عكازة رامبو
«أين ذهب الشعراء؟ يا إلهي … كلُّهم خذلتهم الطبيعة، عيونُه الزرقاء غزيرة بالدمع تشهق، أقدامه معطَّلة. أين دانتي إذَن يَعبر الجحيم طائرًا ببوصلةٍ وأدعية، ويفك نصوصَ النَّول بيدَين ناحلتَين؟»
كان لتجرِبة الشاعر الفرنسي «آرثر رامبو» تأثيرٌ كبير على تجرِبة «خزعل الماجدي» الشعرية والذاتية؛ إذ كان عاشقًا لشِعر «رامبو» وسِيرته التي ساهمَت في إضاءة بصيرته، وظلَّ أسيرًا لهذا العشق. وقد شاءت الأقدار أن يذهب «الماجدي» عام ١٩٨٩م في سَفرة علمية إلى الحبشة التي قضى فيها «رامبو» أغلبَ حياته تاجرَ عاجٍ وأسلحةٍ ورقيق. وهناك تحرَّك الحب الدفين بقوة، ووجد الشاعرُ نفسَه في لُجج «رامبو» المُعذَّب الشَّقي، وبدأ بمراقَبته متلصِّصًا على نهاره وليله ليكتشف تقاطُعَ سِيرتهما معًا؛ فكلاهما في المكان والمهمة غير المناسبَين؛ «رامبو» في أعماقِ عملٍ تجاري لا يؤمن به، و«الماجدي» في ندوةٍ علمية عن الطاعون البقري لا يَأبه بها. يبدأ «الماجدي» في صياغة هذا التقاطع المدهش في ديوانه «عكازة رامبو» الذي بدَّل فيه الأدوار؛ فيرى أن «رامبو» كتَب سبعة كتُب صغيرة، وسيكتب هو بعكازة «رامبو» كتابَه الثامن الكبير.