رابعًا: علوم الحديث والسيرة
وهما من العلوم النقلية. إذ يعود التصوف إلى علم الحديث وعلم السيرة. ومنهما قد نشأ في مرحلة التصوف الخلقي. والآن يعود التصوف ليجد فيهما ملجًا وملاذًا للحقيقة المحمدية. ويبعد التصوف الخلقي إلا فيما ندر. وكما كان الأمر في البداية، لا فرق بين كتب الحديث وكتب التصوف، كذلك عاد نفس الأمر في النهاية. فقد أصبحت كتب التصوف مجموعات في علم الحديث. ثم أصبح علم السيرة هو الحامل للحقيقة المحمدية. وكلما تضخمت شخصية الرسول من علم الحديث إلى علم السيرة، من القول إلى الشخص كذلك تضخم علم السيرة من شخص الرسول إلى الحقيقة المحمدية، من محمد البشري إلى محمد الإلهي، من محمد الرسول إلى محمد الحقيقة، من محمد الظاهر إلى محمد الباطن، وبتعبيرات الصوفية من محمد إلى أحمد.
وبالرغم من أن الترتيب الزماني قد يقطع الموضوع الواحد المتصل بفقرات الزمان المتقطعة إلا أنه يحافظ على المسار التاريخي لمعرفة كيفية تخلق الموضوعات عبر الزمان المتصل. فالوعي الموضوعي يقوم بدور الوعي التاريخي والمنهج التاريخي. والجمع بين الاثنين، الموضوع والتاريخ يبرز الموضوع في تطوره التاريخي.
(١) علم الحديث
(أ) «التوبة» لابن عساكر الدمشقي (٥٧١ﻫ)١
(ب) «الذب عمن تاب من الذنب طالبًا لمرضاة الرب» لابن ناصر الدين الدمشقي (٨٤٢ﻫ)٣
(ﺟ) جواب سؤال عن الصبر والحلم» للشوكاني (١٢٥٠ﻫ)٩
(د) «هادي المريد إلى طرق الأسانيد» للنبهاني (١٣٥٠ﻫ)١٢
(ﻫ) «المنتقى المفيد من العقد الفريد في علم الأسانيد» للأروادي (١٢٧٥)١٦
(٢) علم السيرة
وهو أضخم علم دخل التصوف فيه، وعبر عنه «الحقيقة المحمدية» خلاله حتى أصبح من الصعب التمييز بين علم السيرة والتصوف. ويصعب العرض التاريخي الخالص دون إبراز الموضوع. كما يصعب إبراز الموضوع دون تطوره التاريخي، وعرض الموضوع من خلال التاريخ.
تتضخم شخصية الرسول تدريجيًّا من البشرية إلى الإلهية، من مدح فعاله إلى مثاله الأخلاقي إلى سيرته الكاملة من الميلاد حتى تلقي الوحي. ثم يتضخم الرسول إلى محمد الحقيقة من الصلاة عليه وقراءة الأوراد إلى مدحه وتعظيمه وتفخيمه إلى الاستغاثة به ورجاء الشفاعة منه إلى محمد الكوني القديم الذي خلق العالم منه وخرجت النبوة من ثناياه، خلق وآدم بين الماء والطين. وهو سيد ولد آدم ولا فخر.
(أ) مدح النعال
ويعني «مدح النعال» التركيز على أحد جوانب لبس الرسول وهو النعل ومدحه. فكل شيء في لبس الرسول، نعله، وعمامته ورداؤه موضوع للكمال ومن ثم للمديح.
(١) «فتح المتعال في مدح النعال (وصف نعال النبي)» للمقرئ التلمساني المغربي (١٠٤١ﻫ)١٨
وتبلغ قمة تعظيم الرسول في مدح نعاله وهي جزء من لباسه، ولباس جزء من جسده. يجمع بين النثر والشعر بين الأدب والسيرة. و«النعل» لفظ قرآني فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ فاخلع نعليك. وذكر أيضًا في الحديث. والمقصود المعنى الحرفي نعل الرسول وخفه. ما يوضع في القدمين، وليس المعنى المجازي، خلع النعلين حين وطأ المقدس، واحترامًا للمكان الطاهر.
(ب) الكمال الأخلاقي
«ويعني الكمال الأخلاقي» وصف شمائل الرسول وحسن أخلاقه وصفاته، وأمانته، وصدقه، وإخلاصه، وورعه، وتقواه، وزهده، وكأنه أحد الصوفية في مرحلة التصوف الخلقي. وأهم متونها:
(١) «الكمالات الإلهية في الصفات المحمدية» للجيلي (٨٣٢ﻫ)٢٨
وموضوعه الحقيقة المحمدية التي بلغت مستوى الذات الإلهية. فالأسماء الإلهية أيضًا صفات لمحمد. أسماء الله هي أسماء الرسول. والإنسان الكامل هو الله والرسول.
(٢) «شمس الآفاق بنور ما للمصطفى من كريم الأخلاق» للبكري الصديقي الشافعي المكي (١٠٥٧)٣٥
وهو عود إلى السيرة الخلقية للرسول توجيها من حديث «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق». وفي قطعة واحدة بلا قسمة إلى أبواب وفصول، موضوعات متناثرة بين حسن الخلق مثل الكرم والحياء والعفو والجود والشجاعة والتواضع والرضا والرفق وكظم الغيظ. ثم تأتي صفات سلوكه الشخصي مثل الضحك والبكاء والمنطق والألفاظ، والمشية والقول. ثم تأتي كيفية اللباس، القميص والجبة والإزار والرداء والحلة والبردة والعمامة والقلنسوة والسراويل والصوف واللباس والخف والنعل. ثم تأتي أدوات الحرب، القوس والرمح والسيف والدرع واللواء والراية والحربة والقضيب والكرسي والقبة والخيل والسرج والبغلة والحمار والناقة والشعار. ثم يأتي الفراش واللحاف والقطيفة والوسادة والسرير والحصير والاكتمال والمرأة. ثم تأتي عباداته، القراءة والقيام ليلًا والاجتهاد والتضرع. تم يأتي الطعام والشراب والمائدة والسفرة والصفحة وأكله السمن والعسل والرطب والتمر والتين وشرب النبيذ، وأكل القرع والخل والزيت وغسل اليدين، وحبه للنساء والطيب والصلاة، وعلاقاته الاجتماعية مثل عيادته المرضى واستعمال اليمين ومشورته لأصحابه وسلامه وتشييع الجنازة وجلوسه. وهو خلط بين السنة القولية والسنة العادية. وبين السنة والعادة. وهو رسم لشخصية الرسول كما يفعل المخرج السينمائي أو المسرحي. يتكلم الفارسية والحبشية دون ذكر للقبطية التي كان يحتاج إليها للحديث مع مارية القبطية، هدية المقوقس له. شخصية الحبيب الاجتماعي. يغلب عليه الضحك أكثر من الحزن.
(٣) رسائل النبهاني (١٣٥٠ﻫ)
(ﺟ) الاستغاثة والشفاعة
وقد غلبت على الأدعية المتأخرة بحيث أصبح الرسول وسيطًا بين الحق والخلق. وتعني تحول الرسول من وصف خارجي جزئي لأحد مكونات ملابسه إلى كماله الخلقي إلى الاستغاثة به وطلب الشفاعة منه. وتتحول الاستغاثة إلى أحزاب وأوراد للقلب اللاهي. يقضي الحاجات، ووسيلة الولد الملهوف، ويفرج الكروب ومفرح القلوب. والحمدلة لها فوائد، لا فرق بين التصوف والمنفعة، بين الوهم والعجز.
(١) «مصباح الظلام في المستغيثين بخير الأنام عليه الصلاة والسلام في اليقظة والمنام» للمزالي المراكشي (٦٨٣ﻫ)٤٨
(٢) رسائل النبهاني (١٣٥٠ﻫ)
(٣) «إغاثة القلب اللاهي بالصلاة على أكرم رسل الله؟ لمحمد بن حمزة الكتاني٧٥
(٤) «فائدة استعمال القافات لقضاء الحاجات»٧٩
(٥) «وسيلة الولد الملهوف إلى جده الرحيم العطوف» لعبد الحي الكتاني (١٣٨٢ﻫ)٨١
(٦) «غنية العبد المنيب في التوسل بالصلاة على النبي الحبيب»٨٧
(٧) «فائدة الحمد لله» للشيخ محمد بن عمران٨٩
(د) الصلاة والسلام
(١) «مسالك الحنفا إلى مشارع الصلاة على المصطفى» للقسطلاني (٩٢٣ﻫ)٩١
(٢) رسائل مصطفى البكري (١٤١٠ﻫ)
ويكتب المؤلف عملين من نفس النوع لمجرد التمرين والشهرة وكثرة التأليف والتقرب إلى الناس، والقرب من السلطان الذي يسعد بتركيز كل صفات الكمال في شخص الممدوح، لا فرق بين الله والسلطان في الإنسان الكامل، ولا بين الرسول والسلطان في الصلوات النبوية. فالنبي والسلطان كلاهما خير البرية. وتتبع نسب المؤلف إلى الرسول، اقتفاء أثر في الظاهر، وجاهلية في الباطن. وتظهر المحسنات البديعية في التوليف بين صياغات الحديث بحيث يظهر الجناس والطباق. وتبدو النمطية إلى حد الملل في صياغة أكثر من ألف صلاة على هذا النحو إلى حد السؤال: ما العبقرية في مثل هذا التأليف، وما الفائدة؟ ويمكن بدراسة أخرى لصفات الأقوال والأفعال معرفة حاجات المجتمع التي لم يتم إشباعها في الواقع، وتحويلها إلى أمنيات في الصلوات على الرسول القادر على تحقيق مطلق لما عجز عنه الناس في الزمان والمكان. ولا توجد آية قرآنية واحدة، بالرغم من وجود آيات تتعلق بالرسول بأشكال متعددة، وفي ألفاظ شتى مثل الرسول، النبي، محمد … إلخ. ومن الأنبياء يظهر موسى وإدريس في الأحاديث.
(٣) «المسبعات والصلوات» للشيخ الدردير (١٢٠١ﻫ)١١٣
(٤) «ثلاث صلوات صغرى» لأبي الفيض الكتاني (١٣٢٧ﻫ)١١٦
(٥) «جامع الصلوات ومجمع السعادات في الصلاة على سيد السادات» للنبهاني (١٣٥٠ﻫ)١١٨
(٦) «كنوز الأسرار في الصلاة على النبي المختار» للخياط الفاسي١٣٠
(٧) «أفضل الصلوات العشر» لأبي القاسم الجنيد اليماني١٣٢
وهي صلوات عشر تقرأ صباحًا ومساء لاستجابة الرضا الأكبر والأمن من السخط، وتوالي الرحمة والحفظ الإلهي. وكلها صلوات على الرسول، فهي وسيلة لاستدراج الفعل الإلهي. ولا شيء دال فيها. ولا صعوبة في عمل عشرات صلوات أخرى على نفس المنوال.
(٨) «رسالة» للفقيه أحمد عبد العزيز الهلالي١٣٣
(٩) «رقية» للفقيه العلامة عبد الهادي بن علي بن طاهر١٣٥
(١٠) «صلوات الشيخ الحضرمي»١٣٧
(١١) «ورد الجيوب في الصلاة على الحبيب المحبوب» للجزولي١٣٩
(١٢) «صلوات العارف بالله سيدي علي بن وفا»١٤١
وأحيانًا تكون الصلاة غير دالة على شيء، لا من عنوانها، ولا من مضمونها، ولا من عناصرها المكونة لها، ولا على دلالتها في هذا الشكل الأدبي، مجرد صلاة ودعاء من أحد أعلام الصوفية.
(١٣) «صلاة الشيخ العالم العلامة أبي شامة الركابي»١٤٢
(ﻫ) المدائح النبوية
(١) «القصائد الوترية في مدح خير البرية» للبغدادي الشافعي (٩٦٢ﻫ)١٤٨
وهي من أقدم المدائح تمت صياغته في حلم ظهر فيه النبي مع أبي بكر وهو معجب بها يمررها على أصحابه. وظهر له مرة ثانية بخبره بأن الله شفعه في أهله وزوجه وخَادمه وجميع أصحابه. أكمل النظم بالأندلس (عام ٦٥٢ﻫ)، ثم هذبت في مصر (عام ٦٦١ﻫ). وهي مرتبة ترتيبًا أبجديًّا طبقًا للقافية. لا تنقسم إلى موضوعات بل تشمل موضوعات السيرة كلها من المولد حتى البعث بما في ذلك مدح القبر والشفاعة والجسد والروح. وفي النهاية «تمت وبالخير عمت».
(٢) «قصيدة البردة»، و«القصيدة الهمزية» و«القصيدة المضرية» و«القصيدة المحمدية» للبوصيري (٦٠٨ﻫ)١٤٩
(٣) رسائل النبهاني (١٣٥٠ﻫ)
(و) المولد النبوي
وتبدأ الحقيقة المحمدية قمة تشخيص النبي في الكون كله بالتركيز على المولد. ويشمل المولد سيرة النبي حتى نزول الوحي، بشائره وعلاماته، ومولده ورضاعته وتربيته وأحداث عصره مثل حرب الفجار وحلف الفضول، وتحنثه في الغار، ورعيه وكراماته حتى نزول الوحي عليه ونهاية بالإسراء والمعراج، وزواجه الأول ورحلاته إلى الشام، مما تزخر به كتب السيرة التقليدية.
(١) «حسن المقصد في عمل المولد» للسيوطي (٩١١ﻫ)١٧٥
(٢) «إسعاف الراغب الشائق بخبر ولادة خير الأنبياء وسيد الخلائق» للحسني (١٣٤٥ﻫ)١٨١
(٣) «جواهر النظم البديع في مولد الهادي الشفيع» لإسماعيل النبهاني١٨٤
(٤) «ابتهالات النصر والفرج للداعي إلى الله تعالى» للحسن اليماني١٨٦
تقال عند ابتداء المولد الشريف، وهي قصيدة: قد تدخل في الأشكال الأدبية في الوعي النظري مع دواوين ابن الفارض وابن عربي والتلمساني، وقد تدخل هنا في علم السيرة. وهي إلى السيرة أقرب لأنها تخلو من الإبداع الأدبي. وأقرب إلى المدح المباشر.
(٥) الكبريت الأحمر في الصلاة على من أنزل عليه إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ لابن عجيل اليمني١٨٧
وهي أقرب إلى الصلوات والدعوات الإنشائية. مجرد خطاب إنشائي لا يعتمد إلا على آية قرآنية واحدة.
(٦) «تحية معجزة إسراء ومعراج خاتم النبيين» لمحمد بن عبد الهادي العجيل١٨٨
(٧) «بلوغ القصد والمراد بقراءة مولد خير الأنام» للحجوني الحسني١٩١
(٨) «شفاء السقيم بمولد النبي الكريم» لمزور١٩٦
(٩) «مجموع مبارك في المولد الشريف نثرًا وشعرًا» للزبيدي٢٠٦
(١٠) «مولد الدبعي أو مختصر في السيرة النبوية» لابن الربع الشيباني.٢٠٨
(١١) «فتوى في إباحة الضرب بالدفوف عند الاحتفال بالمولد الشريف»٢١٢
(١٢) «قصة المولد النبوي لخير البرية ملخصة من سيرته الزكية» للهواري الصوفي٢١٧
(١٣) «المولد النبوي الشريف» للعلمي الفاسي٢٢٠
(١٤) «مولد إنسان الكمال» للشنجيطي التيجاني٢٢٣
(١٥) «فيض الأنوار في ذكرى مولد النبي المختار» لبا عمر.٢٢٦
(١٦) «البيان والتعريف في ذكر المولد النبوي الشريف» لمحمد بن علوي المالكي الحسني٢٣٢
(١٧) «نظم مولد الحافظ عماد الدين بن كثير» لأبي بكر بن سالم٢٣٨
(١٨) مولد البرزنجي (نثرًا)٢٤٢
(١٩) مولد البرزنجي (شعرًا)٢٤٥
(٢٠) «سمط الدرر في أخبار مولد خير البشر وماله من أخلاق وأوصاف وسير» للحبشي٢٤٨
(٢٣) «فوائد المواهب اللدُنِّية في مولد خير البرية» لمصطفى نجا٢٥٧
(٢٤) «مولد المصطفى» لخير الدين وائلي٢٥٩
(ز) رسائل الحسني
(أ) «روضات الجنان في مولد خاتم الرسالات»٢٦٤
(ب) «نيل المنى وغاية السؤل بذكر معراج النبي المختار الرسول» للحسني٢٧٠
(ﺟ) من السيرة الإنسانية إلى الحقيقة المحمدية
- (١) «نسيم السحر» للجيلاني (٥٦١ﻫ):٢٧٤ والعنوان شاعري. والموضوع سيرة الرسول في اثني عشر فصلًا ابتداءً من اعتزاله الناس ورعايته للأغنام، وسفره للتجارة بالشام حتى إيثاره بالعلم الإلهي والكتاب المبين واللوح المحفوظ … ثم تتحول السيرة الإنسانية إلى الحقيقة المحمدية، والمنزلة الذرية وبطون الأمهات والعالم الدنيوي والبرزخ والحشر والجنة والنار والأعراف. ثم تعود الحقيقة المحمدية إلى السيرة الذاتية، في الرزق تحت الرمح ووضع المرء لنفسه، وتحبب النساء إليه والطيب والصلاة، وشوقه إلى الأصحاب ثم يتم التحول من السيرة الإنسانية إلى الحقيقة المحمدية من جديد في قربه إلى الله أكثر من ملك مقرب أو نبي مرسل، والثناء على الله، والانتقال إلى الرفيق الأعلى. وتعتمد على الشعر ثم القرآن ثم الحديث.٢٧٥ والشعر له الأولوية لقدرته على المدح. وهي تجربة شخصية لا تحتاج إلى الاعتماد على أقوال الصوفية.
- (٢) «مولد العروس» لابن الجوزي:٢٧٦ وهي تورية فالعروس هو الرسول. ومنذ البداية يحتاج إلى الزفاف، وكل مظاهر التكريم والترحاب. يجمع بين النثر والنظم. المولود صاحب الناموس أي واضح الشريعة مع أن الشريعة وضعية قائمة في مجال السلوك البشري كما قال الشاطبي. ليلة مولده انشق إيوان كسرى، ومنعت الشياطين من الصعود إلى السماء. ولد مكحولًا مدهونًا مطيبًا مختونًا مسورًا. من نوره خرج نور الأنبياء، ومنه خلق العرش والكرسي واللوح والقلم كالشمس والفجر والكواكب والإيمان ومحمد. أخبر آدم آمنة بحملها سنة مولده انتهى القحط. وينتهي المولد باستغفار الشيخ العلمي وبنهج البردة لأحمد شوقي. يعتمد على الشعر ثم الحديث ثم القرآن دون ذكر لأقوال الصوفية أو اعتماد على الإسرائيليات.٢٧٧ وتظهر اللازمة الشعرية في الخماسي في مقاطع القصيدة.٢٧٨
- (٣) «فتح الله في مولد خير خلق الله» للبناني (١٣١٠ﻫ):٢٧٩ وهو كتاب في المولد النبوي كما يدل على ذلك العنوان. البداية الإعجازية للرسول قبل النهاية في الحقيقة المحمدية. ويضم أحد عشر مبحثًا بلا ترقيم عن محبة الرسول وعلاماتها. وأول ما خلق الله نوره، هو أحب الناس إليه وامتداده لأدم. ويذكر نسبه وطهارته وإسلام أبويه ورد كيد أبرهة الفيل، وصفات حمل النبي وولادته والوقوف والقيام حين سماع اسمه ووصفه، والفرح والاحتفال بمولده والتوسل به.٢٨٠ وهو تصور ميتافيزيقي كوني شخصي للرسول. أقدم من آدم وسيد البشر. وظهرت بعض الخوارق والآيات والدلائل والعلامات حين ولادته. والتوسل به كواسطة بين العبد والخالق. ويعتمد على الشعر ثم الحديث ثم القرآن.٢٨١
(٤) رسائل الكتاني (١٣٢٧ﻫ)
(٥) «النائب العام عن كل ما تقدم من الحكم والأحكام للرواس (١٢٨٧ﻫ)٢٩٦
(٦) محمد الكتاني (١٣٤٥ﻫ)
(٧) «اليمن والإسعاد بولادة خير العباد» للحسني (١٣٤٥ﻫ)٣١٨
(٨) «حجة الله على العالمين في معجزات سيد المرسلين» (١٣٥٠ﻫ)٣٢١
وكما جمع المؤلف من قبل كرامات الأولياء فإنه يجمع هذه المرة معجزات الأنبياء. وتعتمد كلها على علم الحديث. وأقلها على القرآن. فالقرآن لم يذكر إلا الإسراء والمعراج وليس عشرات الأحاديث عن المعجزات الواردة في أخبار الآحاد.
والعنوان نفسه غريب «حجه الله على العالمين في معجزات سيد المرسلين». وهل يحتاج الله إلى حجج لإثبات معجزات الرسول بعد إيمان الناس بالرسالة؟ ولم اجتزاء جزء من حياة الرسول وهي المعجزات دون باقي جوانب حياته في تقديس العمل، وقوانين الحياة، والعقل، والمعرفة؟ بل إن القرآن نفسه لم يعتمد على المعجزات كدليل لإثبات النبوة وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ. ولا يستطيع الرسول أن ينزل من السماء كسفًا أو أن يقيم صرحًا يصعد إليه إلى السماء وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا * أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا * أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا * أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا.
(٩) «روضات الجنات في مولد خاتم الرسالات» للكتاني الحسنى (١٣٨٤ﻫ)٣٣٩
(١٠) «مجموع لطيف أنسي في صيغ المولد النبوي القدسي (نثرًا ونظمًا)» جمع عاصم الكيالي٣٤٦
ويحتوي على ثلاثين مولدًا نبويًّا شريفًا لمجموعة من العلماء العارفين بالله والمعاصرين. وقد يضم عمل واحد أكثر من شكل أدبي، النثر والنظم. ويمكن عرضها جميعًا كعمل واحد، وشكل أدبي واحد، وموضوع واحد وهو المولد النبوي. وبالتالي يفقد كل عمل خاصيته وعناصره التي تكونه وخصائصه بل ورؤيته التي يتميز بها. لذلك كان من الأفضل عرض الأعمال، كل على حدة للإبقاء على فردية كل واحد منها.
ولا يعني المولد النبوي ما يحدث في الحياة الشعبية من مظاهر الاحتفال به كموالد الأولياء والقديسين والصالحين والزعماء السياسيين «وعروسة المولد» و«حصان المولد»، و«زفة المولد» وأروقة الطرق الصوفية، والأعلام والبيارق، والمسارات الشعبية، والإعلام الديني والوظيفة السياسية بل يعني المولد الكوني، انبثاق النور الأول القديم الذي فيه نشأ الكون، وصدرت النبوات. يعني «الحقيقة المحمدية»، الأسدية الأزلية السرمدية. تعني الأحمدية وليس المحمدية. محمد الباطن وليس محمد الظاهر، تعني مركزية الشخص، وعبادة الشخص، والتحول من الرسالة إلى الرسول، ومن النبوة إلى النبي، ومن المبدأ إلى الفرد كما يحدث في الحياة السياسية. تقوم الحقيقة المحمدية، على «عبادة الشخص» في الدين أولًا وفي السياسية ثانيًا كما حدث في المسيحية، وتحول المسيحية من المواعظ على الجبل الخلقية إلى عبادة المسيح وتأليهه.
والدافع على التجميع هو التعبير عن الفرح والاستبشار والسرور بيوم مولده. في حين أن الطفل لا يولد إلا في ولادته الثانية عندما يصبح وعيًا، وجودًا واعيًا. ويتحقق الوعي إما بنزول الوحي أول مرة أو بالهجرة حيث انتصار الرسالة، والتحول من السر إلى العلن. ونزول الوحي أفضل لأنه يمثل الوعي الفردي في حين أن الهجرة تمثل الوعي الجماعي. وجعل الولادة العضوية بداية التاريخ الهجري هو خلط بين الوجود العضوي والوجود الواعي. والمولد النبوي هو احتفال بالوجود العضوي للنبي. والاحتفال بنزول الوحي هو احتفال بالوجود الواعي، وجعل التاريخ الإسلامي يبدأ بالهجرة من عذاب مكة إلى نصر المدينة.