أعمال لجنة حفظ الآثار العربية في الجامع١
-
سنة ١٨٨٢ و١٨٨٣: كان الجامع مُغلَقًا يُخشَى من سقوط سقفه فعَايَنَه
قومسيون اللجنة الثاني،٢ وقدَّم تقريرًا اقترح فيه إصلاح السقف فوق
المنبر حيث الجدار الذي فيه المحراب، والتحفُّظ على
الزخارف والمنبر، وتقويم أخشابه وتقويتها، وهدم
المباني التي أُقِيمتْ وَسَط الأروقة لتحويلها إلى
مساكن، وتنظيف الصحون من الأتربة والأوساخ.
وقد وافقت اللجنة على هذه الأعمال بعد رسم الجامع، وشُرع في شراء الأخشاب والحدائد اللازمة للعمارة.
- سنة ١٨٨٥: طلب ديوان عموم الأوقاف من اللجنة أن تُبْدِيَ رأْيَها في موضوع ترميم المنبر، فطلَبَتْ تأجيل ذلك؛ نظرًا لأهمية العمل، وعدم وجود حشوات من المنبر لتكميله.
- سنة ١٨٨٨: اقترح القومسيون الثاني اتخاذ الإجراءات اللازمة نحو التعدِّيات الواقِعة من الأهالي على الجامع كفتح شبابيك، وإتلاف مناوِر، وإقامة مساكن في الأروقة الدائرة به.
-
سنة ١٨٩٠: أعاد القسم الفني فحص الجامع فحصًا دقيقًا، وقدَّم
للَّجنة تقريرًا تفصيليًّا مصحوبًا برسمين عن الأعمال
اللازمة لإعادته إلى حالته الأولى والتحفُّظ عليه،
وقَدَّرت النفقات بألفَيْ جنيه، وتنحصر هذه الأعمال
فيما يأتي:
- (١) هدْم المباني المُستَحْدَثة، وتنظيف الجامع من الأتربة والأنقاض.
- (٢) إصلاح القُبَّة التي تعلو رِواق المحراب.
- (٣) تقوية المباني الأصلية.
- (٤) عمل سقف للجامع مع المحافظة على الأجزاء المخلَّفة من السقف القديم.
- (٥) تقوية الشُّرفات.
- (٦) إصلاح البياض.
- (٧) ترميم المنارة الغربية، وإصلاح سُلَّمها.
- (٨) إصلاح حشو الطاقات المُتَّخَذ من الجبس المفرَّغ.
- (٩) إصلاح المنبر.
عُثِر على لوحة من كتابة الجامع التاريخية فقرَّر القومسيون الثاني تثبيتَها على إحدى الدعائم بمقدَّم الجامع.
والذي تمَّ من هذه الأعمال في تلك السنة هو إزالة الأتربة.
-
سنة ١٨٩١: انتهى إصلاح الشُّرفات.
وُضِعتْ مُقايَسة لإصلاح السقف والمناور وترميم المنارة الكبرى.
نُقِل لدار الآثار العربية بعض أجزاء سَقَطَتْ من إزار السقف مع خشب منقوش وقطعة من المنبر.
-
سنة ١٨٩٢: قرَّرت اللجنة الاستمرار في الأعمال.
أبلغت اللجنة عن انتهاء عملية تجديد السقف والمناور بمقدَّم الجامع.
تقرَّر ترميم الجزء العلوي من المنارة، وتركيب هلال عليها وأكملت أعمال التقوية.
-
سنة ١٨٩٤: سقط بابٌ قديمٌ في الجنب القِبْلي.
تقرَّر إنشاء شارع لتخلية الوجهة الشرقية بعرض ١٥ مترًا.
بُوشِر تثبيت بعض الزخارف التي كانتْ على وشك السقوط.
- سنة ١٨٩٦: اقترح فرنز باشا تصوير زخارف الجامع للاستعانة بها في المباحث الخاصة بتاريخ الزخرفة العربية.
- سنة ١٨٩٧: رأى القسم الفنيُّ تصوير بعض مناظر من الجامع زيادةً على الزخارف، وعمل مجموعة منها يُدرَج فيها رسم الجامع.
- سنة ١٨٩٨: قدَّم هرتس بك للَّجنة مشروعًا لوضْع رسالة عن الجامع تحتوي على ١٥ أو ١٦ صحيفة، عدا رسمه العمومي وبعض اللوحات.
- سنة ١٩٠٢: اقترح فرنز باشا نقْل صورة بالجِصِّ من محراب المستنصِر لابتداء الانحلال فيه. حصل انفجارٌ في مخازن القلعة تسبَّب عنه كسْر في المناور الجديدة.
- سنة ١٩٠٤: اقترح هرتس بك تجديد جزءٍ من أحد جوانب المنبر يُستعان فيه بالحشوات التي أهداها مسيو جودفروي لدار الآثار العربية، فعَهِدَتْ إليه اللجنة بوضْع تصميم.
- سنة ١٩٠٧: لُوحِظ ميلٌ في المنارة الصغرى بالزاوية البحرية الشرقية، فتقرَّر ملاحظة حركة الميل فيها من وقتٍ إلى آخَر.
- سنة ١٩٠٨: تقرَّر وضْع سقف صغير من الخشب فوق محراب المستنصِر لوِقايته من تأثير التقلُّبات الجوِّيَّة.
- سنة ١٩٠٩: تقرَّر طلب صُوَر فتوغرافية من متحف الفنون والصنائع بفينا من الحشوات الموجودة به من منبر الجامع بحجمها الأصلي.
- سنة ١٩١٠: عرض ديوان عموم الأوقاف على اللجنة مشروعًا لإعداد مساكن لبعض طَلَبة الأزهر في الجامع فلم تُوَافِق عليه لتنافُره مع الغاية التي تَسعَى إليها اللجنة منذ تشكيلها، وهو إعادة هذا الأثر العظيم إلى حالته الأولى.
-
سنة ١٩١١: قرَّرت اللجنة ترميم المنبر وتكميله تعديلًا للقرار
الأوَّل.
وُضِع مشروعٌ لنَزْع ملكية المنازل المحيطة بالمسجد.
- سنة ١٩١٢: تقرَّر نزْع ملكية المنازل الملاصِقة للوجهة الشرقية لغاية الشارعين اللذين ينتهيان إلى الجامع.
- سنة ١٩١٤: تم ترميم المنبر ورُئِي من اللازم تقوية المنارة التي بالزاوية البحرية الشرقية.
(١) عناية حضرة صاحب الجلالة الملك فؤاد الأول بهذا الأثر
-
سنة ١٩١٨: توجَّهَتْ إرادة حضرة صاحب الجلالة ملك مصر
«فؤاد الأوَّل» لإعادة إقامة الشعائر الدِّينية في
الجامع فصلَّى فيه صلاة الجماعة يوم الجمعة ٢٢ رجب
سنة ١٣٣٦/٣ مايو سنة ١٩١٨، وبهذه المناسبة
أُجْرِيَت الأعمال الآتية:
- هُدِم منزلان ملاصقان للوجهة القِبْلية من جامع صرغتمش، فظَهَر هنالك سُلَّم يَرْجِع إلى وقت بناء الجامع وكان يُصعَد منه إلى جامع ابن طولون من جهة الصليبة فتقرَّر عمل خندقٍ بطول تلك الوجهة لتخلية طاقاتها.
- عُمِلَتْ تجربة لتنظيف الزخارف كلِّها.
- أَعْلَنَ زيور باشا رئيس اللجنة أنَّ وزارة الأوقاف مستعدَّة لتقديم المبالغ اللازمة لإصلاح الجامع.
- سنة ١٩١٩: وُضِع برنامج لإصلاح الجامع يَشمَل تبليط أروقة مؤخَّره وجانبَيْه، وتجديد البوائك التي اندثرتْ بمؤخَّره، وإصلاح البياض والطاقات، وتمهيد أرض الصحن، وغير ذلك.
- سنة ١٩٢٠: تمَّت الأعمال الوارِدة في البرنامج السابق، واتُّخِذت الإجراءات لنَزْع ملكية المنازل الملاصِقة للجدار الشرقي من الخارج.
-
سنة ١٩٢١–١٩٢٥: رُمَّ سور الرِّواق الجنوبي الغربي الخارجي من
الجهتين، وأُزِيلَتِ الأبنيةُ التي كانتْ تَشغَل
قِسْمًا منه، ونُظِّفَ من الأتربة إلى مستوى أرضِه
الأصلية، وتمَّ ترميم وتقوية زخارف باطن الطارات
بوجهة الأروقة الجنوبية الغربية داخل
المسجد.
شُرِع في ترميم السَّبيل الذي أُلْحِقَ بالمسجد على عهْد لاجين بالطرف الجنوبي الشرقي من الرِّواق الخارجي المذكور، وفي رفع الأتربة المتراكِمة محلَّ خمسة بيوت تمَّ نَزْع ملكيَّتها بجوار الوجهة الشرقية لتخليتها لغاية مستوى الأرض الأصلية، وهي أعمال حيوية بالنسبة للمسجد، خصوصًا إزالة الأبنية والأتربة من الرِّواق الجنوبي الغربي الخارجي الذي كان بحالٍ تَمُجُّها النفس وتُزْرِي بكرامة المساجِد، وهذه الأعمال جاريةٌ على الوَجْه الأتمِّ تحت إدارة حضرة صاحب العزة أحمد السيد بك مدير الآثار العربية حالًا وباشمهندس اللجنة.
(٢) توالي عناية حضرة صاحب الجلالة الملك بهذا الجامع
لمَّا رأى حضرة صاحب الجلالة مولانا الملك المعظَّم «فؤاد الأوَّل» ملك مصر ازدحام جوانب هذا الأثر الجليل، الذي يقول عنه علماء الفرنج بحقٍّ — كما ذكرنا — أنَّه أعظم آثار مصر الإسلامية أهميةً، وعلى الأخص بِمَا أُقِيم فيه من المباني التي شَغَلَتْ جزءًا من الأروِقة المحيطة به، أمَرَ — حفِظَه الله — بنَزْع ملكية هذه المباني حتى تَعُودَ الأروقةُ إلى ما كانتْ عليه، ويُصبِح المسجد خاليًا من جهاته الأربع في وَسَط ميدانٍ عرضه من كل جهة عشرون مترًا غير الميادين التي ستُفتَح أمام أبوابه العمومية، ممَّا يترتَّب عليه كشْفُ وجهات هذا المسجد ومسجد صرغتمش حتى شارع الخضيري والصليبة.
وبتاريخ ١٨ فبراير سنة ١٩٢٦ صدَرَ مرسومٌ بنزع ملكية القسم الأوَّل من الأرض اللازمة لهذا المشروع الجليل من الجهة البحرية، ثم صدَرَ مرسومٌ آخَر بتاريخ ٢٠ يناير سنة ١٩٢٧ بنَزْع ملكية الجزء الثاني، وقُدِّرتْ نفقات ذلك بمبلغ ٤٥٠٠٠ جنيه.
مشروع إصلاح الجامع إصلاحًا تامًّا: في ٦ مارس سنة ١٩٢٦ كتب حضرة صاحب الدولة أحمد زيور باشا رئيس مجلس الوزراء وقتئذٍ لحضرة صاحب المعالي وزير الأوقاف محمد توفيق رفعت باشا خطابًا يطلب فيه، بمناسبة الأعمال القائمة بها مصلحة التنظيم لتخلية الجامع الطولوني، اتخاذ ما يلزم بمعرفة لجنة حفظ الآثار العربية لوضْع مُقايَسة لإجراء الإصلاحات اللازمة للمسجد، وإرسالها للنظر في تدارُك النفقات.
- أولًا: تنكيس حوائط المسجد والأسوار، وفتح الأبواب الأصلية المسدودة بالبناء المستحدَث.
- ثانيًا: إصلاح وتكميل البلاط المفروش في أرض المسجد.
- ثالثًا: إزالة المباني المستحدَثة بجوار المنارة الكبرى لتخلِيَتِها وتنكيس التالف من أحجارها.
- رابعًا: تجديد البائكة الناقِصة بمقدَّم الجامع وطلاؤها بالبياض البسيط «السادة» بدون عمل زخارف فيها تمييزًا لها عن البوائك القديمة.
- خامسًا: الاكتفاء بتجديد سقف أروقة القِبْلة من واقع البقايا الموجودة مع الاحتفاظ بهذه البقايا، وتثبيت بقايا الإزار المشتمل على الكتابة، وتكميل الأجزاء الناقِصة منه بلا كتابة، والاكتفاء في دهان الأجزاء المستجدَّة من السقف بأنْ يكون هذا الدهان بسيطًا خاليًا من الزخارف لتعذُّر تعيين ألوان الدهان الأصلي، وإبقاء سقف الأروقة التي بِجانِبَي المسجد ومؤخَّره كما هي، بعد تقويتها وإصلاحها حتى لا تضرَّ بها مياه الأمطار.
- سادسًا: : إصلاح البياض والزخارف الجصية على ألَّا يُجَدَّد من الزخارف إلَّا ما كان له في البوائك أجزاء قديمة تُساعِد على ذلك مع حفظ هذه الأجزاء في مواقِعِها تَشهَد بما كانتْ عليه، والمواضع التي لا يكون للقديم فيها أثرٌ لا يُتَّخَذ لها إلَّا البياض البسيط، وتُكمل الشبابيك المُتَّخَذة من الجِصِّ حيثما يُوجَد أثرٌ للقديم.
وقد قُدِّرت النفقات المنظور صرفُها على هذه الأعمال بمبلغ ٤٠٠٠٠ جنيه.
ولمَّا اجتمعتْ لجنة حفظ الآثار العربية في جلستها السادسة والستين بعد المائتين في يوم السبت ٢٥ سبتمبر سنة ١٩٢٦ برياسة حضرة صاحب المعالي «محمد نجيب الغرابلي باشا» وزير الأوقاف حصلتْ مُداوَلة في موضوع هذا المشروع، وقد رأَيْتُ إثباتَها هنا لأهمِّيَّتها:
قال حضرة صاحب السعادة محمد زكي الإبراشي باشا وكيل وزارة المالية والعضو بلجنة الآثار العربية: «إنَّ هذا الموضوع على جانبٍ عظيم من الأهمية وإنَّه سَبْقٌ للحكومة أنْ فتَحَتْ لتخلية الجامع من المساكن الواقِعة في الجهة البحرية منه، وعَمَل ميدان لكشْف المسجد وتسهيل الوصول إليه اعتمادًا قدره ٤٥٠٠٠ جنيه، ولو عُرِضَتْ مسألة الإصلاح وقتئذٍ عندَ النظر في تقرير اعتماد التخلية لساعَد ذلك على تقرير المبلغ اللازم للإصلاح في الوقت نفسه.»
فأجابه حضرة صاحب المعالي رئيس اللجنة بقوله: «إنِّي عايَنْتُ الجامع أوَّل من أمس وشاهدتُ أعمال التخلية التي بدأتْ فيها مصلحة التنظيم، ووقَفْتُ على كليات وجزئيات مشروع الإصلاح ووجهة النظر الفنية التي أقرَّها القسم الفني، وهي تدور على إرجاع الأَثَر إلى حالته الأولى، على قدْر ما تسمَح به معالِمُه الأصلية.»
وشرح معاليه العوائق الفنية التي حالتْ دون الموافَقة على جميع الأعمال التي اشتمل عليها خطاب حضرة صاحب الدولة رئيس الحكومة السابق، ثم قال: «وإذا كان الغرض من فتْح ذلك الاعتماد كشف الأثر وإظهاره، فإنَّ أوَّل خدمة يجب علينا التفكير فيها هو إصلاح هذا الأَثَر الجليل بترميم أجزائه المتهدِّمة وتقوية مبانيه، وإلَّا نكون أفسَحْنا المجالَ لتَقَعَ الأنظار على عيوب الجامع وما به من التشويهات؛ ولذلك لا نُوافِق أبدًا على ترك فكرة الإصلاح، وقد ارتَبَطَ المشروع بوعد الحكومة السابقة، ومن واجبنا السَّعْيُ لتتميم هذا المشروع والاستمرار على التمسُّك به؛ لأنَّه عرض من جهة الحكومة، ولنا الأمل في مُساعَدة الباشا وكيل وزارة المالية للَّجنة في هذا الموضوع.»
فقال حضرة صاحب السعادة الإبراشي باشا: «إنَّ الجامع الطولوني باعتبار أنَّه أهمُّ الآثار العربية بالنظر لقِدَمه وما انطوتْ عليه معالِمُه يجعلُنِي بصفتي عضوًا باللجنة أنْ أُرَحِّب بهذا المشروع الجليل، غير أنِّي أرى للتمكُّن من النظر في أمر النفقات اللازمة أنْ يكون تقديرُها على أساسٍ ثابتٍ من واقع مُقايَسات تشتمل على تقديرات حقيقية لا تستلزم المطالَبة بزيادة الاعتماد في المستقبل.»
فقال حضرة صاحب المعالي الرئيس: «إنَّ التقرير الذي أقرَّه القسم الفني مبنيٌّ على مُقايَسة إجمالية، رُوعِيَ فيها ما يَسْتَلْزِمه الإصلاح عَقِبَ المُعايَنة التي أَجْراها، وإنَّه يرى عَرْضَ هذه المُقايَسة على اللجنة في الاجتماع المُقْبِل، وإذا رُئِي عدم الاكتفاء بها تُوضَع مُقايَسات تفصيلية أخرى.»
والمأمول أنْ يتمَّ إصلاحُ الجامع في هذا العهد الذي هو عهد النهضة المصرية المبارَكة فتُضاف هذه الحسنة إلى الحسنات الكبيرة لجلالة الملك المعظَّم، حفِظَه الله.