الأصول الشرقية للعلم اليوناني
«إن الكلام عن معجزةٍ يونانية ليس من العلم في شيء؛ فالقول بأن اليونانيين قد أبدعوا فجأة، ودونَ سوابق أو مؤثِّرات خارجية، حضارةً عبقرية في مختلِف الميادين ومنها العلم، هو قولٌ يتنافى مع المبادئ العلمية التي تؤكِّد اتصال الحضارات وتأثُّرَها بعضها ببعض.»
ساد لفترةٍ طويلة زعمُ كثيرٍ من المفكِّرين والمؤرِّخين والعلماء والفلاسفة الغربيين أن اليونانيين هم مبدعو الفلسفة والعلم والأخلاق والاجتماع والسياسة والفن، وأنهم أول مَن قعَّدوا القواعد وقنَّنوا القوانين في العلوم كلها، مثل الرياضيات والميكانيكا والكيمياء والفلك، وأن الشرقيين — بزَعْمهم — قد اقتصروا في تعاطيهم العلومَ على الأغراض العملية فقط، على عكس اليونانيين الذين أحبُّوا العلم لذاته لا لأغراضه. وفي هذا الكتاب يؤكِّد الأستاذ الدكتور «محمود محمد علي» على خرافيَّة هذا الزعم، وأن العلوم اليونانية لها أصول شرقية عميقة مستمدَّة من مصر وبابل وغيرهما، وينتهي إلى إقرار حقيقة التأثير والتأثُّر بين الحضارات، بعد أن يَسوق العديدَ من الأدلة على نقض فكرة المعجزة اليونانية القائمة على التعصُّب الأعمى الذي يُخفي الحقائق.