ثالثًا: علوم التصوف

(١) اللفظ والمعنى

وبالرغم من شيوع اشتقاق الاسم في الدراسات الثانوية والكتب الجامعية حتى أصبح معروفًا عند جمهور الطلاب إلا أنه ما زال واردًا في المؤلفات القديمة. فقد اشتق اسم الصوفية من لبس الصوف١ وقد فعل ذلك الأنبياء من قبل. وهو حكم على الظاهر٢ ولا فرق بين التصوف بألف لام التعريف وتصوف بدونهما. فالمعنيان متقاربان.
وربما يكون قد اشتق من الصفاء. وكان في الأصل صفوي. والصفاء هو القيام لله في كل وقت بشرط الوفاء٣ الصفاء من كدر الأغيار والخروج من مراتب الأشرار. ويعني الصفاء أنه إذا تحقق العبد بالعبودية وصافاه الحق حتى صفا من البشرية نزل منازل الحقيقة، وقارن أحكام الشريعة٤ الصوفي هو الخارج من النعوت والرسوم وألزم نفسه باسم الصوفي لتصفيته من ممازجة الأكوان كلها بمصفاة من صافاه في الأزل. الصوفي من صفي من كل درن فلم يبق فيه وسخ المخالفات٥ وربما لا يكون الاشتقاق لفظيًّا بل معنويًّا. فقد سمي الصوفية بهذا الاسم لاشتمالهم على الخلق بظاهر العابدين، والانقطاع عن الحق بمراتب الموحدين. وسموا كذلك لبقية عليهم من نفوسهم، ولتنسمهم بروح الكفاية، وتظاهرهم بوصف الإنابة.
التصوف تصفية القلب عن موافقة البشرية، ومفارقة أخلاق الطبيعة، وإخماد صفات البشرية، ومجانبة دواعي النفسانية، ومنازلة الصفات الروحانية، والتعلق بعلوم الحقيقة، واستعمال ما هو أولى من السرمدية، والنصح لجميع الأمة، والوفاء لله على الحقيقة، واتباع الرسول في الشريعة٦ وهل الموافقة مع البشرية عيب؟ ولماذا مفارقة الأخلاق الطبيعية؟ أليست الأخلاق الإسلامية أخلاق الفطرة؟ ولماذا إخماد الصفات البشرية وليس إيقاظها؟ ولماذا مجانبة دواعي النفسانية وليس إثبات الشعور؟ ولماذا منازلة الصفات الروحانية وليس تأكيدها وتحقيقها؟٧
وبهذا المعنى، الصوفي من صفا من الكدر، وامتلأ من الفكر، وانقطع إلى الله من البشر، واستوى عنده الذهب والمدر. وهو دائم التصفية، يصفي الأوقات عن شوب الأكدار بتصفية القلب عن شوب النفس … ويعينه على كل هذه التصفية دوام افتقاره إلى مولاه.٨
وربما اشتق الاسم من أهل الصفة. والصوفية من بقاياهم٩ والاشتقاق صفوي وليس صوفيا. وبصرف النظر عن اشتقاق اللفظ، ويسمون خراسان «سكفتية» أي سكان المغارات. وفي الشام «جوعية». ويسمون أبرارًا ومقربين وصابرين وصادقين وذاكرين ومحيين. وهي ألفاظ مرسلة تشير إلى بعض أوصاف الصوفية، فضائلهم ومقاماتهم. وسمي الصوفية بهذا الاسم لاستتارهم عن الخلق بلوائح الوجد وانكشافها بشمائل القصد.١٠
ومن حيث المعنى الصوفية هم أهل الصفوة. أي المصطفون في الفهم والاتباع لكتاب الله والموافقون له.١١ وهو لفظ قرآني. والاصطفاء للأنبياء والصديقين. وقد خص به موسى للتوحيد. الاصطفاء هو الاجتباء في سابق العلم.١٢ وتتخصص الدعوة للمصطفين وطبقًا لتفاوت المستمعين ودرجاتهم في قبول الخطاب بين الإقرار، والإقرار والاتباع، والإقرار والاتباع والتحقيق. هم العلماء الذين يخشون الله، الراسخون في العلم. وهم الذين يثورون القرآن.١٣ هم الذين يلقى إليهم السمع ويتدبرونه عند التلاوة وفهم الخطاب بما يخاطب به المتلقي. وهم أرباب القلوب في فهم القرآن. وهم السابقون والمقربون والأبرار لطرقهم في الفهم والاستنباط. وهذا لا يعني التراخي في فهم القرآن بل التشديد فيه دون التخلي عن الفهم الإشاري للحروف والأسماء، وعلى قدر حضور الصوفي ودرجة قربه من الله. وهناك مقياس للاستنباط وصواب وخطأ في الفهم الإشاري للقرآن. خطوة إلى الأمام وخطوة إلى الخلف نظرًا لتعدد الفهم الإشاري طبقًا لأعماق الشعور. ويؤكد الصوفية ذلك درءًا لاتهام الفقهاء لهم بسوء التأويل. الصوفي من اختاره الله لنفسه فاصطفاه، وعن نفسه براه. ولم يرد إلى تعمل وتكلف بدعوى. التصوف قدر إلهي وليس اختيارًا إنسانيًّا. وهم الذين يقتدون بالرسول في الفهم والموافقة.١٤ والرسول هو القدوة في الأخلاق والأفعال والأحوال التي اختارها الله له. وقد رخص الرسول للأمة ووسع عليهم فيما أباحه الله في حالات خاصة وعامة في الاقتداء به. وأهل الصفوة يأخذون بالعزائم. ويتبع مشايخ الصوفية الرسول ضد من يزعم خروجهم على السنة.
ويستنبط أهل الصفوة من القرآن والحديث فهما صحيحًا لهما طبقًا لتفرقة الرسول بين الظاهر والباطن. وقد يقع الاختلاف في مستنبطات أهل الحقيقة في معاني علومهم وأحوالهم. واختلاف أهل الباطن مثل اختلاف أهل الظاهر. ويستنبط أهل الصفوة تخصيص النبي وشرفه وفضله على إخوانه من الكتاب عن طريق الفهم.١٥ وكما يتبع أهل الصفوة الرسول يتبعون أيضًا صحابة الرسول وأهل الصفة.١٦ وقد كان الاسم معروفا منذ عهد الرسول وفي صحبته مثل العباد والزهاد والفقراء والراضين والمخبئين والبكائين. وكانوا يقيمون في آخر المسجد. ولم ينهرهم الرسول بعد إقامة الدولة وبناء المجتمع، ولكن نهرهم عمر. فمن يطعمهم أعبد منهم. وكان الصوفي يطوف بالكعبة قبل الإسلام.١٧
لا يهم إذن الأصل الاشتقاقي للفظ «التصوف» بالرغم من صعوبته. فالحقل الدلالي واحد، الصفاء أو الصفوة أو الصفة أو الصف أو الصوف أي هيئة أو سلوك معين يدل على الانعزال عن العالم والتوجه نحو النفس، من الخارج إلى الداخل أو من الدنيا إلى الآخرة.١٨ وربما سموا صوفية لبقية بقت في نفوسهم وإلا استحالت التسمية.١٩
والصوفي لا يمكن تعريفه وكأنه مصطلح علمي، ولكنه هو الفقير المجرد من الأسباب. وهو مع الله بلا مكان، ويعلم كل مكان. فالصوفي بالموقف والسلوك وليس بالاشتقاق أو التعريف.٢٠ وكل التعريفات اجتهادات يختلف عليها الصوفية أنفسهم. يقبلون بعضها ويرفضون البعض الآخر.٢١ وقد يكون أحد أسباب كتابة ألفاظ الصوفية ومصطلحاتهم حل ما فيها من إشكالات في تعريفها.٢٢
الصوفي هو المقرب. وهو ليس مذكورًا في القرآن. بل ترك ووضع اسم «المقرب» بدلًا عنه. ولا يستعمل هذا الاسم في المغرب وتركستان وما وراء النهر لأنهم لا يتزينون بزي الصوفية «ولا مشاحة في الألفاظ». وكل مشايخ الصوفية المذكورين في كتب الطبقات من المقربين. وعلومهم علوم أحوال المقربين الأبرار. هم الصوفية دون التزيي بزي أو اشتباه. فالتصوف سلوك وليس شكلًا.٢٣

وقد يكون الاشتقاق صوتيًّا وليس حرفيًّا. فصوفي على وزن «عوفي» أي عافاه الله، و«كوفي» أي كافأه الله، و«جوزي» أي جازاه الله. ففعل الله ظاهر في كل الأحوال.

(٢) تعريف التصوف

وتتراوح المعاني المختلفة للفظ طبقًا لمراحل التصوف، المرحلة الخلقية والمرحلة النفسية والمرحلة الفلسفية. فلا يوجد معنى شامل لكل المراحل إلا المعنى الاشتقاقي. فالتصوف تجربة ذاتية وممارسة عملية وليس تصورًا ذهنيًّا يمكن تحديده منطقيًّا في قضية.

(أ) التصوف الخلقي

ويعني «الدخول في كل خلق سني، والخروج من كل خلق دني».٢٤ وهو مطلب يقتضي قسمة الإنسان قسمين. قبيح وحسن، شر وخير، أدنى وأعلى، وإدانة الأول والبعد عنه، ومدح الثاني والقرب منه. وهي نظرة مانوية للحياة تنكر الإنسان الوجودي بلحمه وعظمه ووضعه بين الحيوان والملاك بالتعبيرات الشعبية. كان التصوف في بدايته تصوفًا خلقيًّا. كان في هذه المرحلة «أخلاقًا كريمة ظهرت في زمان كريم من رجل كريم مع قوم كرام.٢٥ وهو معنى قول الرسول «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق». سُمي خلقه عظيما لاجتماع مكارم الأخلاق فيه.٢٦ ليس التصوف رسومًا ولا عكوفا ولكنه أخلاق.٢٧ التصوف خلق. فمن زاد في الخلق زاد في الصفاء.٢٨ هو طريق لا يصلح إلا لقوم كنس الله بأرواحهم المزابل. فهو ليس فقط السلوك الأخلاقي بل إشباع الأخلاق من أرواحهم لتنظيف بيئتهم.٢٩
ولا يؤخذ التصوف من القيل والقال لكن من الجوع أي من التجربة وترك الدنيا، والتخلي عن المألوف والمستحسن. التصوف صفاء المعاملة مع الله، والعزوف عن الدنيا. التصوف ترك كل حظ للنفس من الدنيا.٣٠ وهو ألا يملك الإنسان شيئًا ولا يملكه شيء.٣١ وإذا امتلك شيئًا فإنه لا يملكه شيء. علاقته بالملكية علاقة حرة. ليس عبدًا لما يملك بل هو حر فيما يملك.٣٢ الصوفي يمتلك الأشياء اقتدارًا.٣٣ لذلك لا يتعب الصوفي طلب، ولا يزعجه سبب لأنه تخلى عن العلائق.٣٤ التصوف كف فارغ وقلب طيب، زهد في الدنيا ورغبة في الآخرة.٣٥ هو رؤية الكون بعين النقص، وغض الطرف عن كل ناقص لمشاهدة المنزه عن كل نقص.٣٦ ومن عظم خلق الصوفي صغر الأكوان في عينيه بمشاهدة مكونها.٣٧

وعلامة الصوفي الصادق الفقر بعد الغنى، والذل بعد العز، والخفاء بعد الشهرة. وهو ما قاله المسيح ناصحًا الرجل الغني لشرط الدخول إلى ملكوت السموات بأن يترك كل شيء ويتبعه. علامة الصوفي التحول الجذري في رؤية الحياة من الكل إلى لا شيء، ومن الإيجاب إلى السلب، ومن الإثبات إلى النفي.

ما بين غمضة عين وانتباهتها
يغير الله من حال إلى حال
فلم يجعل الله لرجل قلبين في جوفه. ولا يستطيع أن يخدم سيدين في نفس الوقت، المال والله كما قال السيد المسيح. ملكوت الصوفي ليس من هذا العالم مثل ملكوت بوذا. وعلامة الصوفي الكاذب الغنى بعد الفقر، والعز بعد الذل، والشهرة بعد الخفاء، والتحول من الآخرة إلى الدنيا. التصوف فقر وذل وخفاء، عزلة وتواضع وكمون.٣٨ هو التحول عن العالم والقوة والشهرة. التصوف هو «التمسك بالفقر والافتقار، والتحقق بالبذل والإيثار وترك التعرض والاختيار». فهو إذن عدم الحراك الاجتماعي، أن يظل الفقير فقيرًا وعدم تغيير أسبابه. وفي نفس الوقت هو بذل وإيثار مع أن الفقير لا يملك شيئًا يبذله. والأخطر ترك التعرض والاختيار أي إيثار اللافعل على الفعل، والسلب على الإيجاب، والتنازل عن الحرية والاختيار.٣٩ التصوف هو الفقر، والصوفي هو الفقير. فيحد التصوف بأحد مقاماته دون أخذ الأسباب ثم بعد ذلك يأتي العلم.٤٠ الفقر بداية التصوف. والفقير ليس له حاجة عند الله. هو الذي لا يملك ولا يملك. هو الاحتراز من الغني حتى لا يفسد. الفقر ماهية التصوف. ومن لم يتحقق بالفقر لم يتحقق بالتصوف. الفقر هو أن لا يستغني الإنسان بشيء دون الحق. هو السكون عند العدم، والبذل والإيثار عند الوجود.٤١ والتصوف جامع للفقر والزهد وهما مقامان. وأحيانًا يكون التصوف فوق الزهد وفوق الفقر. هو نهاية الفقر مع شرفه.
وقد ارتبط الجمال بالأخلاق. فالحسن الأخلاقي هو أيضًا الحسن الجمالي والقبح الأخلاقي هو أيضًا القبح الجمالي. فالصوفي يدرك القبيح ولا يعظم الحسن مع أن إدراك النقص يكون إدراكًا سلبيًّا للكمال. فالغياب حضور. وأقبح من كل قبيح صوفي شحيح. فالصوفي كريم مثل الله.٤٢
وتستعمل عديد من التشبيهات لتعريف التصوف لأنه تجربة وليس تصورًا، مشاهدة عيانية وليس مقولة ذهنية. الصوفي كالأرض يطرح فيها كل قبيح ولا تنتج إلا كل مليح، اتباع السيئة بالحسنة، ودفع الشر بالخير. وهي إحدى وصايا المسيح في «الموعظة على الجبل». التصوف أرض يطؤها البر والفاجر. ويتوقف الأمر على كيفية إخصابها. التصوف كالسحاب يظل كل شيء، كريم لا حدود لعطائه. التصوف كالقطر يسقي كل شيء، عطاء مستمر وليس ثوابًا وعقابًا مقننًا.٤٣
وللمتصوفة آدابهم.٤٤ مما يجعل التصوف في البداية تصوفًا أخلاقيًّا لهم آدابهم في الوضوء والطهارات، وفي الصلاة وفي الزكوات والصدقات، وفي الصوم، وفي الحج، تجعل أحكام الشريعة أحكامًا إنسانية أخلاقية عامة. وللفقراء آداب وأحكام في الحضر والسفر، وفي الصحبة، وفي مجاراة العلم، وفي الطعام والاجتماعات والضيافات، وفي السماع والوجود، وفي اللباس، وفي الأسفار، وفي بذل الجاه والسؤال والحركة من أجل الأصحاب، وفيما فتح الله عليهم من الدنيا، وفي الاشتغال بالمكاسب والتصرف في الأسباب، وفي الأخذ والعطاء والرفق بالفقراء، وفي المتأهلين ومن له ولد، وفي الجلوس والمجالسة، وفي الجوع، وفي زيارة المرضى، وفي صحبة المشايخ وعطفهم عليهم، وفي ذكر المريدين والمبتدئين، ومن يتمرد ويختار الخلوة، وفي الصداقة والمودة، وعند الموت. فالتصوف مراقبة الأحوال ولزوم الأدب.٤٥ هو آداب كل وقت. ولكل حال ومقام أدب.
وحتى يتبدد وهم أن التصوف ضد الشريعة كان من تعريفات الصوفية أنهم العلماء بالله وأحكامه، العاملون بعلمه، المتحققون بما استعملهم فيه، الواجدون بما تحققوا بما وجدوا حتى لا يفتي كل واحد بما وجد.٤٦ أصل التصوف ملازمة الكتاب والسنة، وترك الأهواء والبدع، وتعظيم حرمات المشايخ، ورؤية أعذار الخلق، وحسن صحبة الرفقاء، والقيام بخدمتهم، واستعمال الأخلاق الجميلة، والمداومة على الأوراد، وترك ارتكاب الرخص والتأويلات. وما ضل أحد في هذا الطريق إلا بفساد الابتداء وبتأثيره في الانتهاء.٤٧ التصوف نوعان: صحيح وفاسد. الصحيح هو الشريعة والسلوك القويم. والفاسد هو البدعة والابتداع والرخصة. وأوائل بركة الدخول في التصوف تصديق الصادقين في الإخبار من أنفسهم عن مشاعرهم.٤٨ وهو ما يتنافى مع التحقق من الرواية، وافتراض صدق الراوي بلا برهان. وهو بداية التبعية والتقليد والعودة من علوم الدراية إلى علوم الرواية.
التصوف الخلق مع الخلق، والصدق مع الحق.٤٩ فأخلاق الذات تؤدي إلى توحيد الذات. والتصوف هو إثبات الذات والعكوف عليها.٥٠ وهو معنى إثبات الذات عند إقبال. ولا يعني إثبات الذات الغرور والترفع وطلب الكثير والعجب بالنفس.٥١ الصوفي متفرد عن الخلق.٥٢

(ب) التصوف النفسي

وهو المعنى الذي يبدأ من النفس لسلوك الطريق بداية بالوقت أي باللحظة، لحظة التوبة. واختيار التحول هو أن يكون الإنسان في كل وقت بما هو أولى به في الوقت.٥٣ التصوف علم لبواطن القلوب. فمن اعتنى بظاهره فإن باطنه خراب. هو استرسال النفس مع الله على ما يريد، وتسليم الانقياد له. هو تخل عن الذاتية والمسئولية الفردية، وثقة زائدة بالآخر. ومن لم ينظر في التصوف فهو غبي لأن التصوف هو عالم الشعور. هو ترك الفضول أي شحذ الطاقة نحو غاية واحدة وعدم التشتت.٥٤ هو القوامية لله على النفس، وأن يكون للصوفي مع الله علاقة وتخل عن السببية.٥٥ الصوفي من سمع السماع وأنكر الأسباب. فمتى نظر إلى شيء من أسبابه قطعه ذلك عن بلوغ مقصده.٥٦
التصوف هو «الأخذ بالحقائق واليأس مما في أيدي الخلائق».٥٧ فالحقائق النازلة تستدعي ترك الحقائق الصاعدة. وهل العلاقة بين الحقائق الإلهية والحقائق علاقة تضاد وتناقض «إما … أو» أو علاقة تقابل وتماثل؟ ومن الذي سيدافع عما في أيدي الخلائق أو يحقق فيه العدل بين الناس؟
الصوفية قوم أعطوا حتى بسطوا، ومنعوا حتى فقدوا ثم نودي عليهم من أسرار قريبة بالبكاء عليهم.٥٨ وهي حالات القبض والبسط، والفقد والوجد، والحزن والبكاء، وتحويل تقلبات العالم الخارجي في الزيادة والنقصان إلى حالات شعورية. ولو خير الصوفي بين حالين لاختار الأحسن والأعلى. وهي أيضًا مقامات. فالتصوف نشر مقام واتصال بدوام.٥٩ التصوف إنامة على باب الحبيب وإن طرد عنه. والصوفي في مقام المحبة. وهو الحب المطلق من طرف واحد. وهو وصف القرب بعد كدورة البعد بناء على حالتي القرب والبعد.٦٠ الصوفي لا يكدره شيء، ويصفو به كل شيء. وصل إلى حالة روحية تمحو إحساسات المنفعة والضرر، واللذة والألم.٦١ فالطريق الصوفي بداية التصوف النفسي. وهو يدل على الطابع النفسي الدفاعي للتصوف والتصوف يؤخذ عنوة وليس صلحًا عن طريق الرياضة والمجاهدة. وهم جماعة مغلقة لا يدخل عليهم غريب.٦٢ وهو أيضًا «ذكر مع اجتماع، ووجد مع استماع، وعمل مع اتباع». يشير إلى بداية الطريق الصوفي بالذكر الجماعي والسماع والعمل بالقدوة الصالحة.٦٣ فهو حلقة لأهله، مجتمع مغلق «أهل بيت واحد لا يدخل فيه غيرهم».٦٤ وتتعدد الطرق الصوفية. ويختلف المشايخ فيما بينهم. فما زال الصوفية بخير ما تنافروا. فإذا اصطلحوا فلا خير فيهم.٦٥ خلاف الصوفية رحمة بينهم مثل خلاف الأئمة، مما يشير إلى أهمية التعددية والطرقية.٦٦ ومن صحب الصوفية فليصحبهم بلا نفس ولا قلب ولا ملك. ولماذا لا يصاحب الإنسان فريقًا بنفس وقلب والتزام ليحقق قصدًا مشتركًا؟
هو مجرد طريق إليه طريق التوكل والزهد، والشكر والصبر. والرضا والورع والقرب والبعد من المقامات والأحوال. وهناك ألفاظ أخرى لم تتحول إلى مصطلحات مثل الحجا والنهى، والرقدة والهبة، والبلاغة والعي، والتخنيق والتنفيس، والتكدير والتخليص.٦٧ والغالب على الكل الثنائيات المتعارضة. الأهبة هي العزيمة، ولكن بقي لفظ العزيمة وسقط لفظ الأهبة.٦٨ التصوف إخلاص أعمال الظاهر، وتصحيح أحوال الباطن. هو الصبر تحت الأمر والنهي دون اعتراض وتحويل الوحي إلى قهر بدلا من حرية اختيار وإلى فرض بدلًا من طبيعة.٦٩ طريق التصوف الخلقي، والتصوف النفسي، الرياضات والمجاهدات، أشياء يشعر بها الإنسان بنفسه ويحصل عليها بجهده ويحمد الله عليها.٧٠ الصوفي هو من إذا استقبله حالان أو خلقان كلاهما حسن كان مع الأحسن. فالتصوف طلب الكمال والرقي.٧١ هو «إسقاط الجاه وسواد الوجه في الدنيا والآخرة» أي التحول في القصد من العلن إلى السر، ومن العالم إلى الله، ومن الدنيا إلى الآخرة كشرط لسلوك الطريق.٧٢ وحتى الكلاب لا تنظر إلى أرواح من لم يسلك الطريق.٧٣ والصوفي يكون مع الواردات لا مع الأوراد. فالأوراد والأذكار والرياضات والمجاهدات في البداية حتى ترد اللوامع والهوامع على النفس.٧٤ الصوفي المصطلم بما لاح من الحق، من علوم الذوق.٧٥ والتصوف نور شعشاني رمقته الأبصار فلاحظها.٧٦ هو استقامة لأحوال مع الحق.٧٧

(ﺟ) التصوف الفلسفي

والتصوف أيضًا قول في المعرفة والتوحيد. أرفع العلوم في التصوف علم الأسماء والصفات، وتمييز الخلاف عن الاختلاف. التصوف الفناء عن الذات والبقاء بالله وأن يميتك الحق عنك، ويحييك بك».٧٨ والموت عن الذات فناؤها، والإحياء بالله بقاؤها بقواها الذاتية. ثمن التصوف الفناء فيه ثم البقاء فيه إلى الأبد لأن الفناء عن الحس بقاء بمشاهدة المطلوب إلى الأبد. يعني الفناء في التصوف الإخلاص له، والبقاء للمشاهدة، رؤية الذات في الموضوع، والموضوع في الذات.٧٩ الصوفي «من يرى دمه هدرًا وملكه مباحا».٨٠ فهو شهيد العشق الإلهي، يفعل الله فيه ما يشاء بعد أن يتخلى عن إرادته وحرية اختياره ويسقط تدبيره. «الصوفية أطفال في حجر الحق». وهو ما يعني إسقاط التدبير.٨١ التصوف ترك التكليف وبذل الروح.
التصوف جلوس مع الله بلا علاقة أي بالاندماج المطلق فيه.٨٢ والصوفي هو المشير عن الله، والدليل عليه.٨٣ هو نعت يقيم الإنسان فيه ونعت للحق حقيقة.٨٤ هو واسطة بين العبد والرب ليس بشخصه بل لصفاته.٨٥ هو شفيع بيد الخلق. وأحيانًا أخرى يرفض الصوفي أن يكون واسطة بين الخالق والمخلوق حتى لا ينشغل بالمخلوق عن الخالق كما يفعل الغافل.٨٦ الصوفي منقطع عن الخلق متصل بالحق.٨٧ التصوف إسقاط رؤية الخلق ظاهرًا وباطنًا. ولا يكون له قبول عند الخلق. ويكون مرجعه في كل الأحوال إلى الله. الصوفي هو ما سماه الحكماء المتوحد. والطريق الصوفي هو «تدبير المتوحد». وتعني وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي إبعاده عن كل غير. وهي أنانية لا تجوز على الله. وماذا يبقى منه في العالم؟ ومن الذي سيعمره ويستخلف فيه؟ وإذا كان الصوفي لن يراه فلماذا التقريب إلى هذا الحد وعدم بلوغ المنتهى؟ الصوفية أثرة الله في خلقه، يظهرها أو يخفيها.٨٨
الصوفي وحداني الذات، لا يقبله أحد ولا يقبل هو أحدا، ذاتية فريدة. فالأنا تساوي الأنا قبل الأنا تختلف عن الآخر. فقانون الهوية سابق على قانون الاختلاف.٨٩ المتناهي في حاله يتوقى كل شيء، ويدخل في كل شيء، ويأخذ من كل شيء، ولا يسترقه شيء، ولا يؤخذ منه شيء.٩٠ وإذا كان «التصوف عصمة عن رؤية الكون».٩١ فمن الذي سيمكث فيه ويعمره ويصبح خليفة الله في أرضه؟ وإذا كان التصوف انقيادًا للحق فمن الذي سيدحض الباطل؟ هي علاقة مباشرة مع الله، أن يكون الإنسان مع الله بلا علاقة، استرسال النفس مع الله على ما يريد.٩٢ التصوف هو إيثار الله على كل شيء وإيثار الله له على كل شيء.٩٣ فهو وحدانية مطلقة بين الطالب والمطلوب، والراغب والمرغوب. الصوفي لا تقله أرض ولا تظله سماء فالله يرعاه. ولأنه أصبح مثلًا أعلى في كل مكان، تحول من الشخص إلى الكون، ومن الجزء إلى الكل.٩٤
التصوف «حال تضمحل فيه معالم الإنسانية» وهي حالة الفناء. فمن الذي يبقى؟٩٥ هو يرقة محرقة حتى ولو حرق نفسه. التصوف الإعراض عن الاعتراض.٩٦ وهو ما تحاوله النظم السياسية التي تقوم على القهر والتسلط ضد المعارضة. والصوفي لا يوجد بعد عدمه، ولا يعدم بعد وجوده. فقد تحول إلى سلب مطلق بلا حركة أو انتقال من الوجود إلى العدم سلبًا أو من العدم إلى الوجود إيجابًا.٩٧ هو السكون عند العدم والإيثار عند الوجود. يفنى عن نفسه ولا يبقى. وكيف يكون إيثارا وهو غير موجود؟٩٨ وجده وجوده، وصفاته حجابه. هو الوجود المتجلي. صفاته سلب وهو الحجاب. إن وصف جمد، وإن تخلى كشف. فهي وصف الله. فإن كل ما خطر بالبال فالله على خلافه. وإن لم يصف كشف له الحجاب وقوع في مغامرة الشطح.٩٩ الصوفي «مقهور بتصريف الربوبية، مستور بتصرف العبودية». فالربوبية قهر والسلطة السياسية قهر. والقهر الديني والقهر السياسي قرينان. والإنسانية مجرد ستار يخفي القهر والتسلط. ولماذا لا تكون الربوبية تحررًا بفعلي النفي والإثبات في «لا إله إلا الله»، وتكون الإنسانية حقيقة رافضة لستار العبودية؟ والصوفي لا يتغير. فإن تغير لا يتكدر.١٠٠ الصوفي في حالة من السكون الدائم أشبه بالنرفانا الهندية، ولا يتأثر بالتغير، لا سلبا ولا إيجابا. لا يتعبه طلب، ولا يزعجه سلب. ومع ذلك التصوف اضطراب. فإذا وقع سكون فلا تصوف. فالروح مجذوبة إلى الحضرة الإلهية. التصوف حركة وحياة وقلق. السكون في الفلسفة وفي العقائد وليس في التصوف الذي يبحث عن معنى الحياة، والأصول التي تحقق مصالح الناس المتغيرة. الصوفي لا ينزعج في انزعاجه. ولا يقرر في إقراره. الصوفي في حركة مستمرة لا يسكن له قرار.١٠١
التصوف صفة الحق يلبسها العبد.١٠٢ ومع أن التصوف هو الإشكال والتلبيس والكتمان إلا أنه مذهب كله جد، ولا يخلط بشيء من الهزل مثل الخزعبلات أو ادعاء الجنون باسم الولاية.١٠٣ الصوفي لا يطلب صفة تعينه إذا ضعف بل يطلب الولاية الروحية.١٠٤ التصوف طرح النفس في العبودية ومن الصعب التمييز بين العبودية لله والعبودية لغيره طالما أن العبودية هي البنية النفسية للإنسان. وتعليق القلب بالربوبية هو إخراج الذات عن ذاتها، وتعليق وجودها على غيرها. واستعمال كل خلق سني هو العودة بالتصوف إلى المرحلة الخلقية، والنظر إلى الله بالكلية بداية لوحدة الشهود.
وقد يكون تعريف التصوف شاملًا الخلقي والنفسي والفلسفي في آن واحد، تصفية القلب من الأكدار وهو التعريف العملي، والخروج من رق الصفات الإنسانية وهو التعريف بالحقيقة، والتحلي بالصفات الإلهية وهو التعريف بالحق.١٠٥ أوله علم، وأوسطه عمل، وآخره موهبة. فالإبداع جماع العلم والعمل.

(٣) من هم الصوفية؟

وقد نشأ التصوف نشأة داخلية محضة من القرآن والحديث في ظروف نقيضة لما تدعو إليه النصوص. فنشأ التصوف كرد فعل عليها.١٠٦ الفضيلة في مقابل الرذيلة، والنفس في مقابل البدن، والآخرة بدلًا من الدنيا، والله بديلًا عن العالم. فللصوفية فضائل كبري. فهم أحق الخلق بحقائق التقوى، وأحوج العباد إلى الزهد، وأعلم الناس بالعمل والخواطر وعلم الباطن والإخلاص والوقت والحال والحلال والفقه والأمر والنهي والتوحيد. ثم يكرمون بخوارق العادات. هم أعلم الناس بالنفس وأهوائها، والمقامات والأحوال والمحاسبة والمراقبة والإنابة.١٠٧ هم الذين أحبوا السنة وصفوا أنفسهم من مغانم الدنيا. سلكوا طريق المشايخ والمريدين. وهو ليس طريق المجاذيب ولا المجتهدين. الأول تنكشف له الحقائق ولا يجتهد فيها. والثاني يجتهد في الحقائق دون أن تنكشف له.١٠٨
والمتشبه بالصوفي له معنيان: إيجابي بالمحبة، وسلبي بالادعاء. فالإنسان مع من أحب وهو المعنى الإيجابي للمتشبه بالصوفية من أجل سلوك طريقهم. أوله إيمان ثم علم ثم ذوق. والمتشبه في أحد مراحل الطريق. المتشبه صاحب إيمان، والمتصوف صاحب علم. وهو الفرق أيضًا بين الصوفي والمتصوف، بين العالم والمتعلم، بين الفيلسوف والمتفلسف. الصوفي في مقام المتفردين، والمتصوف في مقام السائرين. الصوفي في مقام الروح، صاحب مشاهدة. والمتصوف في مقاومة القلب صاحب مراقبة، والمتشبه في مقاومة النفس وصاحب مجاهدة ومحاسبة. تلوين الصوفي بوجود قلبه وتلوين المتصوف بوجود نفسه. والمتشبه لا تلوين له لأن التلوين لأرباب الأحوال والمتشبه مجتهد سالك.١٠٩
والصوفي إن نطق ينطق عن الحقائق. وإن سكت تكلمت عنه الجوارح بقطع العلائق. فالتعبير بالقول والفعل.١١٠ والتصوف خلو الأسرار مما عنه بد، وتعلقها بما ليس منه بد.١١١ ويلزم الصوفي حفظ السر وأداء الفرض وصيانة الفقر، ثلاث تجمع بين الشريعة والأخلاق والباطن.١١٢ والقعود مع كل طبقات الناس أسلم من القعود مع الصوفية. فإن الخلق قعدوا على الرسوم، والصوفية قعدوا على الحقائق. طلب الخلق ظواهر الشرع، وطالب الصوفية أنفسهم بحقيقة الورع ومداومة الصدق. فمن قعد معهم، وخالفهم في شيء مما يتحققون فيه نزع الله الإيمان من قلبه. عظمت فيهم البلية. واستحكمت عليهم الفتنة، فاستصغروا كل مقام، وعزب عنهم التدبير والنظام. يبذل الصوفية الروح. ومن أراد الدخول معهم فليفعل فعلهم. التصوف هو التبري عمن دونه، والتخلي عمن سواه.١١٣
حال الصوفي أن دينه هواه، وهمته شقاه، ليس بصالح تقي ولا عارف تقي.١١٤ ما فطنت إلا هذه الطائفة واحترقت بما فطنت.١١٥ الصوفية عبيد الظواهر أحرار البواطن.١١٦ ولماذا لا تتخارج الحرية من الداخل إلى الخارج؟ الصوفي من عزفت نفسه عن الدنيا تظرفا، وعلت همته عن الآخرة، وسخت نفسه بالكل طلبًا وشوقًا إلى من له الكل.١١٧ الصوفي هو من يشق طريقه بعيدًا عن الدنيا والآخرة، طريق النفس والقصد والغاية. هم الرزق قائم في قلب كل صوفي. ولزوم العمل أقرب إلى الله. وعلامة ركون القلب والسكون إلى الله أن يظل قويًّا عند زوال الدنيا، والثقة بما في يد الله أكثر من الثقة بما في يده.١١٨ فالصوفي أقرب إلى البطل منه إلى الشخص العادي. هم أصحاب الأخلاق المرضية.١١٩ والصوفية يحسنون الاستماع للوحي دون الوسواس من النفس الأمارة بالسوء والحظوظ العاجلة وأهواء الدنيا من أجل تصفية النفس وطاعتها والاستجابة لأربعة مطالب: التوحيد، والتحقيق، والتسليم، والتقريب. فالاستجابة على قدر السماع من حيث الفهم. والفهم على قدر المعرفة والعلم بمقاصد المتكلم. ووجوه الفهم لا نهاية لها مثل وجوه الكلام. فأول العلم الاستماع ثم الفهم ثم الحفظ ثم العمل ثم النشر، خمس درجات.١٢٠
علامة الصوفي أن يكون مشغولا بكل ما هو أولى به من غيره، معصوما عن المذمومات.١٢١ هو المتوحد الذي يحشد طاقاته نحو غاية واحدة. وبهذا المعنى لا ينشغل بما يبدد طاقاته إلا في لحظات الضعف البشري والثقل الوجودي. الصوفي بربه والزاهد بنفسه.١٢٢ مع أن الصوفي أيضًا قد يكون بنفسه والزاهد بربه. فالزهد أحد مقامات التصوف.١٢٣ التصوف ينفي عن صاحبه البخل كما تنفي كتب الحديث عن صاحبها الجهل. فإذا اجتمعا في شخص واحد فهو النبيل. فالنبل يجمع بين العلم والكرم.١٢٤
الصوفية متفقون في الوحدانية في الجملة قولًا، متفرقون في الوصول إليها معاينة ومنازلة.١٢٥ وكل واحد استحق اسم ما ظهر عليه من حاله الذي هو به موصوف بعد اتفاقهم في الوجدانية قولًا مثل: مجتهد، زاهد، عابد، خائف، راجٍ، غني، فقير، مريد، مراد، صابر، راض، متوكل، محب، مستهتر، مستأنس، مشتاق، واله، هائم، واحد، فان، باق … إلخ. وقد تجتمع الأحوال في واحدة ويسمى بما عليه الجميع.١٢٦
الصوفية هم أهل السنة والجماعة. هم الفرقة الناجية. فعقود القلب من السنة المجتمع عليها. والمتكلمون: المعتزلة والمرجئة والحرورية والخوارج هم الفرق الضالة الهالكة. وهم الذين ابتدعوا قضية خلق القرآن والتحكيم بوضع المصاحف على السيوف، والصلة بين الإيمان والعمل. وكلها نبعت بالعراق. ومنه طلع قرن الشيطان، وظهرت فيه الفتن. وفي العراق أيضًا ظهر التصوف في البصرة عند رابعة والحسن، وفي بغداد عند الحلاج.١٢٧ والمغالون مجاوزون للسنة والآثار. والمبطلون مدعون بالرأي والقياس. والجاهلون الشاطحون من المتصوفة الضلال.

(٣) الأولياء والفتيان والملامتية والشطار والظرفاء والبهاليل

النبوة للأنبياء، والولاية للأولياء. الأنبياء للمشاهدة، والأولياء للمجاورة، والصالحون للملازمة، والعوام للمجاهدة.١٢٨ أرواح الأنبياء في حالة الكشف والمشاهدة. وأرواح الصديقين في القربة والاطلاع.١٢٩ ويسمع الصوفي صوت الله الداخلي، هاتفًا باطنيًّا، إلهامًا لا وحيًا مباشرة ودون واسطة. من كان لله مطيعًا كان الله له وليًّا يثق بالله ويحكم عليه ولاستجاب لسؤاله حتى لو كان زوال الدنيا.١٣٠ فالله يأخذ الصوفي وليًّا. والصوفي يأخذ الله وليًّا. فالولاية متبادلة.
اطلع الله على قلب أوليائه. فمن لم يصلح منهم للمعرفة شغله بالعبادة.١٣١ فالعبادة أقل من الولاية. ومن صفات الأولياء، الثقة بالله في كل شيء، الغنى به عن كل شيء، والرجوع إليه في كل شيء.١٣٢ والسؤال: ألا توجد مرجعية أخرى يمكن استعمالها كمقياس للصدق؟
بُسط بساط المجد للأولياء ليأنسوا به وليرفع عنهم حشمة بديهية المشاهدة. وبساط الهيبة بسط للأعداء ليستوحشوا منه قبائح أفعالهم. فلا يشاهدوا ما يستروحون منه إليه في المشهد الأعلى.١٣٣ الولي من يوالي أولياء الله ويعادي أعداءه.١٣٤ وإذا زاد الله في الولي ثلاثة زاد منه ثلاثة. إذا زاد جاهه زاد تواضعه، وإذا زاد ماله زاد سخاؤه، وإذا زاد عمره زاد اجتهاده.
أبى المليك إلا اختيار الأولياء ومتعرضا لهم بأعدائه. ويختبر في قربه بعدوه لمعرفة صبرهم عليه. فإن صبروا على بلوى الأعداء جللهم بالعلم، وحباهم بالوصل، وأسكنهم في جواره، ونعمهم بمشاهدته، ولذذهم بذكره، وأوصلهم بمعرفتهم، وجعلهم أئمة يقتدى بهم، ونجاة لعباده ورحمة لهم في أرضه، وجعل محبتهم في قلوبهم، وأنسهم في رؤيتهم، وحلاوة في قلوبهم.١٣٥ ولا يعظم أقدار الأولياء إلا من كان عظيم القدر عند الله. ولا يقدر الولي إلا الولي. في حين ينكر الولاية الجهال في قلوبهم لضيق الصدور من الصادر، وبعد العلوم عن موارد القدرة. والاستهانة بالأولياء من قلة المعرفة بالله.١٣٦
والولي لا يسمي نفسه وليًّا ولا يشير إلى سمة يتسم بها لأن من شروطه عدم تعرف الآخرين عليه. الولي لا يفشي سره مباشرة أو على نحو غير مباشر كأن يظهر فقره وزهده. وأفضل عمل رعاية السر، وعدم الالتفات إلى شيء سوى الله.١٣٧ وهو في ستر حاله أبدًا. والكون كله ناطق من ولايته. والمدعي ناطق به. والكون كله ينكر عليه.١٣٨ الولاية كالنبوة بها صدق وادعاء. الأولياء أسرار نعم الله. والأصفياء رهائن كرمه. والأحباء عبيد منته. فهم عبيد محبته لا يُعتقون، ورهان كريم لا يفكون وأسرار نعم لا يطلقون. فالولي عبد وأسير ورهين.١٣٩ الولاية فضل. وكما أن لأهل الفضل فضل لم يروه فإذا رأوه فلا فضل لهم فكذلك لأهل الولاية ولاية لم يروها. فإذا رأوها فلا ولاية لهم.١٤٠ فالفضل والولاية من الأسرار، من عالم اللاشعور.
وعلامة الأولياء أن تكون همومهم لله، وشغلهم فيه ومزارهم إليه.١٤١ وعلامتهم أيضًا خوف الانقطاع عنه لشدة في قلوبهم من الإيثار له والشوق إليه.١٤٢ وعلامة الولاية ثلاثة: تواضع عن رفعة، وزهد عن قدرة، وإنصاف عن قوة.١٤٣ والحرص على استمرار الولاية غرور. فلم يحرص الأنبياء على استمرار النبوة.
من نظر إلى ولي فقبله وأكرمه أكرمه الله على رءوس الأشهاد.١٤٤ فالولي لله ومن والاه فقد والى الله. وما تعبد متعبد بأكثر من التحبب إلى أولياء الله مما يحبون. محبة أولياء الله دليل على محبة الله. والله لا يحتاج إلى واسطة في محبته. وقد عجل الله لأرواح أوليائه التلذذ بذكره، والوصول إلى قربه. وعجل لأبدانهم النعمة بما نالوه من مصالحهم وأجزل نصيبهم من كل شيء، أبدانهم من الجنانيين وأرواحهم من الربانيين. فالأولياء أصحاب مصلحة مزدوجة في الدنيا والآخرة، في البدن والنفس. ولهم لسانان: واحد يعرفون به الصنائع الإلهية، وواحد في الظاهر يعرفون به علم المخلوقين. لسان الظاهر يكلم الأجساد ولسان الباطن يناجي الأرواح.١٤٥ ويعرف الأولياء في الخلق بلطف لسانهم، وحسن الأخلاق، وبشاشة الوجوه، وسخاء الأنفس، وقلة الاعتراض، وقبول الأعذار، والشفقة على الخلائق، برهم وفاجرهم.١٤٦
وكما يظهر للأنبياء معجزات وآيات، للأولياء كتمان كرامات حتى لا يفتن الناس بها.١٤٧ الأولياء مرتبطون بالكرامات والدرجات. والأنبياء مكشوف لهم عن حقائق الحق. فالكرامات والدرجات عندهم وحشة.١٤٨ الأنبياء منبسطون على بساط الأنس، والأولياء على درجات الكرامة.١٤٩ الولي من أيد بالكرامات وغيب عنها. فالكرامة علامة الولاية.١٥٠ ومن عامل الله على رؤية ما سبق منه إليه مشى على الماء أو في الهواء فليس بشيء من الله بعجيب. ومن تأدب بآداب الصالحين يصلح لبساط الكرامة، وبآداب الأولياء يصلح لبساط القربة، وبآداب الصديقين يصلح لبساط المشاهدة، وبآداب الأنبياء يصلح لبساط الأنس والانبساط.١٥١ تظهر الكرامات على من عامل الله على رؤية السبق.١٥٢ من أظهر كراماته فهو مدرع ومن ظهرت عليه الكرامات فهو ولي. فالكرامة تظهر طبيعية لا صنعة. آيات الأولياء وكراماتهم رضاهم بما يسخط العوام عن مجاري المقدور. مع أن العوام تعشق كرامات الأولياء لأنها من صنع خيالهم. وتتعدد مستويات الكرامة. فالطيران في الهواء أفضل من المشي على الماء.١٥٣ وقد أعار الله بعض أخلاق أوليائه إلى أعدائه ليستعطف بهم على أوليائه، وكأن الله يلجأ إلى التحايل ويعير الصفات من شخص إلى آخر وكأن الصفات غير ذاتية.١٥٤
ومع الولاية هناك الفتوة. فالفتى معنى آخر للصوفي، والفتيان للصوفية والفتوة للتصوف. ليست الفتوة فقط إسقاط الرؤية وترك النسبة ولكنها أداء الإنصاف وترك مطالبة الإنصاف. وهي زيادة على آدم وذريته. تؤخذ من الاستعمال والمعاملة وليس من النطق. وتعرف بالممارسة وليس بالتعريف. ومن علامة الفتى أن يرى الفتيان ولا يستحي منهم في شمائله وأفعاله. الفتوة أن تنصف ولا تنتصف.١٥٥
الفتوة عذر الإخوان في الزلات وعدم معاملتهم بما يوجب الاعتذار.١٥٦ الفتوة إذن هي الشهامة. هي احتقار النفس وتعظيم حرمة المسلمين. تقوم على إنكار الذات والتضحية بالنفس في سبيل الآخر.١٥٧ من النفاق لبس لباس الفتيان دون حمل أثقال الفتوة. الفتوة رؤية أعذار الخلق وتقصير الذات، وتمامهم ونقصانها والشفقة على الخلق كلهم برهم وفاجرهم. وكمال الفتوة هو عدم الانشغال بالخلق عن الله.١٥٨ الفتوة رؤية فضل الناس بنقصان الذات.١٥٩ هي سمة التواضع، وعدم رؤية الإنسان زيادة فضل له على غيره. هي فضيلة دون رؤية النفس فيها. الفتى من لا خصم له ولا يكون هو خصما لأحد. بل الخصومة لله على النفس. الفتوة كف الأذى وبذل الندى والمسالمة لدرجة عدم منافرة الفقير ومعارضة الغني وهما ضروريان للتغير الاجتماعي. الفتى من كسر الصنم مثل إبراهيم، وتكسير الأصنام رمز للقضاء على الضلال الديني والانحطاط الخلقي والفساد الاجتماعي. كما أن الفتوة عدم الهروب من المسائل وعدم الاحتجاب من القاصدين.١٦٠
وهي الستر على عيوب الأصدقاء حماية لهم من شماتة الأعداء. وهي من طباع الأحرار. واللؤم من شيم الأنذال.١٦١ الفتوة واللؤم نقيضان مثل الشهامة والخسة، البطولة والجبن. التصوف هو الحرية والفتوة، وترك التكلف في السخاء، والتظرف في الأخلاق، والعودة إلى الطبيعة. الفتوة حفظ السر مع الله على الموافقة، وحفظ الظاهر مع الخلق بحسن العشرة واستعمال الخلق.١٦٢ الفتوة هي حسن العلاقة مع الله والبشر على مستوى الأخلاق. هي الإيمان بالله بلا واسطة. أصل الفتوة الحفاظ، والشكر، والصبر، والرضا.١٦٣ وبعضها أخلاق وبعضها مقامات. الفتوة ما عليه الأنصار، الفتوة العملية، إيثار الآخر على النفس.١٦٤ هي الإيثار مع العطاء، والشكر مع المنع، إظهار النعمة وأسرار المحنة. الفتوة حسن المراعاة، ودوام المراقبة، واتحاد الظاهر والباطن. والفتى من يخالف هواه، ومن يترك ما يهوى لما يخشى.١٦٥ الفتوة حسن الخلق وبذل المعارف لمن تبغضه، وبذل المال لمن تكرهه، وحسن الصحبة مع من ينفر القلب معه. هي حالة العطاء المستمر، ومقابلة الإساءة بالإحسان، الإقبال على الناس دون مقابل. تتضمن الفتوة المروءة والشهامة وربما البطولة. الفتوة اتباع السنة والتقاليد وعدم الخروج عن المعروف.
وللفتوة علامات ثلاث: وفاء دون حلف، ومدح بلا مقابل، وعطاء بلا سؤال.١٦٦ وهي وفاء دون حفاظ. فالفتوة عدم الادخار وعدم الاعتذار أي مناقضة بالبخل والتنصل. وتتحدد الفتوة سلبًا كما تتحدد إيجابًا. فليس من الفتوة الربح على الصديق لأن ذلك ضد المروءة، وصب النساء الماء على أيدي الرجال لأن ذلك ضد الشهامة. واستخدام الرجل من يتعاصى عليه في تقديم السفرة لأن ذلك ضد الأريحية. الفتوة دعوة عشرة وعدم التغير إذا حضر واحد أو أحد عشر. والفتى من لا يميز عند من يأكل عنده بين ولي أو كافر. ويستوي عنده المقيم والطارئ. الفتوة ترك التمييز بين الناس وتفضيل أحد على آخر. ليست فقط أخلاقا فردية بل هي أيضًا عادات اجتماعية وخصائص للشعوب مثل اشتهار الشام بالفتوة، والعراق باللسان، وخراسان بالصدق.١٦٧
والملامتية من نفس روح الفتوة. فالملامتي لا يظهر خيرًا ولا يضمر شرًّا. ويخفي حاله على وجهين لتحقيق الإخلاص والصدق ولستر الحال عن غيره. يرى كتم الأحوال والأعمال. ويستوحش من ظهورها. ولا يكون لأهل الملامة دعوى على أحد وليس لديه ما يدعيه.١٦٨ الملامتي يخرج الخلق من عمله وحاله. وإن أثبت نفسه فهو مخلص. والصوفي أيضًا أخرج نفسه من عمله وحاله كما أخرج غيره فهو مخلص. وشتان بين المخلص والخالص والمخلص. والفرق في رؤية الإخلاص. الملامتي يتمسك بالإخلاص ويعظم موقعه لديه. والصدق أصل والإخلاص فرع. الملامتي مقيم في أوطان إخلاصه غير متطلع إلى حقيقة خلاصه. وهو الفرق بين الملامتي والصوفي. يتقدم الملامتي على المتصوف ويتأخر عن الصوفي. الملامة خوف القدرية ورجاء المرجئة.١٦٩
عند الملامتية الذكر على أربعة أقسام: ذكر باللسان، وذكر بالقلب، وذكر بالسر، وذكر بالروح. ذكر الروح يشمل السر والقلب واللسان وهو ذكر المشاهدة. وذكر السر يشمل ذكر القلب واللسان وهو ذكر الهيبة. وذكر القلب يشمل ذكر اللسان وهو ذكر الآلاء. وذكر اللسان بمفرده هو ذكر العادة.١٧٠
وكما يوجد الفتوة والملامتية يوجد أيضًا الشطار. فالشاطر من شطرت نفسه عن الباطل.١٧١ والظرفاء مع أهل الفتوة وأهل الملامة. الظريف هو الخفيف على ذاته وأخلاقه وأفعاله وشمائله من غير تكلف.١٧٢ والصوفية هم أيضًا البهاليل.١٧٣ والبهلول أشبه بجحا، ظاهره غير باطنه. ظاهره البلاهة، وباطنه الحكمة. ظاهره الجنون، وباطنه العقل.١٧٤ وكلهم «أولاد البلد» و«الجدعان».

(٤) الحروف والأسماء

اللسان ليس هو العضو الذي في الفم أو اللغة بل هو البيان عن علم الحقائق، علم البلاء لسان. وعلم بلاء البلاء سنان. لسان العلم ما تأدى إلينا بواسطة. ولسان الحقيقة ما تأدى إلينا بلا واسطة. ولسان الحق لا يأتي إلا بالكشف.١٧٥ اللغة حرف واسم ولفظ ومنها تتكون العبارة. وكلها أفعال. الحرف فعل. والاسم فعل، واللفظ فعل. والحروف ليست مسموعة أو مكتوبة فقط في تكوين الألفاظ بل هي حركات وسكنات في العالم. تكون الأسماء الحسنى. فهي أكثر من حروف صوتية أو خطية.١٧٦ ولكل حرف حد في التلاوة. ولا يجاوز المسموع في التفسير المنقول.١٧٧ هي حروف المعجم لأن لها معنى في المعاجم.١٧٨ وهي في حاجة إلى ترجمة لتعدد الألسنة.١٧٩ الحروف لغات وتصريف وتفرقة وتأليف، موصول ومقطوع ومبهم ومعجم وأشكال وهيئات.١٨٠ الحروف من حيث الشكل منكوسة وأفقية ومستقيمة أي رأسية والغرض من ذلك إظهار «لمع ولوائح وإشارات من أسرار الوجود».١٨١ والوجود في الذات.١٨٢
الحرف نطق، والهم صمت.١٨٣ والله قريب من الحرف إن نطق، وبعيد عنه إن صمت.١٨٤ فالله رب الحروف والمحروف فليس لها منه مجال. وهو مرقب الحرف والحروف فليس لها عن فعله مدار. وللحرف حكم أودعه الله. وللمحروف حكم وصفه الله. ويكون التأويل هو التطابق بين الحكم المودع مع الحكم الموضع، والرجوع إلى الله لتنفيذ ما حكم.١٨٥ وسواء ثبت الحرف أو عارضه فلا الإنسان من الله ولا الله من الإنسان.١٨٦ فالتأويل ما زال درجة من درجات القرب دون الوصول. والخروج من بين الحروف ينجي من السحر. ثم يسقط الحرف، وتهدم الدنيا والآخرة، ويحترق الكون كله، ويبقى الرب بمفرده. فاللغة مرتبطة بالتخاطب في الدنيا.
والحرف يسري في الحرف في النطق كالنغم. ويقود الحرف الحسن إلى الجنة والسيئ إلى النار.١٨٧ فالحرم هو المقام يوم القيامة. وكلاهما من اشتقاق واحد. ومع ذلك لا يستطيع الحرف التعبير عن المحامد ولا الثبوت في المقام.١٨٨ الحرف هوة عميقة من يلتفت إليه أو إلى ما فيه ولا ييأس من الله حتى ولو كانت الحروف سيئة. وأعظم الحروف ما أعطى علما أو لم يعط. فالعلم مباشر أو غير مباشر. جاهز أو يعد، بالفعل أم بالقوة، ظاهر أم كامن. وإذا ما وصل الصوفي إلى الله في نهاية الطريق يجعل الحرف وراءه. فالحرف حجاب مانع من المعرفة المباشرة. بل إن معنى الحرف حرف لأنه قرين. والسوى حرف لأنه مغاير. وهو موضع شك حتى ولو كان به الكيف. الحرف حجاب والحجاب حرف. وأصحاب الحروف محجوبون عن الكشوف.
ويقف الحرف أمام الكون، والعقل أمام الحرف، والمعرفة أمام العقل، والإخلاص أمام المعرفة.١٨٩ الحرف لا يلج الجهل ولا يستطيعه. وهو دليل على العلم. والعلم وراء الحروف. والحضرة تحرق الحروف. والحرف لا يلج الحضرة. وأهل الحضرة يعبرون الحروف ولا يقفون عليها. بل ينفونها بما في ذلك من نفي الخواطر. والخارجون عن أنفسهم خارجون عن الحروف.١٩٠ الحرف يسري حيث القصد. القصد جيم جنة أو جحيم. أهل الحرف الظاهر أهل النار، وأهل الحرف الباطن أهل الجنة. الحرف نار الله وقدره وحتم أمره وخزانة سره. ولا دخل للعبد في قوة النار وإلا أكله نور الحرف. والحرف فج إبليس، محفوف بالمخاطر.١٩١ ومقام العبد من وراء الحرف. ولا يدخل العبد إلى الحرف إلا ونظر الله في قلبه ونوره على وجهه واسمه على اللسان.١٩٢
أربعة حروف يهيم بها القلب. وتتلاشى بها هموم الفكر: الألف لألفة الخلائق، واللام للملامة، ثم لام أخرى تأكيدًا على المعنى، ثم الهاء للهيام. وهي الحروف التي تكون «الله».١٩٣ الألف أول حرف في «الله». والهاء الهوية، والعين العالم. فلكل حرف مخرجه الصوفي الدال عليه. وتشير الحروف إلى عوالم الشهادة والملكوت، والغيب والملكوت، والشهادة والجبروت، والغيب والجبروت، والملك والجبروت، والملك والشهادة، والشهادة والقهر.١٩٤ والواو وصال، والدال دلال، والحاء حياء، والطاء طهارة، والواو الوفاء، والصاد صفاء، واللام دهاء لمدارالعمر، والخاء خفاء، والشين إشارة. وهنا الحرفان يدلان معًا.١٩٥
والحروف ليست فقط حروف اللغة بالنطق أو بالكتابة بل هي الوجود.١٩٦ والوجود هو عالم العناصر الأربعة: الهواء والماء والنار والتراب.١٩٧ والحروف على علاقة بالأفلاك. وهي على أربع مراتب.١٩٨ وكل حرف له مرتبته في العناصر الأربعة: الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة.١٩٩
ومن تكلم بالحروف فهو معلول. ومن كان كلامه بالمثقاب فهو مضطر. فالحروف ما زالت في إطار عالم الخلق.٢٠٠ والكلام نظر واستدلال وليس مشاهدة.
الحرف حرف الله، والعلم علمه. والإنسان عبد الله لا عبد الحرف ولا عبد العلم. والوقوف بين يدي الله وليس بين الحروف والعلوم. الحروف والعلوم نفسها تقوم بين يدي الله مثل الإنسان. هي خزائن الله، من دخلها حمل أمانته. إن حملها لله لا لنفسه كرامة. وإن حملها لله ولنفسه مطالبة. وإن حملها لنفسه وليس لله يبرئ الله من ذمته. تشهد الحروف على صنعة الله. هي مطايا لرؤية وجه الله.٢٠١ الحرف والمحروف دهليز إلى العلم، والعلم دهليز إلى الاسم، والاسم دهليز على المسمى. الاسم والعلم والحرف حجب وأبواب، ستر وكشف. والكل يؤدي إلى النور.٢٠٢ إذا جاءت ترجمة الله ينقطع بها العبد عن ملكه وملكوته. فإذا بدت ينقطع عنها إلى أن تصير التراجم والحروف آلة للمعرفة، ومركبا للنطق.٢٠٣ الحرف بداية ونهاية.٢٠٤ الحروف كلها مرضى إلا الألف لاستقامتها، والأخرى مائلة. والميل مرض.٢٠٥
لذلك كانت الحروف موضوعًا للتأويل. لها ظاهر وباطن وهو موضوع كتاب «الطواسين» أي حرفي الطاء والسين. فالسين في ياسين وموسى أنوار الحقيقة. وأقرب إلى الله من حروف «يا» و«مو».٢٠٦ وطلب التوحيد من حرفي اللام ألف وإلا كان كفرًا. والتعرف على الهوية من خط الاستواء حيرة. وهنا يتوحد الفكر بالحرف بالرياضة بالطبيعة.٢٠٧ وعين التوحيد في السر، والسر بين الخاطرين، والخاطران بين الفكرتين، والفكرة أسرع من الرؤية.٢٠٨ الحرف إحدى طرق الوصول إلى الله.٢٠٩ وهناك ثلاثة حروف دون إعجام. وباقي الحروف رموز غامضة لا تفك.٢١٠ وعبادة الله ستة أحرف، بينها حرفان أعجميان. وهما أصل الإنسان، وآخر للإيمان. وتقوم الحروف مقام بعضها البعض.٢١١ الحروف تقديس وإفراد وتركيب.٢١٢ والأعداد مثل الحروف سر من أسرار الله في الوجود. يتصرف الإنسان بين أربع حقائق: ذاتية وربانية وشيطانية وملكية. وهذه الحروف والألفاظ من غير تأويل ولا صرف. والمتأولة أهل فكر ونظر.٢١٣
والحروف في أوائل السور لها دلالات. الألف المألوف، واللام الآلاء، والميم الملك، والصاد الصادقون.٢١٤ والقرآن به علم كل شيء، وعلم كل شيء في الأحرف التي في أوائل السور، وعلم الأحرف في اللام ألف، وعلم اللام ألف في الألف، وعلم الألف في النقطة، وعلم النقطة في المعرفة الأصلية في الأزل، وعلم الأزل في المشيئة، وعلم المشيئة في غيب الهو، وغيب الهو في التنزيه لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ. فالحرف في البداية يحيل إلى الألوهية في النهاية. وتتعدد تأويلات الحروف حسب الحالات. إذ يمكن القول أيضًا أن الألف للأزل واللام للأبد، والميم ما بينهما، والصاد الاتصال والانفصال. وهي ألفاظ تجري أيضًا حسب العبارات، والحق يتجاوزها.٢١٥
ولله الأسماء والأوصاف بعد الحروف أودعها. وكلها في ترتيب القيومية.٢١٦ الأسماء نور الحروف. والمسمى نور الأسماء.٢١٧ لكل اسم مسماه ولكل مسمى نوره. الحقيقة تحد الأسماء والأسماء قيومية.٢١٨ وهو لفظ قرآني كثير الذكر. ويطلب العبد من قلبه محو أثر الأسماء فيه باسم الله حتى تثبت سلطته ويفنى معناه.٢١٩ تعرف الأسماء والحروف والإنسان في بشريته والخيل يأكل العقل». وإذا كان الحذر من خيل العقل فالأولى الحذر من خيل القلب.٢٢٠ والعبد عند الله أعظم حرمة من اسمه.٢٢١ فالمسمى أعظم من الاسم ولماذا تقديس الأسماء؟ الاسم حروف لاستدلال المسمى بالتسمية على إثبات المسمى. فإذا سقطت الحروف فإن المعنى لا ينفصل عن المسمى.٢٢٢ تاهت الخليقة في العلم، وتاه العلم في الاسم، وتاه الاسم في الذات. فالاسم حلقة متوسطة بين الكون والعلم من ناحية والذات من ناحية أخرى. والاسم رسم ووسم. والرسم ما رسم به ظاهر الخلق، برسم العلم ورسم الخلق فيمتحي بإظهار الحق. أما الوسم فهو ما وسم الله به المخلوقين في سابق علمه بما شاء كيف شاء فلا يتغير عن ذلك أبدًا. الوسم أقرب إلى الطبيعة والخلقة داخل الشيء وليس خارجه. فإذا كان الظاهر فالوسم هو الباطن.٢٢٣
والأسماء ألفاظ وقد يكون اللفظ الصوفي مركبًا بالإضافة مثل صاحب قلب. ويعني ليس له عبارة ولسان وفصاحة وبيان. علم باطني دون تعبير.٢٢٤ ومن الألفاظ تنشأ المصطلحات. فللصوفية طرقهم في التعبير في المسائل واختلاف الأجوبة.٢٢٥ العلم كله نصفان: سؤال وجواب. ولهم مسائل خاصة لم يتكلم فيها إلا هم. وهي كثيرة لا تحصى إنما يذكر منها البعض فقط.٢٢٦ ولهم أشكال كتاباتهم والصدور والأشعار والدعوات والرسائل. يصدرون الكتب والرسائل.٢٢٧ ولهم أشعارهم في معاني أحوالهم وإشاراتهم. ولهم دعواتهم يدعون بها المشايخ المتقدمين من أهل الصفوة. ولهم وصاياهم لبعضهم البعض. وتحديد الألفاظ وتعريفاتها يطول. وما ذكره الصوفية بعض منها.٢٢٨
وكما ظهرت موضوعات التصوف في المسائل والأجوبة عليها كذلك تظهر في الألفاظ الجارية على لسان الصوفية مثل المقامات والأحوال.٢٢٩ بعضها ثنائي على التقابل.٢٣٠ وبعضها أسماء مشتقة ثلاثي الإيقاع.٢٣١ وبعضها ثنائي أو ثلاثي بالصوت.٢٣٢ وقد يكون لفظًا واحدًا.٢٣٣ وبعضها يشير إلى المعرفة والبعض الآخر إلى الأخلاق، والبعض الثالث إلى الميتافيزيقا الخالصة. والبعض تحول إلى جمل مفيدة.٢٣٤ وهي الألفاظ التي تدور في فضاء الفناء والتي يمكن تحويلها وقلبها إلى فضاء البقاء.
وبعد الحروف والأسماء والألفاظ تأتي العبارة. وهي مجموعة من الحروف. ليس لها سلطة أي حكومة؟ إذ تعرف السلطة بلا عبارة. ويمكن المعرفة بلا عبارة بل عن طريق الحجر والمدر أي العودة إلى الطبيعة أصل الحروف كما هو الحال في الكتابة الهيروغليفية. السكون إلى العبارة نوم. والنوم موت. والأفكار في الحروف، والخواطر في الأفكار. وفكر الله الخالص من وراء الحروف والأفكار. واسمه من وراء الذكر.٢٣٥ وجواز الحروف توقف في الرؤية. وبعد الوصول إلى الله تترك العبارة وراء الظهر، والمعنى وراء العبارة، والوجود وراء المعنى.٢٣٦

(٥) الصمت والإشارة

التصوف لغة، صريحة أو ضمنية، حقيقة أو مجاز، عبارة أم إشارة. ومن لم يقف على إشارات الصوفية لم ترشده عباراتهم. ولو صمت المشاهد لصمتت العبارة وإلا لحزب السر وهلك.٢٣٧ ولو علم الناطق آفة النطق لصمت عمر نوح. ولو علم الصامت آفة الصمت لنطق ضعفي عمر نوح. هناك إذن جدل بين الصمت والكلام. إذا أعجب الكلام فالصمت. وإذا أعجب الصمت فالكلام.٢٣٨ وتعلم الصمت مثل تعلم الكلام. وإذا كان الكلام يهدي فإن الصمت يقي.٢٣٩ الصمت هو علم لا أدري في مقابل الكتاب الناطق والسنة القائمة. فالتوقف عن الحكم علم.٢٤٠ ولا يعني الصمت السكوت عن الحق. فالساكت عن الحق شيطان أخرس. والخلوة شرط الصمت. والصمت شرط التوبة.٢٤١ ويقترن الصمت بالخلوة وترك الشهوات وسهر الليل سنتين ثم يعرض الحال على الله والاستعانة به. الصمت يعرف الحال. والخلوة تقطع الآفات. وترك الشهوات يقطع عن الدنيا. والخلوة تمنع من الاشتغال بالناس. وسهر الليل يميت الجهل ويحيي العلم. وهذا هو الطريق إلى البديل والصديق وإلى العلم النافع.٢٤٢ والصمت يطيل العمر مثل التوبة والأدب والخلوة.
ويتطلب الالتزام بالأمر والنهي الالتزام بالصمت والخلوة، وترك الشهوات، وسهر الليل.٢٤٣ يعرف الحال بالصمت، وتنقطع الآفات بالخلوة والانشغال بالناس في أمور الدين والدنيا. وإدراك الجهل والوصول إلى العلم بسهر الليالي. ومن قام بذلك صار بديلًا من البدلاء وصديقا مع الصديقين.
والصمت عند الصوفية رد فعل على الكلام عند المتكلمين، ومن المغالاة في الجدل إلى المغالاة في الصمت. ترك الصوفية الكلام بعلم. والكلام فقط للضرورة من أجل تجنب آفات الكلام فيرفع الحجاب والصمت هو المقام السابع في مقامات السالكين. وهي حكمة تقتضي انقطاع الوسواس وموت الطبيعة عن الفضولات. فعمارة القلب نعمة، وعمارة اللسان فتنة. «الصمت حلم وقليل فاعله». والصمت والإنصات متقاربان.٢٤٤ وغياب الصمت يُوقع في الفضول حتى مع الصمت. وهو حب الاستطلاع والرغبة في الكلام. الصمت سلامة، وهو الأصل. وعليه ندامة إذا ورد منه زجر.٢٤٥ وقد ورث الحكماء الحكمة بالصمت والتفكر. واللسان أحق من إطالة سجنه. لكل شيء بابان وللسان أربعة، الشفتان والأسنان. خلق للإنسان لسان واحد وعينان وأذنان ليسمع ويبصر أكثر مما يقول. الصمت لسان الحلم، ومن آداب الحضرة.٢٤٦
الكلام لا يكون إلا فيما يعني المتكلم. فإذا نطق فيما لا يعنيه خرج عن حد الصمت. ومن عد كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه. الكلام مع الناس قليل، ومع الله كثير لعل القلب يراه. صون النفس بامتلاك اللسان، وعفة اللسان صمته. واللسان مثل السبع يعتدي دون وثاق. الصمت سكوت، والسكوت في وهته صفة الرجل. كما أن النطق في موضعه من أشرف الخصال.٢٤٧ ومن لم يستعن بالسكوت وقع في اللغو. وفرق بين سكوت صونًا عن الكذب والغيبة وسكوت لاستيلاء سلطان الهيبة.٢٤٨ ولسان الجاهل مفتاح حتفه. والسكوت قسمان: سكوت بالفم واللسان، وسكوت بالقلب والضمير. فالمتوكل يسكت قلبه عن السعي وراء الرزق. ليس الصمت خاصية للسان لكنه خاصية للقلب والجوارح. صمت العوام باللسان، وصمت الخواص بالقلوب، وصمت المحبين عن خواطر الأسرار. إذا سكت المحب هلك. وإذا سكت العارف ملك. اللسان لا يسمع إلا من القلب. والقلب لا يتكلم إلا من اللسان. ولو سكت اللسان لما نجا من كلام القلب. وقد يكون سبب السكوت حيرة البديهة. فإذا ورد كشف بغتة خرست العبارات.
وهناك ما يقال وما لا يقال.٢٤٩ ما يعرف يقال، وما يشاهد لا يقال. الأول يمكن النطق به، والثاني يستحيل النطق به. الأول مجال الكلام الثاني مجال الصمت. ما يقال حروف، وما لا يقال إشارات. ما يقال مقولات وما لا يقال كشوف. والمواجيد بالمقولات شطحات يحكم عليها بالكفر. والحرف عاجز عن الإخبار عن الله أو تعريفه. الحرف من مخلوقاته. فكيف يعبر المخلوق عن الخالق؟ ما يقال كتابة وحساب، وما لا يقال لا يكتب ولا يحسب. وقد كان الرسول أميًّا لا يقرأ ولا يكتب وكان يتلقى الوحي سماعًا.
الله هو الناطق وليس هو النطق.٢٥٠ وهي نفس ثنائية الظاهر والباطن، التجلي والستر، الكشف والحجب. وتجمع النطقية في حرف، وتجمع الصمتية على هم. ويقيل الحرف والهم على الله.٢٥١ وإذا وصل العبد لله فإنه لا ينطق.٢٥٢ وقد تكون المعرفة بلا نطق. الصمت يحكم. والنطق يدعو.٢٥٣ ويصبح الله كل شيء. صامت في الصامت وناطق في الناطق.٢٥٤ الصامت والناطق مقولتان في الفكر الشيعي. وهي البيئة الرئيسية التي خرج منها كبار الصوفية.
ومع الصمت والنطق هناك السر والخفاء. وهما لفظان قرآنيان. السر خفاء بين العدم والوجود. هو ما غيبه الحق ولم يشرف عليه الخلق. وسر الخلق ما أشرف عليه الحق بلا واسطة، وسر الحق ما لا يطلع عليه إلا الحق. وسر السر ما لا يحس به إلا السر.٢٥٥ السر ما لا يحس به هاجس النفس فقد غيبه الحق. والسر سران: سر للحق بلا واسطة، وسر للخلق بواسطة. السر من السر للسر، حق لا يظهر إلا بحق. وما ظهر بحق ليس سرًّا.٢٥٦ وقلوب الرجال قبور الأسرار. ولا توجد الأسرار إلا في صدور الأحرار. فهي دلالة على يقظة الضمير. ولا يمكن الاطلاع عليه بالقوة، بالقهر أو التعذيب لأنه يعادل الضمير والوجود الإنساني في ذاته.٢٥٧ وصمت السر هو ترك الاشتغال بالماضي والمستقبل. فالعمل تجل. وتعذب الأسرار قبل الزلل بعد النية على العمل.
الأسرار بكر لا يفتضها وهم واهم ولا فهم فاهم لأنها أقرب إلى حديث النفس. ومع ذلك السر هو ما خفي ظاهره وبدا معناه. والطور هو طيران السر إلينا وإليه.٢٥٨ وقد يكون للسر معنى عضوي. فهو لطيفة مودعة كالأرواح. وهو محل للمشاهدة كما أن الأرواح محل للمحبة، والقلوب محل للمعارف. السر ألطف من الروح. والروح أشرف من القلب. السر لا إشراف عليه. والأسرار معتقة عن رق الأغيار من الآثار والأطلال. ولا يطلع على سر السر إلا الحق. السر مصون ومكتوب بين الإنسان والله. ولو عرف السر الزر لخلع الزر.٢٥٩
والإشارة هو ما يخفى على المتكلم كشفه بالعبارة للطافة معناه. والإيماء إشارة بحركة جارحة مثل التمثيل الصامت.٢٦٠ وتؤذن ببعد الغير أو حضوره.٢٦١ فلان صاحب إشارة أي إن كلامه مشتمل على اللطائف والإشارات وعلم المعارف. الإشارة كالكناية، والكناية كالإشارة. ولا يدركها إلا الأكابر من أهل العلم. الإشارة دالة ومؤشر. فالإشارة إلى العمل طريق الورع، والإشارة إلى العلم طريق العبادة، والإشارة إلى الأمن في الرزق طريق الزهد، والإشارة إلى الآيات طريق الأبدال، والإشارة إلى الآلاء طريق العارفين. ليس المقصود بالإشارة الحركة بالأصبع أو التوجه نحو المكان. فلا يشار إلى الحق وإلا ردت. لا يشار إلى الحق إلا بالحق. وأبعدهم عن الله من يكثر الإشارة إليه. وعند أصحاب التوحيد الإشارة شرك. وقد تكون كفرا إذا كانت الإشارة إليه بعلم. فالإشارة لا تكون إلا على معلوم. ومن أشار إليه بمعرفته فقد الحد لأن الإشارة بالمعرفة لا تقع إلا على محدود. ويشير المريد إلى الله فيجد الله مع الإشارة ثم بإسقاط الإشارة. الإشارة تتطلب البعد والله قريب. ويمكن فهم المطلوب بغير الإشارة.٢٦٢ والإشارات الإلهية متبادلة بين الصادر والوارد كما هو الحال في البريد.٢٦٣
كلام الأنبياء نبأ عن حضور. وكلام الصديقين إشارات من مشاهدات.٢٦٤ وإذا كانت الإشارة قبل السماع كانت من فوق. القليل منها يشفي. وإن كانت بعد السماع كانت من تحت، والقليل منها يهلك.٢٦٥ السماع بالتصريح جفاء. والسماع بالإشارة تكلف. وألطف الأسماع ما يشكل إلا على مستمعه. وهذا هو الاشتباه. العبارة يعرفها العلماء، والإشارة يعرفها الحكماء، واللطائف يقف عليها الشيوخ.٢٦٦ الإشارة إبانة عما يتضمنه الوجد من المشار إليه. وفي الحقيقة الإشارة تصحبها العلل، والعلل بعيدة عن الحقائق.٢٦٧ فالإشارة لغة الوجد وإن كانت قائمة على العلل. والعلل نفسها بعيدة عن الحقائق. العلل في الشريعة وليست في الحقيقة.
قد تكون الإشارة حروفًا أو عبارة تفهم بالأنس ويكتب بها كتاب منه عنه إليه يترجم عن الأستار.٢٦٨ والعلم الإشاري تعبير باللسان مشيرًا إلى الحق. لا يخفي سرًا.٢٦٩ استعمل الصوفية لغة الإشارة للدلالة على الباطن من الظاهر.٢٧٠ بل أصبحت الإشارات نوعًا أدبيًّا عند أبي حيان في «الإشارات الإلهية» وعند القشيري في «لطائف الإشارات». يستعمل الصوفية بعض الإشارات الرمزية التي يفهمها المتحاوران. التصوف إشارة فإذا صار عبارة اختفى. ويرد لفظ «الرمز» مع «الإشارات» و«اللطائف». الإشارة رمز بسيط. والرمز إشارة مركبة. الرمز أفضل من التسمية للإجابة على سؤال لا إجابة عليه.٢٧١ وهو أكثر قدرة على التعبير من الحد والرسم.٢٧٢ والحديث عن علوم المكاشفة بالرمز والإيماء على سبيل التمثل والإجمال لتصور أفهام الخلق من الاحتمال. الرمز معنى باطن مخزون تحت كلام ظاهر لا يظفر به إلا أهله. والرموز في مكاتبات المشايخ لا في مؤلفاتهم.٢٧٣
والشطح كلام بترجمة اللسان عن وجد فياض مما يوحي بأن صاحبه مستلب مأخوذ. ويمنع الشطح من التمييز بين الأشياء والمخاطر وبالتالي حدوث الأمن التام. وقد تعوذ البعض من شطح اللسان.٢٧٤ وتدخل في صياغة الشطحات خاصة الحكايات الرمزية بعض الآيات القرآنية المتشابهة الخاضعة للتأويل، والأحاديث القدسية التي هي أقرب إلى الإشراقيات الصوفية والإيغال في الغيبيات منها إلى الأحاديث النبوية الأقرب إلى التفصيلات العملية والسلوك الإنساني.٢٧٥
والصول هو الاستطالة باللسان من المريدين والمتوسطين على أبناء جنسهم بأحوالهم. وهو مذموم على عكس الشطح الذي لا يمس ولا يسيء إلى أحد. أما الصادقون فإنهم يصولون بالله لقلة المساكنة إلى ما سوى الله.٢٧٦

(٦) العلم والعمل

العالم هو الذي يعمل بعلمه.٢٧٧ ومن دلائل المعرفة العمل بالعلم والخوف على العمل. فالعلم مؤشر على المعرفة ويتحول إلى عمل. العمل هو المقصد النهائي للعلم. وأول العمل العلم به فصار علم العمل فرضًا من حيث تضمن العمل.٢٧٨ العلم إمام العمل. والعناية إمام العلم.٢٧٩ ولن يعمل بالعلم إلا ما شاء الله مع أنه قرار فردي يقوم على مدى الالتزام. العلم بدون عمل أسوأ حالًا إذ يصبح العلم «مأكله لحم أو طلب رياسة أو متاع الدنيا أو رياء وسمعة».٢٨٠ العلوم كلها دنيا وآخرة للعمل بها. والعمل هباء بدون إخلاص.٢٨١ وأنجى طريق للعبد العمل بالعلم.٢٨٢ والحذر من التزين بالعلم أو العجب بالعمل. العلم يزيد خشية، والعمل بصيرة. والعلم يورث العمل. في الماضي كان من يترك عشر العلم يهلك. واليوم من يعمل بعشر العلم ينجو. ليس العمل هو المقصود بل الكشف. فمن نظر إلى العمل حجب عمن يعمل له. ومن نظر إلى من يعمل له حجب عن رؤية العمل.٢٨٣ فالعمل له غاية، ولكن السؤال أين؟ في الرأسي أم في الأفقي؟ في الله أم في العالم؟ في الأعلى أم في الأمام؟
من عمل بما علم علمه الله بغير تعلم. فالعمل يفيض على العلم وبالممارسة تعرف عيوب النظر. فبين العلم والعمل تصحيح متبادل.٢٨٤ وبإجابة العلم والعمل يزاد في العقل. فالعقل نظري وعملي معًا.٢٨٥ العالم يعمل بعلمه. والعاقل يفسر العلم والعمل.٢٨٦ وعمل النوافل أفضل من العلم بها لأن العلم مقدمة للعمل.٢٨٧ ومن لم يقدس فعله لم يقدس بدنه. ومن لم يقدس بدنه لم يقدس قلبه ثم لم يقدس نيته فالأمور كلها بالنية.٢٨٨ فإذا تقدس ذلك كله اتصل بمولاه. فالعلم والعمل قطبان للبدن ومركزه القلب. والكل طريق إلى الله.٢٨٩
والأعمال على قدر مقامات الأسرار٢٩٠ واستمرار العلم هو سبب استمرار الفعل. ومن لم يقف علمه لم يقف فعله٢٩١ وشكر العلم العمل به. وشكر العمل مزيد من العلم٢٩٢ والعلم استثناء الدنيا من الجهل والموات. وهو حجة على الخلق إلا العمل به فهو حجة لهم. والأعمال كلها ضائعة دون الإخلاص، والإخلاص لا يعرفه إلا الله. والأمور بخواتيمها. ومن علامات آخر الزمان انفصام العمل عن العلم، والصبر عن العمل، والتهافت على الدنيا وادعاء العبادات. ولماذا لا يؤدي العمل إلى الوصول إلى المأمول اعتمادًا على حديث واحد «لن ينجو أحد منكم بعمله بل بفضل الله» ومئات الآيات والأحاديث تشير إلى قانون الاستحقاق؟
وأحيانًا يستبدل بالعلم النظر ويظل العمل. فالنظر دون العمل يقضي على الدين. ومن ينظر دون أن يعمل فلا دين له٢٩٣ والعمل خير من النظر، وفعل الشيء خير من النظر، وفعل الشيء خير من تأمله. والاتفاق مع الصفة خير من وصفها٢٩٤ والعمل خير من الجدل. والتصوف أفضل من الكلام٢٩٥ العمل يفتح باب الخير ويغلق باب الكسل والتقصير هو فوت العمل٢٩٦ والعمل وكأن لا يوجد في الأرض غير العامل ولا في السماء أحد إلا الله فالعمل دليل الوحدانية.
وأحيانًا أخرى يستبدل بالعلم المعرفة. العلم دليل على الله والمعرفة دالة عليه. والحكمة رحمة منه. بالعلم تنال المعلومات، وبالمعرفة المعروفات. العلم بالتعلم، والمعرفة بالتعرف. المعرفة بتعريف الحق والعلم بتعريف الخلق. ثم تنشأ الفوائد بعد ذلك. فالعلم في الحالتين هو العلم النافع. للعارفين خزائن أودعوها علوما غريبة، وأنباء عجيبة. يتكلمون فيها بلسان الأبدية، ويخبرون عنها بعبارة الأزلية. والمعرفة ليست فقط نظرية بل هي أيضًا عملية، لا فرق بين العقل النظري والعقل العملي.٢٩٧
وأحيانًا يستبدل بالعلم الإيمان في الثنائية التقليدية بين الإيمان والعمل كما هو الحال في علم أصول الدين٢٩٨ وللمؤمن أربع علامات: كلامه ذكر، وسمته تفكر، ونظره عبرة، وعمله بر٢٩٩ وهل المؤمن لا يعمل شيئًا فإذا دخل عليه شيء طيب آثر به غيره؟ وهل إيثار الآخر بعمل خارجي أفضل من العمل الذاتي؟٣٠٠ والإيمان فطنات، يسكن ولا يخرج. واليقين خطرات٣٠١ فالإيمان عالم داخلي.
والعمل في الإيمان على درجات من الداخل إلى الخارج، من الشعور إلى العالم. أولاها اليقظة. فالمؤمن لا يسهو حتى يغفل. فإذا تفكر حسن واستغفر٣٠٢ فالمؤمن هو الشعور اليقظ وليس النائم، المنتبه وليس الغافل. وثانيا التصديق بالقلب بما أعلمه الحق من الغيوب. ومطالبة الإيمان ما حدا عليه من صحة التصديق بالوعد والوعيد٣٠٣ وثالثها العزة. فما استقام إيمان حتى يصبر على الذل مثل ما يصبر على العز.٣٠٤ الصبر على العز سعي له. وتصبر على الذل تخلص منه. فمقياس الإيمان استحقاقه. ورابعها العلم. فالإيمان مقرون بالقرآن وهو علم.٣٠٥ الإيمان أحد أنماط العلم. وعلم الإيمان والتوحيد وعلم المعرفة واليقين مع كل مؤمن حسن الإسلام. وهو مقامه من الله. فالعلم بالله والإيمان قرينان. الإيمان مدد العلم وبصره. والعلم قوة الإيمان ولسانه. وخامسها الأخلاق. فليس الغش في الإيمان ولا من خصال المؤمنين٣٠٦ لا يوزن الخلق بميزان النفس بل بميزان المؤمنين لمعرفة فضلهم وإفلاس الذات. ولماذا يكون القياس على الذات إفلاس؟ شرح صدور المتقين وكشف بصائر المهتدين بنور حقائق الإيمان٣٠٧ إذا كان السلم محبوبًا إلى الخلق فإن المؤمن غني عن الخلق.٣٠٨ البر الإيمان، والتقوى الإخلاص، والإثم الكفر، والعدوان المعاصي٣٠٩ وما يذهب الإيمان والعمل من القلب القصائد أي الشعر، والشراب أي الخمر، والغناء أي الموسيقى والطرب مع أنها أقرب الأشياء إلى التصوف٣١٠
وأحيانًا يضاف إلى ثنائية الإيمان والعمل القول في ثلاثية الإيمان والقول والعمل. فالإيمان قول وعمل. الإيمان طاقة داخلية تتخارج في القول والعمل، في اللسان وفي اليد٣١١ مطابقة الظاهر والفعل ضرورة. وهي مطابقة الداخل والخارج، القول والفعل، النظر والعمل٣١٢ ويسلم اللسان من الكذب إذا كان أصله صحيحًا٣١٣ الكذب هو القول الفارغ من أي مضمون، قول اللسان ولا يقابله تصديق بالفكر أو بالوجدان أو بالعمل٣١٤ والقول والعمل واجهتان لشيء واحد يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ.٣١٥
فضل القول على العمل منقصة، وفضل العقل على القول مكرمة.٣١٦ فالعمل له الأولوية على القول. وصدق القول وصدق العمل ضمن أربعة خلال ومعها صدق المودة وصدق الأمانة.٣١٧ وكلها فضيلة الصدق. يتوقف القول الخالص على العمل، والعمل على الآجل، والآجل على الطمأنينة، والطمأنينة على الدوام.٣١٨ العلم ينزل والعمل يصعد.٣١٩ والعمل سابق على القول، والسلوك شرط المعرفة.
والتوفيق البداية بالعمل.٣٢٠ أخسر الخاسرين من أبدى للناس صالح أعماله، والأعمال تعبير عن المقاصد وليست رياء للناس كما حذر المسيح. فالرياء في الأعمال بصرف النظر عن مبارزة لمن هو أقرب إلى حبل الوريد.٣٢١ الأعمال بالنيات. والبداية بفحص النية وهي الإرادة الخيرة.٣٢٢ والنية أفضل من العمل، والعمل أفضل من القول.٣٢٣ واستقامة الطاعة للنية.٣٢٤ ومن سعادة المرء حسن النية.٣٢٥ والحذر من الرياء ومدح الجاهل أو قبل مدح النفس. الناس نوعان عالم بعمل يعلمه، وساذج بنية.٣٢٦ فالعلم أساس العمل والنية وسط بينهما، علم شعوري وعمل في حالة الإمكان. والإخلاص أربعين يومًا بالنية وحفظ الجوارح ولا يطعم إلا الحلال. ويكون الطعام واللباس لله بالنية. والنية هي التفكر.٣٢٧ وهي النية العقلية أو القيد. والنية هي الإخلاص. وهو معنى حديث «إنما الأعمال بالنيات».٣٢٨ نية الإرادة غير نية الفعل. الإرادة عام والفعل خاص. وكما يثبت حكم الظاهر بالفعل يثبت حكم السر بالنية٣٢٩ وإن لم يصل العلماء بعلمهم وصلوا بنياتهم٣٣٠ ولكل عمل نية ومن ثم لا يحجب صاحبه عن الله. ودون نية لا يُعرف الحكم. وضياع النية يؤدي إلى الحيرة٣٣١ فالنية قصد، والقصد اتجاه.
والنية هي إرادة الإنسان أن يعمل بمعنى من المعاني فالإرادة نية والنية إرادة وتطلق على الأشياء أيضًا تشخيصًا مثل جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ٣٣٢ فإن لم تحضر النية فإن ذلك يعني إما عدم توافر الباعث على الفعل أو أن يكون الفعل قد تم عن طبيعية لا إرادة٣٣٣ فإذا ما قام الإنسان بعمل لغير وجه الله ثم يندم فإن العمل يستمر بالنية الجديدة٣٣٤ وتجزئ النية عند بدء العمل أثناءه٣٣٥ وأثناء العمل قد يزيد النشاط ويتسع الأفق، وتظهر أبعاد جديدة غير النية الأولى٣٣٦ ويجب على المريد أن يلزم حين العمل سرًّا وعلانيةً لوجه الله وحده٣٣٧ ويسر العبد عندما يظهر عليه من عمله قبل فراغه منه وبعد قراءته.٣٣٨
وقد يؤتى العمل سرًّا خوفًا من العدو أو من الشهرة. أو استعينوا على قضاء حاجاتكم بالكتمان». والإنفاق بحيث لا تعلم اليد اليسرى ما تنفقه اليد اليمنى. وقد يتساوى السر والعلانية مع أفضلية السر٣٣٩ ويجوز ترك العمل خوفًا من الرياء قبل العمل وأثناء العمل.٣٤٠
ويمكن ترك بعض النوافل إشفاقًا على الناس من تكليف ما لا يطاق.٣٤١ وقد يظهر العمل للاقتداء به. فالعمل مستمر في التاريخ. «من سن سنة حسنة فعمل بها كان له أجرها وأجر من اتبعه فيها».٣٤٢ وقد يحث الإنسان الآخرين على عمله للاقتداء به. فالمبادرة قد تأتي من العامل أو من المقلد.٣٤٣وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا.
والدعاء أقرب إلى القول والإيمان منه إلى العمل والفعل وطاعة الرب ودعاؤه مستجاب للاضطرار عن طريق فعل خارجي.٣٤٤ الدعاء ترك فعلي للذنوب وليس مجرد التمني بالقول.٣٤٥ والاستعاذة بالله منه من النبي أو من اقتفى أثره. دون فعل مجرد خوف وتمن للنجاة.٣٤٦ الدعاء هو فعل سلبي، استجداء وتحقق. لا يرد الله الدعاء من الصديقين، مؤمنين أو كافرين. فالدعاء من الكافر ضرورة. والمؤمن يدعو بحكم الإيمان. الدعاء فعل قلبي، بداية تحقق الفعل بالنية. وبهذا المعنى الدعاء مستجاب فهو قضاء للحاجات دون أن يدري الإنسان حسنة كتبت له أم عقوبة صرفت عنه.٣٤٧ وهو ما سماه إقبال «فلسفة السؤال» أي الشحاذة من الله. ليس الدعاء بالقول بل بالفعل. ونتائج الأفعال مقصودة وعن روية. الدعاء بهذا المعنى مستجاب في أربعة أوقات نهارًا وليلًا، حين الضرورة، وبالاسم الأعظم وساعة الظلم، وفي سبيل الإخوة والأبوة.٣٤٨ فالدعاء أول درجه من درجات تحقق الفعل. إن الدعاء بالمعنى الشعبي مجرد قول دون فعل، يطعن في قانون الاستحقاق، الدعاء بدخول الجنة، والخروج من النار. والنصيب يرجع إلى الفضل. والدعاء بلا فعل واستحقاق تخل عن الحرية والمسئولية. وكيف يحب الله الإقرار بالذنب وهو الفاعل لكل شيء؟٣٤٩ وكيف يعرف اتفاق الدعاء «الكد» كي تسرع الإجابة حتى إذا كانت اللغة والوجود متوازيين؟٣٥٠ وأفضل دعاء وأسرعه للإجابة وجدان قلوب الصديقين. الدعاء أفضل من العلم لأنه مع الفقر والفاقة يجمع بين القول والعمل. والدعاء المستجاب لا حيلة للعقل ولا للعلم فيه. يكفيه الإيمان والعمل. هو هبة من الله. وما دام الدعاء كوسيلة لجلب المنافع غير مضمون فالأولى الأخذ بالأسباب.٣٥١ وإذا كانت المقدمة التوحيد فإن الدعاء هو التبري من كل ما سوى الله أي الاستسلام كلية للغير.٣٥٢ الدعاء إذن دعوة للتخلي عن الأسباب. والفعل في العالم يقتضي الأخذ بالأسباب. والأمر بالدعاء والتضرع حتى لا يسأل إلا الله. والأفضل الأمر بالفعل والكد والسعي يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ  هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا فالدعاء جامع بين الإيمان والعمل. ولا ينجع السهم من الرامي كما ينجع الدعاء أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ.٣٥٣ والاضطرار يؤدي إلى الفرج القريب بطبيعة الأشياء. فلا يوجد اضطرار دائم ولا فرج دائم. الدعاء التصديق بالقلب الذي يخلق موضوعه. وما من أحد كانت له حاجة إلى الله أعيى أهل السموات والأرض قضاؤها فدعا الله إلى الليل إلا قضيت. وهو إحساس بالأمل بعد اليأس وبالوجود بعد العدم، وبالحياة بعد الموت.٣٥٤
وإذا كانت الأعمال بالتوفيق، والتوفيق من الله، ومفتاحها الدعاء والتضرع فلم يبق للعامل شيء.٣٥٥ العمل الذي يبلغ الغايات هو رؤية التقصير والعجز والضعف. فالعمل يبدأ بالسلب. والعمل لا يحتاج إلى عصمة. وهو أشرف عمل لأنه ممارسة للحرية. ولا علم أشرف من علم آدم إلى تعلم الأسماء ولم يمنعه ذلك من العصيان وجريان القضاء والقدر عليه. ولا عبادة أفضل من عبادة إبليس لأنه لم ينج من المسبوق عليه.٣٥٦
واللعن دعاء سلبي، تمني الضر للآخرين، وليس تمني الخير للنفس. إلا أن لعن الرسول إبليس إلى الأبد كما لعنه الله، وعلى الكفار إلى التوبة فتتحول إلى رحمة، وعلى المسلمين رحمة إذا تابوا.٣٥٧ وليس من شيمة الرسول اللعنة على أحد بل الرحمة بالناس. وبسبب إبليس أتت النبوة وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ.
وإذا كان العلم ثلاثة: علم بالله وعلم من الله وعلم مع الله فهو علم التوحيد وعلم الشريعة وعلم التصوف. العلم بالله معرفة صفاته وأحواله، قوانين الطبيعة وأحواله ظواهرها. والعلم من الله علم الظاهر والباطن، والحلال والحرام والأمر والنهي في الأحكام. وهو علم الوحي، التنزيل والتأويل، الشريعة والحقيقة. والعلم مع الله علم الخوف والرجاء والمحبة والشوق وهي علوم التصوف.٣٥٨
وعلم العقائد نفسه علم عملي سواء في العقليات، الذات والصفات والأفعال أو في السمعيات: النبوة والمعاد والإيمان والعمل والإمامة.٣٥٩ لذلك يتم التصديق من خمسة أمور: إعلام الحال، وحفظ الإيمان، وحذر العدو، وإيثار الرب، والإخلاص. باب العلم المشيئة، وباب القدرة الإرادة. فالعلم النظري علم عملي.٣٦٠ لذلك ارتبط العلم والقدرة ليس فقط في صفات الله بل أيضًا في سلوك الإنسان. فالعلم سر، والقدرة علانية. العلم باطن، والقدرة ظاهر. العلم نظر، والقدرة عمل. والعلم بلا عمل مثل العملة الورقية بلا قيمة في ذاتها، ومثل الدراهم والدنانير يتركها وراءه العالم فيعذب بها يوم القيامة. والعلم من أثر بعد موت صاحبه وليس من ترك وراءه المال في الخزائن. العلم والقدرة والنجوم ليس لها إقرار أي نهاية. فالعلم لا نهاية له. والقدرة غير محدودة. والنجوم سائر تأثيرها في الكون. وعبادة الله تظهر القدرة في أقل من أربعين يومًا.٣٦١
وأنفع العلم الأمر والنهي، والوعد والوعيد، والثواب والعقاب. وهو علم الشريعة بعد العلم بالذات والصفات والأفعال والأسماء، عودًا بالتصوف إلى علم الأصول.٣٦٢ العلم هو العلم الفقهي. فالعقيدة والشريعة هما النظر والعمل، التصور والنظام، الأصول والفروع. وقد بنى أهل المعرفة بالله أصول الأحوال على شاهد العلم، وتفقهوا في الفروع. إذا كان العمل فضيلة فيما لا يهم فضيلة لأن الدخول فيما لا يهم، فإن ترك العمل فيما يعني يؤدي إلى النسيان. والحد الأدنى له الندامة يوم القيامة والجهل بالحال.٣٦٣ والكلام فيما يعني رذيلة تجب عتق مائة رقبة والتصدق بمائة درهم، وتقضي على الشكر. وهو الدخول فيما لا قصد فيه.٣٦٤ والوصول بالعلم وبالنية وبالإرادة. القيام بآداب العلم وشرائعه يبلغ بصاحبه إلى مقام الزيادة والقبول. فالعلم آداب. وأهم من العلم سلوك العلماء.٣٦٥ ولا ينقص ظاهر الأدب ظاهر العلم.٣٦٦ يؤخذ الأدب من العلم، والأنس من الخلوة، والحياء من شعاب النفس، والاعتبار من التفكر، والحكمة من الخوف.٣٦٧ العلم هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أي العلم الفقهي، العمل. وهو متصل بالعرش. ومن صحب العلم يشاهد الأمر والنهي ضرورة.٣٦٨ فالعلم هو التكليف أي الأمر الشرعي. ومطالبة العلم ما تبين به أحكامه فظهرت دلائله. وطالب الحق باستعماله.٣٦٩ حقيقة الإرادة استدامة الكد وترك الراحة.٣٧٠ والدنيا عمل جاد تتطلب الإقلال من الضحك وتجنب المزاح.٣٧١ وهناك عبارات توحي بالتوجهات الإيجابية وإن لم تصبح مصطلحات مثل «الفناء في العمل».٣٧٢ وهناك موقف خاص للأعمال.٣٧٣ فصفة الله العمل في «كن» وكذلك صفة الإنسان. والعمل دون النظر إليه. وعمل الليل عماد عمل النهار. والوقوف بين يدي الله ليس طلبًا منه أو هربًا إليه بل لرفع الحجاب. والعمل عملان راتب وزائر، الأول لا يتسع العلم والعمل إلا به. والثاني لا يتسع العلم إلا به. ميزان العلم النية، وميزان العمل الإخلاص.
ويعلم الإنسان أنه على السنة والجماعة إن عرف من نفسه عشر خصال: التمسك بالجماعة، واحترام الصحابة، وعدم الخروج على الأمة بالسيف، وعدم التكذيب بالقدر، وعدم الشك في الإيمان أو المماراة في الدين، وعدم ترك الصلاة على أهل القبلة، وعدم ترك المسح على الخفين، والتمسك بالجماعة خلف الوالي وإن جار وإن عدل.٣٧٤ وتتفاوت الخصال في الأهمية مثل مساواة مسح الخفين بالعلاقة مع الحاكم الظالم. بعضها تقليدي مثل التمسك بالجماعة واحترام الصحابة. وبعضها مذهبي مثل الإيمان بالقدر وعدم الشك في الإيمان، والمماراة في الدين وهو الأشعرية. والبعض الآخر استسلام للأمر الواقع، وهو التمسك بالجماعة خلف الوالي وإن جار، مع أن التصوف مقاومة سلبية، وتغيير المنكر بالقلب وهو أضعف الإيمان. «ولا دليل إلا النبي» تجاوز للقرآن كهداية وتجاهل للإجماع كمرشد وإلى الاجتهاد كدليل. الاشتغال بطلب العلم وقراءة القرآن ينتهي إلى المسرة وهو لفظ الإنجيل.٣٧٥ وأصول ذلك كله وفروعه في السنة. ومن ثم لزم الاقتداء بها.٣٧٦ وقد يمتد الاقتداء بالرسول إلى الصديق والفاروق.٣٧٧ والاقتداء بالسنة قبل أن يأتي وقت يلوم الناس الرسول وينفرون منه ويهينونه ويذلونه أي نهاية الاقتداء بالنموذج والتأسي بالمثل الأعلى.٣٧٨ والعلم هو العلم الأخلاقي. يتضمن الورع والنصيحة والحلم. والورع ترك الحلال مخافة أن يجر إلى حرام. وهو نوع الحساسية الزائدة والتوجس خيفة من النفس ومن العالم. والناس على البراءة الأصلية. والفطرة خيرة، والطبيعة تميل نحو الخير. والأخلاق عمل بالشرائع ما يوافق السنة، يزيد وينقص.٣٧٩ أول الإيمان منوط بآخره. عقد الإيمان «لا إله إلا الله» الإسلام منوط بأداء الشريعة بالإخلاص.٣٨٠ والإيمان بالفرائض، وفرض علمها فرض، والعمل بها فرض والإخلاص فيها فرض. فالفعل من أول صور وجوده وهي النية حتى آخر صور تحققه في العالم فرض.٣٨١ والعلم الأكبر الهيبة والحياة. وهما شرط الخيرات. فالعلم هو العلم الأخلاقي.٣٨٢ وإذا كانت الأخلاق حدًّا لا يمكن عبوره تصبح غاية ذاتها. ومع ذلك يعبرها الصوفي لأن من تزين بعمله كانت حسناته سيئات.٣٨٣ وإذا ترك الصوفي العمل رجع إليه. فإذا تركه العمل فلا يرجع إليه. الحالة الأولى أخلاق، والحالة الثانية نفس. فالعمل وسيلة للمعرفة وأعمال الجوارح مقدمة لأعمال القلوب.٣٨٤ وأنفع الأعمال ما سلم من آفاتها، وكانت مقبولة من صاحبها أي الصدق مع النفس وحسن النية والرضا عن الذات.٣٨٥ والإخلاص في العمل أشد في العمل لأنه عمل مزدوج يعجز عنه الرجال.٣٨٦
لا يضيء بنور العلم إلا الأتقياء، ومن ذاق حلاوة العلم لا يعبر عنه.٣٨٧ ولا تثبت الحكمة بقلب يحب الدنيا.٣٨٨ ولا يعطى العلم من كان للدنيا لديه قدر وقيمة.٣٨٩ والعمل بالحق يزيد نور البصيرة.٣٩٠ والحذر من الدين لله بالعقل، والعمل بالهوى، وترك الحق، وتبوأ الباطل، وتمني المغفرة مع نسيان التوبة. ولا علم وعمل إلا إذا ثبتا باليقين والصدق والورع والإشفاق والخشية.٣٩١ وحماية القلب من سوء الظن بحسن التأويل.٣٩٢ ويحذر من التوسع في المنطق حتى ولو كان الإنسان بليغًا.
تم تأتي علوم التصوف. فبين الإنسان والله سر. يفزع الإنسان، ويلجأ إليه، ويطلب العفو منه، وهو أسير بين يدي العدو، مفتون بالدنيا. والاشتغال عن الله طرفة عين يذهب العلم. فالعلم مرتبط بيقظة الوعي بالداخل أكثر من الخارج، بالوعي أكثر من الإحساس.٣٩٣ الأعمال هي: الاستغناء بالله، والإخلاص، والرجوع إلى طاعة الله. العلم إما يدل على الهداية وهو اليقين أو على التوكل أو على الإخلاص. فالعلم نظري وعملي.٣٩٤ ولا يصح الحال إلا في أصل الدخول على الله واتباع السنة. الصلاح للخلق. والظاهر الاقتداء بالسنة والباطن النية والإخلاص. العلم هو علم الحال في الحركة والسكون بين العالم والله. العلم شعوري، علاقة الشعور بالآخر المطلق.٣٩٥ وأقرب حالات أصل المعرفة ذكر قيام الله. العلم قطع عن الجهل وليس قطعا عن الله. والله في العلم يعني البحث المستمر أي تقدم العلم.٣٩٦ الصوفية وحدهم من بين البرية هم السابقون السابقون، المقربون بالعطيات، والمرتفعون في المقامات. عرفوا الله حق معرفته. وعبدوه أخلص عبادة. وآووا إليه بالشوق والمحبة.٣٩٧ والاقتداء بالنبي يجعل الصوفي إماما لمن بعده.٣٩٨ والأنبياء معصومون، وطاعتهم بعون الله.٣٩٩ العلم إذن علمان: قيام العبد بقيامه مع الله، وعلم الله في العبد وهو مغيب عن العباد إلا أصحاب الكشف كالنبي أو الولي.٤٠٠ العلماء بالله هم الواقفون معه على حدود الآداب، لا يتجاوزون بها إلا بإذن.٤٠١ ومن تولاه رعاية الحق أحل ممن تؤديه سياسة العلم فلماذا تكون رعاية الحق مضادة لسياسة العلم؟ لا يعرف الإنسان إلا العلم. وهو القاسم المشترك بين الناس.٤٠٢
والتصوف أعلى مراتب العلم وهي سبعة: المخالفة للنفس، والمكابدة، والطهارة، والسهولة والمسارعة، ودرجة الحلول ثم مرتبة المذاق. وكلها نوع من الرياضة والمجاهدة. فحكم العلم سماعه من الله وهم العلماء الأقوياء أي العلم المباشر من الله بالسماع والمشافهة أو النظر أو الصحبة. العلم هو الفهم. فلا يخرج علم من الله إلا وهو مفهوم. والعالم عالم لأن أفعاله ترد إلى الحول والقوة لا إلى التدبير. فالعلم لدني. والقوة ثلاثة أنواع. الأولى يثبت بها العمل والروح، وتؤدى بها الفرائض. والثانية تقع بها المعصية أو الطاعة والأفعال المكتسبة. والثالثة تقع بها المعاصي فقط واكتساب الأفعال بالأهواء والشهوات فتستحق العقوبات. والعلماء هم الذين فتحت قلوبهم. وهم على درجات في الغرف منه.٤٠٣
وتقيد الجوارح بأحكام العلم، ومراعاة الهم بمعرفة قرب الله وخشيته.٤٠٤ العلم ورع وأمر ونهي وسنة وآداب وترغيب وترهيب ونية.٤٠٥ يمنع العلم الدخول في الدنيا بالجهل، ونسيان المعاد.٤٠٦ والعمل بالحق، وبالله الثقة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.٤٠٧ ونصيحة الصوفي الالتزام بمواهب العلم واحترام جميع المسلمين، وعدم تضييع الأيام. أما النصيحة بعدم التصدر والخمول بين الناس فكلما زاد الاشتغال بهم قل حظ اتباع أوامر الله. مطالبة العلم ما تبين به أحكامه فظهرت دلائله وطالب الحق باستعماله.٤٠٨
العلم أفضل مجاهدة. ولولا اختلاف العلماء لبقي العلم نهاية المطاف. واختلاف العلماء رحمة إلا في تجريد التوحيد بشرط أن يكون صوفيًّا. والتصوف نفسه عليه خلاف. هو أحد المقاربات للتوحيد ولكنه ليس الوحيد. فهناك التوحيد كما يتصوره المتكلمون (الذات والصفات والأفعال) والفلاسفة (واجب الوجود) والأصوليون (الشارع). والعبرة بالأوتار، والمعتبر بالأثقال. الوتر سماع، والمثقال رؤية. الأول تجربة شخصية، والثاني مقياس موضوعي. والعلماء يصحب بعضهم بعضا بعيدا عن الجهال.٤٠٩ وهي نخبوية وعزلة يستحق عليها أهل الملامة واللوم.
العلم كلمتان عدم التكلف بما كفي، وعدم ضياع ما استكفي.٤١٠ فالتكلف تعالم والبعد عن التكلف في الدين حتى ولو كان الإنسان عالما. ومنها عدم الإكثار من الأيمان في الصدق. العلم حياة القلب من الجهل، ونور العين من الظلمة.٤١١ هو العلم الشعوري المباشر. العلم يغفر العيوب. وإذا احتاج أحد إلى علم فلا ينظر إلى عيوب. حتى لا يحرم من علمه.٤١٢ العلم لآداب الظاهر، والورع لآداب الباطن. والأهم عدم الانشغال عن الله أو الإعراض عنه.٤١٣ والأقوال الأفعال قرينان.٤١٤ تمثلها الرسول بدلا من الجدل والبلبلة عند المتكلمين. وحجة الأقوال لا تقرب، وحجة الأفعال تأتى بالحب.٤١٥
ويقل التركيز على العمل في «الولاية» على عكس الشطحات. ومن يرد عليه عمله له لباس السواد. فالعمل المردود أسود، والعمل المقبول أبيض.٤١٦ العمل مجرد وسيلة للقرب وليس غاية في ذاته.٤١٧ وأحيانًا تكون المبادرة من الإنسان.
يدل على الحجاب ويمد الله له نار الوصول، إذا صحب الله وصل. وإذا سأل أجيب، وإذا اختار سقطت المؤاخذة. وإذا كفي عينيه كفاه الله قلبه. وإذا كفاه النوم كفاه الله اليقظة. وإذا كفي شهوته كفاه الله حاجته.٤١٨

وأهل المعرفة لا يتركون العبادات أي الحركات من باب البر والتقوى. ولا يسقطون الأعمال. فقد أخذوا الأعمال عن الله ورجعوا إليه فيها. ولو بقيت المعارف ألف عام لا تنقص أعمال البر ذرة إلا إذا حيل بينهم وبينها. بل إن المعرفة تجعل العبادة أوكد، والحال أقوى. ومع ذلك لم يسلم الجنيد من اتهامه بالكفر. أما ابن سينا فإنه يعتبر العبادة وسيلة إلى الوصول والمعرفة. فبعد تحقيق الغاية ينتهي دور الوسيلة.

العارف لم يأسره لحظه ولا لفظه. في حين أن الجنيد أسره لفظه في الشطحات، ولحظه في الوجد.٤١٩ والغفلة عن الله أشد من دخول النار.٤٢٠ شكر العلم العمل، وشكر العمل زيادة العلم.٤٢١ العلم بالله أهم من عبادته.٤٢٢ فالعلم عبادة. المعاملة استعمال الأولى فالأولى من العلم.٤٢٣
أيام العمر معدودة كما تردد الأغاني الشعبية. إذا ذهب يوم ذهب بعض العمر أي الوجود الإنساني. من هنا أتت ضرورة العمل.٤٢٤ والصوفي قطعة شمع وإبرة وشعرة. يشتعل كالشمعة ليضيء للناس. ويتجرد ثم يعمل. فيصير نحيلًا كالشعرة.٤٢٥ والعمل هو ما لا يظهر، ولو ظهر لا يعد عملًا.٤٢٦ والفعل ممتد في الزمان، إصلاح ما بقي في المستقبل لمحو ما مضى. فإيجاب المستقبل يمحو سلب الماضي.٤٢٧ ولا يغتم الإنسان إلا من شيء يضر في الغد.٤٢٨ ولا يفرح إلا من شيء يسره في الغد. وكيف يحدث ذلك وأفعال الغد ممكنة وليست ضرورية؟ وأفضل الأعمال عمارة الأوقات بالموافقات. والموافقات مع من، الله أم البشر؟ وماذا عن المخالفات؟ مع الله عتابًا ومع البشر معارضة؟٤٢٩ أفضل أعمال العبيد حفظ الأوقات، وعدم التقصير في أمر أو التجاوز عن حد.٤٣٠ والعمل هو الذي يجازى بالإحسان.٤٣١ والمطلوب هو النجاة من العالم ومخاطره.٤٣٢ وعدم الاغترار بالدنيا وبريقها.٤٣٣ والتأني أفضل من العجلة، والتعجل في فعل الخير، وترك مواطن الاشتباه.٤٣٤

(٧) نقد العصر

ويغلب نقد العصر على مقدمة المؤلفات. فهو أحد بواعث التأليف. وتكثر الإشارة في الأعمال الصوفية إلى «هذا الزمان مما يساعد على رؤية ظروف العصر والبيئة الاجتماعية التي ظهر التصوف فيها كرد فعل عليها. تحزن على أحوال الناس، وتبدل الزمان، وتغير الأحوال وضياع الحق، وغياب الصدق وذهاب الإيمان وسيادة البدع. فالتصوف مرتبط أشد الارتباط بظروف العصر ولكن كرد فعل عليه.٤٣٥ لم يخل عصر من عيوب نقدها الصوفية مثل تبعية العلم للهوى والتحول من تبعية الهوى للعلم إلى تبعية العلم للهوى.٤٣٦ ويذهب الإسلام بالعلم بلا عمل، والعمل بلا علم، وعدم تعلم ما لا يعلم، ومنع الناس من العلم. فالعلم له الأولوية في العمل والتعلم ونشر العلم.٤٣٧ ويأتي على هذه الأمة زمان لا تطيب المعيشة فيها لمؤمن إلا بعد استناده إلى منافق. وهو زمان ضياع الإيمان، وانتشار النفاق، وتوقف الصدق على النفاق.٤٣٨ ومن مظاهر أزمة العصر ترك الكليات، والانشغال بالجزئيات حتى حرموا كل شيء دون استعمال الكراهة. وحللوا كل شيء دون استعمال الندب. ووقع السلوك الإنساني بين حدي الحلال والحرام الضروريين دون أفعال الحرية المتوسطة.٤٣٩ ومن علامات آخر الزمان تكون العلانية أعداء السريرة، وينتهي الباطن ويسود الظاهر، والتحول من المضمون إلى الشكل، ومن الجوهر إلى العرض.٤٤٠
وضاع من هذا العصر علماء الآخرة وكثر علماء الدنيا.٤٤١ غاب علماء المصالح العامة وحضر فقهاء الحيض والنفاس. ذهب علماء فقهاء الأمة وحضر فقهاء السلطان. المتقرئ هو الصوفي المزيف. المتكلف بنفسه، المظهر لزهده مع كمون رغبته وتربيته لبشريته. اسمه مضمر في فعله لرؤية نفسه ودعواه.٤٤٢ لا يطيق سماع القراء ومشاهدة تعظيم طاعتهم لأنهم حولوا القراءة إلى حرف بلا معنى.٤٤٣ المتقرئ هو الفقيه الذي يقرأ القرآن ولا يفهم معناه الباطن. فالمقصود من التنزيل التأويل، ومن القراءة التلبية.٤٤٤ والمتقرئ لا يدرك إلا الظاهر. والصوفي يتخفى أمامه في أفعاله. المتقرئ لا يصبر تحت شجرة التمر. ولو صبر لأكل التمر وأصبح مع المتزهدين المقربين.٤٤٥ ويظن المتقرئ أن من يمدح الله يمدح نفسه. وينصح البسطامي المتقرئ بأن يري كما هو أو يكون كما يري.٤٤٦ والمتقرئ يخرق نفسه ولا يدري. ولا يفهم الكرامة ويحسبها ادعاء.
نقد الصوفية ليس إنكارًا لهم بل غيرة عليهم لأنهم أفشوا أسرار الحق وأبدوها إلى غير أهلها. فهم السادة، يتقرب بمحبتهم إلى الله تعالى.٤٤٧ وهؤلاء أصحاب الشطحات. وإسقاط الأعمال أمر عظيم عند الصوفية، وكذلك القول بالحلول مثل قول النصارى والحلاج. ومن الناس من ينتمي إلى الصوفية وليس منهم. مثال ذلك القلندرية وهي الملامتية مع أنها عند إقبال نموذج الفقير. فإذا كان الملامتي حالًا شريفًا ومقامًا عزيزًا وتمسكًا بالسنن والآثار وتحققًا بالإخلاص والصدق فإن القلندرية هم أقوام ملكهم سكر طيبة قلوبهم حتى ضربوا العادات، وطرحوا التقييد بآداب المجالسات والمخالطات، وساحوا في ميادين طيبة قلوبهم فقلت عباداتهم ومباحاتهم ورخصهم دون عزائمهم. لا يدخرون ولا يستكثرون. بل يتقشفون ويتزهدون ويتعبدون. يعمل الملامتي في كتم العبادات ويعمل القلندري في تخريب العادات. يتمسك الملامتي بكل أبواب البر والخير ولكن يخفي الأعمال والأهوال، ويأخذ موقف العوام في هيئته وملبسه وحركاته وأموره ستر الحال. والقلندري لا يتقيد بهيئة ولا يبالي بحال. تكفيه طيبة القلوب. والصوفي يضع الأشياء في مواضعها ويدبر الأوقات، والأحوال بالعلم. يقيم الخلق مقامه، ويقيم الحق مقامهم. يستر ما يستر، ويظهر ما يظهر. يأتي الأمور في موضعها بحضور عقل وصحة توحيد وكمال معرفة ورعاية صدق وإخلاص. وقوم من المفتونين سموا أنفسهم ملامتية ولبسوا ألبسة الصوفية لينتسبوا إليهم وما هم منهم بل في غرور وغلط يتسترون بلباس الصوفية وينتهجون منهج الإباحة ويزعمون أن ضمائرهم خلصت إلى الله. فهل هذا هو عين الإلحاد والزندقة بطرحه العبودية؟٤٤٨

(٨) هل للصوفية أخطاء؟

وفي نفس الوقت الذي يدافع فيه الصوفية المؤرخون عن التصوف، وانتسابهم إلى القرآن والحديث واقتداؤهم بالرسول والصحابة والتابعين وأهل الصفة والمصطفين إلا أنهم يذكرون أيضًا أغلاطهم التي حملت الفقهاء إلى العداء لهم.٤٤٩ وهم على أية حال مكفرون سواء شطحوا أم لم يشطحوا.
ويجمع الصوفية على ثلاثة أشياء هي مقياس الصوفي الحقيقي الصادق من الصوفي المدعي المتظاهر: اجتناب جميع المحارم كبيرها وصغيرها، أداء جميع الفرائض، عسيرها ويسيرها، وترك الدنيا على أهل الدنيا قليلها وكثيرها إلا ما أقام أود المؤمن.٤٥٠
إذن يمكن إصلاح التصوف وإعادة بنائه لإزالة الأخطاء المتراكمة عليهم من الطرق الصوفية وسوء الفهم، والمغالاة، وأحادية الطرف، والهروب من الواقع والاتجاه إلى أعلى دون الأمام، وإنقاذ النفس دون العالم. وهي أخطاء عديدة يكفي البعض منها.٤٥١
وفرق الصوفية الذين غلطوا ثلاث طبقات لثلاثة أسباب:٤٥٢
  • (أ)

    الغلط في الأصول بسبب قلة الإحكام لأصول الشريعة، وضعف الصدق والإخلاص وقلة المعرفة. فقد حرموا الوصول لتضييع الأصول.

  • (ب)

    الغلط في الفروع وهي الآداب والأخلاق والمقامات والأحوال والأفعال والأقوال لقلة المعرفة بالأصول، واتباع حظوظ النفس وأمزجة الطباع.

  • (جـ)

    الزلة والهفوة دون العلة والجفوة. فإذا تبين لهم ذلك عادوا إلى مكارم الأخلاق ومعالي الأمور.

هناك أغلاط في الأصول مثل الغلط في الحرية والعبودية. فالعبد يطلب أجر خدمته، والحر لا يطلب. وغلط من ظن أن الحرية أفضل من العبودية طبقًا للمعنى التداولي في أفضلية الحرية على العبودية. فالإنسان عبد أمام الله. فإذا وصل إليه صار حرًّا فسقطت عنه العبودية.٤٥٣ وعبودية العبد هي حرية القلب. وقد أطلق الله على خلقه عباده وملائكته ورسله عباده.٤٥٤ وأطلق الرسول على نفسه اسم العبد.٤٥٥ ومع ذلك فالمعنى التداولي للعبد الآن معنى سلبي. وتقوم الثورات من أجل الحرية. وتندلع المظاهرات منادية بالحرية بصرف النظر عمن هو السيد، العبد عبد لمن؟ وفي الثقافة الشعبية لا فرق بين صورة الله وصورة «سي السيد».
والغلط في التوسع والتضييق في الدنيا وترك الاكتساب.٤٥٦ لا تكون السعة إلا للأنبياء والصديقين لأنهم ينفقون على الأغيار. ويأخذون الأسباب بالحقوق لا بالحظوظ أو من توهم أنه في حال فهو خاطئ. وغلط من ظن التقلل بالتقشف وليس الدون وأكل القليل وحرم المباحات.٤٥٧ وطبقة أخرى تأخذ القوت بالكسب.٤٥٨ وهذا ليس غلطًا. والتوكل هو العزيمة، والكسب رخصة. وليس للإنسان إلا كسبه. ولا يشغله عن الصلاة. إنما الخطأ فيمن طعن على المكتسبين وقعدوا معتمدين على الأحوال.٤٥٩ وقوة الإيمان هي قوة الإرادة.
وغلطت فرقة في الإباحة والحظر، وجعلوا الأشياء في الأصل على الإباحة. وقد وقع الحظر للتعدي. وهو مبدأ أصولي، وأقرب إلى الطبيعة والفطرة.٤٦٠ أما جعل الأشياء في الأصل على الحظر حتى تتم إباحتها بالأمر فهو أقرب إلى النظرة المسيحية بسبب الخطيئة الداخلة في نسيج الكون. وليس أحد ملزما بالشرائع السابقة.٤٦١ ولا يتساوى الأصلان. والخير أرجح من الشر، والحلال أرجح من الحرام.
ومن الخطأ ترك الطعام وإيثار العزلة والانفراد.٤٦٢ فإذلال النفس ضد إثباتها دخول كهوف الجبال واعتزال الناس ليس طريقا لإصلاح العالم. وفعل ذلك اختيار شخصي وليس سلوكًا للناس جميعًا. وتكلف آخرون لبس الصوف والمرقعات المعمولة والمصبوغات وتعلموا الإشارات وظنوا أنهم من الواصلين. وهذه حالات خاصة طبقًا لقوة الدافع على العلم دون تكلف. وقوم جبوا أنفسهم لقطع الشهوات. وهو غلط لأن قطع الآلة لا يقضي على الشهوة. وقوم هاموا على وجوههم في البراري والبوادي بلا زاد ولا ماء متوهمين أن ذلك حقيقة التوكل. وهو خطأ لأنه ضد آداب السلوك. وقوم تكلفوا الإشارات وحفظوا الحكايات وظنوا أنهم أصحاب الأحوال. وقوم عمدوا إلى الأوراد والبكاء والخشية وظنوا أن هذا هو الحال المقصود. وهي أشياء لا تأتي في البداية بل وفي النهاية. والبدعة انحراف عن الحق. ومن طبع على البدعة متى يشيع فيه الحق؟٤٦٣ وظن قوم أن التصوف هو السماع والرقص والدعوات والإرفاق وأشعار الغزل. وهو خطأ لأن كل قلب ملوث بحب الدنيا فكل ما يأتي به من مظاهر الوجد تكلف. ومنهم من غلط في الفقر والغنى وتفضيل الغنى، الغنى بالله نعم وليس الغنى بأعراض الدنيا.٤٦٤ والفقر إلى الله مقرون به الصبر والشكر والرضا والتفويض والسكون والطمأنينة. وتوهمت فرقة وجعلت الفرقة غير المقرون بهذه المقامات والأحوال أفضل من الغنى. والنفس محتاجة، وليس من صفات البشر الطمأنينة والسكون. والفقر مكروه ولا يلائم الطبع. والغنى من الحقوق.٤٦٥ الفقر في ذاته محمود ولكن صحبته علة، والعلة مذمومة. والغنى بالدنيا في ذاته مذموم إلا إذا صاحبه البر. والفقر والغنى حالان للصبور. ومع ذلك فالطبيعة تكره الفقر أكثر مما تكره الغنى. فهما لا يستويان. وليس المقصود الفقر وحده بل آداب الفقر. وغلط قوم في الفقر. لم يكن لهم زهد. وكانت لهم رغبة وهمم وزينة. فقبلوا العطاء لنفوسهم. وزعموا أنه اختبار فخالفوا السلف في التمييز بين الابتلاء والاختبار.٤٦٦
وظن قوم في الصفاء والطهارة دائمتان وتامتان. وهو خطأ لأن الإنسان لا يصفو تمامًا على الدوام. هو حال يأتي ويذهب. والطهارة لقلب العبد من الحسد والشرك. أما الطهارة من جميع صفات الخلق على الدوام فخارج عن نطاق البشرية.٤٦٧ وغلط آخرون في عين الجمع لأنهم لم يضيفوا إلى الخلق ما أضاف الله إليهم. ولم يصفوا أنفسهم بالحركة احترازًا ألا يكون شيء مع الله. ففرضوا الجبر على حركاتهم، وأسقطوا الملامة عن أنفسهم عند مجاوزة الحدود. والبعض جعل معذورًا. وهو خطأ ناشئ عن إضافة الفرع إلى الأصل أو إضافة الأصل إلى الفرع. هو خطأ بين الحقوق والحظوظ، وبين الحق والباطل، وبين الأمر والنهي.٤٦٨
وقد غلط أهل العراق في الإخلاص. فأخطاء الصوفية تتعدد بتعدد الأقطار. فقد زعم بعضهم أن الإخلاص لا يتم إلا إذا خرج عن رؤية الخلق، ولا يوافقهم في جميع أعمالهم حقًّا أو باطلًا. وقد ضل هؤلاء لأن جماعة من أهل الفهم والمعرفة رأوا أن الإخلاص لا يصفو لهم حتى لا يبقى عند العبد بقية من رؤية الخلق. وظنوا أنه يصح لهم الدعوى والتقليد والتكلف قبل السلوك في الطريق والتأدب بآدابه فجاوزوا الحدود وغلبتهم النفس والأهواء.٤٦٩
ومن الخطأ فتور الإرادة والنكوص عن المجاهدة والسكون إلى الراحة.٤٧٠ وهذا خطأ في العبادات ورياضات النفوس والمكابدات، ورجوع إلى القهقرى. والفتور مؤقت وليس دائمًا. وما وقع فيه البعض هو الكسل والتواني والأماني الكاذبة. السفر مصدر للعلم ولقاء المشايخ تعليم. ومن الخطأ إنفاق الأموال والأملاك وكأن المراد هو الإنفاق في حد ذاته. وهو خطأ لأن المقصود ليس السخاوة أو السماحة. وانبسط آخرون في المباحات ولم يراعوا الأوقات. وهو خطأ لضياع الوقت. وما فات لا يدرك. وغلط قوم في الأنس والبسط وترك الخشية.٤٧١ فقد توهموا أن بينهم وبين الله حال من القرب والدنو. فلم يلتفتوا إلى الآداب المرعية بدعوى دفع الكلفة بين المحبين.
وغلط من ظن أن الرؤية بالقلوب.٤٧٢ فقد ادعى بعض أهل الشام ذلك في الدنيا. الرؤية بالعيان في الآخرة. ولا تعني رؤية القلب أكثر من التصديق والمشاهدة بالإيمان وحقيقة اليقين.٤٧٣ والرؤية لا تتطلب موضوعًا مرئيًّا. الرؤية لصورة خيالية.
وغلط قوم في تصور الروح على أنه نور من نور الله، حياة من حياة الله مخلوقة، وأن روح القدس من ذات الله، وأرواح العامة مخلوقة وأرواح الخاصة ليست مخلوقة، وأن الأرواح قدسية لا تموت ولا تعذب ولا تبلى، وأنها تتناسخ من جسم إلى جسم، وأن للكافر روحًا واحدًا، وللمؤمن ثلاثة أرواح، وللأنبياء والصديقين خمسة أرواح، وأنها خلقت من النور، وأنها روحانية خلقت من الملكوت. وهي روحان: روح لاهوتي، وروح ناسوتي.٤٧٤ والروح من أمر الله.٤٧٥ والحقيقة أن الأرواح كلها مخلوقة. وهي أمر من أمر الله. ليس بينها وبين الله سبب ولا نسبة، غير أنها من ملكه وطوعه وفي قبضته، غير متناسخة. كما يموت البدن، وتنعم كما ينعم، وتعذب كما يعذب. وتحشر في البدن الذي تخرج منه. خلق الله روح آدم من الملكوت وجسمه من التراب. وكلها ظنون.
وزعمت طائفة أنها ترى أنوارًا. ويصف قلبه بأنه به أنوار. وهي الأنوار التي وصف الله بها نفسه، أنوار المعرفة والتوحيد والعظمة. وهي غير مخلوقة، والحقيقة أن الأنوار كلها مخلوقة، نور العرش، ونور الشمس، ونور القمر والكواكب. ونور الله لا يدرك وغير محدود ولا يحيط به علم الخلق.٤٧٦
وغلط آخرون عندما فضلوا الولاية على النبوة في قصة موسى والخضر. كان الخضر أعمق فهما من موسى. وقد خص الله كل نبي بميزة، آدم بسجود الملائكة ونوح بالسفينة، وصالح بالناقة، وإبراهيم بالنار التي لا تحرق، وموسى بالعصا، وعيسى بإحياء الموتى، ومحمد بانشقاق القمر ونبع الماء بين أصابعه. وخص غير الأنبياء بكرامات، مريم بهز جدع النخل ليسقط عليها الرطب الجني، وآصف بن برخيا كان عنده علم الكتاب حتى أتى بعرش بلقيس قبل أن يرتد إلى سليمان طرفه. كما خص الهدهد بمعرفة المياه.٤٧٧ وقد خص البشر أيضًا بصفات مميزة. زيد بالفرض، وأبي بالقراءة، ومعاذ بمعرفة الحلال والحرام.٤٧٨ فالكرامة جزء من أربعين جزءًا من النبوة. وللأنبياء معرفة بواسطة، وللأولياء بلا واسطة. وللأنبياء الرسالة والنبوة وليس للأولياء. الولاية جزء من النبوة ولا يكون الجزء أفضل من الكل.
والحلولية خطأ. ومع ذلك فهو خطأ في الفهم قبل الخطأ في الاتهام. ويكون الحلول في المستحسنات أو في المستحسنات وغير المستحسنات أو على الدوام أو وقتًا دون وقت. الحلول نتيجة للقرب، وإحساس بالشعور.٤٧٩
وغلط قوم في فناء البشرية بناء على سماع قول المتحققين بالفناء. فظنوا أنه فناء البشرية. فتركوا الطعام والشراب وظنوا أنهم تحققوا بالإلهية. وهناك فرق بين البشرية وأخلاق البشرية. فالبشرية لا تزول عن البشر. في حين تتبدل أخلاق البشرية. يعني الفناء عند أصحابه رؤيا الأعمال والطاعات ببقاء رؤيا العبد لقيام الحق للعبد مثل فناء الجهل بالعلم، وفناء الغفلة بالذكر.٤٨٠ ويمكن نفي فناء البشرية بتحليل وجودي واجتماعي وسياسي وتاريخي أعمق. وغلط قوم من البغداديين عندما أعلنوا أنهم فنوا عن أوصافهم، ودخلوا في أوصاف الحق كما تقول النصارى في المسيح. في حين أن أحد معاني التصوف إسقاط الصفات الإنسانية والتحلي بالصفات الإلهية.٤٨١ وغلط قوم من أهل العراق في ادعاء فقد الحس في حالة الوجد. فلا يحسون بشيء.٤٨٢ مع أن فقد الحس لا يعلم إلا بالحس. فالكائن الحي لا يفقد حواسه بل يغيب منها في المواجيد الحادة والأفكار القوية. وما دام الإنسان روحا كائنا حيا فإنه لا يزول عنه الحس إنه الحس مقرون بالحياة والروح.

(٩) انهيار التصوف

ليس التصوف علما فحسب بل فلسفة في التاريخ تقوم على تصور منهار للعالم كما هو الحال في علم الكلام الأشعري وتفضيل المفضول على الأفضل، وتناقص الطبقات فضلًا. وهو ما يتفق مع عديد من الأحاديث حول خير القرون، وتحول النبوة بعد أن كانت خلافة إلى ملك عضوض.٤٨٣ التاريخ منهار، من السلف إلى الخلف، ومن النبوة إلى الملك العضوض، ومن الخلافة إلى الإمامة. تناقص العلم. وتحول من الباطن إلى الظاهر، ومن الغاية إلى الوسيلة، ومن القضية إلى الحرفة، ومن الرسالة إلى المهنة.٤٨٤ وانهيار التاريخ قدر محتوم الخلافة من بعدي ثلاثون سنة تتحول بعدها إلى ملك عضوض»، «خير القرون قرني ثم الذي يلونه» إلى آخر أحاديث فتنة آخر الزمان. وقد أطلع الله النبي على مصير الأمة. ومستقبلها في «الإغاثة» وعلى ما انتهى إليه من خلاف. فيستغفر الله لأمته في قلبه.٤٨٥ يأتي زمان يضل فيه الناس عن الدين، ويضيع منهم اليقين، وتسلب العقول.٤٨٦ لذلك كانوا يسألون عن حال بعضهم البعض. ضاع اليقين لكثرة الخصومات. وسيأتي زمان قوم يتعلمون القرآن قبل الإيمان.٤٨٧ لذلك كان كلام السلف أنفع من كلام الخلف لأن السلف تكلموا لعز الإسلام ونجاة النفوس ورضا الرحمن في حين أن الخلف تكلموا لعز النفس وطلب الدنيا وقبول الخلق.٤٨٨ ومن نظر في سير السلف عرف تقصيره وتخلفه عن درجات الرجال. فالتصوف حركة نهوض للتاريخ المنهار من جديد.٤٨٩ هو إنقاذ المثال من الضياع مثل العالم الذي يعمل بعلمه والعارف الذي ينطق عن حقيقة.٤٩٠
ومثل كل ظاهرة حية قام التصوف وبلغ الذروة وانهار. ودخل فيه من ليس منه وتحول إلى مجرد شعوذة ولبس ممزقة. وأصبح خاويًا، جهلًا بلا علم.٤٩١ ولبس الخرقة لم يكن في زمن الرسول.٤٩٢ أصبح التصوف اسمًا ولا حقيقة بعد أن كان حقيقة ولا اسمًا. فقد خضع التصوف لظاهرة القيام، والسقوط، والازدهار، والانهيار.٤٩٣
حدث التدهور من القرون الأولى واستمر في كل عصر. فحاول الصوفية النهوض من جديد. ثم انهار في المرحلة الرابعة وتحول إلى طرقية وأشكال ورسوم كان قد رفضها التصوف من قبل.٤٩٤ «كان للقوم إشارات ثم صارت حركات ثم لم تبق إلا حسرات».٤٩٥ لذلك تكثر العبارات التي تنعي التصوف وتأسف على انهياره.٤٩٦
ونظرًا لأن التصوف رد فعل على الواقع وانهيار النبوة والخلافة إلى الملك العضوض فقد انتشرت أحاديث آخر الزمان المتعلقة بالخلاص على يد الصوفية. وهي نفس البيئة النفسية والاجتماعية والسياسية التي خرجت من الأحاديث عن المهدي الذي يظهر في آخر الزمان عند السنة والشيعة على حد سواء بوظيفتين مختلفتين، عند السنة كعلامة من علامات الساعة يقتل فيها المسيح الكذاب، وعند الشيعة للظهور في الدنيا وملأ الدنيا عدلًا كما ملئت جورًا.٤٩٧
ويفسد الصوفية ولا يبقى إلا القليل.٤٩٨ ولا ينال أحد النجاة إلا بذبح نفسه بالجوع والصبر والجهاد لفساد أهل هذا الزمان.٤٩٩ والتخلف عن اتباع السلف لا يقدح في الخلف.٥٠٠ فما زالت بركة السلف ممتدة إلى الخلف!
التصوف هو التأسيس الوجداني للعلم. يجمع أنواعًا من الإشارة وضروبًا من العبارة.٥٠١ وبالتصوف جرأة على البلاغة.٥٠٢ ومعنى التصوف أكبر من اسمه. وحقيقته أشرف من رسمه.٥٠٣
الصوفية هم ملوك الدنيا والآخرة.٥٠٤ هم إشكال بين من يدافع عنهم لتمسكهم بالكتاب والسنة ومن ينقدهم لانهيارهم وانحرافهم. ويكون ذلك مباشرة أو بتصوير فني في تخيل يوم القيامة وحوار بين آدم وأحد الصوفية. ينضم آدم إلى الصوفية ضد منتقديهم من الفقهاء. لقد قرت عيناه بهم ثم حال قوم بينه وبينهم.٥٠٥
١  «الكشف عن اسم الصوفية، ولم سموا بهذا الاسم، ولم نسبوا إلى هذه اللبسة»، اللمع ص٤٠-٤١.
٢  «ذكر تسميتهم بهذا الاسم» عوارف المعارف، ج١، ٣٣١–٣٤٥.
٣  هو تعريف أبي الحسن القناد، اللمع، ص٤٦، ٢٩٦.
٤  السابق، ص٤٧، طبقات الصوفية، ص٤٢٨.
٥  السابق، ص٢٧٥.
٦  السابق، ص٤٦٤.
٧  لذلك كتب أحد الفلاسفة المعاصرين «إنساني، إنساني جداه».
٨  عوارف المعارف، ج١، ٣٢٧-٣٢٨.
٩  اللمع، ص٤٧، عوارف العارف ج١، ٢٤٢–٣٣٧.
١٠  أبو حمزة الخراساني، طبقات الصوفية، ص٣١٧.
١١  أهل الصفوة في الفهم والاتباع لكتاب الله عز وجل، اللمع، ص١٠٥–١٢٩.
١٢  واصطنعتك لنفسي، ولتصنع على عيني، واجتبيناهم وهديناهم، والله يصطفي من الملائكة رسلًا ومن الناس، السابق، ص٤٧٤.
١٣  وذلك طبقًا لحديث «مَن أراد العلم فليثور القرآن فإن فيه علم الأولين والآخرين»، السابق، ص١٠٥.
١٤  كتاب الأسوة والاقتداء بالرسول، السابق، ص١٣٠–١٤٦.
١٥  كتاب المستنبطات، السابق، ص١٤٧–١٦٥.
١٦  كتاب الصحابة، السابق، ص١٦٦–١٩٣.
١٧  ذكره الحسن البصري وأبو سفيان الثوري مشيرًا إلى أبي هاشم الصوفي. «الرد على من قال: لم نسمع بذكر الصوفية في القديم، وهو اسم محدث»، السابق، ص٤٢-٤٣.
١٨  القشيرية، ص١٢٦.
١٩  الشبلي، السابق، ١٢٧.
٢٠  ابن الجلاء، السابق، ص١٢٨.
٢١  «اعترض أبو القاسم القشيري على تعريف الحصري الصوفي بأنه «لا يوجد بعد عدمه ولا يعدم بعد وجوده» وأوله بمعنى أنه إذا فنيت آفاته لا تعود إليه. وإذا اشتغل بالحق لم يسقط بسقوط الخلق. فالحادثات لا تؤثر فيه. السابق، ص١٢٨.
٢٢  هذا هو ما يدل عليه باب «في تفسير ألفاظ تدور بين هذه الطائفة وبيان ما يشكل منها»، السابق، ص٣١.
٢٣  عوارف المعارف، ج١، ٢٣٨-٢٣٩.
٢٤  اللمع، ص٤٥؛ الرسالة، ص٢٢٦؛ طبقات الصوفية، ص٤٣٦.
٢٥  اللمع، ص٤٥.
٢٦  عوارف المعارف، ج٢، ٣٦٥.
٢٧  طبقات الصوفية، ص٢٧٨.
٢٨  القشيرية، ص١٢٧.
٢٩  السابق، ص١٢٨.
٣٠  طبقات الصوفية، ص١٦٦-١٦٧.
٣١  اللمع، ص٤٥.
٣٢  القشيرية، ص١٢٧.
٣٣  طبقات الصوفية، ص٤٨٠.
٣٤  اللمع، ص٤٥–١٦.
٣٥  يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
٣٦ 
سري وسرك لم يعلم به أحد
إلا الجليل ولم ينطق به نطق
طبقات الصوفية، ص٣٥٢.
٣٧  عوارف المعارف، ج٢، ٣٦٥.
٣٨  القشيرية، ص١٢٧.
٣٩  السابق، ص١٢٧.
٤٠  اللمع، ص٤٦.
٤١  «في ماهية التصوف»، عوارف المعارف، ج١، ٣١٧–٣٣١.
٤٢  حمدون القصار، القشيرية، ص١٢٧.
٤٣  الجنيد، السابق، ص١٢٧.
٤٤  كتاب آداب المتصوفة، ص١٩٤–٢٨٢.
٤٥  كتاب آداب القشيرية، ص١٢٧.
٤٦  اللمع، ص٤٧.
٤٧  طبقات الصوفية، ص٤٨٨.
٤٨  السابق، ص٥١١.
٤٩  عوارف المعارف، ج٢ ٣٦٥.
٥٠  «الصوفية هم القائمون بعقولهم على همومهم، والعاكفون عليها بقلوبهم، المعتصمون بيدهم عن شر نفوسهم»، اللمع، ص٤٥.
٥١  «للقبيح عندهم وجوه من المعاذير، وليس للكثير عندهم موقع فيرفعوك به فتعجب بنفسك»، السابق، ص٤٦.
٥٢  «تراني عيون الغيب أني مثلهم. ولو رأوني كيف صفتي في الغيب كانوا دهشًا»، شطحات الصوفية، ص١٠١.
٥٣  اللمع، ص٤٥، القشيرية، ص١٢٧، طبقات الصوفية، ص٤٢١-٤٢٢.
٥٤  السابق، ص١٢٧؛ طبقات الصوفية، ص٤٢٨.
٥٥  اللمع، ص٤٦؛ القشيرية، ص١٢٧.
٥٦  طبقات الصوفية، ص٤٤١-٤٤٢.
٥٧  معروف الكرخي، اللمع، ص٤٦؛ القشيرية، ص١٢٧.
٥٨  السابق، ص١٢٧.
٥٩  اللمع، ص٤٥.
٦٠  القشيرية، ص١٢٧.
٦١  السابق، ص١٢٧.
٦٢  السابق، ص١٢٧.
٦٣  الجنيد، السابق، ص١٢٧.
٦٤  السابق، ص١٢٧.
٦٥  السابق، ص١٢٧.
٦٦  طبقات الصوفية، ص١٨١-١٨٢.
٦٧  السابق، ص٥١٥–٥١٧.
٦٨  «أتدري ما الأهبة؟ هي أن تجدد العزيمة في نفسك من قاذورات هذه الدنيا، ثم تصل العزيمة بالصريمة في الصبر على واردات البلوى. ثم تطهر بباطنك نفسك، ثم تتستر بباطنك لظاهرك، ثم تعتمد إلى الحق معتقدًا، وتثابر على العمل معتمدًا»، السابق ص٤٥٤.
٦٩  السابق، ص٢٤٥.
٧٠  «قد سمعت فنونًا من القول في المعرفة والتوحيد، والتوكل والزهد، والعبادة والوجد، والشكر والصبر، والوسوسة والخطرة، والدعاء والمناجاة، والتفويض والتقييض، والرضا والسخط، والورع والتقى، والحجا والنهى، والرقدة والهبة، والمراد والمريد، والصلاح والفساد، والسر والجهر، والقرب والبعد، والانبساط والانقباض، والإقدام والإحجام والبلاغة والعي، والرياء والإخلاص، والتحقيق والتلبيس، والتخنيق والتنفيس، والتكدير والتلخيص»، التوحيدي: الإشارات الإلهية، ص٢٢٧.
٧١  القشيرية، ص١٢٧.
٧٢  السابق، ص١٢٨.
٧٣  السابق، ص١٢٨.
٧٤  السابق، ص١٢٨.
٧٥  السابق، ص١٢٨.
٧٦  طبقات الصوفية، ص٣٥٧؛ الرسالة، ص١٢٨.
٧٧  طبقات الصوفية، ص٥١١.
٧٨  الجنيد، القشيرية، ص١٢٦.
٧٩  طبقات الصوفية، ص٤١٢.
٨٠  التستري، القشيرية، ص١٢٧.
٨١  طبقات الصوفية، ص١٥٨.
٨٢  الشبلي، السابق، ص١٢٧.
٨٣  أبو منصور، السابق، ص١٢٧.
٨٤  شطحات الصوفية، ص١٦٧.
٨٥  «ليس بي يتمسحون لكن يتمسحون بحلية حلانيها ربي فكيف أمنعهم من ذلك وذلك لغيري؟ شطحات الصوفية، ص٩٩. اوقع في خاطري أن أستقبلك وأتشفع إلى ربي بك»، السابق ص٢٠٦.
٨٦  «إلهي، الخلق لك، وأنت مالكهم، مالي والتكلف بالدخول بينك وبين خلقك لولا الغفلة»، السابق، ص١٤٦.
٨٧  الشبلي، القشيرية، ص١٢٧.
٨٨  اللمع، ص٤٦.
٨٩  الحلاج، القشيرية، ص١٢٧.
٩٠  طبقات الصوفية، ص٣٦٠.
٩١  المزين، القشيرية، ص١٢٧.
٩٢  اللمع، ص٤٥.
٩٣  السابق، ص٤٦.
٩٤  السابق، ص٤٨، القشيرية، ص١٢٧.
٩٥  أبو يعقوب المزايلي، السابق، ص١٢٨.
٩٦  أبو سهل الصعلوكي، السابق، ص١٢٨.
٩٧  طبقات الصوفية، ص٤٩١؛ القشيرية، ص١٢٨.
٩٨  السابق، ص١٢٨.
٩٩  طبقات الصوفية، ص٤٩١.
١٠٠  السابق، ص١٢٨.
١٠١  السابق، ص٤٨٩.
١٠٢  شطحات الصوفية، ص١١٠.
١٠٣  «طرح النفس في العبودية، وتعليق القلب بالربوبية، واستعمال كل خلق سني، والنظر إلى الله بالكلية» السابق، ص١٣٨.
١٠٤  السابق، ص١٨٤.
١٠٥  «بشرط العلم، وهو تصفية القلوب من الأكدار، واستعمال الخلق مع الخليقة، واتباع الرسول في الشريعة. وجواب بلسان الحقيقة وهو عدم الأملاك، والخروج من رق الصفات والاستغناء بخالق السموات. وجواب بلسان الحق، أصفاهم بالصفاء عن صفاتهم، وصفاهم من صفاتهم»، اللمع، ص٤٨.
١٠٦  «في ذكر منشأ علوم الصوفية»، عوارف المعارف، ج١، ٢٢١–٢٣٩.
١٠٧  «بيان فضيلة علوم الصوفية والإشارة إلى أنموذج منها»، السابق، ص٢٦٣–٣٠٢.
١٠٨  «شرح حال الصوفية واختلاف طريقهم»، السابق، ٣٠٢–٣١٧.
١٠٩  «ذكر المتصوف والمتشبه به»، السابق، ص٣٤٥–٣٥٩.
١١٠  ذو النون، طبقات الصوفية، ص١٩.
١١١  أبو العباس بن مسروق الطوسي، السابق، ٢٣٩.
١١٢  التستري، السابق، ص٢٠٨.
١١٣  علي بن سهل الأصبهاني، السابق، ص٢٣٥.
١١٤  رويم بن أحمد البغدادي، السابق، ص١٨٤.
١١٥  أبو عبد الله المغربي، السابق، ص٢٤٥.
١١٦  أبو بكر الكتاني، السابق، ص٣٧٥.
١١٧  أبو بكر الكتاني، السابق، ص٣٧٧.
١١٨  أبو الحسين بن بنان، السابق، ص٣٨٩.
١١٩  مظفر القرميسيني، السابق، ص٣٩٦.
١٢٠  عوارف المعارف، ج١، ٢٣٩–٢٦٣.
١٢١  أبو بكر محمد بن داود الدقي، طبقات الصوفية، ص٤٤٨.
١٢٢  السابق، ص٤٩٥.
١٢٣  السابق، ص٥٠٠.
١٢٤  السابق، ص٥٠٣.
١٢٥  بندار بن الحسين الشيرازي، طبقات الصوفية، ص٤٦٧، ٤٦٩.
١٢٦  أبو بكر الطومستاني، السابق، ص٤٧٤.
١٢٧  قوت القلوب ج٢، ٢٥٩-٢٦٠، ٢٦٢–٢٧٣.
١٢٨  طبقات الصوفية، ص٢٦٩.
١٢٩  السابق، ص٣١٨.
١٣٠  ذو النون، السابق، ص١٩.
١٣١  البسطامي، السابق، ص٧١.
١٣٢  أحمد بن خضرويه، السابق، ص١٠٣–١٠٦.
١٣٣  أحمد بن أبي الورد، السابق، ص٢٥٠-٢٥١.
١٣٤  محمد بن أبي الورد، السابق، ص٢٥٠.
١٣٥  أبو عثمان المغربي، السابق، ص١٨٠-٤٨١.
١٣٦  السابق، ص٢٨٢.
١٣٧  السابق، ص١٠٣–١٠٦.
١٣٨  السابق، ص٣١٨.
١٣٩  السابق، ص١١٠.
١٤٠  شاه الكرماني، السابق، ص١٩٣.
١٤١  السابق، ص٩٠.
١٤٢  السابق، ص٤١٨.
١٤٣  السابق، ص٢٥٤.
١٤٤  الجنيد، السابق، ص١٦٢.
١٤٥  أبو سعيد الخراز، السابق، ص٢٢٩.
١٤٦  السابق، ص٤١٥.
١٤٧  أبو عمرو الدمشقي، السابق، ص٢٧٧.
١٤٨  التستري، ص٢١٣.
١٤٩  السابق، ص٣٢١.
١٥٠  السابق، ص١٢١.
١٥١  السابق، ص٢٧٠.
١٥٢ 
الأنبياء الأنس
الصديقون المشاهدة
الأولياء القربة
الصالحون الكرامة
أبو الحسين بن بنان، السابق، ص٣٩٠.
١٥٣  السابق، ص٣٥١.
١٥٤  أبو سعيد بن الأعرابي، السابق، ص٤٢٩.
١٥٥  أبو حفص النيسابوري، السابق، ص١١٧-١١٨.
١٥٦  رويم بن أحمد البغدادي، السابق، ص١٨٣.
١٥٧  السابق، ص٤٣٦.
١٥٨  أبو عبد الله السجزي، السابق، ٢٥٥.
١٥٩  أبو عبد الله المغري، السابق، ص٥١١.
١٦٠  القشيرية، ص١٠٣–١٠٥.
١٦١  شاه الكرماني، طبقات الصوفية، ص١٩٣.
١٦٢  محمد بن الفضل، السابق، ص٢١٦.
١٦٣  أبو الحسين الوراق النيسابوري، السابق، ص٣٠١.
١٦٤  عوارف المعارف، ج٣، ٣٦.
١٦٥  أبو الحسن البوشنجي، طبقات الصوفية، ص٤٦١.
١٦٦  معروف الكرخي، السابق، ص٨٩.
١٦٧  القشيرية، ص١٠٤-١٠٥.
١٦٨  طبقات الصوفية، ص٤٥٦.
١٦٩  السابق، ص١٢٩.
١٧٠  «ذكر الملامتي وشرح حاله»، عوارف المعارف، ج١، ٣٥٩–٣٧٣.
١٧١  طبقات الصوفية، ص١٨٢.
١٧٢  السابق، ص٤٦٠.
١٧٣  «في البهاليل وأئمتهم في البهللة، الفتوحات ج١، ٢٤٧–٢٥٠.
وكن كالبهاليل في حالهم
مع الوقت يجرون كالعاقل
السابق، ص٢٤٧.
١٧٤  وهو معنى آية وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى، وحديثي «زملوني، زملوني»، «دثروني، دثروني».
١٧٥  اللمع، ص٤٣٠.
١٧٦  «في معرفة مراتب الحروف والحركات من العالم وما لها من الأسماء الحسنى ومعرفة الكلمات، ومعرفة العلم والعالم والمعلوم»، الفتوحات ج١، ٥١–٩٢.
١٧٧  عوارف المعارف، ج١، ٣٥٥.
١٧٨  «في معرفة الحروف ومراتبها والحركات وهي الحروف الصغار وما لها من الأسماء الإلهية»، الفتوحات.
إن الحروف أئمة الألفاظ
شهدت بذلك ألسن الحفاظ
السابق، ص٥١.
١٧٩  النفري: المواقف، ص١٤٧-١٤٨.
١٨٠  النفري: المخاطبات، ص٢٤١.
١٨١  الفتوحات، ج١، ٥٧.
١٨٢ 
يا طالب لوجود الحق يدركه
ارجع لذاتك فيك الحق فالتزم
السابق، ص٦٢.
١٨٣  المخاطبات، ص٢١٢، ٢١٤.
١٨٤  السابق، ص٢٣٠.
١٨٥  «يا عبد، للحرف حكم أنا مودعه، وللمحروف حكم أنا واضعه. فلا تذهب بالحكم المودع عن الحكم الموضع. فإليه يرجع ما أودع وبه ينفذ ما حكم. يا عبد لا تذهب بالحكم الموضوع عن الواضع فيه يجري ما وضع وإن شاء وقفه»، السابق، ص٢٣٠-٢٣١.
١٨٦  «يا عبد ثبت لك الحرف ما أنت مني ولا أنا منك. عارضك الحرف ما أنت في ولا أنا منك … يا عبد فقهتك فتأولت ما أنت في ولا أنا منك …»، السابق، ص٢٢٨.
١٨٧  وذلك مثل جريان الموجة فوق الموجة في الأغاني العاطفية.
١٨٨  المواقف، ص١٤٦-١٤٧.
١٨٩  «الإخلاص المعرفة العقل الحرف الكون، السابق، ص١٧٧.
١٩٠  «موقف المحضر والحرف»، السابق، ص١٧٦–١٨٣.
١٩١  السابق، ص٢٠٢.
١٩٢  النفري: المخاطبات، ص٢٧١.
١٩٣ 
أحرف أربع بها هام قلبي
وتلاشت بها همومي وفكري
ألف تألف الخلائق بالصف
ح ولام على الملامة تجري
ثم لام زيادة في المعاني
ثم هاء بها أهيم وأدري
١٩٤ 
بواو الوصال، ودال الدلال
وحاء الحياء، وطاء الطهارة
وواو الوفاء، وصاد الصفاء
ولام وهاء لعمر مداره
على سر مكنون وجد الفؤاد
وخاء الخفاء، وشين الإشارة
الديوان، ص٣٠٨.
١٩٥ 
فكل بكل، جميع الجميع
من الكل بالكل حرف نهاره
السابق، ص٣٢٣-٣٢٤.
١٩٦ 
هو الطين والنار والنور إذ ما
يعود الجواب بعقب العبارة
السابق، ص٣٠٨.
١٩٧ 
فاجمع الأجزاء جمعًا
من جسوم نيرات
من هواء ثم نار
ثم من ماء فرات
السابق، ص٢٩٤.
١٩٨  «حروف مرتبتها سبعة أفلاك وهي الألف والزاي واللام. وحروف مرتبتها ثمانية أفلاك وهي النون والصاد والضاد. وحروف مرتبتها تسعة أفلاك وهي العين والغين والسين والشين. وحروف مرتبتها عشرة أفلاك وهي باقي حروف المعجم وهي ثمانية عشر، الفتوحات ج١، ٥٢.
١٩٩  الألف طبعها الحرارة والرطوبة واليبوسة والبرودة، السابق، ص٥٢.
٢٠٠  الولاية، ص٢٣٠.
٢٠١  النفري: المواقف، ص٢٠٢.
٢٠٢  المخاطبات، ص٢٣١-٢٣٢.
٢٠٣  السابق، ص٢٣٧.
٢٠٤  النفري: المواقف، ص٢٥٥.
٢٠٥  السابق، ص٢٦٩.
٢٠٦  أخبار، ص٢٩.
٢٠٧  «من طلب التوحيد في غير لام ألف فقد تعرض للخوضان في الكفر. ومن تعرف هو الهوية في غير خط الاستواء فقد جاس خلال الحيرة المذمومة التي لا استراحة بعدها»، السابق ص٢٣٦.
٢٠٨  «عين التوحيد مودعة في السر. والسر مودع بين الخاطرين. والخاطران مودعان بين الفكرتين. والفكر أسرع من لواحظ العيون.»
٢٠٩  «من طلب الله عن الميم والعين وجده. ومن طلبه بين الألف والنون في حرف الإضافة فقده. فإنه تقدس عن مشكلات الظنون وتعالى عن الخواطر ذوات الفنون»، السابق، ص٤٠، السابق، ص٢٣١.
٢١٠ 
ثلاثة أحرف لا عجم فيها
ومعجومان وانقطع الكلام
فمعجوم يشاكل واجديه
ومتروك يصدقه الأنام
وباقي الحرف مرموز معمى
فلا سفر هناك ولا مقام
السابق، ص٣٤.
٢١١ 
يا غافلًا لجهالة عن شاني
هلا عرفت حقيقتي وبياني
أعبادتي لله ستة أحرف
من بينها حرفان معجومان
حرفان أصلي، وآخر شكله
في العجم منسوب إلى إيماني
فإذا بدا رأس الحروف أمامها
حرف يقوم مقام حرف ثاني
السابق، ص٣٤.
٢١٢  «الإمامان الواو والياء المعتلتان، حرفا المد واللين. والأوتاد الألف والواو والياء والنون وهي علامات الإعراب. والأبدال سبعة بإضافة تاء الضمير وكافه وهائه.
٢١٣  «في معرفة الحركات التي تتميز بها الكلمات وهي الحروف للصغار»، الفتوحات ج١، ٨٤–٩١.
٢١٤  ألمص، أخبار، ص١١٦-١١٧. تلك آيات الكتاب الحكيم، السابق، ص١٢١. فاعلم أنه لا إله إلا هو، السابق، ص١٤٤.
٢١٥  «في القرآن علم كل شيء. وعلم القرآن في الأحرف التي في أوائل السور. وعلم الأحرف في لام ألف. وعلم لام ألف في الألف. وعلم الألف في النقطة. وعلم النقطة في المعرفة الأصلية. وعلم المعرفة الأصلية في الأزل. وعلم الأزل في المشيئة. وعلم المشيئة في غيب الهو. وعلم غيب الهو لا يعلمه إلا هو». أخبار، ص٥١. الولاية، ص٢٣١.
٢١٦  «يا عبد العلم والمعلوم في الاسم، والحاكم والمحكوم في العلم، والحرف والمحروف في الحكم، والظاهر والباطن في الحرف. ولكل حكمة إتقان. وإتقانها حصرها على ترتيب القيومية بها»، المخاطبات، ص٢٣١.
٢١٧  السابق، ص٢٣٤.
٢١٨  السابق، ص٢٤١.
٢١٩  السابق، ٢٥٨.
٢٢٠  السابق، ص٢٧٠.
٢٢١  السابق، ص٢٤٧.
٢٢٢  اللمع، ص٤٢٦.
٢٢٣  السابق، ص٤٢٧، ٤٤١.
٢٢٤  السابق، ص٤٣٥.
٢٢٥  كتاب المسائل واختلاف أقاويلهم في الأجوبة، السابق، ص٢٨٣–٣٠٤.
٢٢٦  مثل الجمع والفرق، والفناء والبقاء، والحقائق، والصدف، والإخلاص، والذكر، والفناء، والفقر، والروح، والإشارة، ومسائل أخرى مثل الظرف والمروءة، والرزق، والفراسة، والتمني، وسر النفس، والفرق بين الحب والود، والبكاء، والشاهد، وصفاء المعاملة والعبادة، والكرامة، والفكر، والاعتبار، والتقية والسر، والصواب … إلخ، السابق، ص٤٥٢.
٢٢٧  «كتاب المكاتبات والصدور والأشعار والدعوات والرسائل»، السابق، ص٣٠٥–٣٣٧.
٢٢٨  «والكلام في هذا طويل. وفيما ذكرناه كفاية»، السابق، ص٢٨٦. «فهذا ما حضرني في الوقت من مسائلهم. ومسائل هؤلاء أكثر من أن يتهيأ ذكرها»، السابق، ص٣٠٤.
٢٢٩  المقامات والأحوال. المقامات مثل: الشكر، والأحوال مثل: القبض والبسط، والغيبة والحضور، الصحو والسكر، الفناء والبقاء، الوجد والفقد، الجمع والفرق.
٢٣٠  كتاب البيان عن المشكلات، السابق، ص٤٠٩–٤٥٢. باب في شرح الألفاظ الجارية في كلام الصوفية، السابق، ص٤٠٩-٤١٠. باب بيان هذه الألفاظ، السابق، ص٤١١–٤٥٢.
٢٣١  الأسماء المشتقة ثلاثية الإيقاع: الحق بالحق للحق، منه به له، الحال والمقام والمكان، الدهشة والحيرة والتحير، الحق والحقوق والتحقيق، التحقق والحقيقة والحقائق، الاسم والرسم والوسم، الوصل والأصل والفصل، الطمس والرمس والومس، التجلي والتخلي والتحلي، الأزل والأبد والأمد، الوجد والتواجد والتساكن.
٢٣٢  تقابل الأصوات مثل: اللوائح واللوامع، الزوائد والفوائد، الشاهد والمشهود، والنفس والحس، التجريد والتغريد، الروح والتروح، المحو والمحق، الكون والبون، الوطر والوطن، الشرود والقصود، الرين والغين، المريد والمراد.
٢٣٣  اللفظ الواحد مثل الهجوم، الغلبات، المبتدئ، الطوالع، الطوارق، الكشف، المشاهدة، الإشارة، الإيماء، الرمز، الصفاء، المعدوم، الشطح، الصول، الذهاب، توحيد العامة، توحيد الخاصة، وهم، سر، المحادثة، المناجاة، المسامرة، رؤية القلوب، الدعوى، الاختيار، البلاء، اللسان، السر، العقد، الهم، اللحظ، الأثر، السبت، النسبة، التلوين، التلف، اللجأ، الانزعاج، الذوق … إلخ.
٢٣٤  الجمل المفيدة مثل: أنا بلا أنا، نحن بلا نحن، أنت أنت، أنا أنا، أنت أنا، أنا أنت، هو بلا هو، نحن مسيَّرون …
٢٣٥  النفري: المواقف، ص١٥١–١٥٣.
٢٣٦  «إذا جئتني فألقِ العبارة وراء ظهرك، وألقِ المعنى وراء العبارة، وألقِ الوجد وراء المعنى»، المواقف، ص١٥٤.
٢٣٧  الحلاج: الولاية، ص٢٣٩.
٢٣٨  القشيرية، ص٥٨-٥٩.
٢٣٩  السابق، ص٥٩.
٢٤٠  «بيان تفضيل علوم الصمت وطريق الورعين في العلوم»، قوت القلوب، ج١، ٢٧٧–٢٨٢.
٢٤١  القشيرية، ص٥٨-٥٩.
٢٤٢  التستري، ص١٦٣-١٦٤.
٢٤٣  السابق، ص٢٣٢-٢٣٣.
٢٤٤  روزبهان: طهارة القلوب، ص٣١.
٢٤٥  القشيرية، ص٥٧-٥٨.
٢٤٦  السابق، ص٥٧.
٢٤٧  السابق، ص٥٧–٥٩.
٢٤٨ 
رأيت الكلام يزين الفتى
للصمت خير لمن قد صمت
فكم من حروف تجر الحتوف
ومن ناطق ود أن لو سكت
السابق، ص٥٩.
٢٤٩  «موقف ما لا ينقال»، المواقف، ص١٢٢-١٢٣.
٢٥٠  المخاطبات، ص٢٠٦.
٢٥١  السابق، ص٢١٢.
٢٥٢  السابق، ص٢٣٩.
٢٥٣  المواقف، ص١٣٠-١٣١.
٢٥٤  المخاطبات، ص٢٤٧.
٢٥٥  فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى، اللمع، ص٤٣٠.
٢٥٦  السابق، ص٣٠٠، ٣٠٣-٣٠٤.
٢٥٧  الولاية، ص٢٥٢.
٢٥٨  هذا هو تفسير الحلاج لآية والطور، التفسير، ص١٤٧.
٢٥٩  القشيرية، ص٤٥.
٢٦٠  اللمع، ص٤١٤، ٤٣٦–٤٣٨.
٢٦١  السابق، ص٢٩٤–٢٩٦.
٢٦٢  «في معرفة الإشارات»، الفتوحات ج١، ٢٧٨–٢٨١.
٢٦٣ 
فمن إلهي إشارات وإن كثرت
في الخلق ما بين إيراد وإصدار
الديوان، ص٣٠١.
٢٦٤  الجنيد، طبقات الصوفية، ص١٦٢.
٢٦٥  عمرو بن عثمان المكي، السابق، ص٢٠٥.
٢٦٦  أبو عبد الله الصبيحي، السابق، ص٣٢٩.
٢٦٧  أبو على الروزباري، السابق، ص٣٥٦.
٢٦٨ 
كتبت إليه بفهم الإشارة
وفي الأنس فتشت نطق العبارة
كتابًا له منه عنه إليه
يترجم عن غيب علم الستارة
السابق، ص٣٠٨.
٢٦٩ 
بيان بيان الحق أنت بيانه
وكل بيان أنت منه لسانه
أشرت إلى الحق بحق وكل من
أشار إلى الحق فأنت أمانه
تشير بحق الحق، والحق ناطق
وكل لسان قد أتاك أوانه
إذا كان نعت الحق للحق بينا
فما باله في الناس يخفى مكانه
السابق، ص٣٣٣-٣٣٤.
٢٧٠ 
تاه الخلائق في عمياء مظلمة
قصدا ولم يعرفوا غير الإشارات
السابق، ص٢٥٩.
٢٧١  طبقات الصوفية، ص٢٩٦.
٢٧٢  الإحياء ج١، ١١.
إلى الذي سئلت عنه
رمزت رمزًا ولم أسم
حتى إذا أخبر كل حد
في خلوات الدنو أهمي
نظرت إذ ذاك في سجال
فما تجاوز حدي ورسمي
الحلاج: الديوان ض٣٢.
٢٧٣  اللمع، ص٤١٤.
٢٧٤  السابق، ص٤٢٢-٤٢٣.
٢٧٥  شطحات الصوفية، ص٩٧، ١١٠–١٠٩، ١٣٥، ١٤٠ ، ١٤٢-١٤٣، ١٥٠، ١٥٤.
٢٧٦  وهذا معنى دعاء الرسول «اللهم بك أصول وبك أجول»، اللمع، ص٤٢٣.
٢٧٧  التستري، ص٧٥؛ طبقات الصوفية، ص٤٥٢-٤٥٣.
٢٧٨  قوت القلوب، ج١، ٢٦٥.
٢٧٩  طبقات الصوفية، ص١٣٩.
٢٨٠  التستري، ص٩٣.
٢٨١  التستري، ص١٠١.
٢٨٢  رسالة المسترشدين، ص١٣٠.
٢٨٣  إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا، التفسير، ص١٢٧.
٢٨٤  التستري، ص٢٠٣-٢٠٤.
٢٨٥  السابق، ص٢٥٥.
٢٨٦  السابق، ص١٦٩–١٧١.
٢٨٧  السابق، ص٢٩١.
٢٨٨  طبقات الصوفية، ص٢٥٤.
٢٨٩  التستري، ص٣٧٨-٣٧٩.
٢٩٠  السابق، ص٧٠.
٢٩١  السابق، ص١٦٢.
٢٩٢  السابق، ص١٦٤.
٢٩٣  السابق، ص١٥٧.
٢٩٤  السري السقطي، السابق، ص٥٣.
٢٩٥  معروف الكرخي، السابق، ص٨٧، ٩٠.
٢٩٦  حاتم الأصم، السابق، ص٩٦.
٢٩٧  «أوحيت إلى التقوى اثبتي وثبتي. وأوصيت إلى المعصية تزلزلي وزلزلي»، المواقف، ص٩٦.
٢٩٨  من العقيدة إلى الثورة، ج٤، الإيمان والعمل، الإمامة.
٢٩٩  طبقات الصوفية، ص٢٢٧.
٣٠٠  التستري، ص٩٠.
٣٠١  السابق، ص١٣١.
٣٠٢  أبو بكر محمد بن داود الدقي، طبقات الصوفية، ص٤٤٩.
٣٠٣  أبو عبد الله محمد بن الخفيف، السابق، ص٤٦٥.
٣٠٤  أبو العباس القاسم السياري، السابق، ص٤٤٥.
٣٠٥  قوت القلوب ج١، ٢٧٨.
٣٠٦  التستري، ص٧٨-٩٨.
٣٠٧  طبقات الصوفية، ص٣٢٤.
٣٠٨  السابق، ص٣٥٢.
٣٠٩  التستري، ص٩٧-٩٨.
٣١٠  التستري، ص٢٢١.
٣١١  السابق، ص٢٨٠، ٣٤٢.
٣١٢ 
وسمتك سمت ذي ورع ودين
وفعلك فعل متبع هواه
الحلاج: الديوان، ص٢٨٧.
٣١٣  التستري، ص٣٧٩.
٣١٤  رسالة المسترشدين، ص١٣٧-١٣٦.
٣١٥  «اللهم اجعل قولنا موصولًا بالعمل، وعملنا محققا للأمل»، الإشارات، ص٣٦١.
٣١٦  أبو على الروزباري، طبقات الصوفية، ص٣٥٧.
٣١٧  أبو على الثقفي، السابق، ص٣٦٣.
٣١٨  المواقف، ص١٨٣.
٣١٩  «إن لم يصعد عملك من الباب الذي نزل منه علمك لم يصل إليَّ»، السابق، ص١٩٠.
٣٢٠  أبو بكر الكتاني، طبقات الصوفية، ص٣٧٤.
٣٢١  أبو سعيد بن الأعرابي، السابق، ص٤٢٨.
٣٢٢  المواقف، ص٤٥.
٣٢٣  السابق، ص١٠٣.
٣٢٤  السابق، ص١٠٤.
٣٢٥  السابق، ص١٦٦.
٣٢٦  التستري، ص٣٧٦، ٣٨٣.
٣٢٧  السابق، ص٢٧٢.
٣٢٨  السابق، ص٢٩٤.
٣٢٩  السابق، ص٣٠٤، ٣٣٨-٣٣٩.
٣٣٠  السابق، ص٣٣٥.
٣٣١  السابق، ص٣٣٩.
٣٣٢  «باب وصف النية ما هي؟»، السابق، ص٢٨٦–٢٨٨.
٣٣٣  «باب معنى قوله لا تحضر النية في العمل»، السابق، ص٢٨٩–٢٩٣.
٣٣٤  «باب من يدخل في العمل لا يريد الله بذلك ثم يندم كيف يكون عمله بعد الندامة»، السابق ص٢٩٤–٢٩٧.
٣٣٥  «ما يجري من النية عند ابتداء العمل، والنية في العمل»، السابق، ص٢٨٠–٢٨٣.
٣٣٦  «باب العبد يدخل العمل يريد الله عز وجل وحده ثم يجد من نفسه نشاطًا للزيادة وما يجزيه من النية في ذلك»، السابق، ص٢٨٤-٢٨٥.
٣٣٧  «باب يجب أن يلزمه المريد نفسه عند عمل السر والعلانية»، السابق، ص٢٦٦-٢٦٧.
٣٣٨  «باب سرور العبد عندما يظهر عليه من عمله قبل فراغه منه وبعد فراغه»، السابق ص٢٦٨–٢٧٤.
٣٣٩  «باب عمل السر والضعف من إظهار العمل خوف العدو وحذر الشهرة»، السابق، ص٣٠٨–٣١٢.
٣٤٠  «باب هل يجوز ترك العمل من أجل الرياء؟»، السابق، ص٣١٣–٣١٨.
٣٤١  «باب في الرجل يدع بعض النوافل إشفاقًا على الناس أن يعصوا الله عزَّ وجلَّ فيه»، السابق، ص١٨٩–١٩٩.
٣٤٢  «باب إظهار العمل ليقتدى به»، السابق، ص٣٠٠.
٣٤٣  «باب العبد يحدث إخوانه ببعض ما يقوى عليه من العمل ليحضهم على ذلك»، السابق ص٣٠٣–٣٠٧.
٣٤٤  «من أنا، يرحمك الله. أطع ربك وادعه فإنه يُجيب المضطر»، رابعة، ص١٢٥، ١٣٢، ١٣٧.
٣٤٥  بشر الحافي، طبقات الصوفية، ص٤٣.
٣٤٦  محفوظ بن محمود النيسابوري، السابق، ص٢٧٤.
٣٤٧  التستري، ص٦٧.
٣٤٨  السابق، ص١٥٤.
٣٤٩  السابق، ص٢٠٠.
٣٥٠  «يا مولاي! مولاي! كل نصيب جعلته للجنة فسهله لي ويسره لي. واجعل لي فيه الصلاح. وكل نصيب جعلته للنار فلا تسهله لي. واصرفه عني بحولك وقوتك. إنك على كل شيء قدير»، السابق، ص١٨٠.
٣٥١  السابق، ص٢٢٠.
٣٥٢  السابق، ص٢٩١.
٣٥٣  السابق، ص٣٠٥-٣٠٦.
٣٥٤  السابق، ص٣٣٩.
٣٥٥  التستري، طبقات الصوفية، ص٢١١.
٣٥٦  خير النساج، السابق، ص٣٢٤.
٣٥٧  التستري، ص١٨٩.
٣٥٨  طبقات الصوفية، ص٢١٤-٢١٥.
٣٥٩  من العقيدة إلى الثورة، ج٢، التوحيد، ج٢ العدل، ج٣ ج٤ النبوة والمعاد، ج٤، الإيمان والعمل والإمامة.
٣٦٠  التستري، ص٢٠٢.
٣٦١  السابق، ص٣٠٧.
٣٦٢  طبقات الصوفية، ص٣٠١.
٣٦٣  التستري، ص٢٢١.
٣٦٤  السابق، ص٣٤٤.
٣٦٥  السابق، ص٤١١.
٣٦٦  رسالة المسترشدين، ص١٣٣.
٣٦٧  السابق، ١٥٤.
٣٦٨  طبقات الصوفية، ص٤٧٤.
٣٦٩  السابق، ص٤٥٦.
٣٧٠  أبو عبد الله محمد بن خفيف، السابق، ص٤٦٥.
٣٧١  التستري، ص١٣٢.
٣٧٢  «وقت نعمة الدوام في الجزاء بأيام الفناء في العمل»، المواقف، ص٨٢. «العلم يدعو إلى العمل. والعمل يذكر برب العلم. فمن علم ولم يعمل فارقه العلم. ومن علم وعمل لزمه العلم»، السابق، ص١٤٩. «اعلم واجتهد، واعمل واجتهد، واجتهد واجتهد»، السابق، ص١٥٥.
٣٧٣  «موقف الأعمال»، السابق، ص٨٧–٩٠.
٣٧٤  التستري، ص٩٤.
٣٧٥  السابق، ص١٠٦.
٣٧٦  السابق، ص٩٦-٩٧.
٣٧٧  السابق، ص٢٠١.
٣٧٨  السابق، ص٢٥٩-٢٦٠.
٣٧٩  التستري، ص١٢٩.
٣٨٠  أبو الحسن البوشنجي، طبقات الصوفية، ص٤٦١.
٣٨١  السابق، ص٣٠٤.
٣٨٢  السابق، ص٢٦٩.
٣٨٣  ذو النون، طبقات الصوفية، ص٢٣.
٣٨٤  أبو حفص النيسابوري، السابق، ص١١٨.
٣٨٥  أحمد بن عاصم الأنطاكي، السابق، ص١٤٥.
٣٨٦  عبد الله بن حبيق الأنطاكي، السابق، ص١٤٥.
٣٨٧  السابق، ص٢١٤-٢١٥.
٣٨٨  السابق، ص١٦٠.
٣٨٩  السابق، ص٢١٢.
٣٩٠  التستري، ص٥٨.
٣٩١  طبقات الصوفية، ص١٦٦.
٣٩٢  رسالة المسترشدين، ص٨٩.
٣٩٣  التستري، ص٢٥٥.
٣٩٤  السابق، ص٣٠٣.
٣٩٥  السابق، ص٢٧٠.
٣٩٦  طبقات الصوفية، ص٤٧٤.
٣٩٧  السابق، ص٢٤٧.
٣٩٨  التستري، ص٧٠.
٣٩٩  السابق، ص٢٠١.
٤٠٠  طبقات الصوفية، ص٤٧٧.
٤٠١  السابق، ص٢٨٣.
٤٠٢  السابق، ص٤١١.
٤٠٣  التستري، ص١٤٨.
٤٠٤  المسترشدين، ص٨٦–٨٨.
٤٠٥  السابق، ص١٩٧-١٩٨.
٤٠٦  السابق، ص١٠٨.
٤٠٧  السابق، ص١٦٥.
٤٠٨  طبقات الصوفية، ص٤٥٦.
٤٠٩  حمدون القصار، السابق، ص١٢٧.
٤١٠  أبو إسحاق إبراهيم الخواص، السابق، ص٢٨٥.
٤١١  أبو علي الثقفي، السابق، ص٣٦٤.
٤١٢  عبد الله بن محمد بن منازل، السابق، ص٣٦٩.
٤١٣  إبراهيم بن شيبان القرميسيني، السابق، ص٤٠٤.
٤١٤  السابق، ص١٢٠–١٢٢.
٤١٥  «حكم الأقوال والأفعال حكم الجدال والبلبال. حكم الجدال والبلبال حكم المحال والزلزال»، السابق، ص١٢٠–١٢١.
٤١٦  الولاية، ص٢٦٠.
٤١٧  «يا عبد، لا تكن بالأعمال فتقف بك، ولا بالأحوال فتحول بك. يا عبد، كيف تكون بالعمل تعمل، ويكون قلبك عندي لا في العمل؟»، المخاطبات، ص٢٣٥.
٤١٨  السابق، ص٢٥١.
٤١٩  الجنيد، طبقات الصوفية، ص١٥٨-١٥٩.
٤٢٠  التستري، السابق، ص٢٠٧.
٤٢١  أبو محمد الجريري، السابق، ص٢٦٣.
٤٢٢  أبو بكر الكتاني، السابق، ص٣٧٦.
٤٢٣  أبو سعيد بن الأعرابي، السابق، ص٤٢٨.
٤٢٤  «إنما أنت أيام معدودة. فإذا ذهب يوم ذهب بعضك. ويوشك إذا ذهب البعض أن يذهب الكل وأنت تعلم فاعمل»، رابعة ١٢٧، ١٣٧، ١٧٥.
٤٢٥  «يا حسن! اشتعل كالشمع، وأضئ للناس. وابدأ بأن تكون متجردًا ثم اعمل. فإن فعلت هذين صرت نحيلًا كالشعرة إذا أردت ألا يذهب جهدك سدى»، السابق، ص١٥٠.
٤٢٦  «ما ظهر من عملي فلا أعده شيئًا»، السابق، ص١٦٥.
٤٢٧  أحمد بن عاصم الأنطاكي، طبقات الصوفية، ص١٤٠.
٤٢٨  عبد الله بن حبيق الأنطاكي، السابق، ص١٤٥.
٤٢٩  أبو عبد الله المغربي، السابق، ص٢٤٣.
٤٣٠  مظفر القرميسيني، السابق، ص٣٩٨.
٤٣١  السابق، ص٧٣.
٤٣٢  السابق، ص١٠٤-١٠٥.
٤٣٣  السابق، ص١٣١.
٤٣٤  السابق، ص١٣٥.
٤٣٥  «وفي زماننا هذا …» قوت القلوب ج١، ٢٩٧، «في مثل زماننا هذا»، السابق، ج٢، ٣٤ … «أنتم اليوم في زمان خيركم فيه المسارع. وسيأتي عليكم زمان يكون خيركم فيه المتبين لوضوح الحق في القرن الأول ولدخول الشبهات في زماننا هذا فصار الحق غامضًا»، السابق ص٢٨٣. «وهذان طريقان قد درسا وقد عفا أثرهما في وقتنا هذا، لا يسلكه إلا من عرفه، الفرد بعد الفرد، والسابلة من الفرار على طرقات التصنع والتزين»، السابق، ص٣٩١. وقال الثوري «هذا زمان سوء لا يؤمن فيه على الجاهل فكيف بالمشهورين؟ وهذا زمان رجل ينتقل من بلد إلى بلد. كلما عرف في موضع تحول إلى غيره»، السابق، ص٤٢٥. «هذا يقوله في سنة عشرين ومائتين والحلال والنساء أحمد عاقبة فكيف بوقتنا هذا؟ فالأفضل للمريد في مثل زماننا هذا ترك التزويج إذا أمن الفتنة …»، السابق، ص٤٩٠. «وكان النساء قديمًا غيرهن الآن»، السابق، ص٥٠٦. «وليجتنب الصنائع المحدثة من غير المعروفة والمعايش المبتدعة في زماننا هذا فإن ذلك بدعة مكروهة إذ لم يكن فيما مضى من السلف»، السابق، ص٥٣٩.
٤٣٦  مثل قول بن مسعود «أنتم اليوم في زمان الهوى فيه تابع للعلم. وسيأتي عليكم زمان يكون العلم فيه تابعًا للهوى»، الإحياء، ج١، ٨٦. «ولكن سيأتي بعد هؤلاء قوم تقر أعينكم بهم، تلعبون بهم لعبا، وتقودونهم بأزمة أهوائهم كيف شئتم. إن استغفروا لم يغفر لهم. ولا يتوبون فيبدل الله سيئاتهم حسنات. فجاء قوم بعد القرن الأول خبت فيهم الأهواء، وزين لهم البدع، فاستحلوها واتخذوا دينًا لا يستغفرون الله منها ولا يتوبون عنها. فسلط عليهم الأعداء وقادوهم أين شاءوا»، السابق، ص٨٧.
٤٣٧  طبقات الصوفية، ص٢١٤.
٤٣٨  السابق، ص٣٦٥. وهو نفس ما تتحسر عليه المواويل الشعبية على ذهاب النبيل والكريم وحضور الخسيس.
٤٣٩  وهو معنى قول أحمد «تركوا العلم وأقبلوا على الغرائب. ما أقل العلم فيهما»، الإحياء، ج١، ٨٦، وقول مالك «لم تكن الناس فيما مضى يسألون عن هذه الأمور كما يسأل الناس اليوم. ولم يكن العلماء يقولون حرام ولا حلال، ولكن أدركتهم يقولون مستحبٌّ ومكروهٌ. ومعناه أنهم كانوا ينظرون في دقائق الكراهة والاستحباب»، السابق، ص٨٦.
٤٤٠  «في آخر الزمان أقوام يكونون إخوان العلانية أعداء السريرة»، الفضيل بن عياض، السابق، ص١٠. «ابتلينا بزمان وليس فيه آداب الإسلام، ولا أخلاق الجاهلية، ولا أحلام ذوي المروءة»، أبو بكر الواسطي، السابق، ص٣٠٣. «ذهبت حقائق الأشياء، وبقيت أسماؤها موجودة، والحقائق مفقودة. والدعاوى في السرائر مكنونة، والألسنة بها فصيحة، الأمور عن حقوقها مصروفة. وعن قريب تفقد هذه الألسنة وهذه الدعاوى. فلا وجد لسان ناطق، ولا مدع مطلب»، السابق، ص٣٥٠.
٤٤١  وعلماء الدين هم ورثة الأنبياء. وقد شغر منهم الزمان. ولم يبق إلا المترسمون. وقد استحوذ على أكثرهم الشيطان، واستغواهم الطغيان. وأصبح كل واحدٍ بعاجل حظه مشغوفًا فصار يرى المعروف منكرًا والمنكر معروفًا حتى ظلَّ علم الدين مندرسًا ومنار الهدى في أقطار الأرض منطمسًا. وقد خيلوا إلى الخلق أن لا علم إلا فتوى حكومة تستعين به القضاة على فصل الخصام عند تهاوش الطغام أو جدل يتذرع به طالب المباهاة إلى الغلبة والإفحام أو سجع مزخرف يتوسل به الواعظ إلى استدراج العوام إذ لم يروا ما سوى هذه الثلاثة مصيدة للحرام وشبكة للحطام»، الإحياء ج١، ٩.
٤٤٢  طبقات الصوفية، ص٤٦٨.
٤٤٣  السابق، ص٣٥٢ «كنت ترى حامل القرآن في خمسين رجلًا فتعرفه قد مضغه القرآن وأدركت القراء الذين هم القراء. فأما اليوم فليسوا بقرَّاء ولكنهم خراء»، حلية الأولياء ج٣، ٢٤٦.
٤٤٤  «يا متقرئ، انظر إن أعطاك كل ما أعطى الأنبياء فقل أريدك ولا أريد غيرك»، شطحات ص٩٩.
٤٤٥  السابق، ص١١٩.
٤٤٦  «يا متقرئ أرِ كما أنت أو كن كما ثري»، السابق، ص١٢٠–١٢١.
٤٤٧  طبقات الصوفية، ص٤٠٨.
٤٤٨  «ذكر من انتمى إلى الصوفية وليس منهم»، عوارف المعارف، ج٢، ٢–١٣.
٤٤٩  اللمع، ص٥١٦–٥٥٥.
٤٥٠  وهو معنى حديث «أربعة في الدنيا وليست هي من الدنيا: كسرة تسد بها جوعتك، وثوب تواري به عورتك، وبيت تكن فيها، وزوجة صالحة تسكن إليها»، السابق، ص٥١٦-٥١٧.
٤٥١  «وقد اختصرت ذلك لكراهية التطويل. وفيما ذكرت كفاية وبلغة لمن عقل من المسترشدين والراغبين في هذا العلم»، السابق، ص٥٥٥.
٤٥٢  باب في ذكر الفرقة الذين غلطوا وطبقاتهم وتفاوتهم في الغلط، السابق، ص٥١٨-٥١٩.
٤٥٣  باب ذكر من غلط في الأصول وأداء ذلك في الضلالة ونبتدئ بذكر القوم الذين غلطوا في الحرية والعبودية، السابق، ٥٣١-٥٣٢.
٤٥٤  وعباد الرحمن، نبئ عبادي، والملائكة عباد مكرمون، واذكر عبادنا، واذكر عبدنا، نعم العبد.
٤٥٥  «أفلا أكون عبدًا شكورًا»، «خيرت بين أن أكون نبيًّا ملكًا ونبيًّا عبدًا فأشار إلي جبريل عليه السلام تواضع فقلت بل نبيًّا عبدًا.»
٤٥٦  «باب في ذكر من غلط في التوسع، وترك التوسع من الدنيا بالتقشف والتقلل، ومن غلط في الاكتساب وترك الأسباب»، السابق، ص٥٢٣-٥٢٤.
٤٥٧  «وطبقة أخرى تعلقوا بالتقشف والتقلل واعتادوا الدون من اللباس والقليل من القوت. وظنوا أن كل من رفق بنفسه أو تناول شيئًا من المباحات أو أكل شيئًا من الطيبات أن ذلك علة وسقوط من المنزلة. وكل حال غير الحال الذي هم عليه عندهم زلة. وقد غلطوا في ذلك»، السابق، ص٥٢٣.
٤٥٨  «أحل ما يأكل المؤمن من كسب يده».
٤٥٩  «وطبقة أخرى طعنوا على المكتسبين، وجلسوا معتمدين على حالهم، متشرفين إلى من يفتقدهم. وعندهم أن هذا هو الحال. وقد غلطوا في ذلك لأن الجلوس عن المكاسب ينبغي أن يكون من قوة اليقين والصبر. فمن ضعف يقينه وغلب عليه طبعه وطمعه يؤمر بالدخول في الطلب، والطلب مباح»، السابق، ص٥٢٤.
٤٦٠  «باب في ذكر الفرقة التي غلطت في الإباحة والحظر والرد عليهم»، السابق، ص٥٣٨.
٤٦١  «الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا أُمُورٌ متشابهات. وحرام الله حمى. فمن حام حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يقع فيه» السابق، ص٥٢٧–٥٣٠.
٤٦٢  «باب في ذكر طبقات الذين غلطوا في ترك الطعام والعزلة والانفراد وغير ذلك»، السابق، ص٥٢٧–٥٣٠.
٤٦٣  «طبقات الصوفية» ص٥٩.
٤٦٤  «باب في ذكر من غلط في الفروع التي لم تؤدهم إلى الضلالة. ونبتدئ في ذكر الطائفات الذين غلطوا في الفقر والغنى»، اللمع، ص٥٢٠–٥٢٢.
٤٦٥  «وخلقت النفس محتاجة. وليس من صفات البشرية الطمأنينة والسكون عند عدم القوام والقري. والفقر تكرهه النفس، ولا يلائمه الطبع والهوى لأنه من الحقوق. والغنى تحبه النفس ويلائمه الطبع والهوى لأنه من الحظوظ»، السابق، ص٥٢٠.
٤٦٦  قوت القلوب ج٢، ٤١١.
٤٦٧  «ذكر من غلط في الصفاء والطهارة»، اللمع، ص٥٤٧.
٤٦٨  «ذكر من غلط في عين الجمع»، السابق، ص٥٤٩-٥٥٠.
٤٦٩  «باب في ذكر من غلط من أهل العراق في الإخلاص»، السابق، ص٥٣٣-٥٣٤.
٤٧٠  «باب في ذكر طبقات الذين فتروا في الإرادات، وغلطوا في المجاهدات، وسكنوا إلى الراحات»، السابق، ص٥٢٥-٥٢٦.
٤٧١  «ذكر من غلط في الأنس والبسط وترك الخشية»، السابق، ص٥٥١.
٤٧٢  «باب ذكر من غلط في الرؤية بالقلوب»، السابق، ٥٤٤–٥٤٩.
٤٧٣  مثل آية مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى، وحديث «عبد نور الله قلبه» و«اعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك».
٤٧٤  «باب في ذكر من غلط في الروح»، السابق، ص٥٥٤-٥٥٥.
٤٧٥  وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي.
٤٧٦  «باب ذكر من غلط في الأنوار»، السابق، ص٥٤٨.
٤٧٧  «باب في ذكر من غلط في النبوة والولاية»، السابق، ص٥٣٥–٥٣٧.
٤٧٨  «أفرضكم زيد، وأقرؤكم أبي، وأعلمكم بالحلال والحرام معاذ بن جبل»، السابق، ص٥٣٦.
٤٧٩  «باب في ذكر خطأ الحلولية»، السابق، ص٥٤١–٥٤٣.
٤٨٠  «في ذكر من غلط في فناء البشرية»، السابق، ص٥٤٣.
٤٨١  «في ذكر من غلط في فنائهم عن أوصافهم»، السابق، ص٥٥٢.
٤٨٢  «في ذكر من غلط في فقد المحسوس»، السابق، ص٥٥٣.
٤٨٣  ما أحدث الناس من القول والفعل فيما بينهم مما لم يكن عليه السلف، قوت القلوب ج١، ٣٣١–٣٣٨.
٤٨٤  «كان الرجل من أهل العلم، يزداد بعلمه بغضا للدنيا وتركا لها. واليوم يزداد الرجل بعلمه للدنيا حبًّا ولها طلبًا. وكان الرجل ينفق ماله على علمه. واليوم يكسب الرجل بعلمه مالًا. وكان يرى على صاحب العلم زيادة في باطنه وظاهره. واليوم يرى على كثير من أهل العلم فساد الباطن والظاهر»، ذو النون، طبقات الصوفية، ص٢٥.
٤٨٥  السابق، ص٣٩٣.
٤٨٦  «يأتي على الناس زمان يضلون فيه دينهم فلا يعرفونه. يصبح الرجل على دين ويمسي على دين. يضل أمره على غير يقين. وتسلب عقول أكثر أهل ذلك الزمان. وأول ما يرفع عنهم الخشوع ثم الإجابة ثم الورع، وربما الألفة.»
٤٨٧  قوت القلوب ج١، ٢٦٣.
٤٨٨  «يأتي على الناس زمان لا تضر فيه عين حكيم، ويأتي عليهم زمان تكون الدولة فيه للحمقى على الأكياس»، بشر الحافي، طبقات الصوفية، ص٤٢.
٤٨٩  حمدون القصار، السابق، ص١٢٥، ١٢٧.
٤٩٠  أبو الحسن النوري: «أعز الأشياء في زماننا شيئان: عالم يعمل بعلمه، وعارف ينطق عن حقيقته»، السابق، ص١٦٩.
٤٩١  يقول الفناد: أهل التصوف قد مضوا صار التصوف خرقة صار التصوف صيحة وتواجدًا ومطبقة مضت العلوم فلا علوم ولا قلوب مشرقة كذبتك نفسك ليس ذا سنن الطريق المخلقة حتى تكون بعين من عنه العيون المحدقة تجري عليك حروفه وهموم سرك مطرقة، اللمع، ص٤٧.
٤٩٢  طبقات الصوفية، ص٤٥٩-٤٦٠.
٤٩٣  «ولا خفاء أن لبس الخرقة على الهيئة التي يعتمدها الشيوخ في هذا الزمان لم يكن في زمان رسول الله …»، عوارف المعارف، ج٢، ٤٨.
٤٩٤  «ثم في القرن الرابع حدثت مصنفات الكلام وكثر الخوض في الجدال والغوص في إبطال المقالات. ثم مال الناس إليه وإلى القصص والوعظ بها. فأخذ علم اليقين في الاندراس من ذلك الزمان فصار بعد ذلك يستغرب علم القلوب والتفتيش عن صفات النفس ومكايد الشيطان. وأعرض عن ذلك إلا الأقلون فصار يسمى المجادل المتكلم عالما. والقاص المزخرف كلامه بالعبارات المسجعة عالمًا. وهذا لأن العوام هم المستمعون إليه فكان لا يتميز لهم حقيقة العلم من غيره … هكذا ضعف الدين في قرون سالفة فكيف الظن بزمانك هذا. وقد انتهى الأمر إلى أن مظهر الإنكار يستهدف لنسبته إلى الجنون. فالأولى أن يشتغل الإنسان بنفسه ويسكت … وأكل مال الأيتام ومخالطة السلاطين ومجاملتهم في العشرة …» الإحياء ج١، ٨٥.
٤٩٥  القشيرية، ص١٢٧.
٤٩٦  «كان السلف يكره بيع المصاحف وشراءها. كما ابتدع الخلق علوما لم تكن عند السلف مثل علم الكلام والجدل، وعلوم المقاييس والنظر، والاستدلال على سنن الرسول بأدلة الرأي والمعقول، وإيثار علم العقل والرأي والقياس على ظواهر القرآن والإخبار، وإظهار الإشارات بالمواجيد من غير علومها وبيان تفصيلها مما يؤدي إلى حيرة السامعين وإضلال العاملين. ومنها الكلام في التوحيد بمخالفة الشرع، وتعارض الحقيقة والشريعة، والكلام في الدين بالوساوس والخطرات دون رد مواجيدها إلى الكتاب والسنة، ومنها السجع في الدعاء والتعزيب فيه، ومنها أخذ القرآن بالإرادة وتنازع الاثنين الآية دون خشوع ولا هيبة، ومنها التلحين في القراءة حتى لا تفهم التلاوة، ومنها التلحين في الأذان، ومنها التدقيق في القياس والنظر والتبحر في علوم النحو والعربية ومنها تسهيل ما تسدد فيه السلف، وتشديد ما تسامحوا فيه، ومنها دخول النساء الحمام من غير ضرورة، ودخول الرجل بغير مئزر. وهي بدع علمية وعملية في آن واحد.
٤٩٧  من العقيدة إلى الثورة، ج٣ – النبوة – المعاد، ص٥٢٨–٥٥١.
٤٩٨  «لم يبق في هذا الزمان لهذه الطائفة إلا رجلان: أبو علي الروزباري بمصر، وأبو بكر بن أبى سعدان بالعراق. وأبو بكر أفهمها»، طبقات الصوفية، ص٤٢٠. «التصوف اسم ولا حقيقة. وقد كان قبل حقيقة ولا اسم»، أبو الحسن البوشنجي، السابق، ص٤٥٩.
٤٩٩  السابق، ص٢٠٩.
٥٠٠  «وما يرى من التقصير في حق البعض من أهل زماننا والتخلف عن طريق سلفهم لا يقدح في أصل أمرهم وصحة طريقهم. وهذا القدر الباقي من الأثر واجتماع المتصوفة في الربط وما هيأ الله لهم من الرفق بركة جمعية بواطن المشايخ الماضين وأثر من آثار منح الحق في حقهم …»، عوارف المعارف، ج٢، ٨٠.
٥٠١  «هذا لسان التصوف. التصوف اسم يجمع أنواعًا من الإشارة وضروبًا من العبارة. وجملته التذلل للحق بالتعذر على الحق»، الإشارات، ص١١٥.
٥٠٢  «وما أحوجني إلى جسارة انبساط يرخص لي معك في التصرف. وينتج البلاغة عن طريق التصوف»، السابق، ص١٣٠.
٥٠٣  هذا لسان التصوف. والتصوف معناه أكبر من اسمه. وحقيقته أشرف من رسمه»، السابق ص١٦٣.
٥٠٤  «وبعد أن تخص هؤلاء فاعمم بأجمل تحية سائر ذوي الفضل من الصوفية. فإنهم ملوك الدنيا وسادة الآخرة»، السابق، ص١٢٨.
٥٠٥  أبو بكر بن يزدانبار، طبقات الصوفية، ص٤٠٧.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤