أنا نصر أبو زيد
«لكنَّ «ابن رشد» كان له ثلاث مسئوليات؛ فيلسوف وطبيب وقاضٍ، وهذه ثلاث مَهامَّ صعبة جدًّا. القاضي يحكم في مصائر الناس، والطبيب يُعالِج أجسادهم، والفيلسوف يُحاوِل أن يَنظُر لهذا كله. مسئوليةٌ باهظة، غير أن تكون فيلسوفًا فقط أو قاضيًا أو طبيبًا فقط. وهذا أرجَعني إلى مسئولية المُفكِّر. فتحُ باب الحوار مع الإنسان العادي يشغلني جدًّا جدًّا الآن.»
على مدار عَقدَين كاملَين جمَع «جمال عمر» كلَّ ما كتبه أو قاله «نصر حامد أبو زيد»، سواء في الكتب أو اللقاءات، وصنَع مادةً وثائقيةً غنية بحياته وأفكاره ومنهجه. وطوالَ هذين العَقدَين ظلَّ يُراوِده سؤالٌ مُلِح: إذا قرَّر «أبو زيد» كتابةَ سيرته الذاتية، فما الذي سيَكتبه؟ أيَّ حياة سيُسطِّرها؟ وفي عام ٢٠١٠م بدأ «جمال عمر» في كتابة سيرة «أبو زيد» مُستعينًا بكل ما جمَعه، ومانحًا خيالَه فرصةَ أن يَرسُم صورةً حيَّة عن هذا المُفكِّر، مزَج فيها بين حياته الشخصية وأفكاره، واقترَب فيها من «أبو زيد» الإنسان والمُفكِّر؛ فجاءت السيرة نصًّا أدبيًّا بديعًا، مليئًا بالتفاصيل ومُفعَمًا بالحياة. استطاع «جمال عمر» أن يَخرُج من ذاته مُتقمِّصًا شخصيةَ «أبو زيد»، ومُعايِشًا حالتَه النفسية والفكرية وأطوارَ حياته المُتعدِّدة، وقدَّم للقارئ حياةً إنسانيةً جديرة بالتوثيق.