البدو
اندفع حشد ثائر من آلاف البدو عبر شوارع العريش بشبه جزيرة سيناء في أكتوبر/تشرين الأول عام ٢٠٠٧، ممزقين صور مبارك ومحطمين أثاث الفرع المحلي للحزب الوطني الديمقراطي، ومحرقين أطر السيارات في الشوارع، وملقين الحجارة ومطلقين الرصاص في الهواء ومحطمين نوافذ المحال. وأخيرًا، استخدمت قوات الشرطة القنابل المسيلة للدموع لفض هذه الاحتجاجات. وأكدت وسائل الإعلام الرسمية أن تلك الاضطرابات وقعت نتيجة لاندلاع نزاع بين قبيلتي الترابين والفواخرية البدويتين، بعد حادثة إطلاق نار أصيب فيها ثلاثة أشخاص أثناء مغادرتهم لأحد المساجد بعد الصلاة. وصف محافظ العريش تلك الواقعة بقوله إنها «حادثة محلية منفردة» ونقلت الصحافة الرسمية في حينه أن قبيلة الترابين كانت فقط غاضبة من فشل الحكومة في حمايتها من قبيلة الفواخرية. لكن منظمة شهيرة مستقلة غير هادفة للربح بالولايات المتحدة تدعى إنترناشيونال كرايسيس جروب ذكرت في تقرير مذهل صدر في يناير/كانون الثاني عام ٢٠٠٧ عن الوضع في سيناء؛ أنه بعد أسبوعين فحسب قام مئات من البدو بقطع الطريق الرئيسي المؤدي إلى مدينة شرم الشيخ بإطارات سيارات محترقة ومتاريس من الأحجار؛ احتجاجًا هذه المرة على إزالة عشرين منزلًا زعمت السلطات أنها بنيت بلا تصاريح. وبعد بضعة أيام اندلعت المزيد من احتجاجات البدو في العريش مطالبة بإطلاق سراح بعض سجناء البدو الذين زعموا أن بعضهم اعتقل بلا محاكمة منذ عام ٢٠٠٤، عندما وقعت في مدينة طابا هجمات إرهابية كانت بمنزلة شرارة الانطلاق لسلسلة من التفجيرات في منتجعات البحر الأحمر المبهجة التي تمثل جزءًا هامًّا من قطاع السياحة في مصر، وإشارة إلى عودة الإرهاب إلى مصر من جديد بعد سبع سنوات من الهدوء.
•••
تتمتع مدينة طابا بالكثير من الملامح الجذابة الساحرة، إذ يجري إعداد الكثير من الفنادق الرائعة الجديدة بها جزءًا من خطة مصرية لإنشاء شاطئ شبيه بشاطئ الريفييرا على طول خليج العقبة لاستقبال موجة جديدة من السياح الأوروبيين والإسرائيليين الأثرياء الذين تحرص الدولة على تلبية متطلباتهم: انتقلت شركات المقاولات إلى المدينة لبناء مجمعات سكنية متكاملة بها ألعاب مائية وتصميمات أندلسية، مما أطاح بالشركات المحلية القائمة. كان الأمر كله — بطريقة ما — عبارة عن تكرار لنفس القصة الحزينة التي حدثت في القاهرة بعد انقلاب عام ١٩٥٢. وفي أكتوبر/تشرين الأول عام ٢٠٠٤، اختار الإرهابيون هدفهم بعناية: فجروا أحد أبرز المواقع التي يقصدها السائحون؛ وهو ليس رمزًا معماريًّا لقطاع السياحة العالمي فحسب بل إنه أيضًا موقع الإقامة الذي يفضله السياح الإسرائيليون: فندق هيلتون طابا. أودى الهجوم بحياة أربعة وثلاثين شخصًا كان جزء كبير منهم إسرائيلي الجنسية. ثم وقعت تفجيرات أخرى في يوليو/تموز عام ٢٠٠٥ في أكبر منتجعات البحر الأحمر وأقدمها؛ منتجع شرم الشيخ، مما أسفر عن مقتل ثمانين شخصًا في ذروة الموسم السياحي. لكن أغلب القتلى كانوا من المصريين. ثم كان دور مدينة دهب التي وقعت فيها ثلاثة تفجيرات قتلت تسعة عشر مصريًّا. لكن ردة فعل القاهرة ظلت هي نفسها في كل مرة: اعتقالات جماعية — إذ يزعم أن الآلاف من البدو اعتقلوا وعُذب الكثير منهم — وتوجيه اتهامات غامضة إلى تنظيم القاعدة، من شأنها بالطبع أن تطرب آذان ممولي نظام مبارك في واشنطن.
وبعد تحقيقات مرتبكة، وجهت الحكومة المصرية الاتهام في نهاية الأمر إلى جماعة لم تكن معروفة من قبل تدعى جماعة التوحيد والجهاد. أوضحت إفادة حصل عليها المصريون من أحد زعماء الجماعة أنها بالدرجة الأولى جماعة فلسطينية إسلامية، وأن بعض من نفذوا الهجمات تدربوا في فلسطين (وكل قادة الجماعة قتلوا أو سلموا أنفسهم مما أضعفها إلى درجة قاتلة). ويذكر تقرير منظمة إنترناشيونال كرايسيس جروب أن هناك سببًا قويًّا يدعو إلى افتراض أن الهجمة الأولى كانت مرتبطة بفلسطين؛ بالنظر إلى كثرة ضحاياها الإسرائيليين، أما الهجمتين الثانية والثالثة فيدلان في الواقع على أن الإرهابيين يبعثون برسالة إلى نظام مبارك؛ فلعلها ليست مصادفة أن المواقع التي استهدفتها الهجمات بالدرجة الأولى في دهب تخص أحد سكان المنطقة الذين ساهموا بمبالغ كبيرة في حملة مبارك الانتخابية.
الوضع على أفضل تقدير فوضوي، ولا يزال يثير سؤالًا: لماذا تستهدف حملات القمع التي تقوم بها القاهرة بدو سيناء بالأخص؟
•••
تغطي شبه جزيرة سيناء مساحة ٦١٠٠٠ كيلومتر مربع، وتمتد من شاطئ البحر المتوسط إلى خليج السويس وخليج العقبة، مشكلة إقليمًا حدوديًّا عند نقطة التقاء قارتي أفريقيا وآسيا. وقد ظلت دائمًا حاجزًا استراتيجيًّا يفصل بين وادي النيل وجيران مصر الشرقيين. وظلت السيطرة على سيناء حيوية منذ عهد محمد علي في بداية القرن التاسع عشر؛ ومن اللحظة التي بدأ فيها إعلان استقلاله عن سادته العثمانيين ببناء دولة ذات حكم مركزي وتعيين حدودها. ثم أصبحت المنطقة بافتتاح قناة السويس عام ١٨٦٩ مركزًا لمحاولات الدول الأوروبية للسيطرة على التجارة بين البحر الأحمر والبحر المتوسط. في معاهدة طابا الأولى التي عقدت عام ١٩٠٦، نجح البريطانيون — الذين فرضوا الانتداب البريطاني على مصر منذ عام ١٨٨٢ — في ضم شبه جزيرة سيناء رسميًّا تحت الحماية البريطانية على مصر، ووضعوا الحد الفاصل بين مصر وفلسطين. ومنذ تلك اللحظة، أدار الجيش البريطاني شئون شبه جزيرة سيناء التي خضعت لصور شتى من السيطرة العسكرية.
لا تزال قناة السويس من عدة نواحٍ هي الحد الشرقي الحقيقي لمصر، أما سيناء فيصفها تقرير منظمة إنترناشيونال كرايسيس جروب بأنها منطقة «شبه منفصلة». وخضعت سيناء وقطاع غزة لسيطرة الجيش المصري بين عامي ١٩٤٩ و١٩٦٧، إلا أن مصر لم تعلن سيادتها إلا على سيناء فقط. ثم كانت حرب النكسة عام ١٩٦٧ التي وقعت فيها كلتا المنطقتين تحت السيادة الإسرائيلية، وباتت رمزًا للكرامة العربي الجريح. وكان من الطبيعي أن تصبح سيناء هي جوهر المفاوضات بين مصر وإسرائيل في اتفاقية كامب ديفيد في سبتمبر/أيلول عام ١٩٧٨، واتفاقية السلام في مارس/آذار ١٩٧٩. كانت تلك القضية من منظور مصر قضية استعادة أرض وموقف وطني حازم، ولا صلة لها حتى بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وباختصار، تحولت سيناء إلى فكرة تجريدية. وتبين الجهود الدبلوماسية المعقدة والمطولة التي بُذلت لاستعادة مقاطعة طابا وحدها مدى حرص مصر على المنطقة؛ ولكن ليس على أهلها بالضرورة. وفي نهاية الأمر، أخليت سيناء من الأسلحة والقوات، واحتلتها قوة دولية متعددة الجنسيات تقودها الولايات المتحدة بدأت عملها عام ١٩٨٢، في اليوم نفسه الذي انسحبت فيه إسرائيل من سيناء. وحتى يومنا هذا، لا تزال سيناء خاضعة للنظام الأمني الخاص الذي أقرته معاهدة السلام، التي تقيد إلى حد بعيد حرية مصر في القيام بأي إجراءات عسكرية هناك.
إلا أن سيناء ليست فكرة تجريدية فقط أو «مشكلة إرهابية»؛ فقد كانت على مر التاريخ أرض البدو أهل الصحراء الذين قدمت قبائلهم من الأصل من شبه الجزيرة العربية ودول شرق البحر المتوسط، ويعيش بها قرابة خمسين قبيلة رئيسية في مناطق تحكمها وتضع حدودها معاهدات بين جماعات يحكمها قانون عادات قبلية لا قانون الدولة. من بين هذه القبائل قبيلة العزازمة التي يتوزع أفرادها بين الأردن وسوريا وفلسطين ومصر. يزعم العزازمة أنهم يملكون جميع الأراضي الواقعة بين بئر صنعاء ووادي عربة في غرب مصر، بالإضافة إلى بعض أراضي صحراء سيناء، وهم يسيطرون على وسط سيناء مع قبيلة التياها وقبيلة الأحيوات. وفي الشمال الشرقي على طول البحر المتوسط، هناك قبيلتا السواركة والرميلات، التي استقر أغلب أفرادها في الوقت الحالي في العريش ومنطقة الشيخ زويد ورفح. وفي الغرب، تشكل قبائل المساعيد والبياضية والدواغرة الأغلبية. أما في الجنوب، فالجماعات التي تشكل الأغلبية هي مجموعة من القبائل المتحدة من بينها قبيلة أولاد سيد ومُزينة التي تسكن في منطقة شرم الشيخ، وفي الجبال الداخلية، لا سيما في منطقة دهب. ومن القبائل المهمة أيضًا على مر التاريخ قبيلة الترابين — وهي القبيلة المعنية بالاضطرابات التي نتحدث عنها — في منطقة نويبع وفي الشمال — وهو الأهم — وصولًا إلى إسرائيل والضفة الغربية.
لكن من يوصفون بالبدو بوجه عام هم في الحقيقة — كما يوضح تقرير منظمة إنترناشونال كرايسيس جروب — مجموعة مختلطة من السكان يعكسون تاريخ استيطان شبه جزيرة سيناء، تتبدى بينهم اختلافات واضحة من حيث الأصل، والتقاليد، والأنشطة الاقتصادية، وحتى اللغة. لقد قدموا من كل صوب، بل إن أفراد قبيلة الجبالية ليسوا حتى عربًا، وإنما يُعتقد أنهم قدموا من مقدونيا إذ أرسلهم العثمانيون إلى سيناء لتأمينها، وهناك تحولوا إلى الإسلام، واليوم يصنفون على أنهم من البدو، مع أنهم يحتفظون بهويتهم المستقلة من خلال ارتباط عجيب بدير سانت كاترين (وهو مزار سياحي هام يقع عند سفح جبل الطور الذي يقال إن النبي موسى تلقى عنده الوصايا العشر)، ومن خلال سيطرتهم على تلك المنطقة وطرقها السياحية. ويمكن تمييز قبائل أخرى من لهجاتها قريبة الشبه بلهجات أبناء دول شرق البحر المتوسط وشبه الجزيرة العربية، التي تميز أيضًا بين قبيلة وأخرى. بعض القبائل أتت من أقصي جنوب البلاد، حيث النوبة، التي امتدت تاريخيًّا من أسوان إلى داخل أرض السودان. ولا يعلم أحد عدد أفراد تلك القبائل. وصلت تقديرات عدد أفرادها إلى ما يقرب من مائتي ألف شخص من بين تعداد سكان يصل إلى ثلاثمائة ألف وستمائة شخص في شبه جزيرة سيناء بأسرها. والباقون فلسطينيون يتسم شعورهم بهويتهم القومية بالقوة نفسها. لكن تظهر البيانات التي جاءت في إحصاء عام ١٩٩٥ أن بضعة آلاف فقط من السكان يصنفون على أنهم بدو يعيشون في الجنوب، أغلبهم من الفلاحين والصيادين وبعض التجار الذين حالفهم الحظ؛ والموظفين الحكوميين، فثمة ما يقدر بنحو خمسة وسبعين ألف شخص من البدو لا يتمتعون بأي حقوق مواطنة. منحت الحكومة المصرية بعضهم على أفضل تقدير أوراق تعريف هوية خاصة بسيناء، ومن بين القبائل التي تتجاهلها الحكومة المصرية قبيلة الرشايدة في منطقتي حلايب وشلاتين التي قدمت من الأصل من دولة قطر وانتقلت فيما بعد إلى السودان ومصر — حيث استقرت حول النيل وفي جنوب البلاد وعلى البحر الأحمر — وقبيلة الطفيلات في جنوب سيناء وقبيلة المحلة في رفح على حدود مصر مع غزة. في هذا السياق أخبر أحد شيوخ القبائل صحيفة الخميس الرسمية أن التعقيدات المتصلة بحقوق المواطنة تعود إلى أيام معاهدة طابا الأولى التي عقدت عام ١٩٠٦؛ فعلى حد قوله: «ورد في المعاهدة أن جميع من يسكنون مصر يجب أن يتمتعوا بحقوق المواطنة المصرية، وعندما أجرى الجيش الإنجليزي الإحصاء الأول لتعداد السكان عام ١٩٢٤، منحت جميع القبائل أوراق تعريف هوية»؛ لكن هذا ليس صحيحًا!
•••
ومع أن أغلب أرض البدو لا تمثل لحكامهم إلا رقعة شطرنج، ومع أن أهلها عكروا على عبد الناصر صفو أحلامه بدولة مركزية ذات عرق واحد، فقد لعبوا العديد من الأدوار من أجل حكوماتهم المتعاقبة المختلفة. تاريخيًّا، درايتهم بالسفر عبر الصحراء جعلت قوافلهم طوق النجاة لاقتصاد الكثير من البلدان، وهذا الدور لا يزال ملحوظًا إلى اليوم؛ فعلى سبيل المثال: عندما فتحت ليبيا حدودها للأمم المتحدة، تعاقد منظمو برنامج الغذاء العالمي مع قبيلة بدوية لنقل المعونات للاجئين السودانيين من ميناء بنغازي على البحر المتوسط عبر الصحراء المقفرة إلى مخيمات اللاجئين شرق جمهورية تشاد. ومما لا شك فيه أن البدو أيضًا يشتهرون بأنهم مقاتلون أشداء، وقد سمحوا بتجنيدهم مرتزقةً عدة أجيال. ولا تزال الدول الحديثة تعتمد عليهم لتأمين أراضيها؛ على سبيل المثال: تزوج أول ملوك المملكة العربية السعودية — الملك عبد العزيز — من امرأة من قبيلة شمر القوية لتأمين حدود بلاده الشمالية.
لكن في هذه الخدمات التي يقدمها أهل البادية يكمن أساس مشكلاتهم؛ فقد رأت الأمم الناشئة أنه إذا كان باستطاعة طرف ما شراء ولاء البدو، فباستطاعة أي طرف آخر هذا. وتعي تلك الدول أن الولاء القبلي ظل دائمًا يسمو فوق المفاهيم المجردة كالهوية القومية؛ فالحدود التي تتقاتل وتتفاوض حولها الدول الحديثة لا تعني شيئًا بالمقارنة بحقوق ملكية الأراضي التي تمتعت بها قبائل البدو قرونًا، والتي يزعمون أنها تسلب منهم على نحو منهجي.
كل دول الشرق الأوسط التي تضم سكانًا من البدو حاولت حثهم على الاستقرار، كما حاولت الحكومات الأوروبية حث قبائل الغجر على ذلك؛ أما الحكومة المصرية فبطبيعتها حاولت أن تكره أهل البادية عنوة على تغيير نمط حياتهم. صورت جريدة «الوفد» على أفضل وجه تحمس الحكومة المصرية الطائش لهذا، عندما أوردت أن استراتيجية التنمية الزراعية بالمنطقة لن تفتح وحسب بابًا للربح الوفير الذي يمكن لمستثمري القطاع الخاص احتكاره، بل ستفتح «الباب أيضًا لبناء نطاق أمني على طول حدود مصر المفتوحة» يشكل عائقًا يمنع الإرهابيين والمتآمرين من دخول مصر، لأن هذه الاستراتيجية سوف تحيل مناطق شاسعة إلى ما يشبه المستعمرات في الصحراء. (لاحظ هنا أن البدو ينظر إليهم فقط على أنهم لبنات بناء سياج أمني).
قاد التوسع في بناء المدن على أراضي الرعي التقليدية، والجفاف الذي سببته التقلبات الجوية في العقود الأخيرة؛ إلى موت الكثير من المواشي التي ظل البدو يرعونها، وأديا في بعض الحالات إلى موت جميع مواشي القبائل الأكثر فقرًا والأقل شأنًا؛ غير أن البدو محرومون أيضًا من آثار الازدهار السياحي، فقد خصصت جميع مواقع البناء في منتجعات البحر الأحمر إبان الأعوام الخمسة عشر الأخيرة للشركات المصرية والأجنبية المستثمرة في السياحة، في الوقت الذي أقصت فيه البرامج الحكومية البدو إلى الصحراء. كما أن معدل البطالة بين البدو شديد الارتفاع، وأغلبهم محرومون من التمتع بالتعليم والمهارات اللازمة لتأسيس المشروعات الصغيرة التي تلبي احتياجات السياح. ففي عام ٢٠٠٢ وحده، خلق إنشاء مائة وعشرة فندق ما بين عشرة آلاف إلى ثلاثين ألف فرصة عمل، ذهبت جميعها تقريبًا إلى مصريين من مناطق أخرى. فمن أجل تقليص نسبة البطالة بالقاهرة وغيرها من مدن دلتا النيل المزدحمة، شجعت الدولة العمالة على الانتقال من تلك المدن إلى سيناء، حيث يحصلون على راتب أكبر ويتمتعون بمستوى معيشة أفضل؛ وهكذا يضطر البدو الذين أُبعدوا إلى البحث عن سبل بديلة لكسب العيش، وهي سبل شبه معدومة في تلك المنطقة؛ على الأقل السبل القانونية. على سبيل المثال: ذكرت منظمة إنترناشونال كرايسيس جروب أن جميع عاملي أحد فنادق الخمس نجوم يأتون من مدن وادي النيل، عدا بحارين من بين مائتين وخمسين عاملًا يضمهما طاقم زورق الفندق يأتيان من العاصمة الإدارية لمحافظة جنوب سيناء، وهي مدينة الطور. ويحرم البدو أيضًا من العمل مرشدين سياحيين على الطرق الصحراوية.
تأمل على سبيل المثال قرية جارغانا الساحلية، يعيش البدو هناك بالقرب من غابات أشجار المانجروف الاستوائية، وهي بذاتها تستحق الحماية من حيث المبدأ حفاظًا على النظام البيئي المحلي، ويعتمد البدو هناك في الصيف على الصيد كمصدر رئيسي للعيش، ويحفظون الأسماك من أجل الشتاء الذي ينتقلون فيه إلى الأودية للهروب من الصقيع ورياح الساحل القوية. لكنهم اليوم يدعون أنهم يتعرضون للإقصاء والتهميش على نحو منهجي بسبب قطاع السياحة الجديد الذي نما في كل أنحاء جنوب سيناء؛ فيزعمون أولًا أن أصحاب الفنادق والمنتجعات يمنعونهم من الصيد، لذا وافقوا على الصيد في مواقع محددة فقط فرضتها هيئة الحفاظ على محميات جنوب سيناء؛ وثانيًا يتهمون محافظ سيناء بحرمانهم من الصيد في أي مكان حرمانًا باتًّا. وبعبارة أخرى، يُقصى البدو باستمرار إلى المناطق النائية. وهكذا غيرت السياحة البيئية والأموال التي تجلبها منظور بعض شباب البدو، فحاولوا التأقلم معها ليلعبوا دورًا فيها، لكن هذا — حسبما يرى كبار البدو — أضر بقيم البدو التقليدية: البساطة والترابط واحترام المنظومة القبلية التقليدية، ووتيرة حياتهم التقليدية. باختصار، اتجه هؤلاء الشباب إلى الجريمة والكسب غير المشروع. لا شك أن أي مشروع تطوير ذي رؤية سديدة كان سيحاول إشراك صيادي البدو في المشاريع السياحية، لجني الأموال من التجارب المشوقة وحدها التي يقضيها السياح بين البدو الأصليين، ولو أن الحق هو أن جزءًا كبيرًا من العالم بدأ مؤخرًا يتطلع إلى وسائل أخرى بخلاف عرض سكان المنطقة الأصليين باعتبارهم وسائل لإدهاش السياح.
لكن هذه هي الوسيلة التي يجني بها البدو الكثير من المال في جنوب سيناء عندما يمنحون دورًا هامشيًّا بالقطاع السياحي؛ بتحويل أنفسهم إلى وسيلة جذب. ورغم تهميش البدو، يزخر دليل السائح بصور ملونة لهم. ولكن في شمال سيناء، يكاد النشاط السياحي يكون منعدمًا، فالقرى السياحية التي أنشأتها الحكومة المصرية على طول الساحل الشمالي هي في واقعها بلدان مهجورة، ولا تكفي منطقة العريش الصناعية الصغيرة ومطارها لإعالة عائلات البدو. والوعود بتقديم المساعدات المالية وتأسيس المشروعات الجديدة من أجل الإسكان والتوظيف تحولت — على حد قول صحيفة هاآرتس الإسرائيلية عام ٢٠٠٧ — إلى «مزحة». فكما جرت العادة دائمًا في مصر، وضعت الخطط الكبرى ودراسات الجدوى، لكن لم تبن في الواقع أي مصانع كبرى منذ عام ٢٠٠١، ويزعم أن إجمالي عدد العاملين في المصانع المنشأة بالفعل يقل عن الخمسة آلاف. لكن هذا لا يعني أن جهود إسكان البدو قد فشلت؛ لقد نجحت، ولكن ليس على الوجه الذي خططت له الحكومة المصرية؛ فقد ذكرت منظمة إنترناشونال كرايسيس جروب أن التغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي شهدتها شبه جزيرة سيناء في الأعوام الخمسة عشر الأخيرة قد دفعت البدو الباحثين عن عمل وتعليم من أجل أبنائهم إلى إنشاء مستوطنات فعلية على أطراف المدن. وبعبارة أخرى، شكلوا طبقة دنيا تعيش في الضواحي ويخلق وجودها جميع أنواع المشكلات: الجريمة وتطرف الشباب.
لكن التعليم الذي يبحثون عنه هناك لا يستحق بالضرورة السعي إليه. ولا يسع بدو الأرياف غير المسجلين مواطنين مصريين التمتع بتعليم حكومي على الإطلاق. وقد ذكرت إحدى هيئات التنمية أن نسبة الأمية بين بعض البدو تصل إلى ٩٠٪، وإن سنح لهؤلاء التعلم فالتعليم شأنه شأن التعليم في سائر مصر يدور بالدرجة الأولى حول التراث الفرعوني والدولة المركزية؛ لكنه لا صلة له على الإطلاق بالبدو. من ثم كان المشروع الوحيد الذي سعت إليه الحكومة المصرية بحماس هو تأسيس متحف فرعوني بالعريش بما أن المنطقة تخلو من التراث الفرعوني، وهو ما لا يبدو إلا محاولة لفرض طابع الدولة على تلك المدينة التي ظلت إلى ذلك الوقت تحتضن متحفًا مربحًا للتراث البدوي. وعندما يُعلم الآباء أبناءهم تراثهم العربي، يُقال إن المعلمين بالمدرسة يستدعونهم لتوبيخهم على ذلك.
أما على الصعيد السياسي، فقد أخطأ النظام المصري في افتراضه أن هيكله العسكري ينعكس في النظام القبلي، إذ ظل المنطق الذي يحركه هو السيطرة على القادة للسيطرة على الجميع. ومن هنا بدأت أجهزة أمن الدولة في لعب دور في عملية انتقاء شيوخ القبائل، التي جرت التقاليد على أن تتم بإجماع القبيلة، تمامًا كما تصر الحكومة المركزية في القاهرة الآن على أن يكون جميع الأئمة من موظفي الحكومة. لذا لا يتمتع الأئمة الجدد بمصداقية بين أبناء الشعب، ولا رؤساء القبائل بالمصداقية في قبائلهم. وأدى ضعف نفوذ كلا الفريقين إلى فراغ قد يتسنى للمتطرفين استغلاله، وضعفت شرعية شيوخ القبائل إلى حد أنهم بدءوا يلعبون دورًا مشابهًا لدور شيوخ المملكة العربية السعودية الذين يحجب ولاؤهم المعلن للنظام الحاكم واقعًا مختلفًا تمامًا يسود بين العامة.
•••
الإهمال يدور في حلقة مفرغة خبيثة.
قال شخص مجهول الاسم من إحدى قبائل البدو لصحيفة الأهرام الأسبوعية في حديث إلى الصحيفة في مايو/أيار عام ٢٠٠٧: «أضحت حياتنا لا تطاق منذ سنوات، ويبدو أن أي بدوي يعد بلا تفكير مشتبهًا به.» هذا الشعور بعدم الثقة في البدو ترسخ في سنوات الاحتلال الإسرائيلي لسيناء، في الوقت الذي كان ينظر فيه إلى البدو على أنهم حلفاء لإسرائيل، ومن ثم خائنون للقضية القومية المصرية. ولعل هذه الوصمة قد لازمتهم لسبب يمكن تفهمه بعد عودة سيناء إلى مصر. فعلى أي حال، الجيش الإسرائيلي لديه كتيبة كاملة من البدو، بعض قبائلها تنحدر من نسب مقارب للقبائل المصرية، وما يقرب من ٢٠٪ من شباب البدو هناك الذين بلغوا السن المناسبة للالتحاق بالجيش يتطوعون للالتحاق بالجيش الإسرائيلي. من هنا صوتت مدن البدو في إسرائيل على مر تاريخها بكثافة للأحزاب الصهيونية، وظل المرشحون المتطرفون يفوزون بما يصل إلى ٩٥٪ من أصوات البدو في بعض المدن إلى وقت قريب، حتى الثمانينيات. ومع أن هذه الأصوات تضاءلت على مدى عدة انتخابات، لا يزال يهود الجناح اليميني يفوزون بأغلب أصوات البدو الذين تضطلع كتائبهم الاستطلاعية الشهيرة إلى حد بعيد بمراقبة الحدود، والذين ظلوا يتمتعون بحضور على حدود منطقة رفح إلى أن انسحبت إسرائيل من غزة، ويزعم الفلسطينيون أن جنود إسرائيل من البدو أكثر عدائية ووحشية من قوات جيش الدفاع الإسرائيلي، فهم من يقود شاحنات إزالة المنازل. على سبيل المثال: قتل جندي إسرائيلي من البدو — أدانته المحكمة فيما بعد — ناشط السلام الشاب البريطاني توم هاندرال عام ٢٠٠٤ في رفح وهو يدافع عن منزل فلسطيني ضد أعمال الإزالة.
وكما هو متوقع، ظهرت عقب الاضطرابات الأخيرة تقارير في صحف مصر الوطنية تذكر أن البدو يطالبون بضمهم مجددًا إلى إسرائيل، أو بأن يشكلوا «كيانًا مستقلًا» عن البلاد، وأكد زعماء القبائل في بيان صدر بالعريش أنهم يعتبرون أنفسهم «مواطنين مصريين مخلصين»، ولا يجب التشكيك في انتمائهم القومي. وقال شيخ قبيلة العزازمة للصحفيين: «نحن مصريون بالرغم من موقف الحكومة المصرية السلبي منا، ونحب وطننا بالرغم من المعاملة التي نلقاها من أجهزة الأمن، لذا نناشد الرئيس مبارك مساعدتنا.» لكن حتى إن صح هذا، فلن ترغب إلا قلة في الحكومة المصرية في الإصغاء إلى البدو، فاتهام القبائل التي تشتهر بغدرها وعدوانيتها بأعمال العنف أفضل بكثير من الإقرار بوجود مشكلة ساعدت الحكومة في خلقها. بل ظلت الصحف تسهب في الحديث عن مقابلة صحفية لممثل آخر للبدو مع قناة بي بي سي العربية أوضح فيها أن البدو قصدوا إسرائيل للتعبير للسفير المصري في تل أبيب عن همومهم، لأن تل أبيب «أقرب لنا من القاهرة». والأرجح أن الرجل قصد القرب المادي — فالبدو على كل حال لم يقصدوا الكنيست — لكن لا يزال بالإمكان إقناع الآخرين بأن هذا مطلب غادر يدعو إلى تدخل إسرائيل.
لكن لا يسع المرء لوم البدو. قد تدعهم إسرائيل يضطلعون بالمهام القذرة لها، لكنها على الأقل تدفع لهم لقاء عملهم، في الوقت الذي يتعذر فيه بالطبع على أكثر شيوخ القبائل وفاءً أن يشرح لقبيلته سببًا واحدًا محددًا يدعوه إلى حب الدولة المصرية، ربما باستثناء أن يوضح لهم أن ما يربطهم بغيرهم من المصريين هو المعاناة التي تطلق الدولة يدها في صبها عليهم بدورهم. لكن الواقع هو أن البدو لا يميلون إلى الجانب المصري أو الإسرائيلي، فقد حثت الظروف المعيشية البائسة بعض البدو على البحث عن سبل بديلة لكسب الرزق تأخذ شكل المتاجرة في الأسلحة مع الفلسطينيين، وفي المخدرات، وفي تهريب النساء إلى إسرائيل التي تعد معبرًا لعاهرات شرق أوروبا ووسط آسيا.
يعبر البدو جيئة وذهابًا الحدود التي تمتلأ بالمنافذ بين مصر وإسرائيل، وتتهمهم الحكومتان المصرية والإسرائيلية بالتهريب بناءً على أسس قوية. على سبيل المثال: في سبتمبر ٢٠٠٧، كشفت السلطات المصرية عن خبيئة من الذخائر حوت ثلاثة أطنان من المتفجرات في حقائب بلاستيكية، وكشفت في شهر يوليو/تموز من العام نفسه عن نصف طن من المتفجرات على بعد خمسة وعشرين كيلومترًا من الحدود المصرية مع غزة. وفي الوقت نفسه، وجد التيار الإسلامي — ومن ثم العداء لإسرائيل — أرضًا خصبة بين شباب البدو الذين حفزتهم سياسة الهوية والتي من شأنها أن تنتشر آخر الأمر بين من لا يجدون أمامهم خيارًا سوى موالاة هذا التيار. لقد اقتبست منظمة إنترناشونال كرايسيس جروب عن رجل يمثل الكثير من البدو في نويبع قوله: «أنا مسلم، عربي، بدوي من قبيلة ترابين من سيناء من مصر.» وبعبارة أخرى، فإن الولاء الديني يأتي أولًا. يعود هذا في جزء منه إلى أن الكثير من قبائل البدو يرجع أصلها إلى بلاد النبي محمد لا بلاد الفراعنة، لكن يستحيل تحديد إلى أي مدى تأتي هذه العبارة من قبيل التملق والولاء الكاذب للدين — أو بعبارة أخرى، هل لم يعد الولاء للقبيلة يحل في المرتبة الأولى — ويصعب تحديد مدى تنافي العروبة لدى البدو مع الانتماء للغرب أو اليهودية؛ وفي الأحوال كافة، يظل تأثير الإسلام واضحًا جليًّا، وإذا أضفت إلى هذا الخليط الفقر والشعور بالاستياء، فستحصل على النتيجة المتوقعة.
يكشف برنامج أعضاء جماعة التوحيد والجهاد — أيًّا كانت صلات هذه الجماعة بالمنظمات الإرهابية الأجنبية — بوضوح شديد عن تلك الظاهرة؛ أي ظاهرة تطرف الشباب الذين قد يكون انجذابهم إلى النشاط الإسلامي المسلح نابعًا من خليط من اليأس الناجم عن الظروف الاجتماعية والاقتصادية وأزمة الهوية، وعن رغبة في التضامن مع المنطقة. كم هي منطقة عازلة آمنة فعلًا!
فوق ذلك، يدور الحديث اليوم عن إحياء خطة الحكومة المصرية القديمة لإخلاء منطقة حظر عسكرية تضم منازل وأشجارًا بجوار معبر رفح، حيث يمكن فيها للبدو ممارسة أنشطة التهريب، ولكنهم سيسكنون ويزرعون الأرض في الوقت نفسه. وقد تروق هذه الخطة لمبارك الذي يواجه مشاكله الخاصة مع قيادات حركة حماس بالناحية الأخرى من المعبر (لاحظ أن حماس نشأت أصلًا من الفرع الفلسطيني لجماعة الإخوان المسلمين)، كما قد تروق للإسرائيليين الذين يشكون دومًا من تهريب الأسلحة عبر أنفاق تحت الجدار الحدودي. ذكر أهل تلك المنطقة في يوليو/تموز عام ٢٠٠٧ أن الخطة تستهدف إخلاء قطاع عرضه مائة وخمسون مترًا، سيتسع فيما بعد ليصل عرضه إلى ثلاثة كيلومترات عند حد رفح الذي يمتد اثني عشر كيلومترًا. ويشير أهل المنطقة إلى زيارة غامضة قام بها وفد من الكونجرس الأمريكي في يوليو/تموز عام ٢٠٠٧ لتفتيش المنطقة. لكن المؤكد هو أن قوات الأمن تتدفق إلى هناك، وقد تحبط على المدى القصير بعض محاولات التهريب، لكن كما يقول الصحفي الإسرائيلي تسفي بارئيل في صحيفة هاآرتس: «لم تعد العقوبات تؤثر في البدو في الوقت الحالي.»
•••
لا ترد المساعدات تقريبًا للبدو إلا من خارج البلاد، وهو ما من شأنه أن يَصِم مصر بالعار — فهي على كل حال بلد يعتبر تشويه سمعته بالخارج جرمًا — والأدهى أن بعض المساعدات ترد من برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، الذي يقترن كثيرًا في الأذهان بضحايا المجاعات في كوريا الشمالية، والنازحين من أفريقيا جنوب الصحراء أكثر مما يرتبط بالمناطق السياحية المزدهرة. في ذلك قال بيشو بارجولي مدير برنامج الأغذية العالمي: «لا تشير الإحصائيات إلى أن المنطقة تعاني من فقر شديد؛ فسيخفي الازدهار السياحي ومنطقة شرم الشيخ هذا، لكن علينا التعرف على مجتمعات المنطقة التقليدية.» يسلط برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في سيناء الضوء على الغذاء و«بناء القدرات»، لكن هذا يعني في المقام الأول أن يمنح البدو الطعام إن وافقوا على الاستقرار، وهذا يجعل البرنامج في جوهره ذراعًا للسياسات الحكومة المصرية على أقل الأحوال. ويمكن قياس نجاحه — وفقًا لمنظمة إنترناشونال كرايسيس جروب — من خلال حقيقة أن مشروع إسكان واحد فقط هو الذي شارف على الانتهاء في وسط سيناء دون توفير ظروف معيشة مستقرة لعشرات الأسر التي يشملها البرنامج، وذلك بعد مرور خمس سنوات من تمويله. أما المفوضية الأوروبية، فقد رصدت لمشروع تنمية ذي شقين في محافظة جنوب سيناء ٥٥٫٥ مليون يورو. الجزء الأول من المشروع هو النهضة بالبنية التحتية، كإمداد ماء الشرب إلى المجتمعات الزراعية، وإدارة المخلفات الصلبة والسائلة، وتوفير وسائل الحماية البيئية لمحميات المنطقة الطبيعية. أما الجزء الثاني فيقوم على رصد ٢٠٫٥ مليون يورو لتخفيف الفقر ومشروعات التنمية الاجتماعية عبر المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية. وتذكر التقارير في هذا الشأن أن أهل المنطقة لا يدينون هنا أيضًا بالفضل للدولة التي تطالبهم بالولاء.
لكن لا يكفي أي من هذا لإنهاء الموقف الخطير في سيناء، فكما قال حسين القيم عضو حركة كفاية الداعمة للديمقراطية بجريدة الأهرام عقب أحداث الشغب في أكتوبر/تشرين الأول عام ٢٠٠٧: «على الحكومة أن تعيد النظر في استراتيجيتها تجاه البدو، وإلا أحالها أهل تلك المنطقة المسلحون إلى حرب يبدو أن القاهرة تدفع إليها.»