ويسألونك عن الساعة
كان الشيخ سليم ناصر البيروتي إمامًا ظريفًا، النكتة على طرف لسانه فلا تواتيه فرصة حتى يرسل أفاعيه ولا يبالي، وبلغ خبره والي بيروت فجعله إمامًا له.
ووعده الوالي يومًا بساعة ذهبية، ولكنه ماطل ولم يبر بالوعد، وكان إذا ذكَّره الشيخ بها قال الوالي: الله مع الصابرين. وهكذا حال الحول، وظل الشيخ ناصر بلا ساعة، وأطل رمضان شهر الصلاة والصوم، فلزم الشيخ بيت الوالي، وابتدأت التراويح، وخيال الساعة يروح ويجيء أمام عيني الشيخ، فعزم على أن يقذف إلى الساحة بجميع ما عنده من قوى وعتاد.
ولكي تطيب لك النكتة يجب أن تعلم أن التروايح مفردها ترويحة، والترويحة اسم للجلسة التي تلي الأربع ركعات، والتراويح خمس جلسات، فيكون مجموعها عشرين ركعة، وعلى الشيخ أن يتلو آية من آيات كتاب الله العزيز في كل ترويحة.
قال الشيخ في الترويحة الأولى: يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا * فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا * إِلَىٰ رَبِّكَ مُنتَهَاهَا.
وتلا في الترويحة الثانية: إِنَّ اللهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ، وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً.
ولما قال في الترويحة الثالثة: فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً ۖ فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا، تنبه الوالي وأدرك أن شيخه يعني ما يقول.
ثم قال في الترويحة الرابعة: بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ ۖ وَأَعْتَدْنَا لِمَن كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا.
فعبس الوالي عند سماعه كذبوا وسعيرًا.
وكانت الترويحة الخامسة والأخيرة فقال الشيخ: يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ ۖ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللهِ ۚ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا.
وانفتل الشيخ سليم من صلاته لتقع عينه على الوالي يفك ساعته الثمينة من سلسلتها، فالتقفها الشيخ وهو يقول: أفندم، العصفور وخيطه.
فانتزع الوالي السلسلة الذهبية من عروة صديريته وهو يقول: عفارم خوجه …
بلا تعليق.