توزيع الأدوار
يجب أن يراعى في توزيع الأدوار مصلحة الجمهور، لا أن يُتخذ وسيلة لمحاباة الممثلين أو رشوتهم.
(١) الأعمال الأولية
إذا كنت تريد اختيار أفضل الممثلين لديك لكل دور، وجب أن تبدأ عملية توزيع الأدوار بعد عقد الاختبارات مباشرةً.
(١-١) الصلاحية qualifications
(١-٢) لجنة توزيع الأدوار casting committee
(١-٣) المرشحون candidates
يجتمع المخرج بلجنة توزيع الأدوار قبل موعد الاختبار بأسبوع، ويقررون احتياجات كل شخصية في المسرحية. وتدون مقترحات كل عضو من أعضاء اللجنة، وتعد قائمة بالمرشحين لكل دور، ويخطرون بموعد ومكان عقد الاختبار. ويمكن بالإعلان على صفحات الجرائد، وفي إعلانات الحوائط، الحصول على مزيد من المرشحين. ويشدد على أعضاء اللجنة بالبحث عن المواهب، ولا سيما للأدوار التي يبدو ضعف المرشحين لها.
(١-٤) النصوص scripts
ويجب أن تظهر كل شخصية رئيسية مرة على الأقل في المَشاهد المختارة. أما الأدوار الصغيرة التي ليس لها أكثر من بضعة سطور مبعثرة في المسرحية، والتي تسمح بتساهل في الترجمة حتى لتعدل ملامحها بحيث تناسب الممثل، فتوزع على من يفشل من الممثلين في الحصول على دور رئيسي. وإذا كانت صفات الشخصية لأي دور بسيط تؤثر في معنى المسرحية، وجب توزيعه بنفس الاعتناء الذي يراعى في توزيع الأدوار الرئيسية.
(٢) الاختبارات
تنقسم الاختبارات إلى قسمين: تمهيدية ونهائية. فتستبعد التمهيدية المرشحين غير الصالحين، وتختصر العدد إلى قدر معقول، كما تعطي المخرج صورة عامة عن مواهب الممثلين. والقرار الوحيد الذي يُتخذ في الاختبارات التمهيدية يتعلق إما باستبعاد الممثل أو استدعائه ثانيةً، ويتم ذلك بإعطاء المرشح بعض سطور قليلة يقرؤها تستغرق خمس دقائق أو أقل. وبما أن عددًا من الممثلين يُختبرون معًا، فيمكن اختبار خمسين مرشحًا في مدة ساعتين تقريبًا.
(٢-١) الاختبارات التمهيدية preliminary
عندما يتقدم المرشح يجب أن يكتب اسمه وعنوانه ورقم تليفونه أحد أعضاء اللجنة بقرب الباب، ويكتب عضو آخر اسم الطالب تحت الدور أو الأدوار التي رُشح لها أو التي يرى الطالب نفسه أنه يليق لها.
بعد ذلك يلقي المخرج كلمة قصيرة:
-
(١)
يدلي فيها بمجمل خطة المسرحية، وبعض التعليقات عن كل شخصية هامة، ووصف المنظر.
-
(٢)
يبين للمرشحين أن القوائم التي عُملت ليست نهائية، وأنه يجوز لكل مرشح أن يجرب تمثيل الدور الذي يهمه. حقيقةً إن بعض الوقت يضيع في هذا الإجراء، ولكنه يقنع المرشحين بأنهم سيلقون اختبارًا عادلًا، كما أنه يظهر المواهب المستترة.
-
(٣)
يشرح عدم ضرورة معرفة المسرحية. فالاستعداد لها مقدمًا يعمل على طمس الصفات الفطرية التي يُبنى عليها الاختيار.
بعد ذلك يعلن المخرج عن المشهد الذي سيبدأ به، وأسماء شخصياته. وينادي أول المرشحين لهذه الشخصيات ويعطي كلًّا منهم نسخة من النص، ثم يطلب منهم أداء المشهد بكل ما فيه من حركة وانفعالات كما لو كانوا في تجربة (بروفة) حقيقية. فيبدأ الموجودون على المسرح في بداية المشهد بالقراءة، في حين ينتظر الآخرون في الأجنحة.
يجب على المرشحين أن يبتكروا حركاتهم وأشغالهم ولا يبدي المخرج اقتراحاته إلا إذا لاقوا صعوبة أو إذا أخطأ أحدهم في تفسير دوره خطأً جسيمًا. وبعد أن يكوِّن المخرج رأيه عن أحد المرشحين، يصرفه ويستدعي غيره ليحل محله في نفس الدور. ويبدأ المرشح الثاني من النقطة التي وقف عندها من قبله. وقد تُستبدل مجموعة بأسرها من المرشحين في وقت واحد. وقد يكرر المشهد أو يختار مشهد آخر. والعادة ألا يقرأ أي مرشح دورًا آخر إلا بعد أن تتاح لكل فرد فرصة قراءة دوره مرة.
(٢-٢) الحكم على كفاية المرشحين judging candidates
يميل المرشحون في الاختبار التمهيدي إلى التجمع في كتلة واحدة فوق المسرح، والقراءة بأقل ما يمكن من التعبير؛ ولذا يبرز المرشح الذي يستطيع تقديم قراءة ملونة، ولو كانت لا تعبر عن المعنى. وهو تفوق لا يستحقه؛ ولذلك يرجأ الحكم على المرشح إلى ما بعد الاختبار النهائي. ويمكن الحكم على كفاية المرشح في الاختبار التمهيدي على أسس ثلاثة:
-
(١)
هل تشع شخصيته؟ أي هل يثير استجابات معينة؟ وهذا يتضح في الحال؛ لأن المرشح الكفء للدور يستلفت الأنظار، أما غير الكفء فيكاد ألا يلحظه أحد. وعلى ذلك يجب استبعاد من لا تظهر مقدرتهم في هذه النقطة دون الالتفات إلى أي اعتبار آخر.
-
(٢)
هل المرشح غير لائق للدور من الناحية الجسمية؟ فلا يستطيع ممثل طوله خمس أقدام ونصف قدم أن يقوم بدور لنكولن، كما لا تستطيع ممثلة وزنها مائتا رطل أن تقوم بدور أوفيليا. ويجوز إدراج المميزات الجسمية الواضحة لصالح الممثل مع عدم المغالاة في ذلك؛ إذ يمكن تصحيح النقص بالزي والمكياج.
-
(٣)
هل المرشح مقنع في الدور؟ فإذا كان يحاول القيام بدور روميو، فهل تقع جولييت في حبه من أول نظرة؟ هل من المعقول أن يقوم بالمبارزة؟ أو هل يمكن أن يتناول السم؟ وإذا كان الدور كوميديًّا، فهل يمكن أن يضحك المتفرجون عندما ينطق بالعبارات المثيرة للضحك؟ فالمرشح الكفء للكوميديا يجب، عند أول قراءته لدوره، أن يثير ولو بعض الابتسام.
بعد انتهاء الاختبارات التمهيدية، يراجع المخرج مقترحاته وملاحظاته على مقترحات وملاحظات أعضاء اللجنة. ولا ينبغي أن يسألهم سؤالًا مثل: «هل نختار جون لهذا الدور؟» بل يكون السؤال: «أتظنون أن جون كان مثيرًا للضحك (أو رومانتيكيًّا، أو أي صفة يتطلبها الدور)؟»
(٢-٣) إعادة الاختبار call-backs
بعد التخلص من المرشحين غير الصالحين، تُعد قائمة بمَن سيُستدعون ثانيةً للاختبار النهائي. وإذا كان هناك أكثر من أربعة مرشحين لدور، يجب استبعاد أضعفهم. أما إذا كانوا اثنين أو ثلاثة فتعطى فرصة للضعفاء. ومع ذلك فلا تختبر مرشحًا إذا ظهر أن السابق له أظهر امتيازًا وتفوقًا لذلك الدور. وقد يُختبر مرشح لأكثر من دور واحد. ويُستدعى المرشحون للاختبار النهائي بالتليفون أو بذكر أسمائهم في قائمة تُعلَّق في لوحة الإعلانات. وإذا لم يكن هناك مَن يليق لدور، وجب على اللجنة أن تبحث عن مرشحين جدد لذلك الدور. ولا يلزم اختبار هؤلاء اختبارًا تمهيديًّا، بل يُختبرون نهائيًّا فقط مع المعيدين.
(٢-٤) الاختبارات النهائية finals
أول خطوة في الاختبارات النهائية هي التأكد من ملاءمة المرشح لدوره في كل صغيرة وكبيرة، فتختار لذلك المَشاهد الصعبة والمَشاهد المميزة لطابع الدور، ويبدي المخرج كثيرًا من المقترحات ويلاحظ مقدرة المرشح على تنفيذها. وإذا كان الدور مكونًا من عدة أمزجة، وجب أن يقرأ المرشح مشهدًا مثاليًّا لكل مزاج؛ ففي دور «ليدي ماكبيث» مثلًا، يجب أن يقرأ مشهد القتل، ومشهد سيرها وهي نائمة. فأحيانًا يكون الممثل ممتازًا في مزاج وفاشلًا في مزاج آخر. وعلى ذلك ينبغي عدم اختيار أي مرشح لا يجيد جميع الأمزجة المطلوبة. ولا يتحتم أن يظهر المرشح لياقته باستمرار. فإذا أبدى لمعانًا في أحد المواقف، ولو للحظة خاطفة فإنه صاحب موهبة، وعلى المخرج تنميتها في أثناء البروفات.
تتجلى المقدرة على التمثيل في أثناء القراءة، ومع ذلك فيجب اختبار كل مرشح لمعرفة مدى قدرته على جعل صوته مسموعًا في الصف الخلفي من الصالة دون أن تتأثر ميزات صوته، فهذا كله ما تتطلبه الواقعية من المقدرة الحرفية التمثيلية. أما الأدوار العاطفية والأدوار الأسلوبية فتحتاج إلى أكثر من هذا؛ كدقة الحركة، وليونة الإيماءة، وتنوع الصوت، وانطلاق العواطف، وما إلى ذلك. وهذا يستدعي إعداد اختبارات خاصة؛ فمثلًا يعطى المرشح مقطوعة صامتة أو مشهدًا ليقرأه بطريقة مخصوصة، وإذا احتاج الأمر إلى الغناء أو الرقص أو القيام بحركات بهلوانية، كان من الأفضل عقد جلسة خاصة للاختبار. وكل ممثل عليه أن يُظهر أجزاءً من جسمه، يجب اختباره وهو يرتدي سراويل قصيرة أو لباس الاستحمام.
لا يتحتم أن يلائم المرشح دوره فحسب، بل وسائر ممثلي المسرحية. فلا يجب استخدام الممثلين المتشابهي الوجوه أو الصوت في نفس المسرحية الواحدة. كما ينبغي أن يكون البطل أطول قامة من البطلة، وألا يظهر المهزوم في شجار قوي العضلات … إلخ.
وعند الاختبار النهائي يجب الاهتمام بمقترحات لجنة الاختيار، وعلى أية حال فالكلمة الأخيرة للمخرج.
(٢-٥) الاختبارات الإضافية supplementary tryouts
قلَّما تُسفر الاختبارات النهائية عن استكمال هيئة التمثيل اللازمة؛ إذ يبقى عادةً دور أو دوران لا يوجد مَن يصلح لشغلهما، وقد يكون أحدهما من الأدوار الرئيسية.
حدث ذات مرة أنني ظللت أُجري البروفات مدة أسبوعين، والمسرحية ينقصها ممثل الدور الرئيسي. وعلى ما في ذلك من مضايقة، إلا أنه على أية حال خيرٌ من إسناد الدور إلى ممثل لا يليق له. ويُختبر من يُفتح لهم الباب بعد الاختبارات النهائية، فرديًّا أو في البروفات الجارية؛ فيُعطى الطالب نسخة من المسرحية، ويقوم بالتمثيل كما لو كان الدور له. وإذا لزم الأمر اختبارًا خاصًّا (في مشهد لم تبلغه البروفات بعد) أمكن اختباره فيه على حدة.
يُعطى الطالب في الاختبار الشخصي مشهدًا، ويُطلب منه قراءته على انفراد حتى يلم به، ثم يُطلب منه تمثيله وقراءة عباراته بصوت مرتفع مع التغاضي عن عبارات غيره أو قراءتها بصوت منخفض. وعادةً يستدعي الموقف أن يساعد المخرج الطالب بالتشجيع أو بالمقترحات، ولكن لا ينبغي له قط أن يقرأ الأدوار الأخرى بنفسه، وإلا فقدَ قدرته على النقد. وغالبًا ما يكون الاختبار الشخصي الذي يُعقد بعناية في نفس دقة الاختبارات العادية، غير أنه يستغرق وقتًا أطول (نصف ساعة على الأقل)، كما أنه يُجهد كلًّا من الممثل والمخرج.