي يبدأ من الطريق إلى الله. لا يتضمن فصولًا أو أبوابًا بل مجموعة من الأقسام.٦٠٧ تبدأ بمعاني الصدق المختلفة. ثم الصدق في بعض الفضائل الأخلاقية مثل الإخلاص والورع والحياء.٦٠٨ ثم يتجلى في بعض المقامات مثل الصبر والزهد والتوكل والرضا والمحبة وما يتعلق بها من شوق.٦٠٩ ثم يظهر في بعض الأحوال مثل الخوف والأنس.٦١٠ وهناك صدق في المعرفة مثل الصدق في معرفة النفس والقيام عليها، وفي معرفة العدو إبليس، وفي معرفة نعم الله.٦١١ وهناك الصدق في الفقه مثل الصدق في الحلال الصافي.٦١٢

(٨) الوعي التاريخي المغترب (الأخروي)

ويعني ذلك تجاوز الوعي التاريخي بالعالم إلى ما وراء العالم، من الدنيا إلى الآخرة. وهي بداية الوعي الصوفي ونهايته. بل إنه يزيد في النهاية عن البداية. ويصبح موضوعًا مستقلًّا يلتقي فيه الحديث والفقه والكلام والتصوف «في أحوال الموتى والآخرة». ويسمى أيضًا الوعي المغترب أي الذي خرج عن العالم إلى عالم آخر.

(أ) رسائل المحاسبي (٢٤٣ﻫ):

والعجيب أن من يركز على الوعي الخلقي في معظم أعماله إلى درجة اعتباره المؤسس الأول للأخلاق الصوفية هو الذي يبدأ أيضًا بالوعي المغترب في الأخرويات؛ لأن الأخلاق لم تقم على الحسن والقبح في ذاتها عند المعتزلة بل على النظرية الأشعرية في ارتهان الأخلاق بالإرادة الإلهية. لذلك همش المعتزلة لصالح الأشعرية المركزية.

(١) «التوهم»٦١٣

ويقوم على توهم الموت واستباقه والاستعداد له عن طريق الخيال. وهو فتح لعالم التصوف الجديد الذي اكتمل في «الفتوحات» عند ابن عربي في «الخيال الخلاق». يعني التوهم التصور والتخيل والافتراض. فالتصوف كله توهم في المقدمات وفي النتائج، وفتح آفاق جديدة للنفس بعد أن انسدت آفاق العالم على عكس الفقه، علم النوازل الذي يبدأ مما يحدث في الواقع. وهو خطاب موجه مباشرة إلى القارئ بلفظ «اعلم» كما هو الحال في «رسائل إخوان الصفا». كما استعمل لفظ «توهم»؛ أي افتراض شيء نتج عنه نتائج.٦١٤ فالتصوف فقه افتراضي، يركز على النفس حتى يخلق موضوعه. ولا يبتعد كثيرًا عن التخويف وأساليب الردع النفسية للحصول على الطاعة والسلوك الفاضل. فالغاية تبرر الوسيلة. يبدأ الطريق بآلام الموت ثم النداء للعرض ثم أهوال القيامة ثم الشفاعة ثم يوم العرض ثم عذاب الكافرين ثم نعيم الجنة ثم حياة أخيرة. ويعتمد أساسًا على القرآن ثم الحديث.٦١٥ ويغيب الشعر. كما يغيب التحليل النظري الخالص. إنما تعتمد الرسالة على الإيهام والتخويف واللعب بالعواطف والاستدراج والإيقاع.٦١٦

(٢) «البعث والنشور»٦١٧

وهو انتقال من التوهم إلى الحقيقة، ومن الافتراض إلى الواقع، ومن المستقبل إلى الحاضر وكأن البعث والنشور قد وقعا بالفعل، البعث هو الخروج من القبور والحياة بعد الموت. والنشور العودة إلى الله والسعي إليه. وكلها غيبيات سمعيات لا دليل عقلي عليها كما هو الحال في نسق العقائد الأشعري. وتشمل مناظر انشقاق الأرض سؤال الملكين، وعذاب القبر ونعيمه، والحساب والميزان، والصراط والأعراف، والثواب والعقاب، والكتاب والدليل وشهادة الحواس. يعتمد على الأحاديث أكثر من القرآن ودون الشعر.٦١٨ وبطبيعة الحال يغيب التحليل النظري إلا من قياس الغائب على الشاهد.

(ب) «الطواسين» للحلاج (٣٠٩ﻫ)٦١٩

موضوعه الحقيقة المحمدية. وهما حرفان من أوائل السور «طس» بالجمع. يعتمد على التأويل الرمزي لبعض الآيات، وأقلها من الأحاديث، والتعبير عنها بالشعر جمعًا بين النص الديني والنظم الشعري.٦٢٠ ولا تظهر الإسرائيليات لعدم الحاجة إليها. ولا يعتمد على أحد من الصوفية السابقين باستثناء اسم الرسول «أحمد». ينقسم إلى عشرة أقسام كلها تبدأ بالطاسين وهي السراج، والفهم والصفاء، والدائرة، والنقطة، والأزل والالتباس، والمشيئة، والتوحيد، والإسراء في التوحيد، والتنزيه. ويؤول الأسماء والألقاب فالرسول أمي لمهمته، حَرمي لنعمته، ومكي لتمكينه. ورمزه السراج أي النور والفهم للمعرفة الإشراقية الكشفية ليلة الإسراء والمعراج. والصفاء مرآة القلب. ثم تستعمل الأشكال الهندسية مثل الدائرة والنقطة والقوس مع الحروف للخروج من عالم الظاهرة، والدخول في عالم الباطن، والالتباس على إبليس. والأزل وجود الحقيقة المحمدية. والمشيئة دائرة من دوائر الوجود مع القدرة والعلم والحكمة. والتوحيد أحدية وسره انعكاسه في الذات وفي العالم. وكل ذلك تنزيهًا لا تشبيهًا.

(ﺟ) الحكيم الترمذي (٣١٩ﻫ)

والعجيب أيضًا أن صاحب «الرياضة» و«أدب النفس» في أخلاق النفس يكون هو مؤسس الوعي المغترب في «ختم الأولياء» و«غور الأمور» في الولاية بعد النبوة وفي قصة آدم وإبليس قبل النبوة.

(١) «ختم الأولياء»٦٢١

وقد يتجسد الوعي بما وراء التاريخ في موضوع النبوة والولاية. النبوة بداية، والولاية نهاية. وكما أن هناك خاتم الأنبياء هناك أيضًا خاتم الأولياء. النبوة اغتراب في الماضي، والولاية اغتراب في المستقبل. وكلاهما نفي للحاضر.

يعتمد على القرآن ثم الحديث دون الشعر.٦٢٢ كما يعتمد على أقوال بعض الصوفية مثل أويس القرني وأبي سعيد الخدري.٦٢٣ وسبب التأليف سؤال عن الولاية بعد أن خاض فيها الناس بين مثبت ومنكر، وبين معرفة الوالي أو جهله بها ولا يدركها إلا أهلها.٦٢٤ ولا يمكن الحديث عنها قياسًا على غيرها أو توهمًا. ليس معيارها الصدق وحده بل معرفة أنها من المنن من المنان، ومعرفة المنان شرط لمعرفة المنن، ومعرفة المنن شرط لمعرفة الولاية.٦٢٥ يخلو الكتاب من الفصول والأبواب، ولكن يذكر خمسًا ومائة سؤال حول الموضوع بحيث يتشعب إلى كل موضوعات التصوف.٦٢٦ ويتبع أسلوب القول، «فإن قال قائل» ما دام الموضوع سؤالًا وجوابًا. ومع ذلك، يعتمد على القسمة والتصنيف كأحد طرق التعريف.٦٢٧ وتطول مقدمة المحقق لأغراض التأليف الجامعي.٦٢٨

وتتنوع موضوعات الولاية بين التفرقة بين أولياء حق الله وأولياء الله والتمييز بين علم الأنبياء وعلم الأولياء، وخاتم الأنبياء وخاتم الأولياء، وعقد النبوة وعقد الولاية، ومعجزات الأنبياء وكرامات الأولياء. كما تتناول علامات الأولياء في الظاهر وبشرى الولي والولاية والسعادة، والولاية والخطيئة، والولاة، والأسرار الإلهية، وخاصة الأولياء، والولاية والصديقية. ثم تأتي في النهاية التفرقة بين الولاية والجذب، بين الولي والمجذوب، والتمييز بين أهل الدين وأهل اليقين، بين الكتاب والروح.

(٢) «غور الأمور»٦٢٩

والعجيب أن يقترب الوعي التاريخي الأخلاقي في الوعي التاريخي بما قبل التاريخ الذي تمثله قصة آدم وإبليس قبل بداية تاريخ الإنسان على الأرض وتفسيرها الرمزي بأدبيات الحوار بين الله وإبليس. الله رمز الفضيلة، وإبليس رمز الرذيلة. الله النفس الخالصة، وإبليس النفس المفعمة بأهواء النفس. لذلك قد يدخل أيضًا في التأويل إلا أنه ليس تفسيرًا كاملًا مثل «تفسير القرآن العظيم» للتستري و«لطائف الإشارات» للقشيري وتفسير ابن عربي. يعتمد أساسًا على القرآن ثم الحديث دون الشعر.٦٣٠ تؤول الآيات تأويلًا باطنيًّا لتحويل النص المدون إلى سلوك خلقي والمعنى النظري إلى ممارسة عملية. قد تطول الأحاديث القصصية مما يدل على ضعفها. فالغاية من الحديث ليست إعطاء قصص رمزية في الخلق والعصيان والهبوط إلى الأرض في البداية أو في البعث والنشور وأمور المعاد في النهاية بل بيان بعض التفصيلات العملية وطرق الممارسة في العبادات. وهذا يدل على مدى الصلة بين التجربة الأدبية والتجربة الصوفية. فهما تجربة واحدة تعبر عن نفسها بأشكال أدبية، النثر الفني أو النظم أو القصة الرمزية. فالعلاقة مع إبليس أشبه بمدينة لها رئيسها وجنودها وحراسها وأعداؤها وخزائنها وأسلحتها. معركة في الخيال بعد أن صعبت في الواقع.
وسبب التأليف سؤال عن صفة القلب وأسمائه وأحواله وصفة النفس وأحوالها، وإبليس وجنوده وسلطانه، وصفة المعرفة والعقل والأخلاق، وتحويل عهد أَلَسْتُ، عهد الذر الأول وتفسير أسماء إبراهيم وإبليس وفرعون وشجرتي الزيتون وطوبى. وذلك كله في ثلاث وثلاثين مسألة دون أبواب أو فصول في صيغة السؤال والجواب. لا يفهمها إلا ذو اللب.٦٣١ والتشبيه بالمدينة. فهناك سبع مدائن للنور: الفؤاد، والضمير، والغلاف، والقلب، والشخاف، والحبة، واللباب. كل منها قلب للآخر في سبع دوائر.٦٣٢ ولكل مدينة باب، ولكل باب مفتاح، وعلى كل باب ستر، وبين كل واحد حائط، ومن وراء كل حائط خندق. ويستمر التشبيه في وصف الأبواب والبوابين والستور والمفاتيح والصدر والحيطان وأساسها والخنادق. ويتم الانتقال من المثل إلى المثول، ومن الرمز إلى المعنى في بيان الهمة والعهد وصفة النفس.٦٣٣ وقلب التشبيه هو احتجاج إبليس ومعاتبته وسؤاله عن الآلة للحرب على آدم وولده للعون والظفر عليه في حوار متخيل. ويؤول الرمز، صفة المعرفة ولباسها والحكمة من خلق آدم، وتفسير أسماء إبراهيم، وفرعون ولا إله إلا الله، كلمة التوحيد، وبعض رءوس السور القرآنية وبعض آيات النور، وتفسير اللباس والحجب والعقل وتحويل الجنود إلى صفات للنفس والعقل. وتخلق بعض الشخصيات الرمزية كنوع أدبي.٦٣٤ ثم تذكر شروط سكنى الأرض، والصراع بين إبليس ويحيى، وصفات جنود إبليس وبدء أمره وقصته ومصائده وتفسير هواه وحياته وأخلاقه وتحويل ذلك إلى صفات القلب والنفس وانتهاء بنعيم أهل الجنة. ومنزلة الشكر والصبر وصفة الصابر وهما من مقامات الصوفية.
١  وهذا ما فعل هيجل في «ظاهريات الروح» عندما وصف تطور الوعي الأوروبي من خلال حقبات تاريخه اليوناني والوسيط والحديث.
٢  وله «مبدأ من أناب إلى الله» (التوبة)، «التوهم»، «البعث والنشور»، «رسالة في التصوف»، «رسالة المسترشدين»، «شرف العقل وماهيته»، «الوصايا» (النصائح الدينية والنفحات القدسية)، «القصد والرجوع إلى الله»، «فهم الصلاة»، «المسائل في أعمال القلوب والجوارح»، «الرعاية لحقوق الله».
٣  أهم مؤلفات الترمذي: كتاب الرياضة، أدب النفس، غور الأمور، ختم الأولياء.
٤  مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة، ١٩٧١م/١٣٩١ﻫ.
٥  «علم الجفر علم بقوانين حرفية يصل بها إلى استنباط المجهولات من الحوادث الكونية موضوعة الحروف المنجمة في صحائف الجفر الجامع والنور اللامع ليعسوب المؤمنين وما لهم من الحوض المعين علي بن أبي طالب … قد ذكر فيه على طريقة علم الحروف والحوادث، تحدث إلى انقراض العالم. وكانت الأئمة المعروفون من أولاده يعرفونه ويحكمون به …»، الجفر الجامع، ص٣.
٦  «اعلم أن الجفر الجامع يمكن أن يُفهم منه أحوال الإنسان الماضي والحال والمستقبل أو كيفية الحادثة بهذه الطريقة»، السابق، ص٣.
٧  السابق، ص٤.
٨  السابق، ص٥.
٩  السابق، ص٣، ٢٦.
١٠  انظر فيما بعد الباب الثاني: الوعي النظري، سادسًا: تناثر البنية.
١١  الجفر الجامع، ص٥–١٣.
١٢  «فقد كشفت لك الغطاء. وإن زدنا على ذلك فربما يقف على هذا العلم أراذيل القوم. وقد قرر علماء هذا الفن عدم الجواز في كشفه بل قالوا إنه حرام. وساحة هذا العلم واسعة الفضا لا يسلك فيها إلا بالأخماس والأسداس. إنما الفوز فيه بالمطالب بنجائب الأنس والاستئناس»، السابق، ص١٣.
١٣  ويسمى علم الأعداد La Numerique في اليهودية والمسيحية.
١٤  «وهذه رسالة من الشعرة اليمانية»، الجفر الجامع، ص١٤–٣٥.
١٥  وهم الملائكة حندس ونيكل وبرقيل ونهش وسحردل وتنهش وحنكوش وحراش وشمهورش وميمون وطمطمان وقرياش وطقطوش وصلصائيل … إلخ، الجفر الجامع، ص٣٠-٣١.
١٦  السابق، ص٣٤.
١٧  السابق، ص٣–١٣.
١٨  تعريف الجفر الجامع والنور اللامع، وضع كتاب الجفر الجامع طريقًا لاستخراج من علم الجفر أي سؤال كان في أي وقت كان في أي مكان كان، في الطريق الثاني، جدول الحروف الأبجدية والهجائية وتقسيمها إلى الأيام والمنازل، السابق، ص٥–١٢.
١٩  السابق، ص٥. تذكر آية قرآنية واحدة لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ، وأفلاطون مرة واحدة.
٢٠  السابق، ص٧–١٣.
٢١  السابق، ص١٤–٢٣.
٢٢  وتتضمن: السنة العربية في دخولها بأيام الأسبوع، معرفة دخول السنين والأيام، كسوف الشمس في الأشهر الرومية، خسوف القمر في السنة الرومية، ظهور البرق، ظهور الرعد والمطر في نيسان، دلائل الأسبوع في سادس طوبة على الحوادث في العالم.
٢٣  السابق، ص٢٣–٣٥. فائدة من الشيخ زروق، فائدة في معرفة الأيام المنحوسة في السنة، في معرفة ساعات الليل والنهار وما يصلح فيها وما يضر يوم الأحد وليلة الخميس، يوم الإثنين وليلة الجمعة، يوم الثلاثاء وليلة السبت، يوم الأربعاء وليلة الأحد، يوم الخميس وليلة الإثنين، يوم الجمعة وليلة الثلاثاء، يوم السبت وليلة الأربعاء، في معرفة الكواكب السبعة وما لها من المعاد والساعات السعيدة منها والنحسة، في معرفة الأيام، وخدامها والمدبرون أمرها، في معرفة ما يعتري الأطفال من الأسقام والأعلال، علامات الحياة والممات. فالأول يرجى وإن عاش كان ملكًا أو أميرًا كبير القوم، فائدة أو قياس الأثر، فائدة لسعة الرزق والبيع والشراء، في معرفة استحضار المندل وخدامها الروحانية، معرفة موافقة الزوجين، معرفة ما ينظر إليه عند رؤية الأهلة.
٢٤  أعوان في العلاج والمندل «الملك حندس» و«نيكل»، في الأعمال الملك «برقيل» الطواف و«دنهش» وسمردل الطيار و«تنهش» …، وأعوان الملك حنكوش وحراش ومجملس ومدحرج الطويل … وخادمه شمهورش وأعوانه ميمون الحرناوي وطمطمان الهادي وقرياش …، وأعوان بليس ودرويس … وخادمه ميمون أبا نوج وأعوانه الأدهم وذوبعة وطقطوش والقبرسم …، السابق، ص٣٠-٣١.
٢٥  وذلك مثل وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ، أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ، يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، فَلَا تَنْتَصِرَانِ، والمعوذتان والفاتحة والتكوير والحشر لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ للشفاء، السابق، ص٣٢-٣٣.
٢٦  مكتبة صبيح، القاهرة، ١٩٦٣م/١٣٨٢ﻫ.
٢٧  تفسير الأحلام، ص١٨، ١١٥، ٣٧٢.
٢٨  السابق، ص٣–١٧.
٢٩  لأرطيمدروس «كتاب تفسير الرؤيا»، ولشيشرون «التنبؤ بالغيب». وقد أخذه توفيق الطويل موضوعًا لرسالة الماجستير «التنبؤ بالغيب عند مفكري الإسلام».
٣٠  تفسير الأحلام، ص١٤٧.
٣١  السابق، ص٦٧.
٣٢  السابق، ص٣٨–٤١، ٣٠٤.
٣٣  السابق، ص١٣١.
٣٤  الآيات (٢٦٥)، الأحاديث (٥١)، الأشعار (٣٢)، القدسية (١).
٣٥  السابق، ص٤١٠.
٣٦  مثل: بشر بن الحارث، الطرطوسي، الحسن البصري، سفيان الثوري، الكرماني، السهروردي، التستري، جعفر الصادق، الحسن بن علي، الباهلي.
٣٧  السابق، ص٢٥، ٣١١.
٣٨  السابق، ص٢٦، ٢٨٠.
٣٩  السابق، ص٤١١.
٤٠  السابق، ص٢، ٤٩، ١٧٩.
٤١  السابق، ص١٨٧، ٣٣٠، ٣٨٢، ٣٨٤.
٤٢  الشيخ محمد بن سيرين (رحمه الله ونفعنا بعلومه. آمين): كتاب تعبير الرؤيا، مكتبة صبيح، القاهرة (د.ت)، وهي طبعة مختصرة لكتاب «تفسير الأحلام الكبير»، (الإمام الهمام محمد بن سيرين نفعنا الله به. آمين)، صبيح، القاهرة، ١٣٨٢ﻫ/١٩٦٣م.
٤٣  مثل: جعفر الصادق، سعيد بن المسيب؛ ومن الفقهاء الشافعي، أبو حنيفة؛ ومن الطرق الصوفية القادرية.
٤٤  الآيات (٢٣)، الأحاديث (٤)، الشعر (١).
٤٥  تعبير الرؤيا، ص٥٨–٦٢.
٤٦  يشمل المختصر ٢٢ آية.
٤٧  كتاب تعبير الرؤيا، ص٥٨.
٤٨  (أ) رؤية الجنة، والملائكة والأنبياء والصالحين والعلماء والكعبة والأذان والصلاة والحج. (ب) رؤية السماء والشمس والقمر والنجوم والقيامة والجنة والنار، والأمطار والرعد والبرق ومياه الآبار والبحار والسواقي والطين والوصل وأنهار السفن.
٤٩  (أ) رؤية الموضوعات الدينية، (ب) رؤية الموضوعات الطبيعية، (ﺟ) رؤية الأشجار والحيوان والأشربة والخيل والبغال والوحوش والهوام، (د) تأويل النساء والرجال والنكاح والحمل والولادة، (ﻫ) رؤية الرقي، (و) الكسوة واللباس، الجواهر والحلي والأواني، (ز) رؤيا السلاح، (ح) تأويل الحرف والصناعات والملاهي.
٥٠  Beyrouth, lmprémerie Catholique, 1968.
٥١  السابق، ص١٨٨–١٩٠.
٥٢  «ولم يشتغل أحد منهم بجمع فهم خطابه على لسان أهل الحقيقة إلا آيات متفرقة نسبت إلى أبي العباس بن عطاء وآيات ذكر أنها عن جعفر بن محمد الصادق رضي الله عنهما على غير ترتيب»، السابق، ص١٨٨.
٥٣  الآيات (٤١٥)، الأحاديث (٣).
٥٤  تفسير جعفر الصادق، ص١٨٨.
٥٥  السابق، ص١٩١، ١٩٤، ١٩٦-١٩٧، ٢٠٥، ٢١١-٢١٢، ٢١٧، ٢٣٠.
٥٦  وهي: التوحيد، العبودية، الإخلاص، الصدق، التواضع، الرضا والتفويض، السكينة والوقار، السخاء والثقة بالله، اليقين، العقل، المحبة، الأنس والخلوة.
٥٧  وهي: الهدي، والنبوة، والرحمة، والشفقة، والمودة والألفة، والنعيم، والسكينة.
٥٨  وهي: حفظ القلب، الخوف، الرجاء، التذكر، النظر، العلم، الحياء، حلاوة الإيمان، الإسلام، الإحسان، النعمة، الفضل، الآلاء، الكرم، العطف، القلب، الإحاطة، الهيبة، الحيرة، الحياة، الأنس، الاستقامة، الاستكانة، الطمأنينة، العظمة، الجلال، القدرة، الألوهية، الوجدانية، الفردانية، الأبدية، السرمدية، الديمومة، الأزلية، البقاء، الكلية، الهوية.
٥٩  أنوار السماء: جبريل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل.
٦٠  أنوار الأرض: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي.
٦١  وهي: حرمة الخلق، حرمة المؤمنين، حرمة الرسول، حرمة الله.
٦٢  وهم: المؤمنون، العباد، الأصفياء.
٦٣  الأعمال الكاملة، رياض الريس، بيروت، ٢٠٠٢م، ص١٠٩–١٥٨.
٦٤  تذكر ٦٩ سورة من مجموع ١١٤ سورة. والآيات المنتقاة ٢٢٥ آية. الأنعام (١٠). الأعراف (٩). الكهف (٧). البقرة، آل عمران، يونس، النور (٦). النساء، المائدة، الفرقان، الزمر (٥). التوبة، يوسف، مريم، طه، الأنبياء، المؤمنون، القصص، يس، ق، المجادلة (٤). الفاتحة، هود، الرعد، الإسراء، الأحزاب، الصافات، الحديد، النجم، المدثر (٣). إبراهيم، النحل، الروم، فاطر، الفتح، الحجرات، الطور، الرحمن، التكوير، الغاشية، البينة، التكاثر (٢). الحجر، النمل، السجدة، ص، غافر، الدخان، الأحقاف، محمد، القمر، الواقعة، الحشر، الجمعة، التغابن، الطلاق، القلم، الحاقة، الجن، الانفطار، البروج، الفجر، القدر، الزلزلة، الكافرون، الإخلاص، الفلق (١).
٦٥  الحلاج، الأعمال الكاملة، ص١٠٩–١٦٠.
٦٦  السابق، ص١٠٩–١٥٨. ومجموع الآيات المنتقاة ٢٢٥ آية من أول القرآن إلى آخره.
٦٧  اقتبس الحلاج آيات من ٧٢ سورة وترك ٤٢.
٦٨  وهو حديث «تعرف إلى الله في الرضا يعرفك في الشدة» تفسير لآية وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ، الحلاج، الأعمال الكاملة، ص١٤١-١٤٢.
٦٩  إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا، التفسير، ص١١٢، وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ، السابق، ص١١٩.
٧٠  وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ، السابق، ص١١٣.
٧١  فَذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ، قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ، السابق، ص١٢٢.
٧٢  السابق، ص١٢٥.
٧٣  وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، التستري، ص١١٢.
٧٤  قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ، وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ، السابق، ص١٥٦-١٥٧.
٧٥  وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا، التفسير، ص١٣٥.
الذات الموضوع
العارفون الله
الصديقون ترك النواهي
المؤمنون الفضائل
الأنبياء الفرائض
٧٦  الْخَبِيثَاتُ، التفسير، ص١٣٣.
٧٧  الر * كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ، التفسير، ص١٢٣.
٧٨  الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ، التفسير، ص١١٣.
٧٩  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ، التفسير، ص١١٣.
٨٠  دار الكتب العربية، مصطفى البابي الحلبي، القاهرة، (د.ت). يختلف المؤرخون حول تاريخ وفاته بين ٢٨٣، ٢٨٧، ٢٩٣، ٣١٩ﻫ.
٨١  القرآن بالآلاف، والأحاديث (٣٠)، والأشعار (٧).
٨٢  السابق، ص٤٩، ٥٣، ٦٩.
٨٣  مثل: أبو سعيد الخراز، عربان، الحسن البصري، السجزي، الجنيد.
٨٤  تفسير القرآن العظيم، ص٢٢.
٨٥  فالعلماء ثلاثة: ربانيون، ونورانيون، وذاتيون. وفي قسمة أخرى العلماء ثلاثة: عالم بالله لا بأمره ولا بأيامه وهم العامة، وعالم بالله وبأمره لا بأيامه وهم العلماء، وعالم بالله وبأمره وبأيامه وهم النبيون والصدِّيقون، والعلم بأيام الله هو العلم بالتاريخ. والعلوم أربعة: الوحي والتجلي العندي واللدني. والإيمان أربعة أركان: التوكل على الله، والاستسلام لأمره، والرضا بقضائه، والشكر لنعمائه. وللقلب ثلاثة مقامات: مجهر القلب، ومقام اللسان من القلب، ومقام الجوارح من القلب. وأولياء الله ثلاثة: الثقة بالله في كل شيء، والفقر إليه في كل شيء، والرجوع إليه مدخل كل شيء. والعبادة الكاملة لا تغرر من أربعة أشياء: الجوع والعري والفقر والذلة. والتوقي في الكتاب بثلاث طرق: الموت والنوم والرفع، تفسير القرآن العظيم، ص٢٤، ٢٩، ٦٣، ٧٣، ٧٧-٧٨، ٨٠.
٨٦  السابق، ص٤–٧.
٨٧  عبد الرحمن بدوي: شهيدة العشق الإلهي، رابعة العدوية، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، ١٩٤٨م. أخبار رابعة، ص١٠٨–١٨٢.
٨٨  السابق، ص٤٦–٥٠.
٨٩  السابق، ص١٣٣-١٣٤، ١٤٣، ١٤٩.
٩٠  مثل: «هدايات تأتيننا على أطباق من نور، محمرة بمناديل من نور»، رابعة، ص١٧٠.
٩١  السابق، ص١٣٨، ١٤٢، ١٤٧، ١٦٢، ١٧٣.
٩٢  الحسن البصري: في عمل اليوم والليلة، آية (٦٩)، حديث (٩٩).
٩٣  السابق، ص١٠٥.
٩٤  السابق، ص٨٠، ٨٣ (مرتان، كل مرة بيتان).
٩٥  دار الأرقم، الزقازيق، ١٩٩١م/١٤١٢ﻫ.
٩٦  الأحاديث (٩٩)، الآيات (٦٩)، القدسية (٢)، الأشعار (٢).
٩٧  في عمل اليوم والليلة، ص٨٤، ٩٧.
٩٨  وهو ما حدث أيضًا في علم قواعد العقائد في العصور المتأخرة في حصر العقائد في اثنين وخمسين عقيدة، من العقيدة إلى الثورة، ج١، المقدمات النظرية، ص١٩٤–٢٠٢.
٩٩  الفقه مثل: الوضوء، الاغتسال، لبس الثياب، الصلاة، المحافظة عليها؛ ومن العبادات: اعتزال النساء، عدم الزنا، عدم شرب الخمر، عدم الحلف بالله كذبًا؛ ومن المعاملات: بر الوالدين، صلة الرحم، أداء الأمانة، الوفاء بالكيل، عدم رد المسكين، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، النفقة، النفقة على المقدار، حفظ المال، حفظ مال اليتيم، عدم أخذ مال اليتيم، الأكل الحلال؛ ومن أعمال القلوب: الذكر، الإيمان، القناعة، العبرة، التفكر، التوكل، الرضا بالقضاء، الشكر، الصبر، التوبة، الإخلاص، العداوة مع الشيطان، العمل بالحجة، الاستعداد للموت، عدم العمل بالهوى، صفوة القلب، ترك الغلو، ترك الفرح، طاعة الله، الخوف من الله، حفظ اللسان، اجتناب سوء الظن، اجتناب السخرية، غض البصر، الصدق، حرس السمع والبصر والفؤاد، الأمان من مكر الله، ترك القنوط من رحمة الله، عدم الشرك بالله.
١٠١  دار الدعوة، الإسكندرية ١٩٨٧م/١٤٠٧ﻫ.
١٠٢  الأحاديث (٢٣٥)، الآيات (١٧١)، الأشعار (٨)، القدسية (٣).
١٠٣  كتاب الزهد، ص٣٢٣–٣٢٨.
١٠٤  السابق، ص٢٢.
١٠٥  يذكر ابن حنبل ٥٥ زاهدًا، ٤ أنبياء، ٤١ من الصحابة والتابعين.
١٠٦  المسائل في أعمال القلوب والجوارح، عالم الكتب، القاهرة، ١٩٦٩م.
١٠٧  الآيات (١١)، الأحاديث (٧)، الأشعار (١).
١٠٨  الصمت والفكرة، السائل، ص٤٨–٥٠، الغنى والشكر والفقر، ص٥١–٥٤، دفع الوسواس، ص٥٥–٥٧، الكبر والحسد والغش، ص٥٨–٦٣، الرياء والوسوسة، ص٦٤–٦٨، مكابدة الهوى، ص٦٩–٢٧٢، أفضل عبارة، ص٧٣–٨٠، الشيطان، ص٨١–٢٨٣، الأوراد والأوقات، ص٨٤–٨٨.
١٠٩  «فانظر ما أنت صائر إليه، واحذره أن يصيرك إلى ما صار إليه»، السابق، ص٥٧.
١١٠  المحاسبي: المسائل، ص٥١–٥٤.
١١١  المسائل في أعمال القلوب والجوارح، والمكاسب، والعقل، ص٤٣–٤٧.
١١٢  هي مسائل: الصمت والفكرة، الغنى والشكر والفقر، دفع الوسواس، الكبر والحسد والغش، الرياء والوسوسة، مكابدة الهوى، أفضل العبادة، الشيطان، الأوراد والأوقات، السابق، ص٤٨–٨٨.
١١٣  المسائل.
١١٤  دار الكتب العلمية، بيروت، ٢٠٠٣م/١٤٢٤ﻫ، ص٢٢٥–٢٤٠.
١١٥  الآيات (٢٠)، الحديث (١٧).
١١٦  إبراهيم النخعي (٢)، إبراهيم بن أدهم، أبو سعيد الخدري، حماد، عطاء (١).
١١٧  الدخول في الصلاة (٩)، الوضوء (٤)، الوصايا (٣)، المشي (٢)، الفراغ (١).
١١٨  عالم الكتب، القاهرة، ١٩٦٩م.
١١٩  المسائل، ص٩١–١٧٠.
١٢٠  الآيات (٤٣)، الأحاديث (٦٩)، الشعر (٣).
١٢١  وهي: الحسبة في إدخال السرور على المؤمن، الإسرار بالعمل، الشهوة، من أم قومًا فالزم قلبه الحذر، إزالة الخوف، النوافل، من أعمال القلوب، الصمت والكلام في الوعظ والبلاغة، الجدال في أسباب الدنيا، التفويض، معرفة النفس، الغفلة والنسيان، ما يحل من النظر، نظر الفجأة، النذور.
١٢٢  الأحاديث (٦٩)، الآيات (٤٣)، القدسي (٢).
١٢٣  المسائل في أعمال الجوارح، ص١٢٠.
١٢٤  الحسن البصري (٩)، ابن المبارك (٢)، إبراهيم النخعي، الفزاري، مالك بن دينار، سعيد بن المسيب (١).
١٢٥  المسائل في أعمال الجوارح، ص١١٥–١١٧.
١٢٦  المحاسبي: التوبة، ص١٧–٤٨.
١٢٧  المحاسبي: المسائل، ص٥٨–٦٣.
١٢٨  السابق، ص٦٤–٦٨.
١٢٩  السابق، ص٥٥–٥٧.
١٣٠  السابق، ص٧٣–٨٠.
١٣١  السابق، ص٦٩–٧٢.
١٣٢  المحاسبي: التوهم، ص٢٩–٧٣.
١٣٣  الآيات (١٥)، الأحاديث (٩)، الأحاديث القدسية (١).
١٣٤  عدد مرات فعل أمر «توهم» (٢٢)، للعذاب (١٥)، وللنعيم (٧).
١٣٥  الرعاية لحقوق الله عز وجل، ص٣٧–٣٩.
١٣٦  «مرحبًا بعبادي وزواري وخيرتي من خلقي الذين رعوا عهدي وحفظوا وصيتي، وخافوني بالغيب، السابق، ص٣٧».
١٣٧  «كلكم راعٍ، وكلكم مسئول عن رعيته»، السابق، ص٣٧.
١٣٨  السابق، ص٣٤.
١٣٩  السابق، ص٣١–٣٦، الحكمة الخالدة Perennis Philosophia.
١٤٠  عالم الكتب، القاهرة، ١٩٦٩م، ص١٧١–٢٣٤.
١٤١  الأحاديث (٤٦)، الآيات (٤٥)، القدسية (١).
١٤٢  دار الكتب الحديثة، القاهرة، ١٩٧٠م/١٣٩٠ﻫ.
١٤٣  الآيات (٣١٠)، الأحاديث (٢٠٧)، الحديث القدسي (١).
١٤٤  الرياء (١٨٣ص)، المقدمة (١٤٦)، الغرَّة (٦٢)، الكبر (٥٢)، العجب (٤٨)، الحسد (٣٨)، الإخوان ومعرفة النفس (٢٤)، التنبيه على معرفة النفس وسوء أفعالها ودعائها إلى هواها (١٤).
١٤٥  الآيات (٣١٠)، الأحاديث (٢٠٧)، القدسية (١).
١٤٦  الرعاية لحقوق الله، ص٣٣.
١٤٧  السابق، ص٣٤.
١٤٨  الرياء (٨٣)، الغرة (٦٢)، الكبر (٥٢)، العجب (٤٨)، الحسد (٣٨)، الإخوان ومعرفة النفس (٢٤)، التنبيه (١٤).
١٤٩  الرعاية لحقوق الله، ٣١–١٧٣.
١٥٠  السابق، ص١٧٧–٣٥٧.
١٥١  السابق، ٣٩٨–٤٤٣.
١٥٢  السابق، ص٤٤٦–٥٠٦.
١٥٣  السابق، ص٥٠٨–٥٦٧.
١٥٤  السابق، ص٥٧٠–٦٠٥.
١٥٥  السابق، ص٣٨٤–٣٩٥.
١٥٦  السابق، ص٣٦٠–٣٨١.
١٥٧  السابق، ص٦٠٨–٦٢٧.
١٥٨  دار الكتب العلمية، بيروت، ٢٠٠٣م/١٤٢٤ﻫ (١)، ص٣٧-٣٨.
١٥٩  الوصايا في شرف العقل، ص٨٣–٨٥.
١٦٠  السابق، ص٣٧–٤١.
١٦١  الأحاديث (٥٦)، الآيات (١٥)، القدسي (١).
١٦٢  الوصايا، ص٩٣.
١٦٣  السابق، ص٤٦.
١٦٤  تتراوح مؤلفاته بين القرآن والحديث والسيرة، مثل: نوادر الأصول في معرفة أخبار الرسول، الأمثال من الكتاب والسنة؛ واللغة مثل: كتاب الفروق ومنع الترادف، الجمل اللازم معرفتها. ويعتمد الترمذي على بعض التحليلات اللغوية في «أدب النفس»، أدب النفس، ص١٠٥؛ وعلم النفس مثل: مسائل التدبير؛ والأخلاق مثل: كتاب الأكياس والمغترين، العقل والهوى، المنهيات، والكلام مثل: بيان الكسب، الاختيارات، عرش الموحدين، مسألة في الإيمان، مسألة لمراتب أهل القيامة، عذاب القبر، التوحيد؛ والفقه مثل: شرح الصلاة ومقاصدها، الحج وأسراره، منازل العباد في العبادة، علل العبودية وعلل الشريعة (التحول من الفقه إلى التصوف)؛ والطب مثل: الأعضاء والنفس؛ والتصوف مثل: ختم الولاية، آداب المريدين، صفة القلوب، المنهج، غور الأمور؛ والتاريخ مثل: تاريخ المشايخ؛ العلوم مثل: كتاب العلوم.
١٦٥  كتاب الرياضة، ص٣٤–٤٢.
١٦٦  الآيات (٤٣)، الأحاديث (٢٨) وفي «آداب النفس»: الآيات (٨١)، الأحاديث (١٩).
١٦٧  السابق، ص٧٢–٧٩، ٨٥، آداب النفس، ص٩٦–٩٧، ١١٠، ١٢١.
١٦٨  كتاب الرياضة، ص٤٧–٤٩، ٧٢.
١٦٩  السابق، ص٥٦–٦٦، ٧٦، ١١٩، ١٢٦، ١٥٥.
١٧٠  السابق، ص١٢٠–١٢٨.
١٧١  السابق، ص١٠٣.
١٧٢  السابق، ص٥٨، ١٠٦–١٠٨، ١١١، ١١٦.
١٧٣  مصطفى البابي الحلبي، القاهرة، ١٩٤٧م/١٣٦٦ﻫ.
١٧٤  الآيات (٤٣)، الأحاديث (٢٠)، قدسي (١).
١٧٥  كتاب الرياضة، ص٨٦.
١٧٦  الرسول (٢٢)، آدم (٦)، إبليس (٥)، جبريل (٤)، الترمذي، عبد الله بن عمر، موسى (٣)، أنس بن مالك، حارثة، حواء، نوح، يوسف بن عطية (٢)، ابن عباس، عمر بن الخطاب، مالك بن دينار وعشرات من المحدثين (٣٢).
١٧٧  مثل «رجعنا إلى رياضة النفس»، أدب النفس، ص١٠٤. «عدنا إلى صفحة الموقد»، السابق، ص١٢٩.
١٧٨  السابق، ص١٠٦.
١٧٩  «فإذا ذكر المنة غرق. وإذا ذكر العافية قلق، وإذا ذكر حلول الأجل شرق، وإذا ذكر العيوب عرق، وإذا ذكر الرعاية والكلاءة وحق، وإذا رأى اللذات في الطاعة مئق، وإذا ذكره تئق، وإذا حن إليه واشتاق غرق»، أدب النفس، ص١٣٠.
١٨٠  السابق، ص١٠٤-١٠٥، ١١٠-١١١، ١١٦، ١١٩، ١٣١، ١٥٠، ١٥٢، ١٥٦، ١٥٨.
١٨١  يحيل الترمذي إلى كتابه «صفة القلوب وأحوالها وهيئة تركيبها» لمزيد من التفصيل، أدب النفس، ص١٠٤.
١٨٢  من الأنبياء يتقدم محمد (٤٦)، آدم (١٠)، سليمان (٥)، عيسى (٤)، داود، يوسف، موسى (٢)، ومن الملائكة جبريل (٧)، ومن الرواة يتقدم ابن عباس (٧)، حارثة (٨)، أنس بن مالك (٤)، ومن الصوفية الأوائل يتقدم مالك بن دينار (٤)، ابن المبارك (٣)، ومن الصحابة: عمر، علي (٢).
١٨٣  مصطفى البابي الحلبي، القاهرة، ١٩٤٧م/١٣٦٦ﻫ.
١٨٤  الآيات (٨١)، الأحاديث (١٩).
١٨٥  الرسول (٢٦)، ابن عباس، حارثة (٦)، عيسى (٤)، آدم، ابن المبارك، جبريل، الحسن البصري، مالك بن دينار (٣)، أنس بن مالك، جارود بن معاذ، حبيب العجمي، داود، سيار، يوسف (٢)، صالح بن محمد، عامر بن عبد قيس، عبد الكريم بن عبد الله، عبد الله بن أبي زياد وحوالي السبعين من الرواة (١).
١٨٦  الأحاديث (٧٢)، الأقوال المباشرة (٤٣)، الآيات (١٣)، الأشعار (٣)، قدسي (١).
١٨٧  كتاب الشكر، ص٦٥.
١٨٨  السابق، ص٧٦، ٧٠–٧١، ٧٦، ٨٢، ٨٤، ١٢٩، ١٣٩، ٩٧٠.
١٨٩  الرسول (٤٣)، الحسن البصري (١٨)، ابن أبي الدنيا (١٣)، جبلة الأزدي، حاتم الرازي (١٢)، المزني (١٠)، محمد بن الحسين (٩)، سفيان الثوري، سفيان بن عيينة (٨)، أنس بن مالك، الجروي، داود، روح بن عبادة (٧)، أحمد بن سلمان النجار، خلف بن هشام، سعيد بن عامر، علي بن الجعد، قاسم بن هاشم، مسعد بن كرام، أبو هريرة (٦)، أبو حاتم الرازي، سلمة بن دينار، البزاز، الحسن بن صباح، السمان، عائشة، العدوي، السحار، خشيش أبو سعد، موسى، نوح، وهب بن منبه. والمجموع حوالي ٤٦٠ اسمًا.
١٩٠  الأنصار (٢)، أهل الحجاز، أهل الكوفة، أهل المدينة، أهل مكة، البصريون (١).
١٩١  الكوفة، المدينة (٣)، مكة (٢)، البصرة، بغداد، بلخ، الحجاز، دمشق، الرقة، صنعاء، الطائف، مصر، نيسابور (١).
١٩٢  دار الاعتصام، القاهرة، (د.ت).
١٩٣  الأحاديث (٢١٨)، الآيات (٢٧)، الأشعار (١٥).
١٩٤  حوالي ١٧ مرة.
١٩٥  الصمت، ص٥١.
١٩٦  أبو هريرة (٣٨)، الحسن البصري (٣١)، أنس بن مالك (٢٧)، عبد الله بن مسعود (٢٦)، عائشة، عمر (٢١)، إبراهيم التميمي، ابن أبي الدنيا، ابن عباس، مجاهد (١٥)، عبد الله بن عمر (١٤)، الأحنف بن قيس، أبو الدرداء، عمر بن عبد العزيز (١٢)، إبراهيم النخعي (٩)، عطاء بن رباح، علي، عيسى، مالك بن دينار (٨)، جابر بن عبد الله (١٠)، الشعبي، الربيع بن هيثم، سليمان بن الأشعث، عبد الله بن عمر (٧)، عبد الله بن المبارك، عون بن عبد الله، قتادة، معاوية، وهب بن الورد (٦)، أبو بكر، الترمذي، ابن سيرين، شمس الدين الذهبي، كعب، وهب بن منبه (٥)، بكر بن ماعز، أبو ذر، سالم بن عبد الله بن عمر، أبو سعيد الخدري، سلمان الفارسي، عبد الله بن زكريا، لقمان، مطرف، ميمون بن مهران (٤)، إبراهيم بن أدهم، أحمد بن حنبل، أسامة بن يزيد، حميد الطويل، داود سفيان (٣)، الثوري، سليمان، شعبة، صعصعة، عمرو بن قيس، فضيل بن عياض، مسروق، معاذ بن جبل، المعتضد، موسى، يونس بن عبيد.
١٩٧  الكوفة (١٢)، البصرة (٩)، خراسان (٦)، الشام (٥)، العراق، صفين، المدينة (٤)، مكة (٣)، سمرقند (٢).
١٩٨  دار الكتب العلمية، بيروت، ٢٠٠٠م/١٤٢١ﻫ.
١٩٩  محاسبة النفس، ص٢٩–٥٧، ٦١–٦٥، ٨٨-٨٩، ٩٨–١٠١، ١١٥–١١٧.
٢٠٠  الشعر (١٣)، القرآن (٦)، الحديث (٤)، أقوال الصحابة والتابعين (١٢٦).
٢٠١  محاسبة النفس، ص٧٥.
٢٠٢  السابق، ص١٩، ١٣٥-١٣٦.
٢٠٣  دار الريان للتراث، القاهرة، الدار السلفية، بومباي، ١٩٨٧م/١٤٠٨ﻫ.
٢٠٤  كتاب الزهد، ص١٥، ٥١، ٨٩، ١١١، ١١٧، ١٢٦.
٢٠٥  السابق، ٧٤-٧٥.
٢٠٦  أحاديث الأقوال ١٧٨ حديثًا من مجموع ٢٨٨ حديثًا.
٢٠٧  كتاب الزهد، ص٢٩، ٣٨–٤٠، ٥٦.
٢٠٨  دار الكتب العلمية، بيروت، ٢٠٠٠م/١٤٢١ﻫ.
٢٠٩  الآيات (١٩)، الأحاديث (٢)، القدسي (٢).
٢١٠  الأنوار، ص٢٢٨، ٢٣٢.
٢١١  السابق، ص١٢٩.
٢١٢  الجزء الأول: مفاتيح الرشد ومزيد الهداية (٣٢)، الجزء الثاني: مراتب العلماء وأهل المعرفة (٣٣)، الجزء الثالث: منن الله على الأمة (٢٩)، الجزء الرابع: حكمة الله (٣٦)، الجزء الخامس: فروض الله على المؤمنين (٤١)، الجزء السادس: آداب أهل المحبة مع الله (٣٩)، الجزء السابع: العلم والعلماء (٩).
٢١٣  عدد الأقوال (٩٤٧).
٢١٤  والنجاة في خمس: لزوم التوحيد، الاعتصام بالكتاب والسنة، صلاح القلب للسلف، سلامة الصدر للأمة وصفاء الطعمة. ونقيضها الهلاك في إيثار الدنيا على الآخرة، وطاعة العدو، وموافقة النفس، ومؤالفة الهوى. جعل الله مفاتيح الرشد ومزيد الهداية في عشرة وجوه تفترق على أجزاء: الإيمان، وعقد القلب بالتصديق على إخلاص التوحيد. فشرط العمل بالاتباع ثم مبادرة التوبة على ترك الكبائر والصغائر، تم طلب العلم بالأدب لإرادة العمل به، ثم الصبر على البلوى بترك التبرم والشكوى، ثم الشكر على النعماء برؤية التقصير في الواجب، ثم عين الخوف بصحبة الرجاء، ثم الحياة بالمراقبة، ثم المحبة ببذل الأشياء، ثم النصيحة بالإنصاف، ثم الرضا بالتوكل «الأنوار، ص١٢» وجعل مغاليق الرشد وذهاب الهداية في خمس يفترق على أجزاء الكفر: إسلام بلا صدق، وعمل بلا إخلاص، وعلم بلا اتباع، وعقل بلا فهم، ومعرفة بلا بصيرة، السابق، ص١٢. النجاة في خمس والهلكة في أربع: النجاة في لزوم التوحيد، والاعتصام بالكتاب والسنة، وصلاح القلب للسلف، وسلامة الصدر للأمة، وصفاء الطعمة. والهلكة في إيثار الدنيا على الآخرة، وطاعة العدو، وموافقة النفس، ومخالفة الهوى بغير بنيان ولا هدى، السابق، ص١٢.
٢١٥  أصول الرضا ثلاثة وشُعَبه ثلاثة (ص١٣). أصول التوكل ثلاثة وشعبه ثلاثة (ص١٤). المعروف بين الناس على أربعة وجوه (ص١٥). معرفة عقل الفاضل في ثلاثة، ومعرفة الأحمق في ثلاثة، والسخف في أربعة (ص١٧-١٨). والطبع على أربع، والمحبة لثلاث، والإرادة على ثلاث، والحذر من صحبة ثلاث (ص٢٢–٢٥). أهل الحقيقة أربع (ص٣٦) ثمانية مثاقيل للأمة (٣٧) لأهل الصدق طريقان (٣٧)، أصول أهل الإرادة عشرة، وآدابها عشرة، وأخلاقها عشرة (٤٢)، سبع مقامات (٤٩)، العلماء ثلاثة، حجة ومحجاج ومحجوج (٥٠)، فقدان الناس ثلاثة، والابتلاء لستة (٧٣)، التقوى والكرم والفجور والدناءة والمروءة والوفاء والإضاعة والخيانة خمس (٧٥-٧٦)، أصول الإسلام في الظاهر أربعة (٧٨)، وفي الباطن أربعة. الإخوان أربعة (٨٦)، الحكماء ثلاث، والعقلاء ثلاث (١٠٧)، صلاح الدنيا بأربعة (١١٠)، أصحاب اليمين ثلاثة (١٢٣). معرفة الناس من ثلاثة (١٦٠)، للغة أصلان (١٦٣). طلب الدنيا على ثلاثة أوجه (١٧٦). للمعرفة أربعة معاني (١٨٣). علامة المعونة من الحق ثلاث (١٩٥). أربعة خلائق للولاية (٢٠٠) أخلاق المؤمن أربعة (٢٠٠) الإيمان في القناعة على ثلاثة منازل (٢٠٧).
٢١٦  نقد العصر حوالي ١٣ فقرة.
٢١٧  «لا يعرف الناس من لم يعرف زمانه. ولا يعرف زمانه من لم يعرف نفسه. ولا يعرف نفسه من لم يعرف عيوبها. ولا يعرف عيوبها من لم يعرف دينه. ولا يعرف دينه من لم يعرف دنياه. ولا يعرف دنياه من لم يعرف آخرته. ولا يعرف آخرته من لا يعرف ربه. ولا يعرف ربه بالحقيقة من لم يرضَ بقضائه، ويصبر على بلائه، ويشكر على نعمائه، ويُقر بفضل ما خوله من عطائه»، الأنوار، ص١٢٠. «وأقبح من ذلك الزمان زمان يُرى فيه الظلم إحسانًا»، السابق، ص١٣٢.
٢١٨  «شر زمان للعامة يكون التقي منهم ذليلًا صغيرًا، وشر زمان للخاصة يكون فيه الفاجر منهم عزيزًا شريفًا»، «ما أقبح زمانًا لا سلطان فيه للحق منة على الظالم، وأقبح من ذلك الزمان زمان يجد فيه الظالم على نفسه ظلمة»، السابق، ص١٣٣.
٢١٩  «ويلكم يا معشر النسَّاك الجهلة بدينهم. أظهرتم زهدكم بالعجز عن محاسبتكم. واستعملتم تواضعكم في لباسكم، وأخفيتم الكبر والحرص في صدوركم. فلا أنتم وجدتم راحة في قلوبكم، ولا أنتم أرحتم الناس من آذاكم. فما ظنكم غدًا عند ربكم إذا وضع ميزان الحق للخلق وذهب الباطل؟ ويلكم يا معشر العلماء السوء الجهلة بربهم! جلستم على باب الجنة تدعون الناس إلى النار بأعمالكم. فلا أنتم دخلتم الجنة بفضل أعمالكم، ولا أنتم أدخلتموها للناس بصالح أعمالهم. قطعتم الطريق على المريد فصددتم الجاهل عن الحق بعد علمكم. فما ظنكم غدًا عند ربكم إذا ذهب الباطل بأهله وقرب الحق أتباعه. عجبت لقوم عجزوا عن معرفة أنفسهم يدعون المعرفة بأحوال غيرهم. بل عجبت من قوم أطاعوا الله في جهلهم فلما علموا واجبه عليهم عصوه بعد المعرفة به … عفت الطريق، أكثر أهل التدليس، والمشتبهون بدعاوى كاذبة، وحكايات مزخرفة، وصفات منمقة، وظواهر بالعلم فاسدة، وتعاطي حجج غير صادقة. كل ذلك لطلب دنيا أو محبة لثناء. وقد قل أهل العلم والبصيرة، وأهل المعارف بالحقيقة. فمن رأيتم يحفظ كلمته، ويبحث عن طعمته، ويصافي أهل الحق بالمودة، ويسلم غريب العلم، وأسباب القدرة. فشدوا به أيديكم، وتوسلوا به إلى ربكم. فإنه علم من أعلام الحق منار لأهل الوفاء والصدق. ومن كان بغير هذا الوصف فإما جاهل في عمله أو أحمق في عمله أو دجال يكيد الطريق وأهله»، السابق، ص٢٣-٢٤.
٢٢٠  «هلك في هذا الزمان من عرفه الناس بالعلم والخبر. ولم يعرفهم بالبصيرة والفراسة، وسلم من الناس من لم يعرفهم ولم يعرفوه، وأربح الناس من عرفهم ولم يعرفوه. إذا فخر العلماء وفسق القراء وسفك السلطان الدماء وأخذ على الحكم والحاجة الرشاء، وافتخرت العامة بكسب الحرام، ولم يغير الخاصة منكرًا فهناك وجب الفرار ووسع المريد الصمت، وكان الموت تحفة لكل مؤمن. فساق هذا الزمان أكثر مروءة في الدين من قرائهم، وعوامهم أقوى إيمانًا من علمائهم، وجهالهم أكثر تصديقًا بالقدرة من أهل القدوة بهم. وما ذاك إلا عقوبة نزلَت بالقوم. فإن اعتبروا وأنابوا وإلا زيدت الفتنة عليهم من تسليط سلطان السماء، وسلطان الأرض في الدين والدنيا …»، السابق، ص٨٦-٨٧.
٢٢١  «إنما عميت قلوب أهل الإتراف بالدنيا لقلة التحافظ في الكسب، وترك المحاسبة في الإنفاق. وإنما عميت قلوب العلماء والفقراء لمحبة الذكر والرئاسة، ومخالطة الظلمة، ومداهنة الفجرة. وإنما غويت قلوب أهل الإرادة، لإضاعة الرعاية. وإنما قل صبر الفقراء لموافقة هوى أبناء الدنيا …، «لما تركوا العمل بالمحكم من كتاب الله، والثابت من السنة، ورجعوا إلى الرأي والقياس والمستحسَن سلبوا أنوار عقولهم، وانطمست فطن فهومهم، فعمي القلب، وكَلَّ الذهن، فقامت النفس عند ذلك مقام العقل، وقام الهوى مقام الروح، وقام العدو مقام العلم، وقامت الوسوسة مقام الصدق والإخلاص، وقام الباطل مقام الحق … «ذهبت الغنيمة، وغربت السلامة، وعلا الباطل، وظهر المنكر، وتعامل الناس بالخبث والفجور. فلا يرى الحق في هذه الأزمان إلا مريد سمعه بإذن قلبه من الحق أو ناطق غير الحق، ولا يعقله إلا ظاهر بالتوبة، ولا يعمل به إلا بصير بالمعرفة» …، السابق، ص١١٢-١١٣. «سيد الناس في هذا الزمان من وهبه الله ثلاثة وإن قلَّ علمه وعمله: حفظ فرضه، وضبط لسانه، وإصلاح طعمته. وشر الناس في هذا الزمان من منع في ثلاثة وإن كثر علمه وعمله من استبدل بصحبه أبناء الآخرة وحتى أبناء للدنيا، ولها بالتكاثر من الدنيا بعد التقلل منها، وصنع من معرفة نفسه بتزكية الجهال له»، السابق، ص٥٣-٥٤. «وحصل أهل هذا الزمن على ثلاثة أخلاق مذمومة تورث ثلاثة محتومة تورث ثلاثة موبوقة. توالوا على إظهار المحبة، وتباينوا في القلوب بالمخالفة فورَّثهم ذلك المراهنة، وورثوا منها الإصرار على مذموم الحال، وتواطئوا على إظهار العداوة، وتألفوا على الركون إلى الظلمة والاختلاف إلى الفجرة فورَّثهم ذلك الصمت عن قبيح أفعالهم، وإظهار شكر ما عملوه منهم، وورثوا من ذلك أخذ الأجعال على قضاء الحوائج وهو السحت الذي نهى الله عنه، ورأوا أن ذلك لهن حلال. وتواطئوا على طاعة النساء فورَّثهم ذلك ذهاب أموالهم في الباطل فورَّثوا من ذلك ذهاب الغيرة لله ولرسوله ولصحابته ولأعراض المؤمنين وحرماتهم. فماذا ينتظر الناس بعد هذا إن كان هذا موجودًا في السلطان والقاضي والعالم والخاص والعام. إنا لله وإنا إليه راجعون على ذهاب الأعمار، وموت الأخيار والتخلق بداء الاغترار والأنس بقوم لا يستحيون من فضيحة ولا عار»، السابق، ص٦٧.
٢٢٢  «عدم في هذا الزمان ثلاثة في الدين، وثلاثة في الدنيا، وثلاثة في الفقراء، وثلاثة في الأغنياء، وثلاثة في الأهل، وثلاثة في الإخوان. فأما التي في الدين فالمحافظة على الفرض، والرعاية في المعاداة والموالاة، وفقد الثقة بالله. وأما التي في الدنيا فالحلال المحض بلا شبهة، والنصيحة بالحقيقة، والإنصاف في المودة. وأما التي في الفقراء فالصبر عند العدم، والرضا بما أوتي، وترك الذم والمدح. وأما التي في الأغنياء فالشكر عند الموجود وبذل الفضل بلا منة، وترك النصح بالنعمة. وأما التي في الأهل فإقامة الدين بواجب فرضه، ومصلحة الدنيا بنية التعفف، ومحبة الستر بترك الافتخار والمباهاة. وأما التي في الإخوان فسلامة الصدر عند المخالفة، والبذل عند الحاجة، والنصرة بالحق عند الغيبة»، السابق، ص١٦٠-١٦١.
٢٢٣  «هو زمان بلاء وفتنة، وامتحان واختبار. وأشد ذلك كله على من أشار إلى شيء من الحقيقة إما بحال حل فيه فذلك الذي أعظم البلاء عليه، وإما بتصديق فيلحقه من البلاء بقدر إيمانه. فطوبى للصابرين القانعين، وهنيئًا للراضين المحسنين»، السابق، ص١٦٨، «إذا صار العلماء بالأمر جهالًا في أعمالهم، وصار العمال أهل عبادة في أفعالهم، وصار المدعون الورع سخفًا في أحوالهم، وصار المريدون والطالبون أهل رؤية ودعوى ونفور وجفاء، لا يهابون شيخهم، ولا يُجلون كبيرهم، ولا يرحمون صغيرهم، فيكرمون كرامات أهل الطاعة، ويرفعون بأهل التخاليط والمعصية فقد وجب كتمان هذا العلم ووجبت الظنة بذكر أحوال أهل المعرفة واليقين الخاصة والخصوص إلا عن أهله من أهل التصديق والبصيرة في التحقيق…»، السابق، ص١٦٨.
٢٢٤  «لا يسلم لأحد في هذا الزمان دينه حتى يكون همه محاسبة نفسه، وشغله بصلاح دينه، ويترك الناس جميعًا بكف الأذى عنهم، واتصال نفعه بهم»، السابق، ص١٦٨-١٦٩.
٢٢٥  «ضيع العوام في هذا الزمان معرفة معاني سبعة أشياء من الكتاب والسنة فيها كل بر وفضل ومقام ودرجة. وهي: الأمر والنهي، والترغيب والترهيب، والآداب والقصص والأمثال. وضيع العلماء معرفة معاني ستة أشياء وهي أول فرض عليهم في صلاتهم: فرضها وسننها وحدودها وأحكامها وترتيبها وجمع الفهم فيها. وضيع العارفون معرفة معاني خمسة أشياء في حالهم. وبها تصلح عبوديتهم: عقل الإيمان، وفهم الإيمان، وعلم الإيمان، وعمل الإيمان، ويقين الإيمان. وضيع المريدون معرفة معاني أربعة أشياء بها قوام حالهم في طريقتهم: أداء الحق المفترض عليهم، وأخذ الحق الواجب لهم، وابتغاء الحق المرغوب فيه والنهي عنه، وتمييز الحق الوارد من الحق للحق والخلق. وضيع أهل الإيمان معرفة معاني ثلاثة أشياء وهي ما لا يسع أحد جهلها: أحكام أصول الدين من الكتاب والسنة ووجوه الاتباع في الترغيب والترهيب وموافقة الحق في الرضا والغضب. وقل في الناس معرفة معاني اثنين: النصيحة في الموالاة، والإنصاف في العداوة، وعدم في الناس معرفة معنًى واحد: إدخال المسرَّة بالموافقة للحق على قلوب المؤمنين»، السابق، ص١٨٥-١٨٦.
٢٢٦  «يحدث في آخر الزمان قوم سفهاء الأحلام، مفتونون بجمع الحطام، يتعلمون العلم والقرآن للدنيا والرئاسة، ويدعون السنة وهم يعملون بالبدعة. يظهرون ترك التسبب من الحلال زهدًا. ويأخذون من الناس بالشبهات والحرام بحثًا»، السابق، ص٢٠٧.
٢٢٧  «أعظم بلاء في الأرض، وأشد عقوبة في العامة والخاصة ثلاث: سلطان جائر، وعالم فاجر، وعابد جاهل. فالسلطان الجائر نقمة على الناس في دنياهم. والعالم الفاجر محنة وبلاء على الناس في دينهم. والعابد الجاهل رأس كل فتنة في الدين والدنيا، مشئوم على نفسه بجهله، ضر على العوام به. وأضر أحوال الناس ثلاث: جور العمال، وجهل العلماء، وحماقة النساك، الأنوار، ص١٠٥. «إذا صحب السلطان الجائر أهل العلم والتقوى على الدنيا فسد دينهم. وإذا صحبه أهل الفسق والاعتداء فسدت دنيا العامة. ومن رأيتموه من العلماء والنساك يتصدى للأمراء والملوك لقضاء الحوائج، ويكثر الاختلاف إلى أبواب القضاة والوزراء ليودعوه وليعدلوه فهو خبيث دجَّال قد دخل في طريق الفتنة. وعلامته دهانته لهم في الحق، وصحته عن الباطل، وفقد التوفيق منه في نصرة المظلوم، وذهاب البصيرة منه في حال نفسه، وعدم التميز منه لغيره»، السابق، ص١٠٥.
٢٢٨  «صلاح الدنيا بأربعة: إمام عادل، وقاضي يحكم بما أنزل الله، وعالم يفتي بسنة رسول الله، وناسك يُغاث به العباد والبلاد»، السابق، ص١١٠. «إذا جار السلطان فسد سكنى البلد. وإذا قبل القاضي الرشاء والاستعانة فسد سكناء الحضر. وإذا فجر العلماء ذهب خير الدين. وإذا فسد القراء ذهب خير الناس»، السابق، ص١١٠.
٢٢٩  «اطلبوا الدولة الأبدية وارغبوا في الجنة السرمدية بالتصمد للصمد والإبقاء لمن أحببتموه للواحد الأحد عسى أن تحيوا في دار البقاء بما أسلفتم في دار الفناء فإن الكريم يعود بفضله على من يخالفه ويعصيه فكيف لمن يوافقه ويطيعه؟»، السابق، ص١٨٢.
٢٣٠  عالم الكتب، القاهرة، ١٩٦٩م، ص٢٣٥–٢٥٩.
٢٣١  الآيات (٤٣)، الأحاديث (٢)، الشعر (١).
٢٣٢  الدار التونسية للنشر، تونس، ١٩٧٥م.
٢٣٣  الآيات (٣)، الحديث، القدسي (١).
٢٣٤  كتاب العلم، ص٩٨.
٢٣٥  السابق، ص١٢٩–١٣٥. ويغالي الناشر في ثبت الفهارس العامة فيما يدل وفيما لا يدل.
٢٣٦  الأعمال الكاملة، دار الحكمة، لندن، ط٢، ٢٠٠٥م، ص٢٦٩–٢٨٤.
٢٣٧  الروايات أو الأحاديث، الحلاج: الأعمال الكاملة، ص٢٦٩–٢٧٥.
٢٣٨  الحي السميع البصير العزة، المالك الكبير، الحق الأعلى، الجليل الوحيد عن الحدين، الجليل الوحيد القدرة، الجلال القريب، قد يكون السند أنواع المعرفة مثل: الإيمان المعروف، اليقين الموجود، العلم القديم، الرؤية الصادقة، العلم، المعنى، المحيط، المعرفة الأصلية، العيان اليقين الغيب. وقد يكون وسائل المعرفة: العقل الوجيه، الفهم المبين. وقد يكون شخصيًّا مثل: الملك الحكيم، الكروب الكبير، الروح المكنون، الملك اللطيف، جبريل، صاحب الميزان، الروح القديم، الملك الشاخص، الملك القدير، المدبرات عن الحكمة. وقد يكون زمان الكون: مثل الفجر، رجب، العصر، الجمعة القائمة، العصر الماضي، القدم. وقد يكون المكان مثل: السجنج (مكة)، القدس، الفردوس الأعلى، عدن المعبود، قبة الأزلية. سدرة المنتهى، بيت الله، موسى الله، بيت الله الوسيع، الطور، الركن، المقام. وقد تكون مظاهر الحياة مثل: الحياة الدائمة، المملوك البصير، ساعة الساعات، الحسن، الإحسان، الإرادة، روح الحياة، نور السمع والبصر. وقد يكون مظاهر الطبيعة مثل: السحاب المتراكم، البرق الخاطف، الرعد المقدس، القوة المحمية بالغيب المنهمر في أفق النور بين الشمس والقمر، الضياء المخمر، الصورة الكائنة، حضرة النبات، ألوان الأنوار، حياة القدم، الخلق، الظل المسدود، النور الفريد، ريح الجنوب، عقاد المن، جبل البروق، بحر من البحار الشعاعي، قوس الله المشرقة بالأنوار المشارق، البروج، القطب، الهلال اليماني، الطائر الميمون، حيدرة الملك، نشر النشوب، صورة الجمود، النور التائب، الوجود، لسان الغيب اللطيف، الصورة الحسنة، الفطرة الساطعة، صنع المجيد، السماء والأرض، الفطرة. وقد يكون تاريخ الدين مثل: الميثاق، البرهان، مجمع القرآن، الشأن المشهود، القرآن المجيد، الشهر المعظم، البلاء والنعمة، القضاء والقدر، عين الميزان الأمر المبين. وقد يكون الأحجار الكريمة مثل: الياقوت الأحمر، ياقوت النور. وقد يكون الأنبياء مثل محمد صاحب الركن واليمين. وقد يكون السند الحروف والأسماء والكلمات: مثل الاسم العزيز، ميم، الخازن، الكلمة المتصلة الكبرى، الكلمة العليا، الاسم المبين. وقد يكون شخصًا مثل صاحب الحجاب، خادم البيت المعمور، صاحب ستر الأقصى، السفير الأعلى، صاحب هبابة الراح، الولي القريب شاهد الكعبة. وتذكر أحيانًا التواريخ عين الميزان سنة مائتي وتسعين، والعصر سنة سبع من البيت. السابق، ص٢٧٠–٢٧٤.
٢٣٩  الأعمال الكاملة، دار الحكمة، لندن، ٢٠٠٥م، ص٢١٣–٢٣٥.
٢٤٠  أربابها، أربابها. كأنها كأنها كأنها، كأنه كأنه كأنه، كأنها كأنها، كأنه كأنه، كأنه كأنها، كأنه كأنه، كأنها كأنها، بنيانها أركانها، وأركانها بنيانها، أصحابها أصحابها، بنيانها بها، لها بها، لا هي هو، ولا هو هي، ولا هو إلا هي، ولا هي إلا هو، لا هي إلا هو. ولا هو إلا هو، بستان المعرفة، الحلاج، الأعمال الكاملة، ص٣١٥-٣١٦.
٢٤١  من التراث الفلسفي لابن مسرَّة، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، ١٩٨٢م/١٤٠٢ﻫ، ص٦١–٧٣.
٢٤٢  الآيات (٢٢).
٢٤٣  «فلما اتفق البرهان وتصادق النبأ الموصوف بالأثر المفهوم لزم العقل ضرورة الإقرار بأن هذه القوة حاصرة له محيطة به، عالية عليه. إن عمي عنها ورام الخروج عن حوزتها خرج عن الكنف كله …»، الاعتبار، ص٧٢.
٢٤٤  خواص الحروف، من التراث الفلسفي لابن مسرَّة، ص٩٦.
٢٤٥  دار الكتب العلمية، بيروت، ٢٠٠٣م/١٤٢٤ﻫ.
٢٤٦  بستان العارفين، ص١٣٥–١٣٨.
٢٤٧  الأحاديث (٤١٢)، الآيات (٢٢٠)، الأشعار (١٥).
٢٤٨  الحسن البصري (٣)، ذو النون (١)، الحكماء (٥)، برزجمهر (١).
٢٤٩  «إني قد جمعت في كتابي هذا من فنون العلم ما لا يسع جمعه ولا التخلف عنه للخاص والعام. واستخرجت ذلك من كتب كثيرة. وأوردت فيه ما هو الأوضح للناظر فيه، والراغب إليه. وبينت في الحجج فيما يحتاج إليه من الحجة بالكتاب والأخبار والنظر والآثار. وتركت الغوامض من الكلام. وحذفت أسانيد الأحاديث تخفيفًا للراغبين فيه، وتسهيلًا للمجتهدين، والتماسًا لمنفعة الناس»، بستان العارفين، ص٥.
٢٥٠  أهمها: العلم، طلب العلم وكتابته وأخذه من الثقات وفضله على الفقه وآداب المناظرة والمتعلم، في فضل تعلم القرآن وتعليمه وآداب المستمعين، العلم والأدب، فضل المعلمين. الفقه والفتوى ولمن تجوز، الاختلاف والقضاء، آداب القاضي، آداب الوضوء والصلاة، آداب النوم، تقديم اليمين على الشمال، النهي عن التعرض للتهمة، التصاوير، قتل العمد، الجماع، دخول الحمام، آداب الخلاء، قتل الجراد. نقش المسجد، كراهية البصاق فيه، كراهية الصلاة أثناء النعاس. الفوائد، السباحة والفروسية والرمي، النهي عن اقتناء الكلب، حضور العشاء مع إقامة الصلاة، الصلاة في المطر، كراهية الجرس، نشر السكر، البول في حالة القيام، خصار الحيوان. الحديث، رواية بالمعنى والإجازة. والأخلاق والمواعظ والآداب، إباحة مجلس العظة، آداب المذكر، المروءة، الآداب، الرفق. القرآن والتفسير: تفسير السبع المثاني، وما أنزله منه بمكة والمدينة وسورة براءة، وقراءة النبي على أُبي بن كعب، ونزوله على سبعة أحرف، تفسيره، عدد سوره وآياته وكلماته وحروفه وأثلاثه وأرباعه وأنصافه والسادس الشعر إنشاده وأشعار النبي. اللغة: تفضيل اللسان العربي على غيره، حد الكلام، معاريض الكلام، مما يستحب من الأسماء، الأمثال. المعاملات: حسن المعاشرة ومعرفة الحقوق، زيارة الإخوان، التسليم على الكبار والصبيان وأهل الذمة وعند دخول البيت، إجابة الدعوة، آداب الضيافة، الخروج من المنزل والصحبة، البيع والشراء، النهي عن النظر في بيت الغير، الاستدانة، الكذب، كراهة الوحدة، المزاح، كراهية الدخول على الأهل من السفر ليلًا، التعزية، المسابقة، الهدية والمكافأة، تشميت العاطس، مداراة الناس، التحية. اللباس: ما يستحب منه، الجمال، وما يجوز لبسه وما لا يجوز، العلم في الثوب، افتراش الديباج، ولبس الحمرة، وجلود السباع. الطعام: أكل اللحم والفالوذج، أنواع الأطعمة، الثوم، آداب الأكل، الخلال، آداب الشرب، مباكرة الغداء، السحر بعد العشاء، قلة الأكل. الأخلاق والسياسة: الرذائل والفضائل، السخاء والبخل، الغيرة، إكرام أهل الفضل والشرف، طاعة الولاة، الأخذ من الأمراء، الأمر بالمعروف، الخاتم والكتابة عليه، الرسالة، الفلسفة، طبائع الإنسان، العمارة والبناء، كلام الحكماء، المعرفة. عبارة الرؤيا، الرؤيا الصالحة وحسن العبادة، العقل. الكلام: علامات الساعة، الشفاعة، البكاء على الميت ببكاء أهله، الحفظة المرأة التي كان لها زوجان في الدنيا، أسماء الجنان والنيران. تفضيل الفقير على الغني، عذاب الميت، أطفال المشركين، الأنبياء، نسبة النبي وأولاده وأزواجه، ابتداء أمر النبي، هجرته، مغازيه، ما يكره، الدعوات، الخلق، بدء خلق السموات والأرض، المسخ، الإيمان، يزيد أم لا؟ عمل أم قرار؟ مخلوق أم لا؟ القرآن، الرؤية، القدر، المعاملة مع أهل الكفر، الرفض، الطب، الرقى، الأطعمة التي فيها الدواء، فضل العصا، الامتناع عما يضر البدن، الحجامة، التصوف، زوال الدنيا عن المؤمن، وهو أقل الموضوعات، الأحوال الشخصية: تزويج الزانية، العزل، القبلة للولد الصغير، ضرب الدف، النكاح، التاريخ: أسماء الخلفاء بعد النبي، الأيام والشهور، والصحابة.
٢٥١  من النقل إلى الإبداع، مج٣، النقل، ج١، التدوين، فصل ١، التاريخ، ثامنًا: الأقوال، ص٢١٤–٢٢٧.
٢٥٢  من أعمال المحدثين «الإمام الجنيد، سيد الطائفين (قدَّس الله سره العزيز)، مشايخه، أقرانه، تلامذته، أقواله، كتبه ورسائله، إعداد وتحقيق الشيخ أحمد فريد المزيدي؛ تراث التستري الصوفي، دراسة وتحقيق د. محمد كمال إبراهيم جعفر؛ شهيدة العشق الإلهي رابعة العدوية، تأليف عبد الرحمن بدوي. ومن القدماء «أخبار الحلاج» جمع علي بن أنجب الساعي (٦٧٤ﻫ)، شطحات الصوفية (البسطامي ت٢٦١ﻫ) تأليف عبد الرحمن بدوي، ويتضمن «النور من كلمات أبي طيفور للسهلجي من علماء القرن العاشر، شطحات الصوفية، ص٥٨–١٨٥، «المسلك الجلي في حكم شطح الولي» للنابلسي (١١٤٣ﻫ)، السابق، ص١٨٩–١٩٩.
٢٥٣  الصورة الأولى للشطحات عند إبراهيم بن أدهم ورابعة العدوية. وأول من عبر عنها البسطامي (٢٦١ﻫ)، والتستري (٣١٩ﻫ)، ثم الحلاج والشبلي. وصورها الأخيرة عند الجيلاني والرفاعي وابن عربي.
٢٥٤  «كتاب تفسير الشطحات والكلمات التي ظاهرها متشنع وباطنها صحيح مستقيم»، اللمع، ص٤٥٣–٤٥٥.
٢٥٥  «باب في معنى الشطح والرد على من أنكر ذلك برأيه»، السابق، ص٤٥٣-٤٥٤.
٢٥٦  السابق، ص٤٥٨.
٢٥٧  شطحات، ص٩٧-٩٨، ١٠٧، ١٢٥–١٢٧، ١٦١–١٦٣، ١٧٥–١٧٨.
٢٥٨  السابق، ص١٠٦-١٠٧.
٢٥٩  مثل «سبحاني، سبحاني، أنا ربي الأعلى»، شطحات، ص٨٩، «سبحاني، سبحاني، ما أعظم شأني»، السابق، ص١٨٦.
٢٦٠  «أنا من ليلى، ومن ليلى أنا»، السابق، ص٨٩.
٢٦١  «إني أنا لا إله إلا أنا فاعبدون»، السابق، ١٥٧.
٢٦٢  «غبت عن الله ثلاثين سنة، وكانت غيبتي عنه ذكري إياه، فلما حُبست عنه وجدته في كل حال كأنه أنا»، السابق، ص١٥٧.
٢٦٣  «إنما يضرب اللصوص على أبواب السلاطين»، شطحات، ص٧٣.
٢٦٤  انظر دراستنا: تاريخ الأشكال الأدبية، دراسات فلسفية، القاهرة، ١٩٨٧م، ص٤٨٧–٥٢٢.
٢٦٥  السابق، ص٦٨، ١٣٩.
٢٦٦  السهلجي: النور من كلمات أبي طيفور، عبد الرحمن بدوي: شطحات الصوفية، ص٥٨–١٨٧؛ مرآة الزمان لسبط بن الجوزي، السابق، ص٢٠٢–٢١٥؛ نفحات الأنس من حضرة القدس لعبد الرحمن الجامي، السابق، ص٢١٦-٢١٧؛ قصة أبي يزيد البسطامي مع الراهب، السابق، ص٢١٨–٢٢٢؛ طبقات المشايخ للسلمي، السابق، ص٢٢٣–٢٢٦.
٢٦٧  السابق، ص٥٩.
٢٦٨  رفع الله أبا يزيد مرة وقال له: «إن خلقي يحبون أن يروك»، فرد أبو يزيد: «زيني بوحدانيتك، وألبسني أنانيتك، وارفعني إلى أحديتك حتى إذا رآني خلقك قالوا: رأيناك فتكون أنت ذاك ولا أكون أنا هناك»، اللمع، ص٤٦١–٤٦٣.
٢٦٩  «أول ما صرت إلى وحدانيته. فصرت طير جسده من الأحدية، وجناحاه من الديمومية. فلم أزل أطير في هواء الكيفية عشر سنين حتى صرت إلى هواء مثل ذلك مائة ألف مرة. فلم أزل أطير إلى أن صرت في ميدان الأزلية فرأيت فيها شجرة الأحدية»، اللمع، ص٤٦٤–٤٦٧.
٢٧٠  وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ. وهو معنى قول الشاعر:
رب يوم كأنهم يوم بانوا
من دموع الفراق يوم مطير
لو تراني رأيتهم يوم قالوا
جسدًا واقفًا وقلبًا يطير
السابق، ص٤٦٥.
٢٧١  «أشرف على ميدان الليسية. فما زلت أطير فيه عشر سنين حتى صرت من ليس في ليس بليس. ثم أشرفت على التضييع، وهو ميدان التوحيد. فلم أزل أطير بليس في التضييع حتى ضعت في الضياع ضياعًا، وضعت فضعت عن التضييع بليس في ليس في ضياعة التضييع. ثم أشرفت على التوحيد في غيبوبة الخلق عن العارف، وغيبوبة العارف عن الخلق»، اللمع، ص٤٦٨–٤٧١.
٢٧٢  ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ.
٢٧٣  «سبحاني سبحاني»، اللمع، ص٤٧٢–٤٧٧.
٢٧٤  الحلاج، الأعمال الكاملة (التفسير، الطواسين، بستان المعرفة، نصوص الولاية، المرويات، الديوان، إعداد قاسم محمد عباس، رياض الريس للكتب والنشر، ط١، بيروت، ٢٠٠٢م).
٢٧٥  أخبار الحلاج (وهو أبو مغيث الحسين بن منصور الحلاج)، تقديم وتعليق وتصحيح عبد الحفيظ بن محمد مدني هاشم، مكتبة الجندي، القاهرة، (د.ت). وهي رواية علي بن أنجب السلمي (ت٦٧٤ﻫ). وبعضها ذكر في «الولاية»، الأعمال الكاملة، ص٢٢١–٢٥٤.
٢٧٦  «لولا أن الله تعالى قال لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لكنت أبصق في النار حتى تصير ريحانًا على أهلها. يمكنني أن أتكلم بمثل هذا القرآن»، الولاية، ص٢٣٥.
٢٧٧  ومثل هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ، بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ، أَلَّا يَسْجُدُوا لِلهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ، وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ، لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ. المجموع ١٦ آية، السابق، ص١٠-١١، ٢٢، ٢٤، ٣٣، ٣٧، ٣٩-٤٠، ٤٦، ٤٨، ٥٠-٥١، ٥٥.
٢٧٨ 
نديمي غير منسوب
إلى شيء من الحَيفِ
دعاني ثم حيَّاني
كفِعل الضَّيف بالضَّيفِ
فلمَّا دارتِ الكأس
دعا بالنطع والسيفِ
كذا من يشرب الراح
مع التنين في الصيفِ
السابق، ص٢٣.
«ثم ضرب عنقه ولف في بارية وصب عليه النفط وأحرق وحمل رماده على رأس منارة لتنسفه الريح»، السابق، ص٢٤.
٢٧٩  مجموع الأشعار (٢٥). أكبرها ثمانية أبيات، وأصغرها بيت واحد.
٢٨٠  «اعلموا أن الله أباح لكم دمي فاقتلوني … والمعنى الذي به تحقن الدماء خارج عن الصلاة والصوم وقراءة القرآن. فاقتلوني تؤجروا وأسترِح … ليس في الدنيا للمسلمين شغل أهم من قتلي …»، أخبار، ص٤٢.
٢٨١  «القصد قتل هذه الملعونة … ولكني أعزيهم على الحق لأن عندي قتل هذه من الواجبات. وهم إذا تعصبوا لدينهم يؤجرون»، السابق، ص٤٦، «الخلق يشهدون بكفري، ويسعون إلى قتلي. وهم بذلك معتدون وبكل ما يفعلون بي مأجورون»، أخبار، ص١٧، الولاية، ص٢٣٧.
٢٨٢  السابق، ص٥٠.
٢٨٣  الولاية، ص٢٦٣.
٢٨٤  «وفي غد يكون العرس فانتقبوا. وعند الصباح يكون الجمع فتأهبوا. تناولت صفات الصفات. ودنا الأجل للميقات. وفي غد تسفر سافرة المكتوم، وتبرز مخبئات الصدور وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ، السابق، ص٢٦٣-٢٦٤.
٢٨٥  «إلهي أصبحت في دار الرغائب. أنظر إلى العجائب. إلهي إنك تتودد إلى من يؤذيك فكيف لا تتودد إلى من يؤذى فيك»، أخبار، ص٢٦. الولاية، ص٢٥٠.
٢٨٦  إن بعض الناس يشهدون عليَّ بالكفر. وبعضهم يشهدون لي بالولاية. والذين يشهدون عليَّ بالكفر أحب إليَّ وإلى الله من الذين يُقرون بالولاية من حسن ظنهم بي. والذين يشهدون عليَّ بالكفر يشهدون تعصبًا لدينهم. ومن تعصَّب لدينه أحب إلى الله ممن أحسن الظن بأحد»، الولاية، ص٢٥٠-٢٥١.
٢٨٧  «تريدون مناظرتي، على ماذا أناظر؟ أنا أعرف أنكم على حق وأنا على باطل»، السابق، ص٢٥١.
٢٨٨  «ومن حضر بطلت شهادته. ومن غاب قبلت شهادته»، السابق، ص٥.
٢٨٩  «أتقتلون رجلًا يقول ربي الله»، «أنا على مذهب ربي»، «أنا حنيفي أقل حنيفية من أمة محمد». ظهري حمى، ودمي حرام، وما يحل لكم أن تتأولوا عليَّ بما يبيحه. واعتقادي الإسلام، ومذهبي السنة، وتفضيل أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وسعيد وعبد الرحمن بن عوف وأبي عبيدة بن الجراح. ولي كتب في السنة موجودة في الوراقين. فالله الله في دمي»، السابق، ص٢٥١.
٢٩٠  الولاية، ص٢٥٣-٢٥٤.
٢٩١  «لو قطعتني بالبلاد إربًا إربًا ما ازددت إلا حبًّا حبًّا»، «أيها الناس أغيثوني عن الله. فإنه اختطفني مني. وليس يردني عليَّ. ولا أطيق مراعاة تلك الحضرة. وأخاف الهجران فأكون غائبًا محرومًا. والويل لمن يغيب بعد الحضور. ويهجر بعد الوصل»، «أيها الناس اسمعوا: إن الله أباح لكم دمي. فاقتلوني اقتلوني، تؤجروا وأسترح. ليس في الدنيا للمسلمين شغل أهم من قتلي»، «كيف أنت يا إبراهيم حين تراني وقد صُلبت وقُتلت وأحرقت، وذلك أسعد يوم من أيام عمري جميعه»، الولاية، ص٢٥٣-٢٥٤.
٢٩٢  الولاية، ص٢٦١-٢٦٢.
٢٩٣  اللمع، ص٤٧٨–٤٩١.
٢٩٤  «مُروا أنا معكم حيثما كنتم. أنتم في رعايتي وفي كلاءتي»، «لو عرضتُ ذلي على ذل اليهود والنصارى لكان ذلي أذل من ذلهم»، السابق، ص٤٧٨–٤٨٠.
٢٩٥  حديث «لي وقت لا يسعني شيء غير الله. وأنا سيد ولد آدم ولا فخر»، «لا تفضلوني على يونس بن متى عليه السلام»، «أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد.»
٢٩٦  «إن نفسي هذه تطلب مني كسرة خبز. ولو التفت سِرِّي إلى العرش والكرسي لاحترق»، السابق، ص٤٧٩.
٢٩٧  «لو كان أبو يزيد، رحمه الله، عندنا لأسلم على يد بعض صبياننا»، السابق، ص٤٨٠.
٢٩٨  «أمر الله تعالى الأرض أن تبتلعني إن كان فيَّ فضل منذ شهر أو شهرين لذكر جبريل وميكائيل عليهما السلام»، «إن مر بخاطرك ذكر جبريل وميكائيل عليهما السلام أشركت»، اللمع، ص٤٨١-٤٨٢.
٢٩٩  «رأيت جبريل عليه السلام مثل الحلس البالي فعلمت به فضل علمه وخشيته علي.»
٣٠٠  «يا قوم أمرُّ إلى ما لا وراء فلا أرى إلا وراء. وأمر يمينًا وشمالًا إلى ما لا وراء فلا أرى إلا وراء. ثم أرجع فأرى هذا كله في شعرة من خنصري»، اللمع، ص٤٨٦–٤٩١. «ألف عام ماضية في ألف عام واردة، هو ذا الوقت، ولا تغرنكم الأشباح»، «أنتم أوقاتكم مقطوعة، ووقتي ليس له طرفان»، «أنا الوقت، وقتي عزيز، وليس في الوقت غيري. وأنا محق»، «اللهم إن كنت تعلم أن فيَّ بقية لغيرك فاحرقني بنارك، لا إله إلا أنت، «لو خطر ببالي أن الجحيم بنيرانها وسعيرها تحرق شعرة لكنت مشركًا»، «ليتني أعمل بلظى وسقر عندي أن لظى وسقر فيها تسكن.»
٣٠١  «تقول جهنم يوم القيامة للمؤمن: جز يا مؤمن، فقد أطفأ نورك لهيبي.»
٣٠٢  مثل: هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا.
٣٠٣  «في معنى أحوال كانوا ينكرون بها على الشبلي»، اللمع، ص٤٨٣–٤٨٥.
٣٠٤  مثل «الدنيا ملعون ما فيها»، «لو أنَّ الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرًا منها شربة من ماء.»
٣٠٥  «باب في ذكر أبي الحسين النوري رحمه الله، وما شهدوا عليه بالكفر عند الخليفة وغير ذلك»، اللمع، ص٤٩٢–٤٩٤.
٣٠٦  «أنا أعشق الله وهو يعشقني»، يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ. وسمع الأذان فقال: «طعنه وسئم الموت»، وسمع نباح الكلب فقال: «لبيك وسعديك»، وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ، وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ، «حبيبي تريد أن تخدعني منك بمثل هذا.»
٣٠٧  «أعرف رجلًا لو كان على يمينه مسورة وعلى يساره سبع لم يبالِ على أيهما يتكئ»، اللمع، ص٤٩٥-٤٩٦.
٣٠٨  «من ذكر افترى، ومن صبر اجترى، ومن شكر انبرى»، السابق، ص٥٠٦–٥١٥.
٣٠٩  «أخوف ما أخاف عليكم منافق عليم اللسان.»
٣١٠  وفي الحديث «والذي نفس محمد بيده لا يبلغ أحدكم حقيقة الإيمان حتى أكون أحب إليه من نفسه ومن ماله.»
٣١١  وهو قول الواسطي «إياك أن تلاحظ حبيبًا أو كليمًا أو خليلًا وأنت تجد إلى ملاحظة الحق سبيلًا»، اللمع، ص٥١١.
٣١٢  «اعبد الله كأنك تراه.»
٣١٣  «أنا أول من تنشق عنه الأرض والأنبياء تحت لوائي. والجنة حرام على كل أحد حتى أدخلها.»
٣١٤  «باب ذكر جملة المشايخ الذين رموهم بالكفر»، اللمع، ص٤٩٧–٥٠٤.
٣١٥  ومنهم أبو بكر علي بن الحسن بن ياز دانيار، السابق، ص٥٠–٥٥.
٣١٦  وذلك لقوله في كتاب السر «عبد رجع إلى الله وتعلق بالذكر. وذكر في قرب الله وطالع ما أذن له، من التعظيم لله وفي نفسه وما سوى الله، فلو قلت له من أين أنت وأين تريد؟ لم يكن له جواب غير قول: الله»، السابق، ص٤٩٩.
٣١٧  كما تم أيضًا تكفير عبد الله الحسين بن مكي الصبيحي، وأبو العباس أحمد بن عطاء، والجنيد الملقب بطاووس العلماء. وأول من امتحن عامر بن قيس ولكن معاوية أكرمه.
٣١٨  «نحن معاشر الأنبياء أشد الناس بلاء، ثم الأمثل فالأمثل. ويبتلى الرجل على حسب دينه. فإن كان في دينه صلابة فيكون بلاؤه أشد.»
٣١٩  لذلك قال علي بن أبي طالب:
ما أحسنَ الصبرَ في مواطنه
والصبرُ في كل موطنٍ حسَنُ
حَسبُك من حسنه عواقبه
عاقبة الصبر ما له ثمَنُ
السابق، ص٥٠١.
٣٢٠  اللمع، ص٤٥٩-٤٦٠، يذكر الطوسي في «اللمع» أربع شطحات لأبي يزيد (ص٤٦١–٤٧٧)، وأربعًا أخرى للشبلي (ص٤٧٨–٤٩١)، وواحدة لأبي الحسين النوري (ص٤٩٢–٤٩٤)، وواحدة لأبي حمزة الصوفي (ص٤٩٥-٤٩٦)، «شرح ذلك يطول إن استقصيت. وفيما ذكرت كفاية»، السابق، ص٤٦٣، وللنوري مثل ذلك كثير. وفيما ذكرنا كفاية، السابق، ص٤٩٤. «ولكن تذكر من ذلك طرفًا على الاقتصار والإيجاز»، السابق، ص٤٩٧، و«وفرت الاختصار حتى يقاس بذلك ما لم نذكره»، السابق، ص٥١٥.
٣٢١  الأعمال الكاملة، دار الحكمة، لندن، ٢٠٠٥م، ص٢٢١–٢٦٥.
٣٢٢  وعددها ٤٧، الحلاج، الأعمال الكاملة، ص٢٢١–٢٣٢.
٣٢٣  السابق، ص٢٣٣–٢٥٤.
٣٢٤  السابق، ص٢٥٧–٢٦٥.
٣٢٥  الآيات (١٧)، الأحاديث (٣).
٣٢٦  عنوانها «الصيهور في نقض الدهور»، نصوص الولاية، الأعمال الكاملة للحلاج، ص٢٦٤-٢٦٥.
٣٢٧  من التراث الفلسفي لابن مسرَّة، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، ١٩٨٢م/١٤٠٢ﻫ، ص٧٥–١١٥.
٣٢٨  «ونحن نشير إلى ما ذهبوا إليه في ذلك من الكلام في مبادئ السور المتقدمة الذكر. ولا نخرج عن مرادهم. ولا نشذ عن مذهبهم. وإنما غرضنا في ذلك تقريب اللفظ وتبيين المعنى وترتيب الحروف ونظمها»، خواص الحروف، من التراث الفلسفي لابن مسرَّة، ص٨٢.
٣٢٩  الآيات (٣٩)، الأحاديث (٢).
٣٣٠  التستري، خواص الحروف، من التراث الفلسفي لابن مسرَّة، ص٨٢، ١٠٢، ١٠٥.
٣٣١  السابق، ص٨٠.
٣٣٢  ثم تذكر الهاء والهمزة والواو والياء واللام والميم.
٣٣٣  مثل: الم، المص، الر، كهيعص، طسم، طس، حم، عسق، ق.
٣٣٤  الآيات (٣٩)، الأحاديث (٢).
٣٣٥  خواص الحروف، ص٨٠، ٩٦.
٣٣٦  السابق، ص٨٢، ١٠٢، ١٠٥.
٣٣٧  السابق، ص٧٦–٨٢.
٣٣٨  السابق، ص٨٢–٨٤.
٣٣٩  السابق، ص٩٠.
٣٤٠  وذلك لأن الروح الحامل للأرض مكانها، الحامل لجميع الأجسام والنسيم المحيط بالأرض منه ظاهرًا وباطنًا. ويستمد من الحيوان نفسه، معتدل الطبائع، مضغوط بحمل الأرض. إذا ضعف حدث الزلزال. هو الحوت، صورته على شكل حرث، موضع الماء والطين أسفل سافلين، نهاية الكون، منفصلًا الحركة، حاملًا لجسمين ثقيلين الماء والأرض ولجثث الحيوانات.
٣٤١  وهي متعلقة بالنسيم الحامل للأرض. النفس الجميلة مصدر كل شيء متنفس في الأرض، مثال الجسم. هو القدر والمثال، تحت فلك القمر إلى الأرض، جسم وروح ونفس، الجسم الأرض، والروح الهواء المحيط، والنفس القوة السارية. ثم الحواميم السبع، مثال القلب، الحاء الحق والكلمة، و«الميم» الملك، الروح الحامل لجسم السموات والأرض. و«الصاد» الروح المخصوص في جسم العالم، مستمد من الروح المحيط بجسم العالم، ما ينفخ فيه إسرافيل. و«يس» كناية عن الملائكة الأربعة، حملة الكرسي، نهاية المملكة الفلكية.
٣٤٢  السابق، ص١٠٧–١١٠.
٣٤٣  السابق، ص٨٤–٨٧.
٣٤٤  وللألف ثلاث مراتب: نفس ناطقة ونفس نباتية ونفس حيوانية كما يقول الفلاسفة. الهمزة العقل والإرادة. والألف النفس الناطقة، والواو النفس الحيوانية. والباء النفس النباتية. الألف قائمة، والباء ساجدة، والواو منحنية. وهي في الخلق أيضًا. الحيوان صاحب النفس الناطقة منتصب القامة مثل الألف. وصاحب النفس الحيوانية فقط راكع منحنٍ مثل الواو. وصاحب النفس النباتية ساجد. والواو من أول المخارج، والباء منخفضة عنها، والألف مخرجها من الغيب. وبين كل حرف وحرف مخارج وحروف.
٣٤٥  السابق، ص٨٩-٩٠.
٣٤٦  فالأشياء ظاهر وباطن، والعلم محيط بهما. المكنون الكلام، والظاهر جسم الكل، النفس الكبرى، الملك. كمال معرفته بهذه الحروف الثلاثة. وكمال معرفة الإنسان أيضًا في ثلاثة: النفس المحتجبة في الجسم والروح. بالنفس هو ما هو. وبالروح يصير فعلًا مكتملًا متصلًا بالأشياء. وكذلك ذات الله بائنة عن الأشياء احتجبت بحجابين من جهة خلقه وتجلت بخلقه، وسطًا بين الخالق والمخلوق. ومنها ظهر الأمر، الروح وهو الغيب، والجسم وهو الشهادة، قوة الأشياء المحسوسة؛ لذلك وصف بالرحمن الرحيم. وقد يكون معنى «الم» الألف الأنا واللام الله والميم الملك، وقد تكون الألف إرادة الله، أول الأشياء، والميم مشيئته الجامعة للخير والشر والحسن والقبيح، والحسي والروحاني. الإرادة حق لحصن ونور خالص، وحكمة بالغة. فلما أحكم المشيئة بالإرادة قام بينهما اللوح المحفوظ وبه كل المقادير والأسرار. فالكتاب ثلاثة: الإرادة والمشيئة والعلم. وقد يكون معنى «الم» منزل من لله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم. الألف الله، والميم محمد، واللام وسط بينهما وهو جبريل.
٣٤٧  والصفات الثلاث الأخيرة ظاهرة للعيان. وهي صفات الإنسان، الصنعة لأصحاب المهن، والملوك فوقهم، والنبوة هم العلماء والحكماء. وهي أيضًا مراتب النبات والحيوان والإنسان. فالنفس النباتية تحفظ الجسم وتصوره وتنميه. فهي قوة صانعة. والنفس الحيوانية ملك متسلط يحكم كما يشاء. والنفس الإنسانية هي العقل مثل الآلة يصرف الحيوان ويسوسه. وهو مثل تحليل الفلاسفة لقوى النفس وتقسيم الموجودات أربع مراتب، ذات الله المباينة للأشياء، العقل الكلي، المثال المجرد من الهيولى، الجامع للفضائل الإلهية، ثم النفس الكبرى المستغرقة في الهيولى أي الجسم الحاملة لجثة العالم، وبها قام الملك وسخرت الأفلاك، والجامعة للملك والسياسة. ثم النفس دون الطبيعية المستغرقة في الجسم الجرمي والصانعة له والمصورة لجميع الصناعات. وهي موجودة في الإنسان. يحكم ويدير بالروح الإلهي حتى يظهر المثال في العقل. ثم يحرك المثال النفس الحيوانية المؤثرة في الجسم والطبيعة حكمة الله في الأشياء المصورة لها. والقرآن هو هذه الأربعة. فالصاد من الصادق والصدوق.
٣٤٨  وأمثلة كل شيء في العالم في أم الكتاب، لا تبديل ولا انتقال. خلق العالم في ستة أيام في أوائل السور الست، مدة ظهور ما في اللوح المحفوظ، مثال الخليقة. معنى سورة «هود» هو الذات واللام العرش، والراء اللوح. وفي سورة يونس تشير «الر» إلى اليوم الأول، وهو اليوم الثاني في «هود». و«الر» الثالثة في يوسف، والرابعة في الرعد، والخامسة في «إبراهيم»، والسادسة في «الحجر»؛ ستة حروف على ستة أيام. لذلك تقطعت الحركة والزمان في العالم على ستة أيام. واليوم السابع يوم السكون التام الذي سبت فيه اليهود أي سكنت. وهو يوم الاستواء على العرش، السابق، ص٩٨–١٠٠.
٣٤٩  ثم تعبر الحروف عن المعاني. الياء الروح، والعين العلم. المعنى الباطن الذي دل عليه الكلام. والصاد مكان الأثر. العقل مؤلف من اللوح والقلم. وهو في المرتبة الأولى. والنفس في المرحلة الثانية. وتأليفها من «كن»، و«الصاد» و«الكن» في كنان. والنفوس كلها مرتبطة بالروح، الحامل لجميع الأجسام. والأمر قوة ناطقة، حروف مؤلفة، وروح محصورة وعلم يدل عليه.
٣٥٠  السابق، ص١٠١.
٣٥١  وعند التستري خلقت كل الأشياء من الكاف والنون، والصاد كان الخلق. والأصول التي منها خرج الخلق الهواء (العمى)، وهو الهبا والريح والجو، والماء، والنار (النور والظلمة)، والطين. وهي العناصر الأربعة عند الفلاسفة. وهناك أربعة أخرى علوية: القلم واللوح والكن والصاد. أقسم الله بحروفها. القاف من حرف القلم، والميم والحاء من حروف اللوح، والكاف والنون من حروف «كن»، والصاد من الصادق، والهاء من الهواء، والراء من الريح. وحدث عن ذلك العرش والكرسي والجنة والنار والسموات السبع والأرض والبحار والملائكة والجن والإنس والحيوان والنبات، السابق، ص١٠٢.
٣٥٢  السابق، ص١٠٣.
٣٥٣  «وقد نجد ذلك ظاهرًا في الممالك والرتب وجميع الأشياء المحسوسة. فإن الملك يقوم بهاتين الصفتين، أعني أن يكون الملك قاهرًا عدلًا مستعملًا للحق والعمل وحيث لا قدرة به ولا استطاعة فسد ملكه، وأهلك رعيته. كما أنه لو كان ذا قوة واستطاعة ولم يكن له عدل ولا حق أفسد ملكه، وأتلف حاشيته. وكذلك الإنسان جعل الله فيه هاتين القوتين ليكون صلاحًا له في حياته وبعد مماته. فجعل فيه من قوة ملكه ما يقدر به ملك جسمه وعقله وضبط أعضائه. وهو الروح الحيواني الحامل لجسمه. وجعل فيه من الحق وهو النور. هو الروح الذي نفخ في آدم»، السابق، ص١٠٤. فالملك في الجمع أو في الإنسان متصفان بالحق والملك وهي الروح الحيواني الحامل للجسم، والحادي للحق. هو الروح الذي نفخ في آدم، قوله «كن». بهذه الروح دبر الإنسان المعاش، ونهى نفسه عن القبيح، وأنار الحق قلبه، وعمل به وساس الأمور. ولو عدم النور لكان كالبهائم ولو عدم الروح لكان كالحجر الصلب. والعين والسين العلم، السابق والكاف القدر النافذ، السابق، ص١٠٤-١٠٥.
٣٥٤  فبالقلم تظهر قدرة الله ومشيئته وعدله وهو اللوح. والقدر قدران: قدر سابق مجمل في اللوح المحفوظ، وقدر مؤجل من الأول. الأول ساكن، والثاني متحرك. والحروف «حم» و«عسق» تشير إلى القدر السابق. الأول يجوز فيه الدعاء وتُرجى الإجابة وفيه استثناء والثاني لا يجوز. الأول في «كهيعص» والثاني في «عسق». وهما علما الغيب والشهادة. وتكرار الميم لأن الملك في كل شيء، قوة محيطة بالأشياء. تتكرر خمس عشرة مرة، أربعة ملائكة يحملون العرش، وأربعة يحملون الكرسي، وسبعة يحملون السموات والأرض السبع، السابق، ص١٠٥–١٠٧.
٣٥٥  يسمى في تاريخ الأديان: علم الأعداد Numerics.
٣٥٦  مكتبة الشباب، القاهرة، (د.ت)، ج٢.
٣٥٧  يضم كلام «سهل التستري» خمسة أجزاء. الأول (٢ص)، والثاني (٣٢ص) بلا أبواب، والثالث (٣٨ص). يشمل اثني عشر موضوعًا: الوسوسة، المحاسبة، الطمأنينة، المخلص، المداراة والمداهنة، الحلال، الكسب، الشبه والمكروه، الطمع، الصمت، الأخلاق. والرابع (٣٦ص) يضم ستة موضوعات: المبتدئ، الرياء، الخصوصية، الشكر، النهي. والخامس وهو أكبر الأجزاء (١٤٥ص) يحتوي على ثلاثين موضوعًا: التوبة، علم السر، التكلف لما لا يعني، الطهارة، المشاهدة، الدعوى، الأمر والنهي، الشفقة، قصر الأمل، العجب، الرضا، المال، الإيمان بالقدر، الخشوع، الخشية، الكسب، اليقين، التجلي، الحول والقوة، الشكر والطاعة، القلب، الصبر، الطبع العزم، النوم، التقوى، التسوية، الثواب، التوبة، وأخيرًا «الشرح والبيان لما أشكل من كلام سهل». تراث التستري الصوفي، دراسة وتحقيق الدكتور محمد كمال إبراهيم جعفر، ج٢، مكتبة الشباب، (د.ت). الجزء الأول دراسة، والثالث يشمل بقية التراث الفلسفي ولكن الأجل لم يُمهل الصديق العزيز والزميل الفاضل لإنجازه. والأمل في طلابه لإكمال مشروعه.
٣٥٨  التستري، ص٢٤٧–١٥٨.
٣٥٩  السابق، ص٣١٩–٣٨٣.
٣٦٠  الآيات (١٨٠)، الأحاديث (٥٠).
٣٦١  التستري، ص٦٧.
٣٦٢  أبو محمد سهل بن عبد الله التستري: تفسير القرآن العظيم، دار الكتب العربية الكبرى، مصطفى البابي الحلبي وأخواه بكري وعيسى بمصر، (د.ت).
٣٦٣  السابق، ص٦٨، ٧١، ٧٧، ٨٠، ٨٨، ٨٩، ٩٤، ٩٦، ١٠٢، ١٠٥–١٠٨، ١١٢، ١١٨، ١١٩، ١٢٣-١٢٤، ١٣١، ١٣٣، ١٤١–١٤٥، ١٤٧، ١٥١–١٥٣، ١٥٩-١٦٠، ١٦٣، ١٦٥، ١٧٢–١٧٥، ١٧٧، ١٧٩، ١٨١، ١٨٨، ١٩٤، ٢١٣–٢١٥، ٢١٨، ٢٢٠-٢٢١، ٢٢٣-٢٢٤، ٢٢٨، ٢٢٩، ٢٣٠، ٢٣٣–٢٣٦، ٢٣٨، ٢٤٤-٢٤٥، ٢٤٨-٢٤٩، ٢٥١، ٢٥٣، ٢٥٥-٢٥٦، ٢٥٩، ٢٦٢، ٢٦٣.
٣٦٤  السابق، ص٦٩.
٣٦٥  التستري، ص٢١٩.
٣٦٦  السابق، ص٢٢٢.
٣٦٧  التستري، ص٩٧، ٢٠٣، ٢٣٥.
٣٦٨  السابق، ص٢٣٩–٢٦٩.
٣٦٩  السابق، ص٢٩٦.
٣٧٠  السابق، ص٢٩٨.
٣٧١  التستري، ص٣١٠.
٣٧٢  السابق، ص٢٠٠.
٣٧٣  السابق، ص٣٤٩.
٣٧٤  هذا ما يقوله شايدر في «روح الحضارة العربية» ويعرضه ويتبناه عبد الرحمن بدوي في ترجمته للكتاب حتى تظل العقلانية إبداع الغرب الأصيل منذ اليونان القديم حتى الغرب الحديث.
٣٧٥  محمد بن عبد الجبار النفري: المواقف والمخاطبات، تحقيق أرثر أربري، تقديم وتعليق د. عبد القادر محمود، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، ١٩٨٥م، ص٧١.
٣٧٦  «إن لم ينعقد الحياء بهذا الرمز لم ينعقد أبدًا»، السابق، ص١٤٠.
٣٧٧  موقف البحر، المواقف، ص٧١، موقف بحر، ص١٣٣، موقف نور، ص١٣٤، الليل، ص١٦٧-١٦٨.
٣٧٨  موقف الواقفة، المواقف، ص٧٣–٨١.
٣٧٩  من النص إلى الواقع، ج٢، بنية النص، ص٥٣٣–٥٦٠.
٣٨٠  «من لم يقف رأى العلوم ولم يرَ العلم فاحتجب باليقظة كما يحتجب بالغفلة»، «الوقفة روح المعرفة، والمعرفة روح العلم، والعلم روح الحيا … كل واقف عارف وما كل عارف واقف … للوقفة علم ما هو الوقفة، وللمعرفة علم ما هو المعرفة … الوقفة عمود المعرفة، والمعرفة عمود العلم … العلم لا يهدي إلى المعرفة، والمعرفة لا تهدي إلى الوقفة …»، السابق، ص٧٦–٨١.
٣٨١  السابق، ص٨٣–٨٧.
٣٨٢  «موقف الدلالة»، السابق، ص١٢٩–١٣٢.
٣٨٣  وهو موقف كانط.
٣٨٤  «موقف وراء المواقف»، السابق، ص١٢٦–١٢٩.
٣٨٥  «موقف المراتب»، السابق، ص١٤٨-١٤٩.
٣٨٦  موقف التقرير، السابق، ص١٠٢-١٠٣.
٣٨٧  «إن لم تجز ذكري وأوصافي ومحامدي وأسمائي رجعت عن ذكري إلى أذكارك ومن وصفي إلى أوصافك … الواقف لا يعرف المجاز. وإذا لم يكن بيني وبينك مجاز لم يكن بيني وبينك حجاب»، السابق، ص١٠٢.
٣٨٨  المواقف، ص٦٦–٢٠٥.
٣٨٩  مثل إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ، السابق، ص١٨٦-١٨٧.
٣٩٠  السابق، ص٦٦، ٧١.
٣٩١  الألفاظ المفردة (٤٣)، الألفاظ المركبة (١٩)، الجمل المفيدة (١٦)، المتكلم: قد جاء وقتي (٧٠-٧١)، أنا منتهى إغرائي (ص١١١–١١٣)، كدت لا أواخذه. المخاطب: أنت معنى الكون (ص٦٩-٧٠)، لا تفارق اسمي (ص١٠٩–١١١)، ادعني ولا تسألني (ص١١٨)، اسمع عهد ولايتك (ص١٢٣–١٢٦)، من أنت ومن أنا؟ (ص١٣٥-١٣٦).
٣٩٢  أطولها ثماني صفحات، وأصغرها نصف صفحة.
٣٩٣  الإخبارية مثل: مواقف لا تطرف (ص١٠٧-١٠٨)، موقف لي إغراء (ص١١٤-١١٥)، استوى الكشف والحجاب (ص١١٨-١١٩)، هو ذا تنصرف (ص١٣٣-١٣٤)، موقف بين يديه (ص١٥١–١٥٧) (ص١١٣-١١٤). الأمرية مثل: لا تفارق اسمي (ص١٠٩–١١١)، ادعني ولا تسألني (ص١١٨)، اسمع عهد ولايتك (ص١٢٣–١٢٦).
٣٩٤  التساؤلية مثل: ما تصنع بالمسألة؟ (ص١١٥-١١٦)، من أنت ومن أنا؟ (ص١٣٥-١٣٦).
٣٩٥  العهد، ص١٤٥–١٤٧، عهده، ١٦٤–١٦٦، الصفح والكرم، المواقف، ص١٨٥، الصفح الجميل، ص١٩١–١٩٤.
٣٩٦  وذلك في مصطلحات مثل العز والعزة، الكبرياء والرحمانية، الأمر والموت، النور والعظمة، الوحدانية والعبدانية. ومنها ما يخص المعرفة مثل البصيرة، الفقه وقلب العين، الحجاب والنور، قلوب العارفين، الرؤية، حق المعرفة، الكشف والبهوت، الإدراك والحرف. ومنها ما يتعلق بالسلوك القويم مثل الصفح الجميل، الأدب، الرفق، آداب الأولياء، الصفح والكرم، والعهد.
٣٩٧  الهيئة المصرية العامة للكتاب، ١٩٨٥م، ص٢٠٦–٢٨١.
٣٩٨  السابق، ص٢٣٨-٢٣٩، ٢٧٧–٢٨١.
٣٩٩  السابق، ص٢٠٦–٢٨١.
٤٠٠  المواقف، ص١٤٠، المخاطبات، ص٧٦.
٤٠١  مخاطبة ٢٠ «مقام رد موهبة الكيل»، مخاطبات، ص٢٣٨، مخاطة ٥٧، «مخاطبة وبشارة وإيذان الوقت»، السابق، ص٢٧٧.
٤٠٢  «يا عبد»، ٦٥٣ مرة.
٤٠٣  المخاطبات، ص٢١٨، ٢٢١.
٤٠٤  مخاطبة وبشارة وإيذان وقت، السابق، ص٢٧٧–٢٨١.
٤٠٥  المخاطبات، ص٢٧٧.
٤٠٦  «يا عبد رمزت الرموز فانتهت إلي. وأخصمت الفواصح فانتهت إلي»، السابق، ص٢٤٧.
٤٠٧  «يا عبد قف بين يدي في الدنيا وحدك أسكنك في قبرك وحدك، وأخرجك منه إليَّ وحدك، وقفت بين يدي في القيامة وحدك»، السابق، ص٢٠٨.
٤٠٨  دار الكتب العلمية، بيروت، ٢٠٠٥م/١٤٢٦ﻫ، ص١٢٥–١٣٥.
٤٠٩  من خصائص كلامه الغريب في المحبة، ص١٢٩–١٣٥(٧ص) ١٠ الشذرات، ص١٣٩–١٥٢(٤ص). الخواطر وأحكامها، ص١٥٥–١٥٩ (٥ص). المناجيات، ص١٦٣–١٧٠ (٨ص). من الجزء الأول من مجموع الأضابير، ص١٧١–١٧٤ (٤ص). الديوان، ص١٧٧–١٩٦(٢٠ص) وهو أكبر الأقسام.
٤١٠  مخاطبة فتاة، ص١٢٩. الجواب دون سؤال، ص١٣٠–١٣٣، بينة، ص١٣٣-١٣٤. تحية حبية، ص١٣٤-١٣٥.
٤١١  يبدو التناقض في موضوع السفر في جمادي الآخرة عام ٣٥٨ﻫ والمؤلف توفي عام ٣٥٤ﻫ، النطق والصمت، ص١٤٣، ١٤٦-١٤٧.
٤١٢  السابق، ص١٥٢.
٤١٣  السابق، ص١٥٧.
٤١٤  تاريخ ذاتي Autobiography.
٤١٥  إلهي (٤٢)، اللهم (٤٠).
٤١٦  الزمان مثل «يوم التروية في سنة خمس وخمسين وثلاثمائة»، والمكان مثل «مناجاة بالنيل يوم الأحد لاثنين وعشرين خلت من جمادى الآخرة سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة»، النطق والصمت، ص١٦٣-١٦٤.
٤١٧  الدعاء (٤)، المناجاة (٣).
٤١٨  النطق والصمت، ص١٧١.
٤١٩  عدد المرات (٤٥).
٤٢٠  النطق والصمت، ص١٩٠.
٤٢١  مطبعة جامعة فؤاد الأول، القاهرة، ١٩٥٠م.
٤٢٢  سبقه كتاب «الأربعين في شيوخ الصوفية» للماليني (٤١٢ﻫ).
٤٢٣  هو الجزء الأول فقط من الكتاب.
٤٢٤  الأشعار (٧٩)، الآيات (٣١).
٤٢٥  من نظم أبي حيان (٤٥)، من نظم غيره (٣٤).
٤٢٦  عدد المرات (٣٠)، ومرة واحدة في صيغة أطول بإضافة «إنك رءوف بالعباد».
٤٢٧  قول القائل، قولهم، حين قال، وقد قيل، قال من قال، قال، أما سمعت القائل حين قال، قولك، يقول … إلخ.
٤٢٨  مثل: ميمون الابتداء مبارك الانتهاء، الإشارات، ص١–٨٧. أركان المعرفة من الإشارات الإلهية، ص٨٧–٩٥. ذم التفضيل بالغاشية والحاشية من الإشارات الإلهية، ص٩٥–٢١٤. استعلام الفطانة من الإشارات الإلهية، ص٢١٤–٤١٠.
٤٢٩  أيها السامع (١٠)، أحبائي (٤)، أيها السائل، يا قوم، أيها الإنسان (٣). أيها السيد، أيها الأجنبي، الصديق المخالف، يا جامع المال، أيها الصديق، أيها المبتدع بالقدرة الإلهية، أيها الصاحب الفادي، يا لسان الوقت، أيها المشوق للجمع، أيها الحيران في سمعه، المستأنس بالوحشة، الجوهر الشريف، أيها المغرور، يا صاحبي، أيها الهائم، أيها الشيخ، الصاحب المدلل، الصاحب المحاور، أيها السامع بالأذن، أيها الصديق المشفق، أيها الرفيق المؤانس، أيها القائل البائح، يا رفيقي.
٤٣٠  يا هذا (١٩١)، اللهم (٨٢)، إلهنا (٣٨)، سيدي (٣)، بالله سيدي (٢)، إلهي، يا مولانا (١).
٤٣١  «أيها السامع! هذه مناجاتي لربي …»، الإشارات، ص٢٩٠.
٤٣٢  السابق، ص٣٤٠–٣٥٤.
٤٣٣  «تمت المجلدة الأولى من الإشارات الإلهية والأنفاس الروحانية …، ويتلوه المجلدة الثانية وهي الرسالة الخامسة والخمسون»، إشارات، ص٤١٠.
٤٣٤  وهي: (أ) ميمون الابتداء، مبارك الانتهاء، الإشارات، ص١ (٨٦ص). (ب) أركان المعرفة من الإشارات الإلهية، السابق، ص٨٧ (٨ص). (ﺟ) ذم التفضيل بالغاشية والحاشية من الإشارات الإلهية، السابق، ص٩٥ (١١٩ص). (د) استعلام الفطانة من الإشارات الإلهية، السابق، ص٢١٤ (١٩٧ص).
٤٣٥  ومجموعها ١٢ رسالة، «فصل كتابك … تسألني فيه عن حالي …»، الإشارات «كتب الحكيم …»، السابق، ص٢٥. «إذا قرأ كتابي فتفضلوا علي «بجوابي»»، السابق، ص٢٩ (١٧ص)، «كتبت إليك في أواخر شهر رمضان ومستقبل العيد …»، السابق، ص٢٣٩.
٤٣٦  الآيات القرآنية (٣٦)، الأبيات الشعرية (٧٢).
٤٣٧  من تأليفه (٤٥)، ومن غيره (٣٤) في صيغة السؤال الأول (٥)، قول القائل الآخر (٤)، قولك، وقد قيل (٣). أما سمعت القائل من قال، قال (٢)، صدق الحكيم المتقدم، يقول الأول، قولهم بعض العارفين، حين قال، قال من قال، ينشد قولك (١).
٤٣٨  مثل «وهو أقرب إلينا من حبل الوريد»، الإشارات، ص١٩.
٤٣٩  ومثل «لأن يد الله معكم، وليس فوق يد الله يد»، السابق، ص٣٠. «فاقض ما أنت قاض. إنما تقضي هذه الحياة الدنيا»، السابق، ص٣٧. «يا حسرتي على ما فرَّطت في جنب الله»، السابق، ص٤١. «وليس له واقع، والعجب واقع، واقع وليس له واقع»، السابق، ص١٠٥. «قتل الخراصون الذين هم في غمرة ساهون»، السابق، ص١٦٢. «ضاقت عليهم الأرض بما رحبت»، السابق، ص٢٧٦، السابق، ص٢٧٦. «الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن»، السابق، ص٢٨١. «كل هذا لمن له الخلق والأمر»، السابق، ص٣٤٣. ومن الحديث «هناك تنال ما لا أذن سمعت، ولا عين رأت، ولا خطر على قلب بشر»، السابق، ص٣٣٢.
٤٤٠  باستثناء «أرض بن ربيعة»، الإشارات، ص٤٤، الحكيم (٣ مرات).
٤٤١  السابق، ص١٨٠.
٤٤٢  مثل «بلا قذى من قاذ»، السابق، ص٢٥٣.
٤٤٣  قال عيسى بن مريم عليه السلام، وهو روح الله للحواريين «إنكم لن تدركوا ملكوت السموات إلا بعد أن تتركوا نساءكم أيامى وأولادكم يتامى»، الإشارات، ص١٨٠.
٤٤٤  السابق، ص١٧٢.
٤٤٥  الحكماء (٣).
٤٤٦  وذلك مثل: عبد القادر بن محمد بن بدر المقدسي الشافعي (٩٣٤ﻫ)، بدوي، ص كه-ن.
٤٤٧  وقد وردت ا.ﻫ. حوالي ٣٦ مرة.
٤٤٨  وردت اللازمة حوالي ٣٠ مرة.
٤٤٩  بدوي، ص لر-ن.
٤٥٠  «إنك إن عرفت هذه اللغة، واستخرجت حالك من هذا الديوان وحصلت ما لك وعليك بهذا الحساب أوشك أن تكون من المجذوبين إلى حظوظهم والراسخين في علمهم، والخالدين في نعمتهم. وإن كنت عن هذه الكنايات عمِيًّا، وعن هذه الإشارات أعجميًّا، طاحت به الطوائح، وناحت عليه النوائح، ولم توجد في زمرة الغوادي والروائح …» الإشارات، ص٣.
٤٥١  «اللهم إن القلم قد تصرم في نعت قصتنا معك، واللسان قد طفئ في تشقيق اللفظ بذلك. وفيض الوهم قد طفح على أصبار القلب»، السابق، ص١٩٠.
٤٥٢  «وهذه إشارات لا تدق عن أذهانكم، ولا تفوت فطنكم. فلهذا تلبست بها استعطافًا لكم. وتكثرت بذكرها تقربًا إليكم. فلا تخيِّبوا رجائي فيكم …»، السابق، ص٣٠-٣١، «إن كنيت عنه سبق التصريح به. وإن صرحت به غلبت الكناية عليه. وإن عبرت عن صفاته كدرت العبارة وإن أشرت إلى ذاته اضمحلت الإشارة»، السابق، ص٣٦.
٤٥٣  «خذ من التصريح ما يكون بيانًا لك في التعريض. وحصِّل من التعريض ما يكون زيادة لك في التصريح. واستيقن أنه لا صرف ولا كلمة، ولا سمة ولا علامة، ولا اسم ولا رسم، ولا ألف ولا ياء إلا وفي مضمونه آية. تدل على سر مطوي، وعلانية منشورة، وقدرة بادية، وحكمة محبورة، وإلهية لائقة، وعبودية شائعة، وخافية مشوقة، وبادية معوقة … وهذه الإشارة وإن كانت محدثة للناس في النفس الضعيفة فإنها مبشرة بعظم الحال في الغاية المنيفة»، الإشارات، ص٤-٥. «وأمر بإضعاف ذلك بأسرار لطيفة ومعانٍ شريفة إما معرِّضًا أو مصرحًا وإما مبعدًا وإما مقربًا»، السابق، ص٧٨. «فليس لمخلوق أن يلم بحافات هذا الحديث رمزًا أو نبأ أو غمزًا أو همسًا إلا بعد أن يأذن الله تعالى لمن يشاء ويرضى»، السابق، ص٣٤٠».
٤٥٤  «وأشرت وكنيت، وسميت وكتبت، وما حجبت وحججت. وبقيت واشتريت، ومحوت وأثبت، وجمعت وفرَّقت، ونصحت وغششت، ومحضت ومققت، وعسرت وسهلت، وصدقت وكذبت»، السابق، ص١٠٧.
٤٥٥  السابق، ص٢٠٥-٢٠٦، ٣١٨.
٤٥٦  «لقد صرفت لك القول في فنون من العبارة على ضروب من الإشارة»، السابق، ص٢٨٧.
٤٥٧  «يا حلائل النجوى احرمي. يا بوازغ القلب اسلمي. يا نيران البحر توقدي. يا مضاجع البلوى تمهدي. يا غاية المنى تباعدي. يا مقادير الدهر تراقدي. يا حلاوة الهوى أمري. يا عاذلتي على جنوني اهدئي عني وقري. يا مناهل العيش تكدري. يا معارف الغيب تنكري. يا حسرات القلب تحرَّقي. يا أستار الضمير تهتكي. يا معالم الأنس بيدي. يا عُقب الهوى زيدي ثم زيدي. يا مصائب الدنيا اقصديني وانزلي بي. يا عجائب الدهر والأيام تعجبي مني»، السابق، ص٧٠.
٤٥٨  السابق، ص٤٧.
٤٥٩  السابق، ص٤٨٩.
٤٦٠  السابق، ص٥٩.
٤٦١  «فإنه ليس يخفى عليك من هذه العبارات إلا ما تجده في باب الإشارات»، السابق، ص١٢٧.
٤٦٢  السابق، ص١٥٩.
٤٦٣  «أما ترى أن فنون الإشارة إلى غايات الحقيقة بصنوف العبارة عن الأركان الوثيقة دالة على الآيات الأنيقة، جامعة الآثار الرشيقة؟»
الآية الأنيقة الآثار الرشيقة
العبارة الأركان الوثيقة
الإشارة الحقيقة
٤٦٤  «حال كلما سلطت عليها العبارة وأرسلت إليها الإشارات حلت عن هذه وزلت عن حالة»، السابق، ص٣٣٩.
٤٦٥  «زينة اللفظ في المعنى. وحسن المعنى في الصدق. والصدق ينقسم على صالح القول المؤدب والفعل المهذب»، السابق، ص٤٠٠».
٤٦٦  «اسمع رطانة أخرى، ولغة ليس فيها فحوى. وكن من قبولك لها ونبوِّك عنها بيِّن التقوى. فإن العبارة قد طالت في وصف الدنيا. والإشارة قد توالت في الخبر من أصحاب البلوى. وهذا كله لما أقوله وتسمعه عني، قولي لا شرح له. وسمعك لا فتح معه، لكن لا بد من التنفس عند تضايق الخناق. ولا بد من التغابي عند تفاقم الإغلاق. ولا بد من الانحجاز عند تعذر الإنجاد أو الإعراق. نعم حبيبي. كنت ثم تكونت. ثم بنت وتبينت»، السابق، ص٣٧٤-٣٧٥.
٤٦٧  وهو ما يعادل في اللغات الأجنبية Dass mann, man, on.
٤٦٨  يا هذا (١٩١)، اللهم (٨٢)، إلهنا (٣٨).
٤٦٩  «أحبائي (٤)، سيدي، أيها الإنسان (٣)، بالله يا سيدي، أيها السائل يا قوم إلهي (٢)».
٤٧٠  مثل: الصديق المخالف، أيها المبتدع بالقدرة الإلهية، أيها الصاحب المنادى، أيها المجتمع المقدس، أيها المسترق للسمع، أيها الحيران في سمعه، أيها المستأنس بالوحشة، أيها الجوهر الشريف، أيها الصاحب المدلل، أيها الصاحب المجاور، أيها السامع بالأذن، أيها القائل البائع، أيها الرفيق المؤانس، أيها الصديق المشفق، يا جامع المال، يا لسان الوقت، يا قارع باب الله (١)، حبيبي، أيها السيد، أيها الأجنبي، يا صاحبي، أيها المغرور، أيها الهائم، أيها الشيخ، يا رفيقي، يا سادتي، أيها الصديق (١)، أيها الأجنبي.
٤٧١  «أهدي والله هذه الفنون المستخرجة من هذا المعنى المصون. أفدي والله عينًا باتت تدمع من خشية الله. بل أفدي والله نفسًا ظلت خاضعة مهيبة هيبة لله. بل أفدي والله لسانًا تلجلج بالاعتذار إلى الله. بل أفدي والله قلبًا ما يزال خافقًا من ضياء الله. بل أفدي والله يدًا كفت بناتها عن تناول ما لم يبحه الله. بل أفدي والله روحًا تهالكت وجدًا على أولياء الله. بل أفدي والله نعمة أديت بها حقوق الله. بل أفدي والله عقلًا اشتاق إلى موعود الله. بل أفدي والله كيدًا أوثر على الراحة لوجه الله. بل أفدي والله الحديث عن الله والحياة مع الله. بل أفدي والله خاطرًا يسنح مبشرًا بذكر الله»، السابق، ص١١٥-١١٦.
٤٧٢  وأشواقًا إلى قوم تلهبت أكبادهم شوقًا إلى الله، وأشواقًا إلى قوم فارقتهم أرواحهم وجدًا بالله، وأشواقًا إلى قوم تبلغوا بالحبو والزحف إلى الله. وأشواقًا إلى قوم امتلأت قلوبهم بمعرفة الله. وأشواقًا إلى قوم طلبوا الراحة بالتعب حبًّا لله، وأشواقًا إلى قوم طلقوا الدنيا وزهرتها غنًى بالله. وأشواقًا إلى قوم باينوا الكون وما فيه استقلالًا بالله. وأشواقا إلى قوم صافحت أرواحهم يد الله. وأشواقًا إلى قوم سبقت لهم الحسنى من الله. وأشواقًا إلى قوم ضاقت عليهم الأرض بما رحبت نزاعًا إلى الله. وأشواقًا إلى قوم راحوا إلى مصدوقة ليس فيها غير الله. وأشواقًا إلى قوم قالوا لله، وسكنوا لله، وتحركوا إلى الله، وسكنوا مع الله»، الإشارات، ص٢٧٦.
٤٧٣  وذلك مثل «أنت في مناط الربوبية فلا تهبط إلى قاع العبودية. صانوك فلا تتبدل. أغروك فلا تذل. أعلوك فلا تسفل. غسلوك فلا تتوسخ. نقوك فلا تتلطخ. يسروك فلا تتعسر. قربوك فلا تتباعد. أحبوك فلا تتبغض. جدوا بك فلا تكسل. استخدموك فلا تتكل. أعتقوك فلا تتعبد. أقالوك فلا تتعثر. دعوك فلا تتأخر. نسبوك فلا تجحد. جبروك فلا تتكسر. أنبتوك فلا تذو. حسنوك فلا تقبح. حلوك فلا تسمج. علموك فلا تجهل. نوَّهوا بك فلا تخمُل. قوموك فلا تضعف. لطفوك فلا تكشف. أسروك فلا تنكشف. انتظروك فلا تتوقف. أمَّنوك فلا تتخوف. قوموك فلا تتعفف. ندوك فلا تنشف»، السابق، ص٢-٣.
٤٧٤  وصيغة التساؤل: «ألا قارع لباب الله؟ …»، والسؤال عند الصوفي عن القارع لباب الله، والقاصد إليه، والراغب فيما عنده، والخائف من نواهيه، والمناجي له، والباذل روحه في سبيله، والناظر إلى نفسه معه، والعالم بسره، والمحاسب لنفسه، والمتوجه إلى ما عنده، والمسرور بتوحيده، النادم على ما فرط منه، والمشير بالحقيقة إليه، والمعظِّم لشعائره والمقتدي بسفرائه، والمتنزه في روضته، والسابح في غديره، والواثق به، والطامع في وعده، والخائف من وعيده، والراحم لعباده، والعامر لبلاده، والمنتحي لفنائه، والناشر لكلمته، والداعي إليه، والمجيب له، والشفيع لعبده، والمشفق من خيانته، والذاكر له، والعابد المخلص له، والشاكر لنعمته، والصابر على بلواه، والمصفى لعتابه، والمشتاق إلى رضوانه، والمنافس في طاعته، والمتحول عن المخالفة، والراضي بقضائه، والمحدِّث عنه، والدال على قدرته والباسط الرجاء في عفوه، السابق، ص٩٥.
٤٧٥  وهي عشر: التزهيد في الدنيا الخادعة، والترغيب في نعيم الله، التحذير من آفات الأعمال والعلم والأحوال وفساد الزمان، التمني والأمل في المستقبل، التخويف من المجهول، التلويح بأسرار المحبة وبحر المعرفة، بيان اللفظ ونقله من العام إلى الخاص، إجمال اللفظ لشحذ البيان، الاستيفاء حتى عدم البقاء، والاستيفاء حتى عدم السقي.
عيب ابن آدم ما علمت كثير
ومجيئُه وذَهابه تغرير
يا ساكن الدنيا ألم ترَ زهرة الـ
ـدنيا على الأيام كيف تصير؟
بل ما بدا لك أن تنال من الغنى
إن أنت لم تقنع فأنت فقير
يا جامع المال الكثير لغيره
إن الصغير من العيوب كبير
الإشارات، ص١٩٦.
٤٧٦  السابق، ص١٨٨.
الطريق الغاية
المنية المحلوم الواحد الأحد
الإرادة المتلظية الخير المطلق
اللفظ المزخرف المطلوب الأشرف
الوهم السانح المرام الأبعد
العقل المنير الغاية
النفس النازعة الأمور البازغة
الإشارة النقلية الإشارة العقلية
٤٧٧  «لأنها إشارات إلهية وعبارات إنسية. إلا أن العبادات الأنسية ليست مألوفة بالاستعمال الجاري، وأنت محتاج إلى أن تألف في الأول بطول السماع، ثم تتصعد من ذلك إلى الإشارات الإلهية ببسط الذراع ورحب الباع ولطف الطباع»، السابق، ص٢٢٤.
٤٧٨  «اللهم ارحم روعتنا في أطراف هذه الإشارات من اختلاف هذه العبارات»، السابق، ص٢٢٨.
٤٧٩  «ما أخوفني أنك منافق عليم اللسان على ما نطق به ديوان النبوة في وصف إنسان. وإن لم تكن ذاك في الماضي فلا تكن أيضًا في الآتي»، السابق، ص٢٣١.
٤٨٠  «ليس كل من رقد حلم بما يريد. ولا كل من مدَّ يده نال ما يطلب. ولا كل من ادَّعى سلُّم له دعواه. ولا كل من دعا أجيب. ولا كل من قرع دخل. ولا كل من استرق السمع سلم. ولا كل من استعفي أُعفي. ولا كل من قال بدا لي تُرك. ولا كل من استرحم رُحم. ولا كل من تعرَّض استخدم. ولا كل من وصل نُودم. ولا كل مَن بَعُد عُدِم، ولا كل من سأل حُرِم. ولا كل من أَلْحَف أُعطي. ولا كل من بكى أُرْضي، ولا كل من خطب زُوِّج. ولا كل من مَلَك تُوِّج. ولا كل من رَجا أدرك. ولا كل من مُنع خاب. ولا كل من قدم فقد أُكرم. ولا كل من أُخِّر فقد أهين. ولا كل من سَبَح غرِق. ولا كل من خُوِّف فَرِق. ولا كل من أُومن اطمئنَّ. ولا كل من دُلي ارجحنَّ. ولا كل من توسَّل قُبل. ولا كل من التمس نُوِّل»، السابق، ص٢١.
٤٨١  «يعاتبك فلا تُعتب، ويدعوك فلا تجيب. وينعم عليك فلا تشكر. ويبتليك فلا تصبر. وبُحضرك قدرته فلا تبصر»، الإشارات، ص٣٣.
٤٨٢  «إلهنا، إن ذكرناك أنسيتنا، وإن أشرنا إليك أبعدتنا، وإن اعترفنا بك حيَّرتنا، وإن جحدناك أحرقتنا، وإن توجهنا إليك أتعبتنا، وإن ولينا عنك دعوتنا، وإن تركناك أزعجتنا، وإن توكلنا عليك أكلفتنا، وإن فكرنا فيك أضللتنا، وإن انتسبنا إليك نفيتنا، وإن أطعناك ابتليتنا، وإن عصيناك عذبتنا، وإن انقبضنا عنك بسطتنا، وإن انبسطنا معك طردتنا»، السابق، ص١٩٣.
٤٨٣  «فالسوانح فيك لا تملك، والغايات منك لا تدرك، والحنين إليك لا يسكن، والسلو عنك لا يمكن»، السابق، ص١٩٣.
٤٨٤  «فارحمنا في بلوانا بك، واعطف علينا في صبرنا معك، والطُف بنا لانقطاعنا إليك، وعاملنا بالكرم الذي أمرتنا باستعماله بين خلقك»، واصرِف عنا كل صارف عن بابك. وأَجِل نواظرنا فيما برز بقدرتك، وخواطرنا فيما بَطَن من حكمتك. وإذا دعوناك فأحببنا. وإذا دعونا إليك فأعنَّا. وإذا استجرناك فأجرنا. وإذا أعطيتنا فهنئنا. وإذا حرمتنا فصبِّرنا. وإذا أذنت لنا فأوصِلنا. وإذا أطعمتنا فصِلْنا. وإذا كددتنا فأرِحْنا»، السابق، ص١٩٣.
٤٨٥  «لا سر إلا وهو متهم. ولا قائل إلا وهو متوهم. ولا سامع إلا وهو كظيم. ولا عامل وهو مُليم، ولا قلب إلا وهو سقيم. ولا لائم إلا وهو ملوم. ولا واجد إلا وهو عديم. ولا غني إلا وهو فقير، ولا عظيم إلا وهو صغير. ولا كثير إلا وهو قليل. ولا صحيح إلا وهو عليل، ولا قريب إلا وهو بعيد، ولا هيِّن إلا وهو شديد، ولا عالم إلا وهو جاهل. ولا عاقل إلا وهو ذاهل. ولا آمن إلا وهو واهل. ولا ريان إلا وهو ناهل، ولا مصرور إلا وهو باهل»، الإشارات، ص٢٢-٢٣.
٤٨٦  «فدائي من ورائي، وعلتي من طبيبي، وبلائي من نعيمي، وفنائي من حبيبي»، الإشارات، ص٥٣.
٤٨٧  السابق، ص٦٠-٦١، ٧٧.
٤٨٨  «فاجتهد أن تتصفح عالم ربك المجيد فتصرف منه ما بطن وما ظهر، وما أعلن وما استتر، وما جل وما دق، وما فعل وما انفعل، وما نطق وما صمت، وما ضر وما نفع، وما دب وما مشى، وما انتصب وما انتكس، وما ضاق وما اتسع، وما استدار وما استقام، وما اختلف وما ائتلف، وما صعد وما هبط، … وما حسن وما قبح، وما أنس وما نفر، وما عاد وما فر، وما انتظم وما التأم، وما خصب وما أجدب، وما أعوج وما اعتدل، وما أراد وما كره، وما قرب وما بعد، وما بلي وما بقي، وما سعِد وما شقي، وما نزل وما رقي، وما اختلط وما استقل، وما احتاج وما استغنى، وما نمى وما نقص، وما طار وما سبح، وما حاق وما بَطَل، وما صفا وما كدر، وما رطب وما يبس، وما زان وما شان، وما كان وما يكون، وما لم يكن ولا يكون»، السابق، ص٩٩-١٠٠. لأنك أولنا وآخرنا، وغائبنا وحاضرنا، ومالكنا وناصرنا، وباطننا وظاهرنا، وطالعنا وغاربنا»، السابق، ص١٥١.
٤٨٩  «أما ترى ضيعتي في تحفظي؟ أما ترى رقدتي في تيقظي؟ أما ترى تفرقي في تجمعي؟ أما ترى غصتي في إساغتي؟ أما ترى دعائي لغيري مع قلة إجابتي؟ أما ترى ضلالي في اهتدائي؟ أما ترى رشدي في غيبي؟ أما ترى عِيي في بلاغتي؟ أما ترى ضعفي في قوتي؟ أما ترى عجزي في قدرتي؟ أما ترى غيبي في حضوري؟ أما ترى كموني في ظهوري؟ أما ترى ضعفي في شرفي؟ أما ترى سخافتي في زماتتي؟ أما ترى غشي في نصيحتي؟ أما ترى عنائي في راحتي؟ أما ترى دائي في دوائي؟ أما ترى بلائي في موالاتي؟»، السابق، ص١٠٤.
٤٩٠  «إن وصالهم صَرْم، وحبهم بُغض، وبِرَّهم جفاء، وعطفهم صدود، ومسالمتهم حرب، وإقبالهم كرب، ونوالهم حرب، والفكر فيهم عطب»، السابق، ص٣١٨.
٤٩١  «فغِّلب إلهنا رجاءنا على يأسنا، وغيِّب خوفنا في أثناء أمننا. واهتف بنا إذا سهونا. وأيقظنا إذا رقدنا. وادعُنا إذا أخرنا. وارؤف بنا إذا ضعفنا. وشرفنا إذا اتضعنا. وارونا إذا ظمئنا. وأوقدنا إذا طفئنا. وأطِبنا إذا خبثنا. وتألفنا إذا شردنا. وتكرم علينا إذا لؤمنا. وذكِّرنا إذا نسينا. ولطِّفنا إذا كثفنا. وفي الجملة قربنا منك إذا بعدنا عنك. وصلنا بك إذا انقطعنا عنك»، السابق، ص٢١٧-٢١٨.
٤٩٢  «وصار الخشن ناعمًا، واليابس لدنًا، والقفا وجهًا، والمعدوم موجودًا، والبعيد قريبًا، والنازل صاعدًا، والمختلف مؤتلفًا، والكثير واحدًا، والغائب شاهدًا، والصادر واردًا، والذام حامدًا، واللاهب خامدًا»، الإشارات، ص٥٣-٥٤.
٤٩٣  «صار الدواء داء، والأسو جراحًا، والعطاء سلبًا، والبلاغة عِيًّا، والرشاد غيًّا، والنشر طيًّا، والقبول ردًّا، والوصال صدًّا، والتمام نقصانًا، والرجحان وَكْسًا، والتوجه استدبارًا، والتبسم استعبارًا، والربح خسرانًا، والزيادة نقصانًا، والرضا سخطًا، والأمر فُرُطًا، والمستقيم محالًا، والثابت حراكًا، والطاعة ذنبًا، والإجابة قلبًا، السابق»، ص٢٠٦.
٤٩٤  ولم يبق لأهله مسكن إلا خَرِب، ولا ماء تيمن إلا نضب، ولا متاع إلا بار، ولا ثمد إلا غار، ولا حي إلا مات، ولا مطلوب إلا فات، ولا باب إلا أُرْتِج، ولا لسان إلا لجلج، ولا قول إلا بُهرِج، ولا مرعى إلا أُمْرِج»، السابق، ص٤٩.
٤٩٥  ألا ليسرع مذنب. ويُقلع مُصِر. ويستبين ضال. ويتقومَّ زائغ. ويعتدل رائغ. ويهتدي تائه. ويلين قاسٍ. ويتذكر ناسٍ. ويتواضع مستكبر. وينتبه نائم. ويصحو مُنْتشٍ، ويصفو سر. ويطيب قول. ويطهُر عمل. ويقصُر أمل. ويتجدد شَمْل. وينفع عدل»، السابق، ص٣٥.
٤٩٦  «وانظر بأي فضل خصَّك؟ ومن أي حال خلَّصك؟ وإلى أي درجة رقَّاك؟ وبأي رتبة حلَّاك؟ وإلى أي كهف آواك؟ وبأي سر ناجاك؟ وبأي غيب ناغاك؟ ومن أي شر وقاك؟ ولأي غاية بقَّاك؟ وبأي تاج توَّجك؟ وإلى أي حظ هيجك؟ وأي ملك قيَّدك؟ وأي مشرب صفا لك؟ وبأي لطف حاشك؟ وبأي شيء سكر جاشك؟ وبأي صُنْع أزال استيحاشك؟ وبأي صرعة انتاشك؟ ولأي أمر أعاشك؟»، السابق، ص٣٥-٣٦.
٤٩٧  «وإن التفت إلى نصيبك من الله أقبل الله عليك. وإن حاسبت نفسك لله أغضى الله عنك. وإن وهبت نفسك لله حفظها الله لك. وإن تواضعت لله رفع الله قدرك. وإن جنحت للسَّلم تقبل الله منك. وإن لُذت بالله عطف الله عليك. وإن شكوت ما بك سمع الله شكواك. وإن ادعيته صادقًا أو كاذبًا لم يفضحك في دعواك»، السابق، ص٣٧.
٤٩٨  «من قرع باب الله ولج، ومن طلب ما عند الله ادَّلج. ومن توجَّه إلى الله استسلم. ومن طلب المكانة العليَّة عند الله استعصم. ومن ذاق ما لدى الله استحلاه. ومن اشتاق إلى ما وعد به استخلاه»، السابق، ص٣٢٨.
٤٩٩  إذا عطشنا فرونا، وإذا ضعفنا فقونا، وإذا اعوججنا فسونا. وإذا ضجرنا فآونا. وإذا اعتللنا فداونا. وإذا كدرنا فصفنا. وإذا دنسنا فنقِّنا. وإذا أفسدنا فاستصلحنا. وإذا أنكرناك فعرفنا. وإذا جهلناك فعلمنا. وإذا تعسرنا عليك فسهلنا. وإذا افتقرنا فأغننا. وإذا بنا منك فصلنا بك، وإذا التوينا عليك فقومنا»، السابق، ص٦٣-٦٤. وهي ابتهالات تشبه ابتهالات القديس والسليم في «الإيمان باحثًا عن العقل»، نماذج من الفلسفة المسيحية، الأنجلو المصرية، القاهرة، ص١٠١–٢٠٦.
٥٠٠  «يا حافظ الأسرار، ويا مسبل الأستار، ويا واهب الأعمار، ويا منشئ الأخبار، ويا مولج الليل في النهار، ويا مصافي الأخيار، ويا مداري الأشرار، ويا منقذ الأبرار من النار والعار …»، السابق، ص١.
٥٠١  «قد بلينا فجدِّدنا. وتلينا فسددنا، ونُكِبنا فأنعشنا، وانجردنا فرمِّشنا، وتعسرنا فسهلنا، وتعقدنا فحلِّلنا، ونُكِّرنا فعرِّفنا، وجُهِّلنا فعلِّمنا وقلقنا فسكنا، واستوحشنا فآنسنا، وبَعُدنا فقرِّبنا، وتبنا فاقبلنا، وبدنا فكونا، وضعفنا فقِّونا، وزهدنا فرغِّبنا، ورغبنا فزهدنا، وسلونا فشوِّقنا، وأصبنا فعزِّنا، وضللنا فاهدنا، وعُطلنا فحلنا، وأغفلنا فسمنا، وخذلنا فانصرنا، وهبطنا فرقِّنا، ووقعنا فخلصنا، وعصينا فارحمنا، وبُذلنا فصنا، وزُغنا فقوِّمنا، واعوججنا فسونا. ورقدنا فأيقظنا، وسألنا فأعطنا، وقصَّرنا فاحتملنا»، السابق، ص١٥٠.
٥٠٢  المعية الزمانية Synchronism، التوالي الزماني Diachronism.
٥٠٣  «أما حالي فسيئة جدًّا كيفما قلبتها لأن الدنيا لم تؤاتني لأكون من الخائضين فيها. والآخرة لم تغلب عليَّ فأكون من العاملين لها. وأما ظاهري وباطني فما أشد اشتباههما لأني في أحدهما متلطخ تلطخًا لا يقربني من أجله أحد. وفي الآخر متبدخ تبذخًا لا يُهتدى فيه إلى رشد. وأما سري وعلانيتي فممقوتان بعين الحق لخلوهما من علامات الصدق، ودنوهما من عوائق الرق. وأما سكوني وحركتي فآفتان محيطتان بي لأني لا أجد في أحدهما حلاوة النجوى. ولا أعرى في الآخر من مرارة الشكوى. وأما انتباهي ورقدتي فما أفرق بينها إلا بالأسر الجاري على العادة. ولا أجمع بينهما إلا بالوهم دون الإرادة. وأما قراري واضطرابي فقد ارتهنني الاضطراب حتى لم يدع فيَّ فضلًا للقرار. وغالب ظني أني قد علقت به لأنه لا طمع لي في الفكاك، ولا انتظار عندي للانفكاك. وأما يقيني وارتيابي فلي يقين ولكن في درك الشقاء. فحتى يكون يقينه هكذا كيف يكون خبره عن الارتياب؟»، السابق، ص١٨.
٥٠٤  الحكم بأنه فارسي الأصل آري الجنس تصنيف عرقي للمؤلفين، بدوي، ص ج.
٥٠٥  «فهذه بيناتي في محنتي، وآياتي في فتنتي»، السابق، ص٢٧.
٥٠٦  مثل: أبو عمرو بن العلاء اللغوي، داود الطائي، يوسف بن أسباط، أبو سليمان الداراني، سفيان الثوري، أبو سعيد السيرافي، بدوي، ص لج.
٥٠٧  «أيها المغرور عن تصاريف الأيام ما أغفلك! أما تعتبر بمن كان قبلك؟! ألهاهم الأمل فهم ساهون. وغرتهم الأماني وهم غافلون. واخترمتهم يد المنون وهم يلعبون. واعتورتهم الأيام بكرِّ صروفها وهم يمرحون. لقد ناداهم ذو الجلال بالتنبيه لو كانوا يسمعون … أنذرتكم الأيام بعبرها فلم ترتدعوا. وأرتكم الليالي تغلبها بأهلها فلم تنتفعوا. ونادتكم الدنيا بترك السكون إلى لذاتها فلم تستمعوا، خدعتكم الشهوات فملكتكم. وغرتكم الأماني فأهلكتكم. وسباكم الشيطان من أوطانكم فباعكم في أرض أعدائكم بثمن بخس. فخسرتم وربح عليكم. فبقيتم في بلاد الغربة حيارى متلذذين، بلا أنس ولا سلوة … غرقتم في بحار الغرور …»، السابق، ص٣٢٣-٣٢٤.
٥٠٨  «يا أكلة الحرام، وحملة الآثام، وسفلة الأنام، النجاء النجاء، فقد أظلكم علم الانتقام، وفاتكم من الله الخلود في جوار الله والدوام»، السابق، ص٢٨١.
٥٠٩  «فإذا تعاونا على هذه الأحوال الحسنة في هذا الزمان الذي قد عاد الإسلام فيه غريبًا كما بدأ غريبًا كنا نجوم الأرض وأعلام الخلق»، السابق، ص٣١٠.
٥١٠ 
قلبي إلى ماضرني داع
يُكثر أحزاني وأوجاعي
كيف احتراسي من عدوي إذا
كان عدوي بين أضلاعي
السابق، ص٢٨٣.
هذا فؤادي وطرفي
قد سببا لي حتفي
فكيف أحذر يا قو
م من فؤادي وطرفي
السابق، ص٢٨٣.
٥١١  «فإن من ألف الشكوى يُغِذُّ من البلوى على البلوى»، السابق، ص٣١٤.
٥١٢  السابق، ص٢١٤-٢١٥.
٥١٣  «أشكوك إلى الله الواحد الصمد. فالويل لمن رفع بثه إلى غير الله. ويئس بجهله مما عند الله. وظن أن له فرجًا لا بالله»، السابق، ص٣٩١.
٥١٤  «فاعطف على شيخ قد تحكم فيه البلوى. وأقام بين الحياة والردى. لا يذوق أحدهما على تمامه. فيكون في ذلك روحه ونعيمه أو ما يحزن عليه صديقه وحميمه»، السابق، ص٧٥.
٥١٥  وسآخذ في حديثي وما يختص بشأني وينتمي إليه أمري. وأعلمك أني في حساب لا ينتهي، وعتاب لا ينقضي لأني ألوح كالبرق المنتشر، فلا أضيء ولا أستضيء. أتوارى في الظلام كالمستتر فلا أَغْنى ولا أُغني. وقد عرفت آفتي، ووقفت على علتي، وفطنت بمحنتي وهي أشياء: فأعلاها وأعداها الكون لأنه محط البلاء، ومغار الحدثان، ومجلب الصروف، وفرض الغير، وعمق الكد، وأول الغيظ، وثاني الأفكار، وثالث المحو. فأما أدناها وأدباها فطلبي للمحال، وتعللي بالفاني، وانخداعي بالعارض، وإعراضي عن النفيس، وندائي على نفسي باسم التمام وأنا عين النقصان، وجرأتي على الدعوى بفقد البرهان، وتشردي في القول مع ضعفي وتقصيري في الفعل، وإطالتي الهذيان على غير وزن ولا تحذير»، السابق، ص١٩٩-٢٠٠.
٥١٦  «إلى الله تشكو ما أحل بنا منا. فقد والله ظلت البلوى، واشتدت النجوى، وقلت الدعوى. فإنه أولى من شُكي إليه، وأحق من تكل عليه»، السابق، ص٢٦٨.
٥١٧  «إن تكلفتُ لك وصفي ووصف زماني وزمانك، وما قد دفعنا إليه في شأني وشأنك كان ذلك شاغلًا للوقت عما هو أولى به، وأعود إلينا بالجدوى منه. فتعالَ حتى لا نشتكي ولا نتألم، ونهب أنفسنا لبلايا غير هذه. فمن قليل تنتقل إلى ما تعلم وأعلم. فليس بين المروءة أن نشكو صديقًا إذا قصَّر. ولا من عزة النفس أن تجزع من عدو وإن بالغ. وما فقر أيام، وبؤس ساعات، وتغير إخوان ثقات وغير ثقات حتى يصح هذا الصحيح، وننعي زماننا بالأسى على ما فات»، الإشارات، ص٢١٩.
٥١٨  رسالة «يا»، السابق، ٧٨–٨٦.
٥١٩ 
إن الغريب بحيث ما
حطَّت ركائبه ذليل
ويد الغريب قصيرة
ولسانه أبدًا كليل
السابق، ص٧٩.
٥٢٠ 
وما جزعًا من خشية البين أخضلت
دموعي ولكن الغريب غريب
السابق، ص٧٩.
٥٢١  «اغترب عن وطنك المألوف بالعزم الصحيح إلى وطنك بالتحقيق»، السابق، ص٢٣٧.
٥٢٢ 
ليهنأ العيد، من له وطن
يأوي إليه، ومن له سكن
ومن له الأهل والبنون ومن
بلاده منه منزل قمن
لا المفردين المطردين ومن
يعتاده الهم فيه والحزن
السابق، ص٢٣٩.
قالوا سررت بيوم العيد؟ قلت لهم
ولا علمتُ به، والواحد الصمد
لما تيقنت أني لا أعاينكم
غضضت طرفي فلم أنظر إلى أحد
السابق، ص٢٤٠.
٥٢٣  السابق، ص٧٩-٨٠.
٥٢٤  «وقد قيل: الغريب من جفاه الحبيب. وأنا أقول: بل الغريب من واصله الحبيب بل الغريب من تغافل عنه الرقيب. بل الغريب من حاباه الشريب. بل الغريب من نودي من قريب. بل الغريب هو من في غربته غريب. بل الغريب من ليس له نسيب. بل الغريب من ليس له من الحق نصيب، السابق، ص٨٠.
٥٢٥ 
بم التعلل؟ لا أهل ولا زمن
ولا نديم ولا كأس ولا سكن
السابق، ص٨١.
٥٢٦  «وأغرب الغرباء من صار غريبًا في وطنه. وأبعد البعداء من كان بعيدًا في محل قربه»، السابق، ص٨١.
٥٢٧  السابق، ص٨٢.
٥٢٨ 
وإن اغتراب المرء من غير حاجة
ولا فاقة يسمو بها لعجيب
وحسب امرئ ذلًّا وإن أدرك الغنى
ونال ثراء أن يقال غريب
٥٢٩ 
لكل ولاية لا شك عزل
وأمر الناس عقد ثم حل
السابق، ص٤٠٦.
وطالب حاصد ما ليس يدركه
ومُدرك ما تمنى غير مجتهد
لرب مدخر ما ليس آكله
ومستعد ليوم ليس في العدد
السابق، ص٤٠٧.
٥٣٠  «وأين الدواء، والعلة هذا عضالها؟ اليأس، اليأس، القنوط، القنوط، الويل، الويل»، السابق، ص١٥٧.
٥٣١  «كيف أتكلم والفؤاد سقيم؟ أم كيف أترنم والخاطر عقيم؟ أم كيف أصبر والبلاء شامل؟ أم كيف أجزع والعناء حاصل؟ أم كيف آنس بالصديق والصديق مداج؟ أم كيف أسلو عن الإلف والإلف متاح؟ أم كيف أثق بما نسمع من الخبر وقد كذبني ما حقق بالعيان؟ أم كيف أسكن إلى الانتباه وقد أقلقه المنام؟ أم كيف أستريح إلى المنام وقد لعبت بي الأحلام؟»، السابق، ص٣٠٥. «الضلوع مشوبة بالأسى والحزن، والأكباد متهرية بأنواع الآفات والسقم، والأرواح ذائبة بضروب الحسرة واليأس»، السابق، ص٣٠٦ «فالسلم حرب، والروح في كرب، والمستقيم معوج، والخاطئ على الساحل ملتج، والوقت كدر، والزمان غَبِر، والراجي قانط، والصاعد هابط»، السابق، ص٣٠٦.
٥٣٢ 
دع الدهر يجري بمقداره
ويقضي عجائب أوطاره
ونم نومة عن ولاة الأمور
وثق بالزمان وأدواره
لعلك ترحم ما قد غبطت
وتعجب من سوء آثاره
السابق، ص٤٠٧.
٥٣٣ 
صرت كأني ذبالة نصبت
تضيء للناس وهي تحترق
السابق، ص١٠٦.
وهو نفس معنى الأغنية الشهيرة لحسين السيد، وتلحين محمد عبد الوهاب «أنور شمعتي لغيري ونورها كاوية أحضاني».
٥٣٤  «حتى أصف لك تصاريف حالي ومتقلب أمري، وجميع ما يدل على سكري وشكواي، وراحتي وبلواي، مقيتًا فيها ومقتدرًا عليها، ومطلعًا على غامضها وواضحها، ومميز لثابتها من سانحها …»، السابق، ص٦. «تسألني فيه عن حالي. وتستنطقني به عن ظاهري وباطني، وعن سري وعلانيتي، وعن سكوني وحركتي، وعن انتباهي ورقدتي، وعن قراري واضطرابي، وعن يقيني وارتيابي، وعن تقاعسي وانتصابي، وعن عللي وأوصابي، وفي الجملة عن جميع أموري وأسبابي. وفهمته بالشرح والتفصيل على ما بي من بلائي وعذابي …»، السابق، ص١٧، «وبقي الاستكمال بكل شارد وإن خفي على أهل العصر»، السابق، ص٢٨.
٥٣٥  «يا تجار الآخرة أبشروا بالأرواح الفاخرة. يا مساكين الدنيا، ابشروا عند المولى بالغنى والمنى …»، السابق، ص٤٤.
٥٣٦  «أخلق الدين، وعمت الفحشاء، وأفسد العلماء، وفشا الجهل، وظهر الغي، وتكاشف الناس، وفقد الصدق، وغلب الجهل، وكثرت الجرأة، وصار ذكر الله لغوًا على الألسنة، وقوت القلوب من الفكر بين السيئة والحسنة»، السابق، ص١٤٦.
٥٣٧  «يا تجار الآخرة، أبشروا بالأرواح الفاخرة. لا تمهر الدنيا دينك فإن من مهر الدنيا دينه رفت إليه بالندم والسقم والألم»، السابق، ص٢٥٠.
٥٣٨  «الوقت كدر، والأمر عكر، والحال قذر، والقول مكرر، والفعل منكر، والبناء مهور، والوجه وقح، والخلق رتح، والغفلة غالبة، والأحداث سالبة»، السابق، ص١٤٨.
٥٣٩  السابق، ص٢٠٧-٢٠٨.
٥٤٠  السابق، ص٢١٣.
٥٤١  السابق، ص٨٧. واسمع شجو لبيب كره المقام في هذه الدار التي قد امتلأت بالذئاب (وكما يقول هوبز).
٥٤٢ 
نظرت فلم يعلق بعيني سوى القذى
وجُلت فلم أجلب لنفسي سوى الأذى
ولم أر وجهًا مستحقًّا ﻟ «مرحبًا»
ولا وجه أمر مستحقًّا ﻟ «حبذا»
رأيت شرار الناس يمضون حكمهم
على الجانب الأدنى إلى الشر منفذا
ويسعون فيه نحو أبعد غاية
وإن كان وجه الخير أقرب مأخذا
وواصلتهم حتى سئمت فلم أجد
سوى هجرهم من وصلهم لي منفذا
يعدون عند السخط حلمي مهانة
ويسمون يوم الحفل عارضتي بذا
ويعلون من أرخى لهم من عنانه
بسوط، ويستخذون للمرء ذي الشذا
فقد ترك الوعظ اللبيب لأنه
إذا هُذ قول البر ظنوه قد هذا
وما يصنع العين السليم بشحذه
إذا لم يجد في جانب السيف مشحذا
فحد نائيًا عن سمتهم متحررًا
وسر بينهم من شرهم متعوذا
وعش هكذا طول الحياة فربما
سلِمْتَ عن الأشرار إن عشت هكذا
وصل حيوان الأرض لا من ارتدى
على صورة الإنسان منها أو احتذى
فإن تبلُ هذا الجنس تبل أشدها
خبيئة أحقاد وأبلغها أذى
السابق، ص٨٨-٨٩.
٥٤٣ 
هون عليك فإن الدهر غايته
إبرام منتقض أو نقض منبرم
٥٤٤  «هل عاند الدهر إلا من له خطر؟»، السابق، ص٤٠٥.
٥٤٥  «إن الجملة المأخوذة علينا المشوقة بالعقل والشرع إلينا: لوقوف على المقاصد بحقائقها من غير ريب يقدح، ولا شبهه تسنح. وقد سَلِمت هذه الجملة في البديهية واستمرت لكنها خلقت في الرؤية واقشعرت لأن البديهة تشبثت لحكم القول والتسليم للفطرة الحانية إليه، والعادة الثانية إليه، والكمال المرجو منه، والاحتياط الحاكم به». السابق، ص٢٠٠-٢٠١.
٥٤٦  «لن يصفو العمل حتى يصح العلم. ولن يصدق الخبر حتى يتحقق البيان. ولن تفيض الحكمة حتى تطول التجربة. ولن يحمد الذكاء حتى يسلم الطبع. ولن يجدي القول حتى يتصل الفعل. ولن يُعتبد الحر حتى يُزال عنه الضر. ولن يُملك الإنسان حتى يُفخر بالإحسان. ولن يتحلى بالخير حتى يتعرى من الشر. ولن توجد القناعة حتى يُعدم الحرص. ولن يؤلف الكمال حتى يُرفض النقض. ولن يعرف حلو السعادة حتى يذاق مر النحس. ولن يُهتدى إلى المعروف حتى يُضل عن المنكر، ومن يُعرف الحق حتى يتبرأ عن جميع الخلق. ولن تُسكن طرق الحرمان حتى يُتمكن من برد الوجدان. ولن تنقطع سلسلة الهمدان حتى يدرك الثأر من الزمان»، السابق، ص٢٠١.
٥٤٧  «وهذا واضح عند من له خبرة يسيرة وتجربة قصيرة. أعني أن الإنسان يعلم بأدنى تماسك يرجع إليه وأقل سبب من التمييز يتعلق به، أن الهم الأكبر إذا كان واحدًا تلاحقت به القوى، وساعد على رفده النهى …»، السابق، ص٢٤٦.
٥٤٨  «والعجب أيها العالم الفقيه، والأديب النحوي تتكلم في إعرابه وغريبه، وتأويله وتنزيله، وقصته وشأنه، وكيف ورد، وبأي شيءٍ تعلق، وكيف حكمه فيما خص ودعم، ودل وشمل، وكيف وجهه، وكيف ظاهره وبطنه، ومشتمله ورمزه، وماذا أوله وآخره، وأين صدره وعجزه وكنايته وإفصاحه، وكيف حلاله وحرامه، وبلاغته ونظامه، وغايته ودرجته ومقامه، ومن قرأ بحرف كذا وبحرف كذا ثم لا تجد في شيء مما ذكر شك به ووصفتك فيه ذرة تدل على صفاتك في حالك، وإدراكك ما لك. بل لا تعرف حلاوة حرف منها. ولا تزال موجودًا فيما دعيت إليه أوساطها ونواحيها، فعلمك كله لفظ، وروايتك حفظ، وعملك كله رفض. وتبرعك كله نقض. ودعواك كلها وقاحة. وخُلقك كله وقاحة، وسرك كله خبيث، وسيرك في الباطل حثيث، وجهرك نفاق، وباطنك شقاق، وذكرك حيلة، وسكوتك غيلة. ومعاملتك افتلاس، وأمانيك أدران وأدناس، ووعظك خديعة. وانقطاعك ريح، وبغضك غثاء، وكلك هباء، وعبادتك رياء، وحضورك غيبة، وآخر أمرك غيبة كأنه ليس لك إلى الله أوبة لأنك بنيت أمرك كله على المكر والقيلة وعلى الغش والمكيدة، وعلى الهوى والملومة، وعلى الخاسة والنجاسة، وعلى الجهالة والنذالة، وعلى طلب العاجلة دون الآجلة …»، السابق، ص٣٩-٤٠.
٥٤٩  الرعاية لحقوق الله، ص٦٠٨–٦٢٧، رسالة في التصوف، آداب السالكين، ص١٨٢–١٨٦.
٥٥٠  المحاسبي، رسالة في التصوف، دار المروة، القاهرة، ١٩٩٦م.
٥٥١  المحاسبي: رسالة التصوف، ص١٢٩–١٨٦.
٥٥٢  السابق، ص١٢٩.
٥٥٣  السابق، ص٢٩.
٥٥٤  تسبقه مقدمات طويلة (ص أ-ط، ١–١٢٨) لغرض الترقية لأساتذة الجامعات.
٥٥٥  «ما استعان أحد على نفسه وأحرز دينه بمثل المراقبة. وبه نالوا الحياء من الله تبارك وتعالى. وهي باب المعرفة»، رسالة في التصوف، ص١١٩.
٥٥٦  وهي الحلف بالله صدقًا وكذبًا، الكذب جدًّا أو هزلًا، خلف الوعد، لعن خلق الله، الدعوة على أحد من الخلق، القطع بالشرك أو التكفير لأحد، النظر والغمز واللمز، الاحتياج إلى أحد، الطمع فيما بأيدي الآدميين، استكمال البر والمعرفة والعز من الله والخلق، السابق، ص١٥٦-١٦٦.
٥٥٧  السابق، ص١٧٥–١٨٢.
٥٥٨  السابق، ص١٨٢–١٨٦.
٥٥٩  مثال ذلك ألا يتعرض الإنسان لما لا يعنيه، ولا يتكلف فوق ما لا يكفيه، ولا يأخذ أكثر مما يحتاج إليه، ولا يدع ما وكل إليه حفظه. يرتاح معه الناس وهو في نفسه تعب. آفات الورع حرصه، والفضول بلاء. والاشتغال بإصلاح الحال، ومراعاة هم الذات، السابق، ص٤٦.
٥٦٠  وذلك يتطلب إقلال الحوائج من الناس، ومخالقتهم بخلق حسن، والحب للناس ما يحبه الإنسان لنفسه، ويكره ما يكرهه لنفسه، ولا تكشف عورات الناس، وحسن الأدب في المخالطة، تأديب الأهل، عدم الغضب للنفس على الناس بل لله على النفس، عدم مكافأة أحد بإساءة، والعفو عمن ظلم، وإعطاء من حرم، ووصل في الله من قطع، وبذل النفس والمال في سبيل الإخوان، والرحمة بالمؤمنين، والإشفاق بالناس بعد أن يسلم الدين، والحذر من المراهنة، ورعاية حقوق المولى في الدين، وتنزيه ذكر الله عن إضافة المكاره، وعدم تعظيم فعل المعروف، أو تحقير صغير من المنكر، السابق، ص٥٠-٥١، ١٣٠، ١٣٥-١٣٦، ١٣٨، ١٤٠-١٤٣، ١٥١، ١٦٤-١٦٥.
٥٦١  فالنصيحة لله وللمؤمنين وللائمة والعامة في نفس الوقت، والنصيحة علامة على الحب، والمراهنة علامة على الغش، وقبول النصيحة من علامات الأخوة، وأصل الطريق هو الالتزام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالصدق وتقديم العلم على حظوظ النفس والاستغناء بالله عن جميع خلقه، وبذل الجهد عند المشورة، ومشاورة من يخشون الله، وعدم مصادقة إلا الأتقياء العلماء، وعدم مخالطة إلا العقلاء ذوي البصيرة، والاقتداء بالأئمة السابقين والتعليم للأئمة القادمين، وعدم نشر الحديث عند من لا يريده، وعدم عرض الدين لمن يبغضه، وعدم مخاطبة بالعلم ما يتجاوز العقول، وعدم الحياء بعدم العلم أفضل من القول فيما لا يُعلم، عدم التعرض لبلاء فوق الطاعة، إكرام النفس حين إهانتها، وتنزيه الهمة عند دناءة الأخلاق. عدم مؤاخاة إلا الأمناء، وعدم إبداء الأسرار لكل الناس، وعدم مجاوزة المرء حاله، وعدم الدخول في أمر لم يُدع إليه الإنسان. توقير مجالس العلماء، ومعرفة قدر الحكماء، والإعراض عن الجهال، والحلم عن السفهاء، ونصرة الأخ المظلوم، ورد الأخ الظالم، وإعطاء الأخ حقه وعدم مطالبته بحق النفس، وعدم ترك المكافأة والصنائع، والتيسير على الغريم، والرفق بالأرملة واليتيم، وإكرام الصابرين من الفقراء، والرحمة لأهل البلاء من الأغنياء، وعدم حسد أحد على نعمة. وغلق باب الطمع بالإياس، واستفتاح باب الغنى بالقناعة وتنزيه ذكر الله عن إضافة المكاره، وتسفيه حق الناس سم قاتل. وعدم ذكر أحد بغيبة، وعدم الظن بأحد سوء المسألة وفتح باب حسن الظن بسعة التأويل. واعتزال خوف السقوط من أعز الناس خوفًا من مقتهم، والحذر من أخلاق الجاهلين ومجالسة المذنبين ودعاوى المعجبين ورجاء المفترين ويأس القانطين، السابق، ص٧٠-٧١، ١٠٠-١٠١، ١٣١–١٣٣، ١٥٢.
٥٦٢  باب ما يجوز للعبد من حبه لمحبة الناس له، السابق، ص٣١٩-٣٢٠، باب ما يصح للعبد من غمه عندما يظهر للخلق من ذنوبه، السابق، ص٣٢١-٣٢٢، باب في ستر المعاصي عن العباد وإن اطلع الله عليها، السابق، ص٣٢٣، باب ما يستحب فيه الحياء وما يكره فيه، السابق ص٣٢٤–٣٢٨، باب من أين ينبغي للعبد أن يكره ذم المسلم له ومن أين لا يكرهه؟ السابق، ص٣٢٩-٣٣٢، كيف يكون قلب الصادق عند كراهية المنزلة عند المخلوقين وحبه لاحتمال ذكره، السابق، ص٣٣٣–٣٣٥، باب استواء الحمد والذم في قلب العبد، والفرق بين حبه لنفسه ولربه عز وجل، السابق، ص٣٣٦–٣٣٩، باب في الرياء للوالدين ليرضيا وللعلماء ليستفيد به علمًا، السابق، ص٣٤٠-٣٤١، باب الرجل يحضر القوم يصلون، فتحضره نية للعمل وإن لم يكن يفعل ذلك في خلوة أو يكون فلا يجد إلا البكاء، السابق، ص٣٤٢–٣٤٩، فصل فيما ينفى به التصنع للمخلوقين في التصنع والحزن، السابق، ص٣٥٠–٣٥٣، باب ما قالوا في علامة صدق الخاشع لله عز وجل إذا رمقته أيضًا العباد، السابق، ص٣٥٤–٣٥٨، باب الرجل يكون له صاحبان أحدهما غني والآخر فقير، فيكثر زيارة الغني وبره دون الفقير، كيف السلامة من ذلك له، ومن أين فساده، السابق، ص٣٥٦-٣٥٧. وذلك مثل: ستر معاصي الإنسان أفضل من كشفها للآخرين بالرغم من اطلاع الله عليها، ويستحب الحياء ويكره في أفعال معينة إلا أن الحياء كله خير وهو غريزة كريمة من الله ولا صلة له بالرياء، ويكره للإنسان ذم المسلمين له. وإن كرهه فلربما لذم الله له أو إشفاقًا عليهم أن يعصوا الله فيه، وقد تكون نفس الصادق سخية عند كراهية المنزلة عند المخلوقين وحبه لاحتمال ذكره، والزهد في حمد الناس له، وقد يستوي الحمد والذم في قلب الإنسان إذا ما قام بواجبه مثل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا يجوز رياء الوالدين بل طلب الرضا والعفو لهما. ولا يجوز رياء العلماء للاستفادة من علمهم بل تقوى الله، وإذا حضر إنسان قومًا يصلون فحضرته نية المشاركة وإن كان في خلوته لا يجد إلا البكاء فإن صلاته تكون صدقًا لأن العمل متواصل بين الناس أو بلغة العصر هو «عمل تواصلي» إلا إذا كان متصنعًا إحراجًا أو تخوفًا، وهو نفس حال المحلوقين أو أصحاب اللحى في التصنع، علامة صدق الخاشع أنه لا يتغير حتى ولو رمقته كل أنظار العباد، ولا يجوز زيارة صديق غني وبره أكثر من زيارة فقير وبره.
٥٦٣  الرعاية لحقوق الله، ص٣٦٠–٣٨١.
٥٦٤  باب في العبد يعزم على التوبة تم يرجع وما الذي يقويه ويعينه على التقوى ومخالفة الهوى والشهوة، السابق، ص٣٦٠–٣٦٤.
٥٦٥  والناس أربعة رجال: غير معروف أو معروف ولا يصاحب، ومبتدع، وفاسق، ومستور مصاحب. المبتدع والفاسق لا يصاحبان، وغير المعروف لا يصاحب. إنما القضية في الصاحب المشكوك فيه وهو لا يصاحب ويستعان على ترك الإخوان الذين يخشى منهم على سلامة الدين بالاعتناء بالدين بالتفكر فيه والتذكر له. وهو ميراث الورع، باب الرجل يخرج في الحاجة أو يجالس بعض إخوانهم ممن يدعي أخوتهم في الله عز وجل وهو يعلم أنه لا يسلم له دينه منهم، السابق، ص٣٦٥–٣٧٢.
٥٦٦  وذلك يتطلب دفع الحسد بقصر الأمل ونفي الكبر باستبطان الغر، وترك كل فعل يضطر إلى اعتذار ومجانبة كل حال يؤدي إلى التكلف، وصعوبة الدين بالاقتداء، وحفظ الأمانة بطلب العلم، وتحصين العقل بآداب الحلم، والصبر لكل موطن، والخلوة بالذكر، والنعم بالشكر، واعتزال الهوى والاستعانة على قصر الأمل بذكر الموت ومعقلة الحياء، ومعلومة الورع، مشاهدة الثقة، ومن ألف هواه قل أدبه. السابق، ص٨٩، ١٠٢، ١٠٤، ١١١، ١٣١.
٥٦٧  دار السلام، القاهرة، ط٥، ١٩٨٨م/١٤٠٩ﻫ
٥٦٨  الأحاديث (٩٢)، الآيات (٨٦).
٥٦٩  هم: أبو ذر، داود الطائي، القاسم بن محمد، علي بن أبي طالب.
٥٧٠  اعلم (٢٤)، احذر (٦)، الزم (٣).
٥٧١  الأمر مثل: افحص، حاسب، راقب، قف، راع، استعمل، ارض، كن بالحق متواضعًا، آثر، اعمل، رم، قيد، استعن، احذق، استجلب، اطلب، اكتم، اعف، أدِّ، خالق، وقِّر، أبصر، حصِّل، تنازل، ابذل، خذ، اطلب … إلخ. والنهي مثل: لا تشك، لا تخالط، لا تصح، لا تموتن، لا تكثر، لا تنشر، لا تذكر، لا تظهرن.
٥٧٢  رسالة المسترشدين، ص١٢٣.
٥٧٣  السابق، ص١٧٠–١٨١.
٥٧٤  هي: (١) المسائل في الزهد، (٢) فهم الصلاة، (٣) المسائل في أعمال القلوب والجوارح، (٤) المكاسب، (٥) الرعاية لحقوق الله، (٦) الوصايا.
٥٧٥  هما: (١) رسالة العقل، (٢) كتاب العلم.
٥٧٦  هما: (١) رسالة في التصوف، (٢) رسالة المسترشدين.
٥٧٧  هما: (١) التوبة، (٢) القصد والرجوع إلى الله.
٥٧٨  هما: (١) التوهم، (٢) البعث والنشور.
٥٧٩  دار الاعتصام، القاهرة، ١٩٧٧م/١٣٩٧ﻫ.
٥٨٠  الآيات (٣).
٥٨١  من النص إلى الواقع، ج٢، بنية النص، الباب الثاني: الوعي النظري، ص٤٧١–٤٧٩.
٥٨٢  دار الكتب العلمية، بيروت، ٢٠٠٣م/١٤٢٤ﻫ، ص١٤١–٢٠٥.
٥٨٣  القصد والرجوع إلى الله، ص١٤٣.
٥٨٤  الآيات (٣٧)، الأحاديث (١٦)، الشعر (١).
٥٨٥  القصد والرجوع إلى الله، في بيان العقل وصفته، ص١٦٢-١٦٣.
٥٨٦  «فهذه مسائل في المعرفة، وعلم طريق الآخرة، والقصد والرجوع إلى الله تعالى حيث أراد الله»، السابق، ص١٤٢.
٥٨٧  دار الكتب الحديثة، القاهرة ١٩٧٥م.
٥٨٨  الآيات (٨٨)، الأحاديث (٦١).
٥٨٩  الخراز: الطريق إلى الله أو كتاب الصدق، ص٢٩، ٨٠.
٥٩٠  السابق، ص٣٤-٣٥، ٤٣، ٦٠-٦١.
٥٩١  السابق، ص٣٥.
٥٩٢  السابق، ص٣٦، ٦٢، ٦٩، ٩٠–٩٤.
٥٩٣  السابق، ص١٣.
٥٩٤  السابق، ص١٥.
٥٩٥  السابق، ص٢٣.
٥٩٦  السابق، ص٨٩.
٥٩٧  كتاب الصدق، ص٩٤.
٥٩٨  الآيات (٨٦)، الأحاديث (٦١)، القدسية (٢).
٥٩٩  كتاب الصدق، ص١٤-١٥، ٢٢.
٦٠٠  السابق، ٨٢.
٦٠١  السابق، ص٤٢.
٦٠٢  السابق، ص٢٩، ٣٦، ٦٩.
٦٠٣  السابق، ص٣٤-٣٥، ٤٣، ٦٠-٦١، ٩٠-٩١.
٦٠٤  السابق، ص١٣.
٦٠٥  السابق، ص٨٦.
٦٠٦  السابق، ص٣٩، ٦٣، ٦٩، ٨٦، ٨٩، ٩٢، ٩٤.
٦٠٧  وهي ستة وعشرون قسمًا.
٦٠٨  كتاب الصدق، ص١٧–١٩، ٢٩–٣١، ٥٥–٥٧.
٦٠٩  السابق، ص١٩–٢٢، ٤٠–٥٣، ٦٠–٦٩.
٦١٠  السابق، ص٥٤-٥٥، ٦٩–٩٤.
٦١١  السابق، ص٢٥–٢٩، ٥٨–٦٠.
٦١٢  السابق، ص٣١–٣٩.
٦١٣  دار الأرقم، القاهرة، ١٩٩١م/١٤١١ﻫ، ص٢٩-٧٣.
٦١٤  استعمل لفظ توهم ٢٤ مرة.
٦١٥  الآيات (١٥)، الأحاديث (٩)، القدسية (١).
٦١٦  «فتوهم نفسك لذلك الخوف والفزع والرعب والغربة والتحير …»، التوهم، ص٤١، «فتوهم حين وقفت بالاضطراب والارتعاد يرعد قلبك»، السابق، ص٤٣، «فتوهم نفسك وقد طال فيها مكثك وألح العذاب. فبلغك غاية الكرب. واشتد بك العطش. فذكرت الشراب في الدنيا. ففزعت إلى من في الجحيم، فتناولت الإناء من يد الخازن الموكل بهذا بك. فلما أخذته نشت كفك من تحته. وتفسخت لحرارته ووهيج حريقه. ثم قربته إلى فمك فشوي وجهك. ثم تجرعته فسلخ حلقك. ثم وصل إلى جوفك فقطع أمعاءك. فناديت بالويل والثبور وذكرت شراب الدنيا وبرده ولذته. ثم أقلعت الحريق. فبادرت إلى حياط الحميم لتبردها كما تعودت في الدنيا الاغتسال والانغماس في الماء إذا اشتد عليك الحر. فلما اغتمست في الجحيم تسلخ من قرنك إلى فمك. فبادرت إلى النار رجاء أن تكون هي أهون عليك. ثم اشتد عليك حريق النار فرجعت إلى الحميم وأنت تطوف بينها وبين حميم آن … فلما اشتد بك الكرب والعطش …»، السابق، ٥١–٥٢.
٦١٧  دار الأرقم، القاهرة، ١٩٩١م/١٤١١ﻫ، ص٨١-٩٧.
٦١٨  الأحاديث (١٥)، الآيات (٧).
٦١٩  الأعمال الكاملة، ص٢٦١–٢٠٩.
٦٢٠  الآيات (٢٠)، الأشعار (٥)، الأحاديث (٣).
٦٢١  مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة ٢٠٠٥م/١٤٢٦ﻫ.
٦٢٢  الآيات (١٢٠)، الأحاديث (٤٥)، القدسية (١) «ومن عجز عن معرفة الله تعالى كان عن معرفة صانعيه أعجز. فلذلك يصير كلامه جزافًا في العاقبة»، ختم الأولياء، ص١٣٥.
٦٢٣  السابق، ص٢٠٨، ٢٥٢.
٦٢٤  فإنك ذكرت البحث فيما خاض فيه طائفة من الناس في شأن الولاية، وسألت عن شأن الأولياء ومنازلهم، وما يلزم من قبولهم، وهل يعرف الوالي نفسه؟ وذكرت أن ناسًا يقولون إن الولاية مجهولة عند أهلها. ومن حسب نفسه وليًّا هو بعيد عنها. فاعلم أن هؤلاء الذين يخوضون في هذا الأمر ليسوا من هذا الأمر في شيء. إنما هم قوم يعتبرون شأن الولاية من طريق العلم. ويتكلمون بالمقاييس وبالتوهم من تلقاء أنفسهم. وليسوا بأهل خصوص من ربهم. ولم يبلغوا منازل الولاية، ولا عرفوا صنع الله. إنما كلامهم في الصدق. ومعيارهم في الأمور الصدق. فإذا صاروا إلى المنن، وتقطع كلامهم، وعجزوا عن معرفه صنع الله بالعبد فلأنهم عجزوا عن معرفته. ومن عجز عن معرفة الله تعالى كان عن معرفة صانعيه أعجز. فلذلك يصير كلامه جزافًا في العافية، السابق، ص١٣٥.
٦٢٥  ختم الأولياء، ص١٥٠–١٥٨.
٦٢٦  السابق، ص١٤٤، ١٤٧.
٦٢٧  السابق، ص١٤٢، ١٤٣.
٦٢٨  السابق، ص٧–١٣٣.
٦٢٩  دار الكتب العلمية، بيروت، ٢٠٠٢م/١٤٢٣ﻫ. الخلاف في تاريخ وفاته بين ٣١٩، ٣٢٠.
٦٣٠  الآيات (٢٢٣)، الأحاديث (٩)، القدسية (٢).
٦٣١  «فأما ما سألتني عنه من صفة القلب وأسمائه وصفة أحواله، وصفة النفس، وصفة إبليس وجنوده، وبيان سلطانه، وعللها وشأنها وأحوالها وبدئها، وصفة المعرفة، وما في حشوها، وصفة النور ولباسه، وصفة آدم المائة الخلق، وصفة جنود المعرفة، وصفة العقل ومعدنه ومجلس قضائه وأعوانه، وصفة مدائن المعرفة، وقراها وآثارها وعمارها، وبيان صفة العسكر، وبيوت الدواوين، وخزائن الطاعات ومعادن الحكمة، وسجون النفس وخلق آدم وبيان اسمه، وترجمة لا إله إلا الله، وبيان تفسير قوله أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ، وتفسير اسم إبراهيم خليل الرحمن، وتفسير اسم إبليس، واسم فرعون، وتفسير قوله اللهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وتفسير شجرة الزيتون، وتفسير شجرة طوبى، فهده ثلاثة وثلاثون مسألة. لها غور بعيد. ولا يمكن استقصاؤها لبعد قعرها، وسنذكر منها ما يفهمه ذو اللب»، غور الأمور، ص٢٧.
٦٣٢ 
غور الأمور، ص٢٩–٣٧.
٦٣٣  السابق، ص٣٧–١٢٣.
٦٣٤  مثل: ومزة بن الحرث أول من اتخذ البربط (عود الموسيقى)، لوقس بن لاقس أول من اتخذ المزامير، صهيب بن عازب أول من اتخذ المصبح، وأبو ليسم مبدع الطبل، وبعض أسماء أصحاب المنازل والحرف المثالة، السابق، ص٨٥-٨٦.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤