حرفية التمثيل
تتناول «حرفية التمثيل» مجال الحركة وحرفيتها بنوع خاص. وتستهدف هذه الحرفية:
-
(١)
مساعدة الممثل على أن يبدو كأحسن ما يمكن له.
-
(٢)
جعل آلية الحركة سليمة غير متكلفة.
-
(٣)
اجتناب تغطية الممثل، أو إدارته إلى أعلى المسرح وهو يتكلم، أو عندما يكون مركز الانتباه.
وحتى إذا لم تكن هناك حاجة إلى هذه الأغراض، فإن الحرفية السليمة ذات عون كبير لأنها تسمح للممثل بأن يختار تأثيراته ويسيطر عليها. والممثل القدير يستطيع التعبير عن الحرج بطريقة أكثر حيوية من الممثل المرتبك بفطرته.
(١) السيطرة على الوزن
تتوقف طريقة وقوفك وحركتك على الطريقة التي تباشر بها وزنك. سيطلب منك القيام فوق المسرح بحركات لم تألفها من قبل. فإذا أمكنك تحليلها على أساس السيطرة على الوزن، استطعت تأديتها بسهولة، وإلا فلا بد من أن تلتجئ إلى المخرج.
(١-١) مركز الثقل center of gravity
(١-٢) الدعامة base
(١-٣) خط الارتكاز line of support
(١-٤) التوازن العام balance
طالما كان خط الارتكاز في داخل نطاق الدعامة، كان الممثل مسيطرًا على توازنه (كما في رقم ١). فإذا مال حتى يقع خط الارتكاز قرب حافة الدعامة (كما في رقم ٢)، ظل محافظًا على توازنه ولكن بدرجة أقل ثباتًا وكان عُرضة للوقوع. وكلما اتسعت رقعة الدعامة، وكلما بَعُد خط الارتكاز عن حافتها، كان الممثل أكثر ثباتًا. أما إذا انحنى حتى يصبح خط ارتكازه خارج حافة الدعامة، فإنه يسقط (كما في رقم ٣). وقد يحافظ على توازنه وهو منحنٍ إذا مال بحقوَيه إلى الخلف (كما في رقم ٤)، وبذلك يكون مركز ثقله فوق دعامته. ولكنه إذا بدأ يسقط فلن يستطيع منع ذلك إلا بزيادة مساحة دعامته. ويمكن هذا بالاتكاء على جسم في اتجاه السقوط (كما في رقم ٥)، أو بالخطو في ذلك الاتجاه (كما في رقم ٦). كذلك يستطيع تحاشي الوقوع بأن يتشبث بشيء خلفه أو بجانبه، وعندئذٍ يصبح الشيء الممسك به جزءًا من دعامته، ويتعلق هو بهذه الدعامة الإضافية بدلًا من الوقوف فوقها؛ إذ ليس من الضروري أن تكون الدعامة أفقية.
ورغم أن مركز ثقل الممثل يكون في حوضه وهو مشدود العضلات، فإن هناك قدرًا من المرونة في خصره. ويقسم الخصر الجسم، من حيث الوزن، إلى قسمين: أحدهما أسفل الخصر ويكون بمثابة دعامة، والآخر أعلى الخصر ووظيفته الموازنة. ويقع مركز ثقل القسم العلوي في وسط الصدر قريبًا من القلب. وهذا المركز هو ما يجب أن يفكر فيه الممثل وهو يتحرك. فإذا اعتبرت مركز ثقل وزنك عند قلبك، أمكنك إهمال وزن رجليك في حل مسائل السيطرة على الوزن، إلا إذا كنت راقدًا، حيث يكون وزن الرجلين من الأهمية بمكان.
(١-٥) السيطرة على الوزن – (أ) الوقفة
وإذا كانت وقفتك رديئة، تدلى رأسك أمامك كما يتدلى رأس الحصان المتعب، وإذا مال حوضك ضغط على أمعائك، فتضغط هذه بدورها على جدار بطنك، فيبرز البطن إلى الخارج، وفي نفس الوقت يدور الجزء السفلي من الحوض إلى الخلف ويحمل معه أردافك. فإذا أصلحت هذه العيوب، فلن تصلح من منظرك فحسب، بل ويتحمل الحوض وزن أمعائك بدلًا من سحب صدرك إلى أسفل. وبعد أن يتحرر الصدر من هذا العبء، يرتفع تلقائيًّا. وهذا يزيد في سعة رئتيك كما يزيد من سيطرتك على التنفس اللازم للكلام.
الوقوف معتدل القامة standing erect
إذا كنا جالسين أو راقدين وأردنا النهوض فإننا عادةً لا نقف في وضع رأسي تمامًا مرة واحدة. فرءوسنا ثقيلة (إذ تبلغ ٥ / ١ وزن أجسامنا تقريبًا)، فنرفعها عادةً إلى أقل درجة ممكنة ونقف في وضع مائل قليلًا بدلًا من أن نقف رأسيًّا. وهذا نوع من الكسل بدون داعٍ؛ لأن الجهد القليل الذي نوفره بعدم وقوفنا رأسيًّا نبذل ضعفه عدة مرات في حمل وزن الجسم بعيدًا عن وضع التوازن. ولا شيء يفيد في تحسين وقفة المرء أكثر من الوقوف رأسيًّا تمامًا في كل مرة ينهض فيها.
التأكد من الوقفة المعتدلة posture check
من العادات القيمة أن تتأكد من وقفتك الصحيحة في كل مناسبة — أربع أو خمس مرات على الأقل يوميًّا. ويمكنك القيام بهذا التمرين في عشر ثوانٍ بعد أن تعرف طريقته:
«أطلق لكتفيك الحرية.» فإن أية محاولة للضغط عليهما إلى الخلف تؤدي إلى التصلب، بينما أنت تسعى إلى وقفة لينة تتسم باليسر. تذكر أنك ممثل لا جندي في ميدان القتال.
وإذا لم تستطع جعل ظهرك مستقيمًا بحيث يحشر أصابعك إلى الحائط في وضع التأكد من الاعتدال، كنت في حاجة إلى التمرين الموضح برقم ١٦ … استلقِ على ظهرك، وارفع ركبتيك بحيث تكون قدماك بمستوى الأرض، وضع إحدى يديك تحت خصرك لتتحسس موضع التقوس في ظهرك، ثم أخرج يدك واثنِ ركبتك إلى صدرك ثم أعدها إلى وضعها الأول، واثنِ الأخرى نحو صدرك أيضًا، وهكذا. ويكفي في كل مرة أن تكرر هذا العمل ست مرات لكل ركبة. بعد ذلك تحسس موضع التقوس ثانيةً فربما وجدته خيرًا من ذي قبل. داومْ على هذا التمرين حتى تجد أنك لا تستطيع وضع أصابعك تحت خصرك وأنت مستلقٍ على الأرض.
الوضع القائم standing poses
ويجب أن تتدلى الأيدي إلى الجانبين عادةً، أو تستند برقة إلى ظهر كرسي أو أية قطعة أثاث. أما أي وضع آخر، كقبض الأيدي خلف الظهر، أو وضعهما في الجيوب، أو على الخاصرتين، فهو وضع ذو ميزة خاصة لغرض خاص يجب أن يلائم الموقف والشخصية. أما إطباق اليدين على البطن فضارٌّ بمظهر الممثل، ولا ينبغي أن يلجأ إليه إلا في الأدوار التي تستلزم هذا الوضع.
(١-٦) السيطرة على الوزن – (ب) الحركة
يمكنك تبسيط مشاكل الحركة إذا تعودت أن تفكر فيها على أساس مركز الثقل وخط الارتكاز والدعامة.
الجلوس sitting
وإذا كنت تجلس وإحدى ساقيك فوق الأخرى، فيجب أن تكون ساقك التي ناحية أعلى المسرح هي العليا، إلا إذا لم يكن لك كلام في هذا المشهد.
النهوض rising
الركوع kneeling
الانحناء stooping
رفع الأحمال lifting
وغالبًا ما تنص التعليمات في مسرحيات شكسبير على حمل جثة خارج المسرح، فيجب تحاشي هذا الأمر بقدر الإمكان؛ لأن النظارة لا يتأثرون بالجثة المرتخية التي قد تبدو لهم أمرًا يبعث على الضحك. وإذا كان لا بد من حمل جثة، فلتُحمل وقدماها تجاه أعلى المسرح، فيحمل أحد الرجال الكتفين بينما يحمل آخران القدمين. غير أنه يُستحسن أن يحمل رجلان الكتفين. وإذا كان هناك ستة رجال أمسك اثنان آخران بالحقوَين لئلا يتدليا إلى أسفل بشكل لا يروق الناظرين. وينبغي أن يغطى الفعل كله عن النظارة قدر المستطاع، وذلك بأن يقف بعض الممثلين أسفل الموكب، وإذا أمكن لفت انتباه المتفرجين إلى جانب آخر من المسرح كان هذا أفضل بكثير.
السقوط falling
رغم الاعتقاد الراسخ لصغار الممثلين الذين يرغبون في إظهار براعتهم، فإنه يجب تحاشي السقوط الفخم إلا في الهزليات والميلودراما البحتة. فإن النظارة في مثل هذه الأحوال لا يؤمنون بأن «الشخص» قد وقع، بل يعجبون كيف قام «الممثل» بالسقوط دون أن يصيبه ضرر. ويجب أن تتم الذروة عندما يتلقى الممثل ضربةً ما، كما يجب أن تكون السقطة نفسها غير مفتعلة. وبقدر الإمكان يلزم أن تغطى بالممثلين أو قطع الأثاث. كما يجب لفت انتباه المتفرجين مؤقتًا إلى شخصية أخرى.
ويجب أن يرقد الأشخاص الميتون أو المغمى عليهم وظهورهم إلى المتفرجين، على أن تميل رءوسهم قليلًا نحو أسفل المسرح؛ لأن هذا الوضع يقلل من وضوح معالم الجسم، الأمر المرغوب فيه دائمًا، ويساعد على إخفاء أية حركة تبدر من الممثل وهو يتنفس. ولا ينبغي أن يكون نعل الحذاء في مواجهة أسفل المسرح إطلاقًا؛ إذ لسببٍ ما يجد النظارة ذلك أمرًا مضحكًا.
ولتحاشي الإصابة بأذًى عند الوقوع:
-
(١)
قطِّع السقطة إلى عدة أطوار كما في رقم ١.
-
(٢)
احتفظ بسيطرتك على وزنك قدر الإمكان، وقلل من الوقوع الفعلي ما استطعت.
-
(٣)
إذا كان سقوطك من مكان مرتفع، فلتسقط أولًا على قدميك، ثم ارتمِ على الأرض.
-
(٤)
دُر حول نفسك أثناء السقوط، وتدحرج عندما تبلغ الأرض، فهذا يجعل حركاتك تبدو متصلة، ويخفف من أثر الصدمة.
المشي walking
(٢) حركة القدمين
حركة القدمين ضرورية للممثل كما هي ضرورية للرياضي. وتنشأ معظم مشاكل حركة القدمين من عدم البدء بالقدم الصحيحة في أول خطوة للمشي. وللبدء الصحيح قاعدتان بسيطتان:
-
(١)
عند المشي إلى الأمام، ابدأ أولًا بالقدم التي في أعلى المسرح (كما في رقم ٧ أ شكل ١٤-٧).
-
(٢)
عند الدوران، مهما كان طفيفًا، ابدأ بالقدم التي ستدور نحوها (ويوضح رقم ٦ دورانًا خفيفًا إلى اليسار، ويبين رقم ٨ دورانًا أوسع إلى اليمين. ولا ينبغي أن تضطرك الخطوة الأولى إلى أن تعبر بإحدى ساقيك أمام الأخرى كما في رقم ٦ب).
يدير الممثلون الناشئون رءوسهم بزاويةٍ قدرها ٩٠° دون تحريك أقدامهم، وهذه عادة خاطئة، وللإقلاع عنها «دع أصابع قدميك تتبع أنفك»، بالتمرن على الدوران كما في رقم ٨ حتى يزول خوفك من تحريك قدميك.
إذا كانت هناك أهمية خاصة لإحدى الخطوات (كالخطوة الأولى للدخول أو الخروج من باب)، فيجب أن تعمل الترتيب اللازم لأن تبدأ بالقدم التي أعلى المسرح … وتبدأ الخطوتان الأولى والأخيرة عند صعود أو هبوط سلم، عادةً، بالقدم العليا أيضًا. غير أنه في بعض الحالات تكون القدم السفلى أكثر سهولة وطبيعية. فإذا أثبتت التجربة هذا، وجب البدء بالقدم السفلى.
وللاستدارة بزاوية كبيرة (كما في رقم ٩)، لف على القدم البعيدة عن اتجاه الحركة وفي الاستدارة السريعة تحدث اللفة أثناء الدوران. وللاستدارة البطيئة يجب أن تبدأ اللفة قبل الاستدارة بلحظة طفيفة. وهذا يعني أن الممثل يقف لحظةً فوق أصابع قدم واحدة، ولكن هذا التأثير لا يلحظه أحدٌ ما دامت الحركة تتصف بالليونة، وما دامت الاستدارة تتبع اللفة مباشرة.
ويبين رقم ١١ طريقة الاستدارة في نهاية عبور.
(٢-١) تحاشي الاستدارة تجاه أعلى المسرح avoiding upstage turns
(٢-٢) العبور إلى أعلى المسرح crossing upstage
والنمط الأساسي عبارة عن خط متعرج. فلو تحرك الممثل نحو أعلى المسرح مباشرةً لتعذَّر عليه مواجهة النظارة وهو يتحرك. فأول خطوة في العبور بعرض المسرح دافعها الصورة. وربما كان ذلك مقررًا في صلب النص، أما إذا لم يكن فإن اهتمام الممثل بها ليكفي في حد ذاته كدافع يحثه على السير في ذلك الاتجاه. والانتقال الثاني دافعه المعطف. أما الحركة الثالثة فدافعها الباب نفسه. ويتخذ الاتجاهان ح، ﻫ ميلًا خفيفًا نحو أعلى المسرح. وفي أثنائهما يستدير الممثل نحو أسفل المسرح ليحادث الفتاة. وعند باب الخروج (و) يستدير نحو أسفل المسرح بدافع ارتداء معطفه. وجدير بالملاحظة أن الممثل هنا ينتهز كل فرصة للانحراف في سيره قليلًا نحو أعلى المسرح. فعند النهوض يصعد نحو غايته مسافة قدمين، كما أن الاستدارتين ب، د ليستا مجرد لفَّتين، فكلٌّ منهما تذهب به حوالي قدم ونصف قدم نحو أعلى المسرح، كما أنه يتقدم مسافة قدم ونصف قدم أخرى عندما يمد ساقه ليقطع الخطوة الثالثة في ﻫ. إنه لتمرين يجد طالب التمثيل فائدة كبرى في ممارسته لعدة ساعات.
ويبين رقم ٢ كيف يتجه شخصان نحو أسفل المسرح وهما يخرجان معًا من باب في أعلى المسرح. فالرجل يسبق في المقدمة (ولذلك لا يكون عرضة للتغطية) وهما يهمان بالمشي. وبطبيعة الحال فإنه يستدير صوب أسفل المسرح ليتحدث إلى الفتاة، ثم يتراجع إلى الخلف بأدب ليسمح لها بالخروج من الباب أولًا. أما هي فتستمر في سيرها إلى الأمام وهي تلقي العبارات الأولى من كلامها (التي لا تكون لها في الغالب أية أهمية)، ثم تستدير لتكمل حديثها عبر كتفها السفلي. وقد يتبعها الرجل في صمت، ويتكلم بضع كلمات وهو يخرج.
(٣) الأبواب والستائر
الباب المفتوح على المسرح محط تشتت للانتباه. وعلى ذلك يجب أن تقفل الباب خلفك دائمًا، إلا إذا كان هناك غرض خاص يستدعي خلاف ذلك. فعند الخروج أو الدخول، امسك مقبض الباب بيدك القريبة من المفصلات، وافتح الباب. وبعد المرور اقفل الباب باليد الأخرى، التي كانت في الأصل بعيدة عن المفصلات.
إذا دخلت من وراء الستائر ذات الفلقتين لتلقي كلمة الافتتاح، يجب مراعاة أي الفلقتين تطبق على الأخرى في الوسط من ناحية أعلى المسرح. وقبيل نهاية كلمتك، تحرك مسافة خمس أقدام نحو الخط الأوسط، ثم قف وظهرك للستار واضربها باليد القريبة من الخط الأوسط، فبذلك تحدث فرجة يمكن أن تمرَّ منها. وبدون هذه الوسيلة قد تُضطر إلى أن تدير ظهرك إلى المتفرجين وتبحث بين الستائر عن مهرب تخرج منه.