شقة مستر هايد
اصطحب أترسون الشرطة إلى شقة هايد في حي سوهو. في تلك الأثناء كانت الساعة قد بلغت التاسعة صباحًا. وكانت الشوارع مكتظة بالناس، أما الشارع الذي يقطنه هايد فقد كان مليئًا بالمتاجر المغلقة والمباني المتهالكة. ووقف بأعتاب الأبواب الأطفال يرتدون الأسمال البالية، وكان الشحاذون يشحذون في زاوية الشارع. تعجب أترسون مرة أخرى كيف يمكن لدكتور جيكل أن يلتقي رجلًا من هذه المنطقة. ذكره هذا أيضًا كم لا بد أن يكون هايد راغبًا في أن يرث ثروة جيكل، فبالطبع سيتيح له هذا فرصة الانتقال بعيدًا عن سوهو.
قرع أحد ضباط الشرطة الباب، ففتحت الباب امرأة يغطي الشيب شعرها وملأت التجاعيد وجهها الجامد. سأل الشرطي هل هذا منزل مستر إدوارد هايد. أجابت المرأة بأن هذا منزله لكنه غير موجود.
قالت المرأة: «إنه لا يمكث هنا دائمًا، في الواقع، كانت البارحة هي أول ليلة أراه فيها منذ أشهر.» وكانت المرأة مرتبكة من مجيء الشرطة. ماذا عساهم يريدون من مستر هايد؟ واستنتجت المرأة أن ثمة شيئًا مثيرًا قد حدث. لعل هايد ارتكب جريمة. ولم تنتظر المرأة حتى تسمع التفاصيل، فقد بدأت بالفعل تحدد ما الذي ستقصه على مسامع جيرانها. أضافت المرأة: «غير أنه مكث هنا قرابة ساعة واحدة فحسب.»
سأل أترسون: «أيمكننا أن نرى شقته؟»
نظرت المرأة إلى المحامي — ورجال الشرطة من ورائه — وقادتهم داخل المبنى وقالت: «لطالما شككت أن هذا الرجل سوف يسبب المتاعب. ماذا فعل؟»
تبادل أترسون ورجال الشرطة النظرات، لكنهم لم ينبسوا ببنت شفة، ثم تبعوا المرأة لأعلى إلى شقة هايد. اندهش أترسون من الدفء الشديد الذي تتميز به شقة هايد؛ اتسمت الشقة بالذوق العالي والفخامة البالغة، فقد ملأت التحف الفنية الجدران ورف المدفأة، وميز أترسون العديد من أعمال الفنانين وأدرك أن اللوحات كانت باهظة الثمن. رأى أترسون أن دكتور جيكل ساعد في تزيين المكان، فهو يفهم الفن جيدًا، وكان السجّاد يدوي الصنع. والستائر مصنوعة من القماش الثقيل الداكن. لاحظ أترسون أيضًا الأطباق الخزفية والكريستال في أنحاء الشقة. وما كان ليتخيل قط أن هايد من نوعية الأشخاص الذين يمكن أن يستخدموا مثل هذه الأطباق.
كانت الشقة في حالة من الفوضى، الملابس مبعثرة على الأرض، والأدراج مفتوحة ومقلوبة، ورماد الأوراق المحترقة مؤخرًا تملأ المدفأة. تفقد رجال الشرطة البقايا وعثروا على جزء من دفتر شيكات. ومن حسن الحظ أنهم تمكنوا من قراءة معلومات الحساب. فقد كان اسم «مستر إدوارد هايد» مكتوبًا بوضوح.
قال أحد ضباط الشرطة: «هذا سوف يقودنا إليه. لدينا كل المعلومات المصرفية هنا، بمقدورنا أن نكمن له ونباغته عندما يحاول أن يسحب المال.»
تعجب أترسون وقال بصوت مرتفع: «من اللامبالاة الشديدة أن يترك هذه المعلومات وراءه.» ومع أنه التقى مستر هايد مرة واحدة فحسب، فإنه لا يظن أنه من نوعية الأشخاص كثيري النسيان على هذا النحو. بدا هايد مراوغًا للغاية عندما التقيا. فكر أترسون في نفسه: «لا بد أنه كان في عجالة شديدة.»
هزّ ضابط الشرطة كتفيه وقال: «المهم هو أننا تمكنا منه، لن يفلت مستر هايد من أيدينا.» كانت الشرطة على قناعة من أن القضية كادت تنتهي في الحال. وتوقعت أن هايد قطعًا سيكون طريح السجن في اليوم التالي.
قال أترسون: «أتمنى أن تكون على صواب. لن يسعدني شيء أكثر من أن أرى نهاية مستر إدوارد هايد.»