الفصل الرابع والثلاثون
في صباح اليوم التالي كان جورجي آجيوس أول من قبض المال من البنك، ثم ذهب توًّا إلى جميل مرمور، فلما استقبله هذا بادره قائلًا: لست أستغرب خيانتك يا جورجي والحق عليَّ أني لم آخذ منك ميثاقًا أو ضمانة.
– لماذا ترميني بالخيانة يا جميل وبيننا علائق شغل دائمة؟ فمتى خنتك؟
– أما أنت الذي أطلق سراح يوسف برَّاق؟
– نعم؛ لأني نلت وطري.
– هل أقرَّ؟
– نعم فاستدعِ أم الفتاة إلى هنا حالًا.
– أين الفتاة؟
– متى أتت نديمة إلى هنا أقول.
بعد هنيهة من الزمان كانت نديمة هناك، فقال لها جورجي: الفتاة في دير الراهبات فهل تستطيعين استخراجها من هناك؟
– يا لله ألا أستطيع استخراج ابنتي من بين أيدي أناس لا حق لهم بإمساكها؟
– لعل الرئيسة تعللت ببعض حجج، وأبت أن تجمعك بالفتاة.
– أبلغ دائرة البوليس في الحال.
– حسن، وهبي أن الفتاة أبت أن تعود معك؟
– متى اجتمعت بها أسحرها، فهي طوع بناني.
– هبي أنها كابرت.
– لا تزال قاصرة فأقدر أن آخذها بالقوة.
– حسن، أين الجزاء؟
– متى صارت الفتاة في البيت يدفع لك جميل التحويل.
– إذن أنتظرك هنا.
– لماذا؟ أنا أرسل خبرًا إلى جميل أني تسلَّمت الفتاة.
– بل أود أن أراك هنا لأمر لا أقوله إلا بعد أن تستردي الفتاة.
– حسن، انتظرني في العصر هنا.
ولما كانت الساعة الثالثة بعد الظهر كان جورجي في منزل جميل مرمور، ينتظر نديمة بفروغ صبر فما أخلفت ميعادها.
وفي منتصف الساعة الرابعة كانت هناك متهللة، فقال جورجي: ماذا فعلت؟
– استخرجت الفتاة من الدير بعد مشاجرة مع الرئيسة، حتى إني هددتها بأن أقيم القيامة على رأسها.
فالتفت جورجي إلى جميل قائلًا: التحويل.
فدفع جميل إليه تحويلًا بألف وخمسمائة جنيه عليه مصادقة البنك، فطواه جورجي ووضعه في جيبه ثم قال لنديمة: أما تحتاجون إلى خدمة أخرى مني؟
– لا نستغني عن خدمتك يا مسيو جورجي، فمتى احتجنا إليك أبلغك جميل.
– ألستم عازمين على تزويج الفتاة؟
– نعم الليلة إن شاء الله.
– فأنا القسيس الذي يكلل إذن.
فابتسمت نديمة، وقالت: هل تقدر أن تأخذ إذنًا من بطركك؟
– أنا البطرك والقس.
– نريد أن يكون الزواج شرعيًّا، فندخرك إلى خدمة أخرى يا مسيو آجيوس.
– إذن لا حاجة لكم بي في مسألة الزواج؟
– كلا.
– حسن، إلى الملتقى إذن.