إدوارد ومايلز يعرفان المزيد
من المفترض أن يكون إدوارد هو الذي يتحدث مع لورد هيرتفورد. من المفترض أن يكون هو الذي يتلقى هتافات الجماهير. لكن، بدلًا من ذلك، كان الأمير يركض في شوارع لندن محاولًا الوصول إلى مكان آمن.
قاد مايلز إدوارد عبر الأزقة والشوارع الخلفية، وهو يحكم قبضته على ذراع الأمير. تدفقت أعداد كبيرة إلى الشوارع، ولم يستوعب مايلز كل هذا الصخب حيث أدهشه كم كان المهرجان حاشدًا. وعند وصولهما إلى جسر لندن، كانت الشوارع مكتظة بالناس.
علم إدوارد بأنباء وفاة والده من هتافات الجماهير وصيحاتهم، إذ كانوا يقولون: «مات الملك! عاش الملك! عاش الملك إدوارد!»
ذرفت عينا الفتى دمعًا. فهذا الرجل، الذي اتسم في أحيان كثيرة بالحدة مع الآخرين، كان لطيفًا معه دائمًا. أزعج الأمير خبر وفاة والده وعدم تمكنه من توديعه.
قال الأمير بهدوء: «صرت ملكًا» ونظر إلى الجماهير الهاتفة حوله، «أنا الآن الملك إدوارد. أليس غريبًا ألا يتمكن أحد من رؤيتي؟»
سار مايلز وإدوارد فوق الجسر، الذي اكتظ بالناس إلى الحد الذي أصبحت معه الحركة بطيئة للغاية. طالما كان هذا الجسر مكانًا صاخبًا، فكانت تصطف به المتاجر والنُزل ومحال الجزارة والمخابز. لقد كان في الواقع أشبه بمدينة صغيرة في حد ذاته. كان مايلز يقيم في أحد هذه النُزل، وكاد هو وإدوارد يعبران الباب الأمامي للنُزل حين أمسك جون كانتي بإدوارد من الخلف.
كان السيد كانتي يبحث عن ابنه طوال اليوم، وعبر الجسر مرات عديدة وسأل كل شخص يعرفه هل رأى الصبي. وفي النهاية، لمحه يسير مع مايلز.
قال السيد كانتي غاضبًا: «أظننت أن بإمكانك الهرب؟» كان غاضبًا للغاية. «سأعلمك درسًا لن تناسه بسرعة.» وجذب إدوارد من ذراعه محاولًا سحبه إلى الشارع.
وقف مايلز بينهما، وسأل: «ما علاقتك بهذا الصبي؟ لماذا تهدده؟»
ضيّق السيد كانتي عينيه وقال: «ما دخلك أنت بالأمر؟ إنه ابني، وسأفعل ما يحلو لي.»
قال إدوارد: «هذا كذب! إنه ليس والدي. والدي هو الملك، أو بالأحرى، كان الملك.» بدا الحزن على إدوارد لحظة، لكنه تماسك سريعًا، وقال: «هذا رجل قاسٍ عديم الرحمة.»
قال السيد كانتي: «لا تثر غضبي يا فتى، بدأ صبري ينفد!»
قال إدوارد: «لن أذهب معه!»
ورد مايلز: «حسنًا، حُسم الأمر. الفتى سيبقى معي.» وضم ذراعيه إلى صدره ووقف في مكانه متحديًا.
قال السيد كانتي: «سنرى ما سيحدث بهذا الشأن.» ومد يده محاولًا الوصول إلى إدوارد.
قال مايلز متمهلًا: «انتبه لما أقوله، هذا الصبي أصبح في حمايتي الآن، ولن يستطيع أحد إلحاق الأذى به أو إجباره على فعل شيء لا يرغب في فعله. وحفاظًا على سلامتك، أنصحك أن تتركه وشأنه.» ووضع مايلز يده على سيفه وحدق في السيد كانتي.
تمتم السيد كانتي بصوت خافت، ورحل بعيدًا عنهما.
قال مايلز: «سيكون كل شيء على ما يرام الآن.» ووضع يده على كتف الصبي. «على الأقل، سنحظى بنوم عميق الليلة.»
تبع إدوارد مايلز وصعدا ثلاث مجموعات من درجات السلم وصولًا إلى غرفته. وبحلول هذا الوقت، كان الوقت قد تأخر للغاية، وكان إدوارد جائعًا ومتعبًا.
قال إدوارد: «أيها السيد الصالح، أرجو أن تعلمني عندما يحضر الخدم وجبة العشاء.» ثم استلقى على السرير: «أنا جائع للغاية. أعتقد أنني لم آكل شيئًا منذ يوم أو اثنين.»
وقبل أن يتمكن مايلز حتى من الرد، كان إدوارد قد راح في نوم عميق.
ابتسم مايلز وهو يفكر: «ربما يكون هذا الفتى يتخيل فقط أنه أمير ويلز، لكنه بالتأكيد يعلم كيف يتصرف كشخصية ملكية. لقد أخذ سريري دون حتى أن يطلب.» نظر مايلز حوله في الغرفة بحثًا عن بطانية إضافية، لكنه لم يجد. فخلع سترته واستخدمها في تغطية إدوارد.
وفكر مايلز: «يا له من فتى مسكين! إنه مريض ومرتبك وليس له صديق في هذا العالم.» أخذ مايلز يراقب الفتى وهو نائم. لقد بدا عاجزًا لا حيلة له. وفكر مايلز في أسرته، فهو لم يرهم منذ سنوات. تساءل هل لا يزال والده على قيد الحياة. ربما تغير أخواه، آرثر وهيو، كثيرًا في السنوات السبع التي لم يرهما فيها. ربما يجدر به أخذ الفتى معه إلى منزله، سيرحب والده للغاية بالفتى المريض. أيضًا سيكون أخوه آرثر ودودًا، لكن ربما تكون المشكلة في هيو، لأنه لم يكن ودودًا، لكن تمنى مايلز أن يكون هيو قد تغير بمرور السنين.
نظر مايلز إلى إدوارد وقال: «حسنًا، سأكون صديقه. لقد دافعت عنه بالفعل، وسأصبح الآن أخاه أيضًا. أي شخص سيحاول إلحاق الضرر به سيكون عليه التعامل معي أولًا.»
وفي تلك اللحظة، وصل أحد الخدم حاملًا العشاء. وتركه على المائدة ثم صفق الباب عند خروجه، ففزع الأمير الصغير واستيقظ من نومه. وانتصب جالسًا سريعًا وهو يشعر بالارتباك بشأن المحيط الذي يوجد فيه. وارتسمت على وجهه نظرة حزن وهو يقول: «يا للأسف! ظننت أن كل هذا ربما يكون حلمًا. للمرة الثانية على التوالي أستيقظ في الصباح ويخيب ظني.»
قال مايلز: «في الواقع، سيدي، هذا ليس الصباح.» إذا كان الفتى يعتقد أنه أمير ويلز، فسوف يعامله على هذا الأساس، «لا نزال في منتصف الليل.»
لاحظ إدوارد أن مايلز استخدم معطفه ليغطيه، فقال له: «أنت كريم معي للغاية.» وأعطاه المعطف. «خذه أرجوك، فلم أعد بحاجة إليه.»
أخذ مايلز المعطف من إدوارد، وكانت هذه المرة الأولى التي يتحدث فيها الفتى بكلمات رقيقة. وتساءل مايلز إلى متى ستستمر هذه الكياسة.
وقف إدوارد واتجه نحو الحوض الموجود بأحد الأركان وانتظر.
قال مايلز: «لدينا بعض الطعام الجيد لنستمتع به. ربما لا يكون ما اعتدت عليه في القصر، لكنه دافئ وشهي. يمكننا أن نتناول هذا الطعام ثم نغفل قليلًا، لنستيقظ في الصباح مستعدين ومنعمين بالراحة. سيكون علينا الاستيقاظ مبكرًا إذا كنا سنعيدك إلى القصر.»
نظر إدوارد إلى مايلز بدهشة وبعض من نفاد الصبر.
فسأل مايلز: «هل هناك خطأ ما؟»
قال إدوارد: «أرغب في الاغتسال.»
رد مايلز: «بالطبع، أرجوك تصرف على راحتك، لست بحاجة لطلب الإذن.»
تسمر الفتى في مكانه، وتنحنح وهو يضرب بقدمه على الأرض.
قال مايلز: «معذرةً، ولكنني لا أفهم. هل هناك شيء آخر؟»
قال إدوارد بصرامة: «رجاءً، صب الماء في الإناء.» وبصوت تطغى عليه السلطوية استطرد: «ولا تطل الحديث، من فضلك.»
كبح مايلز نفسه قبل أن ينفجر في الضحك، وأومأ برأسه في أدب، ثم فعل ما طلبه منه إدوارد.
وانتظر بأناة بينما كان إدوارد يغتسل، وهو يفكر: «يتسم هذا الفتى بشيء من الوقاحة. إنه يؤمن حقًّا أنه الأمير إدوارد، وسيتضرر بالتأكيد إذا تركته بمفرده. في نهاية الأمر، لقد سبق أن دافعت عنه مرتين في ليلة واحدة.»
قطع صوت آمر أفكار مايلز مفزعًا إياه فجأة: «هيا، المنشفة!»
مع أن المنشفة، الموجودة بجانب الحوض، كانت بمتناول إدوارد، ناوله مايلز إياها. بعد ذلك اغتسل مايلز بينما كان إدوارد جالسًا على المائدة يتناول طعامه.
عند انتهاء مايلز من الاغتسال، توجه للمائدة. سحب كرسيًّا وتهيأ للجلوس.
قال إدوارد: «انتظر! هل تجرؤ على الجلوس في حضرة ملك المستقبل؟»
قرر مايلز أنه لا توجد سوى طريقة واحدة للتعامل مع هذا الموقف: سوف يجاري الفتى، فيبدو أنه لا فائدة من التشاجر معه. من الواضح أن عقله مضطرب. وضحك مايلز بينه وبين نفسه عندما فكر: «إذا أحدثت مزيدًا من المشكلات، فسيرسلني إلى السجن.» لذا نفذ مايلز ما طلبه ملك المستقبل؛ وعمل على خدمته أثناء تناوله الطعام.
وعند انتهاء إدوارد من طعامه، استرخى في كرسيه. كان من الجيد تناول وجبة مشبِعة أخيرًا. شعر بمزيد من الراحة. توجه بالحديث إلى مايلز قائلًا: «مايلز، هذا اسمك، أليس كذلك؟»
– «نعم يا سيدي. مايلز هيندون.»
«تفضل بالجلوس يا مايلز.» لوح إدوارد بيده ليريه أين يجلس. «حدثني عن نفسك بينما أهضم طعام العشاء.»
جلس مايلز، ولوح إدوارد بيده مرة أخرى، هذه المرة للطعام مشيرًا إلى مايلز بأن عليه تناول شيء ما. كبح مايلز ابتسامة أخرى.
– «أنا من «كِنت»، ووالدي هو سير ريتشارد هيندون، صاحب قصر هيندون.»
قال إدواراد: «إذن، فأنت من أصول نبيلة.»
أومأ مايلز رأسه وقال: «أسرتي فاحشة الثراء، ووالدي رجل كريم وعطوف، يحبه جميع من يعيشون في مقاطعته. أما والدتي، فتوفيت في سن صغيرة للغاية. ولديّ أخوان: آرثر، الذي يكبرني سنًّا، يشبه والدي في كرمه وعطفه؛ وهيو، أخي الأصغر، ليس على القدر نفسه من طيبة القلب. على الأقل، لم يكن كذلك في آخر مرة رأيته فيها. لا يسعني سوى أن آمل أن يكون قد تغير للأفضل بمرور السنين. لقد كان يبلغ من العمر تسعة عشر عامًا فقط آنذاك، لذا فأنا متفائل للغاية.
عاشت ليدي إيديث أيضًا معنا، كانت تبلغ من العمر ستة عشر عامًا في آخر مرة رأيتها فيها. كانت جميلة ولطيفة وذكية. والدها كان إيرل وتُوفي وهي في سن صغيرة جدًّا ليصبح أبي وصيًّا عليها. فهي وريثة لثروة كبيرة. كنت أحبها بشدة، وهي أيضًا أحبتني. لكنها للأسف كانت مخطوبة لأخي آرثر. كان زواجًا مدبرًا بين العائلتين، وما كان لآرثر أو إيديث أي اختيار فيه، ولم يعترضا من باب الولاء للعائلتين فقط.
كان آرثر يحب امرأة أخرى، وكان دائمًا متفائلًا بشأن نجاحنا في تحقيق ما نرغب فيه. كل ما نحتاج إليه هو الصبر. ادعى هيو أيضًا أنه يحب إيديث، لكن الحقيقة هي أنه أحب ثروتها فقط. وكان أخي هيو مقنعًا للغاية، خاصةً مع والدنا. فصدق سير ريتشارد كل كلمة قالها هيو. وبالرغم من عدم ثقة أحد في هيو، اعتقد والدي أنه لا يمكن أن يتسبب في أي ضرر.
وحتى لا أطيل عليك، أخبر هيو أبي بأكاذيب لفقها بشأني. فأدعى أن نواياي سيئة وأنني أتسبب في المشكلات وأجلب العار على العائلة. هذا وقد كان أخونا آرثر يعاني من متاعب صحية، فقد وُلد مريضًا وكنا دائمًا نشعر بالقلق من ألا يعيش طويلًا. ولذا أعتقد أن هيو رأى أنه من الأفضل التخلص مني، حيث إنني كنت الوريث التالي بعد آرثر، فكنت سأرث كل شيء بما في ذلك الزواج من إيديث. كان يعلم أنه لا حق له في ثروة أبي أو ثروة إيديث في وجودي. فأقنع والدي أنني كنت أعتزم اختطاف ليدي إيديث والاستيلاء على ثروتها. وجاء رد فعل أبي مثل أي رجل شريف يواجه مثل هذه «الحقائق». طردني من المنزل، وأُرسلت لأداء الخدمة العسكرية، ثلاث سنوات في الجيش.
كانت ثلاث سنوات عسيرة، خضت فيها العديد من المعارك، وتعلمت فيها الكثير. كان عقابي جائرًا، لكنني حققت أقصى استفادة ممكنة منه. وأُسرت بعد ذلك لأقضي السنوات السبع الماضية في معسكر أسر أجنبي، تمكنت من الهرب منه أخيرًا والمضي في طريقي وصولًا إلى إنجلترا. ولم تصلني أي أخبار عن أسرتي طوال هذه المدة، لا أعلم هل والدي وآرثر لا يزالان على قيد الحياة وهل تغير أخي هيو أخيرًا أم لا.
لم يمر على عودتي إلى إنجلترا سوى بضعة أيام فقط، وكنت في طريقي إلى منزل والدي عندما عثرت عليك.»
قال إدوارد: «لقد ظُلمت ظلمًا بينًا! عندما أعود إلى عرشي، سأعيد الأمور إلى نِصابها. هذا وعد مني!»
فرد مايلز: «شكرًا لك يا سيدي. هذا كرم بالغ منك.»
«لا داعي للشكر!» قال إدوارد ذلك وهو يلوح بيده. «والآن دعني أخبرك كيف انتهى بي الحال — وأنا ملك إنجلترا — مرتديًا هذه الملابس الرثة وهائمًا في شوارع لندن.»
وعندما كان إدوارد يتحدث، أشفق عليه مايلز كثيرًا، وهو يفكر: «لقد جُن الفتى تمامًا، وفقد اتصاله بالواقع. إنه بحاجة لرعاية مني أكثر مما توقعت.»
عندما انتهى إدوارد من روايته، هز مايلز رأسه في دهشة، وقال: «هذه قصة مروعة يا سيدي.»
قال إدوارد: «لقد أنقذتني الليلة، ولن أنسى ذلك. فلتخبرني بأعظم أمانيك، وعندما أتوج ملكًا، سأحققها لك.»
أمعن مايلز في التفكير بضع دقائق، وكان أول ما ورد في ذهنه أن يقول إنه ليكفيه شرف خدمته. لكنه فكر بعد ذلك أنه ما دام من المرجح ألا يتمتع بمكافأته، فيمكنه أن يطلب المستحيل.
فخر راكعًا أمام إدوارد، وقال: «لا أطلب سوى شيء واحد، جلالتك، وهو أن أتمتع أنا — وكل من يرثني — دائمًا بشرف البقاء في البلاط الملكي.»
قال إدوارد: «لقد لُبي طلبك، وسوف تُعرف دائمًا باسم سير مايلز هيندون.»
أدرك إدوارد فجأة أنه متعب للغاية، وقال: «والآن، اخلع عني هذه الملابس الرثة.» وهو يشير إلى ملابسه. «حان وقت النوم، فقد كان يومًا طويلًا جدًّا.»
انسل إدوارد إلى السرير استعدادًا للنوم، وقال: «نم أمام الباب يا مايلز، تحسبًا لاقتحام أي دخلاء للمكان.»
لم يتسن لمايلز الرد على إدوارد حيث راح الأخير في نوم عميق مرة أخرى. وفكر مايلز: «كان يجب أن يولد ملكًا فعلًا، فهو يتقن أداء الدور إتقانًا تامًا.»
تمدد مايلز أمام الباب وهو يفكر: «حسنًا، لقد نمت بلا شك في أماكن أسوء من ذلك على مدار السنوات السبع الماضية.»
•••
عندما استيقظ مايلز، كانت الظهيرة. لقد تأخر كثيرًا عن الوقت الذي كان ينوي الاستيقاظ فيه، لذا كان يجب عليهما الإسراع الآن. وقف مايلز واستعد للخروج. تحرك إدوارد وسأله عما يفعله، فرد مايلز: «أعتني ببعض الأمور فقط، يا سيدي. سوف أعود في الحال. أرجوك لا تزعج نفسك.» وقبل أن يخرج مايلز من الباب، كان إدوارد قد راح في نوم عميق مرة أخرى.
عاد مايلز بعد نصف ساعة حاملًا حُلة مستعملة من أجل إدوارد وبعض الطعام للإفطار. جلس على المائدة لإصلاح بعض العيوب في الحلة، حيث كانت إحدى الحواشي غير مثبتة وأحد الأزرار بحاجة لإعادة تثبيت. وأثناء عمله ألقى نظرة على السرير، ولاحظ للمرة الأولى ما جعل الهلع والذهول يدبان في نفسه: وهو أن إدوارد ليس موجودًا!
أسرع مايلز إلى الطابق السفلي، وجرى باتجاه الخادم الذي جلب لهما طعام العشاء الليلة الماضية، وصرخ فيه: «أين الصبي؟»
أفزعت حالة الغضب التي كان عليها مايلز الخادم، فتعذر عليه التحدث، وقال متلعثمًا: «جاء صبي آخر بعد أن رحلت يا سيدي، وقال إنك أردت من الصبي الموجود في غرفتك أن يقابلك بالقرب من الجسر. فذهبت إلى غرفتك وأيقظته، وقد انزعج لاستيقاظه في هذا الوقت المبكر للغاية، لكنه ارتدى ملابسه ونزل إلى الطابق السفلي.»
سأل مايلز: «هل رحل إدوارد مع هذا الصبي الآخر؟»
فأجاب الخادم: «نعم، لقد غادرا معًا متجهين ناحية الجسر.»
«هل هذا كل ما تتذكره؟ هل هناك شيء آخر يمكن أن يساعدني في العثور عليه؟» تمنى مايلز ألا يكون هذا الصبي الآخر يضمر السوء لإدوارد.
قال الخادم بهدوء: «كان هناك أمر واحد بدا غريبًا؛ فقد شاهدتهما يسيران معًا، وعلى بعد نحو نصف بناية، خرج رجل رثُّ الهيئة من أحد الأبواب وانضم إليهما. وقد أمسك بذراع صديقك الصبي وجذبه ناحية الجسر. ظننته أنت وأنك متلهف لرؤيته.»
قال مايلز: «أيها الأحمق! كيف سأعثر عليه الآن؟»
خرج مايلز مسرعًا من باب النُزل، وركض في الشارع الذي رأى الخادم إدوارد فيه آخر مرة. وأخذ يفكر: «يا للصبي المسكين! ربما يكون في خطر عظيم. إنه بالتأكيد الرجل الذي ادعى أنه والده. كيف عساي أسامح نفسي؟ كان يجدر بي مراقبته جيدًا، فالصبي المسكين عليل. من يعلم الضرر الذي يمكن أن يكون قد لحق به؟ لقد خرج من النُزل لأنه ظن أنني قد طلبت مقابلته. لقد وثق فيَّ والآن ربما يكون مفقودًا!»
ركض مايلز بأقصى سرعته. كان عليه العثور على إدوارد قبل وقوع أي مكروه له.