(أ) «القواعد الكشفية الموضحة لمعاني
الصفات الإلهية»٧٨
وهي في نظرية الذات والصفات والأفعال مثل
«التحبير والتذكير» للقشيري، و«شرح أسماء
الله الحسنى» للغزالي، وهي ليست في الصفات
الإلهية وحدها بل في كل موضوعات علم
الكلام، متناثرة بلا بنية أشعرية، العقليات
والسمعيات أو الإلهيات والنبوات أو
اعتزالية، الأصول الخمسة. هو نوع من علم
الكلام الصوفي حيث تتجلى الذات الإلهية ليس
فقط في الصفات والأفعال بل أيضًا في الكون
كله، في الكون والإنسان. الحق والخلق واحد.
والقضاء يضم كل شيء. لا توجد قسمة إلى
أبواب وفصول، فالتوحيد لا ينقسم. وسبب
التأليف هو إعادة التأليف في أجوبة
الأنبياء والمرسلين والصحابة والتابعين
وتابعي التابعين بعد أن كان المؤلف قد صنف
فيه من قبل جزأين. نفس المادة يعاد جمعها
عبر عشرة قرون، ولكن على نحو مختصر.
٧٩ ويكرر نفس الهدف في مقصود
الكتاب، الدفاع عن عقائد السنة والجماعة ضد
الجهلة الملحدين.
٨٠ فهو كتاب سجالي، دفاعًا عن
العقائد ضد الشبهات حولها من الفلاسفة
والمتكلمين. يأخذ التصوف هنا دور علم
الكلام التقليدي ويصحح عقائده ضد شبهة أن
عقائد الصوفية معارضة بل ومناقضة لعقائد
أهل السنة. لذلك يكثر استعمال لفظ «توهم».
٨١ كما تدل باقي الألفاظ على
التحليل العقلي للموضوعات.
٨٢ وفي نفس الوقت تعرض الخصائص
الباطنية للعلم.
٨٣ ويستعمل أسلوب القول «فإن قال
قائل طبقًا لأساليب الحجاج التقليدية في
علم الكلام. ويخاطب القارئ لدعوته إلى
الفهم الجديد.
٨٤
ويعتمد على القرآن والحديث دون الشعر.
٨٥ فالموضوع عقلي وليس وجدانيًّا.
ومن أعلام الصوفية يتصدر ابن عربي ثم علي
الخواص، ثم علي الرصفي، ثم القزويني، وعلي
بن وفا، ثم التستري، ثم إبراهيم المتبولي،
والجنيد، والغزالي. ومن الفقهاء أحمد بن
حنبل. ومن المتكلمين الأشعري، والماتريدي.
٨٦ ومن الصحابة علي. ومن الأنبياء
الرسول ثم آدم، ثم موسى ثم عيسى. ومن الفرق
الأشعرية والماتريدية. وتذكر بعض الإسرائيليات.
٨٧
(ب) «اليواقيت والجواهر في بيان الأكابر»٨٨
لم تكتفِ المؤلفات المتأخرة بعقد فصل عن
«علم العقائد» دفاعًا عن عقائد الصوفية ضد
الاتهامات الموجهة ضدها بالانحراف عن
العقائد السنية بل أبدعت «علم الكلام
الصوفي»، أو «التصوف الكلامي» حتى أصبح
علمًا مستقلًّا من الصعب التمييز فيه بين
«الكلام والتصوف»، بين العلوم العقلية
والعلوم الكشفية، بين علوم العقل والذوق.
ويعني النصف الأول من العنوان «اليواقيت
والجواهر» اللب والجوهر. ويعني النصف
الثاني «في بيان عقائد الأكابر» عقائد
الصوفية باعتبارهم أكابر القوم.
وتتوالى ألقاب التقديس للصوفية.
فالشعراني هو الإمام العارف الرباني سيدي
عبد الوهاب الشعراني. وتليها الدعوات له
نفعنا الله والمسلمين ببركاته، وأفاض علينا
من نفحاته آمين، مما يدل على التوجه العملي
في الطريقة بعد التصوف النظري.
وهذا هو سبب تأليف الكتاب «بيان عقيدة
الشيخ المختصرة المبرأة له من سوء الاعتقاد».
٨٩ فالشيخ محيي الدين هو نموذج
الصوفي الذي طغى على التصوف على مدى قرون
من القرن السابع حتى النابلسي في القرن
الثاني عشر. وهو مبرئ من القول بوحدة
الوجود، وهل في الاعتقاد صواب وخطا وتصحيح
وتخطئة أم هي وجهات نظر متعددة. لذلك أتي
الأسلوب خطابًا للقارئ كما هو الحال لدى
«إخوان الصفا».
٩٠ وهذا لم يمنع من نقد ابن عربي
بين الحين والآخر في بعض أوجه الاستدلال التفصيلية.
٩١
ويتكون الكتاب من أربعة فصول. أكبرها
الرابع والذي يشمل بمفرده واحدًا وسبعين
بابًا. الأول عن نبذة مختصرة عن حياة الشيخ
محيي الدين.
٩٢ والثاني تأويل كلمات أضيفت
إليه ورواها جماعة ابتلوا بالإنكار عليهم
والشيخ نموذجهم. فقد بدأ الدس على الصوفية
لتشويه سمعتهم وعقائدهم.
٩٣ والثالث إقامة العذر لأهل
الطريق لتكلمهم بعبارات مغلقة على غيرهم
ومصطلحًا ورموز لا يعلم معانيها إلا هم.
٩٤ والرابع جملة من القواعد
والضوابط التي يحتاج إليها من يريد التبحر
في علم الكلام، وهو المقصود.
٩٥ وهو ما يتصدر الكتاب.
٩٦
وتتوزع موضوعات علم الكلام على واحد
وسبعين مبحثًا داخل الفصل الرابع أسوة بنسق
علم الكلام الأشعري بداية بحدوث العالم
بغير حاجة إليه ولا موجب عليه، وأنه لم
يبدعه في ذاته ودون أن يحل أو يتحد معه كما
يشاع عن الصوفية، وأنه أبدعه على غير مثال
سابق، ودون تفصيل في الأدلة على وجود الله.
٩٧ علم الأشياء قبل وجودها،
وأوجدها على ما علمها، مع تفصيل صفة خلق
عيسى. ولا توجد نظرية للعلم كما هو الحال
في علم الكلام الأشعري عن العلم والعلوم
قبل البداية إثبات حدوث العالم. إنما فقط
بعض البدايات فيها مثل وجوب معرفة الله على
كل عبد قدر وسعه بالرغم من صحة أخذ الله
العهد والميثاق على بني آدم وهم في ظهره
عليه. وهو ميثاق المعرفة والفضيلة. كذلك
يظهر موضوع الخواطر الواردة على القلب داخل
موضوعات الإيمان.
٩٨ ثم تظهر نظرية الذات والصفات
والأفعال والأسماء، لب نظرية الأشاعرة في
التوحيد. فالله واحد منفرد في ملكه لا شريك
له وهو مخالف للحوادث. لا يحويه مكان ولا
يدخل في زمان، موجود دائمًا. هو الأول
والآخر، الظاهر والباطن. وهي موضوعات
الذات. وهو سر لا يمكن معرفته عند الأشاعرة.
٩٩
ثم تأتي الصفات. وهي قديمة كما هو الحال
عند الأشاعرة. فالله لم يزل موصوفًا بمعاني
أسمائه وصفاته كما تقتضي بذلك قواعد
التنزيه. وهي صفات عين وغير ولا عين ولا غير.
١٠٠ ولا يجوز تأويل آيات الصفات
كما فعل السلف خوفًا من الوقوع في التشبيه.
وهنا يبدو أن التصوف المتأخر أكثر حرفية من
الأشعرية المتقدمة. والكلام والكرسي واللوح
والقلم والاستواء على العرش أيضًا تقع بين
التنزيه والتشبيه. والله مرئي للمؤمنين
بالقلوب في الدنيا، وفي الآخرة بأبصار بلا
كيف. وأسماء الله توقيفية، وليست اصطلاحية.
وهي ثمانية: الحي، العالم، القادر، المريد،
السميع، البصير، المتكلم، الباقي، مع أنه
في النسق الأشعري الصفة الثامنة. الباقي من
أوصاف الذات وليست من الصفات.
١٠١ ومع ذلك يدخل الإيمان بوجود
الجن وكأنه موضوع ضروري للتوحيد.
١٠٢ ثم تأتي الأفعال لبيان أن الله
خالق لأفعال العباد مثل خلقه لذواتهم. وهو
الحجة البالغة عليهم. ولا رازق إلا الله.
١٠٣ والتكليف للإنس والجن بشرط
العقل وليس درجات القرب. وهنا يجب الكلام
التصوف ونظرية إسقاط التدبير. وأفعاله عين
الحكمة وليست بالحكمة خوفًا من الوقوع في
التعليل بالغاية والغرض، كما هو الحال في
النسق الأشعري.
١٠٤
وبعد الإلهيات أي العقليات تأتى السمعيات
أو النبوات ابتداءً بالنبوة.
١٠٥ وتشمل المعجزات والفرق بينها
وبين السحر كالشعوذة والكهانة، واستحالة
المعجزة على يد الكاذب كالمسيح الدجال،
والفرق بين معجزات الأنبياء وكرامات
الأولياء. وتشمل أيضًا الحكمة من بعث الرسل
بالرغم من نفي الغاية الغرض، وعصمة
الأنبياء من أي فعل أو حركة أو سكون ينقص
من كمالهم، وثبوت رسالة النبي وهو أفضل
الخلق على الإطلاق، خلطًا بين الرسالة
والرسول، والفرق بين النبوة والرسالة
الأولى، رأسية، والثانية أفقية. ثم تتحول
النبوة والرسالة والبعثة إلى تشخيص في
النبي والرسول والمبعوث وذكر فضائله قبل
الوقوع في الحضرة أو الحقيقة المحمدية. قصة
الإسراء والمعراج واقعة تاريخية، ومحمد
خاتم الأنبياء. ورسالته عامة للجن
والإنسان، والإذعان والطاعة لكل ما جاء به
دون اعتراض. وهو أفضل الخلق، وأفضل
الأنبياء الذين أرسلوا أو لم يرسلوا
والملائكة خواصًا وعوامًا، وواجب بر
الأنبياء وعدم الخوض في حكم أبوي النبي
وأهل الفترة، وأن منفعة الأنبياء للبشر
وليس لله.
١٠٦ ثم يأتي ذكر الأولياء، وهو
موضوع صوفي خالص، خارج علم الكلام
التقليدي. فالولاية جزء من النبوة. ولا فرق
بين أولياء الصوفية والصحابة. فأفضل
الأولياء أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، دون
الدخول فيما شجر بينهم. وأكبر الأولياء بعد
الصحابة القطب ثم الأفراد ثم الإمامان ثم
الأوتاد، ثم الأسدال. ووحي الأولياء
إلهامي. ومقاماتهم متعددة ثم مقامات الرسل.
وجميع الصوفية والأئمة المجتهدين على هدي
من الله. والكرامات نتيجة للعمل طبقًا
للكتاب والسنة دون تدخل خارجي وخرق
للعادات.
ثم تأتي موضوعات الإيمان والعمل قبل
الأخرويات مثل الفرق بين الإسلام والإيمان،
وربط الإيمان بالمشيئة الإلهية، وأن الفسق
لا يخرج من الإيمان. والتوبة واجبة على
الفاسق قبل الغرغرة وعلى كل عاص. ولا يجوز
تكفير أحد من أهل القبلة بذنب أو بدعة
والتكفير منسوخ أو مؤول بأنه تغليظ وتشديد.
وملاذ الكفار في الدنيا استدراج من مع الله
أن الله خير لا يفعل إلا الخير. وهو الذي يتولاهم.
١٠٧ ولا تذكر الإمامة إلا في مبحث
واحد في وجوب نصب الإمام الأعظم ونوابه على
البشر وليس على الله ووجوب طاعته وعدم
الخروج عليه.
١٠٨ وأخيرًا تظهر الأخرويات التي
هي في النسق الأشعري الموضوع الثاني بعد
النبوات، مستقبل البشرية بعد ماضيها في
النبوة، نظرًا لأهمية الأخرويات في التصوف
النظري. فالموت انتهاء الأجل. والنفس باقية
بعد فناء الجسد. والأرواح مخلوقة من أمر
الله، ولا يمكن للعقل معرفة كنهها. وسؤال
منكر ونكير وعذاب القبر ونعيمه حق خلافًا
للمعتزلة والروافض، وليست مجرد ترغيب
وترهيب نفسيين. وأشراط الساعة حق، وليست
مجرد علامات أو مؤشرات على النهاية بمعنى
تحقيق الغرض. ويعاد البشر كما خلقوا أول
مرة، وتُهيئ الأجساد لقبول الأرواح. والحشر
بعد البعث وتبديل الأرض غير الأرض والسموات
غير السموات. والحوض والصراط والميزان حق
وتطاير الصحف والعرض على الله يوم القيامة
حق كذلك. والرسول أول شافع يوم القيامة.
والجنة والنار حق مخلوقتان قبل آدم.
١٠٩
والحقيقة أنه لا يوجد فرق بين علم الكلام
الأشعري وعلم الكلام الصوفي إلا في أقل
القليل من حيث الترتيب والانتهاء
بالأخرويات وليس بالإمامة أو في الكم صغر
حجم الإمامة للاستعاضة عنها بالأقطاب
والأبدال والأوتاد أو النقص مثل نظرية
العلم أو الزيادة مثل الولاية والكرامة. لم
يخرج علم الكلام الصوفي عن علم الكلام
الأشعري التقليدي. ولا يوجد علم كلام كشفي
في مقابل علم الكلام العقلي. وهل يتفق علم
الكلام العقلي وعلم الكلام الكشفي إن وجدا
على النسق الأشعري؟ وهذا يدل على أن التصوف
أشعرية روحيه ذوقية وأن الأشعرية تصوف عقلي
جدلي. والخطورة وقوع الكشف في التجسيم في
حين أن النسق الأشعري يكتفي بالتشبيه.
والاعتزال ذهاب إلى التنزيه إلى الحد الأقصى.
١١٠
والاعتماد شبه كلي في علم الكلام على
المصادر الصوفية والكلامية السابقة خاصة
ابن عربي في «الفتوحات»، بابًا بابًا ودون
ترتيب مما يدل على الحضور الهائل لكتاب
«الفتوحات» على التصوف النظري والعملي على
مدى ستة قرون. بل تحول ابن عربي نفسه إلى
طريقة صوفية هي الطريقة «الأكبرية».
وأسلوبه نقل النصوص والرد على الاعتراضات.
وهو أكثر الكتب إحالة إليه مما يضع سؤالًا
حول تأليف الشعراني التي كلها اقتباسات
وتجميع من السابقين. لذلك كثرت وتضخمت. ومع
ذلك علوم أهل الكشف موجودة أيضًا خارج
«الفتوحات». وما «الفتوحات» إلا نموذج.
١١١
(ﺟ) «كشف الحجاب والران عن وجه أسئلة الجان»١١٢
والعنوان يوحي بالاغتراب خارج العالم،
عالم الجان ولكنه في الحقيقة في علم الكلام
الصوفي، أسئلة الجان هي أسئلة المتكلمين
وكشف الحجاب والران هي أجوبة الصوفية. وتضم
ثمانين سؤالًا موزعة بين موضوعات الكلام
التقليدية وموضوعات التصوف. وقد تم التعبير
بإخراج مسرحي خيالي، الجان تسأل وهم
المتكلمون، والصوفية تجيب، والشعراني نيابة
عنهم. والإجابة نثرًا ونظمًا، نثرًا من
المتكلمين وشعرًا من الصوفية، شفاهة وكتابة
دفاعًا عن التصوف ضد الشبهات التي قيلت عنه
خاصة حول الاتحاد والحلول.
١١٣
ويحال إلى الشيخ محيي الدين بن عربي ثم
الشبلي، ثم الجنيد، وعلي بن وفا وعبد
القادر الجيلي، وعلي الخواص.
١١٤ وألقاب الشعراني هذه المرة،
العارف بالله، العلامة المحقق، أبو المذاهب
اللدُنِّية، سيدي الشيخ. وكلها صوفية
عرفانية. وقد تحتاج الأجوبة إلى مراجعة
العارفين. فالفتح متنوع وطبقًا للوقت.
١١٥
ويمكن تصنيف الأسئلة الثمانين في عدة
موضوعات كلامية طبقًا للنسق الأشعري، نظرية
العلم، الذات والصفات والأفعال لب الإلهيات
أو العقليات، والسمعيات أو النبوات، النبوة
والمعاد، والإيمان والعمل، وتسقط الأسئلة
الإمامة أي السياسة فالجن لا يهتمون
بالسياسة.
وموضوعات نظرية العلم: استحالة إدراك
الحق بالأدلة كما يحاول المتكلمون وإمكانية
ذلك بالكشف عند الصوفية، استحالة إدراك
الجسم الروح مع أنه قائم به، سبب تكييف
العقول للحق، والحق لا يكيف ولا يمثل ولا
يشبه، إمكانية معرفة الله كما يعرف الإنسان
نفسه، اختلاف الخلق في وجوه المعارف. وصواب
الكل، واعتماده على كلام الله، كيفية
الخروج من علوم الأوهام إلى العلم اليقيني.
وتثار عدة أسئلة: وإذا كان العلم نورًا
والجهل ظلمة فالإنسان ميت لجهله بنفسه، وفي
موضوع التفكر في العالم أيهما أتم الذكر أم
الفكر؟ وفي موضوع طبيعي خالص إذا كان الظل
لا ينفك من الشخص، فالشخص هو القائم وهو
المتمسك بالظل إن شاء أوجده أو أعدمه، وهو
تشبيه على أن العالم ظل الله.
١١٦
ففي نظرية الذات والصفات والأفعال يتم
السؤال عن السبب في وقوع الخلق في التشبيه
وابتعادهم عن التنزيه، والاتحاد عند أهل
الإلحاد، وإرجاع الحق إلى العبد، والحلول،
بالرغم من وجود بعض الأحاديث القدسية التي
توحي بالاتحاد مثل «كنت سمعه الذي يسمع به
وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها
ورجله التي يمشي بها»، ومعنى «أنا الحق»،
ولماذا لا يكون العبد عين الحق، أول مرتبة
في الوجود والمشاركة فيه؟ وعدم جواز رؤيته
مع أنه أقرب إلينا من حبل الوريد. وهل
تتطلب الرؤية التميز في المكان؟ واستحالة
سماع كلام الله بالرغم من قربه، وقراءة
الإنسان القرآن بصوته. وقوله قال الله،
ورؤية العبد للرب في المنام صورة صحيحة أو
خيالًا لأن الله لا يظهر في صورة؟ هل يمكن
الوصول إلى التنزيه المطلق؟ وهل صفات الله
صفات كمال في الحق دون تأويل أم أنها ليست
كذلك وفي حاجة إلى تأويل؟ وتبرز صفة العلم
وحدها وليس باقي الصفات، إذ كيف يتفق العلم
الأزلي مع حدوث العلوم؟
١١٧
ومن الأفعال عند الأشاعرة أو العدل عند
المعتزلة يبرز سؤال إذا كانت الأفعال حسنها
وقبحها من الله فلماذا الشقاء؟ وإذا كانت
أفعال العباد مخلوقة من الله فلم التوبة؟
وما ثمرة وجوب النية؟ وهل تغني الأسباب عن
الله؟ وهل تمنع المقادير العبد من الحذر
والتربص؟ وهل تحرر أحد من رق الأكوان؟ وإذا
كانت الأمور برجع إلى الله فلماذا الشقاء؟
وكيف يستدرج الله الإنسان من حيث لا يعلم،
والمؤاخذات الإلهية لا تكون إلا بعد علم؟
١١٨
وفي السمعيات عن المعاد هل النار من
الأعمال حتى تتفاوت أم مستقلة عنها؟ وفي
النبوة هل بلغ أحد من الخلفاء الأكابر من
الرسل مرتبة فعل ما يشاء من غير تحجير
عليه؟ وهل الرؤيا الصادقة قسم من الوحي؟
وهل بين النبوة والصديقية لأحد؟ وهل بين
الرسالة والولاية مرتبة؟ وهل في الملائكة
أولياء وأنبياء من غير رسالة كالبشر؟ وهل
الولاية استدراج ما دام الحق سمى نفسه
وليًّا؟ وهل يحتاج الرسول لإبلاغ الوحي إلى
نية؟ وفي موضوع الإيمان والعمل إذا كان
الحياء الإيمان فهل هو مطلق أم مقيد؟
١١٩
وهي نفس المشاكل في الحديث مثل «وسعني
قلب عبدي المؤمن». فهل الله يحل في مكان؟
وكيف يصاحب الله العبد في سفره «اللهم أنت
الصاحب في السفر»؟ وكيف يوصف الله بالغيرة
في الحديث، والغيرة نقص؟ وكيف يمدح الناس
الجوع والرسول يدينه بقول «الجوع بئس
الضجيع»، وهل الموت خير من دوام التوحيد في
حديث «سيأتي على الناس زمان يصير فيه الموت
تحفة لكل مسلم»؟
١٢٠
وهناك بعض الموضوعات خاصة بالقرآن من أجل
رفع التناقض الظاهري فيه أو من حيث أثره
على النفس مثل شيب الرسول من سورة هود
وأمثالها وخوفه من عصمته ويقينه أن الحق لا
يمكر به، وآيات أخرى نوحي بالعصمة مثل
وَلَوْلَا أَنْ
ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ
إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا،
ومعارضتها الظاهري مع آية
لَئِنْ أَشْرَكْتَ
لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ
مِنَ الْخَاسِرِينَ. وكيف يكون
الإيمان بالله مع الشرك به في آية
وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ
بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ
مُشْرِكُونَ؟ وإذا تبرأ الله من
العبد فمن يمسك عليه وجوده طبقًا لآية
بَرَاءَةٌ مِنَ اللهِ
وَرَسُولِهِ؟ وإذا تخلص الأنبياء
من الشرك فكيف يؤمرون بالإخلاص؟ وما تأويل
إضافة الله الجوع والظمأ إلى نفسه؟
١٢١
وتظهر موضوعات علم الكلام الكشفي مثل
مقام المحبة، وشكوى المحب من البعاد بالرغم
من كشفه له في قلبه. وأيهما أفضل في الحب
الوصل أم الهجر، الشوق للمحب أم الاشتياق
للمحبوب؟ ويظهر مقام الفناء والبقاء وأيهما
أسلم؟ ومقاما الشكر والصبر على بلاء
الأولياء، وهل الشكر واجب؟ وإذا كان الزهد
ترك شيء ليس للزاهد فهو جاهل لأنه يزهد
فيما لا وجود له. ويظهر موضوع الأولياء وهل
تستطع أرواحهم الوصول إلى الأخلاق؟ وهل
الولي كثير الكرامات أم قليلها؟ والترقي في
مقامات السالكين هل هو للإنس والملائكة أم
للإنس وحدهم؟ والحضور والغياب صفتان لله أم
حالتان للنفس؟ ولماذا لا تحزن الأكابر على
ما فاتهم من أمور الدنيا، والحزن على فوات
الطاعات محمود؟ وهل يصح الأنس بالله من
الخلق مما يتطلب مناسبة بين الخالق
والمخلوق؟ وهل تجلياته في القلب هي عين
ذاته في الحق؟ وهل بعد الفتح على المسالك
خوف من جهة مكر الله أم يزول عنه الخوف
ويصبح في أمان؟ وهل تصح الخلوة مع الله
بنور الإيمان وهو ليس في مكان؟ وهل الطريق
حقيقة أم كشف؟ وما هو أقرب طريق للوصول إلى
الهزة؟ ولماذا يعاقب الإنسان إذا ما اتبع
هواه؟ وأيهما أفضل البقاء في البيت أم
السياحة في البوادي؟
١٢٢
ومن موضوعات التصوف الخلقي، الفضائل
والرذائل. والرياضة والمجاهدة في أول
الطريق في التصوف النفسي. وهل يمكن زوال
الصفات الروحية للنفس والقناعة؟ وفي الصفة
والأخلاق كيف يذهل العارف في الصلاة؟
ولماذا ذم الخشوع في الصلاة والله مدح
الخاشعين؟ وكيف تتكون الأعمال الصالحة
بعلاقة الشيخ بالمريد أم بجذب الله؟ كما
تظهر نظرية العلم الكشفي مثل: هل يصح سلب
اليقين من العبد كما يسلب العلم؟ وهل يأتي
الإلهام لمن صفت نفسه من الكدورات؟ وهل في
المنام يقع تكييف الواقع طبقًا للحق أو هو
راجع للعبد؟ ولماذا الإشارات والرموز التي
لا يفهمها أحد من الإنس والجن مع أنها علوم
قائمة على قواعد الشريعة؟ وكيف تعقل الوحدة
والإنسان لا يقل إلا اثنين: الروح والجسم،
وليس وحدتهما؟
١٢٣