تصميم المناظر
لتصميم المناظر أهمية أساسية في نجاح العرض المسرحي؛ فعندما كانت مناظري حسنة التصميم، كنت أجد سهولةً بالغة في الإخراج. وعلى عكس هذا، إذا كانت المناظر سيئة التصميم نشأت عنها صعوبات لا حصر لها لكلٍّ من المخرج والممثلين.
(١) وظيفة المناظر
للمناظر عدة أغراض مختلفة يجب على المصمم أن يضعها كلها نُصب عينيه ليكون تصميمه مقبولًا.
(١-١) المعالم الخلفية background
لا بد للمسرحية من معالم خلفية تمنع تشتت الذهن وتحصره داخل نطاق المسرحية. ولقد أخرجت مسرحية «مدينتنا» في برودواي على مسرح عارٍ عن المناظر، حيث كانت الحوائط المبنية بالطوب الأحمر وأنابيب التدفئة، تجذب الأنظار بين آونة وأخرى، فيشرد الذهن عن متابعة النص. ومما لفت نظري عندما أخرجت المسرحية إحدى فرق الهواة، فيما بعد، استعمال قوس من الستائر رمادية اللون كمنظر خلفي، أتى بنتائج باهرة.
(١-٢) الأسلوب style
للمناظر الكلمة الأولى في المسرح، فإذا لم تكن هذه الكلمة صحيحةً ضلل النظارة منذ البداية بدلًا من إرشادهم إلى الاتجاه الصحيح؛ لذا يجب ألا تتفق المناظر وأسلوب المسرحية فحسب، بل ويجب أن تطابق تمامًا روح الأسلوب حتى تقود النظارة إلى الاتجاه الصحيح منذ لحظة رفع الستار.
(١-٣) نقل المعلومات conveying information
يجب مد النظارة بالمعلومات الهامة عن المسرحية بمجرد رفع الستار. وقد لا يمكن التعبير بالمناظر عن جميع العناصر الناقلة للمعلومات دفعةً واحدة، بل إن بعضها قد يُترك غامضًا عن قصد. بيد أنه يجب أن يتحين المصمم كل فرصة لنقل بعض المعلومات الإضافية إلى النظارة. فمثلًا، تبين اللافتة الموضوعة على أحد أبواب المكاتب اسمَ ووظيفةَ من بذلك المكتب. وأهم العناصر التي يمكن نقلها بالمناظر هي:
نوع المكان: هل هو حجرة جلوس، أو مكتب، أو شارع، أو حديقة …؟
الوقت: تستطيع المناظر أن تعبر عن أي وقت من النهار، ومن السنة، وأحيانًا تحدد اليوم من الأسبوع (فالصحف ليوم الأحد، وغسل الملابس ليوم الاثنين … وهكذا).
مركز أصحاب المكان: كذلك تعبر المناظر عن المركز الاقتصادي والاجتماعي والثقافي للسكان؛ فتبين حالتهم من حيث الثراء أو الفقر، وهل هم محبوبون في الحي أم مكروهون. ويستطيع المصمم البارع أن ينقل بمناظره كثيرًا من المعلومات الأخلاقية؛ فهل السكان منظمون في معيشتهم أو مهملون، وهل هم من النوع الودود أو العنيد، ومن المتدينين أو الماجنين … وغير ذلك. وغالبًا ما تستطيع قطعة ملحقات واحدة أن تعبر عن عدد كبير من المعلومات. فمثلًا يدل وجود دمية كبيرة لامعة ثمينة في حجرة جلوس أنيقة منظمة فاترة، على أن بالمنزل طفلًا يلقى تدليلًا ماديًّا، ولكنه يحيا حياة روحية قاسية. كما يدل على أن الوالدين من الأغنياء، أنهم بليدو الإحساس. وإما أن يكون الطفل خبيثًا، أو أنه محل للعطف والإشفاق.
(١-٤) الجو atmosphere
لما كان جو المنظر يصبغ جميع الحقائق بصبغته، لذا يجب أن يلتزم الدقة لكي يتيح للنظارة فهمًا صحيحًا للمسرحية. فأي خطأ في جو المنظر يجعل الأمر يلتبس على النظارة لدرجة لا يستطيعون معها التمشي مع النص إلا بعد أن يمر أغلب الفصل الأول. وقد حدث ذات مرة أني مكثت نحو عشرين دقيقة في درامة قاتمة، ظنًّا مني أنها هزلية خفيفة؛ لأن جو المنظر كان مرحًا أكثر مما ينبغي بالنسبة للمسرحية. وما إن استكشفت الحقيقة حتى كان جوهر المسرحية قد ضاع مني، وأصبح الباقي منها عديم المعنى.
(١-٥) القيم الجمالية esthetic values
ويجب تصميم المنظر بحيث يبدو متزنًا عندما يكون المسرح خاليًا من الأشخاص، وإلا كان على تشكيلات الممثلين ألا توازن أنفسها فحسب، بل والمناظر أيضًا. كما ينبغي ألا يحتوي المنظر على أي شيء يجذب الاهتمام، إلا إذا كان المنظر سيُستعمل لمدة قصيرة فقط. وإذا اشتمل المنظر على مركز للاهتمام وجب أن يراعى أمره في تشكيلات الممثلين، وليس هذا بممكن عمليًّا طيلة المنظر.
(٢) وسيط الإخراج
للمناظر غرض آخر في غاية الأهمية لدرجة يستحق معها أن نفرد له فصلًا خاصًّا، ذلك هو إيجاد البيئة الحسية التي تساعد على انتظام تدفق أفعال المسرحية. وللأسف يهمل أغلب المصممين هذه الناحية الهامة؛ إذ ينظرون إلى عملية تصميم المناظر كنوع من الزخرفة الداخلية، وهي في الواقع بندٌ هام في حرفية الإخراج. ولهذا السبب يرى المخرج من الأوفق أن يعمل الرسم التخطيطي لوضع المناظر فوق أرض المسرح، ويترك للمصمم تناسبها وتلوينها وزخرفتها. وليس تخطيط وضع المنظر، بأية حال، من الأمور السهلة. فحتى المخرج المتمرن يحتاج إلى عشرات من الرسوم التخطيطية قبل أن يهتدي إلى الرسم المناسب.
(٢-١) الحوائط المنحرفة raking
هل من الضروري جعل المناظر منحرفة؟ إن للمناظر ثلاث ميزات عند مقارنتها بالمناظر الموازية للمحاور الأساسية، فهي:
وهذه المميزات ذات فائدة بالغة في معظم المسرحيات، وعلى ذلك ينبغي أن تكون مناظرك منحرفة، ولا تلجأ إلى نظام التوازي إلا لغرض معين. والمناظر المقامة على التوازي تكون لثلاثة أغراض:
-
(١)
التنوع: يجب إقامة بعض مناظر المسرحيات العديدة المناظر، على التوازي؛ لئلا تكون كلها على وتيرة واحدة. وكذلك الحال في تنظيم المواسم حيث يكون من الأوفق وضع منظر هام واحد على الأقل، موازيًا للمحاور الأصلية.
-
(٢)
الأسلوب: تفسد المناظر المنحرفة أية مسرحية تنتمي إلى حقبة معينة ذات أسلوب خاص كالميلودراما العتيقة وكوميديات موليير.
-
(٣)
الروح: بما أن للمنظر المنحرف صفة الحركة، فهو يخرج بعض المسرحيات عن خطتها. وهذه تشمل المسرحيات القوية العواطف، كأغلب التراجيديات الإغريقية وكثير من مسرحيات يوجين أونيل، وكذلك المسرحيات التي يسيطر فيها العقل كالكوميديا الراقية من أمثال مسرحيات أوسكار وايلد ونويل كاوارد، حيث تكون المناظر الموازية للمحاور الأصلية أكثر ملاءمة لروح النص.
والانحراف بزاوية تقل عن عشر درجات يجعل المنظر يبدو كما لو كان قد أريد وضعه موازيًا، ثم انحرف وضعه خطأً. وقلما يفيد الانحراف بزاوية تزيد على خمس وعشرين درجة. أما فيما بين ١٠°، ٢٥° فلا تأثير للانحراف على فائدة المنظر أو غرضه.
(٢-٢) الحائط الضيق the short wall
كثيرًا ما يكون للمناظر المنحرفة حائط ضيق:
-
(١)
ويمكن حذفه كليةً (كما في رقم ٥ شكل ٨-٣). وعندئذٍ يبدو المنظر كما لو كان جزءًا من حجرة واسعة.
-
(٢)
يمكن وضع الحائط على محور المناظر (كما في شكل ٢-٧). فهذا يوحي بالواقعية، ويمدنا بركن نستطيع أن تضع فيه قطعة أثاث ضرورية يصعب تنسيقها. وفي هذه الحال، لا يصح أن يكون بالحائط باب؛ لأنه يكون غير ظاهر لبعض المتفرجين.
-
(٣)
يمكن وضع الحائط على المحور الرأسي. وهذا هو الغالب كما يتضح من معظم مناظر هذا الكتاب. فمثل هذا الحائط يستطيع جميع النظارة رؤيته مهما كان الغرض العملي المستعمل فيه. وإذا كان بهذا الحائط باب فقد لا يتمكن بعض المتفرجين من رؤيته، ولكنهم يرون أشخاص المسرحية وهم يدخلون منه ويخرجون، فيسلمون بوجوده. ويكون الحائط الموضوع بهذه الطريقة بمثابة عنصر وسط بين محاور المناظر ومحاور المسرح.
(٢-٣) المناطق areas
(٢-٤) الأثاث furniture
وينبغي مراعاة التشكيلات اللازمة للمشاهد الهامة عند تنسيق الأثاث. وتجدر قراءة الفصل الخاص بالتشكيلات فيما يختص بهذا الأمر، ولا سيما الفصل الذي يتناول مشاكل التشكيلات، مع دراسة الأشكال المشار إليها في ذلك الفصل.
ويستخدم المخرجون الناشئون نماذج صغيرة للأثاث، ويمثلون المسرحيات بالدمى المصنوعة من دبابيس الأطفال (الإنجليزية) من النوع ذي الرأس الكروي مع قطع جزء من أسفل الشعبتين.
ويتحاشى قدر المستطاع وضع قطع من الأثاث في الجانب السفلي من باب هام في الحائط الخلفي؛ لأنها تحجب الدخول والخروج. غير أنه من الممكن وضع المقاعد المنخفضة أسفل الأبواب التي تقع في الحوائط الجانبية، وهذه تكون مفيدة وضرورية في كثير من الأحوال. ويتحتم اجتناب وضع الكراسي بحيث تواجه أعلى المسرح. وبالطبع ليس هناك ما يمنع من وضع كرسي يواجه أعلى المسرح عند رفع الستار، إذا كان سيُنقل من موضعه قبل أن يجلس عليه أحد. ونقل قطع الأثاث من مواضعها في أثناء التمثيل ذو فائدة عظيمة للحصول على التنوع. ومع ذلك فيجب عدم نقل قطع الأثاث من مواضعها في فترات ما بين الفصول (إذا كان المنظر نفسه سيتكرر في الفصل التالي)، إلا إذا كان سبب التغيير موضحًا في النص.
(٢-٥) الفتحات openings
لفتحات المنظر تأثير عظيم على التشكيلات والحركة؛ لذا كان لها نفس ما للأثاث من أهمية.
(٢-٦) الأبواب doors
إذا تأملت في تصميم منظر من إنتاج برودواي، استطعت أن تكوِّن فكرةً ما عن عدد الأبواب اللازمة للمنظر. ولكنك تستطيع التأكد من عددها بحصر الأماكن التي يدخل ويخرج منها أشخاص المسرحية. ثم اعمل رسمًا تخطيطيًّا للمنزل مبينًا التوزيع المعقول للحجرات؛ لأن جغرافية المكان ضرورية جدًّا حتى في المسرحيات الخيالية.
لقد استعملت ما يقرب من سبعة أبواب أحيانًا، غير أن ما يلزم للمناظر العادية يتراوح بين اثنين وأربعة. فالعدد الكبير من الأبواب لا يُعقد المنظر فحسب، بل ويُربك المتفرجين أيضًا. وكذلك تشغل الأبواب متسعًا من الحوائط له قيمته ويحتاج إليه عادةً في أمور أخرى. ويمكن الإقلال من عدد الأبواب بعمل رواق يؤدي إلى مكان على اليسار (الباب الخارجي مثلًا)، وآخر على اليمين (كمطبخ مثلًا). ومن الممكن وضع درج (كأنه يؤدي إلى غرف النوم في الطوابق العليا)، وباب في الحائط الخلفي للرواق (يؤدي إلى دهليز).
بعد ذلك أعد قائمة بعدد مرات الدخول والخروج الهامة من كل باب. وحيث إن الدخول الدرامي يكتسب تأثيرًا أوقع إذا تم أعلى المسرح، لذلك تُعد الأبواب اللازمة لهذا الغرض في الحائط الخلفي ما أمكن. غير أنه من الصعب إنجاز الخروج الدرامي أعلى المسرح؛ ولذا يجب أن تعد له أبواب في حائط جانبي، ويفضل ما كان قريبًا من الدروع. وإذا كان أكثر مرات الدخول والخروج الهامة من باب واحد، لزم أن يكون في حائط جانبي؛ لأن الدخول الدرامي من الجانبين أسهل من الخروج الدرامي من المؤخرة.
والأبواب التي سيرى النظارة من خلالها شيئًا ما، ينبغي أن تكون في الحائط الخلفي، وهذا يتناسب مع وجود رواق كالسابق ذكره. ومن الممكن وجود هذا الرواق خلف حائط جانبي منحرف إذا كان معنى الفعل لا يتوقف على أماكن معينة.
وتُفتح أبواب المسرح عادةً إلى الخارج، وهذا النوع أسهل تركيبًا وأقل التصاقًا في الأوقات الحرجة، ويساعد على سهولة سير التمثيل؛ لأن الممثلين قد تعودوه أكثر من غيره. ولقد أصبحت هذه الأبواب شائعة الاستعمال في المسرح حتى مع العلم بأنها غير واقعية. فأبواب الدخول العادية، سواء أكانت للمنازل أم للشقق، تُفتح دائمًا إلى الداخل، ولكن أبواب المسرح، بالرغم من هذا، تُفتح عادةً إلى الخارج. ولم يحدث أن سمعت متفرجًا ينتقد هذا النظام أو حتى يذكر أنه لاحظه. أما الأبواب التي تُفتح إلى داخل المسرح فتكون لثلاثة أسباب:
-
(١)
إذا اقتضت المسرحية درجة كبيرة من الواقعية.
-
(٢)
إذا كان هناك غرض خاص، كأن يختبئ ممثل وراء باب، أو إذا كان حاجبان «سيفتحان مصراعَي الباب» لدخول شخصية عظيمة، فلو دفعا الباب إلى الخارج لتعارض مع عظمة هذه الشخصية، ولقاوما دخولها بطريقة نفسانية بدلًا من الترحيب بها.
-
(٣)
في المسرحيات البوليسية حيث يُفتح الباب إلى الداخل ومفصلاته في أسفل المسرح، لكن يظن المتفرجون عندما يرون الباب يُفتح أن أمرًا خطيرًا وشيكُ الحدوث.
وتتحكم ليونة الحركة في طريقة وضع مفصلات الأبواب الموجودة بالحائط الخلفي الموازي لخط الدروع.
(٢-٧) النوافذ windows
إذا كان على النظارة أن يروا بعض التمثيل من خلال نافذة، وجب أن تكون النافذة في حائط خلفي. ولكن إذا كان التمثيل بالخيالات، كما في مسرحية «الزرنيخ والعجوز»، أمكن وضع النافذة في حائط جانبي.
عند خروج شخص من نافذة فإنه يختفي بظهره. وهذا يجعل الخروج من نوافذ أعلى المسرح مقبولًا. وعلى ذلك يمكن وضع نافذة لتُستعمل في الخروج والدخول، في الحائط الخلفي أو في حائط جانبي، تبعًا لما يتناسب مع المشهد.
(٢-٨) المدفأة fireplace
المدافئ ورفوفها مصدر قيم لدوافع العبور والتشكيلات إذا كانت في حوائط جانبية أسفل المسرح. أما إذا وُضعت المدفأة في الحائط الخلفي فلن تزيد على كونها زخرفة؛ لأن الممثل الذي يذهب إليها لا بد أن يدير ظهره للمتفرجين.
(٢-٩) درجات السلم والمصاطب (البراتيكابلات) steps and platforms
يتوقف وضع سلم داخل منظر على طول السلم وعرض درجاته، ووجود سور أو عدم وجوده، كما يتوقف على انحراف المنظر. وطبيعة الإخراج ذات أهمية عظيمة في هذا الشأن؛ إذ تعقد الأمور تعقيدًا بالغًا لدرجة أنه يتعذر أن نضع أكثر من بعض ملاحظات عامة:
-
(١)
لا قيمة تُذكر لسلم يتألف من درجة واحدة. أما السلم المكوَّن من ثلاث أو أربع درجات فيمكن وضعه في أي مكان تقريبًا؛ إذ يستطيع الممثلون الجلوس أو الوقوف عليه للحصول على تشكيلات قيمة.
-
(٢)
السلم المكوَّن من عدة درجات ضيقة ملائم جدًّا إذا وُضع بطول الحائط الخلفي. أما إذا وُضع بطول حائط جانبي وبدايته أسفل المسرح، اضطُر الممثلون إلى إدارة ظهورهم للمتفرجين عند صعوده. وإذا كانت بدايته أعلى المسرح حجبت درجاته الممثلين عن عيون النظارة.
-
(٣)
ترتفع درجات السلم العريضة نحو الحائط الخلفي عادةً. فإذا كان المنظر منحرفًا وصعد الممثل السلم بزاوية أمكنه أن يتحاشى الاتجاه بظهره إلى المتفرجين.
-
(٤)
يساعد عدم انتظام السلم، ودورانه، ومصاطبه، وغير ذلك (انظر شكل ٩-٣) على روعة السُّلم نفسه، كما يفيد التشكيلات وحركة الممثلين.
-
(٥)
كثيرًا ما تحتاج المسرحيات الواقعية إلى السور، ولكنه غير مرغوب فيه من حيث وجهة نظر المخرج؛ إذ يحدد التشكيلات التي يمكن تنسيقها على درجات السُّلم.
(٢-١٠) السُّلم ومصاطب الخروج getaway platforms and steps
(٢-١١) مناظر المصاطب platform sets
تُستخدم المصاطب ودرجات السلم في المناظر التي من هذا النوع، عادةً، كأثاث للمسرح حيث تنسق التشكيلات الجالسة فوقها. ومن الأفضل تصميم عدد من هذه التشكيلات مقدمًا ليعمل حسابها عند تصميم المنظر.
يراعى عند وضع بعض المصاطب نظام المحاور المتعامدة، ويراعى في بعضها الآخر نظام المحاور المائلة. فإذا روعي فيها جميعًا نظام واحد من المحاور، كان المنظر على وتيرة واحدة، وإذا روعي فيها أكثر من زوجين من المحاور، كان أقرب إلى الفوضى وأصبح عديم المعنى.
(٣) التنويع في تصميم المناظر
(٣-١) مصادر التنوع providing variety
ولو أن عدد الرسوم التخطيطية الأساسية محدود، إلا أنه يمكننا الحصول على عدد محدود من الأشكال بالجمع بين بعض الوسائل المذكورة بعد:
-
(١)
الانحراف: يختلف المنظر المنحرف إلى اليمين (كما في أ برقم ٤ شكل ١٦-١) عن المنظر المنحرف إلى اليسار (كما في ب برقم ٤)، وكذلك عن المنظر الموازي لخط الدروع. وبتغيير موضع النتوء الجانبي نحصل على عدة أشكال متنوعة (كما في ب، ﺟ برقم ٤). أما تغيير زاوية الانحراف فليس ذا أهمية كبرى.
- (٢)
-
(٣)
الجمع بين عناصر الرسوم التخطيطية: يجمع ب في رقم ٤ شكل ١٦-١ بين نتوء وتجويف. وهناك تجويف في الحائط الخلفي (د برقم ٤) غير أن درجات السلم تحجبه، وهذا يجعل التجويف يبدو كما لو كان منفصلًا عن المنظر الأصلي الذي هو من النوع البسيط. ومن الأمور الجديرة بالملاحظة أيضًا، أن به تجويفًا ضحلًا في الحائط الأيمن.
-
(٤)
الأركان المقوسة والمائلة: هذه تقلل من وضوح تأثير نظام المحاور في المنظر (كما في ب، ﺟ برقم ٤ شكل ١٦-١).
-
(٥)
الموقع والحجم والشكل للفتحات: لهذه العناصر آثار مختلفة. فالنوافذ والممرات المكشوفة توحي بالاتساع، كما تشعر الأبواب المقفلة والحوائط بضيق المكان. وأحيانًا يحذف من المنظر حائط برمته (كما في شكل ٨-٣). وللأبواب الكبيرة وزن جمالي أكثر من الصغيرة. ويجدر بنا أن نلاحظ أن لهيئة قمة الباب أثرًا في المنظر. فانظر مثلًا د برقم ٤ شكل ١٦-١، وتأمل كيف يبدو المنظر لو كانت قمم الأبواب مستديرة أو غوطية أو مستطيلة كالأبواب الموضحة بالمناظر الأخرى.
-
(٦)
السلالم والمصاطب: لهذه تأثير في المنظر من حيث إنها تضيف إليه بعدًا ثالثًا كما أنها تكسبه تعقيدًا. تأمل ج برقم ٤ شكل ١٦-١، وتصور كيف يكون المنظر رتيبًا إذا حذفنا منه السور والمصاطب.
-
(٧)
الزخارف: إذا تماثل منظران في التركيب، أمكن إحداث اختلاف بين مظهريهما بالألوان وزخرفة الحوائط. والحقيقة أن بعض الفرق المسرحية تملك منظرًا واحدًا تعيد طلاءه في كل مسرحية. كما أن هناك عوامل أخرى تؤثر في شكل المنظر، كهيئة الأبواب والستائر والصور والأزهار وغير ذلك.
-
(٨)
الأثاث: إن كمية الأثاث وطرازه وتنسيقه لمن العوامل القوية التأثير في تنويع شكل المنظر. فيكاد رقما ١، ٢ بشكل ١٦-٣ يكونان متشابهين في التركيب، إلا أن رقم ٢ قد استُعمل في دراما قاتمة بينما استُعمل رقم ١ في كوميديا خفيفة. حقيقةً، سببت الزخارف والألوان بعض الاختلاف، ولكن الأثاث كان العنصر الأساسي في اختلاف الروح بين المنظرين.
-
(٩)
السقوف: شكل السقف عامل من عوامل تنوع هيئة المنظر، ويلاحظ ذلك بوضوح في السقوف المائلة والسقوف ذات البراقع، غير أنه إذا كان بالصالة «بلكون» تعذر على نصف النظارة رؤية السقف.
(٤) الاعتبارات الحرفية
كثيرًا ما يظن الناشئون أن تصميم المناظر مجرد صور على الورق. وقد حدث ذات مرة أن قدَّم لي رسام محترف «تصميمًا لمنظر» عبارة عن رسم لأربعة رجال جالسين حول مائدة دون أن يكون هناك منظر خلفي. وعلى ذلك لم يكن في هذا الرسم أية تعليمات للعمال توضح لهم كيفية تركيب أو طلاء أو إضاءة المنظر. ولكن ما يجب أن يوضحه تصميم المنظر، هو كيفية استخدام المواد الحقيقية — كالأخشاب والخيش وطلاءات المناظر — التي سيتولى العمال قطعها ولصقها وطلاءها وتركيبها على المسرح، والتي سيضع لها الكهربيون الأنوار اللازمة. كما يجب على المصمم أن يعرف أي أجزاء المنظر سيكون «عمليًّا»؛ أي يمكن استعماله فيما وضع له. فمثلًا، يُشترط في النافذة العملية إمكان فتحها وإقفالها، والصخرة العملية يستطيع الممثلون الوقوف فوقها. أما المناظر «غير العملية» فمن السهل صنعها، ولا يجد المصمم فيها صعوبة. ومع ذلك فلا بد من بنائها وتحديد موضعها وإضاءتها والمصمم الذي ينسى هذه القواعد يخلق لغيره متاعب، وفشلًا لنفسه.
وهذا يعني أنه عند صنع المنظر، يجب أن يراعي المصمم دائمًا طريقة تركيب المناظر، واستعمالها، وإضاءتها. كما ينبغي أن تراعى تكاليف كل قطعة، وسهولة أو صعوبة صنعها، بالنسبة للتأثير الذي يأمل في خلقه. وقلَّما يلم الهواة بهذه المعلومات، وعلى ذلك يجب أن يكون المصمم دائم الاتصال بالمخرج ومدير التنفيذ.
(٤-١) الرسوم والمواصفات drawings and specifications
وعند تصميم منظر لجماعات الهواة، تذكر المواصفات كاملة، كنوع الخشب ودرجة لون الطلاء وغير ذلك. وإذا كانت هناك مواصفات خاصة وجب كتابتها على الرسم نفسه بجانب البنود الخاصة بها.
(٤-٢) مبادئ بناء المناظر principles of scene construction
(٤-٣) الوحدات النموذجية standards
تُبنى معظم مناظر الهواة من وحدات جاهزة يمكن تركيبها وإعادة طلائها لتلائم المسرحيات المختلفة، مع إضافة قطعة أو قطعتين لإضفاء طابع خاص. ولما كانت هذه القطع الجاهزة ستتمشى مع بعضها، فيجب أن تكون من مقاسات معيرية، أي تبعًا لوحدة متعارف عليها. وقد يكون هذا القياس النموذجي عائقًا للمصمم، ولكنه عندما يستعمله عمليًّا، يجده مريحًا جدًّا ومساعدًا له على سهولة التركيب.
(٤-٤) المسطحات flats
تكون جميع المسطحات عادةً بارتفاع واحد، ولو أن بعض المسارح يستعمل مسطحات من ارتفاعين مختلفين: القصيرة للمناظر العادية، والطويلة للمناظر الخاصة. وقد اتفق على جعل الارتفاع الموحد ١٢ قدمًا. ولكن إذا كان هناك بلكون في صالة النظارة أصبح من الضروري زيادة الارتفاع إلى ١٤ قدمًا. أما المسارح ذات السقف المنخفض فتستعمل مسطحات ارتفاعها إحدى عشرة قدمًا أو أقل.
(٤-٥) عرض المسطحات flats width should not be standardized
الرقم | بوصة | قدم | بوصة | قدم | بوصة | قدم | ||||
---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|
١ | عرض | ٩ | ٥ | بفتحة | ٤ | ٤ | × | ٦ | ٩ | في الوسط. |
٢ | عرض | ٩ | ٥ | بفتحة | ٤ | ٤ | × | ٦ | ٩ | في الوسط. |
٣ | عرض | ٩ | ٥ | بفتحة | ٤ | ٤ | × | ٦ | ٩ | في الوسط. |
٤ | عرض | ٩ | ٥ | بفتحة | ٣ | × | ٧ | في الوسط. | ||
٥ | عرض | ٩ | ٥ | بفتحة | ٣ | × | ٧ | على مسافة قدم من يمين المسطح. | ||
٦ | عرض | ٩ | ٥ | بفتحة | ٣ | × | ٧ | على مسافة قدم من يسار المسطح. | ||
٧ | عرض | ٤ | بفتحة | ٣ | × | ٧ | في الوسط. |
الرقم | العرض | الرقم | العرض | الرقم | العرض | |||
---|---|---|---|---|---|---|---|---|
بوصة | قدم | بوصة | قدم | بوصة | قدم | |||
١٠ | – | ١ | ٢٣ | ٣ | ٢ | ٣٦ | ٦ | ٣ |
١١ | ١ | ١ | ٢٥ | ٥ | ٢ | ٣٩ | ٩ | ٣ |
١٢ | ٢ | ١ | ٢٦ | ٦ | ٢ | ٤٠ | – | ٤ |
١٣ | ٣ | ١ | ٢٨ | ٨ | ٢ | ٤٣ | ٣ | ٤ |
١٥ | ٥ | ١ | ٢٩ | ١١ | ٢ | ٤٨ | ٨ | ٤ |
١٨ | ٨ | ١ | ٣٠ | – | ٣ | ٥٠ | – | ٥ |
١٩ | ٩ | ١ | ٣٢ | ٢ | ٣ | ٥١ | ١ | ٥ |
٢٠ | – | ٢ | ٣٤ | ٢ | ٣ | ٥٣ | ٣ | ٥ |
٢١ | – | ٢ | ٣٥ | ٥ | ٣ | ٥٧ | ٧ | ٥ |
وكذلك ستة أو عشرة مسطحات عرض ٩ ٥ مرقمة ٦٠، ٦١ … إلخ. |
(٤-٦) الأبواب doors
(٤-٧) درجات السلم steps
(٤-٨) المصاطب platforms
(٥) خطوط مستوى النظر
يجب أن يعرف المصمم أي أجزاء منظره سيراه جميع المتفرجين وأيهما سيكون محتجبًا. ويستطيع ذلك برسم «خطوط مستوى النظر».
(٥-١) خطوط مستوى النظر الأفقية horizontal sightlines
وتوضح الخطوط الممتدة إلى الجانب القريب من المنظر أجزاء المسرح التي قد نرغب في ظهورها، والتي ستحجب عن بعض النظارة. ومن الواضح أنه لا ينبغي تقديم أفعال هامة في هذه الأماكن. وفي رقم ٣ بنفس الشكل يعترض البئر رؤية منطقة أعلى اليمين التي تصبح عندئذٍ عديمة النفع. ومن جهة أخرى يدلنا الخط «ك» على أن كل متفرج يستطيع رؤية الدمية.
والخطوط «ﺟ، ط، ي، ﻫ، أ» الممتدة إلى الجانب البعيد للمنظر، تبين أجزاءً قد نرغب في حجبها في حين يستطيع بعض المتفرجين رؤيتها. وفي مقدور المتفرج الجالس في نقطة «ف» برقم ٣، أن يرى الحائط الخلفي للمسرح ما بين النقطتين ج، ط في الستار الخلفي. وهذا يدل على وجوب مد الستار الخلفي إلى مسافة أبعد خارج يسار المسرح.
كما يبين الخط «ط»، في نفس الوقت، أن الصف الأرضي طويل أكثر من اللازم (انظر د بالشكل). ويدلنا الخط الممتد إلى ركن المسرح عند «ي» أنه يمكن رؤية بعض أجزاء البطانة الخلفية «ط». وإذا استطاع عدد كبير من النظارة رؤية هذا فيمكن تقريب البيت إلى الأمام قليلًا. ولكن قد يفضل المصمم في هذه الحالة طلاء البطانة لتمثل واجهة البيت من الخارج ويبين الخط الواصل إلى الحافة السفلى للباب «و» إلى أي مسافة يجب إبعاد البطانة الخلفية عند «ﻫ». ويدلنا الخط المار بجانب الدرع «ج» على أن البيت يمتد إلى مسافة خارج المسرح تكفي لتغطية ما وراءه.
وقد ظُلِّل الشكل لبيان أجزاء المسرح التي يمكن رؤيتها من النقطة «ف». وليس هذا التظليل ضروريًّا عند مد خطوط مستوى النظر لمنظر حقيقي.
وكذلك تمد خطوط كهذه من النقطة «ب». والخطوط الهامة في هذا المنظر بالذات هي الواصلة إلى الستار المفرغ «م» والجناح «ن» والدرع «س». وهذه تدلنا على وجوب تغطية الجناحين «ع، ن»، وأن الستار المفرغ يجب أن يمتد إلى خارج المسرح.