الختم الملكي
استيقظ الملك هنري من غفوته مذعورًا، فقد علم أنه يحتضر وأراد التأكد من أن كل شيء سيسير بسلاسة بعد رحيله. يحمل ملك إنجلترا على عاتقه مسئوليات جِسام، فماذا إذا كان إدوارد يعاني من مشكلات؟ هل كان ابنه يتعرض للكثير من الضغوط؟ ألهذا السبب كان يتحدث بغرابة شديدة؟
استدعى الملك هنري لورد هيرتفورد إلى غرفته. كان اللورد واحدًا من أكثر الأصدقاء الذين يثق فيهم الملك، وكاد يحيط علمًا بكل شئون الملك. وفي الواقع كان أحد الأشخاص المعدودين الذين كانوا يعرفون أن الملك كان مريضًا منذ فترة. هذا أيضًا إلى جانب معرفته بأن الأمير إدوارد كان يتولى بعضًا من مهام الملك.
قال الملك هنري: «علينا إتمام عملنا، وسنحتاج للختم الملكي لاستكمال هذه القوانين الجديدة.» كان هنري يواجه صعوبةً في التنفس، فتحدث ببطء شديد للحفاظ على ما لديه من قوة. «لقد أعرت الختم للأمير إدوارد منذ بضعة أيام، أرجوك خذه منه.»
قال هيرتفورد: «بالتأكيد، جلالتك.» ثم توجه مباشرةً إلى غرفة الأمير إدوارد.
وعند وصول هيرتفورد إلى الغرفة، وجد توم متعثرًا في أداء واجب اللغة اللاتينية، فتساءل هل اعتلال عقل الأمير قد زاد من صعوبة تعلمه.
قال هيرتفورد منحنيًا أمام توم: «سيدي، لقد أرسلني والدك وطلب مني إحضار الختم الملكي إليه.»
رفع توم بصره عن الكتاب المدرسي، وقد أصابته حيرة شديدة؛ فماذا يكون هذا الختم الملكي؟ فقال: «أستميحك عذرًا، لورد هيرتفورد، لكنني لا أفهم ما تقوله.»
حاول هيرتفورد مرة أخرى: «الختم الملكي، لقد أعارك والدك إياه الأسبوع الماضي، ونحن بحاجة إليه لإنهاء بعض الأمور المهمة.»
بحث توم حوله في الغرفة، لكن هل كان ليتعرف على الختم حتى إن رآه؟ سأل توم في هدوء: «هل يمكنك وصفه لي؟» علم توم المسكين أنه خيب ظن هيرتفورد، لكنه كان يبذل أقصى ما في وسعه.
– «يوجد به مقبض وفي أسفله قرص مستدير من الذهب.»
هز توم رأسه، وقال: «آسف، لم أره.» وفكر لحظة، ثم استطرد: «ربما سبق أن أعاده الأمير الحقيقي.» لاحظ توم النظرة على وجه هيرتفورد، فقال: «أعني، ربما أكون قد أعدته الأسبوع الماضي.»
قضى هيرتفورد الدقائق القليلة التالية محاولًا إقناع توم أن الختم الملكي — أيًّا كانت ماهيته — كان في مكان ما بالغرفة. فما كان من توم إلا أن ابتسم وهز كتفيه.
أخذ هيرتفورد يفكر وهو يسير عائدًا إلى غرفة الملك: «حسنًا، ربما يكون الأمير مجنونًا، لكنه لا يزال على الأقل مهذبًا.»
وعندما أخبر هيرتفورد الملك هنري أن الختم الملكي مفقود، تنهد الملك بعمق وقال: «أتمنى أن يسترد ابني عافيته سريعًا. فلا يمكن أن يكون الأمير مجنونًا، فما بالك بملك مجنون.»