أترسون يفحص الخطاب
شق أترسون طريقه إلى مكتبه. كانت كل الأحاديث التي تدور في الشوارع — بل في المدينة بأكملها بشأن هذا الأمر — حول مقتل سير دانفرز كارو. فجأة أصبح الجميع على دراية باسم إدوارد هايد. لقد كان عسيرًا على أترسون أن يتفجع على شخص فيما هو يستبد به القلق على شخص آخر. كان عقله غارقًا في الأسئلة والمخاوف. غشي الضباب المدينة، فلم يعد بمقدور أي شخص أن يرى من مكانه الزاوية المقابلة. بدت لندن مثل حساء رمادي ثخين. رأى أترسون أن هذا المناخ يعبر عن مزاجه؛ إذ لم يعد شيئًا واضحًا البتة، وهو لا يفهم أي شيء.
أظهر مساعد أترسون، مستر جست، تعاطفه حالما دخل المحامي من الباب.
قال جست: «يا لشناعة ما ألم بالسير دانفرز!»
أجاب أترسون: «نعم، إنه أمر بغيض بحق. هذا الذي يُدعى هايد مجنون بلا شك.»
تشارك كل من أترسون وجست العديد من الأسرار؛ فطبيعة عملهما اقتضت وجود قدر هائل من الثقة بينهما، وقد ناقشا بالفعل مسألة «هايد» وعلاقته بدكتور جيكل، وكان جست قد شارك أترسون العمل في إنهاء إجراءات الوصية الغريبة. وتمنى المحامي أن يجد عند جست وجهة نظر مختلفة بشأن الخطاب. وأخبر مساعده بشأن زيارته لدكتور جيكل والرسالة التي تركها هايد.
قال أترسون: «بحوزتي ورقة الآن مكتوبة بخط يد القاتل.»
قال جست: «هل لي أن ألقي نظرة عليها؟»
أجاب أترسون: «رجوت أن تسدي إلي نصيحة من نصائحك الفنية المخضرمة.» فقد درس جست فن كتابة اليد؛ إذ اعتقد اعتقادًا شديدًا في أن خط اليد يُنبئ بالكثير عن صاحبه. سلم أترسون الخطاب إلى جست وقال له: «ماذا يمكنك أن تخبرني عن هذا المدعو مستر هايد؟»
أمضى جست وقتًا طويلًا في فحص الرسالة، وأخيرًا رفع رأسه من فوق المكتب وقال: «حسنًا، سيدي، لا أظنه مجنونًا، لكن بلا شك هذا نمط كتابة غريب.»
قطع الساعي حديثهما حيث وضع المراسلات الصباحية على مكتب جست ثم غادر. بدأ أترسون يفرز الخطابات.
قال جست: «سيدي، هل هذا خطاب من دكتور جيكل؟» أجاب أترسون بأنه كذلك. فتعجب جست قائلًا: «لقد ظننت ذلك، لقد عرفته من خط اليد. هل هذا جواب شخصي؟»
فتحه أترسون في عجالة إذ أربكته أسئلة مساعده المثيرة، وقال: «لا. إنها دعوة عشاء.»
سأله جست: «هل تمانع إذا ألقيت نظرة عليه بالمثل؟»
وضع المساعد الورقتين جنبًا إلى جنب على المكتب، وفحص كليهما بعض الوقت.
سأل أترسون: «لماذا تقارنهما؟» وكان يساوره الفضول والضجر معًا من تصرفات مساعده.
أجاب الموظف: «حسنًا يا سيدي، ثمة الكثير من التشابه بينهما. من جوانب عدة كلا النمطين متطابق. كل ما هناك أن هناك اختلافًا في الميل.»
قال أترسون: «هذا غريب!»
قال المساعد: «بل غاية في الغرابة يا سيدي.» وتبادل الرجلان النظرات، ولم يكونا على يقين ماذا يعني كل هذا، لكنهما كان على دراية بأنه أمر خطير.
قال أترسون: «لن أخبر بشأن هذه الورقة كما تعلم.»
رد جست: «لا يا سيدي. أتفهَّم الأمر.»
في تلك الليلة وضع أترسون الورقة في خزنته بالمنزل، إذ رأى أنه من الأفضل ألا تقع في أيدي أي شخص آخر. فكر أترسون: «ما ظننت قط أنه يمكن أبدًا أن يزور هنري جيكل ورقة من أجل قاتل!» ارتعدت فرائص أترسون.