صراع … السيارات!
أطلق «بو عمير» سحابة أخرى من الدخان، فأخذت نفس الاتجاه. نظر الشياطين إلى «أحمد» فقال: هذه المنطقة المظلمة … إنها تيار هوائي أسود، يأتي من الاتجاه المعاكس لجزر «البليار» …
أخرج خريطة صغيرة، ونشرها أمام الشياطين، ثم أشار: هذه مجموعة جزر «البليار»، وهي تقع بين خطي طول ٥ وصفر، وفي الاتجاه المعاكس توجد جزيرة «سردينيا» وهي تقع بين خطي طول ٥ و١٠. هذا يعني أن الجزر هنا تشترك في خط طولٍ واحد. أي أنها متقابلة تمامًا. وصمت قليلًا، ثم قال: من الممكن إطلاق تيار هوائي من جزيرة «سردينيا»، فيأخذ اتجاهه إلى جزيرة «مايوركا» ويُثير هذه الأمواج العالية. في نفس الوقت يمكن إطلاق تيار هوائي مُشبَّع بالمواد الكيماوية اللازمة، فيتحول إلى مطر غزير فوق «مايوركا» أيضًا … سأل «باسم»: هل تقصد أننا يجب أن نتجه إلى جزيرة «سردينيا» مباشرة؟
أحمد: أعتقد ذلك! …
صمت الشياطين قليلًا، وقالت «زبيدة»: أعتقد أنه يجب أن نُواصل طريقنا إلى «مايوركا»، إن الأشباح التي تظهر هناك، يمكن أن تكون أحسن دليل لنا …
اتفق الشياطين في النهاية، على رأي «زبيدة»، فانطلق «بو عمير» مرة أخرى بالسيارة في اتجاه جزيرة «مايوركا» … وكانت مجموعات الأسماك، تدور حول السيارة بطريقةٍ مُسلية. كانت السيارة تمشي بسرعة متوسطة، حتى إن «باسم» قال: لو أننا وضعنا السيارة في التيار الهوائي، فإنه في النهاية يمكن أن يقودنا بطريقةٍ أسرع إلى «مايوركا» …
هز «أحمد» رأسه وقال: هذا صحيح …
أخذ «بو عمير» طريقه حتى وضع اتجاه السيارة في اتجاه التيار، فازدادت سرعة السيارة. ابتسم «بو عمير» قائلًا: فكرة جيدة …
استمرت السيارة في طريقها … لكن فجأة، ظهرت كتلة سوداء تعترض السيارة. كانت الكتلة تتجه إلى السيارة بطريقةٍ مباشرة، حتى إن الشياطين نظروا لها في ذُعر، لم يكن أحد قد تبيَّن تفاصيل هذه الكتلة، غير أن «أحمد» صاح، وقد أصبحت الكتلة قريبة من السيارة: أطلِق عدة أسهم سامة …
أطلق «بو عمير» أربعة أسهم سامة مُتتالية، فاهتزت الكتلة السوداء، حتى إن السيارة اهتز توازنها وبدأت تدور حول نفسها، وكأنها وسط دوامة، غير أن الكتلة السوداء، بدأت تهدأ، وتصاعدت الدماء من أجزاء مختلفة منها، ثم استقرت نهائيًّا على الأرض … اقترب الشياطين منها، وكانت تبدو من خلال زجاج نافذة السيارة، وعرفوا أنها حيوان بحري قريب الشَّبَه من «فرس البحر». دار الشياطين حول هذا المخلوق المائي، ثم أخذوا طريقهم مرة أخرى في اتجاه الجزيرة.
قال «بو عمير»: مخلوق غريب! … ترى هل هو طبيعي هو الآخر؟ … أم ظاهرة صناعية؟
باسم: عالم البحار مُثير … لكننا لا نعرف كل شيء عنه!
صمتوا واستغرق كل منهم في تفكيره لحظة … ثم بدأ رادار السيارة يُسجل تحركاتٍ غريبة في اتجاهٍ ما. نظر «أحمد» إلى الرادار، ثم قال: يبدو أن هناك شيئًا يتقدم نحونا!
اتجه «بو عمير» بالسيارة، في نفس الاتجاه الذي حدَّده الرادار … كانت التحركات تزداد … قال «باسم»: إننا نقترب من «مايوركا»، هكذا تسجل البوصلة.
تحفز الشياطين، كانت التحركات التي يسجلها الرادار، تظهر وتختفي. قال «أحمد»: ينبغي أن نصعد إلى السطح. داس «بو عمير» زرًّا خاصًّا، فبدأت السيارة تطفو، ومع طفو السيارة، كان الضوء يزداد، وعندما أصبحوا في ضوء النهار على السطح، كانت الأمطار لا تزال تسقط بغزارة، وكانت الجزيرة تبدو وسط الضباب كتلةً سوداء ضخمة. اتجهت السيارة إليها، وبدأت معالم الجزيرة تظهر أكثر فأكثر: حتى أصبحت واضحةً تمامًا. نظرت «زبيدة» إلى الرادار في السيارة، وقالت: هناك تحركات في الجزيرة …
باسم: لا بدَّ أنَّ المطر يهطل فيها، بعد أن هجرها سكانها الأصليون!
كانت هناك خلجان صغيرة كثيرة، تبدو أمام الشياطين، قال «أحمد»: لنستقر في أحد هذه الخلجان، ثم نرَ … فاقترب «بو عمير» بالسيارة من خليج صغير، المدخل فيه ظهر الشاطئ. كان المكان يبدو بسيطًا سهلًا. قال «بو عمير»: هل نصعد مباشرةً؟
أحمد: نعم. يجب أن نتحرك.
رفع «بو عمير» سرعة السيارة، ثم انطلق حتى أصبح فوق الجزيرة. قال «أحمد»: يجب أن تختفي السيارة في مكان …
اتَّجهوا إلى مبنًى مهجور، وخلفه، أوقفوا السيارة. قالت «زبيدة»: كأنَّنا في مدينة أشباح. إن الحياة مُتوقفة تمامًا هنا.
بو عمير: لا أظن أننا يجب أن نترك السيارة هكذا مكشوفة …
صمت الشياطين قليلًا. كان كل منهم يُفكر في حل … أخيرًا قال «أحمد»: أقترح أن نترك «زبيدة» في السيارة، على أن نكون على اتصال بها، إنها يمكن أن تكون أحسن مصيدة لأي إنسان يظهر …
بدأ الشياطين يأخذون طريقهم، وأمام أحد البيوت قال «بو عمير»: لماذا لا نفتح أحد البيوت، ونُدير عملياتنا من داخله؟!
أحمد: موافق. أخرج «بو عمير» خنجره، ثم بدأ يُعالج باب البيت. في نفس اللحظة، كان «باسم» و«أحمد» يرقُبان الطريق.
دخل الشياطين البيت، كان هادئًا نظيفًا.
كانت هناك إشارة يُرسلها جهاز الاستقبال. قال «أحمد»: يبدو أن هناك رسالة من زبيدة.
تلقى «أحمد» الرسالة كانت «من «ش. ك. س» إلى «ش. ك. س» سمعتُ طلقاتٍ ثم حدثت تحركات عند درجة ٧٥.»
نظر «أحمد» إلى «باسم» وابتسم قائلًا: لقد أفادت الطلقات.
ثم أخبرهما «أحمد» بالرسالة التي أرسلتها «زبيدة» … فقال «بو عمير»: إذن التحركات اقتربت منا. إن بيننا وبينها ٣٠ درجة فقط.
تقدم «باسم» من الباب، ثم فتحه. كان المطر قد توقف تمامًا، وإن كانت الرياح لا تزال تهب. نظر إلى «أحمد» وقال: ينبغي أن نخرج بعد أن توقف المطر.
تحرك الشياطين بسرعة، في نفس اللحظة، التي أعطى فيها جهاز الاستقبال إشارة. توقف «أحمد» وأخرج الجهاز ثم بدأ يتلقى رسالة: «من «ش. ك. س» إلى «ش. ك. س» التحركات تقترب منكم احترسوا.»
نقل أحمد الرسالة إلى «باسم» و«بو عمير»، ثم قال: هذه إذن فرصتنا، يجب أن ننتظر.
أرسل «أحمد» رسالة إلى «زبيدة»: «من «ش. ك. س» إلى «ش. ك. س» عُلم. نحن في الانتظار».
انتظر ردَّ «زبيدة»، ومرَّت لحظات ثقيلة. لم تصل رسالة من «زبيدة»، فقال «أحمد»: يبدو أن شيئًا قد حدث!
فانطلقوا جميعًا تجاه «زبيدة» ولكن فجأة توقف «أحمد» وهو يُشير إلى الشياطين: «توقفوا!» … كانت «زبيدة» مُنطلقة بالسيارة بأقصى سرعةٍ وخلفها مجموعة من السيارات، تنطلق في مطاردتها.
أخرج «أحمد» جهاز الإرسال وأرسل إليها رسالة: «من «ش. ك. س» إلى «ش. ك. س» نحن نرقب كل شيء، استمري.»
جرى الشياطين بين الشوارع، في نفس الوقت الذي كانت فيه المطاردة مُستمرة بين «زبيدة» والسيارات الأخرى. انحرفت «زبيدة» يمينًا، ثم انطلقت سحابة من الدخان، غطَّت المكان كله، وكان الشياطين يرقُبون ما يحدُث. فجأةً حدث صوت انفجار؛ فقد اصطدمت أول سيارةٍ بأحد البيوت، ثم ارتفعت نيران عالية. قال «أحمد»: لقد تصرفت «زبيدة» بذكاء. أرسل إليها «أحمد» رسالة: «من «ش. ك. س» إلى «ش. ك. س». رائعة استمري.» كانت السيارة الأخرى ما زالت تطاردها. فهمت «زبيدة» رسالة «أحمد»، فأخذت تدور في دائرةٍ مركزها المكان الذي يقِف فيه الشياطين ثم أرسل «أحمد» رسالة إلى «زبيدة»: «من «ش. ك. س» إلى «ش. ك. س» اقتربي مِنَّا. سننتظرك عند نقطة صفر.» نظر «أحمد» إلى «بو عمير» وقال: عند ناصية الشارع سوف تهدئ «زبيدة» سرعة السيارة؛ علينا أن نقفز إليها ونكمل المطاردة.
أسرع «بو عمير» إلى ناصية الشارع فرأى «زبيدة» تقترب بالسيارة، ثم تُهدئ سُرعتها. استعدَّ، وعندما أصبحت السيارة أمامه تمامًا تحرك، في نفس اللحظة التي فتحت له «زبيدة» الباب فقفز داخلها … ثم أخذ مكان «زبيدة» خلف عجلة القيادة.
كانت السيارات المطاردة قد اقتربت تمامًا من سيارة الشياطين، ثم أطلقت مجموعة من الطلقات، اصطدمت بالزجاج الخلفي للسيارة، ثم ارتدَّت؛ فزجاج سيارة الشياطين ضدَّ الرصاص.
داس «بو عمير» على دواسة البنزين، فانطلقت السيارة كالصاروخ … ابتسم «أحمد» وقال: إن «بو عمير» سوف يُنهي الصراع، فقط علينا أن نقتنص واحدًا منهم.
دار «بو عمير» بالسيارة دورة كاملة، جعلت السيارة المطارَدة تستمر في الاندفاع، حتى اصطدمت بجدار، ثم اشتعلت فيها النيران.
عاد «بو عمير» إلى الظهور، وخلفه كانت السيارة الأخيرة.
اقترب «بو عمير» من مكان «أحمد» و«باسم»، حتى أنه شاهدهما ورفع إصبعيه بعلامة النصر. لحظة، ثم مرت السيارة الأخرى، وكان «أحمد» قد أخرج مُسدسه واستعد، وعندما تجاوزته السيارة المطاردة، أطلق طلقة، رنَّ صداها في الصمت.