مقدمة
«ما دُمْنا لا نَسْتَغنِي عَنِ الْكُتبِ، ولا مَعْدَى لَنا عَنِ الْمُطالَعَةِ؛ فَثمَّةَ كِتابٌ هُوَ عِنْدِي أَثْمَنُ ذُخْرٍ فِي التَّرْبِيَةِ الاِسْتِقْلالِيَّة الطَّبِيعِيَّةِ. وسَيَكونُ أَوَّلَ كِتابٍ يَقْرَؤُهُ طِفْلِي «إِمِيل». وسَيُصْبِحُ — وَحْدَهُ — كلَّ مَكْتَبِتهِ. وسَيَرَى فِيهِ — عَلَى الدَّوامِ — مِنَ الْمَزايا الْباهِرَةِ ما يَدْفَعُهُ لِإِحْلالِهِ أَسْمَى مَكانٍ عِنْدَهُ.
وَسَيَظَلُّ هذا الكِتابُ عُمْدَةً فِي هذا الْبابِ، وَيَظَلُّ كُلُّ ما عَداهُ — مِنْ كُتُبِ العُلومِ الطَّبِيعِيَّةِ — حَواشِيَ وتَعْلِيقاتٍ عَلَيْهِ. فَهُوَ أَصْدَقُ مِقْياسٍ نَقِيسُ بِهِ مَدَى نجاحِنا فِي الْحَياةِ، كما نَقِيسُ عَليْهِ أحْكامَنا الَّتِي نُصْدِرُها. وسَيَظَلُّ — كَذلِكَ — مُتَجَدِّدَ الرَّوْعَةِ والْأَثَرِ فِي كُلِّ وَقْتٍ نَقْرَؤُهُ، ما دام لَنا ذَوْقٌ لَمْ يَتَطَرَّقْ إِلَيْهِ الْفَسادُ.
![figure](https://downloads.hindawi.org/books/html/49180919/Images/figure1.png)
تُرَى ما هُوَ هذا الْكِتابُ إِذَنْ؟
لَعَلَّهُ كِتابُ «أَرسْطُو» أَوْ «بلِين» أَوْ «بُوفُّون»!
كَلَّا، لَيْسَ كِتابَ أَحَدٍ مِنْ هؤُلاء، بَلْ هُوَ كِتابُ «رُوبنسنْ كرُوزُو».