لمحة تاريخية
(١) محمد
وُلِدَ مُحَمدُ بن عَبْدِ الله بن عبد المُطلِب الهاشِمِي القُرَشي في مكة في سنة ٥٧٠م، وأُمه آمنة بنت وَهْب بن عبد مَناف من قريش، وكانت حاملًا به لما توفي زوجها — أبوه — ولم يترك لهما من المال إلا خمسًا من الإبل، وقطيعًا من الغنم، وجارية. فكفل الصبيَّ جَدُّهُ عبد المطلِب. ثم ماتت أُمه، ومات جده، فكفله عمه أبو طالب والد علي، وكان قليل المال كثير العيال، فنشأ محمدٌ يتيمًا في كنف عمه، حتى إذا بلغ الخامسة والعشرين من عمره تزوج خديجة بنت خُوَيْلد، وهي في الأربعين من عمرها، وكانت من أغنياء قريش وأشرافهم، فأمدته بمالها فأيسر واتسعت حاله.
وكان يميلُ إلى العُزلة، ويذهب إلى غارٍ قرب مكة يسمى غار حِرَاء، فينفرد فيه متعبدًا، وبينا هو نائم ذات ليلة في الغار، نزل عليه الوحي، وكان قد بلغ الأربعين، فأخبر زوجه خديجة بما رأى، فسارعت إلى قبول دعوته، ثم تبعه بعدها ابن عمه علي بن أبي طالب، وأبو بكر.
ثم علم أن قومه يريدون الإيقاع به، فهاجر من مكة إلى يثرب مستخفيًا، فلقي في يثرب من أهلها قبيلتي الأوس والخزرَج أتباعًا يناصرونه فسُموا الأنصار، وسُمي الذين هاجروا مع النبي المهاجرين، وسُميت يثرب المدينة، أي مدينة الرسول، ومن ذاك التاريخ يبتدئ التاريخ الهجري، أي سنة ٦٢٢م.
وساءَ القُرَشيين أن ينجوَ النبي ويحتمي في يثرب، ويلاقي هناك أنصارًا، فناصبوا أهلها العداء، وقابلهم هؤلاء بالمثل، فقطعوا الطرق على قوافلهم، فابتدأت الغزوات يتبع بعضها بعضًا، وكان النصر في أكثرها حليف المسلمين، حتى فُتَّ في عَضُد المشركين، فغزا النبي مكة بعشرة آلاف مقاتل فافتتحها سلمًا في سنة ٦٣٠م /٩ﻫ، ووقعت قريش في يده، فأمنهم وأسلموا. ثم دخل الكعبة وأزال ما بها من أصنام وصور وتماثيل، وأخذ العرب يدخلون في الإسلام أفواجًا بعد أن أسلمت قريش وهي صاحبة الزعامة هناك، فتم النصر للنبي، وبني حجر الزاوية في الوحدة العربية الإسلامية، وظل يسوسها حتى قُبِض يوم الإثنين في ١٢ ربيع الأول سنة ١١ﻫ/٨ حزيران سنة ٦٣٢م، وكانت وفاته بالمدينة، وفيها قبره.
(٢) الخلفاء الراشدون — أبو بكر
اختلفت الصحابة بعد موت الرسول فيمن يبايعونه بالخلافة، فأبَى المهاجرون من قريش إلا أن يكون الخليفة منهم، وأبَى الأنصار عليهم ذلك، وقالوا: «منا أمير ومنكم أمير.» واشتد النزاع حتى كادت تقع الفتنة، فقال لهم أبو بكر: «منا الأمراء ومنكم الوزراء، وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين: عُمَر بن الخطاب وأبا عُبيدة بن الجراح.» فقام عمر وبايع أبا بكر، وبايعه أبو عبيدة؛ وبايعه الناس. فقال الأنصار: «لا نبايع إلا علي بن أبي طالب.» وكان علي قد تخلف عن المبايعة، وتخلف معه بنو هاشم، والزبَيرُ بن العَوام، وطلحة بن عُبَيد الله. فما زال بهم عمر بن الخطاب حتى حملهم جميعًا على مبايعة أبي بكر، فاستتب له الأمر. ثم ارتدت أغلب قبائل العرب عن الإسلام، فحاربهم حتى خضد شوكتهم، وأرجعهم إلى الدين، وفي أيامه افتتح خالد بن الوليد العراق، وضرب الجزية على أهله، ومات أبو بكر وجيوش المسلمين تحارب الأروام في اليرموك من أرض فلسطين. قيل: إنه مات مسمومًا في طبخة أرز، وقيل: بل استحم في يوم شديد البرد فحُمَّ ومات، وكانت خلافته من ٦٣٢–٦٣٤م/١١–١٣ﻫ.
(٣) عمر بن الخطاب
وكان قد أوصى بعده بالخلافة لعمر بن الخطاب فبويع بها، وعلى عهده تم فتح اليرموك والقدس ودمشق وفارس ومصر، ومات عمر مقتولًا، قتله فَيروز أبو لؤلؤة غلام المُغيرة بن شُعبة من أجل خراج درهمين لم يعفه منهما عمر؛ لورعه وحرصه على بيت المال، وكانت خلافته من ٦٣٤–٦٤٤م/١٣–٢٣ﻫ.
(٤) عثمان بن عفان
وكان عمر قد جعل قبل وفاته مجلس شورى للخلافة من ستة أشخاص، بينهم علي بن أبي طالب، وعثمان بن عفان، فتشاوروا فيما بينهم وبايعوا عثمان بعد جدال.
وعلى عهد عثمان فُتحت إفريقية وقبرص، لكنه لم يكن محبوبًا لحصره ولايات الحكم في أقربائه، فطلب منه الناس أن يعتزل فأبَى، فحاصروه في داره أربعين يومًا، ثمّ تسلَّق محمد بن أبي بكر مع رجلين حائط قصره، فقتلوه بالحراب والعمد، وكانت خلافته من ٦٤٤–٦٥٥م/٢٣–٣٥ﻫ.
(٥) علي بن أبي طالب
ثم بويع علي بن أبي طالب، فتخلَّف عن مبايعته بنو أُمية أقرباء عثمان، وبعض الصحابة، وكان علي من الأبطال المغاوير والفرسان المعدودين، ومن أفصح العرب وأخطبهم، وأتقى الناس وأورعهم، ولكنه لم يكن موفقًا في الخلافة، لأنه لم يعرف أن يداهن في سياسته، وكانت عائشة زوج النبي تؤلب على عثمان وتطعن فيه رغبة منها في طلحة، فلما بويع علي ولم يبايع الناس طلحة، صرخت: «وا عثماناه! ما قتله إلا علي.» وعلم بالأمر طلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وكانا بايعا عليًّا، فرجعا عن مبايعتهما وانضما إلى عائشة، يناصبان معها ابن أبي طالب العداء.
ولم يكن معاوية يومئذ يطمع في الخلافة، ولكنه توقع العزل عن ولاية دمشق فآلمه الخطب، فجاهر بعداء علي، وألف حزب «العثمانية» من أقرباء عثمان للمطالبة بدم الخليفة «الشهيد» أو «المظلوم».
وذهب بنو أمية وعائشة ومحازبوهم إلى البصرة، فنتفوا لحية ابن حنيف أميرها، فجاء المدينة وقال لعلي: «بعثتي ذا لحية وقد جئتك أمرد.» قال: «أصبت أجرًا وخيرًا.»
(٦) واقعة الجمل
(٧) واقعة صفين
(٨) التحكيم
وأقام معاوية عنه حَكمًا عمرو بن العاص، وهو داهية مثله، واقترح علي على أصحابه أن يقيم حكمًا أبا موسى الأشعري، وكان قصير الرأي، فأقامه علي على غير رغبة منه. فأُخلي للحكمين مكان يجتمعان فيه مدة ثلاثة أيام، فأقبل عمرو بن العاص على أبي موسى بأنواع من الطعام يشهيه بها، حتى إذا استبطن أخذ يقنعه بأن يخلع عليًّا وهو يخلع معاوية، فتنجو الأمة من الفتنة، وتحقن الدماء. فرضي أبو موسى بذلك، على أن يُبايَع بالخلافة عبد الله بن عمر بن الخطاب.
ولما كان يوم التحكيم، اجتمع القوم على مقربة من مكان يُعرف بدُومة الجَندَل، فقام أبو موسى فخلع عليًّا، ولكنَّ ابن العاص لم يُسقط معاوية كما وعد وأقسم، بل أثبته في الولاية على دمشق، وأجاز له حق المطالبة بدم الخليفة الشهيد. فاضطرب جيش علي لهذا الحكم وأبَى علي أن يذعن له، وأراد استئناف القتال، ولكن شغله أمر الخوارج من جيشه.
(٩) الخوارج
(١٠) مقتل علي
وبويع الحسن بن علي في الكوفة بعد مقتل أبيه، ولكنه تنازل لمعاوية نفورًا من الحرب، وكانت مدة خلافته خمسة أشهر: من ٦٦١-٦٦١م/٤٠-٤١ﻫ.
(١١) الخلفاء الأمويون
وظلَّت الخلافة في بني أمية من سنة ٦٦١–٧٥٠م/٤١–١٣٢ﻫ. فتعاقب عليها منهم أربعة عشر ملكًا، أولهم معاوية، وآخرهم مروان بن محمد بن مروان بن الحَكَم الملقب بالحمار لصبره على الأعمال. ثم انتقلت إلى بني العباس.