ثانيًا: من المعرفة إلى الوجود
وهو التحول الرئيسي في نظرية المعرفة في التصوف، من «المعارف العقلية» إلى «الرسالة اللدُنِّية» بتعبيرات الغزالي. وهذا هو الفرق بين علوم النظر وعلوم الذوق. علوم النظر استدلال وعلوم الذوق كشف. في علوم النظر الوجود معرفة، وفي علوم الذوق المعرفة وجود.
وقد حدث هذا التحول عند الغزالي (٥٠٥ﻫ)، ثم السهروردي (٥٨٧ﻫ)، ثم ابن عربي (٦٣٨ﻫ)، ثم ابن سبعين (٦٦٩ﻫ)، ثم ابن عطاء الله السكندري (٧٠٩ﻫ)، ثم عبد القادر الجيلاني (ﻫ)، ثم الكاشاني (٧٣٠ﻫ)، ثم صدر الدين الشيرازي (١٠٥٠ﻫ)، ثم النابلسي (١١٤٣ﻫ)، ثم مصطفى البكري (١١٦٢ﻫ)، ثم أبو الهدى الصيادي (١٣٢٨ﻫ)، ثم عنقاشاه الأويسي.
وبالرغم من أن التبويب عن طريق أعلام الصوفية ليس هو التبويب الأمثل، إلا أن السبب في ذلك هو ارتباط التصوف بتجارب كبار الصوفية. فالصوفي هنا تعبير عن مرحلة، ومؤشر على اتجاه.
(١) رسائل أبو حامد الغزالي (٥٠٥ﻫ)
(أ) «الرسالة اللدُنِّية»١
(ب) «مشكاة الأنوار»٤
(ﺟ) «شرف العقل وماهيته»٩
(د) «كيمياء السعادة»١٤
(٢) أعمال شهاب الدين السهروردي (٥٨٧ﻫ)
(أ) «حكمة الإشراق»١٩
(ب) «مقامات الصوفية»٣٣
(ﺟ) «المشارع والمطارحات»٤٣
(د) «التلويحات العرشية واللوحية»٦٨
(ﻫ) «المقاومات»٨٠
(و) «هياكل النور»٩٣
(٣) «مراتب الوجود وحقيقة كل موجود» للجيلاني (٥٦٢ﻫ)٩٦
(٤) «الرسالة الكمالية في الحقائق الإلهية» للفخر الرازي (٦٠٦ﻫ)١٠٣
وهي أقرب إلى الفلسفة الإشراقية أو علم الكلام الإشراقي. تضم عشر مقالات. الأولى والثانية في المنطق والمعقولات. ومن الثانية حتى الخامسة في نظرية الذات والصفات والأفعال. ومن السادسة حتى العاشرة في الطبيعيات، أحوال الأجسام وصور الأفلاك وأركان العناصر وعلم النفس وعلم الهيئات.
(٥) «كتاب الشاعر» لصدر الدين الشيرازي (١١٥٠ﻫ)١٠٤
كله في نظرية الوجود وأحكامه وإثبات حقيقته وأقواله. وفيه مشاعر. ويذكر الرازي أحيانًا في كتب التصوف باعتباره صوفيًّا. فبين الفلسفة الإشراقية والتصوف أواشج قربى في نظرية المعرفة، المعرفة الإشراقية أو في نظرية الوجود، نظرية الفيض.
(٦) «فوائح الجمال وفواتح الجلال» لنجم الدين كبرى (٦١٨ﻫ)
(٧) مؤلفات ابن عربي (٦٣٨ﻫ)
(أ) «الفتوحات المكية»١١١
والفتوحات «مثل» الموافقات «علامة فارقة في تاريخ كل علم، علوم التصوف وعلوم أصول الفقه». ففيه حدث التحول الفعلي من التصوف النفسي إلى التصوف الفلسفي. ومن النفس إلى العالم، ومن الداخل إلى الخارج، ومن الذات إلى الكون، ومن المعنى إلى الحرف، ويشمل العديد من الموضوعات الفلسفية مثل العقل الأول، والنفس الكلية، ونظرية الفيض. وكان ابن مسرَّة هو أول من أسس التصوف النظري الذي ينتسب إليه ابن عربي. ونظرًا لسيادة هذا التحليل النظري تغيب التجارب المشتركة خاصة مع القارئ. وبالتالي يصعب إيجاد البراهين على صدق التحليلات العقلية خاصة إذا كانت الموضوعات متعالية تند عن الحس مثل الحديث عن الكواكب والأفلاك.
يبدو التصوف النظري وكأنه لا صلة له بالواقع، مجرد تأملات وخيالات كبديل عن الواقع الفعلي، أبنية نظرية في الهواء وصور ذهنية من صنع الخيال أو الوهم على عكس التصوف الأخلاقي المطابق للسلوك الفاضل، والتصوف النفسي المطابق للتجارب الإنسانية العامة.
ويستشهد ببعض الحكايات عن الصوفية أكثر من أقوالهم. فالحكاية أكثر جذبًا للانتباه وإثارة للخيال. ويمكن تأويلها على عديد من الجوانب.
وإذا كانت علوم التصوف علوما كشفية ذوقية في مقابل الكلام والفلسفة كعلوم عقلية برهانية، فالسؤال هو: ماذا عن تأويل القرآن؟ هل هو كشفي أم إلهامي لدني، وما التأويل إلا البرهان على صحته، وهو التأويل النازل أم أنه تحليل للتجربة الإنسانية صعودًا إلى النص، وهو التأويل الصاعد؟ فالنص له مصدران إلهي وبشري، نازل وصاعد، في الذهن الإلهي وفي النفس البشرية.
ويجمع الكتاب بين الظاهر والباطن ولا يعارض بعضهما بالبعض الآخر. كلاهما طريق للوصول إلى نفس الغاية. الأول طريق الفقهاء والمتكلمين والثاني طريق الصوفية والفلاسفة اعتمادًا على التأويل. الأول للعامة، والثاني للخاصة وابن عربي ظاهري المذهب الذي كان سائدًا في الأندلس منذ ابن داود الظاهري وتلميذه ابن حزم.
ويصعب الحكم على «الفتوحات» هل هو كتاب نثر أولًا ثم الاستشهاد عليه بالشعر أم هو ديوان شعر أولًا ثم شُرح نثرًا. فكل موضوع يبدأ بالشعر ثم يأتي الشرح بالنثر. وابن عربي شاعر، له ديوانه وأشعاره خارج الديوان. والشعر المذكور على ثلاثة أنواع: الأول شعر ابن عربي ذاته، والثاني شعر آخرين مثل النابغة، والثالث مجهول المؤلف أقرب إلى الشعر المتوارث كالحكم والأمثال.
وهناك خمسة عوالم: الشهادة، والغيب، والملكوت، والجبروت، والملك. وقد يتصل عالمان كما يتصل حرفان مثل: عالم الغيب والملكوت، عالم الشهادة والجبروت، عالم الغيب والجبروت، عالم الملك والجبروت، عالم الملك والشهادة.
واللغة تعبير وليست إيصالًا، وتحقيق وجود الذات أكثر منها إيصال حقائق للآخر مثل الفن بوجهٍ عام، والشعر بوجه خاص. ويستعمل الخطاب كل أساليب التعبير في فنون القول مثل الجناس والطباق والسجع، والمجاز والتشبيه والاستعارة، تواصلًا مع الإشارات الإلهية «لأبى حيان التوحيدي». ومع ذلك «الفتوحات» خطاب على خطاب، قول مستقل بذاته عن العقل والواقع، عن المنطق والتجربة، كلام في كلام، بلا هدف كبير واضح بالرغم من القسمة السداسية التي تقوم على القسمة الرباعية ﻟ «الإحياء» وفي نفس الوقت تقضي عليها لتغيير معاني المصطلحات والأهداف. وبالرغم من الخروج من الإنسان إلى العالم، ومن الذات إلى الموضوع، ومن النفس إلى الكون إلا أن الإنسان ما زال مركزيًّا في التصوف النظري. وبين الإنسان والطبيعة هناك إحالة متبادلة من الإنسان إلى الطبيعة، ومن الطبيعة إلى الإنسان، من العالم الأكبر إلى العالم الأصغر بمصطلحات إخوان الصفا. والفقه أيضًا إحالة متبادلة بين الإنسان والطبيعة، بين الشرع والكون. ليس مجرد أعمال فردية بل ظواهر طبيعية وحركات كونية.
وهناك أيضًا مركزية النكاح. فالنكاح فعل اتحادي رمزي، محبة وعناق، شوق وقبل، هياج ولقاء، رمز العلاقة المتبادلة بين الإنسان والله. والله ليس في حاجة إلى مثل هذه العلاقة الاتحادية. الله «ينكح نفسه» وبلغة الفلاسفة، الله عقل وعاقل ومعقول، عشق وعاشق ومعشوق.
ويبدأ الانحراف بالعلم نحو الغيبيات والخيالات وتدعيم ذلك بالأحاديث القدسية الطوال التي يحاور فيها الله والملائكة وجبريل والرسول. وبها كثير من الإخراج والفن المسرحي عن القلم واللوح والعرش. في حين أن الغاية من الحديث بيان مجمل أو تفصيل عملي لأوجه الممارسة. والأحاديث القدسية بلا أسانيد ولا مصادر. يكفي أنها تبرهن على الخيالات المطلوبة بصرف النظر عن صحتها.
ويتجه التصوف النظري أكثر فأكثر نحو مركزية محمد، والقطب المحمدي، والحضرة المحمدية أو فيما يُعرف في التصوف باسم «الحقيقة المحمدية» منذ ذي النون المصري، وتشخيص الرسالة في الرسول، والمبدأ في الشخص، والنبوة في النبي، وتحويل الوسيلة إلى غاية، والأداة إلى هدف.
ويزداد التوجه نحو المعجزات والكرامات وأعاجيب الأفعال وكما بدأ في الطرق الصوفية بعد ذلك. وهناك أيضًا مركزية الحركة في الكون، الحركة المستقيمة، العلو والسفل، والحركة الدائرية. فالعالم متحرك وليس ثابتًا طبقًا للتصور الحركي للعالم على عكس التصور الثابت للمتكلمين والفلاسفة.
وهناك أيضًا مركزية العالم العلوي، عالم الأفلاك، والدورات الفلكية، وحركات النجوم والكواكب. وكلها حركات الروح في الكون. وقد تحول علم الفلك إلى التنجيم الشعبي وقراءة الطالع، وأثر الأفلاك في حياة الناس ووقوع الحوادث. وقد تضخم هذا العلم في التصوف النظري المتأخر وفي التصوف العملي وتوحد بالثقافة الشعبية والأحجبة والطلسمات والنيرنجيات. ويصاحب ذلك كله الأخرويات وعالم الملائكة والشياطين ومناظر الحساب والعقاب.
(ب) «فصوص الحكم»١٤١
(ﺟ) رسائل ابن عربي
وتمثل هذه الرسائل نفس التحول من المعرفة إلى الوجود. فيها تتداخل موضوعات المعرفة والميتافيزيقا والحروف مع موضوعات الخلق والزمان، وموضوعات الجلالة وأخيرًا الطريق طبقًا للنسق الكلامي الصوفي الفلسفي، المعرفة ثم الكون والنبوة ثم الله ونهاية الطريق في التصوف العلمي، ومراسلاته مع صوفية وفلاسفة عصره.
تعتمد أيضًا على الأدلة النقلية، القرآن والحديث والشعر، والقرآن أكثر. ويذكر أكثر من الشعر، والشعر أكثر من الحديث مما يدل على أن تصوف ابن عربي هو نظرية في التأويل، والخروج من اللغة إلى الوجود، فاللغة منزل الوجود بتعبير أحد المعاصرين، ومن الحروف إلى العالم، ومن الكلام إلى الأشياء. كما يعتمد على أقوال الصوفية مثل الحسن البصري والجنيد والسلمي والغزالي والبسطامي والحلاج والمحاسبي، والجيلي، وذو النون وابن عطاء وآخرين من مشايخه.
(١) من المعرفة إلى العرفان
(٢) من علوم النظر إلى علوم الذوق
(٣) من الذات الإنسانية إلى الذات الإلهية
(٤) تجليات الذات الإلهية في الكون
(٨) رسائل الكاشاني (٧٣٠ﻫ)، الشيرازي (١٠٥٠ﻫ)، النابلسي (١١٤٣ﻫ)
(أ) «في العلم الاستدلالي» للكاشاني٢٨٨
(ب) «الرسالة العرفانية» للكاشاني٢٩١
(ﺟ) «شرح حديث الحقيقة» للكاشاني٢٩٣
(د) «إكسير العارفين» لصدر الدين الشيرازي٢٩٦
(ﻫ) «الوجود الحق والخطاب الصدق» للنابلسي٢٩٩
(٩) أعمال البكري (١١٦٢ﻫ)، الصيادي (١٣٢٨ﻫ)، عنقاشاه
(أ) «صادحة الأزل»٣١٣
(ب) «المورد العذب لذوي الورود في كشف معنى وحدة الوجود» لمصطفى البكري٣١٧
(ﺟ) «حديقة المعاني في حقيقة الرحم الإنساني» لأبي هدى الصيادي٣٢٣
(د) «معالم الفكر»، «نداء الحقيقة»، «رسالة القلب»، «نيروان» لمحمد صادق عنقاشاه الأويسي٣٢٦
- (أ)
التوغل في التأله العديم البحث.
- (ب)
العديم التأله المتوغل في البحث.
- (جـ)
التوغل في التأله والتوغل في البحث.
- (د)
التوغل في التأله الضعيف في البحث.
- (هـ)
العديم التأله التوغل في البحث.
- (أ)
طالب التوغل في التأله والتوغل في البحث.
- (ب)
طالب التأله (بلا درجات).
- (جـ)
طالب البحث (بلا درجات).
أ | ب | ﺟ | د |
ﻫ | و | ز | ح |
ط | ي | ك | ل |
م | ن | س | ع |
ف | ص | ق | ر |
ش | ت | ث | خ |
ذ | ض | ظ | غ |