أكل اللحوم
تبدأ الدجاجة «س» الحياة في مفرخة مزدحمة، ثم تؤخذ الدجاجة إلى قفص «بطارية» مصنَّع بالكامل من الأسلاك — وهي بيئة تختلف تمامًا عن الظروف الخارجية التي تعيش فيها بشكل طبيعي — حيث ستقضي حياتها، (ونظرًا لعدم وجود أي قيمة تجارية لذكور الدواجن، يجري تسميمها عن طريق الغاز، أو فرمها حية، أو خنقها.) يمتلئ قفص الدجاجة «س» عن آخره، حتى إنها لا تستطيع بسط جناحيها. وبالرغم من أهمية منقارها في التغذية، ونبش الأرض، ولعق نفسها، قُطع جزء من منقارها، مرورًا ببعض الخلايا الحساسة، بغرض الحد من الضرر الناشئ عن نقر الدجاجات الأخرى في القفص، وهو سلوك مبعثه ازدحام القفص. لمدة ساعات قبل أن تضع بيضة، تسير الدجاجة «س» جيئة وذهابًا في قلق بين جمع الدجاجات، باحثة بصورة غريزية عن عش لن تجده. عند وقت وضع البيض، تقف الدجاجة على أرضية مائلة غير مريحة من السلك لا تسمح بممارسة السلوكيات الغريزية مثل نبش الأرض للبحث عن طعام، والاستحمام في التراب، والهرش. تسبب قلة المران، والظروف غير الطبيعية، والحاجة إلى إنتاجية عالية جدًّا من البيض — من المزمع أن تضع الدجاجة ٢٥٠ بيضة هذا العام — ضَعفًا في العظام. (على عكس كثير من الدجاجات، لا تتعرض الدجاجة «س» إلى الإسقاط القسري للريش، وهي ممارسة تُمنع خلالها المياه من يوم إلى ثلاثة أيام، ويمنع الغذاء مدة تصل إلى أسبوعين بغرض مد فترة الحياة الإنتاجية للدجاج.) عند استنفادها قدرتها على الإنتاج في عمر عامين، يجري حشر الدجاجة في صندوق ثم نقلها في شاحنة — دون طعام، أو ماء، أو توفير الحماية لها من الظروف الجوية — إلى المذبح. تتسبب عملية المناولة غير الحذرة إلى انكسار العديد من العظام الضعيفة. في الوجهة النهائية للدجاجة، يجري تقييد الدجاجة «س» في وضع مقلوب على سير ناقل قبل أن تقطع سكين مؤتمتة رقبتها. نظرًا لأن قانون الذبح الرحيم الأمريكي لا ينطبق على الدواجن، تكون الدجاجة في كامل وعيها خلال هذه العملية بأكملها. لا يصلح جسدها، الذي جرى تدميره بشدة خلال حياتها، إلا لصنع الفطائر، والحساء، وما إلى ذلك.
بعد فطامه وهو يبلغ من العمر أربعة أسابيع، يؤخذ الخنزير «ص» إلى قفص حضَّانة مزدحم جدًّا. نظرًا لسوء التهوية، يستنشق الخنزير الأدخنة القوية المتصاعدة من البول والبراز. عند بلوغه وزن ٥٠ رطلًا، يؤخذ الخنزير إلى حظيرة «تشطيب» صغيرة. وأرضية الحظيرة مقددة مكسوة بالخرسانة دون وجود أي قش أو مصدر من مصادر الترفيه. وبالرغم من انتمائه إلى أحد الأنواع التي تتميز بقدر كبير من الذكاء والاجتماعية، يجري فصل الخنزير «ص» عن الخنازير الأخرى عن طريق قضبان حديدية، ولا يملك فعل شيء إلا الاستيقاظ، والرقود، وتناول الطعام، والنوم. في بعض الأحيان يسلِّي الخنزير «ص» نفسه عن طريق عض ذيل في القفص الملاصق له، حتى تُقطع ذيول جميع الخنازير. يجري تنفيذ عملية قطع ذيول الخنازير فضلًا عن عملية الإخصاء في غياب أي مخدر. عندما يصبح الخنزير جاهزًا للذبح، يُحشر الخنزير «ص» بقسوة في شاحنة مع ثلاثين خنزيرًا آخر. لا تتسم الرحلة التي تستغرق يومين بالمتعة بالنسبة إلى الخنزير الذي يقضي فترة الرحلة في الشجار مع الخنازير الأخرى، دون الحصول على طعام، أو ماء، أو راحة، أو حماية من حرارة الشمس. وفي المذبح، يشم الخنزير «ص» رائحة الدم، ويقاوم عملية وخذه من قبل الممسكين به الذين يردون على ذلك بركله وضربه مرارًا من الخلف بأنبوب حديدي حتى يصل إلى السير الناقل الذي يحمله ممنوعًا من الحركة إلى الصاعق الكهربي. يعتبر الخنزير «ص» محظوظًا إذا جرت عملية الصعق الكهربي بنجاح، فتؤدي إلى قتله قبل سقوط جسده في ماء مغلي وتقطيع أجزاء جسده. (مع أن قانون الذبح الرحيم يشترط تغييب الحيوانات — بخلاف الدواجن — عن الوعي عن طريق استخدام جهاز صعق فعَّال مرة واحدة قبل تقييد الحيوان، وتعليقه مقلوبًا، وفصل أعضائه، يقر الكثير من العاملين في المذابح بحدوث انتهاكات بصورة متكررة. وخوفًا من أن يتسبب التيار المرتفع في حدوث «تناثر الدم» في بعض جثث الحيوانات، يشجع الكثير من المشرفين في المذابح على استخدام تيار منخفض جدًّا لضمان عدم فقدان الحيوانات للوعي أثناء صعقها. إضافة إلى ذلك، يجري في العديد من المذابح صعق حيوان كل بضع ثوانٍ في ظل مواجهة ضغط شديد لعدم وقف تدفق الحيوانات على الصاعق تباعًا.)
بالرغم من ارتباط الأبقار وعجولها ارتباطًا وثيقًا بعضها ببعض بالفطرة، تؤخذ البقرة «ع» (التي كانت عجلًا) بعيدًا عن أمها بعد ميلادها مباشرة لتبدأ حياتها بقرةً مدرَّة للبن. لا تشرب البقرة اللبأ على الإطلاق — وهو لبن الأم — الذي يساعد على مقاومة الأمراض. تعيش البقرة في «مرعى» مزدحم للغاية، خالٍ من الحشائش، كما يجري قطع ذيلها دون مخدر. من أجل إنتاج لبن أكثر بمقدار عشرين مرة أكثر من العجل العادي، تتناول البقرة نظامًا غذائيًّا مليئًا بالحبوب — لا الخشائن التي تطورت الأبقار كي تهضمها في سهولة — وهو ما يتسبب في اضطرابات أيضية وعَرَج مؤلم. مثل كثير من الأبقار المدرة للبن، تصاب البقرة «ع» بالتهابات مؤلمة في الضرع، بالرغم من تلقيها مضادات حيوية بين فترات إدرار اللبن. تُجبر البقرة «ع» على الحمل في عجل واحد سنويًّا لضمان استمرار إنتاج اللبن. تتلقى البقرة «ع» حقنًا يومية من هرمون النمو البقري تساعد على نموها وزيادة إنتاجيتها. بينما يبلغ العمر الطبيعي للأبقار عشرين عامًا أو أكثر، لا تستطيع الأبقار الحفاظ على مستوى إنتاجيتها عند بلوغها سن الرابعة، ومن ثم تعتبر «مُستنفدة» للغرض منها. خلال عملية النقل والمناولة، تعتبر البقرة «ع» محظوظة؛ فبالرغم من حرمانها من الطعام، والماء، والراحة لأكثر من يومين، وشعورها بالخوف أثناء وخزها، لا يجري ضرب البقرة. في المذبح، تسمح غريزة البقرة لها — على عكس الخنزير — بالسير على ممر، الواحدة تلو الأخرى. للأسف، يصعب على عامل الصاعق الكهربي الذي لم يتلقَّ تدريبًا جيدًا تشغيل البندقية الهوائية. وبالرغم من صعق البقرة «ع» أربع مرات، فلا تزال البقرة واقفة مُصدِرة خوارًا عاليًا. ولا يتوقف سير نقل الأبقار، لذا يجري تعليق البقرة في القضيب العلوي وتُنقل إلى «الطاعن» الذي يقطع رقبة البقرة التي تذرف جميع دمائها. تبقى البقرة واعية أثناء نزيفها وتشعر بفصل أعضائها ونزع جلدها حية. (لا يستطيع المفتش الفيدرالي رؤية ما يحدث من موقعه الذي يوجد فيه. إضافة إلى ذلك، يفحص المفتش في حماس بالغ جثث الأبقار التي تتدفق من كل مكان، للبحث عن أي آثار للعدوى.) يُستخدم جسد البقرة «ع» في عمل اللحم البقري المصنَّع أو الهمبرجر.
(١) مؤسسة المزارع التجارية
تقدِّم الحيوانات المذكورة أعلاه أمثلةً على المزارع التجارية التي تورد حاليًّا معظم اللحوم ومنتجات الألبان في الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا العظمى، وأغلب الدول الصناعية الأخرى. منذ الحرب العالمية الثانية، أدت المزارع التجارية — التي تحاول تربية أكبر عدد ممكن من الحيوانات في مساحة صغيرة للغاية من أجل تعظيم مكاسبها — إلى توقف ثلاثة ملايين مزرعة عائلية أمريكية عن العمل. خلال الفترة نفسها، شهدت بريطانيا العظمى وعدد من الأمم الأخرى تحولات مشابهة في القطاعات الزراعية. شملت التطورات العلمية التي ساهمت في نمو المزارع التجارية توفير فيتامين «د» صناعيًّا (الذي يتطلب إنتاجه بصورة طبيعية ضوء الشمس لتكوينه)، ونجاح المضادات الحيوية في الحد من انتشار الأمراض، وظهور الأساليب المتطورة للانتخاب الجيني للحصول على سمات إنتاجية محددة. بما أن القوة الدافعة وراء مؤسسة المزارع التجارية تتمثل في الفعالية الاقتصادية، تعامل صناعة المزارع التجارية الحيوانات كوسيلة لبلوغ هذه الغاية، كأشياء لا أهمية أو مكانة أدبية مستقلة لها من أي نوع.
بالنظر إلى عدد الحيوانات ومدى الضرر الذي تتعرض له، «تتسبب المزارع التجارية في ضرر أكثر للحيوانات من أي مؤسسة أو ممارسة بشرية أخرى»؛ ففي الولايات المتحدة وحدها، تقتل هذه المؤسسة أكثر من ١٠٠ مليون حيوان ثديي وخمسة ملايين طائر سنويًّا. لا تتمتع حيوانات المزارع الأمريكية بأي حماية قانونية. يتمثل أهم التشريعات الفيدرالية على الإطلاق في قانون الذبح الرحيم، الذي لا يشمل الدواجن — أي معظم الحيوانات المستهلكة — ولا يتعرض للأوضاع المعيشية، أو النقل، أو مناولة الحيوانات. إضافة إلى ذلك، مثلما أفرد جيل آيسنتز وآخرون في التوثيق، لا يكاد هذا القانون يطبَّق. ظاهريًّا، تدعم وزارة الزراعة الأمريكية الغاية الرئيسية للقطاع الزراعي التجاري، ألا وهي تعظيم الأرباح إلى الحد الأقصى دون وجود أي عوائق. لا يعتبر ذلك أمرًا مدهشًا عندما يعرف المرء أن معظم المسئولين الكبار في وزارة الزراعة الأمريكية، منذ ثمانينيات القرن العشرين، كانوا هم أنفسهم مسئولين كبارًا في شركات زراعية تجارية كبرى، أو كانوا على صلات سياسية ومالية وثيقة بهذه الصناعة.
في المقابل، حدَّت الدول الأوروبية من تجاوزات هذه الصناعة التي تعتبر المزارع التجارية الأمريكية أبرز الأمثلة عليها. على سبيل المثال، حظرت بريطانيا العظمى استخدام صناديق العجول، كما وضعت حدًّا بلغ خمس عشرة ساعة فقط كحد أقصى أثناء نقل الحيوانات دون طعام أو ماء. وضعت السوق الأوروبية المشتركة ومجلس أوروبا اشتراطات لضمان سلامة حيوانات المزارع، وهي الاشتراطات التي تُرجمت إلى قانون في مختلف الدول الأعضاء. تشمل هذه الاشتراطات عمومًا توفير المزيد من المساحة للحيوانات، وحرية أكثر لممارسة أنشطة النوع الطبيعية، فضلًا عن توفير ظروف معيشية أكثر إنسانية من الظروف المتوافرة لحيوانات المزارع في الولايات المتحدة. وبالرغم من الظروف الأكثر إنسانية التي تتوافر للحيوانات في أوروبا، تظل معظم صناعة تربية الحيوانات في أوروبا كثيفة بما يكفي بحيث تستحق إطلاق مصطلح «مزارع تجارية» عليها.
لم تقدم هذه المناقشة حتى الآن سوى معنًى وصفيٍّ للمزارع التجارية من خلال ثلاث حالات. بناء عليه، قد يجري الاعتراض على أن الحالات التي عُرضت للدجاجة «س»، والخنزير «ص»، والبقرة «ع»، لا تمثل سمات عامة لصناعة المزارع التجارية. هذا صحيح. في المقابل، لا تعتبر الخبرات التي مرت بها هذه الحيوانات — مثلما تشير الأدلة على ذلك — غير مألوفة، على الأقل في الولايات المتحدة الأمريكية. بينما يعتبر الوصف الكامل للمزارع التجارية أمرًا مستحيلًا في هذا المجال، ربما يفيد إضافة بعض الملاحظات العامة عن الأنواع الأخرى من حيوانات المزارع. يُقصد من التعميمات التالية وصف الحالة الأمريكية، مع أن بعضها يصف بدقة الخبرات الشعورية التي تمر بها الحيوانات في دول أخرى كثيرة أيضًا.
تعتبر الماشية التي تُربى خصوصًا للحومها أفضل حالًا من الحيوانات الأخرى التي وصفت هنا. يتوافر للكثير من الماشية الفرصة للتجوال في الفضاء المفتوح مدة ستة أشهر تقريبًا. بعد ذلك، تُنقل هذه الماشية مسافات طويلة إلى أماكن الرعي حيث تتغذى على الحبوب بدلًا من الحشائش. تشمل المصادر الرئيسية للألم أو الكرب التعرض المستمر للطقس السيئ ووسمها بعلامات، وانتزاع قرونها، وإجراء عمليات إخصاء لها دون تخدير، وقطع الآذان لتمييزها، وكآبة البيئة التي ترعى فيها دون تغير. بطبيعة الحال، قد نضيف إلى ذلك الأضرار المصاحبة لعملية النقل إلى المذبح وما يحدث داخله.
تقضي دواجن المزارع حياتها في أعشاش مغلقة تصبح مع الوقت مزدحمة مع نمو عشرات الآلاف من الطيور بمعدلات نمو غير عادية. إضافة إلى الازدحام الشديد، تشمل أسباب الإزعاج الأخرى تَغَذِّي بعض الطيور على بعض، والاختناق بسبب تكوُّم الدواجن بعضها فوق بعض نتيجة لذعرها، وانتزاع المناقير، وظروف التنفس غير الصحية التي تنشأ عن عدم تنظيف مخلفات الدواجن وسوء التهوية. العجول التي تُربى من أجل لحومها تُحرم من كثير من الظروف المعيشية الملائمة، شأنها شأن الخنازير. تعيش العجول في صناديق معزولة صغيرة للغاية بحيث لا تسمح لها حتى بالدوران أو النوم في وضع طبيعي. بحرمانها من الماء والغذاء الصلب، تشرب هذه العجول لبنًا سائلًا بديلًا يفتقر إلى الحديد، وهو ما يؤدي إلى تلون لحومها باللون الأبيض المميز، كما يؤدي إلى إصابتها بالأنيميا. يؤدي هذا النظام الغذائي والحبس الانفرادي لها إلى عدد من المشكلات الصحية فضلًا عن السلوكيات العصابية.
لننظر الآن إلى الصورة الكلية؛ «تسبب المزارع التجارية ضررًا بالغًا للحيوانات بصورة متكررة، وهو ما يتخذ أشكال المعاناة، الحبس، والموت.» وفيما يتعلق بالمعاناة — أو الضرر العملي بصورة عامة — تشير جميع الأدلة إلى أن حيوانات المزارع التجارية، خلال حياتها، تمر بمشاعر ألم، وعدم راحة، وملل، وخوف، وقلق، وربما غيرها من المشاعر غير السارة (انظر الفصل الثالث لمراجعة مناقشة الحيوات العقلية للحيوانات). إضافة إلى ذلك، «تَحبِس» المزارعُ التجارية من خلال طبيعة عملها الحيوانات وفق تعريفنا المحدد للمصطلح. بعبارة أخرى، تفرض المزارع التجارية قيودًا خارجية على الحركة ما يتداخل بشكل كبير مع العيش جيدًا (لا تُحبس الماشية التي تُربى خصوصًا من أجل لحومها، على الأقل لجزء من حياتها، وفق هذا المعنى). بطبيعة الحال، تؤدي تربية الحيوانات في المزارع التجارية في النهاية إلى قتل الحيوانات التي تُربى من أجل لحومها، وهو ما يضيف إلى الأضرار السابقة ضرر الموت، بافتراض أن الموت يسبب الضرر لكائنات مثل الأبقار، والخنازير، والدجاج، كما سبقت الإشارة في الفصل الرابع. مرة أخرى، لا يُعتبر الموت ضررًا في هذه الحالة إلا إذا أخذنا في الاعتبار نوع الحياة التي «كان من الممكن» أن تحياها هذه الحيوانات في ظروف معاملة إنسانية. بالنظر إلى المعاملة الحالية للحيوانات، يبدو الموت نعمة، باستثناء حالة الماشية التي تُربى من أجل لحومها. على أي حال، لا خلاف على الطرح القائل إن المزارع التجارية تسبب ضررًا بالغًا للحيوانات.
(٢) التقييم الأدبي
إذا كان الاستنتاج المهم الأول عند التقييم الأدبي للمزارع التجارية يتمثل في أنها تسبب ضررًا بالغًا للحيوانات، فإن الاستنتاج المهم الثاني يتمثل في الآتي: «لا يحتاج المستهلكون إلى منتجات المزارع التجارية.» لا يمكننا بشكل مقنع اعتبار أي من الأضرار التي تلحق بهذه الحيوانات «ضرورية». بتنحية الظروف غير المعتادة جانبًا — كشعور المرء بالجوع وغياب بدائل تلبية هذه الحاجة — لا نحتاج إلى أكل اللحوم للبقاء ولا حتى لأن نكون أصحاء. تتمثل المنافع الرئيسية لأكل اللحوم بالنسبة إلى المستهلكين في «المتعة»، حيث إن مذاق اللحم طيب بالنسبة إلى الكثيرين، و«الراحة»، حيث إن التحول إلى تناول الوجبات النباتية والحفاظ على هذا يتطلب مجهودًا. بوضع الاستنتاجين معًا نصل إلى الاستخلاص القائل إن «المزارع التجارية تتسبب في ضرر هائل لا داعي له.» بما أن التسبب في ضرر هائل لا داعي له هو أمر خاطئ، فلا سبيل إذن للفكاك من الحكم بأن المزارع التجارية تعتبر مؤسسات لا يمكن الدفاع عنها بأي حال من الأحوال.
تجدر الإشارة إلى أن إدانة المزارع التجارية لا تعتمد على الافتراض الخلافي القائل إن الحيوانات تستحق اعتبارًا متساويًا. فحتى إذا قبل المرء بنموذج المقياس التراتبي للمكانة الأدبية، الذي يبرر اعتبارًا أقل من المتساوي للحيوانات، لن يستطيع المرء الدفاع بصورة منطقية عن التسبب في ضرر هائل لا داعي له. بناء عليه، لو نظر المرء إلى الحيوانات بعين الجدية — باعتبارها كائنات تتمتع على الأقل بقدر من المكانة الأدبية — فسيجد المرء دون شك أن المزارع التجارية لا يمكن الدفاع عنها.
لكن ماذا عن المستهلك؟ لا يسبب المستهلك الضرر للحيوانات؛ إذ لا يفعل المستهلك سوى تناول منتجات المزارع التجارية فحسب! تصور من يقول: «لا أركل الكلاب حتى الموت، أدفع لأحد الأشخاص فقط حتى يقوم بذلك.» سنحكم على هذا الشخص بالتصرف على نحو خاطئ نظرًا لتشجيعه ودفعه أموالًا للقيام بأفعال تتسم بالقسوة. بالمثل، بينما قد يشعر من يأكلون اللحم ببعدهم عن عملية إنتاج اللحوم، بل قد لا يفكرون أبدًا فيما يجري في المزارع التجارية والمذابح، يشجع شراء اللحوم التي تنتجها المزارع التجارية على ارتكاب الأفعال التي تتسم بالقسوة، بل ويجعلها ممكنة؛ ومن هنا يعتبر المستهلك مسئولًا بصورة كبيرة. عمومًا، يمكن الدفاع عن هذه القاعدة الأدبية، وإن كانت غير واضحة تمامًا: «قم بكل جهد ممكن لكيلا تقدم دعمًا ماليًّا للمؤسسات التي تسبب ضررًا بالغًا لا داعي له.»
من خلال دعم التسبب في إلحاق الضرر الذي لا داعي له ماليًّا، تنتهك عمليات شراء اللحم الذي تنتجه المزارع التجارية هذا المبدأ، ومن ثم تعتبر غير قابلة للدفاع عنها من الناحية الأدبية. جدير بالملاحظة أننا توصلنا إلى هذا الاستنتاج المهم دون الاحتكام إلى أي نظرية أخلاقية محددة مثل نظرية النفعية أو الرؤية المدافعة عن حقوق الحيوان. على أي حال، بينما تضمنت معارضتنا للمزارع التجارية وشراء منتجاتها حتى الآن اعتبارات رفاهة الحيوان، يدعم هذه المعارضة اعتبارات رفاهة الإنسان. كيف ذلك؟
أولًا: ترتبط المنتجات الحيوانية — التي تحتوي على نسبة عالية من الدهون والبروتين والكوليسترول — بمستويات مرتفعة من اعتلال القلب، والسمنة، والسكتة الدماغية، وهشاشة العظام، ومرض السكري، وبعض أنواع السرطانات. توصي السلطات الصحية حاليًّا بتناول لحوم أقل ومزيد من الحبوب، والفواكه، والخضراوات أكثر مما يستهلك الأمريكيون على سبيل المثال. ثانيًا: أدت صناعة المزارع التجارية الأمريكية إلى القضاء على ثلاثة ملايين مزرعة عائلية منذ الحرب العالمية الثانية، مع هيمنة الشركات الزراعية الكبرى التي تتلقى دعمًا يصل إلى مليارات الدولارات من الحكومة سنويًّا. بينما يسمع الأمريكيون مرارًا وتكررًا أن المزارع التجارية تخفِّض أسعار اللحوم في متاجر التجزئة، من النادر أن يذكرهم أحد بالتكلفة الخفية لدعم الضرائب. في بريطانيا والعديد من الدول الأخرى، لم يتمكن سوى بضع شركات زراعية من الهيمنة بشكل مشابه على صناعة المزارع الحيوانية، وهو ما أسفر عن القضاء على العديد من المزارع الصغيرة. ثالثًا: تعتبر المزارع التجارية مدمرة للبيئة؛ إذ تستهلك المزارع التجارية الطاقة، والتربة، والمياه بينما تؤدي إلى تآكل سطح التربة، وتدمير المواطن الطبيعية البرية، وإزالة الغابات، وتلوث المياه جراء إلقاء الروث، والمبيدات الحشرية، والمواد الكيماوية الأخرى بها. رابعًا: تؤثر المزارع التجارية تأثيرًا ضارًّا على عملية توزيع الغذاء على البشر. على سبيل المثال، يتطلب الأمر استهلاك ثمانية أرطال من البروتين لإطعام الخنازير من أجل إنتاج رطل واحد من لحم الخنزير للبشر، و٢١ رطلًا من البروتين لإطعام العجول من أجل إنتاج رطل واحد من اللحم البقري. بناء عليه، تذهب معظم الحبوب التي تنتجها الولايات المتحدة لمصلحة تغذية الماشية. وللأسف، يجعل طلب الدول الغنية على اللحم تكلفة البروتين النباتي عالية للغاية للشعوب في الدول الأفقر. وكثيرًا ما تتخلى المجتمعات الفقيرة عن ممارسة أساليب الزراعة المستدامة لمصلحة تصدير اللحوم والمحاصيل النقدية، لكن لا تبقى الأرباح طويلًا مع تآكل الرقعة الزراعية الآخذة في التضاؤل، وهو ما يتسبب في الفقر وسوء التغذية. في حقيقة الأمر، هناك ما يكفي من البروتين النباتي، إذا جرى ترشيد استخدامه، لإطعام جميع البشر على وجه الأرض. خامسًا: ربما بصورة خاصة في الولايات المتحدة، تعتبر صناعة المزارع التجارية ممارسة تتسم بالقسوة بالنسبة إلى العاملين فيها؛ فيتعرض العاملون في هذه الصناعة إلى ضغوط عمل قاسية — مثلما هو الحال مع عامل يجب عليه قطع ما يصل إلى تسعين دجاجة في الدقيقة، أو التبول في خط الإنتاج خشية تركه — وإلى بعض أسوأ المخاطر الصحية التي قد يواجهها أي عامل أمريكي (مثل الأمراض الجلدية، ومشكلات التنفس، وإصابات اليدين والأذرع المقيدة للحركة، والإصابة جراء التعامل مع الحيوانات الهائجة التي لم تُصعق كما يجب)، وكل ذلك في مقابل أجر زهيد. أخيرًا، فإن رفع القيود التنظيمية على صناعة إنتاج اللحوم الأمريكية منذ ثمانينيات القرن العشرين، إضافة إلى خطوط الإنتاج السريعة للغاية، جعل من الصعوبة بمكان ضمان سلامة اللحوم. ومثلما أشار هنري سبيرا (انظر كتاب سنجر حول سبيرا)، يموت ٢٠٠٠ أمريكي سنويًّا وفق التقديرات جراء لحوم الدجاج الملوثة.
بناء عليه، ومن خلال تلقي المزيد من الدعم من أخذ رفاهة البشر في الاعتبار، يصبح الدفاع عن مقاطعة منتجات المزارع التجارية في غاية القوة. ولكن دعنا لا نتجاهل الاعتراض المهم التالي: ربما يدفع أحد الأشخاص قائلًا إن استمرار المزارع التجارية في مزاولة أنشطتها يعتبر ضروريًّا من الناحية الاقتصادية. فبينما سيؤدي القضاء على هذه الصناعة — من خلال مقاطعتها بنجاح — إلى توجيه ضربة قاسمة إلى مالكي الشركات الزراعية التجارية، ستُفقَد العديد من الوظائف كما قد يؤدي ذلك إلى إلحاق الضرر بالاقتصادات المحلية. تعتبر هذه الآثار المترتبة على القضاء على صناعة المزارع التجارية غير مقبولة وفق وجهة النظر تلك. بناء عليه، مثلما تعتبر صناعة المزارع التجارية ضرورية، يعتبر الضرر البالغ الذي تتسبب فيه للحيوانات ضروريًّا أيضًا، وهو ما يعارض طرحي القائم على فكرة الضرر البالغ «غير الضروري» الذي تتسبب فيه صناعة المزارع التجارية.
ردًّا على ذلك، قد نقبل افتراض الآثار المترتبة على القضاء على صناعة المزارع التجارية بينما نرفض الزعم القائل إنها غير مقبولة. أولًا: مثلما يشير بيتر سنجر، لا يجب تحمل التكاليف السلبية للقضاء على صناعة المزارع التجارية سوى مرة واحدة، بينما يستتبع الإبقاء على هذه المؤسسات استمرار زيادة التكاليف المستثمرة في تربية الحيوانات إلى الأبد. أيضًا، بالنظر إلى المعاملة السيئة التي يتلقاها العاملون في المزارع التجارية، من الصعوبة بمكان الاعتقاد أنهم سيتعرضون لضرر بالغ عن طريق البحث عن وظائف بديلة، وهو ما يقوم به الكثير من الموظفين الذين «ضاقوا ذرعًا» على أي حال بمجريات الأمور. بصورة أكثر عمومية، يمكن تجنب التهديدات المتنوعة التي تواجه سلامة الإنسان في صناعة المزارع التجارية — مثل المخاطر الصحية، وتدمير البيئة، والاستخدام غير الفعَّال والتوزيع السيئ للبروتينات النباتية، إلخ — إذا جرى القضاء على هذه الصناعة (بافتراض عدم إمكانية أن تُستبدل بها صناعة تربية حيوانات أقل كثافة، وهو ما سيؤدي إلى استمرار بعض هذه المشكلات). سيؤدي تجنب هذه المخاطر والأضرار، ليس مرة واحدة بل إلى الأبد، إلى تحقيق التوازن مع أي ضرر اقتصادي قصير المدى. أخيرًا، أقر بأن «هناك حدودًا أدبية لما يمكن أن نقوم به حيال الآخرين في مساعينا لتحقيق الربح أو العمل؛ والتسبب في ضرر بالغ للكائنات الحساسة في مساعينا لتحقيق هذه الأهداف فيه تجاوز لهذه الحدود.» (تمثل حالات إجبار الناس على ممارسة البغاء، أو المواد الإباحية، أو العبودية أمثلة حية على انتهاك هذه الحدود.) إذا كان ذلك صحيحًا، لا يمكن اعتبار صناعة المزارع التجارية ضرورية. ختامًا، أرى أن هذه الردود معًا تفصل الطرح عن الضرورة الاقتصادية.
(٣) المزارع العائلية التقليدية
ركَّز هذا الفصل على المزارع التجارية نظرًا لأن معظم المنتجات الحيوانية التي نستهلكها تأتي منها. في المقابل، يأكل الناس الحيوانات من مصادر أخرى، بما في ذلك المزارع العائلية التقليدية.
ونظرًا لأن المزارع العائلية تتضمن ظروف تربية أقل قسوة، فإنها تتسبب في قدر أقل بكثير من المعاناة للحيوانات من المزارع التجارية، بل ربما لا يجري حبس الحيوانات في المزارع العائلية بمعنى فرض قيود على الحركة تتداخل بصورة كبيرة مع العيش جيدًا. في المقابل، بافتراض صحة تفسير الضرر الناجم عن الموت القائم على توافر الفرص في الحياة (انظر الفصل الرابع)، لا تستطيع الحيوانات الفكاك من الضرر نظرًا لأنها تُقتل في النهاية، وهو ما يستتبع وقوع ضرر الموت.
ولما كانت المزارع العائلة تتسبب في ضرر أقل بكثير للحيوانات، وتتجنب بعض التهديدات التي تمثلها المزارع التجارية لسلامة الإنسان (على سبيل المثال، تلوث المياه، ظروف العمل بالغة الخطورة)، فإن المزارع العائلية تعتبر أكثر قابلية للدفاع عنها من منافستها السائدة. في المقابل، توجد حجة أدبية قوية ضد المزارع العائلية وممارسة شراء منتجاتها. لسبب واحد، تسبِّب هذه المؤسسة معاناة بالغة من خلال بعض الممارسات: وسم الماشية بالعلامات التجارية وانتزاع قرونها، وإخصاء الماشية والخنازير، وفصل الأمهات عن صغارها، وهو ما قد يسبب كربًا حتى للطيور، ومعاملة الحيوانات معاملة سيئة أثناء النقل، والمناولة، والذبح. مرة أخرى، تموت جميع الحيوانات. وبما أن أكل اللحوم لا يعتبر — مع طرح الظروف الاستثنائية جانبًا — أمرًا ضروريًّا، فلا يوجد داعٍ لهذه الأضرار التي تقع على الحيوانات. من الصعوبة بمكان الدفاع عن التسبب في إلحاق الضرر المتكرر غير الضروري.
في المقابل، قد تدعم بعض الردود الدفاع عن بعض صور المزارع العائلية؛ فعلى سبيل المثال، يستطيع الدجاج والديوك الرومية الإفلات من معظم الأضرار التي وصفت توًّا. إذا كان في مقدور دجاجة أو ديك رومي أن يعيش حياة سارة — كأن لا يتعرض أحد أفراد عائلته لأذى — ولم يجرِ إساءة معاملته مطلقًا، فسيتمثل الضرر الوحيد الذي قد يلحق به في الموت. ولكن، ربما ينفي من يدافع عن تفسير الضرر الناجم عن الموت القائم على القضاء على رغبة مركزية (بالرغم من نقدي لهذا الطرح في الفصل الرابع) أن تتعرض حتى الطيور لهذا الضرر، وهو ما يشير إلى أن الدواجن لا تتعرض لأي ضرر في الظروف المثالية.
في المقابل، إذا قبل المرء (على خلاف المؤلف) بنموذج المقياس التراتبي للمكانة الأدبية، فسيسلِّم بوجود وزن أدبي غير متساوٍ للمصالح — بما في ذلك تجنُّب المعاناة — للكائنات المختلفة، وهو ما يعتمد على درجة تعقدها الإدراكي، والشعوري، والاجتماعي. قد يدافع المؤيدون لإطار العمل الأخلاقي هذا عن ممارسات المزارع العائلية التي تجعل معاناة الحيوانات — المعترف أنها غير ضرورية — في حدودها الدنيا. ربما يدفع هؤلاء بأن الأمر لا يعتبر خطأً دائمًا أن يتسبب المرء في إلحاق ضرر «أدنى» غير ضروري، حتى للثدييات، خاصة إذا كانت هناك بعض المنافع المهمة مثل توظيف المزارعين. في المقابل، ربما سيحتاج المرء إلى أخذ الآثار السلبية على رفاهة الإنسان في الاعتبار، مثل الاستخدام غير الفعَّال للبروتين النباتي، في تقييم مدى منطقية هذا الطرح.
(٤) المأكولات البحرية
يأتي كثير من الغذاء الذي نأكله من البحر. وبدءًا من الأسماك ورأسيات الأرجل (الأخطبوط والحبَّار)، خلصنا في الفصل الثالث إلى أن هذه الكائنات حساسة، وتتعرض للألم والكرب. في المقابل لم نقرر على نحو نهائي ما إذا كانت هذه الكائنات تشعر بالمعاناة بالمعنى المحدد المتمثل في الحالة الشعورية الكريهة المصاحبة للألم أو الكرب الذي يتجاوز الحد الأدنى. يتطلب الإمساك بالأسماك ورأسيات الأرجل اصطيادها باستخدام خطاف أو نصب الشباك وخنقها. بداهة، تمر هذه الكائنات بمشاعر كريهة أثناء ذلك. بينما لا تتضمن أساليب الصيد التقليدية الحبس — حيث إن الحيوانات تكون حرة طليقة في بيئتها الطبيعية — يعتبر الموت مسألة حتمية. بينما يسبب الموت الضرر لهذه الكائنات «إلى درجة ما» وفق تفسير ضرر الموت القائم على توافر الفرص في الحياة، لا يتسبب الموت في الضرر لها وفق الرؤية القائمة على الرغبة.
هناك طرق عديدة يمكن من خلالها الدفع بأن الأسماك ورأسيات الأرجل يلحق بها الضرر في الحد الأدنى فقط، من خلال الزعم أن المعاناة قصيرة جدًّا، أو من خلال إنكار وجود أي معاناة على الإطلاق، أو من خلال الدفع بأن الضرر الناجم عن الموت في حالة هذه الكائنات لا يكاد يُذكر إلى درجة انعدام وجوده. إضافة إلى ذلك، قد يدفع المرء بأن هذا الضرر الأدنى يتوازن بصورة مناسبة مع بعض المنافع التي تتحقق لمصلحة البشر مثل المتعة، والراحة، وملء البطن بوجبة صحية، وتوفير العمل للصيادين. (ولكن، سيرفض هذا المنطق مَن يعتقد أن الحيوانات تحظى بحقوق بالمعنى الأقوى لتجاوز المنفعة، انظر الفصل الثاني.) من المنطقي إذن أن يجد المدافع عن نموذج المقياس التراتبي مسألة إنتاج واستهلاك المأكولات البحرية أسهل في الدفاع عنها حيث تقع الأسماك ورأسيات الأرجل في مرتبة أدبية منخفضة نسبيًّا.
يتمثل أحد العوامل التي تزيد الأمر تعقيدًا في تحليلنا في أن العديد من الأسماك اليوم تُربى في مزارع سمكية، وهي مزدحمة للغاية إلى درجة أنها ترقى إلى مرتبة الحبس كما تزيد من درجة عدم السرور في حياة الأسماك. عندما تُربى الأسماك على هذا النحو، يصبح الدفاع عن مقاطعة هذه المنتجات وجيهًا أكثر.
ماذا عن سرطان البحر، والكابوريا، والجمبري، واللافقاريات الأخرى بخلاف رأسيات الأرجل؟ لا تقدم الأدلة المتوافرة حاليًّا دليلًا شافيًا على امتلاك هذه الكائنات أي إحساس. إذا لم تكن هذه الكائنات حساسة، فلن تؤدي أفعالنا إلى إلحاق الضرر بها. ربما يختلف الناس حول ما إذا كان يجب منح هذه الكائنات — في ظل هذه الحالة من اللايقين — قرينة الشك واعتبارها كائنات حساسة.
عندما نتطرق إلى موضوع تناول المأكولات البحرية، يجب ألا نغفل أي أضرار تلحق بأي مخلوقات بخلاف المخلوقات التي يجري استهلاكها. على سبيل المثال، هب أنك ابتعت سمك تونة من شركة تستخدم شباكها في صيد وقتل الدلافين، التي يبلغ تعقد قدراتها الإدراكية، والشعورية، والاجتماعية مكانة القردة العليا. بناء عليه، قد تجعل الأضرار التي تلحق بالدلافين من عملية شراء التونة من هذه الشركة مسألة أدبية على نفس القدر من خطورة شراء اللحم من المزارع التجارية.