ويسألونك عن القرية
قل عليها الغرم وللزعماء الغنم.
قل منشقة شطرين يقتتلان ولا يعلمان لماذا.
غنم كلها صفَّروا لها هرولت، حتى إذا ما رغت وثغت زربت إلى حين الحاجة …
القرية بضاعة معدة تعرض في الساحات والشوارع، ومتى قضوا منها وطرًا أعادوها إلى زرائبها.
أنعام طيعة مروضة، لا تعض ولا تلبط ولا تحزن.
ميتة حيَّة من قلة الموت، لا زرع ولا ضرع، ولا ضياء ولا ماء، ولا طبيب ولا دواء.
عاجزة حتى عن الاستغاثة حين يزورها عزرائيل.
بلهاء يتناحرون من أجل من لا يقيم لهم وزنًا إلا ساعة تخف موازينه.
القرية عروس يتغزل بها المتزعمون ليتزوَّجوا سواها.
لا تنال القرية حقها إلا يوم يصير الموظفون العاملون من أبنائها، فيحسون بآلامها وبلاياها.
أما الموظف الذي عنده كل شيء: الماء جار في غرفته، والضوء تحت أصبعه، وسماعة التليفون حد مخدته، والسيارة قدام بابه، فكيف يحس بشقاء القرية؟!
لو قعد هؤلاء المنعمون محلنا يومًا واحدًا لأحسوا ما نحس من ضيق وضنك.
إنهم غرباء عن أورشليم، لا همُّ لهم غير حك جلدهم.
يقول هؤلاء: تخمت العاصمة وبشمت، وكادت القرى أن تمسي خاوية خالية.
ولماذا لا تخلو! فلولا ما فيها من هدوء وسكون، وطيب هواء من كان يسكنها ساعة؟
إن أقصى الرعب أن يكون لك في القرية بيت ولا تستطيع سكناه خوفًا من عارضٍ مفاجئ.
الخوف والجهل والعوز ضيوف القرية الثقلاء، فهل بقي أمامنا غير الرحيل؟