وتعني الشروح بين القرنين السابع والرابع
عشر وهي الشروح التي توفي أصحابها
وأهمها:
(١) «الشجرة النعمانية» بشرح صدر
الدين القونوي (٦٧٣ﻫ)١
ويبدأ عصر الشروح والملخصات من القرن
السابع في شرح القونوي (٦٧٣ﻫ) لكتاب
«الشجرة النعمانية» لابن عربي (٦٣٨ﻫ).
فبين المشروح والشارح خمسة وثلاثون
عامًا. فإذا كان ابن عربي هو نهاية
النص الإبداعي في التصوف النظري فإن
القونوي هو بداية الشرح.
ولا يعني هنا الشرح الأكبر أو التفسير
كما هو الحال لدى ابن رشد في «تفسير ما
بعد الطبيعة» لأرسطو فصلًا بين النص
المشروح والنص الشارح على مستوى اللفظ.
ولا يعني أيضًا الشرح الأوسط وهي
الملخصات، بداية بالنص المشروح ونهاية
بالنص الشارح على مستوى المعنى، ولا
الشرح الأصغر وهي الجوامع على مستوى
الشيء نفسه.
٢ بل يعني توضيح مضمون النص
بنص جديد وبيان القصد والقراءة
الكاشفة، وإعادة كتابة نص جديد. الشرح
هنا يعني التأويل والقراءة كما هو
الحال في علوم التأويل المعاصرة. تأليف
جديد في الموضوع. وتبدو بعض الأشكال
الأدبية مثل «تنبيه على أسرار عجيبة»
لجذب الانتباه وتوجيه الشعور نحو كشف
معين أو «تنبيه وتقرير».
٣ ويعتمد على الأدلة
النقلية، القرآن والحديث والشعر.
٤ والآيات أكثر لما فيها من
تجارب أولى مباشرة.
٥ وهو مرتبط بعلم الحروف أي
الانتقال من الكتابة إلى الفكر، ومن
الحرف إلى الوجود.
والأهم في «الشجرة النعمانية»، هو
مركزية مصر، درة الدولة العثمانية
وقلبها وجوهرتها. تقع بين حركات
الأفلاك ودورات التاريخ والموقع
الجغرافي. ويسميها أرض الكنانة كما
سماها ابن خلدون «أم الدنيا»، وسماها
آخرون «مصر المحروسة». ويؤمن بالمهدي
كما يفعل الشيعة في الزمان، وأهل السنة
في نهاية الزمان.
٦
(٢) شروح الكاشاني (٧٣٠ﻫ)
(أ)
«شرح فصوص
الحكم»:٧ وهو شرح يقوم كالعادة على
تقطيع النص المشروح، فقرة فقرة أو
عبارة عبارة أو أحيانًا لفظة لفظة. وقد
يطول النص المشروح أو يقصر. ويعتمد
الشرح أحيانًا على اللغة، المعنى
الاشتقاقي والمترادفات والبحث عن معاني
الألفاظ. فالشيطان من الشطط والانحراف.
ويميز تحليل العبارة بين الجملة
الرئيسية والجملة الاعتراضية.
٨ كما يوضع اللفظ أو العبارة
في السياق. ويقوم بالربط بين الأجزاء.
٩ ويستعمل أسلوب التعليل
خاصة العلة الغائية بالجمل الشرطية،
فعل الشرط وجواب الشرط.
١٠ ولا يكون الشرح لكل لفظ
وعبارة إلا إذا استدعى الأمر. فهناك
عبارات غنية عن الشرح. يكفي فيها ظاهر الكلام.
١١ ولا يستفاض في الشرح.
١٢ والأسلوب محكوم بالمحسنات
البديعية طبقًا لهذا العصر المتأخر،
القرن الثامن. وهناك بعض الألفاظ
المعربة من الفارسية مثل «الأنمونامج»
أو «الأنموذناج» أي النموذج.
١٣ ويشير إلى نسخ أخرى إذا ما
تعددت القراءة كاحتمال لتفاوت المعاني.
١٤ ويستعمل أسلوب السؤال
والجواب، والرد على الاعتراضات.
١٥ وسبب التأليف هو طلب بعض
الأصدقاء وأحد المبرزين منهم دون كتمان
شيء من الكنوز.
١٦
ويبدأ بثلاث مقدمات نظرية عامة تضع
الشرح في إطاره النظري الكلي وهي «أصول
فصول الحكم». الأولى في تحقيق حقيقة
الذات الأحدية، حقيقة الحق، وهو الوجود
اللا متعين. والثانية بيان حقائق
الأسماء ولا تناهيها. والثالثة بيان
الشأن الإلهي والأمر التدبيري الدوري
المسمى بلسان أهل الذوق البرزخ بين
أحكام الوجوب والإمكان.
١٧ والشرح بوجه عام يزيد فيه
التحليل النظري على الشواهد النقلية.
ومن التحليلات النظرية شرح العلاقة بين
الحكمة والنبوة كما هو الحال في عناوين
«الفصوص المتقابلة» مثل «حكمة إلهية»
في كلمة آدمية «لإيجاد العلاقة بين
الاثنين في أول كل فصل كمدخل نظري.
ويشرح القسمة النظرية ويؤصلها مع بعض
الحدود المنطقية.
١٨
ويعتمد الشرح على التجربة الصوفية
للشارح. وبالتالي فهو لا يشرح نصًّا
خارجيًّا بل يقرأ نصًّا داخليًّا مثل
شروح ابن رشد على أرسطو.
١٩ ويستفاض في نبوة خالد بن
سنان مع الحديث الشهير «حبِّبَ إليَّ
من دنياكم ثلاث: النساء، والطيب، وجعلت
قرة عيني في الصلاة».
٢٠ ويُفصل موضوع النكاح
باعتباره رمزًا للوحدة. ويُسهب أيضًا
في قصة موسى والخضر، الظاهر والباطن.
٢١ وكل عبادة لها ظاهر وباطن
مثل الحج.
٢٢ وهو ما أفاض فيه ابن عربي
من قبل في «الفتوحات». كما يعتمد الشرح
على الأدلة النقلية من القرآن والحديث والشعر.
٢٣ ويستعمل القرآن والحديث
أيضًا استعمالًا حرًّا داخل الأسلوب
لتقويته. وتتكرر بعض الشواهد الشعرية.
٢٤ ويحيل على بعض الصوفية
السابقين المذكورين في النص المشروح أو
في النص الشارح.
٢٥ ويأتي في المقدمة الجنيد
ثم البسطامي ثم الغزالي والترمذي
والأصمعي. كما يعتمد على الشراح السابقين.
٢٦ وتذكر بعض الفرق الإسلامية
مثل المعتزلة والأشاعرة والصوفية أو
أهل التصوف والإشراقيون. ومن الوافد
يظهر أغاثاذيمون.
٢٧
(ب)
«كشف
الوجوه الغر لمعاني نظم
الدر»:٢٨ وهو شرح لتائية ابن
الفارض، شرح للنظم بالنثر، بيتًا بيتًا
أو مجموعة مجموعة بعد تقسيم القصيدة
إلى موضوعات في أقسام وفصول. القسم
الأول «في المعارف». ويشمل فصول: معرفة
الذات والصفات والأفعال، ومعرفة العالم
على الإجمال، والروح والنفس، والإنسان
وخلافته، والنبوة والولاية. والثاني
«في المواجيد». ويشمل خمسة فصول في
المحبة والسكر، والوجد والوجود، والجمع
والتوحيد. المعارف في الفلسفة،
والمواجيد في التصوف. وهو ما يوحي به
العنوان كشف وجوه المعاني. وهو شرح
فلسفي نظري خالص. يشرح الشعر بالشعر،
والقرآن بالشعر. يعتمد على القرآن
والحديث والشعر أكثر من الاعتماد على
أقوال الصوفية.
٢٩ يتقدمهم الشبلي ثم الحلاج
والدقاق والسهروردي. ومن الأصوليين
الآمدي. ومن الأنبياء عيسى.
٣٠
(٣) شرح ابن عباد الرندي على الحكم (٧٩٢ﻫ)٣١
وكما حدث في علم أصول الدين وعلم
أصول الفقه وعلوم الحكمة شرح المتأخرون
المتقدمين نثرًا وشعرًا. وكان أشهر
الشروح للفصوص التكوينية المفصلية مثل
«الرسالة القشيرية» و«الإحياء»،
و«الفتوحات»، و«الحكم العطائية». كان
الغرض من شرح ابن عباد الرندي هو إثبات
أن «الحكم» في التوحيد مع أنها وصايا
ومواعظ للمريدين. فالتوحيد عملي وليس
نظريًّا. وهو أفضل ما صنف في التوحيد
لصغر حجمه، وعظم دلالته، وحسن عبارته.
يبين طريق العارفين ومناهج السالكين.
يعني الشرح هنا التنبيه على بعض
المعاني الظاهرة.
٣٢ ولا يستطيع الشرح أن يكشف
كل شيء ولا بيان كل شيء اشتمل عليه
النص المشروح. فكلام الأولياء مليء
بالأسرار التي لا يمكن بيانها. ولا
يدعي الشرح أنه قادر على بيان قصد
المؤلف أو مذاهب الأولياء بل هو شرح
طبقًا للاجتهاد والطاقة. والمنهج هو
تقديم النص المشروح ثم إلحاقه بالنص
الشارح كما هو الحال في كتب التفسير
وفي «تفسير ما بعد الطبيعة» لابن رشد،
الشرح الكبير. وشرط الشرح أن تكون
العبارة الشارحة أوضح من العبارة
المشروحة حتى تتم الفائدة خاصة مع
تداخل المعاني والفروع والمباني. وقد
كان الشرح بناء على طلب الأصدقاء أي
التعبير عن رغبة لدى القراء. والسؤال
هو: هل تحتاج «الحكم» العطائية لشرح
وهي واضحة وأقرب إلى الأسلوب الأدبي
التعبيري؟ يعني الشرح هنا إعطاء
التطبيقات العملية للوصايا النظرية،
وبيان المناسبات التي يتحقق فيها. فهي
تثير في النفس انفعالات عدة في مواقف
متباينة وبالتالي تسمح بتعدد الشروح
واختلاف التفسيرات طبقًا لمدى عمق شعور
الشارح. يتحول النص إلى تجربة، ثم
تتحول التجربة إلى نص. فالنص تجربة
مدونة. والتجربة نص قبل
التدوين.
وقد يطول الشرح أو يقصر طبقًا لإفاضة
الشارح وامتلاء شعوره بالانفعالات
بالحكم ومدى إثارتها للخيال. كما يتم
شرح الألفاظ والمصطلحات الصوفية مثل
لفظ «الأسباب». ويشرح الجزء بالكل إما
داخل سياق «الحكم» أو بالإحالة إلى
باقي مؤلفات ابن عطاء مثل «التنوير في
إسقاط التدبير» و«لطائف المنن». ويشرح
نفس النص أكثر من مرة حتى يتضخم الشرح.
ويستعمل النص المشروح كمشجب أو علاقة
لإضافة مادة جديدة عليها. فالغاية ليس
شرح النص بل إضافة معلومات عليه. ولا
تقطع الحكمة إلى أجزاء، ولا تقسم إلى
ألفاظ أو جمل يشرح كل منها على حدة كما
تفعل بعض الشروح اللغوية. بل ترتبط
الحكم بعضها ببعض في سياق متصل حتى يتم
تجاوز الانقطاع بين الحكم وتواليها
وكأن كلًّا منها موضوع مستقل. ولا تقطع
الحكمة إلا إذا طالت.
٣٣ لذلك يخلو الشرح من الفهرس
بالرغم من محاولة الناشر إكمال
ذلك.
وتأتي مادة الشرح من الأمثلة
والمواقف العملية على صدق «الحكمة»،
وإيجاد التجارب الشعورية المطابقة لها.
كما تأتي من مزيد من الأدلة النقلية
والنفسية ومزيد من الشواهد الشعرية.
وتذكر الأسانيد لإيجاد مادة إضافية
للشرح بالرغم من ضعفها. وتتكرر أكثر من
مرة في أكثر من مناسبة. كما تستعمل
مؤلفات الصوفية السابقين ويحال إليهم
مثل «الإحياء».
٣٤ ويقتبس منها ووضع لفظ
«انتهى» كعلامة على نهاية الاقتباس.
وتأتي المادة من حكايات الصوفية
ورواياتهم عن الكرامات والأولياء، وكل
ما يستثير الذهن، ويستدعي الخيال. ويتم
التركيز على المقامات والأحوال عصب
التصوف وليس الطريق. كما يستعان
بالإسرائيليات في قصص الأنبياء في كثير
من الحوارات بين الله والملائكة
والأنبياء من خلال الأحاديث القدسية.
وقد شرحها أيضًا شيخ الإسلام عبد الله
الشرقاوي على سبيل الاختصار من أجل نفع المريدين.
٣٥
(٤) شروح عبد الكريم الجيلي
(٨٢٦ﻫ)
(أ)
شرح مشكلات
الفتوحات المكية:٣٦ وهو شرح للباب ٥٥٩ فقط.
عبارة عبارة. قسمه إلى عشرة أبواب أقرب
إلى الشرح الأكبر أي الفصل بين النص
المشروح والنص الشارح. ويعتبر النص
المشروح أعظم نص صوفي.
٣٧ ويحصل صاحب النص المشروح
على أكبر قدر من الألقاب: الولي
الأكبر، القطب الأعظم الأفخر … إلخ.
٣٨ والدافع على الشرح هو
إسهاب كتاب «الفتوحات» وإطالته مع أنه
يتناول حقائق الأشياء. لذلك لزم بيانها
وشرحها وتأويلها بدلًا من العجز عن
تحصيله أو عدم معرفة معناه.
٣٩ ومفتاح الكتاب هو هذا
الباب ٥٥٩ الذي جمع الرموز والأسرار.
٤٠ فكان الشرح اتباعًا
لترتيبه من أجل فهم المعنى وطرق
الاستدلال واكتشاف حقائق الأشياء.
٤١
(ب) وبتحليل أفعال القول يتضح أن
الغالب هو «قال الشيخ» وهي نفسها صيغة
الشرح الأكبر في «تفسير ما بعد
الطبيعة» لابن رشد «قال أرسطو». تأتي
أفعال مثل «تكلم»، «أراد» تبين الإرادة
والقصد. ثم تأتى أفعال بيان المعنى مثل
«يعني»، «بين»، «أشار»، «نبَّه»، «جمع»
… إلخ.
٤٢ ثم تأتي أفعال وأسماء
إشارة وحروف للدلالة على السبب.
٤٣ فالشرح تعليل كما هو الحال
في علم أصول الفقه. ثم تأتي حروف العطف
مثل «لما» لبيان عناصر الربط بين
المعاني والموضوعات، وطرق الاستدلال،
والانتقال من المقدمات إلى النتائج في
عدة صياغات مثل «ولما فرغ»، «ولما
بين»، «ولما تحقق»، «ولما لاح هذا
المعنى» … إلخ. كما يعني الشرح البحث
عن الأدلة وبيان منطق الاستدلال في
«والدليل على ذلك». فالشرح نظرية في
البرهان. ويتم الشرح على مستوى اللفظ
مثل شرح لام التعليل، أو على مستوى
المعنى والبيان، أو على مستوى الشيء
نفسه بإيجاد المرادف له وهي العبارات
التي تبدأ بالأسماء وليس بالأفعال كما
هو الحال في «المقتطفات» الأخيرة.
٤٤ وهو الشرح الموضوعي.
٤٥ ويبين الشارح قصده بأفعال
«أردت»، «قصدت». وينبه القارئ على شرحه
بأفعال «واعلم»، «أنبهك»، «يجب عليك» … إلخ.
٤٦ ومادة الشرح الأساسية هي
القرآن، وإرجاع النص المشروح إلى
المصدر الأول الذي خرج منه. وتتجاوز
الآيات بمراحل الأحاديث والأشعار.
٤٧ ويحيل الشارح إلى بعض
مؤلفاته لاستكمال الموضوع.
٤٨ ثم يكتشف الشرح القسمة
العقلية للموضوع ويعددها محيلًا النص
المشروح إلى العقل لاكتشاف بنيته.
٤٩ كما يعتمد على بعض أقوال
الصوفية مثل الحلاج.
٥٠
(ﺟ)
«الإسفار
عن رسالة الأنوار فيما يتجلى لأهل
الذكر من الأنوار»:٥١ وهو شرح على «رسالة
الأنوار» لابن عربي، المتن أعلى
الصفحة، والشرح أسفلها، أسوة بتفسير
القرآن. ويقطع فيها المتن. ويتم الشرح
لفظًا بلفظ، وعبارة بعبارة كما هو
الشائع. الغرض منه الدفاع عن ابن عربي
ضد منتقديه. فهو شرح دفاعي. يثبت أن
أقوال الصوفية لا تخالف الكتاب والسنة
أكثر من اختلاف المذهب الأشعري أو
اتفاقه معها بالرغم من اختلاف وسائل
المعرفة، الكشف عند الصوفية، والبرهان
عند الأشاعرة. ومن ثم لا يجوز محاربة
أولياء الله وإلا كانت عداوة للرسول.
لذلك أخطأ من ردوا على ابن عربي وهم كثر.
٥٢ والمقدمة نظرية طويلة عامة
تتعلق بالمعرفة. فالله يبصر الأشياء
وهي معدومة العين. كما أن صفة العلم
غير صفة البصر. أما بالنسبة للإنسان
فالتكاليف الشرعية مطابقة للحقيقة تمام
المطابقة، ومن ثم شرعية من يريد الخروج
إلى الجنات الأقدس والوصول إلى غايته.
وقد رأى الشارح هؤلاء السالكين في طول
البلاد وعرضها. الوصية إذن عدم مجادلة
فقهاء الشريعة، والاعتقاد بأهل الحديث،
وتجنب التأويل لأنه «دهليز الإلحاد»،
والالتزام بالعزلة، وحفظ الله.
٥٣ وبالرغم من تقطيع النص إلا
أن الشرح حوله إلى مطالب وفصول ووصايا وموضوعات.
٥٤ ومن المطالب كيفية السلوك
إلى الله، وأقسام الواصلين، وتعدد طرق
الوصول، والسفر والمشاهدة والمسامرة
والرؤية، واتساع القلب وضيقه، وسجن
الدنيا، والدخول إلى الحضرة، وبعض
المقامات مثل الورع والزهد والتوكل ثم
تأتي مطالب عالم الخيال والروح واللوح،
ثم مطالب السموات واستقرار الأنبياء
فيها. والموضوعات مثل السحق والمحق،
والإثبات والإحضار. والأحوال مثل
الفناء والبقاء. ويتم شرح القرآن
بالقرآن والحديث بالشعر، لذلك تكثر
الشواهد القرآنية.
٥٥ كما تذكر بعض أقوال
الصوفية خاصة الغزالي. ويحال إلى
الأنبياء إدريس وعيسى وموسى.
٥٦ ومن الفرق الصوفية تذكر
الملامتية. كما تستعمل باقي مؤلفات ابن
عربي مثل «عقلة المستوفز».
٥٧ وتستعمل بعض الرسوم
التوضيحية البسيطة.
٥٨
(٥) «التمهيد لصائن الدين» للشيخ
الأصفهاني (٨٣٥ﻫ)٥٩
وهو شرح لكتاب جده «قواعد التوحيد».
والشرح على مساق أهل الاستدلال مع
مقدمة نظرية على سبيل الإجمال وإبراز
الموضوعات والمسائل وبيان مقاصد
الرسالة وفوائدها. فهو شرح كلي وإن كان
في التحقيق فقرة فقرة على نحو جزئي.
٦٠ والمقدمة نظرية خالصة في
المنطق باعتباره نظرية للعلم عند
الفلاسفة، تتناول التصور والتصديق في
العلم الإلهي، والألفاظ المتداولة عند
الصوفية، والتوحيد بين الحق والوجود،
والوحدة والكثرة الذاتية والاعتبارية.
٦١
ويدخل الشرح في فكر النص، موضوعه
واستدلاله. يتحول الفكر إلى استدلال
منطقي وقضايا كبرى وصغرى. ويتبع
أحيانًا طريقة العرض. وأحيانًا أخرى
يأخذ الطابع السجالي بأسلوب القول «فإن
قال قلت، أقول، لا يقال، فإن قيل، لأنا
نقول …». ثم يدخل في جدل الإثبات
والنفي، إبطال المذهب المشائي ونقده،
ودفاع عن مذهب المحققين وهو التصوف،
وإنكار وجود المطلق في الأعيان،
والتحقق من الشكوك، وحل الشبهات، ودفع
ما يرد على الكون … إلخ.
٦٢ ثم تبرز موضوعات الرسالة
المشروحة مثل الحقيقة المحمدية والإنسان.
٦٣ وبالرغم من الطابع النظري
المجرد للرسالة إلا أنها لا تخلو من
فائدة عملية للسالكين.
٦٤ ويعتمد الشرح على الشعر
والقرآن والحديث.
٦٥ كما يشير إلى المعلم الأول
والحكماء والمتأخرين دون الصوفية.
والعجيب أن يتم هذا الشرح في زمان كامل
آن فيه أوان اقتطاف ثمرة العلوم مما
يفسر غياب النقد الاجتماعي والإيغال في
التحليل النظري.
٦٦ والخطاب موجه للقارئ بلفظ
«اعلم».
(٦) «شرح شواهد الأسرار القدسية
ومطالع الأنوار
الإلهية»
للشيخة ست العجم البغدادية (بعد ٨٥٢)٦٧
وهو شرح لامرأة حتى تسعد الحركة
النسوية لكتاب «المشاهد القدسية» لابن
عربي. يقوم بتقطيع المتن وشرحه لفظًا
لفظًا. وعبارة عبارة. وتعتمد على جمع
المواد السابقة. لذلك سمي «تصنيفًا» أي
«تجميعًا» وليس «تأليفًا». ويتم تقسيم
الشرح مثل المتن إلى أربعة عشر مشهدًا
مع مقدمة وخاتمة. وتبين المقدمة أن
مادة الشرح إلهام وليست كسبًا، باختيار
الله وليس بإرادة الشارحة. تقرأ
المشاهد أكثر مما تكتبها.
٦٨ فالشارحة من العامة لا
تقرأ ولا تكتب بل ظهر لها ابن عربي في
المنام وأملاها إياه لتشرح المتن
بالقرآن وبالحديث دون الشعر.
٦٩ كما تقتبس العديد من أقوال
الصوفية يتقدمهم البسطامي ثم الشبلي
والحلاج وأبو سعيد.
٧٠ وتستعمل باقي فصوص ابن
عربي مثل «فصوص الحكم». ومن المذاهب
تظهر الأشعرية مع الصوفية والحكماء.
٧١
(٧) شروح عبد الرحمن الجامي
(٨٩٨ﻫ)
(أ)
«نقد الفصوص»
للجامي (٨٩٨ﻫ) في شرح «نقش الفصوص»
لابن عربي (٦٣٨ﻫ):٧٢ وهو شرح لنقش الفصوص الذي
هو إعادة كتابة للفصوص حكمة حكمة من
الحكم السبعة والعشرين. ويضم الشرح
مقدمة من ثماني نقاط.
٧٣ ولفظ «نقد» ليس في محله.
فلا يوجد نقد بل شرح. ولماذا شرح النص
الثاني «نقش الفصوص» وليس النص الأول
«فصوص الحكم»؟ ويتخلل الشرح لفظ «وصل»
لبيان أجزاء الشرح.
٧٤ وتشمل المقدمة النظرية
الأولى تجليات الحق في النور. وهو
الوجود، الهوية الذاتية. وهناك خمس خطوات.
٧٥ بها سلسلة من التعينات مثل
الأعيان الثابتة والنفوس الإنسانية،
وعالم الأرواح، والإنسان الكامل خليفة
الله في الأرض. ثم يأتي الشرح فصًّا
فصًّا، وحكمة حكمة، لفظًا لفظًا وعبارة عبارة.
٧٦ ويعتمد على القرآن والشعر والحديث.
٧٧ ومن الصوفية يذكر الجنيد
والجندي والأنصاري والكاشي.
٧٨ ويعتمد على عدة مصادر مدونة.
٧٩
(ب)
«شرح
الجامي على فصوص الحكم»:٨٠ وهو شرح بطريقة الشرح
الأكبر أي الفصل بين النص المشروح
والنص الشارح، عبارة عبارة مع اتِّباع
نفس التبويب والترقيم والتنظيم على نحو
تقليدي دون اكتشاف بنية أو قراءة أو
تأويل. فالشارح والمشروح ينتسبان إلى
نفس المدرسة الفكرية والطريقة الصوفية.
والدافع على النص شرح مشكلات النص
المشروح وكشف معضلاته، فتح مغاليقه وفك
رموزه. مع أن النص المشروح إلهام من
الرسول والنص الشارح من جهد البشر.
٨١
وتكشف ألقاب صاحب النص المشروح عن
مدى التقديس له. فهو الشيخ الكامل
المكمل، محيي الملة والدين، قدس الله
روحه، وكثر من فتوحه. ويحال إلى عدة
نسخ من النص المشروح كما تبين عبارات
مثل «في بعض النسخ»، «في نسخة أخرى»،
«هكذا في النسخة المقروءة». ويتكرر ذلك
أكثر من مرة.
٨٢
وبتحليل ألفاظ الفقرات تبدو غلبة فعل
«القول» وصياغاته المختلفة مما يدل على
الفصل بين النصين، المشروح والشارح. ثم
يتبعها أفعال أخرى مثل: وصف، صرح أردف،
استغرب، بالغ، بيَّن، أيد. وكلها تصف
أفعال فكر صاحب النص المشروح وكأن
الشارح قد دخل فكره وأصبح قادرًا على
وصف أفعال الشعور كما تبدو في النص.
وهناك أفعال أخرى تدل على مسار الفكر
من المقدمات إلى النتائج، ومن البدايات
إلى النهايات يسبقها الظرف «لما» مثل:
لما ذكر، لما فرغ، لما أشار، لما أنجز،
لما كان … إلخ. وهناك ألفاظ أخرى تدل
على النتيجة مثل: الحاصل أو القياس أو
ما سبق. وهناك أيضًا صيغ الشرط،
التسليم بفعل الشرط يؤدي إلى التسليم
بجواب الشرط. وهناك ألفاظ تدل على
القصد والمراد مثل: والمراد، المقصود.
وهناك ألفاظ البيان أو عبارات تضع
الأجزاء في مجموعها. وقد تدل بعض
الألفاظ على التقييم والحكم النقدي مثل
«هذا كلام زخرفة ظن الشيخ». ويتم الشرح
على ثلاثة مستويات، مستوى اللفظ، وهي
المترادفات والتعريفات مثل شرح النفث
والروح لغة، وعلى مستوى المعاني وهو
التوضيح والبيان مثل معنى السبوح، وعلى
مستوى الأشياء وهو الكشف والرؤية في
الفقرات التي تبدأ بالأسماء وليس بالأفعال.
٨٣
وتأتي مادة الشرح من القرآن ثم الشعر
ثم الحديث.
٨٤ والأولوية للشعر على
الحديث لجوءًا إلى التجربة الشعرية
كأساس وجودي للتجربة الصوفية.
٨٥ وفي نفس الوقت يعتمد على
القسمة العقلية حتى يكون للشرح بنية
نظرية يوضع النص المشروح فيها.
٨٦ وتتم الإحالة إلى باقي
الشروح مثل شرح مؤيد الجندي وبعض
الشارحين الآخرين. كما يحال إلى باقي
أعمال صاحب النص المشروح مثل
«الفتوحات» شرحًا للجزء بالكل. كما
يحال إلى بعض القواميس والمعاجم
والإصحاحات شرحًا للجزء بالكل وللعمل
بباقي الأعمال ويتوجه الشرح إلى القارئ
بلفظ «اعلم» في صيغة الأمر.
٨٧
(٨) «شرح الحكم العطائية» لزروق (٨٩٩ﻫ)٨٨
وقد تكون الحكم العطائية أكثر الفصوص
الصوفية شرحًا مثل مقدمة ابن الحاجب في
علم أصول الفقه. وهي أكثر شرحًا من
«الإحياء» و«الفتوحات» و«الفصوص».
مؤلفها سكندري وليس قاهريًّا. ومع ذلك
ذاعت كنص مشروح لصياغتها الأدبية،
ومضمونها الأخلاقي، وصيغتها العملية.
ربما لأنها وعظ ديني في حاجة إلى بنية
عقلية، وتحويلها من التصوف العملي إلى
التصوف النظري، ومن الأخلاق إلى الفلسفة.
٨٩ وربما لوضعها مئات الحكم
في فصول أصغر، خمسة وعشرين فصلًا.
والسؤال هو: لماذا خمسة وعشرون فصلًا؟
وتنقسم المناجاة إلى فصلين فقط. وهي
خالية من القسمة لصعوبة ذلك.
ويعني الشرح هنا «التفسير» بالمعنى
التقليدي أي الشرح الأكبر، فصلًا بين
النص المشروح والنص الشارح كما هو
الحال في تفسير القرآن. يبدأ النص
الشارح بلفظ «قلت» تمييزًا له عن النص
المشروح. والآيات في «المناجاة» قليلة
لأن المناجاة كشكل أدبي إبداع فني
خالص. وتتكرر بعض الحجج النقلية أكثر
من مرة.
٩٠ وتأتي مادة الشرح كالعادة
من القرآن والحديث. والقرآن أكثر من
الشعر ثم الحديث أقلها.
٩١ كما يتم الاعتماد على
أقوال الصوفية كتراث متراكم في الوعي
التاريخي. ويحال إلى باقي مؤلفات
المشروح مثل «التنوير» و«لطائف المنن»
وإلى مؤلفات الشارح مثل «التنبيه»
لاستكمال الموضوع.
٩٢ وتؤخذ بعض الاقتباسات
والدلالة عليها بلفظ «انتهى».
٩٣ ويستشهد بأحمد بن حنبل دون
صراع موهوم بين الفقهاء والصوفية.
٩٤
(١٠) «شرح فصوص الحكم» لابن عربي
لمصطفى بالي زاده الحنفي (٩٦٠ﻫ)٩٩
«والشرح بعد المتن بأكثر من ثلاثة
قرون، عبارة بعبارة، ولفظًا بلفظ دون
مقدمة نظرية تضع الغاية من الشرح
ومنهجه وأسلوبه وسببه. والمتن من أكثر
المتون شروحًا مع الحكم العطائية.
ويوضح اللفظ المنقول باللفظ المعرب مثل
الحسبانية أي السوفسطائية.
١٠٠ لذلك أتى الشرح بلا هدف،
مجرد تحصيل حاصل، دون قراءة أو تأويل
أو نقد. وتوجد صفحات طويلة من المتن
بلا شرح.
١٠١ ويتبع الشرح نفس تبويب
المتن. يضيف أحيانًا قسمة عقلية مثل
شرح كلمة نص في أربعة معانٍ.
١٠٢ وفي النهاية يتم مدح
الشارح والمشروح والسلطان. فالمشروح هو
القطب، والشارح هو خليفة الصوفية.
والسلطان الخاقان الأضخم خليفة الله الأعظم.
١٠٣ ومادة الشرح القرآن
والحديث دون الشعر أو أقوال الصوفية.
والقرآن أكثر من الحديث لأنه المصدر
الأول للتصوف.
١٠٤ وبالرغم من أن المتن به
أيضًا مصادره في القرآن والحديث إلا أن
الشرح يزيد من الفصوص. وقد يكمل الشرح
آية المتن. ويعتمد على تفسير البيضاوي.
١٠٥
(١١) «أشرف الرسائل إلى فهم
الشمائل» لابن حجر الهيثمي (٩٧٤ﻫ)١٠٦
وهو شرح لمتن «الشمائل النبوية» لأبي
عيسى الترمذي الضرير (٢٧٩ﻫ). وبين
النصين سبعة قرون. ولا يذكر لفظ الشرح
في العنوان. وهو شرح عبارة عبارة بل
لفظ لفظ مع زيادة في الروايات الخيالية
عن حياة الرسول، مولده وجسده وطعامه
وشرابه، خلطًا بين الخاص والعام، بين
الإنسان والنبي. وكلها روايات وليست
أقوالًا مباشرة له، حكايات عنه وليست
كلامًا منه. لا فائدة منها. وأخبار
كلها ضعيفة.
١٠٧ يعتمد على الحديث والقرآن
وحدهما دون الشعر أو أقوال الصوفية.
١٠٨ ولا يوجد سبب معين
للتأليف. ونظرًا لتركيزه على شخص
الرسول فإنه يمكن تصنيفه في علم السيرة
وليست في علم التصوف لغياب الصوفية،
أعلامًا ونظريات. ويخلو من
الإسرائيليات مع أن المجال متسع في قصص
الأنبياء والتنبؤ به في الكتب المقدسة
السابقة. ويذكر من الصوفية القليل مثل
الغزالي، ومن الفقهاء الشافعي والسبكي.
ومن علماء القرآن الزركشي. ومن الفرق المعتزلة.
١٠٩
(١٢) «شرح حكم الشيخ الأكبر» لملا
حسن القادري
الدمشقي الشافعي (١١٤٨)١١٠
وبين المتن والشرح أكثر من خمسة
قرون. والشرح حكمة حكمة ثم لفظًا لفظًا
بعد تقطيع الحكمة على ألفاظ … والمحقق
يطيل شرحه في الهوامش زيادة في
التعالم. ومع الحكم تضاف الاقتباسات
الإلهية وشرح لحديث وقواعد للتربي.
١١١ ويبدأ الشرح بمقدمة نظرية
طويلة عن تأويل الحروف، وهو الموضوع
الأثير عند ابن عربي.
١١٢ ويغرق الشرح في الإشراقيات
الكونية. فأسماء الأفلاك مشتقة من
أسماء الأنبياء
١١٣ وبطبيعة الحال يتم الشرح
بالقرآن والحديث والشعر واقتباسات من
أقوال الصوفية.
١١٤ وتنتهي الاقتباسات بلفظ
«انتهى» أو «انتهى ملخصًا». وتختلط
أقوال الرسول بأقوال أفلاطون مثل «مت
بالإرادة تحيا بالطبيعة». وأهم الصوفية
الجيلي ثم ابن عربي وإبراهيم المتبولي
والجنيد ثم الشعراني والجامي والكرخي
والبسطامي وابن عطاء وغيرهم.
١١٥ كما تستعمل باقي مؤلفات
ابن عربي لشرح ابن عربي بابن عربي خاصة
بالإحالة إلى «الفتوحات» و«الفصوص»
بآيات وأحاديث وأشعار أكثر مما هو
موجود في المتن. كما يستعمل شعر ابن
عربي في شرح حكمه. وتذكر معلومات
تاريخية عن صاحب المتن، ميلاده ووفاته
وأعماله وشيوخه وتلاميذه، ومناقبه وكرامته.
١١٦ وتستعمل بعض الإسرائيليات
في روايات الأنبياء السابقين خاصة موسى وعيسى
١١٧ ومع ذلك لا يخلو الشرح من
القسمة العقلية وإعطاء بعض التعريفات النظرية.
١١٨ والحكم نظرًا لبساطتها
ليست في حاجة إلى شرح. قوتها في قصرها
وتركيزها ومخاطبتها الوجدان مباشرة
بعبارة شرطية، فعل الشرط وجواب الشرط.
هي دعوة إلى الفعل وليس إلى الفهم. وهي
مثل «جوامع الكلم» للرسول، بلاغة
وحكمة. وتتمثل بلاغتها في محسناتها
البديعية خاصة الجناس والطباق وكأنها
شعر منثور. وما زال الخطاب موجهًا إلى
القارئ وكأن الشرح ما زالت له رسائل ليتأملها.
١١٩ ويحذر الشارح من القرن
العاشر وقد أتى بعده بقرنين. هل لدورة
ألفية في التاريخ كما هو معروف في
تاريخ الأديان بالرغم من أن الدورة
الإسلامية مائة عام، قرنٌ من الزمان؟
١٢٠ هل هو عصر الفتن والأهوال
بالرغم من أنه ليس أكثر هولًا من القرن
السادس وتدمير بغداد؟ والحروب الصليبية
واحتلال الفرس لم تبدأ بعد. ويبدو أن
النصيحة في وقت الفتن الاختباء
والانعزال.
(١٣) «إحياء القلوب»، شرح الشيخ عبد
القادر الرافعي الفاروقي الطرابلسي على
حكم شيخه سيدي محمود الكرخي الخلوتي (١١٩٥ﻫ)١٢١
وهو شرح عبارة عبارة، وليس لفظًا
لفظًا. يتجاوز الشرح اللغوي النحو
القاموسي الاشتقاقي للألفاظ إلى الشرح
الموضوعي. فاللفظ مثل «الزهد» أو
«التوكل» ليس مجرد لفظ له معنى بل يحيل
إلى موضوع يعرضه الشارح ويؤلف فيه
تأليفًا مستقلًّا. يحتاج إلى المتن فقط
كنقطة بداية، كمرشد ودليل، والاعتماد
على شيءٍ سابق، نظرًا لعدم القدرة على
وضع شيء جديد لنهاية عصر الإبداع
وبداية عصر النقل. فالأصل عند القدماء،
وليس للمحدثين إلا التهميش على المتن
القديم، ربما لضعف العقل أو نقص في
اليقين. وتتوالى الموضوعات متناثرة
طبقًا لورودها في النص، ودون وضعها في
أبواب وفصول. المتن عكاز، أو «مسند»
للشرح. هو الذي يعطي الموضوع. والشرح
تجميع لمواد عدة من القرآن والحديث
والشعر وأقوال الصحابة والصوفية، قدماء ومحدثين.
١٢٢ ويتقدم الصوفية ابن عربي،
وابن عطاء الله السكندري والشعراني، ثم
الجيلي والشاذلي، ثم مالك بن دينار،
وإبراهيم بن أدهم، وبشر بن الحارث
والغزالي وغيرهم.
١٢٣ وتؤخذ اقتباسات منهم
بالعلامة (ا.ﻫ). كما يحال إلى مصادر مدونة.
١٢٤ ويعتمد على الإسرائيليات
وأقوال الأنبياء خاصة عيسى وموسى.
١٢٥ وجاء الشرح بناء على رؤية
الرسول في المنام. ويصنف كثيرًا من
مناقب المشايخ وكراماتهم.
١٢٦ ومع ذلك لا يخلو الشرح من
بعد التحليل العقلي مثل رصد بعض
الموضوعات وإحصائها
١٢٧ وأهم الموضوعات التي
تناولها الشرح من التصوف الخلقي الجوع
والحسد والغل والتكبر والجود والجهل،
ومن الأحوال الخوف واليأس. ومن التصوف
النظري نور الحق. ومن التصوف العملي
الذكر والتفكر والعزلة، والطاعة،
والمجاهدة، والجماعة.
(١٤) «توضيح المرام ومسرح الأفهام»
للشيخ حسين بن آدم (١٣٣٥ﻫ)١٢٨
والمتن هو «تنبيه الأنام في الصلاة
على خير الأنام» لعبد الجليل بن عظوم
القيرواني (٩٦٠ﻫ). فبين المتن والشرح
حوالي أربعة قرون. وهو بلا هدف إلا
تجميع العلوم لإظهار علم العالم
المنقول. لا جديد فيه، في حين أن تحميل
المتن بشرح واقتباسات إضعاف له وإغماض
لأثره وتقويض لمباشرته. لا قيمة له من
حيث الموضوع. بل يكشف عن الذات، عقلية
الشارح وطبيعة الحضارة المتأخرة. وهو
شرح لفظ بلفظ للتأييد وليس للمعارضة.
فلا توجد شروح معارضة من الأساس. كلها
تأييد وتقريظ ومدح في المتن وصاحبه.
وهو الدافع على الشرح. بالإضافة إلى
الصدقة الجارية على أبيه وأمه.
١٢٩
وموضوعاته كلها حول شخص الرسول،
ولادته ورضاعته ونسبه ونوره وانتقاله
من صلب إلى صلب، والصلاة عليه وإطلاق
ألقاب السيد والمولى والمحت والحافظ
عليه، وأسمائه وصفاته وشمائله وخصائصه
وفضائله وأخلاقه وصفاته الحية، وعلو
قدره على سائر الأنبياء، والإسراء
والمعراج، وإخباره بالغيب. وما رآه
بالعين، والدعاء لتفريج الكروب،
وكراماته ومعجزاته ودعواته وأدعيته
وعصمته وأوامره، ومقالاته ومناقبه
وإمامته وأفعاله، وحسن الظن به
والاشتياق إليه … إلخ. ومن ثم تتحول
الرسالة إلى الرسول، والنبوة إلى
النبي.
وتعتمد مادة الشرح على الحديث أولًا
ثم القرآن ثم الشعر.
١٣٠ وهو شرح ضخم في جزأين.
١٣١
(١٥) «سراج الطالبين على منهاج
العابدين إلى جنة رب العالمين
للغزالي»
لأحمد دحلان (١٣٦٠ﻫ)١٣٢
وهناك ثمانية قرون بين المتن والشرح
مما يدل على أن الزمان ليس عاملًا
مؤثرًا في اختيار المتن المشروح، قصر
أم طال. وهو شرح مطول للغاية، لفظًا
بلفظ كما تدل على ذلك محتويات الكتاب
وحجم الشرح الذي يفوق ثلاثة أضعاف
المتن. المتن في أعلى الصفحة. والشرح
في أسفلها، أسوة بالمحدثين. يخلو من
الفكر أو التأويل، مجرد تجميع لمواد من
علوم الحديث والفقه دفاعًا عن التصوف
ضد منتقديه، وإرجاعه إلى العلوم
النقلية، وإفراغه من العلوم النظرية والذوقية.
١٣٣ ويتم الاستطراد في علم
الكلام لإدخال التصوف في علم العقائد،
وبالتالي إضفاء الشرعية عليه.
١٣٤ ويتطرق إلى موضوعات كلامية
وفقهية وصوفية دون الفلسفية وباقي
العلوم المشبوهة. والتصوف في النهاية
فرقة من الفرق الكلامية.
١٣٥ ولإبراز أهمية بعض الشروح
تستعمل ألفاظ مثل «فائدة»، «فائدة
جليلة»، «تتمة»، «تنبيه»، «غريبة» … إلخ.
١٣٦ ويعترف الشارح بأن جهده ما
هو إلا في الجمع من كلام العلماء
الراسخين، يأخذ الصائب، ويترك الشارد
بالرغم من عدم أهليته للحكم. وهذا أقصى
جهده في التأليف. والجمع هم وحزن.
١٣٧
والشارح على وعي بالشرح ويبرز اللفظ
أكثر من مرة.
١٣٨ وتأتي مادة الشرح من
القرآن والشعر والحديث.
١٣٩ ويضاف ما يضاف إلى الآيات
كأسباب النزول. وتذكر الأسانيد مع
المتون زيادة في جمع المادة. وتكثر
الأحاديث عن الله مثل الأحاديث
القدسية، وأحاديث الرسول في المنام.
١٤٠ وتقتبس فقرات عديدة من
المصادر المدونة مع علامة «أ.ﻫ» أو
تلخيصها «انتهت عبارته ملخصًا».
١٤١ ومنها القواميس.
١٤٢ ويتم شرح الغزالي بالغزالي
بالإحالة إلى باقي مؤلفاته خاصة
الإحياء ومعراج السالكين، ويحال إلى
عديد من أعلام الصوفية ابتداء من أقوال
الصحابة والتابعين والفقهاء والمحدثين.
فالكل صوفية. والصوفية منهم ومعهم.
ويحال إلى عديد من المصادر الفقهية عن العلم.
١٤٣ كما يعتمد على
الإسرائيليات في تاريخ النبوات. فالوحي
متصل بصرف النظر عن درجة صحته التاريخية.
١٤٤ وأحيانًا يكون الشرح
متصلًا دون تدخل أجزاء المتن المتقطعة.
يعتمد على القسمة العقلية بالتصنيف.
وتخلو من المنقول.
١٤٥
وإذا كان المتن يتضمن سبعة أبواب في
سبعة أبواب في سبعة عقبات فإن الشرح
يعطي أكبر قدر ممكن من التفصيلات
والمعلومات عنها.
١٤٦ همه تعريف التصوف تعريفًا
شرعيًّا وشرح مبادئه.
١٤٧ ويتجه الشرح نحو شخص صاحب
المتن، الغزالي، مجدد القرن الخامس
الهجري، مولده ووفاته وكفنه وأعماله وإرثه.
١٤٨ وتظهر بعض موضوعات الكلام
مثل الاستدلال بالصنعة على الصانع
والنظر والاستدلال والذات والصفات
والأفعال والأخرويات وقصص الأنبياء،
يضاف إلى ذلك نقد الفرق الكلامية كالمعتزلة.
١٤٩
ثم تبرز الموضوعات الصوفية من التصوف
الخلقي، الرذائل مثل العجب والرياء،
والفضائل مثل التقوى والصمت والإخلاص
وخواطر النفس، ومن التصوف النفسي
المقامات والأحوال، مثل التوبة والتوكل
والرضا والشكر والفقر وأفعال القلوب.
ومن التصوف النظري وفي مقدمتها شخص
الرسول، والحقيقة المحمدية، يضاف إليها
معجزات الرسول، ومدح الرسول. ومنها
القرب من الله ومناجاته، والأبدال
والأقطاب، وأحوال الطريق والعزلة
والصحبة. ويظهر التصوف كنقد لأحوال
العصر سواء في المتن أو الشرح مثل
الانكباب على الدنيا. فالتصوف رد فعل
على أوضاع البذخ والترف التي سادت حياة المسلمين.
١٥٠
(١٦) «تنبيه العارف البصير على
أسرار الحزب
الكبير لأبي
الفيض الزبيدي (١٢٠٥ﻫ)١٥١
وهو شرح لفظي، لفظًا بلفظ، بعد كتابة
شرح مختصر وصياغته. كتب هذا الشرح،
وسطًا بين الإخلال والإطالة، ومعتمدًا
على مصادر سابقة. وهو حزب البر في
مقابل حزب البحر. وفضائله كثيرة في
الوصول إلى الغاية القصوى، وهي النجاة
في الآخرة. ويعتمد على القرآن والحديث
والشعر وأقوال الصوفية.
١٥٢ وفي مقدمة الصوفية المغيلي
ثم ابن عربي (الشيخ الأكبر) ثم الترمذي
والمروزي ثم الجنيد وآخرون.
١٥٣ وتقتبس أقوال تنتهي بلفظ
«انتهى». ومن الفرق المعتزلة
والأشاعرة، ومن الأنبياء يذكر يوسف.
وتستعمل أحيانًا القسمة العقلية.
١٥٤ ويقوم أحيانًا على بعض
التجارب الشخصية.
١٥٥ وتظهر في الأسلوب بعض
ألفاظ التلخيص والمراجعة مثل «وحاصله».
١٥٦
(١٧) شروح ابن عجيبة
(١٢٢٤ﻫ)
(أ)
«شرح صلاة القطب
ابن مشيش»:١٥٧ ولا يوجد سبب خاص للتأليف
إلا جمع المعلومات لإثبات علم الشارح
بناء على طلب أحد المشايخ.
١٥٨ والشرح لفظ بلفظ مع مقدمة
عامة عن حكم صاحب النص قبل تقطيعه
١٥٩ ومادة الشرح كالعادة من
الشعر ثم القرآن ثم الحديث.
١٦٠ ويعتمد الشرح على مصادر
مكتوبة يقتبس منها، والإشارة إلى ذلك
بعلامة «ا.ﻫ». ويضيف إلى زكريا همزة
كما يضيفها إلى ابن سينا تعالمًا
خاطئًا. ومن الصوفية يذكر الحلاج وابن
الفارض. ومن المؤرخين ابن خلدون.
١٦١
(ب)
«الفتوحات
الإلهية في شرح المباحث
الأصلية»:١٦٢ واستمر الشرح لفترة متأخرة
وما زال مستمرًّا. فالعقلية الشارحة
نتيجة الشروح المستمرة
أصبحت طبعًا وعادة. والمتن هو «المباحث
الأصلية» لابن البنا السرقسطي. أراد
الشارح أن يضع له شرحًا متوسطًا ليس
بالطويل الممل ولا بالقصير المخل، يبين
المعنى ويحقق المبنى.
١٦٣ ويتبع طريقة الشرح
المعروفة، تقطيع المتن إلى المتناهي في
الصغر، لفظًا لفظًا بل وحرفًا حرفًا،
واتخاذ اللفظ تكأة يستند عليها لجمع
أكبر قدر ممكن من المعلومات من المصادر
المدونة عليها بما في ذلك المعاني
اللغوية للفظ وليس فقط المعاني
الاصطلاحية. والعنوان مستمد من ابن
عربي. ومع ذلك لا جديد فيه. كله حشو
وجمع وتراكم، دون قراءة أو تأويل أو
تجاوز أو نقد. يدافع عن التصوف ضد
منتقديه. ومن ثم يسير في اتجاه معاكس
للموقف الإصلاحي الناقد للتصوف مثل
إقبال والأفغاني. الأنبياء صوفية،
والصحابة صوفية، وكل العلماء صوفية.
ويشفعه برسم توضيحي.
١٦٤ الشرح هنا تأليف غير مباشر
وتأليف بالمعنى المتأخر. هو تجميع
لمعلومات سابقة خشية من الاندثار في
الذاكرة الجمعية بعد الغارات على
العالم الإسلامي من الغرب أولًا ومن
الشرق ثانيًا. وأحيانًا يظهر نقد العصر
بين الحين والآخر وهو ما سماه أحد
الشيوخ «فساد الوقت».
١٦٥ ويعتمد على الشعر والقرآن والحديث.
١٦٦ كما يحيل إلى عديد من
أعلام الصوفية ومؤلفاتهم وفي مقدمتهم
زروق ثم السلمي ثم الجنيد ثم إبراهيم
بن أدهم والقشيري والسري السقطي
والغزالي والشاذلي وغيرهم.
١٦٧ ومن الأعمال الصوفية يتقدم
«الحكم» و«لطائف المنن» ثم «عوارف
المعارف»، ثم «قوت القلوب».
١٦٨ ومن الطرق الصوفية يتقدم الشاذلية.
١٦٩ ومن الوافد يظهر بقراط
وجالينوس للتعالم.
١٧٠
(ﺟ)
«شرح صلاة
الشيخ الأكبر»:١٧١ صاحب المتن هو الشيخ
الأكبر وصاحب الشرح العبد الفقير إلى
مولاه الغني عما سواه. والصلاة أوب إلى
الوجدان في حين أن الشرح أقرب إلى
العقل. ومن ثم فالصلاة لا تُشرح بل
تمارس. وتظهر بعض المصطلحات في الشرح
في حاجة إلى شرح آخر مثل «الذات
المطلسم»، ويتجه الشرح نحو «الحقيقة
المحمدية» أحد أشكال «الحقيقة
المحمدية»، فالشرح عقائدي سابق على
النص المشروح. الشرح مجرد مناسبة أو
آلية أو ذريعة لتعليق عقائد الصوفية
المتأخرة عليه. ومادة الشرح من الشعر
والحديث والقرآن.
١٧٢ ويحال إلى بعض الصوفية مثل
ابن عربي ثم ابن مشيش والبوصيري.
١٧٣
(د)
«شرح بعض
مقتطفات التستري»:١٧٤ وهو شرح على بعض مقتطفات
وليس على نص كامل. ويذكر المقتطفات
واحدًا تلو الآخر يتخللها الشرح.
وأحيانًا يقطع المقتطف إلى ألفاظ،
وتضاف معلومات خارجية على المتن، حياة
صاحب المتن ومؤلفاته وأساتذته. ويعتمد
الشرح على الشعر والقرآن والحديث.
١٧٥ كما يعتمد على اقتباسات
بعض الصوفية مثل ابن سبعين ثم الجنيد
وابن عطاء الله وصاحب العينية والشاذلي والتستري.
١٧٦ وينتهي كل اقتباس بعلامة
«ا.ﻫ».
(ﻫ)
«إيقاظ
الهمم في شرح الحكم»:١٧٧ والشرح هنا مثل التفسير أي
الشرح الأكبر فصلًا بين النص المشروح
والنص الشارح. والشرح حكمة حكمة. وإذا
طالت الحكمة تقطع عبارة عبارة.
والمناجاة مستقلة عن الحكم، وكذلك
الرسائل الأربعة للمؤلف.
١٧٨ كما يعقد الشارح مقدمتين
عن تعريف التصوف وتعريف الشروح.
١٧٩ والعنوان دال. فالمقصود من
الشرح إيقاظ الهمم أي التذكير والتنبيه
وجذب الانتباه والإيقاظ. وقسمت الحكم
إلى خمسة وعشرين بابًا مثل شرح زروق
دون بيان الأسباب أو الدوافع أو الحكمة لذلك.
١٨٠ كما لا توجد حكمة واضحة في
قسمة الشرح إلى جزأين في كل منهما عدة
حكم مقسمة بدورها إلى أبواب.
١٨١ وقد لا يكون هناك داعٍ
لهذا الشرح المسهب لحكم أخلاقية وعظية
عملية سهلة وواضحة وموجهة للسلوك
المباشر. ويعني الشرح الدخول في منطق
النص المشروح، مقدماته ونتائجه،
استدلالاته وبراهينه، ووصف المسار
الفكري والمنطق الداخلي للنص المشروح.
لذلك يكثر استعمال لفظ «والحاصل» أو
«وحاصله» أو «المحصل» للدلالة على
النتيجة العامة للنص المشروح وخلاصته النهائية.
١٨٢ ويفصل بين الاثنين فعل
القول، «قلت». ويتم الربط بين الحكم في
استدلال منطقي.
١٨٣ ومع ذلك يبدأ تقديس النص
المشروح ويصبح الشارح العبد الفقير
الذليل. ولا يوجد نقد للنص المشروح.
فالمقدس لا يُنقد. والكامل لا نقص فيه.
وتأتي مادة الشرح من القرآن والشعر
والحديث مع أولوية القرآن على المصدرين
الآخرين، وأسبقية الشعر على الحديث.
١٨٤ ويكثر الشعر في الشروح
المتأخرة، فالشعر ديوان العرب الأول
الحامل للذاكرة. فالشرح موجه إلى
القارئ محافظًا قدر الإمكان على أسلوب «الحكم».
١٨٥ وتتكرر الحجج النقلية أكثر
من مرة. ولا توجد أشعار في المراسلات.
فالموضوع لا يحتمل ولا يحتاج. كما
يعتمد على أقوال الصوفية والشروح
السابقة خاصة شرح «زروق». ويقتبس من
بعض المصادر المدونة.
١٨٦ ويحال إلى مؤلفات الشروح
الأخرى مثل «لطائف المنن» و«التنوير».
١٨٧ وتؤخذ عدة اقتباسات ووضع
علامة «انتهى».
١٨٨ ويحال إلى الحكماء مع
الصوفية لاشتراكهم في الحكمة
«الإشراقية» كما وضح ذلك عند ابن سينا
والسهروردي. وتظهر الإسرائيليات في
حكايات الأنبياء السابقين وأحاديث الله معهم.
١٨٩ وهناك بعض اللازمات
اللغوية مثل «الله أعلم» تعبيرًا عن
الأشعرية ومخاطبة القارئ ودعوته إلى
الفهم في الصيغة الأمرية «فافهم».
١٩٠
(١٩) شروح المنلا (القرن الثالث
عشر)
(أ)
«الصلاة الكبرى
في شرح الصلاة الصغرى»:١٩٥ يحاول إبراز موضوعات المتن
مثل فضل الصلاة على النبي وثمراتها وما
قيل فيها نظمًا وفوائدها الثلاث
مستنبطة من خصائصه ومن اسمه ومن حروفه
الأربعة، وشرفه الأموي، والعمامة
الخضراء للأشراف، وأبنائه وأزواجه
وسراريه ونسبه ونسب أمه. ويتم التركيز
على المناقب والكرامات. ويظهر لفظ
«فصل» مرة واحدة وبلا عنوان.
١٩٦ ويقطع النص قطعًا صغيرة
للغاية، لفظًا لفظًا. ويسهب في الشرح
بحيث فاق المتن مئات المرات. المتن
مجرد مناسبة أو وسيلة أو أداة للشرح،
مجرد خيط تنتظم حوله المعلومات من
المصادر التي تبلغ المئات. فهو تأليف
على تأليف. المتن مجرد «عكاز» للشرح.
وبدونه لا يتم الشرح لغياب العنفوان
الحضاري الأول. ويعتمد الشرح على
القرآن والحديث والشعر وأقوال الصوفية.
١٩٧ ومنهم يظهر على استحياء.
الحسن البصري وسفيان الثوري والبسطامي
من المتقدمين، والدباغ وابن عطاء من المتأخرين.
١٩٨
(ب)
«شرح تسع
صلوات للشيخ عبد القادر
الجيلاني»:١٩٩ وهو أيضًا شرح القليل
بالكثير، وتقطيع المتن لفظًا لفظًا،
واعتباره مناسبة لتجميع المعلومات من
مئات المصادر السابقة. ويعتمد الشرح
أساسًا على الأدلة النقلية، الحديث
والقرآن والشعر.
٢٠٠ ويُرى الرسول في المنام.
ويحال إلى بعض الصوفية على استحياء،
مثل الترمذي والقشيري والسهروردي
المقتول والشاذلي ومصطفى البكري وابن
عطاء الله السكندري.
٢٠١ ويحاول الشرح إبراز
موضوعات المتن وهي فوائد الصلاة على
الرسول الست عشرة مع التحول من الظاهر
إلى الباطن.
٢٠٢
(٢٠) «المواهب الجليلة في شرح حزب
الوسيلة» لمحمد الأمين
الكيلاني
(القرن الثالث عشر)٢٠٣
وهو شرح على نفس المنوال، تقطيع النص
إلى ألفاظ يسبق كلًّا منها «وقوله»،
وتجميع أكبر قدر ممكن من المعلومات
التاريخية حول اللفظ والموضوع. وتبرز
عدة موضوعات في الشرح تجمع بين المناقب
والصلاة وبعض الأخرويات. يبرر نسب
الشيخ وأوصافه ومزاياه، والصلاة على
النبي ومدى القطع بقبولها، وفائدة
الدعاء مع أن القضاء لا مرد له، ومعنى
الفقر والفناء، والفرق بين المعصية من
المؤمن والمعصية من الفاجر، والتمييز
بين نوعين من الظلم، ظلم النفس وظلم
الخلق. ثم تأتي الأخرويات ابتداء من
عذاب القبر وسؤال الملكين وحملة العرش.
وأخيرًا تأتي عقوبة دعوى الولاية وهو
سوء الخاتمة، وفائدة حديث «من عرف نفسه
فقد عرف ربه»، وهل يجوز كتابة الصلاة
على الرسول منحوتة. ومادة الشرح هي
القرآن والحديث والشعر.
٢٠٤ كما يحال إلى بعض الصوفية
في مقدمتهم «الغزالي» في «الإحياء» ثم
القشيري والحلاج والبسطامي وزروق وآخرون.
٢٠٥ كما تدخل بعض الإسرائيليات
وروايات عيسى.
٢٠٦ وتستعمل بعض العبارات
الفارسية فيما يبدو. فالتصوف ليس له
لغة معينة. وتبرز بعض الأفكار بالتنبيه
عليها بألفاظ مثل «لطيفة»، «فائدة».
٢٠٧
(٢٢) شروح الخالدي (١٣١١ﻫ)
(أ)
«جامع الأصول في
الأولياء»:٢١٢ وهو نموذج التأليف في
تناثر البنية وتجزئتها وبعثرتها ثم
جمعها في موسوعة صغيرة أو كبيرة للم
الشتات وإعادة تجميع الأجزاء. ويتم
التجميع على الموضوع المركزي المتأخر
وهم الأولياء أصحاب المناقب والكرامات.
ويدل العنوان على ذلك «جامع الأصول» أي
إعادة تجميع التصوف حول أصوله الأولى
«في الأولياء» أي ابتداء من الأولياء،
أنواعهم وأوصافهم وأصول كل طريقة
ومهمات المريد وشروط الشيخ وكلمات
الصوفية واصطلاحهم وأنواع التصوف.
٢١٣ وهذا هو سبب التأليف
٢١٤ لا ينقسم إلى أبواب وفصول
بالرغم من الإعلان عن جمع الفصول.
وتظهر أمام الموضوعات ألفاظ مثل
«بيان». وتتنوع الموضوعات بين أنواع
التصوف الأربعة: التصوف الخلقي مثل:
النية، الزهد، الورع، الإخلاص، اليقين،
العلم، الإرادة، الكمالات. والتصوف
النفسي مثل: الواجب والخواطر،
المراقبة، المعرفة، اللطائف، البصيرة،
الحقائق، العقل. والأحوال مثل القبض
والبسط، الفناء والبقاء. والمقامات مثل
المحبة. والتصوف الفلسفي مثل: التوحيد،
الاستعانة بالله، الشفاعة، وحدة الوجود
ووحدة الشهود، الحقائق الإلهية،
الحقائق الأنبيائية. والتصوف العملي
مثل: الطرق، العزلة والصحبة، الأوراد
والأذكار، السلوك، الشيخ والمريد، آداب
المجالسة، الاقتداء، جهاد العدو وجهاد
النفس، المصائب، الشر، القطب الولي،
الكرامة، الولاية، الشريعة والطريقة
والحقيقة. النقباء والأبدال والأقطاب
والأوتاد. فأصبح الكتاب موسوعة في
التصوف، تعريفات من السابقين، هم
تاريخي مع أخذ بعض المواقف في الهامش.
٢١٥ ويبدأ تقريظ الكتاب وهي
صفة المدح للذات من سمات التأليف المتأخر.
٢١٦
والطرق الصوفية مثل الفرق الكلامية.
ويتم التركيز على النقشبندية والشاذلية
كما يتم التركيز في الكلام على
الأشاعرة والمعتزلة أو السنة والشيعة.
٢١٧ ويركز على نسب الصوفية،
وهو تقليدي جاهلي.
٢١٨ ويتم التقارب والتماثل بين
أسماء الأولياء وصفات الله.
٢١٩ وألقاب الرسول مثل ألقاب
الصوفية «سيد الأكوان»، «أكمل المرشدين».
٢٢٠ ويتم الاعتماد على القرآن
والحديث والشعر.
٢٢١ وتفصل أنواع بحور الشعر.
وتكثر الأدلة النقلية. وهو الطابع
للمؤلفات المتأخرة وكما هو الحال في
كتب الحديث والتصوف الخلقي. كما يتم
الاعتماد على القسمة العقلية والتقسيم
الثلاثي المطرد.
٢٢٢
(ب)
«متممات
كتاب جامع فصول في الأولياء
وأنواعهم»:٢٢٣ ولكي تكتمل الموسوعة
وتزداد تفصيلًا أشفع الكتاب الأول
بكتاب ثانٍ كتب له. والمتممة ثلاثة
أضعاف الأصل تقريبًا وتعطي فريدًا من
التفصيلات. وفي نفس الوقت تحاول تجميع
موضوعات التصوف في أصول. يبدأ أولًا
بمصطلحات الصوفية مرتبة ترتيبًا أبجديًّا.
٢٢٤ ثم يأتي النقشبندي شيخ
الطريقة. نسبته وولادته ومشايخه
وتلاميذه والطريقة التي تحمل اسمه
ونسبها إلى طريقة ابن عربي وطريقة
الشاذلي وعلاقته بالمريدين.
٢٢٥ ثم يأتي ثالثًا الطريق مع
بعض المقامات والأحوال مثل الهيبة
والأنس والقرب والبعد والفناء والبقاء
وبعض النظريات الصوفية في الإنسان
الكامل. ثم يأتي الطريق النظري وهو
يعادل التصوف الفلسفي في التوحيد
واليقين مع بعض المقامات مثل الشكر
والصبر والعبودية والأحوال مثل الخوف
والرجاء. وأخيرًا تظهر بعض موضوعات
التصوف العملي مثل الذكر والمجاهدة
والولاية والمكاشفة والمحاضرة
والمشاهدة مع تدخل المقامات والأحوال
من جديد حوالي مائتي موضوع متناثر
ومكرر لا جامع بينها ولا بنية فيها.
تعتمد على القرآن والشعر والحديث.
٢٢٦ كما يعتمد على الكثير من
أقوال الصوفية يتقدمهم الشاذلي ثم
النقشبندي ثم الشبلي ثم القشيري ثم
البسطامي ثم ابن عربي ويحيى بن معاذ
وذو النون … إلخ، حوالي أربعين
صوفيًّا. ومن الطرق الصوفية تتقدم
النقشبندية ثم الشاذلية ثم السهروردية
ثم حوالي أربعين طريقة أخرى.
٢٢٧ ويُرى الرسول في المنام.
٢٢٨ وتخترق الطرق الصوفية كل
المذاهب الفقهية الأربعة. ويحال إلى
عدة مصادر أولية.
٢٢٩
(٢٣) «النفحات الأقدسية في شرح
الصلوات الأحمدية
الإدريسية»
لمحمد بهاء الدين البيطار (١٣٢٨ﻫ)٢٣٠
وبين المتن والشرح ما يقل عن قرن.
وهل تحتاج الصلاة إلى شرح؟ الصلاة فعل
ومعاني، والشرح فعل عقلي. الصلاة تحتاج
إلى ممارسة، والشرح يهدف إلى الفهم.
وأحيانًا الشرح يحتاج إلى شرح
لاستعماله بعض المصطلحات الصوفية مثل
البرزخ أو حديثة مثل «مغناطيس الكمالات».
٢٣١ يبدو أن الغرض هو التعالم،
وتجميع أكبر قدر ممكن من المعلومات حول
المتن أسوة بالشرح في باقي العلوم،
الكلام والفلسفة والأصول.
٢٣٢ بل إن العنوان تغلب عليه
المغالاة مثل «النفحات الأقدسية». وإذا
كان الشرح أيضًا من علوم الذوق والكشف
فإنه يحتاج إلى شرح إلى ما لا نهاية إن
لم يكن الشرح فعل العقل والتحليل
النظري اللغوي والتجريبي.
سبب التأليف هو مجرد الاستجابة إلى
طلب أحد مشايخ الشارح، وإظهار علم
التلميذ كما هو الحال في شروح ابن عجيبة.
٢٣٣ ويتم الشرح صلاة صلاة،
وعبارة عبارة، بل ولفظًا لفظًا. فتضخم
الشرح على حساب المتن اثنتي عشرة مرة.
٢٣٤ ويتجه الشرح إلى الشارح،
ومن المتن إلى صاحبه، ومن التحليل إلى
التعظيم والتضخيم والتبجيل لإمام
العارفين وحجة المحققين وسيد العارفين
وقطب المحققين. وفي نفس الوقت تستعمل
اللازمة المعروفة «الله أعلم». ويبدأ
الشرح بذكر المتن أولًا بلا شروح.
٢٣٥ ثم يذكر متن آخر بعنوان
«الحصون النبوية المنيعة» توحي بهم
الرسول والحقيقة المحمدية.
٢٣٦ تم يشفع بمتن ثالث من الأوراد.
٢٣٧ وهي متون واضحة بذاتها
متجهة مباشرة إلى القارئ دون حاجة إلى
شرح. لذلك يبدو الشرح استطرادًا خارج
الموضوع الذي لا وجود له.
٢٣٨ والخطاب موجه إلى القارئ
مع الدعاء له «حياك الله ورعاك» «فافهم
ذلك». وهو تقليد قديم من إخوان
الصفا.
ويعتمد الشرح بطبيعة الحال على
القرآن والشعر والحديث.
٢٣٩ وواضح غلبة القرآن عشرة
أضعاف الشعر وعشرة أضعاف الحديث.
فالقرآن أقرب إلى الوجدان. وهو المصدر
الرئيسي للصلوات. وهي آيات وأحاديث
صوفية منتقاة يمكن انتقاء غيرها في
اتجاه معاكس للتصوف. والقرآن به كل شيء
ويمكن للشارح إمالته على الجانب الذي
يريد. ردًّا للكل إلى أحد أجزائه.
ونظرًا لأن الشرح ليس له موضوع فقد
أضاف الشارح عناوين فرعية من لديه كعصب
للشرح وهيكل عظمي له. الشرح مجرد
مناسبة للتعبير عن عقائد الصوفية خاصة
الحقيقة المحمدية. كما يعتمد على أقوال
الصوفية السابقين. ولكل منهم ألقابه:
الشيخ الأكبر، وسلطان العارفين،
والإمام ابن عربي، ثم الغوث القطب
الجيلي، ثم سلطان العاشقين ابن الفارض،
وأحمد الإدريسي صاحب المتن ثم الحلاج
ثم علي وفا ثم الغوث الجيلاني ومحمد
وفا الدباغ، ثم الغزالي والبكري، ثم
النقشبندي والأبوصيري والبسطامي، ثم
ابن عطاء الله والشبلي والخراز
والقونوي والتستري
وعبد القادر الجزائري والشاذلي وابن
مشيش وجعفر الصادق وغيرهم.
٢٤٠ وواضح الحضور الطاغي لابن
عربي. وتظهر الاقتباسات بلفظ «انتهى».
٢٤١ ومن الأنبياء موسى وآدم ثم
عيسى ثم حواء. ويلتقي البعض منهم خارج
التاريخ في عالم الأرواح مثل لقاء ابن
عربي بموسى، وابن عربي بالحلاج. ومن
المصادر تأتي مؤلفات ابن عربي في
المقدمة، «الفتوحات» ثم «الفصوص» ثم
«التجليات» ثم «عنقاء مغرب».
٢٤٢ ومع ذلك لا تخلو بعض جوانب
الشرح من القسمة والعدد والإحصاء.
٢٤٣ والأهم من ذلك كله تحول
الشرح من المتن إلى صاحب المتن، من
النص إلى الشخص، ابتداء من شخص المؤلف
إلى شخص الشيخ إلى شخص الرسول، والتوجه
بالشرح كله في النهاية إلى الحقيقة
المحمدية والتي لها صياغات عديدة
ابتداء من محمد الرسول إلى «السيد
الأعظم» إلى «حقيقة محمد» إلى «كمال
محمد» حتى «البحر المحمدي»، «المظهر
المحمدي»، «السر المحمدي»، «المرآة
المحمدية»، «الحضرة المحمدية»، «الحضرة
الإلهية المحمدية»، «الربوبية
المحمدية». وفي «الإنسان الكامل» يمحى
التمييز بين الله والرسول والولي. كما
يختفي التمييز بين محمد والكون. فمحمد
هو النور والخلق والدهر وهو على علم
بالفلسفة اليونانية، المادة والهواء والعماء.
٢٤٤ وعلي خليفته ووصيه مما
يوحي بالصلة الشهيرة بين التصوف والتشيع.
٢٤٥ وتؤول آيات موسى وهارون
لتطبيقها على محمد وعلي.
(٢٤) «الإلهامات الإلهية على
الوظيفة
الشاذلية»
لأبي الشامات الدمشقي (١٣٤١ﻫ)٢٤٦
وبين الشرح والمتن حوالي سبعة قرون.
لا يضيف جديدًا، ولا هدف له. ومع ذلك
الشرح عبارة عبارة ولفظًا لفظًا مع
إعجاب بصاحب المتن أكثر من المتن.
ويسميه الشارح «سيدي المؤلف».
٢٤٧ وله مقدمة لا هدف لها إلا
ذكر أكبر قدر عدد ممكن من المشايخ.
٢٤٨ ويقع الشارح في الاستطراد.
٢٤٩ وتعتمد مادة الشرح على
الشعر ثم الحديث ثم القرآن.
٢٥٠ وتؤخذ عدة اقتباسات من
الشاذلي ثم النابلسي. ويحال إلى أبي
العباس المرسي وزروق، ومن الفقهاء إلى
السيوطي والعز بن عبد السلام ومن الطرق
الصوفية يحال بطبيعة الحال وباستمرار
إلى الشاذلية وآخرين.
٢٥١ وينتهي الاقتباس بلفظ
«انتهى» ويحال إلى بعض المصادر المدونة.
٢٥٢
(٢٥) «كشف الأسرار لتنوير الأفكار»
لمصطفى البيروني (١٣٥٠ﻫ)٢٥٣
وبين المتن والشرح ما يقرب من سبعة
قرون. المتن صغير والشرح كبير دونما
حاجة إلى شرح الواضح وتنظير الابتهالات
والدعوات والمناجيات والصلوات.
٢٥٤ ومع ذلك يقطع المتن
الصغير، عبارة عبارة، ولفظًا لفظًا بل
وحرفًا حرفًا لتكبير الشرح، وجعله أكثر
أهمية من المتن عن طريق الزيادة الكمية.
٢٥٥ ونظرًا لأن الشرح لا موضوع
له فقد تم التحول من المتن إلى صاحبه
ومد نسبه الشريف إلى الرسول مع سلسلة
المشايخ التي تعادل سلسلة الرواة في
علم الحديث. ويُرى الرسول في المنام
وتؤخذ منه أحاديث مباشرة
٢٥٦ ويعتمد الشرح على القرآن
والشعر والحديث.
٢٥٧ كما يتم اقتباس العديد من
أقوال الصوفية وفي مقدمتهم الشاذلي
الذي ينسب إليه المتن بالإضافة إلى
أقواله وأدعية أخرى وأحزابه مثل حزب
البر وحزب البحر وحزب اللطيف وغيرها.
٢٥٨ ثم يحال إلى أبي العباس
المرسي ثم إلى الدرقاوي والشعراني وابن
عطاء الله وكتابه «لطائف المنن»
و«الطبقات الكبرى» وابن دقيق العيد.
٢٥٩ والمقدمة طويلة دون أن
تتضمن أي إشكال أو قضية أو موضوع.
٢٦٠ وتروى حكايات وكرامات عن
مشايخ الطريقة. والشرح كله أقرب إلى
الإبداع الأدبي والنثر الفني. يتخلله
أسلوب القول للإيحاء بالحوار والنقاش
والردود على الاعتراضات. ومن كثرة
الإعجاب بالشرح يأتي تقريظه من بعض
المشايخ في النهاية.
٢٦١