خامسًا: الأشكال الأدبية
وقد عبر الصوفية عن مواجيدهم في عدة أشكال أدبية أولها النظم وهو الشعر. والثاني النثر الفني، الفصول والغايات والتمجيد والمواعظ، والحكم والمناجاة. والثالث القصص الرمزي. والرابع السيرة الذاتية. والخامس المكاتبات. والسادس الرسائل والمسائل. وهو تصنيف يقوم به نقاد الأدب وليس الباحثون في التصوف. ومع ذلك هو موضوع مشترك بين الأدب والتصوف خاصة الشعر الصوفي.
(١) النثر الفني: (الحكم، الوصايا، المناجاة، التجليات)
ويشمل النثر الفني الفصول والغايات في تمجيد الله والمواعظ للمعري (٤٤٩ﻫ)، والحكم عند ابن عطاء الله السكندري (٧٠٩ﻫ) ومصطفى البكري (١١٦٢ﻫ)، والوصايا عند ابن عربي (٦٣٨ﻫ)، والمناجاة عند ابن عطاء الله (٧٠٩ﻫ) والمستغانمي (١٣٥٣ﻫ). والنثر الفني في الوعي النظري هو استئناف للوعي التاريخي اللغوي. وهو استعمال اللغة كجرس وموسيقى مثل القرآن الكريم بعد أن فرض نفسه كنوع أدبي جديد بين الشعر والنثر. وهو استمرار للمواقف والمخاطبات للنفري (٣٥٤ﻫ)، و«الإشارات الإلهية» لأبي حيان (٤٠٣ﻫ). والفرق بينهما هو تجلي الوعي التاريخي الخالص في طبقات الصوفية للسلمي (٤١٢ﻫ) وفي «حلية الأولياء» لأبي نعيم (٤٣٠ﻫ).
(أ) «الفصول والغايات في تمجيد الله والمواعظ» للمعري (٤٤٩ﻫ)١
(ب) حكم ابن عطاء الله السكندري (٧٠٩ﻫ)
(ﺟ) «الغرر البديهية في الحكم الإلهية» لمصطفى البكري (١١٦٢ﻫ)١٤
(د) رسائل ابن عربي (٦٣٨ﻫ)
(١)«كتاب الوصايا»١٨
(ﻫ) «المناجاة الإلهية» لابن عطاء الله السكندري (٧٠٩ﻫ)٣٠
وهي من الأشكال الأدبية في النثر الفني، مثل الوصايا والمواعظ والحكم والدعاء والأحزاب والأوراد … إلخ. وهي أربع وثلاثون مناجاة تضع تقابلًا بين الإنسان والله مثل: الفقير والغني، الجاهل والعالم، القادر والعاجز، الفضائل والرذائل، المتكلم والصامت، الحاكم والمحكوم، القاهر والمقهور. يعبر الإنسان فيه عن ذله واستجدائه بعبارة نداء «إلهي» أربعًا وثلاثين مرة دون ملل أو اكتفاء. يتوجه إليه بالطلب والرجاء بدلًا من التحقيق، والاستجداء بدلًا من الأداء. ليس بها أية أدلة نقلية من قرآن أو حديث أو شعر أو استشهاد بقول صوفي. ولا يوجد أي تحليل نظري أو دليل عقلي، بل مجرد ابتهالات وأدعية وتمنيات.
(و) «النور الضاوي في الحكم ومناجاة الشيخ العلاوي» لأحمد المستغانمي (١٣٥٣ﻫ)٣١
(٢) القصص الرمزي
(أ) «رسالة الطير» للغزالي (٥٠٥ﻫ)٣٥
(ب) «حي بن يقظان» للسهروردي (٥٨٧ﻫ)٤٠
(ﺟ) «منطق الطير» لفريد الدين العطار (٦٢٧ﻫ)٤٣
(د) «برقمة البلبل» للرواس (١٢٨٧ﻫ)٥٦
(ﻫ) «صوت الهزار وزيق الفداء» لأبي الهدى الصيادي (١٣٢٨ﻫ)٦٠
(و) رسائل ابن عربي (٦٣٨ﻫ)
(١) «حكاية إبليس»٧١
(٢) «عنقاء مغرب»٧٥
(٣) «المعلوم من عقائد أهل الرسوم»٨٦
وهي أشبه بالغربة الغريبة أو الغربية للسهروردي. فقد اجتمع أربعة نفر من العلماء تحت خط الاستواء في قبة أرين في وسط الأرض بالهند، مغربي ومشرقي ويماني وشامي ممثلين للاتجاهات الأربعة، الغرب والشرق، والجنوب والشمال. وتناقشوا في العلوم، وأنها تعطي السعادة الأبدية. عند المغربي هو العلم القائم الحاصل، وعند الشرقي العلم بالحامل والمحمول، وعند الشامي علم الإبداع والتركيب، وعند اليماني علم التخليص والتركيب الذي لا يُعرف إلا بالإمام. ولا تنتهي الرسالة إلى رأي صحيح أو راجح. ويعتمد على التنظير العقلي الخالص باستثناء حديث واحد عند المغربي «كان الله ولا شيء معه» والاستشهاد بالأشعرية مرة واحدة.
(٤) «الاتحاد الكوني في حضرة الاستشهاد العيني»٨٧
(٣) الشعر الصوفي
وقد يكون الشعر الصوفي تصوفًا نظريًّا من حيث الشكل إلا أنه كذلك من حيث المضمون. فالتجربة الصوفية أساسًا تجربة شعرية ذات مضمون إلهي عن المحبة أو الوجود. فقد أخذ التصوف النظري أشكالًا أدبية مختلفة كوسائل التعبير منها الشعر والقصة. وقد عبر الصوفية السابقون عن بعض تجاربهم شعرًا مثل رابعة والحلاج ولكن شعراء الصوفية هم الذين اكتفوا بالشعر دون النثر مثل ابن الفارض والبوصيري. في حين جمع البعض بين الشعر والنثر مثل ابن عربي والتلمساني وعبد الكريم الجيلي.
(أ) «ديوان الحلاج (٣٠٩ﻫ)»٩٢
(ب) «البردة» للبوصيري (٦٠٨ﻫ)١٠٠
وهي نموذج من الشعر الصوفي. نظم بإلهام في ليلة واحدة. أثارت خيال الشعراء كي ينسجوا مثلها كما حدث في نهج البردة لشوقي. تنبع من آثار «الحقيقة المحمدية» في الاحتفال بالمولد النبوي. وتبدأ بشعر الطبيعة قبل أن تنتهي بالحب الإلهي. وتتكون من مائة وستين بيتًا في موضوعات متعددة مثل التحذير من هوى النفس قبل مدح النبي، ووصف سيرته العطرة ابتداء من مولده، ثم معجزاته، ثم شرف القرآن الكريم، ثم الإسراء والمعراج، ثم جهاده، ثم شفاعته والتوسل به، ثم مناجاته وعرض الحاجات عليه. فهو طوق النجاة للغارقين، وتلبية طلب المحتاجين إذا ما انسدت الطرق، وعجزت الحيل، وضعفت القدرات.
(ﺟ) ديوان ابن الفارض (٦٣٢ﻫ)
(د) دواوين ابن عربي (٦٣٨ﻫ)
(١) ذخائر الأعلاق شرح ترجمان الأشواق١٠٢
(٢) الديوان١١٦
والشكوك حول صحة نسبة الديوان قضية تاريخية استشراقية. ما يهم هو دلالتها على الشعر الصوفي بصرف النظر عن مؤلفه. فالعمل مستقل عن صاحبه. وقد تستطيع الدراسة الأسلوبية توضيح هذه النسبة إيجابًا أم سلبًا.
(ﻫ) «مثنوي» جلال الدين الرومي (٦٧٢ﻫ)١٤٥
(و) ديوان عفيف الدين التلمساني (٦٨٨ﻫ)١٥٠
(ز) ديوان البرعي (٨٠٣ﻫ)١٥٢
(ح) قصيدة «النادرات العينية» لعبد الكريم الجيلي (٨٢٦ﻫ)
(ط) ديوان العارف بالله تعالى سيدي محمد البوزيدي المستغانمي (١٢٢٩ﻫ)١٦١
ويتضمن خمس عشرة قصيدة. موضوعها المحبة مثل ابن الفارض وبعض الموضوعات الخلقية الأخرى. فالتصوف الخلقي طريق إلى التصوف النظري أي التوحيد.
(ي) «ديوان آيات المحبين في مقامات العارفين» للعارف بالله الشيخ عدة بن يونس المستغانمي١٦٢
ويتكون من ست وأربعين قصيدة. موضوعاتها رموز الحب مثل الشراب والعطش والسكر وما يتلوها من مشاهدة وقدر الوطن والقرية والهجر، والغزل في مصر.
(ك) «القول الحق في مدح سيد الخلق» للنبهاني (١٣٥٠ﻫ)١٦٣
وهو نظم في مدح الرسول. ويدخل من حيث المضمون في مدح الرسول أي في الوعي العملي في العودة إلى عالم السيرة، وتشخيص الرسول وتجسيمه في الحقيقة المحمدية. وهو ما طبع العقلية المعاصرة بطابع المديح لغير الرسول، حكام ووزراء وقادة ومسئولين. ويخلو النظم من الآيات والأحاديث وأقوال الصوفية.