الوطنُ الجديد
(١) عَلَى قِمَّةِ جَبَلٍ
وَكُنْتُ — حِينَئِذٍ — أَجْهَلُ كلَّ شَيْءٍ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ، فَلَمْ أَكُنْ أَعْرِفُ: هَلْ قَذَفَتْنِي الْأَمْوَاجُ إِلَى جَزِيرَةٍ أُمْ قارَّةٍ؟ إِلَى أَرْضٍ مَأْهُولَةٍ، أَمْ مُوحِشَةٍ؟ إِلى مَكانٍ أَمِينٍ مُطْمَئِنٍّ، أَمْ مَخُوفٍ مَرْهُوبٍ؟ إِلى أَرْضٍ يَقْطُنها الْمُتَحَضِّرُونَ، أَمِ الْهَمَجُ، أَمِ الْوُحُوشُ الْمُفْتَرِسَةُ؟
(٢) الطَّلْقَةُ الْأُولَى
ولَعَلَّ هذِهِ هِي أَوَّلُ مَرَّةٍ تُطْلَقُ فِيها بُنْدُقِيَّةٌ فِي تِلْكَ الْجَزيرَةِ!
وَقَدْ ذُعِرَتِ الطُّيُورُ حِينَ سَمِعَتْ هذهِ الطَّلْقَةَ الْمُفَزِّعَةَ، واشْتَدَّ ارْتِباكُها، وَعَلَتْ صَيْحاتُها. ورَأَيْتُ هذا الطَّائِرَ يُشْبِهُ الْباشِقَ، وإِنْ كانَ قَليلَ اللَّحْمِ، لا يُسْمِنُ ولا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ.
(٣) كُوخٌ مِنْ صَنادِيقَ
(٤) عَوْدَةٌ إِلَىَ السَّفينَةِ
ولَمَّا يَئِسَ الْقِطُّ مِنْ عَطائِي ذَهَبَ إِلى سَبِيِلِهِ.
(٥) إِعْدادُ الْمَسْكَنِ
(٦) ذَخائرُ السَّفِينَةِ
(٧) الزَّوْرَةُ الْأَخِيرَةُ
(٨) غَرَقُ السَّفِينَةِ
وما عُدْتُ إِلَى خَيْمَتِي حَتَّى عَنُفَتِ الرِّياحُ، واشتَدَّ اصْطِخابُ الْأَمْواجِ، وظَلَّ الْبَحْرُ مُضْطَرِبًا هائِجًا طُولَ اللَّيْلِ.
ولَمَّا أَقْبَلَ الصَّباحُ دُرْتُ بِأَلْحاظِي فِي عَرْضِ الْبَحْرِ؛ فَلَمْ أَجِدْ لِلسَّفِينَةِ أَثَرًا، فَعَلِمْتُ أَنَّ الْعاصِفَةَ أَغْرَقَتْها؛ فَلَمْ أَحْزَنْ عَلَيْها، لِأَنَّنِي لَمْ أدَّخِرْ وُسْعًا فِي نَقْلِ كُلِّ ما أحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْها فِي الْأَيَّامِ السَّابِقَةِ.
(٩) الْبَيْتُ الجَديدُ
وَإِنِّي لَكَذلِكَ إِذْ بَرَقَ الْبَرْقُ ورَعَدَ الرَّعْدُ؛ فاشْتَدَّ جَزَعِي، وخَشِيتُ أَنْ يَشْتَعِلَ الْبارُودُ، فَيُدَمِّرَ كلَّ شَيْءٍ فِي لَحْظَةٍ واحِدَةٍ.