مقدمة المؤلف
الأخطاء تصبح معالم على الطريق إذا استطاع المرء أن يستفيد منها ويحولها إلى تجارب! ولكنها تصبح مجرد أخطاء فقط إذا مرت بالمرء ثم مرت عليه، وقد تتحول في النهاية إلى خطايا، فيذهب من أجلها إلى «اللومان»، وقد يتشعلق بسببها في حبل المشنقة. والذي يساعده الحظ فينجو رغم أخطائه من «اللومان» ومن المشنقة، يصبح مجرد حيوان ليس له غد ولم يكن له أمس!
وعلى هذه الصفحات ستقرأ ما يسميه البعض «قصة حياتي» ولكني أسميها «أخطاء حياتي»، ولقد كانت حياتي سلسلة من الأخطاء المتصلة، استفدت من بعضها، وأرجو أن يستفيد القراء من البعض الآخر!
وعلى هذه الصفحات ستقرأ قصص ملوك، وقصص «صيَّاع»، وقصص أبطال في ثياب رعاع، وقصص رعاع لهم حركات الأبطال!
وبقدر ما كانت هذه الأيام عاصفة بقدر ما كانت لذيذة، وبقدر ما كانت بائسة بقدر ما كانت عريضة، ورغم الظلام الذي اكتنف حياتي، ورغم البؤس الذي كان دليلي وخليلي إلا أنني لست آسفًا على شيء. فلقد كانت تلك الأيام حياتي! ومن عصير تلك الأيام، ومن رحيق تلك الليالي خرج إلى الوجود ذلك الشيء الذي هو أنا!
وسواء قرأت هذه الصفحات ولعنت حياتي، أو قرأتها ورثيت لها، فأنا على أية حال عشتها ولعنتها … ولكني أحببتها كثيرًا!
وفي رواية الأروين شو تقول زوجة أحد الأبطال لزوجها: «إنك ترفض الدفن الآن، وكنت من قبل تلعن حياتك، لم تكن هذه حياة، ولكنها كانت محنة؛ فلم تكن تشرب إلا أردأ أنواع الكونياك، ولم تكن تدخن إلا أحقر أنواع السجاير، ولقد كنت على الدوام عاطلًا من كل موهبة، وكنت في أغلب الأحيان عاطلًا عن العمل. وعندما توفاك الله ظننت أنك ستُسَرُّ كثيرًا، ولكنك الآن ترفض الدفن وتريد أن تعود إلى الحياة! ولكن دعني أقول لك بصراحة: ما أغباك، فما كان أتعس حياتك!»
ورد عليها الميت الذي يرفض الدفن: «كل هذا صحيح، ولكنها كانت حياتي وأنا أحبها.»
هكذا أنا أيضًا أقول … على أي وجه كانت الحياة في أيام الطفولة فأنا أحبها؛ فقد كانت حياتي!