تصدير
الحمد لله رب العالمين، وصلَّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم، وبعدُ؛ فإني خلال مدة الاثنتين والعشرين سنة التي قضيتُها في خدمة لجنة حفظ الآثار العربية تملَّكتْني عاطفة الشَّغَف بهذه الآثار والتعلُّق بها، ولا جدال في أنَّ مصدر هذه العاطفة هو إعجابي بأعمال اللجنة واطِّلاعي على ما تحت إشرافِها من الكنوز الثمينة؛ لذلك، كنتُ عند وضعي لهذا الكتاب في «تاريخ ووصف الجامع الطولوني» مدفوعًا بهذه العاطفة لبذْل كل مجهود لديَّ في انتقاء مواضيعه وترتيبها مع الإيجاز، على أمل أنْ أُخرِجَه في الحُلَّة اللائقة به باعتبار أنه العمل الأول من نوعه في المصنَّفات العربية.
ولحُسْن الحظ قد وقع الاختيار على مطبعة دار الكتب المصرية بالقاهرة لإصداره، فوجدتُ في إدارتها العضُدَ المشكور، الذي قام به حضرة الفاضل محمد أفندي نديم ملاحظ المطبعة، من هِمَّة وعناية في طبع الكتاب على هذا الوجه الحَسَن، أحسَنَ الله إلى حضرات موظَّفيها وعُمَّالها جميعًا.
وقد تحرَّيْتُ في وضْعه أن أرجع على قدْر الطاقة — مع علمي بعجزي وقصوري — إلى كثيرٍ من الألفاظ التي كان مصطلحًا عليها في العمارة العربية، فذكرتُ الجوائز، والأرجل، والأقواس، والبلاطات، والطاقات، وغير ذلك، وأدخلتُها في سياق الكلام على أسلوب يسهل معه على القارئ إدراك المقصود منها بلا حاجة إلى الشرح المُخِلِّ أو التطويل المُمِلِّ.
ولم أتجاوز عن ذكر المراجع التي استندتُ إليها، أو اقتبستُ منها، فلم أقتصر على مَن ذكرتُهم في المقدِّمة من كبار المؤلِّفين الذين عوَّلتُ على أقوالهم، كما تقضي به أمانة النقل، وفي ذكر المراجع عونٌ لمن يريد زيادةً في البحث والدرس.