الشك الخلاق: في حوار مع السلف
«أحاول الخروجَ عن السياق التقليدي في النظَر إلى عصرٍ ذهبيٍّ مضى، والزعم أن الفشل مرجعه أننا تَنكَّبنا طريق السلَف؛ فالحضاراتُ أطوارٌ تراكُمية صاعدة، وليست امتدادًا متجانسًا. والحضارة فعلٌ ذاتيٌّ بالأصالة وليس بالنيابة، وإن ما صنَعه السلَف لا يُغني عن جهد الخلَف، وليس السلَف بإنجازاتهم قُدوةً للمحاكاة، بل قدوةٌ لمنهج وثقافة الفعل وصناعة الوجود ومواجَهة التحدي.»
بالشك تستيقظ المجتمعات، وبالعمل تتقدَّم ويصبح لها وجودٌ حضاري في خريطة المستقبل، أما اليقين فهو آفة المجتمعات الراكدة التي تَركَن إلى مقولات السلف؛ يُشلُّ فيها الفِكر، ويُغيَّب العقل، وتتغذى على الماضي. وهو لسانُ حال المجتمعات العربية التي لا تزال تستحضر الماضي لتعيش فيه، وهذا ما دفَع «شوقي جلال» إلى تأليف هذا الكتاب في محاوَلة لإيقاظنا من سُبات عميق، وإخراجنا من الدائرة المفرغة التي ندور فيها، مؤكِّدًا على أن الإنسان العاقل هو مَن يشك ويسأل ويعمل، وأن الإنسان الحكيم هو مَن يرى الموروث التاريخي خطابًا لأهل زمانه، قابلًا للنقد والتصويب؛ ولذا فإن أي مُبادَرة منه نحو التقدُّم قوامُها الرؤية النقدية للموروث، واكتشافُ نقاطِ الخلل والاختلاف والمفارَقة، واستبيان أسباب القصور والعَجز، متَّخذًا من العقل أداةً للشك المنهجي، ومن الفعل بدايةً للوجود الحركي الدينامي المتغيِّر.