إلى النائب
جاء دورك يا سيدي الكريم. القبة معدة لتجلس تحتها سعيدًا، والعز لله، فلا تنسَ أنك خادم الشعب، هلل أنصارك وما زالوا يهللون، ولا أخالك تجهل ما تخبئ لك الأيام تحت التهاني الحارة والهتاف الحاد بحياتك وحياة المرحومين آبائك وجدودك!
غدًا أو بعد غد تعود إلى أعتابك هذه الجماعات فرادى وثني، ولكل واحد مطلب ومأرب فلا تغلق بابك بوجوههم، ولا تكن حاتمي الوعود. احذر لفظة «تكرم» وعلى رأسي قبل عيني، سلم رأسك وعينك، ووقاك الله مصيبة كافور الذي جعله شاعره سخرية الأجيال.
أنت لبناني فلا تنس ما جاء في المثل: وعد بلا وفا عداوة بلا سبب، فما لك والوعود؟ احذرها لئلا تسمع الآية: مَتَىٰ هَٰذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ.
في الكلام المأثور: وعد الحرِّ دين، فكن ذلك الرجل لئلا يشطب اسمك من جدولهم، وأنت أدرى بعواقب «الشطب» لأن طعمه ما زال تحت أضراسك … قال الشاعر:
لا تحسبن الشعب مغفلًا، أما امتدحت «وعيه» حين انتخبك فكيف تنسى! كثيرًا ما سمعته يحدث بعضه بعضًا: إذا كان فلان وعدك نم على صوف، أما إذا كان وعدك فلان انتظر يا كديش … فلا تجعل الناخب ألعوبة تتلهى بها، لا تخرب بيته بوعودك الكمونية فخير من الأمل الكاذب يأس مريح. دعه يفتش عن رغيفه في غير معجنك.
ليتك تسمع مني وتعيِّن موعدًا لاستقبال الملتجئين إليك، ولا تقتلهم صبرًا في قاعة الانتظار. إن صاحب الحاجة أرعن فافتح له بابك الآن ليفتح لك قلبه غدًا، واصرفه بالتي هي أحسن إذا كنت غير مستطيع.
إياك والقول له: غدًا، ارجع بعد جمعة. لا تقل له: القضية انتهت وهي لم تبتدئ بعد، فحبل الكذب قصير.
إني لأعذرك فيما أعنِّفك، بل أرثي لبلواك، فكل من ألقى ورقة في صندوقة يحسب أنه هو الذي أوصلك، فنصيحتي لك، وخصوصًا متى صرت «صاحب معالي» أن تجعل همك المصلحة العامة؛ لأنك لا تستطيع إرضاء كل فرد، الظلم بالسوية عدل في الرعية.
كثيرون منا لا ترضيهم كلمة لا، يريدون أن تقول لهم: نعم، ولو كنت كاذبًا، فعلمهم — وهذا خير ما تعمل — أن الكلام يكون إما نعم نعم، أو لا لا.
الوصول يا حضرة النائب هيِّن، أما الإرضاء فمشكلة المشاكل.
أسأل الله لك العون على الأعوان وعدم «الحلِّ» قبل الأوان!